طعن رقم 328 لسنة 36 بتاريخ 30/07/1994 الدائرة الرابعة

Facebook
Twitter

طعن رقم 328 لسنة 36 بتاريخ 30/07/1994 الدائرة الرابعة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: أبو بكر محمد رضوان ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وغبريال جاد عبد الملاك وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

بتاريخ 24/12/1989أودع الأستاذ/ ……. المحامى نيابة عن الأستاذ/ …… المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة تقرير الطعن الراهن، فى حكم المحكمة التأديبية بالإسكندرية الصادر فى الدعوى رقم 712لسنة 31ق بجلسة 25/11/1989 والقاضى بمجازاة/ ……(الطاعن) بخصم خمسة أيام من أجره.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما أسند إليه.
وبتاريخ 10/1/1990تم إعلان تقرير الطعن إلى النيابة الإدارية فى مقرها وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء ببراءة الطاعن مما نسب إليه وما يترتب على ذلك من أثار.
وقد تداول الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة حيث قدم الطاعن بجلسة 11/5/1994 مذكرة بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وبذات الجلسة قدمت هيئة النيابة الإدارية مذكرة طلب فيها رفض الطعن وبجلسة 8/6/1994 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 9/7/1994 وتم نظر الطعن أمام المحكمة حيث قدم الطاعن مذكرة بجلسة 9/7/1994 بذات الطلبات الواردة بتقرير الطعن.
وقد تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث أن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 15/3/1989 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 712لسنة 31ق أمام المحكمة التأديبية بالإسكندرية وذلك بإيداع أوراق قضية النيابة الإدارية رقم 336لسنة 1988 إسكندرية مشتملة على تقرير اتهام فيها ضد:-.. (الطاعن) مدير إدارة التحصيل والمتابعة بالمديريات المالية بالإسكندرية بالدرجة الأولى.
لأنه خلال شهرى أغسطس وسبتمبر سنة 1987بالمديرية المالية بدائرة محافظة الإسكندرية. خرج على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤدى عمله بأمانة وخالف الحظر الوارد بالقانون بإفضائه بتصريح عن أعمال وظيفة بجريدة المساء ومجلة أكتوبر ضمنه بيان إيرادات المسارح ومنطقتى التنزه والمعمورة والتى يطلع عليها بحكم وظيفة دون أن يكون مصرحا له بذلك تتضمن إفشاءه بيانات سرية عن هذه الإيرادات والمحصلة فى موسم 1987 مما من شأنه إفادة بعض أصحاب الفرق والأضرار بالبعض الآخر وذلك حسبما توضح الأوراق.
ومن حيث أنه بجلسة 25/11/1989 صدر الحكم المطعون فيه بمنطوقة سالف الذكر بمجازاة الطاعن بخصم خمسة أيام من أجره مقيما قضاءه على أساس أن الثابت من الأوراق والتحقيقات أن المحال (الطاعن) قد أقضى بتصريح عن أعمال وظيفته لجريدة المساء فى عددها الصادر بتاريخ 17/9/1987، ومجلة أكتوبر فى عددها الصادر يوم الأحد 12/8/1987 ضمنه بيانا بإيرادات المسارح فى منطقتى المنتزه والمعمورة التى يطلع عليها بحكم وظيفته كمدير للتحصيل والمتابعة بالمديريات المالية دون أن يكون مصرحا له بذلك وقد تضمن هذا التصريح إفشاءه بيانات سرية عن هذه الإيرادات مما من شأنه إفادة بعض أصحاب الفرق والإضرار بالبعض الآخر مخالفا بذلك نص المادة 77/7/8 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة، ولا يعول على إنكار الطاعن للواقعة أو ما أفادت به كل من جريدة المساء ومجلة أكتوبر من أن المحال لا صلة له بالخبرة المشار إليه وأنه يتعذر الإفصاح عن مصدره إعمالا لميثاق الشرف الصحفى وقانون الصحافة، وذلك أن الثابت من مطالعة الصورة الضوئية لجريدة المساء ومجلة أكتوبر أن البيانات المشار إليها واردة على لسان المحال (الطاعن) ومنسوبة إليه فضلا عن اقتران الخبر المنشور بجريدة المساء بصورة المحال (الطاعن) الضوئية مما يؤكد ارتكابه المخالفة واستطرد الحكم المطعون فيه إلى طرح ما تمسك به المحال (الطاعن) من بطلان إحالته إلى النيابة الإدارية لوقوعها دون موافقة وزير المالية للتعليمات الصادرة عن اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بجلسة 24/7/1985 وذلك استنادا إلى أن ما ورد بالتعليمات المشار إليها لا يعدو أن يكون من قبيل التوجيهات وليس فى القانون رقم 47سنة 1978ولا فى قانون النيابة الإدارية ما يحول دون النيابة الإدارية ومباشرة التحقيق إلا بعد موافقة الوزير المختص.
ومن حيث أن مبنى الطعن صدور الحكم مخالفا للقانون لما يلى:
أولا: بطلان إحالة الطاعن إلى النيابة الإدارية وذلك أن التعليمات التى حواها كتاب رئيس الإدارة المركزية للتفتيش المالى بوزارة المالية المؤرخ 7/6/1988 والموجه إلى رئيس النيابة الإدارية بالإسكندرية تستوجب موافقة رئيس قطاع الحسابات بالمديرية المالية لمفوضى قانون بذلك من الوزير ولا يجوز للمفوض أن يفوض فى ذلك وبالتالى تكون إحالة الطاعن التى تمت بمعرفة وكيل الوزارة وليس رئيس القطاع، قد تمت باطلة بما يترتب عليها بطلان التحقيق الذى أجرته النيابة الإدارية معه.
ثانيا: مخالفة الحكم المطعون فيه الثابت من الأوراق والمستندات المقدمة منه فى الدعوى والمتمثلة فى كتابين صادرين من مجلة أكتوبر وجريدة المساء يذكران أنه لا صلة للطاعن بما نشر بهما إلا أن المحكمة التفتت عن هذين الكتابين.
ثالثا: الإخلال بحق الدفاع وتهاتر أسباب الحكم المطعون فيه وتناقضها لأن المحكمة لم تحقق دفاع الطاعن حين أنكر المنسوب إليه وما قدمه من مستندات تفيد أنه لم يخالف وظيفته وأوردت المحكمة أن تلك البيانات من المتداولة النشر فى الصحف والمجلات ولا تتصل بعمله كمدير لإدارة التحصيل والمتابعة بما كان من شأنه أن يستتبع براءته إلا أنه رغم هذا فقد انتهت إلى إدانته.
ومن حيث أنه عما يتمسك به الطاعن من بطلان التحقيق الذى أجرته النيابة الإدارية لإحالته إليه بمعرفة وكيل الوزارة وليس بمعرفة رئيس القطاع المفوض من وزير المالية بذلك، فإن تخويل رؤساء القطاعات بمعرفة وزير المالية بشأن إحالة العاملين للنيابة الإدارية قد تم فى ضوء قرار اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية بجلستها المنعقدة بتاريخ 24/7/1985 والتى انتهت فيها إلى أن تراعى الوزارات والجهات المختلفة عدم إحالة أية مخالفات إلى النيابة الإدارية إلا بعد استيفاء النواحى الفنية فى الموضوع والتأكد من جدية المخالفات وبعد موافقة الوزير المختص.
ومن حيث أنه بالرجوع إلى أحكام قانون النيابة الإدارية رقم 117لسنة 1958 فإنه ينص فى المادة (3) منه على أنه:-
مع عدم الإخلال بحق الجهة الإدارية فى الرقابة وفحص الشكاوى والتحقيق تختص النيابة الإدارية بالنسبة إلى الموظفين الداخلين فى الهيئة والخارجين عنها والعمال بما يأتى:-
(1)إجراء الرقابة والتحريات اللازمة لكشف عن المخالفات المالية والإدارية.
(2)فحص الشكاوى التى تحال إليها من الرؤساء المختصين أو من جهة رسمية عن مخالفات القانون أو الإهمال فى أداء واجبات الوظيفة.
(3)إجراء التحقيق فى المخالفات الإدارية والمالية التى تكشف عنها إجراء الرقابة وفيما يحال إليها من الجهة الإدارية المختصة وفيما تتلقاه من شكاوى الأفراد والهيئات التى يثبت الفحص جديتها.
ويجب إرسال إخطار إلى الوزير أو الرئيس الذى يتبعه الموظف بإجراء التحقيق قبل البدء فيه، وذلك عدا الحالات التى يجرى فيها التحقيق بناء على طلب الوزارة أو الهيئة التى يتبعها الموظف.
ومن حيث أن المستفاد من النص المتقدم أن ممارسة النيابة الإدارية سلطتها فى إجراء التحقيق مع الموظفين العموميين، قد تكون على ما يحال إليها من الجهات الإدارية المختصة وقد تكون بناء على ما تلقاه من شكاوى الأفراد أو الهيئات، وبالتالى فإن الأمر غير متوقف على ضرورة أن تتم إحالة الموظف بمعرفة الوزير المختص أو من يفوضه فى ذلك فقط، ولا يغير من ذلك ما انتهت إليه اللجنة العليا للسياسات والشئون الاقتصادية على النحو المتقدم إيضاحه، ذلك أن ما انتهت إليه اللجنة لا يعدو أن يكون مجرد توجيهات عامة يقصد بها تنظيم العمل فقط ولكنها لا ترقى إلى مرتبة القانون الذى لم يقيد سلطة النيابة الإدارية فى التحقيق مع العاملين بضرورة إحالة الأمر من الوزير المختص أو من يفوضه فى ذلك، ويؤكد ذلك أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1978معدلا بالقانون رقم 115لسنة 1983 لم يرد به أى نص يتطلب لإجراء التحقيق مع العامل بمعرفة النيابة الإدارية أن تتم إحالته بمعرفة الوزير المختص أو سلطة إدارية أخرى، وذلك على غرار ما نص عليه قانون العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48لسنة 1978فى مادته 83التى استلزمت أن يكون التحقيق بمعرفة النيابة الإدارية بالنسبة لشاغلى الوظائف العليا بناء على طلب رئيس مجلس الإدارة، وأن يكون التحقيق مع رئيس مجلس الإدارة بناء على طلب رئيس الجمعية العمومية للشركة.
ومن ثم فإنه فى ضوء ما تقدم فإن ما يتمسك به الطاعن فى هذا الشأن لا يستند إلى أساس صحيح من القانون ويكون مستوجبا الرفض وإذ انتهت المحكمة التأديبية إلى رفض هذا الدفع الذى كان قد تمسك به الحال(الطاعن) أمامها، فغن ما انتهت إليه يكون مطابقا لصحيح القانون فى هذا الشأن.
ومن حيث أن موضوع المنازعة يتحصل فى أنه وردت شكوى إلى مدير المديرية المالية بالإسكندرية ضد الطاعن قيدت لدى المديرية برقم وارد 690فى 27/1/88لادلائه بتصريحات فى جريدة المساء ومجلة أكتوبر، وقد قام وكيل الوزارة مدير المالية لمحافظة الإسكندرية بإبلاغ النيابة الإدارية بكتابة المؤرخ 31/1/1988 بأن الطاعن أدنى بتصريحات لجريدة المساء ومجلة أكتوبر بما يتنافى ويتعارض مع واجبات وظيفته وسرية الأرقام الخاصة بالإيرادات المحصلة فى دائرة عمله والتى يشرف على متابعة تحصيلها، بما من شأنه إفادة أصحاب بعض الفرق المسرحية والإضرار بالبعض الآخر ودون أن يكون مصرحا له بذلك حيث صرح لجريدة المساء فى عددها الصادر يوم الخميس 17/9/1987بأن ضريبة الملاهى حققت خلال شهرى يوليو وأغسطس إيراد قدره مليونا ومائتين وسبعة آلاف جنيه وأن مسرحية الواد سيد الشغال حققت إيرادات بلغت 200255جنيه وخشب الورد 117633جنيه وأن ضريبة المحصلة من بوابات المنتزة بلغت 121667 جنيه وبونات المعمورة والمحال العامة 170290جنيه وأنه من خلال هذه الأرقام يتضح أن الواد سيد الشغال للعام الثالث على التوالى ما زال فى المقدمة وأما المسرح القطاع العام فكانت فى حالة يرثى لها والأعمال المعروضة فى ذيل القائمة وأخيرا ارتفاع ضريبة الملاهى التى تمثل ما بين 30و40% من قيمة التذاكر مما يؤدى إلى ارتفاعها، كما قرر على لسان الطاعن أن المسرح الحكومى حقق خسارة كبيرة خلال العام وبلغت خسارة مسرحية معقول فى أول العرض 38جنيه وبلغ أقصى إيراد 180جنيه وأن السيرك العالمى يحقق 6000جنيه فى حين يحقق السيرك القومى 200جنيه.
وقد أجريت النيابة الإدارية تحقيقا فى الموضوع رقم 326لسنة 1988إسكندرية القسم الأول، وفيه استمعت إلى أقواله/ …….. مدير المديرية المالية بالإسكندرية الذى ردد مضمون ما ورد بكتابه للنيابة الإدارية سالف الذكر وأورد أن وزير المالية لم يفوض أحد بما فى ذلك وكلاء الوزارة ورؤساء القطاعات بالإدلاء بأية تصريحات للصحف حتى لا ينجم عن هذه التصريحات أثار لأصحاب الفرق المسرحية إذ أنها تؤثر على إيرادات المسرحيات.
وبسؤال الطاعن ومواجهته بما نسب إليه أنكر إدلاءه بأية تصريحات فى هذا الصدد وذكر أنه طلع على ما نشر هذا الصدد إلا أنه لم يعترض على ما ورد بها لعدم وجود مبرر لذلك، أما عن نشر صورته بجوار الخبر فذكر أن صورته كان قد حصل عليها أحد الصحفيين بمناسبة مشاهدته لإحدى المسرحيات وأنه شخصية معروفة بحكم عمله كمراقب تحصيل يقوم بالتفتيش والمراقبة لدى دور العرض.
وقد أرفقت بالتحقيق صورة لما نشر بجريدة المساء ومجلة أكتوبر فى هذا الشأن والتى يبين أنها تتضمن البيانات سالفة الذكر، وقد ورد للنيابة الإدارية من المجلة والجريدة المشار إليهما ما يفيد عدم جواز الإفصاح عن المصدر الذى تلقتا منه تلك الأخبار إعمال لميثاق الشرف الصحفى وأن الطاعن ليس له علاقة بما نشر.
ومن حيث أنه فى ضوء ما تقدم فقد أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية ضد الطاعن حيث صدر الحكم المطعون فيه استنادا إلى ثبوت الواقعة المنسوبة إليه والى أنها تشكل مخالفة تأديبية تستوجب الجزاء وذلك على النحو السابق إيضاحه.
ومن حيث أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47لسنة 1978ينص فى المادة 77منه معدلة بالقانون رقم 115لسنة 1983على أنه:
يحظر على العامل: 1-……. 2- ……..3-…….. 4-……….. 5-………6-…
7- أن يفضى بأى تصريح أو بيان عن أعمال وظيفته عن طريق الصحف أو غير ذلك من طرق النشر إذا كان مصرحا له بذلك كتابة من الرئيس المختص.
8- أن يفشى الأمور التى يطلع عليها بحكم وظيفته أن كانت سرية بطبيعتها أو بموجب تعليمات تقضى بذلك ويظل هذا الالتزام بالكتمان ولو بعد ترك العامل الخدمة…….

ومن حيث أن المستقر عليه أن المحكمة التأديبية إنما تستخدم الدليل الذى تقيم عليه قضاءها من الوقائع التى تطمئن إليها دون معقب عليها فى هذا الشأن ما دام هذا الاقتناع قائما على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجها، وأنه متى ثبت أن المحكمة التأديبية قد استخلصت النتيجة التى انتهت إليها استخلاصا سائغا وكيفتها تكييفا سليما وكانت النتيجة تبرر اقتناعها الذى بنت عليه قضاءها فإنه لا يكون هناك محل للتعقيب عليها.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق ولا سيما الصور الضوئية لمجلة أكتوبر وجريدة المساء المرفقة بأوراق التحقيق أن البيانات التى نشرتها حول إيرادات المسارح بمدينة الإسكندرية والسابق إيضاحها تفصيلا قد جاءت منسوبة إلى الطاعن وعلى لسانه وقد وردت صورته الضوئية بجوارها بجريدة المساء وتتضمن أولا: بيانات متصلة بوظيفة الطاعن فمن ثم تكون المحكمة التأديبية إذ تخلص مما تقدم بثبوت الواقعة المنسوبة إلى الطاعن وأنها تشكل إخلالا بواجبات وظيفته تكون قد استخلصت ذلك استخلاصا سائغا من أصول مادية تنتجها قانون، ويكون تكييفها هذا طبقا لصحيح القانون.
ومن حيث أنه لا ينال مما تقدم إنكار الطاعن للواقعة أو وراد كتابين من الجريدة والمجلة المذكورة بعدم الإفصاح عن مصدر تلك المعلومات وأن الطاعن ليس له علاقة بالموضوع، لا ينال ذلك من سلامة الحكم الذى طرح هذين الأمرين ولم يعول عليهما ذلك أنه إذا كان ما ورد بالجريدة والمجلة المشار إليهما قد ورد على سبيل الخطأ بنسبته إلى الطاعن، فإن المشرع نظم طريقة تصحيح الخطأ الذى يقع فى النشر بالصحف والمجلات فنصت المادة (9) من القانون رقم 148لسنة 1980بشأن سلطة الصحافة على أنه:
يجب على رئيس التحرير أو المحرر المسئول أن ينشر بناء على طلب ذى الشأن تصحيح ما ورد من الوقائع أو سبق نشره من التصريحات فى الصحيفة.
ويجب أن ينشر التصحيح خلال الثلاثة أيام التالية لاستلامه على الأكثر أو فى أول عدد يظهر من الصحيفة فى نفس المكان وبنفس الحروف التى نشر بها المقال المطلوب تصحيحه.
ويكون نشر التصحيح بدون مقابل إذا لم يتجاوز ضعف المقال المذكور…..
ومن حيث أن المستفاد مما تقدم أن لكل من نشرت عنه بيانات غير حقيقية أو نسبت إليه تصريحات على خلاف الحقيقة أن يطلب تصحيح ما نشر عنه أو ما نسب إليه من تصريحات عن طريق نشر هذا التصحيح بالجريدة بالوسيلة والطريقة المحددة بالنص المتقدم، وهذا الحق مقرر للكافة ويعد ذلك أداة لتحقيق التوازن بين حق الصحفى فى النشر وحق القارئ فى إيضاح حقيقة ما نشر عنه فى الصحف وحتى لا يتعرض القارئ للمساءلة عن أمور غير حقيقية لم تصدر عنه.
ومن حيث أن الثابت أن الطاعن لم يلجأ إلى هذا الطريق بطلب نشر تصحيح عما ورد بلسانه بالمجلة والصحيفة المشار إليهما وذلك رغم إقراره بالتحقيق أنه علم بما نشر عنه بهما وأنه لم يتعرض على ذلك لعدم وجود مبرر على حد قوله كما أن أيا من الجريدة أو المجلة لم تقم بتصحيح الخطأ بنشر هذا التصحيح بصفحاتها على النحو الذى تطلبه القانون وإنما اكتفت بإرسال خطاب للنيابة الإدارية يفيد أن الطاعن لا صلة له بما نشر بهما وهو ليس الوسيلة المقررة قانونا لتصحيح الخطأ فى النشر.
ومن حيث أن عدم طلب الطاعن نشر التصحيح عما ورد بلسانه بالمجلة والصحيفة المشار إليهما وعدم نشر أى منهما تصحيحا يفيد عدم صحة ما ورد على لسان الطاعن بما هو منسوب إليه، فإن ذلك يؤكد صحة ما ورد بهما على لسانه منسوبا إليه، ويبرر طرح إنكار الطاعن لذلك وإهدار ما ورد بالخطابين الواردين للنيابة من المجلة والجريدة اللتين تزعمان فيهما عدم وجود صلة للطاعن بما نشر وتكون المحكمة التأديبية إذ لم تعول على إنكار الطاعن ولا على خطابى المجلة والجريدة المشار إليهما قد أعملت نظرها فى تقدير الدليل إعمالا صحيحا ويغدو ما يتمسك به الطاعن فى هذا الشأن غير قائم على سند صحيح من القانون مستوجبا طرحه.
ومن حيث أنه عما يتمسك به الطاعن من قول بإخلال المحكمة بحق الدفاع بعدم الرد على إنكار ما نشر عنه وما قدم من مستندات تنفى ذلك عنه، فإنه من المستقر عليه أن المحكمة التأديبية ملزمة بتعقيب دفاع المحال فى وقائعه وجزئياته للرد على كل منها ما دامت قد أبرزت إجمالا الحجج التى كونت عقيدتها منها مطرحة بذلك الأسانيد التى قام عليها دفاعه، وفضلا عن ذلك فقد تبين مما سبق إيضاحه صحة ما انتهى إليه الحكم المطعون بطرح إنكار الطاعن لما نشر عنه منسوبا إليه وعدم الخطابين سالفى الذكر ومن ثم يغدو هذا القول غير مستند إلى أساس صحيح من القانون.
وأخيرا فإنه عما يتمسك به الطاعن من قول بتناقض أسباب الحكم لإدانته رغم إشارته إلى أن البيانات المنشورة لا تتصل بعمله كمدير لإدارة التحصيل والمتابعة إذ أنها من البيانات المتداولة فى الصحف، فإنه وأن كان الحكم المطعون فيه قد لاحظ أن بعض تلك البيانات لا تتصل بعمل الطاعن وأنها من البيانات المتداولة فى الصحف، إلا أنه أثر ذلك فى تقرير الجزاء المقضى به بخمسة أيام فقط أى أن الحكم المطعون فيه لم يجاز الطاعن عن نشر البيانات التى لا تتصل بعمله والمتداولة فى الصحف وقصر مجازاته على نشر البيانات المتعلقة بعمله.
ومن ثم فلا يكون تناقض فى الأسباب على النحو المزعوم ولذلك يتعين طرح ما يتمسك به الطاعن فى هذا الصدد.
ومن حيث أنه فى ضوء ما تقدم يكون الحكم قد صدر صحيحا ويغدو الطعن فاقدا الأساس القانونى مستوجبا الرفض.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.

اشترك في القائمة البريدية