طعن رقم 346 لسنة 35 بتاريخ 23/01/1993 الدائرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ حنا ناشد مينا. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة/ رأفت محمد يوسف ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وعلى فكرى صالح وسعيد أحمد برغش. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 14/1/1989 أودع الأستاذ/ حامد محمود وصفى نائبا عن الأستاذ عبد الفتاح المليجى المقبول للمرافعة أمام المحكمة الإدارية العليا بصفته وكيلا عن الطاعن- سكرتارية المحكمة، تقرير طعن قيد بجدولها برقم 346/35ق، فى القرار الصادر من مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط بجلسة 17/11/1988 فى الدعوى التأديبية رقم 2 لسنة 1988 المقامة من الجامعة ضده، بمجازاته بعقوبة اللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له لفترة واحدة – وطلب للأسباب الواردة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار وبتاريخ 21/1/1989 أعلنت صحيفة الطعن للمطعون ضده بصفته.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا مسببا- بالرأى القانونى- انتهت فيه إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وبإحالة الدعوى إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين للاختصاص للفصل فى موضوعها مجددا من هيئة أخرى – كما تقدمت الجامعة بمذكرة طلبت للأسباب المبينة بها – رفض الطعن.
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو المبين بمحاضر جلساته إلى أن قررت بجلسة 28/10/1992 إحالة الطعن إلى الدائرة الرابعة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 14/11/1992 وفيها قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 26/12/1992 وفيها تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم حيث صدر الحكم- وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فأنه يكون مقبول شكلا.
ومن حيث أن عناصر الطعن – تتلخص – حسبما يبين من القرار المطعون فيه من سائر الأوراق المرفقة به- فى أنه بتاريخ 13/1/1987 تقدم الدكتور (أ) المدرس بقسم الطبيعة بكلية العلوم فرع جامعة أسيوط بقنا بشكوى إلى رئيس فرع الجامعة بقنا ضد (ب) المدرس المساعد بقسم الطبيعة تضمنت أنه اعتدى عليه بألفاظ غير لائقة وحاول التهجم عليه- كما تقدم أيضا (ب) بشكوى مماثلة ضد الدكتور (أ) وأحيلت الشكوتان إلى الإدارة القانونية للتحقيق الذى انتهى فى 8/3/1987 إلى طلب إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بالجامعة لمحاكمته تأديبيا عما ثبت فى حقه. وبناء على ذلك أصدر رئيس الجامعة القرار رقم 939 لسنة 1987 بتاريخ 31/3/1987 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة أسيوط لمساءلته تأديبيا لأنه خرج على مقتضى الواجب الوظيفى بصورة جسيمة بأن: 1- تصرف مع السيد/ د. (أ) المدرس بقسم الطبيعة بقنا بطريقة غير لائقة وذلك بزجره والتحرش معه بصورة محتدة دون أى داع لذلك على مرأى ومسمع من العاملين بالوحدة الحسابية.
2- تعدى عليه بالقول وتلفظ ضده بألفاظ غير لائقة على النحو المبين بالأوراق.
3- حاول التهجم عليه مستعملا فى ذلك قطعة خشب تم نزعها بمعرفته من أحد الأبواب.
4- أدعى كذبا أصابته بجرح وطوله 4سم نتيجة لإلقاء د.(أ) نظارته عليه فى حين أن إصابته قد حدثت نتيجة لفعله ومسلكه الخاطئ وكنتيجة لمحاولته نزع جزء من الباب، (عنوه لاستعماله فى تعدية عليه مما ترتب عليه إصابته من مسمار فى الباب) وقيدت القضية تحت رقم 1 لسنة 1987 أمام مجلس التأديب الذى قرر بجلسة 31/3/88 عدم الاختصاص بالاستمرار فى إجراءات سير الدعوى تأسيسا على أن المحال قد صدر فى 21/11/1987 قرار بتعيينه فى وظيفة مدرس اعتبارا من 8/11/1987. وبتاريخ 14/4/1988 صدر قرار رئيس الجامعة رقم 1238 لسنة 1988 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لمحاكمته عن ذات المخالفات السالف ذكرها.
وبجلسة 17/11/1988 قرر المجلس مجازاة الطاعن باللوم مع تأخير العلاوة المستحقة له لفترة واحدة مؤسسا قراره على أساس ثبوت الاتهامين الأول والثانى فى حقه من شهادة كل من (د) و(هـ) من العاملين بالوحدة الحسابية، وأن الواقعة الثالثة ثابتة مما شهد به (ج) فى التحقيق رقم 51/1987 والسيد/ (هـ) وأن الاتهام الرابع ثابت مما ورد فى شكواه المؤرخة 13/1/1987 ومن التحقيق رقم 51 لسنة 1987- وأن إدعاء الطاعن لم يؤيده أى من الشهود بل نفاه السيد (ج) فى التحقيق.
ومن حيث أن الطاعن أسس طعنه على ما يلى:-
1- الخطأ فى تطبيق القانون، برفضه الدفع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وتصديه لنظرها.
2- أن المجلس أخطأ برفضه الدفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها.
3- الفساد فى الاستدلال.
وحيث أنه عن السبب الأول من أسباب الطعن من خطأ المجلس برفضه الدفع بعدم اختصاصه بنظر الدعوى وتصديه لنظرها والذى أسسه الطاعن على أن الاختصاص يتحدد تبعا للمستوى الوظيفى للعامل وقت إقامة الدعوى وفقا للمادة 17/1 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972. ولما كان الطاعن قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية وقت أن كان يشغل وظيفة مدرس مساعد بقسم الطبيعة بكلية العلوم بقنا فأن المجلس المختص بمساءلته تأديبيا هو مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين بجامعة أسيوط عملا بنص المادة 154 من قانون الجامعات رقم 49/1972 وبالتالى فأن مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بجامعة أسيوط لا يكون مختصا بنظر الدعوى وإذ قرر بخلاف ذلك فأنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
ومن حيث أن هذا السبب من أسباب الطعن مردود عليه بأن سند اختصاص مجلس التأديب المطعون فى قراره هو قرار رئيس الجامعة رقم 1328 الصادر فى 14/4/1988 بإحالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس- فى وقت كان يشغل فيه الطاعن وظيفة مدرس بقسم الطبيعة بكلية العلوم بقنا، تطبيقا لنص المادتين 105/109 من القانون 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات- ومن ثم يكون مجلس التأديب قد فصل بالدعوى فصلا صحيحا وفقا لأحكام القانون وأنه مختص بنظر مساءلة الطاعن وقت إحالته إليه باعتباره أنه كان فى ذلك الوقت شاغلا لوظيفة مدرس مساعد مما يختص مجلس التأديب بمساءلته تأديبيا ومن ثم فلا تثريب على مجلس التأديب إذ رفض الدفع الذى أبدى بعدم اختصاصه بمساءلة الطاعن تأديبيا لأنه- المجلس المختص قانونا وقت صدور قرار الإحالة 1328 الصادر فى 14/4/1988 تبعا للوظيفة التى يشغلها فى ذلك الوقت، ولا يغير من ذلك سبق إحالة الطاعن إلى مجلس تأديب المدرسين المساعدين والمعيدين بالقرار رقم 939 فى 31/3/1987وأنه كان فى ذلك الوقت يشغل وظيفة مدرس مساعد وأن العبرة فى تحديد الاختصاص هو بالمستوى الوظيفى وقت إقامة الدعوى- ذلك أن الثابت أن مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين أصدر قراره بجلسة 31/3/1988 بعدم اختصاصه بالاستمرار فى السير فى إجراءات الدعوى بوصف المحال يشغل إحدى وظائف هيئة التدريس.
وأن هذا القرار أصبح نهائيا لا محل للرجوع فيه ولم يطعن عليه أحد من طرفى الخصومة فى التأديب وبالتالى فقد انتهت ولاية مجلس التأديب الأول عن مساءلة الطاعن تأديبيا، كما أن الثابت أن مجلس التأديب الأول أصدر قراره بعدم الاختصاص دون إحالة إلى المجلس المختص- كما هو الحال فى المحاكم التأديبية التابعة لمجلس الدولة، بالنسبة للدعاوى التى تقيمها النيابة الإدارية- لأن مقتضى حكم عدم الاختصاص والإحالة إلى المحكمة المختصة وفقا للمادة 110 مرافعات، وأن يجعل- لتحريك الدعوى التأديبية وأقامتها تاريخيا واحدا هو تاريخ الإحالة أمام المحكمة الولى التى قضت بعدم الاختصاص وأن إحالة الأوراق والدعوى إلى المحكمة المختصة يكون تنفيذا لحكم المحكمة استنادا إلى قرار الإحالة المودع فى المحكمة الأولى والذى يعتبر تاريخا لإقامة الدعوى ولا يحتاج الأمر إلى قرار إحالة جديد إلى المحكمة المحال إليها الدعوى- وهذا الوضع غير متوافر فى الطعن الماثل- لأن مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس لم يتصل بالدعوى التأديبية بموجب قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين الذى أتصل ابتداء بالدعوى بقرار الإحالة الأول- وإنما اتصاله بالدعوى كان بإجراءات جديدة مستقلة عن الدعوى الأولى رقم 1 لسنة 1987 ومنتبه الصلة بها وليست استمرار لها بل بدأت بقرار إحالة جديد صدر من مختص إلى مجلس تأديب مختص وقت الإحالة وهو القرار رقم 1328 لسنة 1988 بإحالة الطاعن إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس، وهذا هو التاريخ الذى يعتبر تاريخا لإقامة الدعوى التأديبية ضد الطاعن وبذلك يكون اتصال المجلس بالدعوى الجديدة رقم 2 لسنة 1988 سليما وفقا للقانون وغير متعارض مع قرار مجلس التأديب الأول الذى صار نهائيا ولم يطعن عليه الطاعن وبناء على ذلك يكون هذا السبب من أسباب الطعن فى غير محلة متعنيا رفضه.
ومن حيث أنه عن السبب الثانى من أسباب الطعن بشأن رفض مجلس التأديب الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فقد أسسه الطاعن على أن مجلس التأديب إذ قرر عدم اختصاصه بالاستمرار فى السير فى إجراءات الدعوى بمقولة أن الطاعن عين مدرسا فى 21/11/1987 وأن هذا القرار خاطئ قانونا ولم تطعن عليه الجامعة فى حينه بحيث أصبح نهائيا وباتا ومن ثم فما كان يجوز إحالة الطاعن من جديد إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بزعم أنه المختص بمحاكمته فهذا السبب هو الأخر مردود عليه بأن الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها هو أثر لأصل مقرر مؤداه حجية الأحكام فيما فصلت بما تحمله من قوة الشىء المقضى به إلا أن مناط صحة هذا الدفع أن يكون فاصلا فى الموضوع يمنع من إعادة النظر فيما قضى فيه من جديد وعلى هذا نصت المادة 101 من قانون الإثبات فى المواد المدنية والتجارية رقم 25 لسنة 1986 بأن الأحكام التى حازت قوة الأمر المقضى فيه تكون حجية فيما فصلت فيه من الحقوق ولا يجوز قبول دليل بنفى هذه الحجية، ولكن لا تكون لتلك الأحكام هذه الحجية إلا فى نزاع قام بين الخصوم أنفسهم دون أن تتغير صفاتهم وتتعلق بذات الحق محلا ومسببا- إلا أن مناط تطبيق حكم هذا النص أن يكون الحكم قطعيا فاصلا فى موضوع النزاع سواء فى جملته أو جزء منه أو مسألة متفرعة عنه فصلا حاسما لا رجوع فيه وبعد تناول موضوع النزاع بالموازنة بين حجج الخصوم وأوجه دفاعهم بحيث يمكن القول أنه تم الفصل فى الموضوع النزاع وحسمه حسما باتا لا رجوع فيه.
وحيث أن قرار مجلس تأديب المعيدين والمدرسين المساعدين، بعدم اختصاصه بنظر الدعوى التأديبية للطاعن لم يصدر حكما قطعيا حاسما فى موضوع المحاكمة التأديبية ولم يتناول أوجه دفاع الطاعن وأوجه إدعاء الجامعة، ثم قضى بقرار تأديبى فى الموضوع، وأن كل ما قضى به هو قرار بعدم الاختصاص فأن هذا القرار لا يجوز أية حجية ألا بالنسبة لمسألة الاختصاص وحدها دون الموضوع الذى يتعرض له أصلا ومن ثم فأن هذا القرار لا يمنع مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس من التعويض لموضوع هيئة التدريس لا يتعارض مع قرار مجلس تأديب المدرسين المساعدين لعدم الاختصاص بل هو تنفيذا له بعدم أن أصبح نهائيا أيا كان الرأى حوله من الناحية القانونية ومن ثم فأن تأسيس الطاعن طعنه على عدم جواز إعادة النظر فى الدعوى لسبق الفصل فيها، غير صحيح فى القانون لأن الموضوع لم يسبق الفصل فيه من قبل ومن ثم يكون هذا السبب من أسباب الطعن على غير أساس سليم وفى غير محله متعنيا رفضه.
وحيث أنه عن السبب الثالث من أسباب الطعن بشأن الفساد فى الاستدلال وأنه انتهى إلى نتيجة من غير أصول تنتجها لتناقض أقوال الشهود وبكونها جاءت من قبيل القول المرسل وأن التحقيق تم فى جو غير طبيعى لاستدعاء الشاكى لأحد أقاربه من مباحث أمن الدولة الذى أشاع جوا من الإرهاب فى الكلية وهى واقعة شهد بها الدكتور عميد كلية العلوم واستنكرها فى ذلك الوقت هذا فضلا عن أن الثابت من الأوراق أن الشاكى كان هو البادئ بالتعدى وكان البادئ بالاعتداء بالسبب، وأن الثابت من قرار مجلس التأديب المطعون فيه أنه استند فى إثبات المخالفات المنسوبة إلى الطاعن ومجازاته عنها إلى شهادة من شهد الوقائع موضوع الاتهام سواء فى التحقيق الذى أجرته الإدارة القانونية بالجامعة أم أمام مجلس هيئة التدريس حيث شهد كل من (د)و(هـ) من العاملين بالوحدة الحسابية بفرع الجامعة فى قنا وأيضا ما شهد به الدكتور (و) المدرس بكلية العلوم فرع جامعة أسيوط بقنا حيث شهد الجميع بصحة الوقائع موضوع المخالفات المنسوبة إلى الطاعن وصدورها منه وعلى النحو الذى أثبته مجلس التأديب فى أسباب قراره والمأخوذ من أقوال الشهود بالتحقيقات التى أجريت ومن أقوالهم أمام مجلس التأديب بعد حلف اليمين القانونى، وبذلك يكون مجلس التأديب قد اصدر قراراه على أساس ثابت مما أجمع عليه شهود الواقعة ويكون قراره قد قام على أساس سليم من الواقع والقانون ومستخلاصا سليما مما هو ثابت بالأوراق ومن ثم يكون الطعن عليه بالفساد فى الاستدلال على غير أساس متعينا رفضه.
وإذ ثبت على النحو المتقدم أن أسباب الطعن غير قائمة على أساس سليم فى القانون فأنه من ثم يتعين الحكم برفض الطعن.
* فلهذه السباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.