برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة : محمود عبد المنعم موافى وإسماعيل عبد الحميد ود. محمود صفوت عثمان وأحمد شمس الدين خفاجى.
المستشارين
إجراءات الطعن
بتاريخ 21 من يونيه سنة 1989 أودع الاستاذ / يوسف إبراهيم الشناوى المحامى بصفته وكيلا عن السيد / ………… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا ، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3141 لسنة 35 ق عليا ، ضد كل من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ، محافظ البنك المركزى ، ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لأعمال النقل البحرى (مارترانس) فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 23/5/1989 فى الدعوى رقم 1670/42 ق ، التى كانت مقامه من الطاعن ضد المطعون ضدهم ، والذى قضى بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد ، والزمت المدعى المصروفات ،طلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبوله شكلا ، وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ، وبقبول الدعوى ،وفى موضوعها بالغاء القرار المطعون فيه ، وما يترتب على ذلك من آثار ، وأخصها رد الفروق من مستحقات الطاعن ، مع الزام المطعون ضدهم المصروفات.
وأودع الأستاذ المستشار / عادل الشربينى ، مفوض الدولة لدى المحكمة تقريرا مسببا بالرأى القانونى بهيئة مفوضى الدولة ،ارتأى فى ختامه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بالغاء الحكم المطعون فيه ، وبعدم اختصاص محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى ، وباحالتها إلى المحكمة الابتدائية المختصة بالقاهرة ، مع ابقاء الفصل فى مصروفات الدعوى والزام الجهة الإدارية مصروفات الطعن.
وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات إلى أن قررت احالته إلى هذه المحكمة ، وعينت لنظره أمامها جلسة 16/6/1990 وتناولت المحكمة نظره بها ، فاستمعت إلى ما رأت لزوم سماعه من ايضاحات ذوى الشأن وقررت اصدار الحكم فيه بجلسة 21/7/1990 ثم قررت اعادة الطعن للمرافعة بذات الجلسة لتغيير تشكيل الهيئة ، ثم أجلت نظره لجلسة 20/10/1990 لاخطار الخصوم وبها قررت اصدار الحكم لجلسة 8/12/1990 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال أسبوعين ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/12/1990 لاتمام المداولة ، ثم لجلسة 19/1/1991 وبها قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لذات الجلسة لمناقشة الخصوم ، ثم أجلت نظره لجلستى 23/2 ، 9/3/1991 لاخطار الخصوم ، ثم تداولت نظره على النحو الثابت جلسات 30/3 ، 27/4 ، 11/5 ، 18/5/1991 ،وبها قررت المحكمة اصدار الحكم فيه بجلسة 6/7/1991 مع التصريح بمذكرات لمن يشاء خلال اسبوعين ثم قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 27/7/1991 لاتمام المداولة ، وبها صدر ، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى الأوضاع المقررة لنظره.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة ، حسبما يبين من أوراقها تتحصل فى أنه بتاريخ 30/12/1987 أقام السيد / ……………الدعوى رقم 1670/ 42ق أمام محكمة القضاء الإدارى ضد كل من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ، محافظ البنك المركزى ورئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لأعمال النقل البحرى (مارترانس) وطلب فى ختام صحيفتها الحكم بوقف تنفيذ والغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار والزام الجهات الإدارية المدعى عليها المصروفات وقال فى بيان وشرح دعواه أنه يملك ويدير شركة سماتور للملاحة وهى منشاة فردية مقرها مدينة الاسكندرية وتمتلك خمس سفن تعمل فى أعالى البحار ، وتقوم بنقل البضائع من وإلى مصر عن طريق الشركة المصرية لاعمال النقل البحرى (مارترانس) قطاع عام ، مقابل عمولة تحصل ويتم التعاقد بينهما بموجب استمارة اعدتها شركته لهذا الغرض تسمى مذكرة حجز فراغ شركة مارترانس باعتبارها نائبة عن الجهة مالكة البضاعة وشركة سماتور باعتبارها الناقلة ، تتضمن بيان كميات البضاعة المنقولة ونوعها وميناءى الشحن والوصول وفئة النولون وشروط الشحن والتفريغ والجزاءات التى توقع على الشركة الناقلة فى حالة اخلالها بالالتزاماتها وبطبيعة الحال كان النولون يتحدد بالعملة الحرة بالنسبة لجميع التعليمات ، ولأن النقل يتم خارج القطر المصرى أن العمل جرى بين الطرفين فيما قبل صدور قرار وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية رقم 222 لسنة 1987 فى 10/5/1987 على أن تحصل شركة مارترانس على النولون من الجهة صاحبة البضاعة بالعملة الحرة الأجنبية ثم تدفع النولون المستحق لشركة سماتور بالعملة المصرية على أساس السعر التشجيعى المعلن من البنك المركزى فى كل حين ، أما بعد العمل بهذا القرار الذى تضمن إنشاء سوق مصرفية حرة للنقد الأجنبى ، فقد لاحظت شركة سماتور أن شركة مارترانس تحصل من صاحب البضاعة على النولون بالعملة الحرة ثم تصرفها إلى شركة سماتور بالنقد المصرى على أساس السعر المعلن للسوق المصرفية الحرة بعد أن تخصم جزء يمثل الفرق بين السعر التشجيعى القديم وبين سعر السوق المصرفية الحرة ومع تحويل هذا الفرق إلى وزارة الاقتصاد فى حسابها المفتوح لدى البنك المركزى المسمى (حساب الأرباح الناتجة عن عمليات النقد الأجنبى).
وقد اعترض على هذا الخصم وطلب تسوية الفروق المحتجزة من النولون المستحق له وصرفه إليه ، وفردت شركة مارترانس بأنه مطبقا للقرار 222 لسنة 1987 فإن مطالبة الشركة لا تستند إلى أساس سليم من القانون ، وعليه أرسلت سماتور إلى وزارة الاقتصاد كتابا فى 20/9/1987 تطلب تصحيح الوضع باخطار شركة مارترانس لرد الفروق ، والتى خصمتها من مستحقاتها دون وجه حق ، بتاريخ 11/10/1987 ورد للشركة كتاب وكيل أول وزارة الاقتصاد لقطاع النقد الأجنبى رقم 1635 جاء فيه أنه طبقا للتعليمات المؤرخة 2/6/1987 فإنه يتم محاسبة الشركات الناقلة على قيمة أجور الشحن وفقا لاسعار مجمع المصارف المعتمدة وبتاريخ 23/10/1987 تظلمت الشركة من القرار الذى تضمنه الكتاب السابق (رقم 1635) إلى ذات الجهة المرسلة إلى شركة مارترانس بكتاب سلم إلى الجهتين فى 28/10/1987 وأوردت الشركة فى تظلمها أنه لم يرد نص صريح فى القرار رقم 222 لسنة 1987، والقرارات المعدلة له يتضمن معاملة شركة سماتور بالنسبة إلى أجور الشحن على أساس سعر مجمع البنوك وتوريد الفرق لحساب وزارة الاقتصاد ، كما أن هذا الأسلوب فى الحساب يخالف الأحكام القضائية النهائية الصادرة لمصلحة الشركة فى مواجهة وزارة الاقتصاد ولم ترد الوزارة ولا الشركة على التظلم واستمرت فى إجراء الخصم فأقام دعواه بطلب الغاء القرار الإدارى النهائى الصادر من الإدارة العامة للنقل إلى شركة مارترانس بخصم بعض مستحقات منشأة سماتور للملاحة وتوريدها لحساب وزارة الاقتصاد المقترح لدى البنك المركزى تحت اسم صاحب الأرباح الناتجة عن عمليات النقد.
وأضاف المدعى أن الأحكام الواردة فى منشور إدارة النقد المؤرخ فى 2/6/1987 لا تنطبق إلا على الشركات الأجنبية أو الشركات المصرية التى تعامل معاملتها ويكون لها حساب ملاحى مفتوح وفقا لأحكام اللائحة التنفيذية للقانون رقم 67 لسنة 1987 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبى ، الصادر بقرار وزير الاقتصاد رقم 316 لسنة 1976 وهذه الأحكام كلها لا تنطبق على المنشأة المملوكة له بحسبان أنها منشأة مصرية لا تعامل معاملة الشركات الأجنبية وليس لها حساب ملاحى مفتوح باسمها يمكن الاضافة فيه أو تحويل رصيده للخارج ، فضلا عن أن القرار رقم 332 لسنة 1987 بإنشاء السوق المصرفية الحرة للنقد الأجنبى لم يرد به أي نص يفيد التزام منشائتها بالفروق التى فرضها قرار وزير الاقتصاد واقتصر على السماح للأفراد ببيع ما يملكونه أو يحوزونه من النقد الأجنبى إلى المصاريف بالسعر المعلن فى نطاق هذه السوق ونعى المدعى على القرار المطعون فيه أنه صادر مخالفا لأحكام القانون ، وأنه يتضمن مطارده لجزء من ماله أو فرض ضريبة لم ينص عليها القانون بالمخالفة لأحكام الدستور ، مما يهبط بالقرار المطعون فيه إلى درجة الانعدام وأجابت جهة الإدارة على الدعوى بمذكرة ضمنتها الدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى واحتياطيا ، وبعدم قبولها شكلا لرفعها بعد الميعاد ، ومن باب الاحتياط الكلى ، برفضها فى شقيها العاجل والموضوعى ، وأوضحت أن جميع الجهات الحكومية والقطاع العام والخاص تقوم بسداد أجور الشحن بالجنيه المصرى إذا تم تحويل الواردات من مجمع المصارف او السوق المصرفية الحرة ، سواء تم الشحن على شركات أجنبية أو مصرية ، قطاع عام أو خاص ، وأما واردات القطاع الخاص التى تمول من الموارد الذاتية فيمكن للشركات الملاحية أن تتقاضى قيمة النولون بالنقد الأجنبى كما يحق لها الاحتفاظ به طبقا للمادة الأولى من القانون رقم 97 لسنة 1976 وأن شركات القطاع الخاص الملاحية تحاسب على الوقود اللازم لها على اساس سعر المصارف المعتمدة وليس على اساس سعر السوق المصرفية الحرة ، وتدفع رسوم الموانئ وخلافه بالعملة المصرية ،وفى ضوء ذلك تقرر محاسبة هذه الشركات على النولون المحدد سابقا بالنقد الأجنبى والمحصل من الجهات المحلية بالجنيه المصرى على اساس سعر مجمع المصارف ، وليس على اساس المصرفية الحرة.
وبجلسة 23/5/1989 صدر الحكم الطعين على أسباب محصلها – فيما يتعلق برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى وباختصامها – أن التكييف القانونى الصحيح لطلبات المدعى أن يطعن فى القرار الصادر من وزارة الاقتصاد بمحاسبة الشركات الناقلة منها الشركة التى يملكها المدعى على قيمة أجور الشحن وفقا لاسعار مجمع المصارف المعتمدة ، وهذا القرار يدخل فى عداد القرارات الإدارية النهائية التى تختص محاكم مجلس الدولة بنظر الطعون التى تقدم ضدها ، وفيما يتعلق بقضائها بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد ، أن المدعى علم بالقرار المطعون فيه علما يقينيا عندما قامت شركة مارترانس فى 26/5/1987 بصرف قيمة النولون على أساس السعر المعلن للسوق المصرفية الحرة بعد أن تخصم منه جزء يمثل الفرق بين السعر التشجيعى القديم وبين سعر السوق المصرفية الحرة ، وتحويل الفرق إلى حساب النقد الأجنبى الخاص بوزارة الاقتصاد ،وأنه تظلم من هذا القرار إلى وكيل أول وزارة الاقتصاد الذى أرسل إليه كتابا فى 11/10/1987 بما يفيد رفض تظلمه ، غير أنه لم يبادر إلى إقامة الدعوى فى الميعاد المقرر قانونا ، ولا يجوز التعويل على التظلم الذى قدمه بتاريخ 23/10/1987 لأنه تظلم ثان ، ليس له من أثر بالنسبة لميعاد رفع الدعوى.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم الطعين للقانون ، إذ أخطأ فى استخلاص الوقائع الحقيقة المحيطة بالقرار المطعون فيه واستند فى قضائه بعدم القبول إلى وقائع منتزعة من اصول لا تنتجها مادية أو قانونيا ، والتفت عن القضاء المستقر للمحكمة الإدارية العليا فى شأن العلم اليقينى بالقرار فانتهى قضاؤه إلى نتيجة لا تتفق وأحكام القانون ، إذ أن – المدعى المرسل إلى وزارة الاقتصاد كتابه المؤرخ 20/9/1987 يشكو فيه تصرف شركة مارترانس ويطلب إلى الوزارة تنبيه الشركة إلى رد ما خصمته منه بمقولة أنه أرباح عمليات نقد أجنبى ، فإن هذا الكتاب لا يعتبر تظلما من القرار المطعون فيه ، ولأنه لم يكن قد علم به بعد ، ولا يعتبر رد لما حرصت الوزارة إلى أن تحيل فى ردها إلى التعليمات الصادرة منها فى 2/6/1987 ثم ترفق هذه التعليمات بالكتاب المرسل منها إليه ، فهذا الكتاب ليس إلا تبليغا للمدعى بالقرار الذى سبق أن أصدرته الوزارة فى هذا الشأن ولم يبلغ إلى المدعى بأية طريقة كانت ، ويعتبر فى حقيقة الأمر اعلانا للمدعى بالقرار المطعون فيه وعلى هذا الاساس فلا يكون التظلم المقدم من المدعى بتاريخ 23/10/1987 من هذا القرار تظلما ثانيا ، وإنما هو تظلم أول يبدأ من تاريخ تقديمه حساب ميعاد رفع الدعوى وإذ لم ترد الوزارة على هذا التظلم وأقيمت الدعوى فى 30/12/1987 خلال الستين يوما التالية لفوات الستين يوما المقررة للبت فى التظلم ، فإنها تكون مرفوعة فى الميعاد القانونى واستطرد تقرير الطعن إلى بيان دفاعه الموضوعى ومجمله أن منشأته وسفنه مصرية ، ولا تعامل معاملة الشركات الأجنبية ، ويحق له فى ظل أحكام القانون رقم 97 لسنة 1976 ولائحته التنفيذية أن يتعاقد على نقل البضائع مع شركة مارترانس بالعملات الحرة الأجنبية ، اعتبار أن النقل يتم خارج البلاد ، كما يحق له أن يتعاقد معها بالعملة المصرية غير القابلة التحويل إلى العملات الحرة ، فإذا كان التعاقد قد تم بالعملة الحرة على جميع عمليات النقل محل الدعوى ، فإن شركة مارترانس تلتزم بأن يؤدى أجر النقل بذات العملة المتعاقد عليها ، ومن حقه أن يحتفظ بها ، وبالتالى يحق له بيعها بالسعر المعلن فى نطاق السوق المصرفية الحرة ، وإذ كان قبل أن يحصل على قيمة الشحن بالعملة المصرية فإنه يجب حسابها بقيمتها الحقيقية على أساس السعر المعلن بالسوق المصرفية الحرة ، ولأنه السعر الذى يمثل القيمة الحقيقية للعملة الأجنبية ولا يجوز حساب مستحقاته على أساس سعر المصارف المعتمدة لأنه سعر افتراضى رأت الحكومة الابقاء عليه لاعتبارات اجتماعية قدرتها ، مع أنه لا يمثل القيمة الحقيقة للعملة الأجنبية ، ومن ثم يكون القرار فيه مخالفا للقانون ، بل أن المخالفة التى شابته من الجسامة بحيث ينحدر به إلى درجة الانعدام ، لأنه فى حقيقته مصادرة لجزء كبير من مستحقات المدعى ، وابتداع لضريبة لم ينص عليها ، وتحصل جبرا من مستحقاته وبالنسبة إلى ما انتهى إليه تقرير هيئة مفوضى الدولة ، من عدم اختصاص مجلس الدولة ولائيا بنظر الدعوى ، واحالتها إلى القضاء العادى ، استنادا إلى أن الدعاوى لم تتضمن الطعن على أى قرار صادر من وزير الاقتصاد ، وأن المنازعة فى حقيقتها هى مطالبة المدعى بأحقيته فى قبض مستحقاته عن أجور الشحن بالعملة الأجنبية ، طبقا لعقود النقل المبرمة بينه وبين شركة مارترانس إحدى شركات القطاع ، وهى من أشخاص القانون الخاص فلا تعتبر العقود التى تبرمها عقود إدارية ، وإنما هى من عقود القانون الخاص ، وبما تختص به المحاكم المدنية ، عقب دفاع المدعى بمذكرته المقدمة لجلسة 15/1/1991 بأن المدعى يطعن فى القرار الصادر من وزارة الاقتصاد بتطبيق القواعد والأحكام الواردة فى التعليمات الصادرة فى 2/6/1987 على منشآته ، مع أنه ليس من المخاطبين بأحكام هذه التعليمات لأنه ليس شركة أجنبية أو شركة من الشركات المصرية التى تعامل معاملتها ، وأنه ثار نزاع مماثل بين الطاعن والجهات المطعون ضدها ، وعندما اصدرت وزارة الاقتصاد قرار بتحميل المدعى بعلاوة 20% من قيمة تمويناته من المواد البترولية وأبلغته الجمعية التعاونية للبترول لاعماله فى حقه فأقام الدعوى رقم 1690 لسنة 32 ق بالغائه ، وأجابت محكمة القضاء الإدارى إلى طلبه ولأنه ليس من المخاطبين باحكام هذه التعليمات وأيدت دائرة فحص الطعون هذا الحكم إذ قضت برفض الطعنين المقدمين فيه من الحكومة.
ومن حيث إن اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بنظر المنازعات الإدارية المنصوص عليها فى المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 ، وينطوى على نوعين من الولاية القضائية الأول هو ولاية الغاء ، ومحلها دعاوى الالغاء Recours en annulctiton المتعلقة بالغاء القرارات الإدارية النهائية للسلطات الإدارية ، سواء كانت صادرة فى شئون الموظفين العموميين أم فى شئون الأفراد أو الهيئات ، بسبب مخالفة القانون بالمعنى العام Recours. Pour exces de pouvoir فموضوعها هو شرعية القرار الإدارى ، وهذه الدعاوى يقتصر فيها دور القضاء الإدارى على رقابة مشروعية القرارات الإدارية النهائية محل تلك الدعاوى فلا يحل نفسه محل جهة الادارة المختصة فى اصدار القرار الصحيح قانونا إنما يكتفى بالحكم بالغاء ما يستبين له عدم مشروعيته من تلك القرارات ، تاركا لجهة الإدارة المختصة اصدار القرار الصحيح قانونا على هدى من قضائه بالغاء القرار المطعون فيه والنوع الثانى من الولاية القضائية هو ما يعرف بولاية القضاء الكامل ، ومحلها دعاوى القضاء الكامل – Recours de pleine Jurdi ction وهى تشمل جميع المنازعات الإدارية التى تختص محاكم مجلس الدولة بنظرها طبقا لنص المادة العاشرة من قانونه المشار إليه عدا دعاوى الغاء القرارات الإدارية النهائية محل ولاية الالغاء – كدعاوى التعويض عن هذه القرارات ،ودعاوى التسويات ، والمنازعات المتعلقة بالمرتبات والمعاشات والمكافآت ودعاوى الجنسية ، والمنازعات المتعلقة بالعقود الإدارية عدا دعاوى الغاء القرارات الإدارية المنفصلة Act CletsshaBles فى منازعات هذه العقود ، والتى تندرج لهذا السبب فى دعاوى الالغاء وموضوع دعاوى القضاء الكامل ، مركز قانونى فردى ، حيث يدعى فيها رافعها أنه صاحب مركز قانونى معين ينشئ له حقا قبل الإدارة وأنها تنازعه فى أصل هذا الحق أو فى مداه ، فهى دعوى يرفعها صاحب الشأن ضد الإدارة بادعاء اعتدائها على مركزه القانونى بأن يحكم له على الإدارة بفعل شىء أو بالامتناع عن فعل شىء وفى غالب الحالات يدفع مبلغ من النقود ، وسلطة القضاء الإدارى فى هذه الدعاوى أوسع مدى وحيث يحسم الحقوق المتنازع عليها حسما نهائيا ، فيقضى بأحقية المدعى أو بعدم أحقيته فيما يطلب الحكم له به على الإدارة أو يقضى بالزامها بأن تفعل شيئا أو بأن تمتنع عن فعل شىء ، أو بأن تدفع للمدعى مبلغ محددا من النقود ، وهو الغالب ، ويترتب على التفرقة بين نوعى الولاية ، نتيجة عامة ، أولا وهى أن دعاوى الالغاء وحدها هى التى يجب أن يراعى رفعها الميعاد المنصوص فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة المشار إليه ، وإلا كانت غير مقبولة شكلا ، وأما دعاوى القضاء الكامل فلا تتغير مطلقا فى رفعها بهذا الميعاد ، وإنما فقط بميعاد التقادم الذى نص عليه القانون والقاعدة العامة فيه ، وأنه خمسة عشر عاما ، ما لم ينص القانون على ميعاد تقادم آخر لرفع الدعوى كذلك فإن الأحكام التى تصدر بالالغاء تكون حجة على الكافة بينما غيرها من الأحكام تكون لها حجية نسبية لا تمتد إلى غير الخصوم فيها (م52) وذلك رغم أن جميع الأحكام تسرى فى شأنها القواعد الخاصة بقوة الشىء المحكوم فيه وأحكام الالغاء وتصدر صورتها التنفيذية مشمولة بطبيعة محدده لتنفيذها متفقة مع استقلال السلطات ومع طبيعة هذه الأحكام وعدم جواز الالزام بالتنفيذ متفقة مع استقلال السلطات ومع طبيعة هذه الأحكام وعدم جواز الالزام بالتنفيذ جبرا بالقوة المجردة بما تنتهى إليه من الغاء للقرار المحكوم بالغائه حيث تنيط ذاك صراحة بالوزراء ورؤساء المصالح أما الأحكام الأخرى طبيعتها التنفيذية أن على الجهة التى يناط بها التنفيذ أن تبادر إليه متى طلب منها ذلك.
ومن حيث أنه متى استبان ذلك وكانت المنازعة الماثلة فى حقيقتها هى مطالبة المدعى بأحقيته فى تسوية مستحقاته عن أجور الشحن المحددة بالدولار على أساس سعر التعادل المقرر بالسوق المصرفية الحرة وليس على أساس سعر التبادل المقرر لدى البنوك المعتمدة ورد الفروق الناتجة عن ذلك استنادا منه إلى أن التعليمات الصادرة فى هذا الشأن من إدارة النقد بوزارة الاقتصاد ، لا تنطبق عليه ، وأنه غير مخاطب بأحكامها ، فإن المنازعة على هذا النحو ، إذا تتعلق بتحديد سعر التعامل الواجب معاملة المدعى به عند صرف مستحقاته من أجور الشحن ، المحددة بالدولار ، ولا تعدوا أن تكون من دعاوى القضاء الكامل لا من دعاوى الالغاء ، وذلك تأسيسا على أن الهيئة العامة للبترول تولى وضع السعر الذى تباع به المواد البترولية والكميات التى توزع حسب نوع وحاجة المستهلكين وهى تعتمد قراراتها من وزير البترول والثروة المعدنية ، ويقوم وزير الاقتصاد مع إدارة النقد بوضع نظام طبقا لقوانين النقد والاستيراد والتصدير لكيفية سداد المواد البترولية وتحديد سعر الصرف أو العملة التى تسدد بها هذا الثمن ، وتحتكر الدولة العمليات الخاصة بتوزيع البترول ممثلة فى الهيئة العامة للبترول سواء من الأنصبة التى تتوفر لها مما تحصل عليه عينا من الشركات الممنوحة التزام استخراج البترول أو مما تستخرجه الشركة العامة للبترول والشركات الأخرى المملوكة للدولة ويبين من ذلك ان الدولة تحتكر ملكية المواد البترولية التى تباع فى داخل البلاد وتسيطر على توزيع المواد البترولية والمستهلكين وتحديد كميات وسعر البيع فى اطار قوانين التموين والنقد الأجنبى والاستيراد والتصدير واللوائح الصادرة تنفيذا لكل من هذه القوانين ومن ثم شركات النقل والمنشآت العامة والخاصة التى تستهلك بصفة منتظمة ومستمرة المواد البترولية لأداء واجباتها فى الاسهام فى الإنتاج أو الخدمات ترتبط مع الدولة بعلاقة تنطوى على جانب لائحى يتضمن القواعد التى تنفرد بها هيئة البترول وإدارة النقد ووزارتى التموين والاقتصاد من قواعد على النحو السابق ، فضلا عن جانب تعاقدى ينطوى على رضاء المنشأة بالشراء والسداد على أساس ما تحدده هيئات الدولة وأجهزتها المختصة فى هذا الشأن وتمتع هيئات الدولة وأجهزتها لسلطات غير عادية فى تحديد الكميات وطريقة التوزيع وأوقاته وتحديد الأسعار وكيفية سدادها ونوع العملة التى تسدد بها توريد الفائض من العملات الأجنبية الناتجة وكيفية سدادها ونوع العملة التى تسدد بها وتوريد الفائض من العملات الأجنبية الناتجة عنها ، ومن ثم فلا تتقيد هذه الدعاوى فى رفعها بالميعاد المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة المشار إليه حيث لا تعتبر التعليمات الصادرة من إدارة النقد فى هذا الشأن من قبيل القرارات الإدارية النهائية بالمعنى الاصطلاحى والفنى المقررة فى هذا الشأن ، آية ذلك وأن المدعى لا ينعى على هذه التعليمات بمخالفتها القانون وكل ما يستند إليه فى دعواه أنه يدعى أنه غير مخاطب بها ، أو أنها لا تنطبق على منشآته ، مما تنأى معه المنازعة الماثلة عن أن تكون من دعاوى الالغاء ولا تعدوا أن تكون مطالبة بمبلغ محدد من النقود يستند المدعى فى أحقيته فيه إلى ادعائه بوجوب حساب مستحقاته عن أجور الشحن المحددة بالدولار ، على أساس سعر التعادل المقرر فى السوق المصرفية الحرة ، وليس على أساس سعر التعادل المقرر لدى البنوك المعتمدة ، وعلى نحو ما تذهب إليه جهة الإدارة فى هذه المنازعة ، مما تضحى معه هذه المنازعة من المنازعات الإدارية التى تندرج فى دعاوى القضاء الكامل لا من دعاوى الالغاء ، ومن ثم فلا تتقيد فى رفعها بالميعاد المنصوص عليه فى المادة 24 من قانون مجلس الدولة ، المشار إليه وإذ ذهب الحكم الطعين إلى خلاف هذا النظر ، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله مما يتعين معه القضاء بالغائه ، وبقبول الدعوى شكلا وباعادتها إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فى موضوعها ، ومع ابقاء الفصل فى المصروفات ، عملا بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات ،
فلهذه الاسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه ، بقبول الدعوى شكلا وأمرت بإعادتها إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فى موضوعها مجددا من هيئة أخرى وأبقت الفصل فى المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ