طعن رقم 339 لسنة 30 بتاريخ 27/11/1990 الدائرة الثالثة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الاستاذ المستشار / عبدا لعزيز أحمد حمادة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / حنا ناشد مينا والدكتور/ إبراهيم على حسن ومحمد عبد الرحمن سلامة والدكتور / أحمد محمود جمعه.
المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 10/11/1983 أودع الأستاذ سعيد عبد الواحد المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) تقريرا بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للتربية والتعليم فى الدعوى التأديبية رقم 297 لسنة 24 قضائية بجلسة 12/9/1983 والذى قضى بمجازاة……….(الطاعن) بخصم شهرين من أجره.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وما يترتب على ذلك من آثار، والزام المطعون ضدها المصروفات.
وبعد إعلان تقرير الطعن إلى هيئة قضايا الدولة قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برأيها القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم الصادر فيه وتبرئة الطاعن مما هو منسوب إليه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 4/5/1988 وتدوول نظره على الوجه المبين بمحاضر الجلسات ، وبجلسة 17/1/1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة. حددت لنظره أمامها جلسة 20/2/1990 ثم تدوول نظره على الوجه الثابت بالمحاضر، وبجلسة 6/11/1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 27/11/1990 وصرحت بتقديم مذكرات دفاع خلال أسبوع قدمت هيئة النيابة الإدارية خلاله مذكرة دفاع طلبت فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة اليوم صدر فيها الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قدم فى الميعاد واستوفى باقى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تتحصل حسبما هو ثابت بالأوراق – فى أنه بتاريخ 18/3/1982 أودعت النيابة الإدارية سكرتارية المحكمة التأديبية للتربية والتعليم تقريرا باتهام……….. (الطاعن9 مدير خدمة وصيانة المبانى بشركة أي.سى. أن براتب شهرى مقداره 360 جنيه وذلك لما نسبته إليه بأنه فى خلال الفترة – ديسمبر سنة 1978 وحتى 17/11/1981 لم يؤد الالتزامات الجوهرية المترتبة على عقد العمل بأنه لم يؤد الأعمال المنوطة به ولم يلتزم بمواعيد الحضور والانصراف وأنه بذلك يكون قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها فى المادة 76 من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 91 لسنة 1959، وطلبت النيابة الإدارية لذلك محاكمته تأديباً طبقاً للمادة سالفة الذكر والمادة الأولى من القانون رقم 19 لسنة 1959 بشأن سريان أحكام قانون النيابة الإدارية على العاملين بالهيئات والشركات العامة والخاصة المعدل بالقانون رقم 172 لسنة 1981 وبلائحة الجزاءات المرفقة بالنظام الأساسى للشركة المشار إليها الصادر فى عام 1979، وبالمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 وبالمادتين 15،19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وتحدد لنظر الدعوى التأديبية أمام المحكمة التأديبية جلسة 22/11/1982 وتم تداولها أمامها على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 29/3/1983 قدمت النيابة الإدارية التحريات التى تفيد عدم الاستدلال على محل عمل إقامته المحال(الطاعن) فقررت المحكمة إعلانه فى مواجهة النيابة العامة وبجلسة 7/6/1983 ورد إلى المحكمة ما يفيد إتمام إعلان المحال فى مواجهة النيابة العامة وبجلسة 12/9/1983 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بمجازاته بخصم شهرين من اجره.
ومن حيث أن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالبطلان لبطلان إعلانه بتقرير الاتهام استنادا إلى القول بأن النيابة الإدارية لم تعلنه بتقرير الاتهام على الرغم من علمها بأنه يعمل بالشركة وثابت لدى الشركة محل إقامته، وأنه بالتالى يكون إعلانه فى مواجهة النيابة العامة قد تم فى غير الحالة التى تنص عليها القانون مما يبطل الإجراءات التالية له ومنها الحكم المطعون فيه.
كما ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون لأنه أخل بحقه فى الدفاع عن نفسه أمام المحكمة التأديبية لعدم مثوله أمامها لعد إعلانه بتقرير الاتهام ولأن المحكمة لم تضم إلى أوراق الدعوى اللائحة الأساسية للشركة لبحث ما إذا كان يتعين عليه القيام بالتوقيع فى دفاتر الحضور والانصراف من عدمه حيث كان يشغل وظيفة نائب مدير عام مساعد ومدير مشروعات وقد جرى العرف فى الشركة على إعفاء المديرين فى مثل درجته من التوقيع بتلك الدفاتر.
وكذلك ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب لأن الثابت بحسب ما شهد به بأن ثمة خلافا قد ينشأ بينه بصفته رئيسا لمجلس إدارة اللجنة النقابية للعاملين بالشركة وبين المسئولين بالشركة مما أضر بحقوقه الوظيفية وقد سعت الشركة إلى إجراء تسوية لهذا الخلاف فى شهر مارس سنة 1979 باعتبارها تسوية نهائية ثم فى نفس الوقت تنسب إليه الشركة المخالفات الواردة بتقرير الاتهام وقد أستند الحكم المطعون فيه إلى شهادة هؤلاء الشهود مما اعتوره من عيب فى التسبيب والفساد فى الاستدلال.
ومن حيث إنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن الذى يوجهه الطاعن للحكم المطعون فيه بالنعى عليه بالبطلان لبطلان إعلانه الذى تم فى مواجهة النيابة العامة ، فإن المادة 34 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 نص على أن.
..
. يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوى الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة خلال أسبوع من تاريخ إيداع الأوراق ، ويكون الإعلان فى محل إقامة المعلن إليه أو فى محل عمله بخطاب موصى عليه بعلم وصول وحكمة هذا النص واضحة وهى توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلى المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرأ الاتهام عنه ولذلك باحاطته علما بأمر محاكمته باعلانه بقرار إحالته إلى المحكمة التأديبية المتضمن بيان المخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة المحدد لمحاكمته ليتمكن من المثول أمام المحكمة بنفسه أو بوكيل عنه للادلال بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من أوراق وبيانات لاستفتاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة إجراءاتها وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع يحيط بمصلحة جوهرية لذوى الشأن وهو ما حرص عليه المشرع بالنص عليه فى المادة 29 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارى والمحاكمات التأديبية بأن للموظف أن يحضر جلسات المحكمة التأديبية بنفسه أو أن يوكل عنه محاميا مقيدا أمام محاكم الاستئناف ، وأن يبدى دفاعه كتابة أو شفهيا وللمحكمة أن تقرر حضور المتهم بنفسه ، وفى جميع الأحوال إذا لم يحضر المتهم بعد إخطاره بذلك تجوز محاكمته والحكم عليه غيابيا ونص المادة 30 من ذات القانون على أن تكون الاخطارات والإعلانات المنصوص عليها فى هذا الباب بخطاب موصى عليه مع علم الوصول وإذا كان إعلان الأوراق القضائية فى النيابة العامة بدلا من الاعلان للشخص المراد اعلانه أو فى موطنه إنما اجازة القانون على سبيل الاستثناء فإنه من ثم فلا يصح الالتجاء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصى عن موطن إعلانه ، فلا يكفى أن ترد الورقة بغير إعلان ليسلك المعلن هذا الطريق الاستثنائى ، بل يجب أن يكون هذا الإعلان مسبوقا بالتحريات المشار إليها ، إذا يشترط لصحة إعلان المحال فى مواجهة النيابة العامة أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم فى الداخل أو الخارج وإلا كان الإعلان باطلا مما يؤدى إلى بطلان الحكم الصادر فى الدعوى التأديبية ، ذلك أن الأصل وفقا لما نصت عليه المادة العاشرة من قانون المرافعات المدنية والتجارية الصادر بالقانون رقم 13 لسنة 1968 بأن ( تسلم الأوراق المطلوب إعلانها إلى الشخص نفسه أو فى موطنه ويجوز تسليمها فى الموطن المختار فى الأحوال التى بينها القانون….) كما ورد النص بالفقرتين (9) و(10) من المادة 13 من نفس القانون على أنه فيما يتعلق بالأشخاص الذين لهم موطن معلوم فى الخارج يسلم للنيابة العامة وعلى النيابة ارسالها لوزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية ، وإذا كان موطن المعلن إليه غير معلوم وجب أن تشتمل الورقة على أخر موطن معلوم فى جمهورية مصر العربية أو الخارج وتسلم صورتها للنيابة ، فإن الإعلان يكون باطلاً وتكون الدعوى التأديبية قد سارت دون إعلانه صحيحا حتى صدور الحكم ضده وفى غيبته ، ذلك أن عدم إعلان المحال اعلانا صحيحا والسير فى إجراءات المحاكمة دون مراعاة أحكام القانون المتعلقة بهذا الإجراء الجوهرى يترتب عليه بطلان هذه الإجراءات وبطلان الحكم لإبتنائه على هذه الإجراءات الباطلة وذلك تأسيساً على أن الإجراء يكون باطلا إذا نص القانون صراحة على بطلانه أو إذا شابه عيب جوهرى لم تتحقق بسبب الغاية من الإجراء وفقا لما نص عليه المادة 40 من قانون المرافعات ، ومتى كان المشرع قد حدد الغاية من اعلان المحال بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة فى محل إقامة المعلن إليه فى محل عمله طبقا لما نصت عليه المادة 34 من قانون مجلس الدولة المشار إليها وذلك فيما استهدفه من اتخاذ هذا الإجراء على هذا الوجه ، فإنه إذا تم إعلانه على خلاف ذلك فلا يكون الغاية من هذا الإجراء قد تحققت وهى – كما سلف البيان – إتاحة الفرصة له لدرء الاتهام عن نفسه وتقديم ما لديه من أوراق ومستندات تنفى عنه الاتهام ( يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 792 لسنة 26 قضائية بجلسة 30/10/1982 س 28 ص 1 وحكمها الصادر فى الطعن رقم 3422 لسنة 27 قضائية بجلسة 12/11/1983 س 29 ص54 وحكمها الصادر فى الطعن رقم 140 لسنة 25 قضائية بجلسة 19/11/1983 س 29 ص 76 ).
وإذا كان إعلان الأوراق القضائية فى النيابة العامة لا يجوز قانوناً الالتجاء إليه إلا إذا قام المعلن بالتحريات الكافية الدقيقة للتقصى عن موطن المراد إعلانه حسبما تقدم ، وكان الثابت أن المعلن لم يبذل جهداً مثمراً فى سبيل معرفة محل إقامة المراد إعلانه حيث كان يمكنه الاستفسار من الشركة التى يعمل بها المحال عن محل إقامته وهو ما كان يقع على كاهل النيابة باعتبارها هى سلطة الاتهام فى الدعوى التأديبية التى أقامتها ضده بصفته عاملا فى تلك الشركة ، فإن واقعة عدم الاستدلال على محل اقامته المبررة للالتجاء إلى إعلانه فى مواجهة النيابة العامة لا تكون قد تحقق ويكون اعلانه بهذه الكيفية قد وقع باطلا إذ يعد عدم التجاء النيابة الإدارية إلى المسئولين بالشركة للتعرف عن طريقهم على محل إقامة المحال دليلا على عدم جديته والتحريات التى قدمتها للمحكمة للتدليل على عدم الاستدلال على محل إقامة المحال ذلك أن الثابت من الإطلاع على محاضر جلسات المحكمة التأديبية والأوراق التى قدمتها النيابة الإدارية إلى المحكمة فى هذا الشأن أن المحكمة نظرت الدعوى بجلسة 22/11/1982 وفيها كلفت النيابة الإدارية بصفتها ممثلة للاتهام إعلان المحال بجلسة 29/3/1983 قم ممثل النيابة الإدارية للمحكمة التحريات التى أجراها قسم شرطة الدقى ومحل إقامة المحال والتى تفيد أن عنوان المحال الوارد بالأوراق غير موجود وأن رقم الشارع هو رقم لأرض فضاء بشارع السودان بالدقى ، وبهذه الجلسة كلفت المحكمة قلم الكتاب بإعلان المحال فى مواجهة النيابة العامة وذلك بتقرير الاتهام وبالجلسة المعقودة فى7/6/1983 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 12/9/1983 بعد أو ورد للمحكمة ما يفيد اتمام إعلانه فى مواجهة النيابة العامة.
ولما كان ذلك وكان الثابت من الطاعن لم يعلن إعلانا قانونيا بقرار احالته إلى المحكمة التأديبية ولم يحضر جلسات المحاكمة ومن ثم لم تتح له فرصة الدفاع عن نفسه فإن الحكم المطعون فيه وقد صدر فى غيبته يكون قد شابه عيب فى الإجراءات ترتب عليه الإخلال بحق الطاعن فى الدفاع عن نفسه على وجه يؤثر على الحكم ويؤدى إلى بطلان هذا الحكم الأمر الذى يتعين معه الحكم بإلغائه وإعادة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية للتربية والتعليم لإعادة محاكمته والفصل فيما هو منسوب إليه مجدداً من هيئة أخرى.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى التأديبية إلى المحكمة التأديبية للتربية والتعليم للفصل فيها مجدداً من هيئة أخرى.