طعن رقم 385 لسنة 41 بتاريخ 12/03/1995 الدائرة الأولي

Facebook
Twitter

طعن رقم 385 لسنة 41 بتاريخ 12/03/1995 الدائرة الأولي

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد معروف محمد. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / عادل محمود فرغلى ومحمد السيد الطحان وإدوارد غالب سيفين وأحمد عبد العزيز أبو العزم. نواب رئيس مجلس الدولة.

* إجراءات الطعن

فى يوم السبت الموافق 19 من نوفمبر سنة 1994 أودعت الأستاذة/.
…….. المحامية بالنقض بصفتها وكيلة عن رئيس جامعة القاهرة، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة بجلسة 112/11/1994 فى الدعوى رقم 1207/49ق والذى قضى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة القاهرة المصروفات وأمرت بتنفيذ الحكم بموجب مسودته ودون إعلان. وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن تحديد أقرب جلسة أمام دائرة فحص الطعون لتأمر بصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وبإحالة هذا الطعن إلى إحدى دوائر المحكمة الإدارية العليا لتقضى فيه بقبول شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء مجدداً أصلياً بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة واحتياطياً برفض الدعوى وإلزام المطعون ضده المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد تم إعلان الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ هذا القرار وإلزام المطعون ضده المصروفات.
وعينت جلسة 27/11/1994 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، التى أمرت فى تلك الجلسة بوقف تنفيذ الحكم المطعون عليه وبإحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الأولى) لتنظره بجلسة 5/12/1994 وبجلسة 19/12/1994 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 12/3/1995 وصرحت بالاطلاع وتقديم مذكرات خلال أربعة أسابيع.
أودعت جامعة القاهرة- خلال الأجل- مذكرة خلصت فيها إلى طلب الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون عليه وذلك على النحو الموضح بتلك المذكرة.
كما أودع الحاضر عن المطعون ضده مذكرة شرح فيها مخالفة القرار المطعون عليه للدستور والقانون وأوضح أن الحكم المطعون فيه أعمل سلطته القضائية المخولة وفى مراقبة أعمال الإدارة وانتهى إلى أن القرار الطعين أساء استعمال السلطة وانحرف بها ويظهر ذلك فى أنه ابتسر انتخابات أتاح لها المشرع أن تجرى خلال 75 يوماً إلى 10 أيام فقط، وخلص المطعون ضده لما تقدم – وللأسباب الواردة بمذكرته – إلى طلب تأييد الحكم المطعون فيه ورفض الطعن.
وبجلسة اليوم صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه وإجراءاته المقررة قانونا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المطعون ضده كان قد أقام الدعوى رقم 1207 لسنة 49ق ضد رئيس جامعة القاهرة بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 10/11/1994 طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة القاهرة بتحديد مواعيد انتخابات الاتحادات الطلابية بجامعة القاهرة للعام الجامعى 94/95 على أن يكون التنفيذ بمسودة الحكم الأصلية وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار.
وقال شارحاً دعواه أن رئيس جامعة القاهرة أصدر فى 3/11/1994 قراراً بتحديد مواعيد انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعة للعام الجامعى 94/1995 بحيث يفتح باب الترشيح بيومى 5، 6 نوفمبر سنة 1994 من الساعة 9 صباحاً حتى الساعة 3 مساءً ويعلن يوم 8/11/1994 أسماء المرشحين الذين وافقت عليهم لجان فحص الطلبات بالكليات، وتحدد يوم 9/11/1994 لتلقى الطعون من الساعة9 صباحاً حتى الساعة 3 مساءً ويتم الإعلان عن الكشوف النهائية للمرشحين يوم 10/11/1994 بحيث تجرى إنتخابات لجان مجالس الاتحادات الطلابية للكليات يوم 13/11/1994 وتتم إنتخابات الإعادة يوم 15/11/1994 وتتم إنتخابات أمناء اللجان والأمناء المساعدين بالكليات يوم 17/11/1994وإنتخابات أمناء مجالس الاتحادات الطلابية والأمناء المساعدين بالكليات يوم 19/11/1994، ويتم إنتخاب أمين مجلس اتحاد الطلاب والأمين المساعد يوم 21/11/1994، ونعى المدعى (المطعون ضده) على القرار المشار إليه مخالفته نص المادتين 319، 325 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ذلك أنه حصر الإنتخابات فى عشرة أيام فقط فى حين أن اللائحة التنفيذية المشار إليها تعطى لرئيس الجامعة الحق فى إجراء العملية الإنتخابية منذ بداية العام الدراسى فى 16/9 وحتى نهاية شهر نوفمبر.
ويستطرد المدعى قائلاً أن القرار المطعون فيه خالف نص المادة 334 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات التى حصرت شروط الترشيح والأوراق التى يلتزم الطالب بتقديمها عند الترشيح، إلا أنه فوجئ برئيس جامعة القاهرة يفرض عليه التوقيع على تعهد من شأنه الحرمان من حقوق وحريات عامة يصونها ويقرها الدستور والقانون مثل التعهد بعدم تعليق لافتات أو لصق ملصقات أو القيام بتجمعات أو مسيرات داخل الجامعة أو الكلية فضلاً عن حظر استخدام مكبرات الصوت أو استخدام أية شعارات أو رموز.
وأضاف المدعى قائلاً إن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب إساءة استعمال السلطة لأنه لم يتح للطلاب التعبير عن آرائهم، ومن شأنه أيضاً أن يحرم الطلاب المستبعدين من حقهم فى التظلم من عدم إدراج أسمائهم فى الكشوف.
وبجلسة 12/11/1994 قضت محكمة القضاء الإدارى برفض الدفع بعدم قبول الدعوى وبقبولها شكلاً وفى الطلب العاجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وألزمت جامعة القاهرة مصروفاته، وأمرت بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلانه.
وأقامت المحكمة قضاءها على سند من أن المدعى أقام دعواه بصفته أمين اتحاد جامعة القاهرة ولم تنكر الجامعة عليه هذه الصفة، ويكون الدفع بانتفاء صفته ومصلحته جدير بالرفض وفى الطلب العاجل أسست المحكمة حكمها على أن تحديد مراحل العملية الإنتخابية وحصرها فى عشرة أيام جعل العملية الإنتخابية عملية شكلية لا تحقق الغاية التى استهدفها المشرع من الانتخابات الطلابية وبذلك يكون القرار المطعون فيه قد صدر مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة – وهو ما يكشف عنه السرعة المتناهية فى الإجراءات على نحو يؤدى إلى الإخلال بالضمانات الضرورية والجوهرية للعملية الانتخابية فتأتى نتائجها غير معبرة عن إرادة الناخبين من الطلاب. كما أنه يحول دون إمكان لجوء الطلاب المستبعدين من الترشيح إلى القضاء المختص للطعن على مثل هذه القرارات.
واستطردت المحكمة قائلة أن قضاءها بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه لعدم إمكان إجراء العملية الانتخابية الطلابية خلال الأجل الذى حدده، لا يجعل المحكمة تحل محل رئيس الجامعة فى تحديد مدة جديدة مناسبة تكفى لإجراء العملية الإنتخابية فى سهولة ويسر، وإنما تصدره الجهة الإدارية ذاتها على أن تراعى فيه كفاية المدة اللازمة لإجراء العملية الانتخابية خلاله.
ومن حيث إن جامعة القاهرة لم ترتض هذا الحكم فأقامت طعنها الماثل على سند من أن الحكم خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله من وجوه متعددة:
الوجه الأول: أن ما ذهب إليه الحكم هو حلول محل جهة الإدارة فى التقدير ووضع قيود عليها فى مباشرة وظيفتها الأمر الذى يتنافى مع ما يجب الإلتزام به من فصل بين السلطات وأنه إذا عهد المشرع للإدارة بسلطة تقديرية فإنها تكون صاحبة الموازنة والملاءمة بين شتى الاعتبارات التى تقوم على تحقيقها، وبتطبيق ذلك على القرار المطعون فيه يبين أنه صدر فى الوقت الملائم وبالتنظيم الملائم بما يحقق صالح الكلية والعملية التعليمية والصالح العام، وإذ لم يراع الحكم المطعون فيه ذلك فإنه يكون معيباً.
الوجه الثانى : أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدفع المبدى من الجامعة بعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذى صفة ولا مصلحة على ان المدعى أقام دعواه بصفته أمين اتحاد طلاب جامعة القاهرة، ووجه العيب فى الحكم هو أن اتحاد طلاب جامعة القاهرة لا يتمتع بالشخصية الاعتبارية، وليس لمن يدعى أنه أمينه أن يقيم الدعوى باسم الاتحاد، هذا فضلاً عن أن أمين اتحاد الطلبة لايمثل الاتحاد.
الوجه الثالث: أن الحكم خالف القانون حين جعل من رئيس الجامعة مخاطبا بأحكام المادة 319 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات، ورتب على ذلك نتيجة مؤداها انه كان على رئيس الجامعة عند تحديده لمواعيد الإنتخابات مراعاة بلوغ أهداف اتحادات الطلاب التى حددتها المادة (319) المشار إليها، وأن ذلك لا يتأتى إلا بجعل هذه الانتخابات تحقق النتيجة المرجوة منها بإتاحة الفرصة أمام الطلاب للتعبير عن آرائهم فى يسر وسهولة وهذا الفرض الذى افترضته المحكمة والنتيجة التى رتبتها عليه يشكلان مخالفة للقانون لأن الخطاب الوارد بالمادة 319 موجه إلى الاتحادات الطلابية ذاتها، مما يجعل النتيجة المترتبة على الفرض الخاطئ نتيجة ساقطة.
ويستطرد تقرير الطعن إلى أن الحكم شابه قصور فى التسبيب وفساد فى الاستدلال ذلك أن الحكم لم يكشف عن أى دليل على انحراف الإدارة فى استعمال سلطتها، ولم يقدم المدعى أى دليل على عسف الإدارة، ومن ثم فإذا ما وصم الحكم قرار رئيس الجامعة بالانحراف بالسلطة دون بيان اى دليل على وجود هذا العيب، فإن هذا يجعل الحكم الطعين جديراً بالإلغاء ومن ناحية أخرى لم يتناول الحكم الرد على دفاع جامعة القاهرة. والتفت عن مستندات الجامعة واعتمد على أقوال مرسلة للمدعى، ويخلص تقرير الطعن – لما تقدم ولكل ما ورد به من أسباب – إلى طلب الحكم على النحو الوارد بختام التقرير.
ومن حيث إنه بادئ ذى بدء فإن ما أثاره الطاعن من أن الحكم المطعون فيه صدر فى خصومة لم تنعقد قانوناً استناداً على أن المدعى أقام دعواه بصفته أميناً لاتحاد طلاب جامعة القاهرة حال كون هذا الاتحاد لا يتمتع بالشخصية الاعتبارية ومن ناحية أخرى فإن أمين الاتحاد لا يمثل الاتحاد فإن ذلك مردود عليه بأنه يكفى لكى تكون الدعوى مرفوعة من ذى صفة أن يكون رافعها فى حالة قانونية خاصة بالنسبة إلى القرار المطعون فيه من شأنها أن تجعله مؤثراً تأثيراً مباشراً فى مصلحة شخصية له، ولما كان المطعون ضده المدعى من طلبة جامعة القاهرة الذين يشاركون فى إنتخابات اتحاد الطلاب بالجامعة، وانه عند صدور القرار المطعون فيه كان أمينا لذلك الاتحاد مما يوفر له الصفة والمصلحة فى إقامة الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الطعن غير قائم على أساس صحيح ويتعين الالتفات عنه.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات الصادرة بالقرار الجمهورى رقم 809 لسنة 1975 تنص فى المادة 318 منها (المضافة بالقرار الجمهورى رقم 265 لسنة 1979) على أن تشكل الاتحادات الطلابية من طلاب الكليات والمعاهد الجامعية النظاميين المقيدين بها لنيل درجة البكالوريوس أو الليسانس والمسددين لرسوم الاتحاد.
………. كما تنص المادة 319 من اللائحة المشار إليها على أن:
تهدف الاتحادات الطلابية إلى تحقيق ما يلى :.
( أ ) تنمية القيم الروحية والأخلاقية والوعى الوطنى والقومى بين الطلاب وتعويدهم على القيادة وإتاحة الفرص لهم للتعبير المسئول عن آرائهم.
(ب) بث الروح الجامعية السليمة بين الطلاب وتوثيق الروابط بينهم وبين اعضاء هيئة التدريس والعاملين.
(جـ) اكتشاف مواهب الطلاب وقدراتهم ومهاراتهم وصقلها وتشجيعها.
( د ) نشر وتشجيع تكوين الأسر.
(هـ) نشر وتنظيم الأنشطة الرياضية والاجتماعية الكشفية والفنية.
( و ) تنظيم الإفادة من طاقات الطلاب فى خدمة المجتمع بما يعود على الوطن بالخير.
ونصت المادة 335 المعدلة بقرار رئيس الجمهورية رقم 378 لسنة 1984 على أن يتم انتخاب مجالس الاتحادات ولجانها فى موعد غايته نهاية شهر نوفمبر من كل عام ويصدر قرار من رئيس كل جامعة بتحديد المواعيد التفصيلية للإنتخابات للمستويات المختلفة، ولايحق لأى طالب الادلاء بصوته إلا إذا كان مقيداً بجداول الناخبين من الطلاب ويحمل إثبات شخصية.
ومن حيث إنه يبين من النصوص المشار إليها أن الاتحادات الطلابية التى تشكل من طلاب الكليات والمعاهد الجامعية تهدف إلى تنمية الجانب التربوى عند الطلاب من خلال اكتشاف مواهبهم وقدراتهم وتوثيق الروابط بينهم وبين أعضاء هيئة التدريس وتعمل على بث الروح الجامعية ونشر الأنشطة البناءة ولذلك حرصت اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات على أن تشكل مجالس هذه الاتحادات ولجانها من خلال انتخابات يشارك فيها الطلاب سواء بترشيحك أنفسهم لعضوية هذه المجالس واللجان أو من خلال الإدلاء باصواتهم لانتخاب افضل المرشحين الذين يتم انتخابهم، وقد عهدت اللائحة المشار إليها إلى رئيس كل جامعة ليصدر قرار بتحديد المواعيد التفصيلية للانتخابات للمستويات المختلفة. على أن يتم انتخاب مجالس الاتحادات ولجانها فى موعد غايته نهاية شهر نوفمبر من كل عام.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن رئيس جامعة القاهرة أصدر قراره بتحديد مواعيد انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعة للعام الجامعى 94/1995 فى الثالث من نوفمبر سنة 1994، على أن يبدأ فتح باب الترشيح يوم الخامس من نوفمبر، واشتمل القرار على تحديد مواعيد العملية الانتخابية بدءاً من فتح باب الترشيح ومروراً بإعلان أسماء المرشحين وتلقى الطعون ثم انتخابات لجان المجالس وأمناء اللجان والأمناء المساعدين وانتهاء بانتخابات أمين مجلس اتحاد طلاب الجامعة والأمين المساعد وتجرى يوم الحادى والعشرين من نوفمبر سنة 1994.
ومن حيث إنه إذا كانت الإدارة – انطلاقا من مبدأ المشروعية- تلتزم عند إصدارها للقرار الإدارى بقواعد قانونية لا مناص من إحترامها ومراعاتها، إلا أن ذلك لا ينفى أن القانون قد يفسح للجهة الإدارية أيضاً قدراً من الحرية تستقل من خلاله بوزن مناسبات إصدار القرار وبتقدير ملاءمة أو عدم ملاءمة إصداره، وأنه ولئن كان قضاء هذه المحكمة جرى على أنه إذا كان صحيحاً أن الإدارة حرة فى تقدير مناسبة القرار الإدارى وملاءمته إلا أن ثمة إلتزاماً عليها بأن تضع نفسها فى أفضل الظروف وأنسب الحلول للقيام بهذا التقدير وأن تجريه بروح موضوعية وبعيداً عن البواعث الشخصية وبشرط أن تكون لديها العناصر اللازمة لإجرائه ومقتضى ذلك ولازمه أن القاضى الإدارى لايتعرض لتقدير الجهة الإدارية فى ذاته ولكن الظروف التى أحاطت به وحينئذ يحق له أن يتحرى بواعث القرار وملابساته كى يفرض رقابته بقصد الوقوف على الهدف الحقيقى التى تنشده الإدارة من جراء إصدارها للقرار.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أن ثمة أسباباً – مستمدة من أصول تنتجها – حدت برئيس الجامعة إصدار قراره المطعون فى الوقت الذى صدر فيه وحاصل هذه الأسباب أن طلبة العديد من الكليات الذين تم قبولهم عقب إعلان نتيجة المرحلة الثالثة لمكتب تنسيق القبول بالجامعات لم تصل أسماؤهم إلى كلياتهم التى قبلوا بها إلا بعد بدء الدراسة بأسبوعين ولذلك فقد تأجلت الدراسة بالفرقة الأولى بالكليات المشار إليها حتى بداية الأسبوع الأول من شهر أكتوبر سنة 1994، ومن ناحية أخرى فإن أسماء الطلاب المقبولين بكليات الآداب والهندسة والطب البشرى والتجارة جامعة القاهرة لحصولهم على شهادات معادلة تم إعلان البعض عنها يوم 5/10/1994 والبعض الآخر يوم 26/10/1994، وأنه قد تم فتح باب التحويل – طبقا للقانون ولقرارات المجلس الأعلى للجامعات – لمدة شهر انتهى فى 23 أكتوبر سنة 1994، وأن إجراءات التحويل من الجامعات الأخرى إلى جامعة القاهرة ظلت حتى 27 أكتوبر سنة1994، ومن ناحية أخرى فإن الثابت من الأوراق أنه تقرر أن تعقد الامتحانات العملية للفصل الدراسى الأول للعام الجامعى 94/1995 فى بعض الكليات يوم 15/12/1994 وتبدأ الامتحانات النظرية يوم 26/12/1994 وأن أجازة نصف العام تبدأ فى معظم الكليات يوم 21 يناير سنة 1995 وتنتهى يوم 2 فبراير سنة 1995 الأمر الذى يبين بوضوح أن رئيس الجامعة حينما أصدر قراره المطعون فيه متضمناً تحديد مواعيد انتخاب الاتحادات الطلابية بجامعة القاهرة على النحو الوارد بالقرار ووفقا للتواريخ الثابتة به، كان يستند فى ذلك إلى أسباب مقبولة لها أصول ثابتة بالأوراق، ومن ثم فإنه ما كان يسوغ الحكم المطعون فيه أن يصم هذا القرار بالانحراف بالسلطة.
ومن حيث إنه ولئن كان صحيحا ما يذهب إليه المطعون ضده من أن تقدير الملاءمة يجب أن يقوم على أسباب مقبولة، وأن الجهة الإدارية تخضع فى ذلك لرقابة المحكمة إلا أن هذه الرقابة تجد مجالها حينما توصم الإدارة بإنها تنكبت المصلحة العامة او الغاية المبتغاة لقرارها المطعون فيه أو انحرفت عن تحقيقها إلى غاية أخرى لم يقصدها المشرع عندما خولها وزن مناسبات القرار وملاءمة وقت إصداره ففى هذه الحالة يحق للقاضى الإدارى أن يتحرى بواعث القرار وملابسات إصداره وما إذا كان مصدره قد تغيا به وجه المصلحة العامة أو الغاية التى تغياها القانون أم تنكب السبيل أن رئيس الجامعة حينما أصدر قراره المطعون فيه محددا فيه تاريخ بدأ امتحانات الاتحادات الطلابية وتاريخ انتهائها فإنه كان مراعيا لتاريخ قبول الطلبة المستجدين سواء المقبولين من مكتب التنسيق أو المحولين من جامعات أخرى، وكان حريصاً على انتظام سير العملية التعليمية بكليات الجامعة ومراعياَ للفترة الزمنية للدراسة فى النصف الأول من العام الدراسى والمواعيد التى تم تحديدها لإجراء امتحانات تلك الفترة سواء الامتحانات العملية أو الشفوية أو النظرية ، وذلك على النحو الذى أوضحناه سلفاً مما يدل بوضوح على أن القرار المطعون فيه صدر بباعث من مصلحة الطلاب الأساسية والتى تتمثل فى انتظام الدراسة بالجامعة وكفالة تلقى العلم بها على النحو السليم، ومن ناحية أخرى فى كفالة اشتراك الطلاب جميعاً فى اختيار من يمثلونهم فى اتحادات الطلاب ولهذا جاء حرص اللائحة التنفيذية على أن تترك اختيار وقت القرار المنظم لانتخابات اتحادات الطلاب بالجامعة لرئيس الجامعة نفسه وغاية ما هناك أن اللائحة اشترطت أن تتم الانتخابات فى موعد غايته شهر نوفمبر من العام الدراسى الجامعى.
ومن حيث انه – من وجه آخر – فإن العملية الانتخابية لا تمثل بذاتها الغاية المبتغاة من تكوين اتحادات الطلاب بالجامعة المصرية، على النحو الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه حينما وصم القرار المطعون فيه بأنه صدر مشوباً بعيب الانحراف بالسلطة إذ جعل العملية الإنتخابية شكلية لا تحقق الغاية منها وهو ما تكشف عنه السرعة المتناهية فى الإجراءات ذلك أن الغاية الأساسية والجوهرية من تكوين الاتحادات الطلابية هى تنمية القيم الروحية والأخلاقية والوعى الوطنى والقومى بين الطلاب وبث الروح الجامعية السليمة بينهم واكتشاف مواهبهم وقدراتهم ومهاراتهم.. الخ وأن العملية الإنتخابية لا تعدو إلا أن تكون وسيلة للوصول إلى تشكيل تلك الاتحادات، بحيث إنه إذا تعذر إجراء الإنتخابات فإن اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات ناطت بعميد الكلية او المعهد أن يعين مجلساً لإدارة شئون الاتحاد يضم عناصر من الطلاب المتفوقين فى الدراسة ممن تتوافر فيهم شروط الترشيح، وترتيباً على ذلك فإن رئيس الجامعة فى اختياره لوقت إصدار القرار المطعون فيه وما اشتمل عليه من تحديد لتاريخ سير العملية الإنتخابية لم يسع – على ما هو ثابت بالأوراق – إلى تحقيق هدف شخصى – ولم يكن يهدف إلى تحقيق غاية أخرى غير تلك التى تغيتها اللائحة التنفيذية المنظمة لتكوين اتحادات الطلاب بالجامعات وأن القول بأن القرار المطعون فيه صدر مشوباً بعيب الانحراف هو قول مرسل لم يقم عليه دليل بالأوراق، وان الحكم المطعون فيه إذ قدر أن المدة التى حددها القرار المطعون فيه للعملية الإنتخابية غير كافية وتجعل تلك العملية شكلية ويكون قد أقحم نفسه فى عمق السلطة التقديرية الجهة الإدارية وتدخل فى مراقبة اختيار الوقت الذى تصدر فيه قرارها، دون قيام شبهة تشير إلى وجود انحراف بالسلطة التقديرية التى منحها لها المشرع.
ومن حيث إنه ترتيبا على ما تقدم كله فإن القرار المطعون فيه الذى تضمن تاريخ بدأ العملية الانتخابية لاتحادات الطلاب بالجامعة وتاريخ انتهائها وقد صدر بناء على اعتبارات صحيحة وقائمة عل وقائع لها اصول ثابتة فى الأوراق وتكشف عن أن الباعث فى إصدار القرار هو تحقيق الغاية التى قصدها القانون، ولم يقدم المطعون ضده ما يدل على أن مصدر القرار كان مدفوعا فى اختيار التوقيتات التى اشتمل عليها قراره بعوامل بعيدة عن المصلحة العامة، مما يجعل الطعن فى القرار غير قائم على أساس صحيح وينتفى بذلك ركن الجدية، ويكون من المتعين رفض طلب وقف تنفيذ ذلك القرار وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب فإنه يكون حرياً بالإلغاء.
ومن حيث إن من يحسر الطعن يلزم بمصروفاته.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه والزمت المطعون ضده المصروفات.

اشترك في القائمة البريدية