طعن رقم 3214 لسنة 33 بتاريخ 25/11/1990
__________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ حسن حسنين علي حسنين ومحمد يسري زين العابدين عبد الله والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو.
المستشارين.
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 14/7/1987 أودع الأستاذ / أحمد السيد صالح المحامي بصفته وكيلا عن السيد /………بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 28/6/1987 في الدعوى رقم 1468 لسنة 39 قضائية والقاضي برفض الدعوى مع الزام المدعي بالمصروفات . وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون ضدهما بصفتيهما متضامنين بأن يدفعا للطاعن مبلغا وقدره ستون ألف جنيه تعويضا عن الضرر الذي أصابه بسبب القرارات الإدارية رقم 101/1972 ورقم 6/1973 ورقم 92/1982 مع الزام المطعون ضدهما بالمصاريف .
وقدم مفوض الدولة تقريرا بالرأي القانوني انتهى فيه إلى أنه يرى الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلزام المطعون ضدهما مناصفة بأن يدفعا للطاعن مبلغا من المال تقدره المحكمة مع الزامهما بالمصروفات .
وقد نظرت دائرة فحص الطعون الطعن وقررت احالته إلى هذه المحكمة التي حضر بجلساتها الطاعن وقدم مذكرة بدفاعه صمم فيها على طلباته بالتعويض كما قدم حافظة مستندات وحضر محامي هيئة قضايا الدولة وقدم مذكرة بدفاعه عن السيد وزير البترول والثروة المعدنية طلب في ختامها الحكم برفض الطعن ، كما حضر محامي الهيئة المصرية العامة للبترول وقدم مذكرة بدفاعه طلب في ختامها الحكم برفض الطعن كما قدم حافظة بمستنداته وقررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد استوفى اوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا .
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتلخص في أنه بتاريخ 20/12/1984 أقام المدعى (الطاعن) هذه الدعوى أمام محكمة القضاء الإداري بالصحيفة المودعة بقلم كتابها والي طلب في ختامها الحكم بالزام المدعى عليها (المطعون ضدهما) بأن يدفعا له تعويضا مقداره ستون ألف جنيه على سند من القول بأنه تخرج في كلية التجارة جامعة القاهرة عام 1951 والتحق بالمؤسسة المصرية العامة للبترول بتاريخ 25/11/1958 وضمت له مدة خبرته السابقة فأرجعت أقدميته إلى 13/1/1953 وتدرج بالترقيات حتى بلغ وظيفة محاسب ممتاز الفئة الثالثة في 31/12/1967 إلا أن الجهة الإدارية دأبت على تخطيه في جميع حركات الترقيات التي أجرتها ذلك الحين دون سند من القانون مما حدا به إلى الالتجاء إلى القضاء لأنصافه فأقام الدعوى رقم 828 لسنة 27 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري مختصما الهيئة المصرية العامة للبترول طالبا الحكم بإلغاء القرار 101 لسنة 1972 الصادر في 25/12/1972 والقرار رقم 6 لسنة 1973 الصادر في 6/1/1973 فيما تضمناه من تخطيه في الترقية إلى الفئة الثانية بالمستوى الأول مع ما يترتب على ذلك من آثار وقضت له بجلسة 23/4/1975 بطلباته ، وأقام الدعوى رقم 103 لسنة 37 القضائية طعنا على القرار رقم 92 لسنة 1982 الصادر في 20/7/1982 فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير عام بالفئة العالية وقضت المحكمة بجلسة 15/3/1984 بإلغاء القرار المطعون فيه فيما تضمنه من تخطيه في الترقية إلى وظيفة مدير عام المهمات والأًصول الرأسمالية بالإدارة العامة للرقابة على الشركات الأجنبية والمشتركة ذات الربط الثابت 2823 جنيها سنويا بمستوى الإدارة العليا وما يترتب على ذلك من آثار ، ولذلك فإن الثابت من الحكمين القضائيين المشار إليهما أن قراري الترقية رقمي 101 لسنة 1972 و 92 لسنة 1983 جاءا مخالفين القانون فيما تضمناه من تخطيه في الترقية ، وأضاف المدعى أنه قد أصابته من جراء هذين القرارين أضرار مادية وأدبية وصحية مشيرا إلى أن زملاءه ومرؤوسيه السابق ترقيتهم بالقرار رقم 101 لسنة 1972 نقلوا إلى وزارة البترول عند انشائها عام 1973 واتيحت لهم فرص الترقي في زمن قياسي كما أن الجهة الإدارية أضاعت عليه فرصة الحصول على المرتبات الضخمة وتوابعها التي تقاضاها السيد / جمال العشماوي الذي أعبر في 1/4/1974 للعمل بالشركة العربية لأنابيب البترول ويتقاضى مرتبا شهريا قدره 1580 جنيها كما أن السيد / أحمد محمد رضوان المطعون على ترقيته الأول بالقرار رقم 101 لسنة 1972 ندب للعمل بشركة بترول خليج السويس الأمريكية (جابكو) واتيحت له بذلك مرتبات ضخمة ومكافآت سخية وعلاوات وبدلات وحوافز انتاج بخلاف بدلات السفر والبعثات وهو ما يراه المدعي حقا له لو لم يتم تخطيه بالقرار المشار إليه ، كما أنه أضير أبلغ الضرر حينما انتهت الجهة الإدارية إلى اصدار القرار رقم 92 لسنة 1982 المخالف للقانون وبادرت إلى إرسال السيد / أحمد الكفراوي محمود المطعون على ترقيته الأول في القرار المذكور في بعثة إلى أمريكا وبعض دول أوروبا في عام 1982 فتقاضى بدلات سفر ضخمة وميزات سخية واتيح له التزود بالخبرة النادرة في مجال العمل وأضاف أن ما ناله من تشهير وتشكيك في كفاءته من جراء تخطيه في الترقيات كان له أسوء الأثر على حالته النفسية والعصبية والصحية .
وبجلسة 28/6/1987 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدعوى مع الزام المدعى المصروفات وأسست حكمها على أن الدعوى هى دعوى تعويض عن القرارين الإداريين رقم 101 لسنة 1972 الصادر من الهيئة العامة للبترول و 92 لسنة 1982 الصادر من وزير البترول والثروة المعدنية اللذين قضى بإلغائهما فيما تضمنه كل منهما من تحظى المدعى في الترقية بحكمين نهائيين أصدرتهما محكمة القضاء الإداري في الدعوى رقم 828 لسنة 22 القضائية بجلسة 24/4/1975 والدعوى رقم 103 لسنة 37 القضائية بجلسة 15/3/1984 على التوالي ، والثابت من الأوراق أن الحكمين المذكورين وضعا موضع التنفيذ حيث بادرت الجهة الإدارية إلى أعمال مقتضاهما وذلك بإلغاء القرار المحكوم بإلغائه في كل منهما وترقية المدعي من التاريخ الذي كان يتعين أن تتم ترقيته اعتبارا منه لولا أن وقع التخطي في الترقية ، وصرف الفروق المالية المترتبة على ذلك ، وأضافت المحكمة أنه متى كان ذلك فإن المدعى قد ادئى خير تعويض بما لا يدع مجالا لمزيد مادام حكم الإلغاء وتنفيذه تكفلا بجبر كافة الأضرار المادي منها والأدبي على سواء واضافت المحكمة أنه لا نفع فيما آثاره المدعى من أنه لو لم يتم تخطيه في الترقية لتم نقله إلى وزارة البترول عند انشائها أسوة ببعض زملائه ومرؤسيه أو لتمت إعارته أو ندبه أو ايفاده في بعثة إلى الخارج ، إذ ليس ثمة تكرار بين الترقية والنقل أو الإعارة أو الندب أو الايفاد فكل يجرى في فلكه المرسوم وفي اطار القواعد الضابطة له على مقتضى القانون وتترخص جهة الإدارة في اجرائه وفقا لتقديرها وجه الصالح العام وليس من دليل على أن الترقية فيما لو لم يتخط المدعى كانت تستتبع حتما أن يتم النقل أو الإعارة أو الندب أو الايفاد حتى يسوغ القول بأن التخطي في الترقية في حد ذاته كان مدعاة لتفويت هذه الفرص ، وعليه فإن فوات الفرص المذكورة وأن شكل أضرار حاقت بالمدعي بيد أنها أضرار منبتة الصلة بالقرارين الإداريين مدار طلب التعويض ويستعصى القول بتوافر علاقة السببية بينهما ، كذلك لا تقيم المحكمة وزنا لما ذهب إليه المدعى من أن القرارين المشار إليهما اصاباه بأضرار صحية استدلالا بقيام التعاصر الزمني بين القرار وبين المرض ، فليس القرار الإداري بالضرورة وأن تحيف ذي الشأن فيه أن يدهمه المرض وليس الأخير لزوما نتاج مثل هذا القرار ومن ثم انتهت محكمة القضاء الإداري إلى الحكم برفض الدعوى والزمت المدعى المصروفات .
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم المطعون فيه شابه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن المادة 63 من القانون المدني تنص على أن كل خطأ سبب ضررا للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض ، فاركان المسئولية التقصيرية هي الخطأ والضرر وعلاقة السببية ، وقد استقر القضاء الإداري على أن أساس مسئولية الحكومة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإداري غير مشروع أي مشوبا بعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر ، كما قضى بأن تخطى العامل في حركة الترقيات بدون وجه حق يوجب التعويض حتى لو كانت دعوى الإلغاء قد رفعت بعد فوات المواعيد القانونية كما أن تفويت فرصة ترشيح الموظف للترقية بالاختيار وفقا للمعايير التي وضعتها لجنة شئون الموظفين فيما لو رأت ترقيته ملحق به الضرر في هذه الحدود ويستحق التعويض عنه ، وعلى هدى هذه المبادئ فإن ركن الخطأ ثابت في جانب الهيئة المطعون ضدهما بصدور حكمين لصالح المدعى في الدعويين رقمي 828/27 ق و 103/37ق بإلغاء القرارين فيما تضمناه من تخطيه في الترقية ولم تطعن الجهة الإدارية في الحكمين المشار إليهما بل قامت بتنفيذهما بترقية المدعى وما استتبع ذلك من آثار ، ومن ثم فقد حازا حجية الشئ المقضي به وبهذه المثابة فإنهما يكونان ركن الخطأ الموجب للمسئولية في جانب الإدارة حسبما ذهب تقرير مفوضي الدولة أمام محكمة القضاء الإداري .
وأضاف تقرير الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وتناقض حينما ذكر في أسبابه أن فوات الفرص المذكورة وأن شكل أضرارا حاقت بالمدعى بيد أنها منبتة الصلة بالقرارين الإداريين مثار طلب التعويض ويستعصى القول بتوافر علاقة السببية بينهما ذلك أن ما ذهب إليه الحكم غير منطقى فإذا كان ركن الخطأ قد ثبت في جانب الإدارة فكيف يقال أن الأضرار المذكورة منبتة الصلة بالقرارات المشار إليها ، ولو كان الطاعن لم يتخطه في الترقية الأولى السالفة لكان في طليعة المنقولين إلى وزارة البترول ، وكذلك الحال بالنسبة إلى الإعارة والندب إلى شركة سوميد وشركة جابكو وسبق للطاعن أن قدم للإدارة طلبا لإعارته إلى تلك الجهات ، كما أن السيد / أحمد الكفراوي الذي تخطى الطاعن في الترقية بالقرار التالي عام 1982 صدر بشأنه قرار برقم 144/1983 بالترخيص بالسفر للولايات المتحدة للتدريب ، وكان ذلك نتيجة مباشرة لقرار التخطى وبالرجوع إلى لائحة التدريب بالهيئة المصرية العامة للبترول بيد أنه يشترط للترشيح للتدريب في الخارج عدة شروط كانت تتوافر بالطاعن فيما لو رقي عام 1983 ، كما أن الطاعن لحقته آلام نفسية ومرض ألم به كان نتيجة للقرارين مدار التعويض ولا يكفي تنفيذ الحكمين القضائيين بعد فوات الفرص المشار إليها ، ومن ثم انتهى الطاعن إلى طلب الحكم بطلباته السالفة .
من حيث إن مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية منوطة بأن يكون القرار معيبا وأن يترتب عليه ضرر وأن تقوم علاقة سببية بين عدم مشروعية القرار أي بين خطأ الإدارة وبين الضرر الذي أصاب العامل ، ويشترط توافر هذه الأركان الثلاثة حتى تنعقد مسئولية الإدارة ويقضى بالتعويض .
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن القرارين اللذين قضى بإلغائهما بحكمين نهائيين هما القرار رقم 101 لسنة 1972 الذي تخطى الطاعن في الترقية إلى الفئة الثانية بالمستوى الأول والقرار رقم 92 لسنة 1982 الذي تخطى الطاعن في الترقية إلى وظيفة مدير عام مراقبة المهمات والأصول الرأسمالية بالهيئة المطعون ضدها ،وقد تم تنفيذ الحكمين المشار إليهما تنفيذاً كاملا صحيحا بترقية الطاعن إلى الوظيفتين المتخطى في الترقية إليهما من التاريخ الذي كان يجب ترقيته فيه ، وتم تسوية حالته الوظيفية المترتبة على ذلك من أقدمية ومرتب وغيره بما لا ينقض من هذه الحقوق فيما لو كان قد رقي بالقرارين المقضي بإلغائهما ومن حيث إن الثابت مما أن الطاعن قد نال كل حقوقه الوظيفية التي سبق حرمانه منها بقراري التخطي المشار إليهما فإن ذلك يد بمثابة التعويض العيني للأضرار التي أصابته سواء الأضرار الأدبية التي أصابته ، فقد تم جبرها كلها بالحكمين المشار إليهما وتنفيذهما تنفيذا كاملا بما يكفل للطاعن كافة حقوقه الوظيفية حرمانه منها ، وبما يحمل في طياته أيضا إعلاء لكرامته وسمعته ورداً لاعتباره في شأن التخطي السالف ، ولئن كان الأصل في التعويض أن يكون تعويضاً نقديا ، إلا أنه من المسلم به أن التعويض بمعناه الواسع أما أن يكون تعويضا عينيا وهو التنفيذ العيني ، وأما أن يكون تعويضا بمقابل ، والتعويض بمقابل إما أن يكون تعويضا غير نقدي أو تعويضا نقديا ، وعلى ذلك فإنه إذا كان التعويض العيني يكفي لجبر كافة الأضرار المترتبة على قرارات التخطي في الترقية المشار إليها ، فلا محل بعد ذلك للقضاء بتعويض نقدي ، والقضاء الإداري وهو يقضي بكفاية التعويض العيني المشار إليه لجبر مثل هذه الأضرار المترتبة على التخطي في الترقية في مثل الحالة المعروضة وهي من نوع الترقية بالاختيار التي تتمتع فيها الإدارة بسلطة تقديرية مقيدة بالضوابط المقررة قانونا فإنما يجرى في هذا الشأن موازنة عادلة بين مسئولية الإدارة وهي بصدد ممارسة هذا الاختيار التقديري الذي يدق الأمر فيه عادة وتختلف أوجه النظر فيه وبين حقوق العاملين الذين أصابهم ضرر من جراء خطأ للإدارة في التقدير تم جبره عينا بتسوية كافة حقوقهم الوظيفية ، فإنه فضلا عن حقيقة أن التعويض العيني كافٍ في هذا الشأن بما لا محل للقضاء معه بتعويض نقدي يؤدى إلى ازدياد التعويض ، فإن القول بغير ذلك مدعاة لتقييد الإدارة وتهيبها عند ممارسة سلطتها التقديرية عند الترقية بالاختيار ، والتي قصد المشرع في قانون العاملين المدنيين بالدولة رقم 47/1978 من منحها اياها عند الترقية إلى المستويات العليا دفع الجهاز الإداري للدولة لكي ما يتبوأ مراكز القيادة فيه أفضل العناصر وأكفؤها لحسن سير المرافق العامة على أفضل وجه مما يحقق المصلحة العامة .
ومن حيث إنه بالنسبة لما اثاره الطاعن من أنه قد فاتته فرص الإعارة والندب والنقل إلى وجهات أخرى خارج الهيئة وكذلك الايفاد في بعثات تدريبية نتيجة للقرارين المطعون فيهما ، فإن الحكم المطعون فيه لم يخالف صحيح القانون حين ذهب إلى أنه ليس ثمة تلازم بين الترقية وبين النقل أو الإعارة أو الندب أو الإلغاء في بعثات للخارج ، فكل يجرى في فلكة المرسوم وفي اطار القواعد الضابطة له على مقتضى القانون وتترخص الإدارة في إجرائه وفقا لتقديرها وجه الصالح العام ، وليس من دليل في الأوراق على أن الترقية فيما لو لم تتخطى المدعى كانت تستتبع حتما أن يتم النقل أو الإعارة والندب والنقل إلى جهات أخرى خارج الهيئة وكذلك الايفاد في بعثات تدريبية نتيجة للقرارين المطعون فيهما ، فإن الحكم المطعون فيه لم يخالف صحيح القانون حين ذهب إلى أنه ليس ثمة تلازم بين الترقية وبين النقل أو الإعارة أو الندب أو الإلغاء في بعثات للخارج ، فكل يجرى في فلكه المرسوم وفي إطار القواعد الضابطة له على مقتضى القانون وتترخص الإدارة في إجرائه وفقا لتقديرها وجه الصالح العام ، وليس من دليل في الأوراق على أن الترقية فيما لو لم تتخطى المدعى كانت تستتبع حتما أن يتم النقل أو الإعارة أو الندب أو الإيفاد حتى يسوغ القول بأن التخطي في الترقية في حد ذاته كان مدعاة لتفويت هذه الفرص ، وفضلا عن هذا الذي أشار إليه الحكم التسليم أصلا بفوات فرص للطاعن في هذا الشأن ، ذلك أن الطاعن لم يثبت أن النقل أو الإعارة أو الندب أو الإيفاد للتدريب في الخارج مرتبط بوظائف معينة بالهيئة هي التي تم تخطيه في الترقية إليها ، وعبء الإثبات في هذا الشأن يقع على عاتقه وقد أخفق فيه فضلا عن أن لائحة التدريب بالهيئة المصرية العامة للبترول المقدمة بمستندات الطاعن لم تشترط للترشيح للتدريب في الخارج سوى أن يكون المرشح قد أمضى في خدمة القطاع منه أربع سنوات، وأن تكون مرتبة كفايته عن عمله في العام الأخير بتقدير جيد جدا على الأقل ، وأن يكون موضوع التدريب بالخارج مرتبط بالعمل الذي يزاوله فعلا أو مرشحا لمزاولته ، وأن تكون خبرة مناسبة تؤهله للاستفادة من التدريب ، ومن ثم فإن هذه الشروط قد تتوافر بالطاعن أو غيره من العاملين بغض النظر عن الترقية إلى درجة وظيفية أعلى ، لأن العبرة في هذا الشأن هي بشروط عامة لا ترتبط بوظيفة معينة ، وأن ارتبطت بممارسة عمل يزاوله العامل فعلا أو مرشحا لمزاولته ، أي أن العبرة بنوع العمل وليس بدرجة الوظيفة التي يتولاها العامل ، ومن ثم فلا محل لإدعاء الطاعن بفوات الفرصة عليه أو أصابته بأضرار محققة في هذا الشأن ، كما أنه من ناحية أخرى فإن الثابت بالأوراق أنه تم ايفاد الطاعن في مأموريات وبعثات متعددة إلى الخارج ، ولم يكن محلها للمهمات من جانب الهيئة بل أن الثابت أن الطاعن رقى أيضا بعد ذلك إلى وظيفة أعلى هي وظيفة خبير مهمات (نائب رئيس الهيئة) من 1/8/1986 وهي واحدة من أعلى الدرجات بالهيئة المطعون ضدها .
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض التعويض المطالب به قد أصاب في قضائه صحيح القانون رفض الطعن الماثل موضوعا لعدم استناده على أساس صحيح من القانون أو الواقع .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، ورفضه موضوعا والزمت الطاعن المصروفات.