طعن رقم 3135 لسنة 36 بتاريخ 28/03/1992 الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد المهدى عبد الله مليحى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وحسنى سيد محمد وعلى رضا عبد الرحمن رضا نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم السبت الموافق 28/7/1990 أودعت هيئة مفوضى الدولة قلم كتاب المحكمة الإدارية تقريراً بالطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بأسيوط بجلسة 28/5/1990 في الطعن رقم 413 لسنة 1 قضائية استئناف والقاضى بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات وطلب السيد رئيس هيئة مفوضى الدولة في ختام تقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وفى موضوعه بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات.
وقدم مفوض الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 13/5/1991 وبجلسة 22/7/1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) وحددت لنظره جلسة 2/11/1991 وتداولت المحكمة نظر الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن قررت إصدار الحكم بجلسة 29/2/1992 وتقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 28/3/1992 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعها الشكلية فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتخلص في أنه بتاريخ 8/3/1987 أقام السيد/ ………….. الدعوى رقم 278 لسنة 13 قضائية أمام المحكمة الإدارية بأسيوط طالبً الحكم بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار استبعاده من الترشيح لوظيفة العمدة الشاغرة بناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج والقضاء بأحقيته في الترشيح لهذه الوظيفة وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكر المدعى شرحاً لدعواه أنه بتاريخ 12/12/1985 تقدم لشغل وظيفة عمدة بناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج ونجح في امتحان القراءة والكتابة إلا أنه استبعد من قائمة المرشحين المقبولين لشغل هذه الوظيفة بمقولة عدم توافر النصاب المالى وقد تظلم من هذا القرار حيث نظر أمام لجنة التظلمات بجلسة 20/1/1986 وأخطر بقرارها بتاريخ 27/1/1986 بقبول تظلمه شكلاً لتقديمه في الميعاد ورفضه موضوعاً لعدم توافر شرط النصاب المالى وأنه تظلم من ذلك في 6/2/1986 لأنه يمتلك أطياناً زراعية ويمتلك منزلاً مؤجراً منه الدور الأرضى بمبلغ 45 جنيهاً والعبرة في النصاب المالى بمجموع الأوعية الخاصة بالطالب وهى تزيد على النصاب المالى المطلوب توافره فيمن يعين عمدة وأثناء تحضير الدعوى تدخل السيد/ ………… في الدعوى خصماً منضماً إلى وزير الداخلية وذلك بعريضة تدخل أودعها بتاريخ 10/8/1986 طالبً الحكم برفض الدعوى مع تحميل رافعها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وذكر تبريراً لتدخل أنه المرشح الوحيد لهذه العمدية وتتوافر فيه الصفة والمصلحة في الدعوى وأن المدعى مازال فاقداً شرط النصاب المالى.
وبجلسة 20/3/1988 حكمت المحكمة الإدارية العليا بأسيوط (أولاً) بقبول تدخل الخصم المتدخل في الدعوى (ثانياً) برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفى الموضوع بإلغاء قرار لجنة التظلمات والطعون بمديرية أمن سوهاج الصادر بتاريخ 20/1/1986 فيما تضمنه من رفض طلب ترشيح المدعى لشغل وظيفة العمدية لناحية المحامدة البحرية مركز سوهاج وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية والخصم المتدخل المصاريف.
وقد أقامت المحكمة قضاءها على أساس أنه وقد ثبت من ملف وظيفة العمدة المذكورة الخاصة بالمدعى أنه من العاملين بمديرية الشئون الصحية بسوهاج ويتقاضى راتباً يبلغ 65.655 جنيه تقدم لمدير أمن سوهاج بكشف مفردات راتبه وبذلك يكون قد توافر في شأنه شرط النصاب المالى المتطلب لشغل وظيفة العمدة ذلك لأن من يعين بوظيفة العمدة من العاملين المدنيين بالدولة يحتفظ له بوظيفته طوال مدة شغله لوظيفة العمدة ويعتبر متفرغاً لها ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها عملاً بنص المادة 22 من القانون رقم 58 لسنة 1978، المعدل بالقانون رقم 147 لسنة 1980 وخلصت المحكمة إلى أن الدعوى والحالة هذه تكون قائمة على سند صحيح من القانون وبتاريخ 3/4/1988 أودع السيد/ ………….. (الخصم المتدخل) قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة تقريراً بالطعن في الحكم المذكور قيد بجدولها برقم 295 لسنة 20 قضائية استئناف طالبا الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بعدم قبول الدعوى وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده الثانى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة ونفاذاً لقرار رئيس مجلس الدولة رقم 121 لسنة 1989 بإنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بمدينة أسيوط أحيل الطعن إلى المحكمة المذكورة حيث قيد بجدولها برقم 413 لسنة (1) قضائية استئناف والتى أصدرت بجلسة 28/5/1990 حكمها بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وقد أقامت المحكمة قضاءها بعد أن أوردت نص المادتين 3، 22 من القانون رقم 58 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 147 لسنة 1980 على أن البين أن شرط النصاب اللازم توافره فيمن يشغل وظيفة العمدة يتحقق له بحيازة ما لا يقل عن خمسة أفدنة ملكاً أو باستحقاق معاش شهرى أو دخل ثابت من عقار مملوك له لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً وأن عبارة المعاش الشهرى تتسع لأكثر من نوع من الإيراد بدليل ورود عبارة (مجموع الأوعية السابقة) التى تفيد تعددية هذه الأوعية وبحيث يمكن أن تستوعب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل بالدولة فيما لو عين بوظيفة العمدة والذى يستمر في صرفه وجميع المميزات والبدلات المقررة لوظيفته وليس من شك في أن هذا الإيراد هو أثبت الأوعية الذى يشكل النصاب المالى لذوى الشأن وأكثر ضماناً لصفة الاستمرار والدوام طوال شغله وظيفة العمدة كما ان المشرع كفلها بنص صريح وقاطع رغم تفرغ العامل لوظيفة العمدة طوال مدة شغله لها وأنه إذا كان المشرع قد قصد من تقرير حكم المادة (22) تشجيع ذوى الكفاءات من العاملين بالدولة لشغل وظائف العمدة رفعاً لمستوى هذه الوظيفة فليس من المنطقى أن يعود فيقرر عدم الاعتداد بالراتب في مجال بحث شرط توافر النصاب المالى وأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده الثانى تقدم ببيان مفردات راتبه الشهرى البالغ 65.655 جنيه وهو مبلغ يزيد على الأربعين جنيهاً المعتبرة حداً أدنى للإيراد الشهرى الثابت باعتباره يزيد على النصاب المالى المقرر وبذلك يكون قد توافر في حقه هذا الشرط وخلصت المحكمة من ذلك إلى رفض الطعن لعدم قيامه على صحيح حكم القانون.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تأويله وتطبيقه ذلك أن الأصل في تفسير النصوص القانونية وتفهم مدلولها أن تحمل ألفاظها على ما يقضى به الاصطلاح والعرف القانونيان لا ما تقضى به الأوضاع اللغوية وأن كلمة معاش التى وردت بنص المادة 3/5/ من قانون العمد والمشايخ رقم 58 لسنة 1978 معدلاً بالقانون رقم 47 لسنة 1980 لا تفيد إلا معناها القانونى وهو مرتب التقاعد الذى يحصل عليه الموظف بعد انقطاع صلته بالإدارة إذا استوفى شروطه المنصوص عليها في قوانين التأمين الاجتماعى ولا ينصرف مفهومها بالتالى إلى المعنى اللغوى الواسع الذى يشمل أى دخل يحصل عليه الفرد ويعتمد عليه في معيشته كالمرتب.
ومن حيث إن المادة (3) من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ معدلاً بالقانون رقم 147 لسنة 1980 تنص على أنه (يجب فيمن يعين عمدة أو شيخاً توافر الشروط الآتية: 1- …………………… 2- ……………………
5- ألا تقل حيازة من يرشح للعمدية عن خمسة أفدنة ملكاً بزمام القرية أو القرى المجاورة لها أو أن يكون له معاش شهرى أو دخل ثابت من عقار مملوك له لا تعد منه الأراضى الزراعية لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً أو أن يكون له دخل ثابت من مجموع الأوعية السابقة لا يقل عن أربعين جنيهاً شهرياً، وتنص المادة (22) من القانون المشار إليه على أنه (إذا تم انتخاب أو تعيين أى من العاملين بالدولة عمدة قرية فيحق له الاحتفاظ بوظيفته طوال شغل لوظيفة العمدة ويعتبر متفرغاً لعمله كعمدة ويتمتع بجميع مميزات وظيفته الأصلية ويتقاضى مرتبها والبدلات المقررة لها من جهة عمله الأصلية.
ومن حيث إن مفاد ما تقدم أن المشرع اشترط نصاباً مالياً معيناً للعمدة حتى يضمن وجود مورد يعتمد عليه في حياته ويمكنه من القيام بأعباء الوظيفة التى تحتاج إلى نوع من المظهر لأن المكافآت التى تمنح للعمدة مكافأة رمزية، وأجاز المشرع للعاملين في الدولة أن يرشحوا أنفسهم لشغل وظيفة العمدة وقضى بأن يحتفظ بوظيفته من يتم تعيينه منهم في وظيفة العمدة وذلك تشجيعاً لذوى الكفاءات عل التقدم لشغل وظيفة العمدة وأن يستمر في تقاضى المربت والبدلات المقررة لوظيفته المحتفظ له بها، وإذ كان الأمر كذلك فإن عبارة المعاش الشهرى يمكن أن يستوعب الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل بالدولة وقت الترشيح ويحتفظ به له ويستمر في صرفه مع البدلات المقررة للوظيفة بعد أن يعين في وظيفة عمدة والدليل على صحة هذا المفهوم أن المشرع بعد أن أورد عبارتى (معاش شهرى) و (دخل ثابت من عقار مملوك له) أورد عبارة (دخل ثابت من مجموع الأوعية السابقة) بصيغة الجمع الأمر الذى يفيد تعددية الأوعية التى تدخل في مدلول المعاش الشهرى بحيث تتسع للراتب الشهرى وهذا الإيراد يتساوى مع المعاش من حيث إن كلا منهما متماثلان في الثبات والاستمرار والدوام بل أن الراتب الشهرى الذى يتقاضاه العامل الذى يرشح لوظيفة العمدة ويحتفظ له به بعد تعيينه هو دخل ثابت يتزايد بالعلاوات الدورية وعلاوات الترقية ومن ثم لا يكون من المنطقى قصر كلمة معاش شهرى على ما يتقاضاه من انتهت خدمته بالحكومة أو القطاع العام وإذ أخذ الحكم المطعون عليه بهذا النظر وقضى بأن الثابت من الأوراق أن المطعون ضده تقدم بما يثبت أنه إذا كان المرشح للعمدية تزيد مفردات راتبه الشهرى عن 65.655 جنيه وهو مبلغ يزيد على الأربعين جنيهاً المعتبرة حداً أدنى للإيراد الشهرى الثابت ومن نتيجة ذلك يتوافر في حقه شرط النصاب المالى ويكون القرار الصادر باستبعاد اسمه من كشف المرشحين المقبولين لوظيفة العمدة لعدم توافر شرط النصاب المالى على غير سند من القانون فإن الحكم المطعون عليه والحال كذلك يكون قد أصاب وجه الحق وصادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن عليه على غير سند من القانون مستوجباً رفضه مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ