طعن رقم 3294 لسنة 33 بتاريخ 30/01/1990 الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد فؤاد عبد الرازق الشعراوي نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : حنا ناشد حنا وفاروق علي عبد القادر والدكتور / محمد عبد السلام مخلص وعطية الله رسلان أحمد المستشارين
* إجراءات الطعن
بتاريخ الأحد الموافق 19/7/1987 أودع الأستاذ محمود الطوخي المحامى تقرير طعن بقلم كتاب المحكمة بصفته وكيلا عن السيد/ محمد حسيني أحمد سعد الله في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري- دائرة الجزاءات- بجلسة 21/5/1987 في الدعوى رقم 380 لسنة 38 ق المقامة من الطاعن ضد رئيس الجهاز المركزي !لمحاسبات والذي قضى بقبول الدعوى شكلا وبرفضها موضوعا وألزمت المدعي المصروفات وطلب الطاعن في ختام تقرير طعنه الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار رقم 111 لسنة 1983 الصادر في 22/2/1983 فيما تضمنه من إنهاء خدمته في الجهاز المركزي للمحاسبات، مم ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن للمطعون ضده بتاريخ 13 أغسطس سنة 1987 وأحيل الطعن إلى هيئة مفوضي الدولة التي قامت بتحضيره وتهيئته للمرافعة وأودعت ففيه تقريرا بالرأي القانوني اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بإلغاء القرار رقم 111 لسنة 1983 فيما تضمنه من إنهاء خدمه الطاعن وإلزام جهة ا لإدارة المصروفات.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة التي قررت إحالة الطعن للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة- موضوع- لنظره بجلسة 27/3/89 وبهذه الجلسة وما تلاها سمعت المحكمة لملاحظات ذوي الشأن وأرجأت النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفي أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل في أن السيد/ محمد أحمد سعد الله قد أقام الدعوى رقم 380 لسنة 38 ق ضد رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بعريضة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإداري بتاريخ 25/10/1983 طلب في ختامها الحكم بقبول الدعوى شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار 111 لسنة 1983 فيما تضمنه من إنهاء خدمته بالجهاز مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهاز المصروفات وأسس دعواه على أنه أعير للعمل بدولة الإمارات العربية المتحدة لمدة تنتهي في يناير سنة 1983 وبانتهاء إعارته تهيأ للعودة لاستلام عمله بالجهاز إلا أنه أصيب بمرض أقعده عن العودة وألزمه الفراش فأبرق بذلك للجهاز وأرسل الشهادات الطبية الدالة على ذلك، وفى أواخر يونيو سنة 1983 عاد إلى مصر وتوجه إلى الجهاز لتسلم عمله إلا أنه فوجع بأنها خدمته بموجب القرار رقم 111 لسنة 1983 بدعوى انقطاعه عن العمل وهو سبب غير صحيح لأن الثابت أن الطاعن كان مريضا بمرض معد منعه من استلام عمله.
ونظرت محكمة القضاء الإداري الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، وبجلسة 21/5/1987 قضت بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات وأقامت المحكمة قضا عصا!كلى أسباب محصلها أن الثابت من الأوراق أن المدعي أعير للعمل بوزارة التخطيط بالإمارات العربية المتحدة لمدة عامين اعتبارا من اليوم التالي لإخلاء طرفه وذلك بموجب القرار الصادر في 30/12/1976 ثم مدت إعارته إلى 28/3/1982 وأنه أخطر في 25/3/1983 بأنه تقرر عدم الموافقة على تجديد إعارته مرة أخرى وتنبه عليه بالعودة إلى استلام عمله عقب انتهاء الإعارة وعدم الارتباط بأية ارتباطات تعاقدية أو اجتماعية، بيد أن المدعي تقدم بطلب في 27/11/1980 لتجديد إعارته لمدة عامين حتى 28/12/1982 ثم بطلب آخر على سبيل الاحتياط بمد إعارته حتى نهاية العام الدراسي وامتحاناته إلا أن الجهاز رفض وأخطر المدعي بالرفض وأنذره بأحكام المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز وإزاء استمرار المدعي في الانقطاع صدر قرار الجهاز المركزي للمحاسبات بتاريخ 22/2/1983 بإنهاء خدمة المدعي اعتبارا من 29/12/1982 ومن ثم يكون قرار إنهاء خدمة المدعى قد صدر سليما ومراعيا الإجراءات المنصوص عليها في لائحة العاملين بالجهاز وتعد بذلك خدمة المدعي منتهية اعتبارا من 29/12/1982 ومن ثم فإن استقالته الواردة للجهاز بعد هذا التاريخ لا يعتد بها لورودها على غير محل، كما أن إصابة المدعي بمرض بعد ذلك ودخوله المستشفى وطلب إجازة مرضية لا أثر له على قرار إنهاء خدمته.
وأضافت المحكمة في أسباب حكمها أن ما ينعاه المدعي على قرار إنهاء خدمته من أن الجهاز لم يعمل بتوجيهات مجلس الوزراء بمنح المعار مهلة ستة شهور لتدبير شئون عودته، فإن ما ينعاه المدعي في هذا الصدد غير مجد طالما أن الجهاز المركزي للمحاسبات أخطر المدعي قبل انتهاء مدة إعارته للعام السادس لمراعاة عدم ارتباطه بأية ارتباطات تعاقدية أو اجتماعية لمدة تزيد عن مدة إعارته التي تنتهي في 28/12/1982 ومن ثم فإنه لم يعد ثمة موجب لمراعاة هذه المهلة وطالما أن قرار إنهاء خدمة المدعي قد صدر طبقا للإجراءات التي رسمتها لائحة العاملين بالجهاز سليمة من كل عيب فإن طلب إلغائه لا يقوم على سند من القانون مما يتعين معه رفض الدعوى. مؤمن حيث أن الطعن في هذا الحكم يقوم على أنه قد خالف القانون وأخذ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولا- مصادرة حق الدفاع والقصور في التسبيب لأن الحكم المطعون فيه لم يتناول بالرد ما آثاره الطاعن في مذكرته المقدمة بجلسة 25/12/1986 ومن ثم فإن تاريخ انتهاء الإعارة هو 31/يناير سنة 1983 وهو اليوم التالي لانتهاء إعارته التي بدأت في 31 يناير سنة 1977 اليوم التالي لإخلاء طرفه كما نص على ذلك قرار الإعارة وليس 28/12/1982 كما ذهبت إلى ذلك جهة الإدارة وهي مسألة جوهرية لم يقم الحكم المطعون فيه ببحثها وتمحيصها دون سبب واضح.
ثانيا- الخطأ في تطبيق القانون لأن الانقطاع عن العمل الذي عناه المشرع في المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات التي تقابل المادة: 89 من نظام العاملين المدنيين بالدولة هو الانقطاع الذي يتم بقصد الفرار من الوظيفة- الاستقالة الضمنية- أما انقطاع الطاعن عن العمل فقد كان بسبب المرض الذي حال بينه وبين العودة لاستلام عمله.
ثالثا- أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لمسايرته لجهة الإدارة في امتناعها عن إعطاء الطاعن مهلة ستة أشهر تالية لانتهاء إعارته وذلك حتى يتهيأ فيها لترتيب أموره وإنهاء متعلقاته هو وأسرته وذلك تطبيقا لقرار مجلس الوزراء الصادر في 6 من أغسطس سنة 1975 وما استقر عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا. ومن حيث أن المادة 79 من لائحة العاملين بالجهاز المركزي للمحاسبات الصادرة بتاريخ 10/7/1975 قد نصت على أن يعتبر العامل مقدما استقالته في الحالات الآتية:
1- إذا انقطع عن عمله بدون إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية ما لم يقدم خور الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول. فإذا لم يق!دم العامل أسباب تبرير الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
2- …………….
وفى الحالتين السابقتين يتعين إنذار العامل كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة عشرة يوما في الحالة الأولى وعشرة أيام في الحالة الثانية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 30 من ديسمبر سنة1976 صدر قرار نائب رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات بالموافقة على إعارة الطاعن محمد حسيني أحمد سعد الله للعمل بدائرة التخطيط بإمارة أبي ظبي بالإمارات العربية المتحدة لمدة عامين اعتبارا من اليوم التالي لإخلاء طرفه الذي تم في 30 يناير سنة 1977 وقد جدد الإعارة لسنوات حتى السنة السادسة التي تبدأ من 35 يناير 1982، وفي مارس 1982 قام الجهاز بأخطار الطاعن بأنه قد تقرر عدم الموافقة على تجديد الإعارة لأي مدد أخرى وأنه يتعين عليه العودة لاستلام عمله عقب انتهاء الإعارة كما أعاد إخطاره في شهر يونيو سنة 1983 لمراعاة عدم ارتباطه بأية ارتباطات تعاقدية أو اجتماعية مثل التحاق أولاده بالمدارس أو تعاقد زوجته بدولة الإمارات لمدة تزيد على مدة إعارته إلا أن ) لطاعن تقدم بطلب مؤرخ في 28/11/1982 يطلب فيه تجديد إعارته لمدة عامين آخرين، ثم أعقبه بطلب آخر مؤرخ 29/12/1982 على سبيل الاحتياط بمد إعارته حتى نهاية العام الدراسي وامتحاناته ونتائجه فرد عليه الجهاز برقيا بتاريخ 5/1/1983 بعدم موافقة رئيس الجهاز على تجديد الإعارة وإنذاره بأحكام لائحة العاملين بالجهاز ثم أخطره مرة أخرى بتاريخ 18/1/1983 وأعقب ذلك صدور القرار المطعون فيه بتاريخ 22/2/1983 بإنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل.
ومن حيث أن بتاريخ 6 أغسطس سنة 1975 صدر قرار مجلس الوزراء متضمنا أن يكون للوزير المختص منح الموظف المعار الذي يستمر في العمل بالخارج- رغم انتهاء مدة إجازته- فترة ستة أشهر يجوز بعدها اعتباره مستقيلا في حالة عدم عودته وذلك بقرار منه أو ممن يباشر سلطاته وأنه قد روعي في إصدار هذا القرار منح المعار المهلة التي تسمح له لانتهاء متعلقاته هو وأسرته …. الخ وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن ما تضمنه قرار مجلس الوزراء انف الذكر من إمهال العامل المعار مدة ستة أشهر تالية لانتهاء إعارته للاعتبارات التي قام عليها القرار يعد من قبيل إلزام جهة الإدارة بضوابط يتعين عليها اتباعها إذا اتجهت إلى أعمال قرينة الاستقالة الحكمية، وأن هذا القرار قد تضمن قاعدة تنظيمية واحدة تلزم الجهات الإدارية بإمهال العامل المعار مدة ستة شهور تالية لتاريخ انتهاء إعارته، وأن المهلة تمثل حقا مقررا للعاملين المدنيين بالدولة ولا يجوز حرمانه منها لمجرد القول بأن الإدارة قد قامت بتبصير الطاعن قبل انتهاء إعارته ونبهت عليه بعدم تجديد إعارته لأي مدد أخرى، لان معنى ذلك ترك الأمر لمطلق اختيار جهة الإدارة أن أرادت حرمان العامل من هذه المهلة تقوم بإخطاره مقدما قبل إنهاء الإعارة.
ومن حيث أن الثابت أن إعارة الطاعن قد بدأت من تاريخ إخلاء طرفه من عمله في 30/1/1977 وإنها جددت لمدد أخرى حتى. السنة السادسة التي تنتهي في 30 من يناير سنة 1983 وبعد إنذار الطاعن على النحو المشار إليه أصدرت جهة الإدارة القرار رقم 111 لسنة 1983 بتاريخ 22/2/1983 بإنهاء خدمة الطاعن باعتباره مستقيلا، ومن ثم لم تعمل في حقه المهلة التي قررها مجلس الوزراء بقراره الصادر في 6 أغسطس سنة 1975. ومن ثم يكون قرار إنهاء خدمة الطاعن قد صدر مخالفا للقانون متعين الإلغاء، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى خلاف هذا المذهب وقضى برفض الطعن على هذا القرار فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويتعين لذلك القضاء بإلغائه وبإلغاء القرار المطعون فيه رقم 111 لسنة 1983 الصادر في 22/2/1983 والمتضمن إنهاء خدمة الطاعن لانقطاعه عن العمل مع ما يترتب على ذلك من آثار.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبإلغاء القرار رقم 111 سنة 1983 الصادر في 22/2/1983 بإنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت الجهة الإدارية المطعون ضدها المصروفات.
(1) يراجع الحكم الصادر من ذات المحكمة في الطعن رقم 2685 لسنة 34 القضائية الصادر بجلسة 26/12/1989 والذي يقضي بأنه لا يغني عن ذلك إرسال إنذار للعامل .
(2) يراجع الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية العليا – دائرة توحيد المبادئ – في الطعن رقم 267 لسنة 34 القضائية والصادر بجلسة 3/3/1994 .