طعن رقم 3128 لسنة 35 بتاريخ 24/01/1995
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: فاروق على عبدالقادر والصغير محمد محمود بدران ومحمد الشيخ على أبوزيد وعبدالرحمن سعد محمود عثمان المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 21/6/1989 أودعت هيئة قضايا الدولة، نيابة عن الطاعن بصفته، قلم كتاب هذه المحكمة، تقريراً بالطعن، قيد بجدولها برقم 3128 لسنة 35 ق. عليا، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقوبة الإدارية والتعويضات) بجلسة 23/4/1989 فى الدعوى رقم 5378 لسنة 41ق، والذى قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها بحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية، للاختصاص، مع إبقاء الفصل فى المصروفات.
وطلب الطاعن بصفته فى ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع، بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجدداً بالطلبات الواردة بصحيفتها، وإلزام المطعون ضده المصروفات عن الدرجتين.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى لتفصل فيها دائرة أخرى من دوائرها وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة دفاع التمست فيها الحكم بالطلبات الواردة بتقرير الطعن، وبجلسة 5/1/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 28/2/1994.
ونظرت المحكمة الطعن على النحو المبين بمحاضر الجلسات، وبجلسة 1/11/1994 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم 24/1/1995 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أنه بتاريخ 21/7/1987 أقام الطاعن بصفته الدعوى قم 5378 لسنة 41 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى، طلب فى ختامها الحكم بفسخ عقد الإيجار المحرر بينه وبين المدعى والموضح بصحيفة الدعوى، مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات وأتعاب المحاماة.
وذكر المدعى بصفته (الطاعن) شرحاً لدعواه، أنه بتاريخ 1/6/1980 تم التعاقد مع المدعى عليه على تأجير الصيدلية ملك الوحدة المحلية لمركز ومدينة طوخ بكامل مشتملاتها وذلك مقابل إيجار شهرى قدره ثلاثون جنيهاً، لمدة خمس سنوات تبدأ من تاريخ تحرير العقد وقابلة للتجديد تلقائياً ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر بعدم رغبتها فى التجديد قبل انتهاء المدة بستة أشهر، وأنه طبقاً للبند السادس من العقد يلتزم المستأجر بتشغيل الصيدلية ليلاً ونهاراً إذا حصل على إعانة مقابل الخدمة الليلية، وأضاف المدعى بصفته أن الوحدة المحلية المذكورة عرضت على المدعى عليه (الصيدلى المستأجر) الإعانة المشار إليها، ومع ذلك أخل بالتزامه العقدى وتقاعس عن تشغيل الصيدلية ليلاً، وتحرر عن ذلك محضر إثبات حالة، وأنه لما كان البند السابع من العقد يقضى باعتبار العقد مفسوخاً فى حالية مخالفة أى شرط من الشروط، المنصوص عليها، وقد أخل المدعى عليه بشرط تشغيل الصيدلية ليلاً ونهاراً فى المواعيد المبينة بالعقد، ومن ثم فإنه يتسم بطابع العقود الإدارية، وخلص إلى أنه يلتمس الحكم بفسخ العقد المذكور مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبجلسة 23/4/1989 قضت المحكمة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، وإحالتها بحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية للاختصاص، وأقامت قضاءها، تأسيساً على ما ثبت لديها من الأوراق من أن العقد محل النزاع قد جاء تعديلاً للعقد الأصلى السابق إبرامه بين الجمعية التعاونية للخدمات الطبية والدوائية بطوخ بصفتها مالك الصيدلية وبين المدعى عليها مستأجرها، وأنه بهذه المثابة يعد من عقود القانون الخاص لإبرامه بين شخصين من أشخاصه، وأنه لا يغير من ذلك أن تكون الوحدة المحلية بطوخ تدخلت لتعديل هذا العقد ونصبت من نفسها طرفاً فى العلاقة العقدية بمقولة أنها تقوم بإدارة كافة الأنشطة التى كانت تخص الجمعية المذكورة، ذلك أن الأوراق لم تفصح عن السند القانونى لهذا الحلول، كما أن إدارة الوحدة المحلية لعين من الأعيان المملوكة لأحد أشخاص القانون الخاص لا يخلع عن العقد طبيعته المدنية، ومن ثم ينتفى عن العقد محل النزاع وصف العقد الإدارى لتخلف أهم عناصره ومقوماته.
ومن حيث إن الجهة الإدارية الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه، مخالفته لأحكام القانون، بمقولة أن العقد محل النزاع من العقود الإدارية إذ أن الثابت من الأوراق أن الجهة الإدارية المتعاقدة قد أبرمت هذا العقد بصفتها سلطة عامة لخدمة مرفق عام، هو مرفق الدواء، وقد تضمن التعاقد شروطاً استثنائية تلزم مستأجر الصيدلة، وهو المطعون ضده بفتح الصيدلية فى المواعيد المبينة فى العقد.
ومن حيث إن المستقر عليه فى قضاء هذه المحكمة أن العقد الإدارى هو العقد الذى يبرمه شخص معنوى من أشخاص القانون العام بقصد إدارة مرفق عام أو بمناسبة تسييره وأن تظهر نبته فى الأخذ بأسلوب القانون العام، وذلك بتضمين العقد شرطاً أو شروطاً غير مألوفة فى عقود القانون الخاص، وأنه من المسلم به فقه القانون الإدارى أن اختيار جهة الإدارة لوسائل القانون العام هو الشرط الفاصل فى تمييز العقود الإدارية، ذلك أن اتصال العقد الذى تبرمه الإدارة بالمرفق العام إذا كان شرطاً لازماً لكى يصبح العقد إدارياً، فإنه لا يكفى بذاته لكى يضفى على العقد تلك الصفة، وبهذا المثابة فإن العقد يتسم بطابع العقود الإدارية ومن أمثلة الشروط الاستثنائية أن يتضمن العقد شروطاً تخول للجهة الإدارية الحق فى تعديل التزامات المتعاقد معها وسلطة إنهاء التعاقد بإرادتها المنفردة دون حاجة لرضاء الطرف الآخر، كما أنه من أمثلة الشروط الغير مألوفة حق الجهة الإدارية فى تغيير طريقة التنفيذ وحقها فى توقيع عقوبات على المتعاقد معها دون حاجة إلى وقوع ضرر أو الإلتجاء إلى القضاء. وإذا لم يتضمن العقد شروطاً استثنائية فإنه لا مناص من خضوعه لأحكام القانون الخاص، إذ ينتفى عنه عندئذ وصف العقد الإدارى.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأوراق أنه بتاريخ 1/6/1980 تحرر عقد صيدلية بمشتملاتها بين الطاعن بصفته (طرف أول مؤجر) والمطعون ضده (طرف ثان مستأجر) وتضمنت مقدمة العقد أن المطعون ضده يستأجر صيدلية مرخصة باسم الجمعية التعاونية للخدمات الطبية والدوائية بطوخ شاملة الأدوات والأثاث والأجهزة المحرر بها محضر مرفق مع العقد المؤرخ 15/5/1973 والمبرم بين المطعون ضده والجمعية المذكورة – وأضافت المقدمة أن الطاعن بصفته هو القائم حالياً بإدارة كافة الأنشطة التى كانت تخص الجمعية المذكورة وأنه هو الطرف المؤجر فى هذا العقد والذى يعد استمراراً للتعاقد السابق، ثم تضمن العقد بعد هذه المقدمة عشرة بنود، وجاء فى البند السادس منه، أن المطعون ضده يلتزم بتشغيل الصيدلية ليلاً ونهاراً إذا حصل على إعانة خدمة ليلية، وقضى البند السابع بأنه فى حالة مخالفة أى شرط من شروط التعاقد يعتبر العقد مفسوخاً وتختص محكمة بنها الكلية بنظر أى نزاع ينشأ بخصوصه.
ومن حيث إنه وإن كانت أوراق النزاع لم تكشف عن السند القانونى لحلول الجهة الإدارية الطاعنة محل الجمعية التعاونية للخدمات الطبية والدوائية بمدينة طوخ فى العلاقة الإيجارية بشأن الصيدلية المذكورة، كما ذهب بحق الحكم المطعون فيه، إلا أن الثابت من مطالعة العقد محل النزاع، أنه لم يتضمن ثمة شروط استثنائية تسبغ عليه وصف العقد الإدارى، بل وضح من استقراء بنوده أن الجهة الإدارية الطاعنة قد اتبعت وسائل القانون الخاص، ولا يغير من ذلك ما تضمنه البند السادس من العقد على النحو المتقدم، ذلك أن الشرط المقرر بهذا البند من الشروط المألوفة فى عقود القانون الخاص، ويؤكد ذلك أن البند السابع من هذا العقد لم يخول جهة الإدارة سلطة إنهاء التعاقد بالإرادة المنفردة بل عقد الاختصاص بنظر المنازعات التى قد تنشأ عن التعاقد لجهة القضاء العادى المختصة (محكمة بنها الابتدائية).
ومن حيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه متفقاً مع القانون إذ انتهى إلى القضاء بعدم الاختصاص الولائى بنظر الدعوى المقامة من الطاعن بصفته وإحالتها إلى محكمة بنها الابتدائية، وهى الجهة المختصة بنظر الدعوى.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.