طعن رقم 3159 لسنة 33 بتاريخ 13/11/1993 الدائرة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / د. محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : محمد مجدى محمد خليل وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد عبد الحميد مسعود ومحمود إسماعيل رسلان نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الأحد الموافق 12 من يوليو سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة نيابة عن السيدين / وزير المالية ومدير مصلحة الجمارك، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3159 لسنة 33 قضائية ضد السيد /……………..، فى حكم محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات) بجلسة 14/5/1987 فى الدعوى رقم 630 لسنة 40 قضائية، والقاضى بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات وطلب الطاعنان فى ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، بإلغاء هذا الحكم، والقضاء برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى، وأعلن تقرير الطعن وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وتحددت جلسة 24/5/1993 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظر، وبما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاضرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 9/8/1993 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) لنظره بجلسة 23/10/1993 وبها نظر، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسما ع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية، فمن ثم فإنه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تخلص فى أن المدعى (المطعون ضده) أقام أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات) الدعوى رقم 630 لسنة 40 قضائية ضد المدعى عليهما (الطاعنين) بصحيفة أودعها قلم كتاب المحكمة بتاريخ 1985/11/9 طلب فى ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء تقرير كفايته عن عام 1984 فيما تضمنه من تقدير كفايته بدرجة جيد وأحقيته فى تقديرها بدرجة ممتاز، وما يترتب على ذ لك من آثار، وإلزام الإدارة المصروفات.
وقال فى شرح أسانيد دعواه إنه أخطر بتاريخ 4/7/1985 بتقدير كفاية أدائه عن 1984 بدرجة جيد، وهو تقرير يخالف القانون، ولا يقوم على سبب يبرره، لأنه لا يستمد من واقع سجلات معدة لهذا الغرض أو من بيانات أو نتائج تدريب أو غير ذلك مما هو منصوص عليه فى المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، إذ إن مصلحة الجمارك لا يوجد بها السجلات المنصوص عليها فى المادة (27) من اللائحة التنفيذية لهذا القانون بل إن التقرير يناقض ما هو ثابت بملف خدمته من أوراق تنطق بالامتياز، وحصوله على مرتبة ممتاز فى تقارير الكفاية السابقة، وقد لأهله هذا الامتياز لأن يسند إليه العديد من المهام ومن ثم يكون ما أثبته الرئيس المباشر فى التقدير المطعون فيه من أن قدراته عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات لا يقوم عليه دليل عاريا عن السبب، مخالفا للقانون، ومشوبا بإساءة استعمال السلطة.
بجلسة 14/5/1987 حكمت محكمة القضاء الإدارى (دائرة الجزاءات والترقيات) بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء تقرير الكفاية المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، وألزمت الجهة الإدارية المصروفات.
وشيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت أن المدعى أخطر بتقرير الكفاية المطعون فيه بتاريخ 4/7/85 وتظلم منه بتاريخ 17/7/1985 وأقام دعواه بتاريخ 9/11/1985، فانها تكون أقيمت خلال الميعاد المقرر للطعن بالإلغاء، مما يتعين الحكم بقبولها شكلا.
وبخصوص موضوع الدعوى فقد أقامته المحكمة على أساس أنه ولئن كان الثابت أن الرئيس المباشر للمدعى قدر درجة كفايته بمرتبة جيد (كفء) ثمانون درجة من مائة مشيرا إلى أن قدرات المدعى عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات، ووافق الرئيس الأعلى على هذا التقدير، ثم اعتمدت لجنة شئون العاملين التقرير بذات التقدير، مما يستظهر منه أن هذا التقرير قد مر بالمراحل القانونية المقررة، بيد أن هذا التقرير جاء خلوا من أية تقديرات تشير إلى إجراء قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائى على النحو الذى تستلزمه المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، ومن ثم فإن الجهة الإدارية تكون قد أغفلت القيام بإجراء جوهرى استلزمه القانون قبل وضع التقرير النهائى لتقدير كفاية الأداء مما يشوب التقرير بالبطلان، ولذلك يتعين الحكم بإلغائه وعدم الاعتداد به.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله، لأن تقرير الكفاية المطعون فيه صدر وفقا للمادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978، المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، ومر بجميع المراحل والإجراءات التى رسمها القانون، وقام على السبب المبرر له، إذ أثبت الرئيس المباشر أن قدرات المدعى عادية وتنقصه القدرة على اتخاذ القرارات، وصدق رئيس المصلحة على ذلك واعتمد التقرير من لجنة شئون العاملين.
ومن حيث إن المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983، تنص على أن تضع السلطة المختصة نظاما يكفل قياس كفاية الأداء الواجب تحقيقه بما يتفق مع طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها. ويكون قياس الأداء مرة واحدة خلال السنة قبل وضع التقرير النهائى لتقدير الكفاية وذلك من واقع السجلات والبيانات التى تعدها الوحدة لهذا الغرض ونتائج التدريب المتاح وكذلك أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها فى قياس كفاية الأداء.
ويعتبر الأداء العادى هو المعيار الذى يؤخذ أساسا لقياس كفاية الأداء. ويكون تقدير الكفاية بمرتبة ممتاز أو جيد أو متوسط أو ضعيف وتضع السلطة المختصة نظاما يتضمن تحديد الإجراءات التى تتبع فى وضع وتقديم واعتماد تقارير الكفاية والتظلم منها.
ويكون وضع التقارير النهائية عن سنة تبدأ من أول يناير وتنتهى فى أخر ديسمبر وتقدم خلال شهرى يناير وفبراير وتعتمد خلال شهر مارس، وتعلن للعاملين معايير قياس الكفاية التى تستخدم فى شأنهم ويقتصر وضع تقارير الكفاية على العاملين الشاغلين لوظائف من الدرجة الأولى فما دونها.
ويكون قياس كفاية الاداء بالنسبة لشاغلى الوظائف العليا على أساس ما يبديه الرؤساء بشأنهم سنويا من بيانات تعتمد من السلطة المختصة وتوضع بملفات خدمتهم.
وتحدد اللائحة التنفيذية الضوابط التى يتحتم على أساسها تقدير كفاية العاملين.
وتنص المادة (29) من ذات القانون على أنه يجب إخطار العاملين الذين يرى رؤساؤهم أن مستوى أدائهم أقل من مستوى الأداء العادى، بأوجه النقص فى هذا الأداء طبقا لنتيجة القياس الدورى للأداء أولا بأول.
ومن حيث إنه سبق لهذه المحكمة أن ذهبت أن مفاد هذين النصين هو أن المشرع وضع تنظيما متكاملا لقياس كفاية أداء العاملين المدنيين بالدولة فأعطى للسلطة المختصة بمفهومها المحدد فى هذا القانون مكنة وضع نظام يكفل قياس كفاية الأداء يختلف من جهة إلى أخرى تبعا لاختلاف طبيعة نشاط الوحدة وأهدافها ونوعية الوظائف بها. ووضع ضوابط واجبة التطبيق عند وضع مثل هذا النظام وهى أن يكون قياس كفاية الأداء مرة فى السنة سابقة على وضع التقدير النهائى وعلى أن يستقى القياس من واقع السجلات والبيانات ونتائج التدريب وأية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها على أنه يجب إخطار العامل الذى يرى رؤساؤه أن أداءه أقل من مستوى الاداء العادى بأوجه النقص فى هذا الأداء طبقا لنتيجة القياس الدورى للأداء أولا بأول. وأن من المقرر أن تقدير الدرجة التى يستحقها العامل عن كل عنصر من العناصر الواردة بتقرير الكفاية هو أمر يترخص فيه الرئيس المباشر والرئيس الأعلى ولجنة شئون العاملين كل فى حدود اختصاصه، طالما كانت هذه التقديرات غير مشوبة بالانحراف أو إساءة استعمال السلطة، فلا يؤثر فى صحة وسلامة تقرير الكفاية أن يختلف فى مرتبة الكفاية عن التقارير السالفة واللاحقة عليه والتى حصل فيها العامل على تقدير ممتاز، ذلك لأن من المقرر أن ما يسرى فى هذا الشأن هو مبدأ سنوية التقرير بمعنى ضرورة قياس كفاية الأداء بكل عناصره سنويا، ولو كان العامل يستصحب دائما تقدير كفايته السابق لما أوجب المشرع ضرورة قياس كفاية أدائه ووضع التقرير عنه سنويا، ويظل كل عامل مستصحبا تقديراته السابقة دائما سواء كانت ممتازة أو متوسطة أو ضعيفة وهو ما يخالف طبائع الأشياء والتغير الذى يطرأ على سلوك الفرد وانجازاته وكفاءته من عام لآخر ومن ثم فإن المشرع استلزم فى المادة 28 سالفة الذكر وضع تقرير الكفاية عن العامل سنويا استظهارا لكفاءته واجتهاده وإنجازاته سنويا والعبرة فى ذلك هو بالعام الموضوع عنه التقرير وليس بالاعوام السابقة عليه، فلا يبطل التقرير أو يعد مخالفا للقانون لمجرد اختلاف درجة الكفاية المقيم بها العامل فى أحد الأعوام عن الأعوام السابقة عليه. كما لا يبطل التقرير لعدم احتوائه على الأسباب المبررة لخفض درجة الكفاية فى هذا العام عن الأعوام السابقة عليه، فلم يتطلب المشرع تسبيب التقرير فى هذه الحالة، كما لم يرتب البطلان على إغفال هذا الأمر ولم يستلزم المشرع فى المادة (29) المشار إليها إخطار العامل بأوجه النقص فى الأداء أولا بأول إلا فى الحالة التى يكون فيها مستوى أدائه أقل من المستوى العادى، ومن ثم فلا يبطل التقرير المطعون فيه والمقيم فيه أداء العامل بتقدير جيد لعدم الإخطار المشار إليه فى هذه المادة لعدم انطباقها فى الحالة التى لم ينزل فيها أداء العامل عن مستوى الأداء العادى كما لايبطل التقرير بدعوى أنه لم يستمد من واقع السجلات والبيانات التى تعدها الجهة الإدارية لهذا الغرض، ذلك لأن المادة (28) سالفة الذكر لم تقيد الإدارة بأن يكون مصدرها الوحيد فى قياس الأداء هو السجلات المعدة لهذا الغرض وإنما أجاز لها المشرع أن تستقى قياسها من أية معلومات أو بيانات أخرى يمكن الاسترشاد بها فى قياس كفاية الأداء ويدخل فى ذلك كافة مفردات ملف الخدمة باعتباره الوعاء الذى يتضمن كل ما يتعلق به من أوراق وبيانات خاصة بالعامل، فضلاً عما يتوفر لدى الرؤساء الإداريين عن العامل بحكم رئاستهم له واتصالهم بعمله.
ومن حيث إن الثابت أن تقرير الكفاية المطعون فيه قد مر بالمراحل القانونية وفقا للنظام الذى وضعته السلطة المختصة حيث جاء تقدير الرئيس المباشر للمدعى (المطعون ضده) بمرتبة جيد، وأيده فى ذلك كل من الرئيس الأعلى ولجنة شئون العاملين، ومن ثم يكون هذا التقرير قد وضع وفقا للإجراءات والأوضاع المقررة قانونا، ولا وجه لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من بطلان تقرير الكفاية المطعون فيه، لأنه خلا من أية تقديرات تشير إلى إجراء قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائى، وهو إجراء جوهرى استلزمته المادة (28) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المشار إليه، لا وجه بهذا الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه، ذلك لأن هذا الإجراء وإن كان واجبا إلا أن إغفال بيانه فى تقرير الكفاية لا يؤدى فى ذاته إلى بطلان التقرير، بحسبان أن بيان هذا الإجراء ليس مقصودا لذاته، بل لإخطار العامل الذى يقل مستوى أدائه عن المستوى العادى، فإذا لهم ينزل لأداء العامل عن مستوى الأداء العادى، وقيم أداؤه بمرتبة جيد، فلا يلزم إخطاره فى هذه الحالة وبالتالى لا يبطل تقرير الكفاية إذا خلا من بيان قياس كفاية الأداء قبل وضع التقرير النهائى، وإذ لم يثبت المدعى، ولم يتبين من الأوراق أن تقدير الجهة الإدارية لكفاءة المدعى (المطعون ضده) جاء مشوبا بالانحراف أو استعمال السلطة، ولا يغير من ذلك دعوة المدعى للمشاركة فى الدورة التدريبية للمستخلصين الجدد فى المدة من 30/7/1983 حتى 22/8/1983 وصدور قرار رئيس قطاع جمارك القاهرة والمنطقة الجنوبية رقم 438 بتاريخ 4/11/1984 بنقله لشغل وظيفة مدير إدارة بالإدارة العامة للمناطق الحرة، إذ أن هذا لا يمنع السلطة المختصة من تقدير درجة كفايته حقا وعدلا، وتقدير كفايته بمرتبة جيد لا يكشف عن أنها اساءت استعمال السلطة المخولة لها، وبناء على ذلك وإذ خلا التقرير المطعون فيه من أوجه البطلان التى أسندها المدعى (المطعون ضده) إليه، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون، الأمر الذى يتعين فيه الحكم بإلغائه، والقضاء برفض الدعوى، وإلزام المطعون ضده المصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء برفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.