طعن رقم 388 لسنة 40 بتاريخ 03/04/1994 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة : محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى وعبد القادر هاشم النشار وادوارد غالب سيفين نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 15/12/1993أودع الأستاذ/.
……………. نيابة عن الأستاذ/.
…………… المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 388 لسنة 40 ق، ع طعنا على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة دائرة منازعات الهيئات والأفراد أ بجلسة7/12/1993، وذلك فى الدعوى رقم 9200 لسنة 47ق والقاضى بقبول الدعوى شكلا وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى المصروفات.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها اعتبار كريمته منقولة للصف الأول الاعدادى وإلزام المطعون ضدهما المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 7/2/1994حيث تم نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 7/3/1994 إحالة الطعن إلى الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 10/4/1994 وقد تم تداول الطعن أمام المحكمة ومناقشة أداته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت الدائرة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم بعد أن أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يتضح من الأوراق – فى أنه بتاريخ 23/9/1993 أقام الطاعن الدعوى رقم 9200 لسنة 47ق طالبا وقف تنفيذ وإلغاء القرار الصادر باعتبار ابنته.
…………… راسبة فى السنة السادسة من مرحلة التعليم الابتدائى فى العام الدراسة92/1993 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيساً على أن ابنته وهى طالبة بالمعهد الدينى الأزهرى بقليوب قد أدت امتحان السنة السادسة الابتدائية الدور الأول فى العام الدراسى 92/1993 وأنها نجحت فى جميع المواد ورسبت فى مادة القرآن الكريم حيث حصلت على 45 درجة وكانت تحتاج إلى خمس درجات أخرى للوصول إلى درجة النجاح علما بأن الامتحان جاء فى أجزاء من خارج المقرر وتم اختبارها، شفويا وتحريريا فى القرآن الكريم كله، وقد تسرب ذات الخطأ إلى امتحان الدور الثانى لنفس المادة وجاء من خارج المنهج المقرر على طلبة السنة السادسة فى مادة القرآن الكريم إذ المقرر فى مادة القرآن الكريم سبعة أجزاء من أول البقرة حتى الآية 110 من سورة الأنعام، وقد جاء السؤال الأول والثانى من المقرر وخصص له 40 درجة بينما السؤالان الثالث والرابع من خارج المقرر ومخصص لهما 40 درجة أما الشفوى فمقرر له 20 درجة وكان من خارج المنهج أيضا، مما يجعل التقدير غير معبر تعبيرا صحيحا عن مستوى الطالبة فى التحصيل.
وبجلسة 7/12/1993 قضت محكمة القضاء الإدارى بقبول الطعن شكلا، وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن منهج القرآن الكريم قسم على المرحلة الابتدائية على نحوم يجعل الطالب يحفظه بأكمله بنهاية هذه المرحلة كما وردت عبارة يلاحظ مراجعة ما سبق حفظه فى الأعوام السابقة فى نهاية جدول توزيع منهج القرآن الكريم للصفوف الرابع والخامس والسادس، ومن ثم فإن ورود بعض اسئلة إمتحان الصف السادس الابتدائى من غير الأجزاء المحددة بجدول توزيع المنهج لا يعتبر من خارج المقرر، وانما هى جزء منه فضلا عن أن البادى من الإطلاع على أسئلة امتحان الدور الثانى معلقا عليها من المدعى نفسه أن الامتحان أشتمل على أربعة اسئلة وأن السؤال الثالث وحده هو الذى جاء خارج المنهج حسبما ورد بتعليق المدعى على ذلك الامتحان مما يستفاد منه أن واضع الامتحان حرص على أن يكون الجزء الغالب منه فى الأجزاء الواردة بجدول توزيع المنهج والباقى من الأجزاء السابق حفظها سنوات سابقة، وبهذه المثابة لا ينطوى مسلك الجهة الإدارية بحسب الظاهر من الأوراق – على أية مخالفة لحكم القانون تستوجب إلغاء القرار الصادر بوضع الامتحان مما ينفى ركن الجدية فى طلب المدعى وقت تنفيذ القرار الصادر بإعلان نتيجة الامتحان على الوجه المتقدم ذكره.
ومن حيث ان مبنى الطاعن الماثل أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وتأويله وقصر فى تحصيل الوقائع الثابتة بالأوراق وذلك للأسباب الآتية:
أولا: أن الحكم المطعون فيه قد أثبت أن السؤالين الثالث والرابع من الامتحان من خارج المنهج أى نصف عدد الاسئلة ومن ثم يكون استناده إلى أن الجزء الغالب من الامتحان من المنهج المقرر هو إستخلاص يخالف الثابت فى الأوراق.
ثانيا: لم تشتمل حافظة مستندات الحكومة على ما يفيد قيام المعهد بمراجعة ما سبق حفظه فى الأعوام السابقة لاسيما وأن الحصص المقررة لتدريس مادة القرآن الكريم وهى أربع حصص لا تكفى لتدريس المادة أو السبعة أجزاء المقررة مع مراجعة ثلاثة وعشرون جزءا آخرين.
ثالثا: أن الثابت من المستندات المودعة ملف الدعوى أن المعهد لم يقم بمراجعة ما سبق حفظه فى الأعوام السابقة من آيات القرآن الكريم.
ومن حيث إن نفاذ القاعدة القانونية فى حق المخاطبين بأحكامها يستمد قوته الشرعية فيما ترتبه مضمونها لهم من حقوق وما يفرضه من التزامات فى نصوص صريحة لا لبس فيها ولاغموض، ولا ترتب أثرهما القانونى فى حق ذوى الشأن إلا فى حدود ما تضمنه هذه النصوص من أحكام، ولا تلزم إلا من وجهت إليهم بالفعل، ومن تاريخ علم كل من وجه إليه الحكم بمضمونه على نحو لا يدع مجالا للشك فى الالتزام بأحكامه، فلا يسوغ إلزام أحد بما لم يوجه إليه من أحكام على سبيل الاستنباط أو التأويل وتسرى هذه الأصول المسلمة فى كافة المجالات الجنائية والمدنية والإدارية، فلا يجوز للسلطات التعليمية إلزام الطلاب أو المدرسين أو العاملين بالتعليم الا بمقتضى قرارات تنظيمية تتضمن التزامات واضحة الحدود والمعالم وبمقتضى نصوص صريحة لا تحتمل التأويل أو التخرج سواء فيما تضمنته هذه النصوص من التزامات أو فيمن يوجه إليهم الالتزام بها.
فإذا كان البادى من الأوراق أن مدير التعليم الابتدائى بالأزهر قد أصدر قراره بتوزيع منهج القرآن الكريم على طلبة المرحلة الابتدائية على نحو يبين معه أنه قسم أجزاء القرآن الكريم على سنوات الدراسة الست فخص كل سنة منها بأجزاء معينة وسور محددة البداية والنهائية على نحو يؤكد التزام تلاميذ كل فرقة دراسية بمنهج محدد يتم تدريسه وحفظه واجتياز الامتحان المقرر فيه، فإذا ما تم اجتياز الامتحان بنجاح فى إحدى الفروق الدراسية كان ذلك اقراراً من السلطة التعليمية بأنه قد حفظ على وجه مرضى الاجزاء المحددة له فى قرار وتوزيع المنهج، مما لايجوز معه معاودة امتحانه فى ذات المنهج الذى سبق نجاحه فيه وإلا كان ذلك سحبا للقرار الصادر بإعلان نجاحه فى ذات المقرر بعد أن صدر صحيحا وأصبح حصينا من السحب أو الإلغاء، واكتسب الطالب منه حقا لا يسوغ المساس به، ويؤكد ذلك ويظاهره أن القرار الصادر من مدير التعليم الابتدائى بتوزيع منهج القرآن الكريم على الفرق الدراسية بالمرحلة الابتدائية لم يتضمن أية ملاحظة أو إشارة إلى معاودة النظر فيما سبق حفظه أو الامتحان بمعاودة المراجعة أو الحفظ، وانما ورد تحديد منهج كل فرقة من الفرق من الفرق الدراسية الست على سبيل الحصر من آيات القرآن الكريم وعلى نحو لا يحتمل أى غموض أو لبس فى قصر التزام طلبة كل فرقة دراسية بما هو محدد له من أجزاء بمقتضى القرار المشار إليه دون أن يجاوز هذا الالتزام حدود هذه الاجزاء إلى الأجزاء المقررة فى الفرق الدراسية الاخرى.
ومن حيث ان الظاهر مما أثبته الحكم الطعين فى مدوناته وبما لاخلاف عليه بين أطراف الخصومة أن امتحان الدور الثانى المعقود فى اكتوبر سنة 1913 بمعهد قليوب الدينى قد تضمن فى مادة القرآن الكريم لطلبة الشهادة الابتدائية سؤالين من خارج المنهج الدراسى المقرر على تلاميذ الفرقة السادسة وفقا للحصر الوارد بقرار مدير التعليم الابتدائى بتوزيع منهج القرآن الكريم على الفرق الدراسية هما السؤال الثالث والسؤال الرابع بينما جاء السؤال الأول والسؤال الثانى من واقع المنهج المقرر بمقتضى القرار المشار إليه، مما يجعل نصف الامتحان المذكور من المقررات السابق دراستها واجتياز الامتحان المقرر لها، وهو ما لايجوز أن يتضمنه الامتحان، لما فيه من سحب للقرار الصادر باعتراف الجهة المختصة بنجاح الطالبة فيه بعد أن اكتسبت به حقاً لا يسوع المساس به، وكل أولئك يجعل الامتحان غير معبر تعبيرا دقيقاً عن مدى تحصيل الطالبة لمنهج الفرقة السادسة الابتدائية الأمر الذى يتعين معه إبطال ما ترتب عليه من آثارها أهمها إعلان نتيجة الطالبة على أنها راسبة فى مادة القرآن الكريم، وإذ انتهى الحكم إلى غير هذه النتيجة استنادا إلى التزام جميع طلبة المرحلة الابتدائية بما سبق حفظه من القرآن فى الأعوام السابقة، فإنه يكون قد أخطأ فى تأويل القانون وتطبيقه فقد بات مسلماً ان الطالب الذى اجتاز الامتحان فى منهج معين يكتسب حقا لا يسوغ النيل منه بإعادة امتحانه مرة أخرى فيما سبق أن أجاز الامتحان فيه بنجاح، ما لم يكلف صراحة بذلك من السلطة المختصة، ولا يكفى لتقصى هذه القاعدة المسلمة ما ورد فى جدول توزيع منهج السنة السادسة أو غيرها من السنوات على شهور الدراسة من عبارة يلاحظ مراجعة ما سبق حفظه فى الأعوام السابقة ذلك أن هذه العبارة لم ترد فى قرار مدير التعليم الابتدائى المتضمن توزيع وتحديد مناهج الفرق الست من القرآن الكريم، وإنما وردت ملاحظة فى هامش الجداول التى يعدها الموجه الأول ومدير الخطة لتوزيع المنهج المقرر لكل سنة على شهور السنة الدراسية، الأمر الذى يؤكد أن هذه الملاحظة موجهة من السلطة المشرفة على تنفيذ المنهج متضمنة التوجيهات اللازمة للقائمين على التدريس لتيسير المهمة التعليمية وتسهيل استيعاب الطلاب للمنهج وتقسيمه على شهور السنة الدراسية مع مراعاة مراجعة ما سبق حفظه فى السنوات السابقة من القرآن لشحذ همتهم وتنشيط ذاكرتهم، وهو ما يحدث عادة ودون حاجة إلى نص بالنسبة لجميع المناهج الدراسية سواء فى التعليم الأزهرى أو التعليم العادى دون أن يلتزم الطالب بما تمت مراجعته له من مقررات التزاما قانونيا يسأل عنه بمقتضى امتحان لقياس مدى استيعابه له، ما دام قد سبق له اجتياز الامتحان المقرر له.
ومن حيث انه ولئن كان حقاً ما يدعيه الطاعن فى النعى على مسلك الجهة الإدارية من إقحام أسئلة خارجة عن المقرر على الامتحان لطلبة الفرقة السادسة الابتدائية للعام الدراسى 92/1993 إلا ن ذلك لا يعنى إبطال الامتحان فى ذاته لجميع تلاميذ الفرقة المذكورة فى العام المشار إليه واهدار المراكز القانونية التى ترتب عليه وأصبحت حصينة من الأغلاء، وإنما يقتصر أثره على تصحيح مسلك الجهة الإدارية بإبطال الامتحان فيما تضمنه من أسئلة خارجة على مقر الفرقة السادسة واعتبار الامتحان مقصوراً على الأسئلة الواردة بالمقرر طبقا لقرار توزيع المنهج الصادر من مدير التعليم الابتدائى.
ومن حيث انه بتطبيق الأصول المتقدمة على واقعة النزاع فإنه يتعين استبعاد السؤالين الثالث والرابع من عداد الأسئلة المقررة واعتبار امتحان القرآن الكريم محل النزاع مقصوراً على السؤالين الأول والثانى فإذا كان البادى من الأوراق وبصفة خاصة كراسة الإجابة الخاصة بأبنة الطاعن أنه أجابته على السؤال الأول بجزئية أ، ب وحصلت فيهما على أربع درجات من عشرين درجة، وأخفقت نهائيا فى الإجابة على السؤال الثانى بجزئيه أ، ب وحصلت على صفر وأصبح مجموعة ما حصلت عليه فى الامتحان هو أربع درجات من 40 درجة المقررة على السؤالين الداخلين فى المقرر أى عشر الحد الأقصى لمجموع درجات السؤالين وهو يقل كثيراً عن الحد الأدنى المقرر لنجاح الطالب وهو حصوله على ربع الدرجة أى (25%) من المجموع الكلى للدرجات، الأمر الذى يجعل تصحيح سلوك الجهة الإدارية بتطبيق الأصول الصحيحة وقصر الأسئلة على السؤالين الأول والثانى غير مؤثر فى نتيجة الطالبة ، وغير منتج فى تحقيق الغاية التى يستهدفها الطاعن من إبطال الامتحان، وهى إعتبار ابنته ناجحة حيث لايسمح تحصيلها فى مادة القرآن الكريم على اجتيازها الامتحان المقرر له، أيا كان الأساس القانونى الذى يستند إليه، الأمر الذى يتخلف معه ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ لعدم رجحان إلغاء القرار المطعون، ويجعل الطعن فى الحكم المطعون فيه – رغم مخالفة أسبابه للقانون ، غير قائم على أساس سليم من القانون خليقا بالرفض.
ومن حيث ان الطاعن قد أصابه الخسر فى طعنه فيلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وبرفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.