طعن رقم 3586 لسنة 32 بتاريخ 09/05/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 3586 لسنة 32 بتاريخ 09/05/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد وعبد القادر هاشم النشار وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود.منيب محمد ربيع نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 13/9/1986، أودع الأستاذ / عيسى رمضان المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 3586 لسنة 32 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 17/7/1986 فى الدعوى رقم 585 لسنة 6ق إدارى المنصورة والذى قضى، بقبول الدعوى شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار محل الطعن، وإلزام الإدارة المصروفات.

وطلب الطاعن – للأسباب المشار إليها فى تقرير طعنه – الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه واستمرار سريان قرار رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار الصادر بإزالة تعدى المطعون ضده على الأراضى الأثرية بناحية تل شطا.

وقد تم إعلان الطعن إلى المطعون ضده على النحو الثابت بالأوراق وقدم الأستاذ المستشار / على رضا، مفوض الدولة، تقرير هيئة مفوضى الدولة بالرأى القانونى فى الطعن والذى انتهى فيه – للأسباب الواردة به – إلى طلب الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع برفضه، وإلزام الإدارة المصروفات.

وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 7/12/1992 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته على النحو الثابت بمحاضر جلساتها حيث قررت بجلسة 31/1/1993 إصدار الحكم فيه بجلسة 7/3/1993 وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة 11/4/1993 ثم إلى جلسة 9/5/1993 لإتمام المداولة، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.

ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاع قبوله شكلا.

ومن حيث إن موضوع هذا النزاع يتلخص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى – المطعون ضده – قد أقام دعواه بداءة بصحيفة أودعها سكرتارية محكمة دمياط الإبتدائية دائرة الأمور المستعجلة، بتاريخ 5/3/1983 مختصما رئيس هيئة الآثار، ومأمور مركز شرطة دمياط وطلب الحكم بوقف تنفيذ القرار رقم 282 لسنة 1980، الصادر من رئيس هيئة الآثار، فيما تضمنه من إزالة منزله الكائن بناحية شطا مركز دمياط مع عدم الإعتداد يه واعتباره كأن لم يكن وإلزام الإدارة المصروفات.

وأورد المدعى شرحا لدعواه، أنه يمتلك منزلا بناحية شطا مركز دمياط آلت إليه ملكية أرضه عن طريق الميراث، وقد فوجئ بصدور قرار مدير عام هيئة الآثار رقم 282 لسنة 1981 متضمنا إزالته، استنادا إلى أنه شيد على أرض مملوكة لهيئة الآثار ونعى المدعى على القرار صدوره باطلا ومخالفا للقانون لمساسه بحقه فى ملكية الأرض وبجلسة 7/6/1983، اختصم المدعى رئيس هيئة آثار شمال الدلتا.

وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بحافظة مستندات اشتملت على خريطة مساحية وصورة القرار المطعون عليه.

وبجلسة 1/11/1983 قضت محكمة دمياط الإبتدائية بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الدعوى وبإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة للاختصاص.
وقد وردت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة وقيدت أمامها بالرقم المشار إليه حيث نظرتها على النحو الثابت بمحاضرها حيث قدم المدعى صورة من الحكم الصادر فى الجنحة رقم 330 لسنة 1983 جنح مركز دمياط والتى اتهم فيها بأنه تعدى على أرض أثرية وقضى فيها ببراءته مما نسب إليه بجلسة 12/12/1985 تأسيسا على أن الأرض موضوع الاتهام – حسبما جاء بتقرير الخبير المنتدب فى الدعوى — تابعة لمصلحة الأملاك الأميرية وليس لها علاقة بمصلحة الآثار لعدم وجود آثار بها وفق ما أوضحته الأوراق.
وبجلسة 17/7/1986 أصدرت المحكمة حكمها المطعون عليه بقبول الدعوى شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون عليه وشيدت حكمها على سند من أن الحكم الجنائى، وفق ما استقر عليه قضاء مجلس الدولة يحوز حجيته فيما قضى به من نفى الاتهام الموجه إلى المدعى بالإعتداء على أرض تابعة لهيئة الآثار مصدرة القرار ومن ثم يغدو القرار المطعون عليه قد قام فاقدا لصحيح سنده من القانون أو الواقع حريا بالإلغاء ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وقضى فى تحصيل الوقائع لثبوت ملكية هيئة الآثار موضوع القرار المطعون عليه بموجب الخرائط المساحية المقدمة فى هذا الشأن وأن رئيس هيئة الآثار هو المخول قانونا بإزالة ما يقع عليها من تعديات وفقا لأحكام القانون رقم 55 لسنة 1970 والقرار الجمهورى رقم 2828 لسنة 1971 بإنشاء هيئة الآثار المصرية والقرار الوزارى رقم 349 لسنة 1972 بتاريخ 16/5/1972 بتفويض رئيس هيئة الآثار فى مباشرة الاختصاصات الممنوحة لوزير الثقافة بالقانون رقم 55 لسنة 1970 المشار إليه.

ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أنه يتعين لمباشرة سلطة جهة الإدارة فى إزالة – التعدى على أملاكها بالطريق الإدارى المخول لها بمقتضى المادة (970) من القانون المدنى أن تتحقق مناط مشروعية هذه السلطة وهو ثبوت وقوع اعتداء ظاهر على ملك الدولة أو محاولة غصبه ولا يتأتى ذلك إلا إذا تجرد التعدى الواقع من واضع اليد من أى سند قانونى يبرر وضع يده، أما إذا استند واضع اليد بحسب الظاهر من الأوراق والمستندات إلى ما يفيد وجود حق له على هذا العقار أو أبدى ما يعد دفعا جديا بما يدعيه لنفسه من حق أو مركز قانونى بالنسبة للعقار، فإنه تنتفى حالة الغصب أو التعدى والاستيلاء غير المشروع على أموال الدولة بطريق التعدى المادى الغصب السافر للعقار، أو بطريق التحايل الموجب لأداء الإدارة لواجبها واستعمال جهة الإدارة لسلطتها التى خولها لها القانون فى إزالة هذا الغصب والتعدى غير المشروع بإرادتها المنفردة وبوسائلها المتوافرة لديه بالطريق الإدارى، فالأصل أنه لا يحق لجهة الإدارة أن تلجأ إلى الإزالة للتعدى بالطريق الإدارى إلا عندما تكون بصدد دفع اعتداء مادى سافر أو إزالة غصب، غير مشروع للأملاك الدولة فإذا كان الثابت وجود سند من الحق لواضع اليد يبرر بحسب الظاهر وضع يده أو تصرفه أو مسلكه بشأن العقار، فإنه لا يجوز للإدارة الإزالة بالطريق الإدارى لأنها تكون فى معرض انتزاع ما تدعيه هى منفردة من حق فى موضوع النزاع بطريق التنفيذ المباشر وهو أمر غير جائز قانونا بحسب الأصل حيث أناط الدستور والقانون ولاية الفصل فى هذه المنازعات للسلطة القضائية المسئولة بحكم ولايتها الدستورية والقانونية عن حماية الحريات و الحقوق العامة والخاصة للمواطنين وإقامة العدالة وتأكيد سيادة القانون وفقا لصريح أحكام الدستور ( المواد 65، 66، 172).

وحيث إنه يبين مما تقدم أن المشرع قد أسبغ حمايته على أملاك الدولة ومنع التعدى عليها وأوجب على الجهات الإدارية المختصة إزالة هذا التعدى بالطريق الإدارى، وذلك فى الحالات التي لا يتوافر لوضع اليد سند ظاهر من القانون يكون معه إدعاء الإدارة بملكية الدولة للأرض أو العقار محل نزاع جدى يستلزم الفصل فيه بمعرفة السلطة القضائية والمحاكم المختصة، تأكيدا وحماية لحقوق الأفراد التى كفلها الدستور.
وقد حدد الدستور مناط هذه الحصانة التى قررها للملكية الخاصة للأفراد عندما عنى فى المادة (32) بالنص على أن الملكية الخاصة تتمثل فى رأس المال غير المستغل، وينظم القانون أداء وظيفتها الاجتماعية فى خدمة الاقتصاد القومى، فى إطار خطة التنمية دون انحراف أو استغلال، ولا يجوز أن تتعارض طرق استخدامها مع الخير العام للشعب، كما نصت المادة (34) على أن الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون.

ومن حيث أنه وإن كان – وفقا لهذه النصوص – يجوز للمشرع أن يضع قيودا على حق الملكية الخاصة لصالح المجتمع تكفل حماية الاقتصاد القومى والخير العام للشعب إلا أن ذلك يتعين أن لا يمس الحصانة التى كفلها الدستور للمالك الفرد فى ملكه الخاص فإنه لا يجوز للإدارة العامة عندما يخولها القانون سلطة التنفيذ الإدارى المباشر للأعمال أو إجراءات إدارية تتعلق بالترخيص بالإزالة – حسبما سبق البيان إن تجاوز حد الشرعية فى استخدام ما خولها المشرع من سلطات لتحقيق حماية النظام العام والصالح العام أو حسن سير وانتظام المرافق العامة وذلك باعتبار أن الأصل الدستورى المقرر هو حصانة الملكية الخاصة وحرية المالك فى ملكيته وفى إدارته والانتفاع به واستغلاله فى إطار الشرعية التى حددها الدستور والقانون، بما يكفل أداء الملكية لوظيفتها الاجتماعية.

ومن حيث إن الأصل العام الدستورى الذى تقوم عليه أركان الدولة هو مبدأ سيادة الدستور والقانون الذى تخضع له الدولة وفقا لصريح نص المادتين (65، 66) من الدستور، المشار إليهما، ويتعين وفقا لهذا المبدأ أن تلجأ الإدارة إلى السلطة القضائية لحسم أى نزاع جرى حول ملكية العقار موضوع المنازعة ما دام حقها فى ملكية العقار ليست ثابتة وظاهرة فى مواجهة الأفراد.
ومن حيث إنه من المبادئ العامة التى استقر عليها قضاء هذه المحكمة بالنسبة لحجية الأحكام الجنائية فى الإثبات فى مجال المنازعات الإدارية، أنه كما أن الحكم الجنائى حجة فيما يفصل فيه فى المنازعات المدنية – من حيث حدوث الوقائع محل الاتهام ونسبتها إلى المتهم. فإن ذات هذه الحجية تكون للأحكام الجنائية فى مجال المنازعات الإدارية التى تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة، فالقضاء الجنائى يعتنى أصلا وأساسا بالوقائع التى يتكون منها الاتهام والبحث والتحقيق فيما إذا كانت حدثت وتحديد المتهم المسئول عن ارتكابها على أساس المبادئ العامة التى قررها الدستور والقانون والتى تتضمن أن العقوبة شخصية وهى تقوم على صحة وقوع الفعل ونسبته إلى من يحكم عليه بالعقوبة وأن المتهم برىء حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه. وإن حق الدفاع أصالة أو وكالة مكفول، ولا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية ( المواد 66، 67، 69، 70 ) من الدستور.

ولا يتصور قانونا وعقلا أن يهدر أمام القضاء الإدارى ما تم التحقق من وجوده بمقتضى التحقيق الجنائى من وقائع ( وما انتهى إليه تقرير الخبراء الذين يكون قد انتدبتهم المحكمة ) على يد القاضى الجنائى من إثبات لما قام الدليل القانونى على حدوثه من الوقائع فى الزمان والمكان، على النحو الذى انتهى إليه الحكم الجنائى، وما أثبته من إدانة للمتهمين بشأنها بالتحديد الذى أورده أو فى التحقيق عن عدم وقوعه من أفعال أو عدم صحة نسبته من أفعال حدثت إلى أشخاص بذواتهم.

ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه قد تحرر ضد المطعون ضده – الجنحة رقم 330 لسنة 1983 جنح مركز دمياط وقضى فيها ببراءته مما أسند إليه من اتهام بالتعدى على أملاك الدولة وأضحى هذا الحكم نهائيا حائزا لقوة الأمر المقضى فيه فمن ثم يكون القرار المطعون فيه قد قام على أسباب ينفى الحكم الجنائى حدوثها وهى حجة فيما قضى به ومن ثم تكون الأسباب التى قام عليها القرار المطعون فيه غير ثابتة الأمر الذى يجعله فاقدا لسنده القانونى ويكون الطعن عليه بالإلغاء قد قام على سنده من القانون والواقع حريا بقبوله.

وحيث أن اسم المطعون فيه قد ذهب لهذا المذهب فإنه يكون قد أصاب وجه الحق متفقا وصحيح حكم القانون.

وحيث أن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقا لأحكام المادة (184) من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا وألزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات.

اشترك في القائمة البريدية