طعن رقم 3377 لسنة 38 بتاريخ 30/11/1993 الدائرة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا حنا نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة :على فكرى حسن صالح وعلى رضا عبد الرحمن رضا والصغير محمد محمود بدران ومحمد إبراهيم قشطة المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 25/7/1992 أودع السيد الأستاذ/……………….. المحامى نيابة عن السيد الأستاذ/…………. المحامى المقبول أمام المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن رقم 3377 لسنة 38 ق باعتباره وكيلا عن السيد/…………. بموجب التوكيل رقم 2470أ لسنة 1989 توثيق عام الموسكى ضد السيدين :
1 – وزير الداخلية 2- مدير أمن محافظة دمياط فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى – دائرة بورسعيد – بجلسة 6/7/1992 فى الدعوى رقم 585 لسنة 1 ق المقامة من الطاعن ضد المطعون ضدهما والذى قضى بعدم قبور الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وألزمت المدعى بالمصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن – للأسباب الواردة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بقبولى الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصاريف عن درجتى التقاضى.
وقد تم تحضير الطعن أمام هيئة مفوضى الدولة وقدمت تلك الهيئة تقريرا بالرأى القانونى اقترحت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجددا بقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار المطعون عليه فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الإدارة المصروفات عن درجتى التقاضى.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة حيث قررت بجلسة 4/8/1993 إحالته الى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 12/10/1993 وبتلك الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 30/11/1993 مع التصريح بمذكرات خلال أسبوعين ولم يقدم الخصوم مذكرات خلال الأسبوعين.
وقد صدر الحكم بالجلسة حيث أودعت مسودته المشتملة على أسبابه ومنطوقه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة حسبما يستفاد من الأوراق – فى أنه بتاريخ 19/9/1989 أقام السيد/………………………. الدعوى رقم 2532 لسنة 11 ق أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة المنصورة ضد السيدين وزير الداخلية ومدير أمن محافظة دمياط طالبا الحكم بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر بإنهاء خدمته اعتبارا من 15/1/1989 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام جهة الإدارة المصروفات – مؤسسا دعواه على أنه يعمل ضابطا بهيئة الشرطة برتبة رائد بالمعمل الجنائى بمديرية أمن دمياط وأنه أصيب بحالة مرضية اعتبارا من منتصف عام 1987 مما حال دون مباشرة عمله حيث كأن يحصل على أجازات مرضية من المركز الطبى المختص انتهى آخرها بتاريخ 14/1/1989 ونظرا لاستمرار حالته المرضية أخطر جهة الإدارة بموجب برقية تضمنت مرضه وملازمته للفراش الا أن المختصين بمديريه أمن دمياط لم يتخذوا إجراءات تحويله للجهة الطبية المختصة واعتبر منقطعا عن العمل بدون إذن اعتبارا من 15/1/1989 وعليه أصدر السيد/ وزير الداخلية القرار رقم 313 لسنة 1989 متضمنا إنهاء خدمته للانقطاع اعتبارا من تاريخ انقطاعه الحاصل من 15/1/1989 وذلك بالمخالفة لأحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة بحسبان انقطاعه عن العمل كان بسبب المرض وأنه أخطر الجهة الإدارية بذلك فى اليوم التالى مباشرة لانقطاعه مما يعتبر عذرا مانعا له من العمل وتنفى قرينة الاستقالة فضلا عن أن الجهة الإدارية لم توجه إليه إنذارا كتابيا بإنهاء خدمته على النحو الذى تستلزمه المادة 73 من القانون 109 لسنة 1971 سالف الإشارة وذلك قبل صدور القرار محل الطعن مما حدا به إلى التظلم من هذا القرار بتاريخ 1/6/1989 بيد أن الإدارة لم تبت فى هذا التظلم.
وبمناسبة إنشاء دائرة لمحكمة القضاء الإدارى بمدينة بورسعيد أحيلت الدعوى الى تلك الدائرة حيث قيدت بجدولها العام برقم 585 لسنة 1 ق.
وبجلسة 6/7/1992 قضت محكمة القضاء الإدارى – دائرة بورسعيد – بعدم قبول الدعوى شكلا لرفعها بعد الميعاد وألزمت رافعها المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن الثابت من حافظة مستندات الإدارة هو علم المدعى (الطاعن ) بالقرار المطعون عليه بتاريخ 2/4/1989 وأنه أقر بالمحضر المحرر بمعرفة قسم شرطة عابدين بتاريخ 12/4/1989 بتقديمه لتظلم من القرار المطعون عليه إلى إدارة شئون الضباط بوزارة الداخلية وأنه ولئن كان المدعى (الطاعن ) لم يحدد فى هذا المحضر تاريخ تقديمه للتظلم الا أن المحكمة تعتبر تاريخ هذا المحضر هو تاريخ تقديم التظلم أخذا بالأصلح بالنسبة له وبالتالى فإنه وقد انقضت المواعيد المقررة للبت فى التظلم وإقامة دعوى الإلغاء طبقا لحكم المادة 24 من قانون تنظيم مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 بتاريخ 11/8/1989 أى قبل إقامة الدعوى الحاصل فى 19/9/1989 ومن ثم تكون دعواه غير مقبولة شكلا لرفعها بعد الميعاد.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على هذا الحكم أنه صدر على خلاف الثابت بالأوراق مما أدى إلى الخطأ فى تطبيق القانون حيث جاءت الأوراق خالية مما يفيد تقديمه للتظلم من قرارات إنهاء خدمته قبل 27/5/1989 والذى وصل إلى جهة الإدارة بتاريخ 1/6/1989 وأن ما ورد بمحضر الشرطة المحرر بتاريخ 12/4/1989 لا يكفى للقول بسابقة تقديمه للتظلم قبل هذا التاريخ بحسبان عبارة (وقد تظلمت منه ) يمكن أن يكون محرر المحضر قد كتبها من عندياته أو أنه (الطاعن ) قالها فعلا بقصد المحافظة على كرامته وإعلام محرر المحضر أن القرار الصادر بإنهاء خدمته غير نهائى وأنه خاضع للتظلم.
ومن حيث إن الأوراق قد أجدبت عن وجود تظلم للطاعن فى القرار محل الطعن سابق على التظلم المقدم فى 27/5/1989 كما أن الجهة الإدارية لم تقدم دليلا على أن للطاعن تظلم سابق على هذا التاريخ سواء أمام محكمة أول درجة أو خلال مراحل تداول هذا الطعن والذى يقوم أساسا على نفى تقديم تظلم سابق على التظلم المشار إليه ومن ثم فإنه لذلك ونظرا لأن العبرة فى هذا الشأن هو تحقيقه الواقع المؤيد بالمستندات وليس بالألفاظ المرسلة خاصة وأن الطاعن وقت تحرير محضر إعلانه بالقرار الصادر بإنهاء خدمته بتاريخ 12/4/1989 لم يكن فى حالة استجواب قد يصح فيه للقول بأن ما ورد بهذا المحضر يعتبر إقرارا يقتضى- التعويل عليه – الأمر الذى يقتضى الاعتماد على ما هو ثابت بالأوراق فى شأن تحديد تاريخ التظلم السابق على رفع الدعوى.
ومن حيث إنه لما سبق وكان الثابت بالأوراق أن القرار محل الطعن قد صدر خلال شهر مارس 1989 وعلم به الطاعن فى 2/4/1989 ثم تقدم بتظلم فى هذا القرار بتاريخ 27/5/1989 ووصل إلى علم الجهة الإدارية بتاريخ 1/6/1989 وجاءت الأوراق خالية مما يفيد رد الإدارة على هذا التظلم وبالتالى تكون الدعوى وقد أقيمت بتاريخ 19/9/1989 مقامة خلال الستون يوما التالية لانقضاء مواعيد البت فى التظلم أى مقامة خلال المواعيد القانونية المنصوص عليها فى المادة 24 من قانون تنظيم مجلس الدولة ومستوفية لسائر شروطها الشكلية – مقبولة شكلا ويكون الحكم المطعون عليه وقد انتهى الى غير ذلك مخالفا للقانون جدير، بالإلغاء.
ومن حيث إن المنازعة صالحة للفصل فى موضوعها.
ومن حيث إن الثابت فى صورة القرار محل الطعى أنه قد استند الى انقطا ع الطاعن عن العمل رغم إنذاره بالمدة المقررة لاعتباره مقدما استقالته.
ومن حيث إن المادة 73 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تقضى على أن (يعتبر الضابط مقدما استقالته فى الأحوال الآتية) :
1 – إذا انقطع عن عمله بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية ولو كان الانقطاع عقب أجازة مرخص له بها ما لم يقدم خلال الخمسة عشر يوما التالية ما يثبت أن انقطاعه كان بعذر مقبول……. فإذا لم يقدم الضابط أسبابا تبرر الانقطاع أو قدم هذه الأسباب ورفضت اعتبرت خدمته منتهية من تاريخ انقطاعه عن العمل.
ويقتضى إنذار الضابط كتابة بعد انقطاعه لمدة خمسة أيام ويوجه إليه الإنذار فى محل إقامته المعروف لرئاسته.
2 -………………….. ولا يجوز اعتبار الضابط مستقيلا فى جميع الأحوال إذا اتخذت ضده إجراءات تأديبية خلال الشهر التالى لتركه العمل أو لالتحاقه بالخدمة فى الجهة الأجنبية.
ومن حيث إن مفاد ذلك هو أن إعمال حكم تلك المادة يتطلب لاعتبار الضابط مقدما استقالته – مراعاة إجراء شكلى حاصله أن تكون الجهة الإدارية قد قامت بإنذار الضابط كتابة بعد خمسة أيام من انقطاعه عن العمل إذا كان بغير إذن أكثر من خمسة عشر يوما متتالية وهذا الإجراء جوهرى القصد منه أن تبين الجهة الإدارية إصرار الضابط على تركه العمل وعزوفه عنه وفى ذات الوقت إعلان عما يرى اتخاذه من إجراء حيال انقطاعه عن العمل وتمكينا له من إبداء عذره قبل اتخاذ الإجراء.
ومن حيث إنه لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن الإنذار الموجه للطاعن والمحرر فى 16/3/1989 والذى يحمل توقيع السيد/ مدير أمن القاهرة أن عباراته جرت على النحو الآتى:
ننذركم بالتوجه لتوقيع الكشف الطبى عليك بموجب الاستمارة المسلمة لك والمحدد بها جلسة الأحد 19/3/1989 وفى حالة عدم التوجه للجلسة المشار إليها سيتم اتخاذ كافة الإجراءات القانونية والمنصوص عليها بقانون هيئة الشرطة هذا بالإضافة الى المساءلة التأديبية مع الإحاطة بأنه فى حالة عدم تقديمك لموقفك من الإبلاغ بالمرض لجهة عملك بمديرية أمن دمياط سيتم اعتبارك منقطع عن العمل اعتبارا من 15/1/1989.
ولما كانت العبارات التى تضمنها هذا الإنذار على الوجه المتقدم لم تفصح عن نوع الإجراء القانونى الذى كانت الإدارة تزعم اتخاذه ضد الطاعن ومن ثم فإن هذه الصياغة لا يمكن أن تنصرف الى الإفصاح عن الاتجاه إلى إنهاء خدمته بالاستقالة الضمنية طبقا لحكم المادة 73 من القانون 109 لسنة 1971 إذ إن عبارة الإجراءات القانونية الواردة بقانون هيئة الشرطة قد تنصرف الى الإجراء التأديبى وهو ما ورد أيضا بالإنذار وهو ما لا يبين منه اتجاه نية الإدارة وعزمها على أن تنهى خدمته بالاستقالة الضمنية مما يجب على مقتضى ما تقدم أن يتضمنه الإنذار حتى ينتج أثره ويتحدد على أساسه وفى وضع الطاعن ويمكن للإدارة فى ضوئه اتخاذ ما خوله القانون لها ترتيبا على ذلك من إنهاء خدمته طبقا لحكم المادة 73 المشار إليه ومن ثم يكون القرار الصادر بإنهاء خدمة الطاعن جاء على خلاف صحيح القانون جديرا بالإلغاء مما يتعين معه القضاء بإلغائه وإلزام الإدارة المصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلا وبإلغاء القرار رقم 313 لسنة 1989 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن مع ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جهة الإدارة المصروفات عن درجتى التقاضى.