طعن رقم 3389 لسنة 34 بتاريخ 21/03/1992 الدائرة الرابعة
_________________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبدالمنعم عبدالعظيم جيره نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وجودة عبد المقصود وأحمد إبراهيم عبدالعزيز نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الإثنين الموافق 26/9/1988 أودع السيد الأستاذ سالم السيد داود المستشار بهيئة قضايا الدولة نائباً عن السيد الأستاذ المستشار وزير العدل والسيد الأستاذ المستشار مساعد وزير العدل لشئون المحاكم بصفتيهما قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 868 لسنة 36 القضائية فى القرار الصادر من مجلس التأديب بمحكمة الزقازيق الابتدائية بجلسة 31/8/1988 فى الدعوى رقم 9 لسنة 1987، والذى قضى بمعاقبة ……………. بالخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة.
وطلب الطاعنان – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه، فيما قضى به من توقيع عقوبة الخفض إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة، وتوقيع الجزاء المناسب على المطعون ضده.
وبعد إعلان تقرير الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين من الأوراق، قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن، ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس التأديب المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة المطعون ضده بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، وإعادة الدعوى التأديبية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة الزقازيق الابتدائية للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 13/11/1991، وبجلسة 22/1/1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 8/2/1992 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوماً لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن، ثم قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر الموضوع تخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن السيد الأستاذ المستشار رئيس محكمة الزقازيق الابتدائية أصدر قراراً فى 21/7/1987 بإحالة …………… المحضر بمحكمة منيا القمح الجزئية إلى مجلس تأديب العاملين بمحكمة الزقازيق لما ثبت فى حقه من تسلم الإعلانات الجنائية أرقام 22531، 22539، 22639، 22688، 22804، 22873، 22881، 22959، 23219، 23223، 235943، 33772، 33891 ولم يقم بإعلانها مما أدى إلى سقوط جلساتها ولم يردها.
وبجلسة 31/8/1988 قرر المجلس معاقبة ……………… بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة، وأقام المجلس قراره على أن الثابت من الأوراق أن …………. المحضر بمحكمة منيا القمح قد تسلم الإعلانات الجنائية سالفة البيان، ولم يقم بإعلانها، كما أنه لم يقم بردها، الأمر الذى يشكل إخلالاً جسيماً بواجبات وظيفته.
ومن حيث إن الطعن يقوم على مخالفة القرار المطعون فيه للواقع والقانون، إذ قضى القرار بمعاقبة المطعون ضده بالخفض إلى وظيفة من الدرجة الأدنى مباشرة وهذا لا يتفق وواقع حال المطعون ضده، لأنه يشغل الدرجة الرابعة بمجموعة الوظائف المكتبية بالمحكمة، ومازال يشغلها، وهذه الوظيفة تعتبر أدنى وظائف المجموعة، الأمر الذى أصبح قرار الجزاء الصادر بمجازاته كأن لم يكن، لأن جزاء الخفض لم يصادف محلاً يمكن التنفيذ عليه.
ومن حيث إن القرار الصادر من مجلس التأديب يعد من حيث طبيعته أقرب إلى الأحكام منه إلى القرارات الإدارية، ولهذا سمح بالطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا مباشرة، وإذا كان الأمر كذلك فإنه يتعين على مجلس التأديب مراعاة الضمانات والإجراءات التى يستلزم القانون اتباعها من إصدار الأحكام القضائية.
ومن حيث إن المادة (175) من قانون المرافعات تنص على أنه (يجب فى جميع الأحوال أن تودع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه موقعة من الرئيس ومن القضاة عند النطق بالحكم وإلا كان الحكم باطلاً.
ومن حيث إنه لما كانت الحكمة من هذا النص هى توفير الضمانة للمتقاضين، لأن التوقيع هو الدليل على أن القضاة الذين سمعوا المرافعة وتداولوا فى الدعوى هم الذين أصدروا الحكم، وعلى ذلك فإن توقيع مسودة الحكم المشتملة على أسبابه من عضو واحد فى دائرة ثلاثية يترتب عليه بطلان الحكم، والبطلان فى هذا الحالة لا يقبل التصحيح لانطوائه على إهدار ضمانات جوهرية لذوى الشأن من المتقاضين، إذ أن توقيع الحكم هو الدليل الوحيد على صدوره من القضاة الذين سمعوا المرافعة وتدولوا فيها والذين من حق المتقاضى أن يعرفهم وبهذه المثابة يكون البطلان أمراً متعلقاً بالنظام العام، تتحراه المحكمة بحكم وظيفته وتقضى به من تلقاء نفسها، دون حاجة إلى الدفع به.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن مجلس التأديب الذى أصدر القرار المطعون فيه شكل من السيد الأستاذ ……………… رئيس المحكمة وعضوية كل من السيد الأستاذ ……………… وكيل النيابة والسيد ……………… كبير المحضرين، ومن ثم يتعين عليهم ليكون القرار سليماً أن يوقعوا جميعاً على مسودته المشتملة على أسبابه.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة القرار المطعون فيه أنه موقع من الأستاذ رئيس المحكمة فقط دون العضوين الآخرين. ومن ثم فإن هذا القرار يكون قد وقع باطلاً، مما يتعين معه الحكم بإلغائه.
ومن حيث إنه وإن كان الأمر كذلك، إلا أنه ليس ثمة ما يمنع من إعادة محاكمة المطعون ضده على الوجه الصحيح الذى يتطلبه القانون.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه.