طعن رقم 3394 لسنة 33 بتاريخ 11/01/1992 الدائرة الرابعة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وأحمد إبراهيم عبد العزيز ومحمد عزت السيد نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 25/7/1987 أودع الأستاذ / محمد نبيل متولى المحامى نائبا عن الأستاذ / السيد محمد عزت المحامى بصفته وكيلا عن ……… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا – تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3394 لسنة 33 ق – فى القرار الصادر من محكمة شمال القاهرة الابتدائية في 22/6/1987 فى الدعوى رقم 27 لسنة 1987 تأديب شمال القاهرة المقامة ضد الطاعن والقاضى بمجازاته بخفض وظيفته الحالية إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض أجره إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية إلى درجته الحالية مع التوصية بإبعاده عن الأعمال المتعلقة بالنيابات والأعمال القضائية ونقله لعمل كتابى بعيدا عنها.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه بكامل أجزائه وببراءته مما نسب إليه مع إلزام المطعون ضده بصفته المصروفات والأتعاب من جميع درجات التقاضى.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده بصفته فى 13/8/1987.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14/12/1988 وتدوول بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 13/12/1989 حكمت الدائرة برفض طلب وقف تنفيذ قرار مجلس التأديب المطعون فيه وقررت إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الرابعة وحددت لنظره أمامها جلسة 20/1/1990 – ونظر الطعن أمام هذه المحكمة بتلك الجلسة وفيها تقرر إصدار الحكم بجلسة 24/2/1990، وفى هذه الجلسة قررت المحكمة إعادة الطعن للمرافعة لجلسة 31/3/1990 وعلى الجهة الإدارية إيداع صورة الحكم الجنائي المستأنف والحكم الاستئنافى وكذلك كامل أوراق التحقيق الإدارى الذى اجرى مع الطاعن وكامل أوراق التحقيق الجنائي المودع جانب منه بملف التحقيق – ثم تدوول الطعن بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وبجلسة 14/12/1991 تقرر إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن وقائع المنازعة المعروضة – حسبما يبين من الأوراق – تتحصل فى أنه بتاريخ 10/1/1987 بناء على الشكوى رقم 4 لسنة 1987 عرائض مكتب النائب العام المساعد المقدمة من المستشار …….. ضد ………… المفتش الإدارى بإدارة التفتيش الجنائي بمكتب النائب العام التى ورد فيها أنه بتاريخ 10/9/1984 قام المشكو فى حقه وأبناؤه بالاعتداء عليه بالسب ومحاولة اقتحام الشقة التى يسكنها بالعمارة المملوكة للمشكو فى حقه وقطع خرطوم المياه المملوك له (الشاكى) وتحرر عن الواقعة المحضر رقم 2779 لسنة 1985 جنح العجوزة وقدمت لجلسة 9/11/1985 وقضت المحكمة ببراءة أبنه المشكو فى حقه وبتغريمه مبلغ 200 جنيه عن التهمة الأولى و(300) جنيه عن التهمة الثانية و 101 جنيه على سبيل التعويض وبجلسة 16/4/1986 1 الاستئنافية قررت المحكمة قبول الاستئناف شكلا ورفضه موضوعا وبتغريم ابنته 200 جنيه عن التهمة الأولى و(300) جنيه عن الثانية وأصبح الحكم نهائيا – وقد تم التحقيق مع المشكو فى حقه (الطاعن ) بمعرفة التفتيش الإدارى بمكتب النائب العام فى 13/1/1987 – وقد أنكر المذكور ما نسب إليه وقرر بأن سبب الخلاف بينهما يرجع إلى أن بالعمارة المملوكة له شقة بالدور الخامس يريد المستشار مقدم الشكوى أن يترك الشقة التى يقيم بها بالدور الأرضى ويسكن الشقة المذكورة وأمام رفضه أخذ يضايقه فى استعمال المياه لأغراض غير مشروعة وأضاف بأن كل ما ورد بالشكوى لم يحدث . وبناء على ما سبق اصدر مدير النيابات بالنيابة العامة القرار رقم 74 لسنة 1987 فى 28/4/1987 ويقضى فى بنده الأول بإحالة ……………….. (الطاعن ) إلى مجلس تأديب لمحاكمته تأديبيا على ما ورد بالشكوى رقم 4 لسنة 1987 عرائض مكتب النائب العام المساعد وقضى فى بنده الثانى بأنه على الإدارة العامة للنيابات ونيابة شمال القاهرة تنف جذ هذا القرار – وفى 6/6/1987 قرر المستشار رئيس محكمة شمال القاهرة تحديد جلسة 16/6/1987 لنظر مجلس التأديب الموضوع المعروض والذى قيد بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية – المحكمة التأديبية تحت رقم 27 لسنة 1987 تأديب شمال القاهرة ضد ….. المفتش الجنائى بمكتب النائب العام (الطاعن ) وبتاريخ 22/6/1987 أصدر مجلس التأديب قراره فى هذه الدعوى ويقضى :
أولا : مجازاة المخالف ….. بخفض وظيفته الحالية إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة مع خفض أجره إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية إلى درجته الحالية.
ثانيا : التوصية بإبعاده عن الأعمال المتعلقة بالنيابات والأعمال القضائية ونقله لعمل كتابى بعيدا عنها.
أقام المجلس قضائه على أن الثابت من الأوراق أن المخالف (الطاعن ) وبعض من أبناؤه قد اعتدوا على المستشار الشاكى بألفاظ نابية ولا تليق أن تصدر عنه سواء لأحد السادة أعضاء الهيئات القضائية على وجه الخصوص أو لعامة الناس على وجه العموم وأضاف أن الثابت من الأوراق أن المخالف قد خرج على مقتضى السلوك الوظيفى اللائق خروجا بينا وانحرف عن جادة الصواب للموظف الذى يحترم وظيفته، وبعلم قدر رجال القضاء، ومن ثم يتعين أخذه بالشدة الواجبة.
وحيث إن مبنى الطعن على القرار المطعون فيه بطلان الإحالة لبطلان ورقة الاتهام لخلوها من أدلة الاتهام وافتقاد قرار الإحالة لسببه ولا يصححه حضور الطاعن جلسة محاكمته إذ أن إعلانه انصب على إعلانه بالجلسة دون إعلانه بالمخالفات المنسوبة إليه وكذلك بطلان الحكم التأديبى لانعدام سببه لانتفاء الذنب الإدارى فى حقه وأخيرا عدم ملاءمة العقوبة وسوء استعمال السلطة إذ ليس فى الأوراق ما يفيد أن الطاعن قد ارتكب المخالفة المنسوبة إليه بل علي العكس ترشح الأوراق قيام الشاكى بإشهار السكين فى وجه الطاعن.
وحيث إن الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أسندت إلى المتهمين ……… (الطاعن) و…… (ابنته ) أنهما فى يوم 10/9/1984 بدائرة قسم العجوزة أولا : المتهمان سبا المستشار ……. بوجه خادش لشرفه واعتباره على النحو المبين بالأوراق. ثانيا : المتهم الأول اتلف عمدا أموالا منقولة له (خرطوم مياه ) المبين وصفا وقيمة بالأوراق والمملوك للمجنى عليه وقيد الموضوع تحت رقم 3779 لسنة 1985 جنح العجوزة وبجلسة 9/11/1985 قضت محكمة أول درجة حضوريا ببراءة المتهمة الثانية وتغريم المتهم الأول مائتى جنيه عن التهمة الأولى وثلاثمائة جنيه عن الثانية وإلزامه بدفع مبلغ 101 جنيه على سبيل التعويض والمصروفات الجنائية وخمسة جنيهات أتعاب للمحاماة – وطعن المتهم الأول (الطاعن ) علي هذا القضاء بالاستئناف وطعنت النيابة العامة أيضا بالاستئناف بالنسبة للمتهمة الثانية …. وفى 16/4/1986 حكمت المحكمة غيابيا بقبول الاستئناف شكلا وفى الموضوع بالنسبة للمتهم الأول برفضه وتأييد الحكم المستأنف والمصروفات الجنائية وفى الموضوع بالنسبة للمتهمة الثانية وبإجماع الآراء بإلغاء حكم محكمة أول درجة وبتغريمها 300 جنيه وإلزامها بأن تؤدى للمدعى بالحق المدنى مبلغ (101 ج ) على سبيل التعويض المؤقت ومصروفات الدعوى المدنية عن الدرجتين وعشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة – الجنحة المستأنفة رقم 12583 لسنة 85 س الجيزة، وقد عارض الطاعن وفى 25/6/1986 تأييد الحكم وقد طعن الطاعن فى هذا الحكم بالطعن رقم 2297 لسنة 1989 أمام محكمة النقض ولم تحدد جلسة لنظره حتى الآن.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق ومن الحكمين المشار إليهما أن المستشار ….. كان قد ابلغ قسم شرطة النجدة عن اقتحام الطاعن مالك العقار الذي يقطن به – مسكنه وإتلافه لمحتويات الشرفة وإلقاء الأحجار داخل شقته وسبه وشتمه بألفاظ خارجة وذلك بسبب قيام الشاكى برى قطعة أرض فضاء قام بإصلاحها وزرعها على نفقته الخاصة وأثبتت المعاينة وجود آثار لطوب وأحجار داخل الشقة وعثر على خرطوم مياه مقطوعا ومشاهدة آثار عنف بأبواب ونوافذ الشقة – وقد سئل الطاعن بمحضر جمع الاستدلالات وأنكر ما نسب إليه وعلى بلاغ الشاكى بأنه طلب منه استبدال مسكنه الواقع بالدور الأرضى بمسكن آخر بالدور الخامس فرفض وأضاف أن المياه لم تصل لمسكنه وعلم أن الشاكى يروى قطعة أرض فضاء بجوار المنزل فطلب منه عدم استخدام المياه فى رى الأرض الفضاء فرفض وتعدى عليه بالألفاظ النابية واشهر السكينة عليه وتجمع الناس وصعد لمسكنه، وقد شهد بعض الأفراد بصحة أقوال الشاكى وشهد أحد الأفراد بأن المستشار كان يقوم برى قطعة أرض بجواره وأن الطاعن حاول منعه فحدثت مشادة كلاهية بينهما وأنه شاهد المستشار يخرج من شقته ومعه سكينه فى يده فادخله الشقة وحضر أولاد الطاعن وقاموا بالطرق على بابه للتشاجر معه وأمسكوا بإناء مملوء بالرمال والزلط والجير والقوا به فى الشرفة الخاصة به وأنهم سبوا المستشار أمامه بألفاظ خارجه.
وحيث إن الثابت مما سبق أن قرار إحالة الطاعن إلي مجلس التأديب قد تضمن المخالفات المنسوبة إليه وأدلة الاتهام وهى الشكوى المقدمة من المستشار وحيثيات الحكمين الصادرين ضد الطاعن وابنته بما تضمناه من أقوال شهود واقعة الاعتداء المشار إليها كما أن الطاعن قد تقدم بمذكرة إلى مجلس التأديب طلب فيها أصليا الحكم ببراءته مما هو منسوب إليه بقرار الإحالة، ومتى كان ذلك فإن ما ذهب إليه الطاعن فى طعنه الماثل من بطلان قرار الإحالة لخلوه من أدلة الاتهام وافتقاده لسببه وعدم إعلانه بالمخالفات المنسوبة إليه وأنه لا يصحح ذلك حضوره محاكمته – لا يستند إلى أساس من القانون مما يتعين طرحها جانبا.
وحيث إنه بالنسبة لما ذهب إليه الطاعن من بطلان الحكم التأديبى لانعدام سببه لانتفاء الذنب الإدارى فى حقه فهو قول مردود ولا يستند إلى أساس من القانون فقد استقر الرأى – كما ذهب القرار المطعون فيه – على أنه وإن كانت الواقعة المنسوبة إلى الطاعن قد حدثت خارج نطاق عمله الوظيفى فإنه لا يؤثر فى قيام مسئوليته الإدارية إذ أن التزام الموظف العام بأن يسلك فى حياته مسلكا يتفق مع ما اسند إليه من وظيفة عامة يوجب عليه ضرورة المواءمة بين نوع الوظيفة المسندة إليه والتزاماتها وسلوكياته العامة والخاصة إذ لا شك أنه يوجد تأثير من أيهما على الآخر ذلك أن الحياة الخاصة بالموظف العام ليست ملكا خاصا له بل يتعين عليه مراعاة إلا يأتى فى سلوكه خارج عمله ما يؤثر على عمله ذاته أو على نظرة الأفراد إليه إذ يمكن أن يترتب على ذلك إخلال بثقة الأفراد فى الوظيفة العامة ومن يقومون على تدبير شئونهم، وحيث إنه متى كان ذلك فإنه لا تثريب على ما انتهى إليه القرار المطعون فيه مما يستوجب رفض هذا الوجه من أوجه الطعن عليه.
ومن حيث إنه قد استقر قضاء هذه المحكمة على أنه ولئن كان للسلطات التأديبية سلطة تقدير خطورة الذنب الإدارى وما يناسبه من جزاء بغير معقب عليها فى ذلك إلا أن مناط مشروعية هذه السلطة ألا يشوب استعمالها غلو ومن صور هذا الغلو عدم الملاءمة الظاهرة بين درجة خطورة الذنب الإدارى وبين نوع الجزاء ومقداره وعلى هذا الأساس يعتبر استعمال سلطة تقدير الجزاء فى هذه الصورة مشوبا بالغلو فيخرج التقدير من نطاق المشروعية إلى نطاق عدم المشروعية ومن يخضع لرقابة هذه المحكمة التى رأت فى وقائع القرار التأديبى المطعون فيه ومن ملابسات الطعن الراهن والظروف التى أحاطت بالطاعن ومن حوله من أبنائه إلا أن درجة خطورة الذنب الإدارى الذى لا شك أنه وقع منه – لا يتناسب مع جزاء خفض وظيفته الحالية إلى وظيفة فى الدرجة الأدنى مباشرة ومع خفض أجره إلى القدر الذى كان عليه قبل الترقية إلى درجته الحالية …… ومن أجل ذلك تكتفى هذه المحكمة بمجازاة الطاعن لما صدر منه بالخصم من مرتبه لمدة عشرين يوما.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبمجازاة الطاعن ………….. بالخصم من مرتبه لمدة عشرين يوما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) يراجع حكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 181 لسنة 21 ق جلسة 11 يونية 1988 فى مبدأ تناسب الجزاء مع جسامة المخالفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ