طعن رقم 392 لسنة 37 بتاريخ 19/04/1992

Facebook
Twitter

وعادل محمود زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد عبد العزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة

 

وحضور السادة الأساتذة : د/ طارق على حسن أستاذ الأمراض الباطنة ورئيس قسم الغدد الصماء بطب الأزهر? السفير / عمران الشافعى السفير بالمعاش المهندس / عبد الغنى حسن السيد رئيس مجلس إدارة الشركة القابضة للأشغال العامة? محى الدين صقر الشعرانى رئيس الشركة المصرية الفرنسية لمنتجات الطاقة المتجددة حسن محمد شبانة مستشار الدكتور وزير التموين من الشخصيات العامة

 

* إجراءات الطعن

 

فى يوم الاربعاء الموافق 2 يناير سنة 1990 أودع الأستاذ محمد أبو الفضل الجيزاوى المحامى بصفته وكيلا عن السيد / …………… والى عن نفسه وبصفته وكيلا عن طالبى تأسيس الحزب الاشتراكى المصرى قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم لسن 37 ق ضد السيد رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية ، وذلك فى القرار الصادر من اللجنة بجلسة 4/12/1990 بالاعتراض على تأسيس حزب سياسى باسم الحزب الاشتراكى المصرى

 

وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بصفته بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة

 

وقدم الأستاذ المستشار اسماعيل بريك مفوض الدولة تقريرا بالرأى القانونى لهيئة مفوضى الدولة فى الطعن ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بتاريخ 4/12/1990 بالاعتراض على تأسيس الحزب الاشتراكى المصرى وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده بالمصروفات

 

وقد عين لنظر الطعن أمام هذه المحكمة المشكلة تطبيقا لحكم المادة (8) من القانون رقم 40 لسنة 1977الخاص بنظام الأحزاب السياسية جلسة 9 مارس سنة 1991 حتى تم نظره بالجلسة المذكورة والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى تقرر حجزه للنطق بالحكم لجلسة 8/3/1992 وبالجلسة المذكورة تقرر مد أجل النطق بالحكم لجلسة 22/3/1992 ثم إلى 29/3/1992 ثم اعيد الطعن للمرافعة لتغيير التشكيل وبناء على طلب هيئة قضايا الدولة لتقديم دفاع هام حيث حجز لجلسة 12/4/1992 وتقدمت هيئة قضايا الدولة مرة أخرى فى 15/4/1992 بمذكرة ذكرت فيها مجموع دفاعها السابق فضلا عن ما عرضته من ضرورة أن تكون البرامج المقدمة من أى حزب مختلفة ومتباينة عن غيرها من الحلول التى تبناها باقى الأحزاب الأخرى وان تكون هذه الحلول واضحة محددة على نحو يمكن معه تطبيقها عمليا وهذين الشرطين لا يتوافران فى الحزب تحت التأسيس محل هذا الطعن فبرامجه ليست متميزة وهو يقوم على امانى وتصورات وأن تقرير هيئة مفوضى الدولة يخلط بين الهدف والوسيلة حيث ذهب تقرير المفوض إلى انه يكفى أن يورد برنامج الحزب مبادئ عامه (أهداف) تاركا التفاصيل وهى (الوسائل والحلول) لمرحلة مقبلة أى أنه من المتصور فى تقرير هيئة مفوضى الدولة المودع بالطعن ان يخلو برنامج الحزب من تحديد الحلول العملية لمشاكل المجتمع فى كافة المجالات عند تقديمه اذ من الممكن ان توضع هذه الحلول فيما بعد وهذا يتعارض مع ما اشترطه قانون الأحزاب من ضرورة انطواء برنامج الحزب على الأهداف والوسائل معا ولا يخل ذلك من إمكانية تعديل هذه الأساليب مستقبلا بما يتلاءم مع التغيرات المستمرة فى ظروف التطبيق – كذلك يتعارض برنامج الحزب فيما ذهب إليه من أخذه بنظام الحكم المحلى لتحقيق اللامركزية مع الدستور المصرى الذى يأخذ فى المادة (161) فيه بمبدأ الإدارة المحلية وليس بمبدأ الحكم المحلى الذى تبناه الحزب وأضافت المذكرة انه لم يتسن الاطلاع على أسباب الحكم الصادر من هذه المحكمة بشأن حزب الشعب الديمقراطى للوقوف على ما أرساه الحكم من مبادئ مع الاهمية المتميزة للحكم فى دعاوى طعون الأحزاب لم لها من تأثير على تشكيل الحياة السياسية والنيابية بالبلاد بل ويتعداه إلى سائر المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية وغيرها مما يتعين لإتاحة فرصة كاملة للدفاع للقيام بواجبيه للحق والتاريخ وفيها صدر الحكم بعد ان أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به

* المحكمة

 

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة وبعد المداولة

 

ومن حيث ان الطعن استوفى أوضاعه الشكلية

 

ومن حيث عن طلب إعادة فتح باب المرافعة فى هذا الطعن فإن سنده أهمية الانزعة الخاصة بنشوء الأحزاب السياسية وتأسيسها فى الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد حاجة الدفاع عن لجنة شئون الأحزاب السياسية إلى إتاحة الفرصة لأداء واجباته فى إيضاح وجه نظرها وأسانيدها ………الخ

 

ومن حيث ان المشرع قد راعى فى أحكام قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 هذه الطبيعة الهامة والخطيرة للمنازعات فى تأسيس الأحزاب السياسية فنظم لجنة يقدم إليها المؤسسون طلبات التأسيس لدراستها وفحصها والتحقق من توفر الشروط التى يقتضيها القانون وأجاز أيضا فى ذات الوقت للمؤسسين باعتبارهم يرغبون مباشرة حق من الحقوق العامة الدستورية والأساسية للمصريين – يتمثل فى تأسيس الأحزاب السياسية ان يطعنوا فى قرار لجنة الأحزاب السياسية أمام هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذى راعى فيه المشرع طبيعة هذا النزاع وخطورته وقد نص صراحه فى المادة (8) من القانون المذكور على أن تفصل المحكمة فى الطعون خلال أربعة أشهر على الاكثر من تاريخ إيداع عريضته، كما نص المشرع كذلك رعاية لطبيعة هذا الحق العام للمصريين وأهميته السياسية والدستورية على أن يتمتع الحزب بالشخصية الاعتبارية ويمارس نشاطه الحزبى والسياسى منذ انقضاء الفترة المحددة للاعتراض عليه دون ان يتم اخطار المؤسسين بذلك بقرار مسبب أو من تاريخ صدور الحكم بوقف أو إلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض على تأسيس

 

ومقتضى ذلك أن المشرع يهدف بوضوح إلى ضرورة حسم المنازعات المتعلقة بتأسيس لكى لا يتأخر قيام أى حزب تتوفر فيه الشروط المقررة فى أحكام الدستور والقانون بدون مبرر معقول

 

ومن حيث ان الثابت ان الطعن الماثل قد انقضى عليه منذ اقامته فى 2/1/1990 عدة سنوات وقد بدأ نظره منذ أكثر من عام أمام هذه المحكمة وتقرر فتح باب المرافعة بعد حجزه للحكم وقد اتيحت للطرفين الفرصة الكاملة لتقديم م ايشاؤون من دفع ودفاع – وقد انطوى طلب فتح باب المرافعة الاخير على تكرار لما سبق ابداؤه من دفاع يتعلق بعدم تميز برنامج الحزب تحت التأسيس وعدم تحديده وسائله وأساليبه ومخالفة مبدأ نظام الحكم المحلى لأحكام الدستور التى تقوم على الإدارة المحلية – من ثم فان طلب فتح باب المرافعة المقدم من لجنة شئون الأحزاب السياسية فى 15/4/1992 يكون بلا سند أو مبرر قانونى مقبول مما يتعين معه طرحه والالتفات عنه

 

ومن حيث ان عناصر هذا الطعن تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – فى أنه بتاريخ 31/7/1990وجه الطاعن – عن نفسه وبصفته وكيلا عن طالبى تأسيس الحزب الاشتراكى المصرى اخطارا كتابيا إلى المطعون ضده بطلب الموافقة على تأسيس الحزب المذكور، وأرفق بطلبه قائمتين باسماء الأعضاء المؤسسين البالغ عددهم (153) عضوا منهم (101) من العمال والفلاحين، (52) عضوا من الفئات مصدق رسميا على توقيعاتهم جميعا، كما أرفق بطلبه برنامج الحزب مشتملاً على مبادئه، وأهدافه وبرامجه وأساليبه التى يراها محققه لأهدافه فضلا عن لائحة نظامه الداخلى وقد عرض الاخطار بالطلب على لجنة شئون الأحزاب السياسية بجلسة 13/8/1990، وبجلسة 4/12/1990 أصدرت اللجنة قرارها المطعون فيه متضمنا الاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بتأسيس حزب سياسى باسم الحزب الاشتراكى المصرى لعدم توافر – الشروط التى يتطلبها قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والقوانين المعدلة له وأقامت قرارها على أن برنامج الحزب يفتقد شرطى التميز والتحديد الذين أوجبها القانون لقيام أى حزب سياسى

 

وفى مجال الشرط الأول قررت اللجنة ان التميز الظاهر الذى اشترطه القانون فى الأحزاب السياسية هو المغاير الانفرادية بمعنى ان يكون للحزب فى برامجه وسياساته وأساليبه ما بنفرد به لا يشاركه فيه كله أو بعضه حزب آخر، الأمر الذى لا يحققه، اقتباس الحزب لاجزاء من برامج وسياسات وأساليب أحزاب أخرى، ولا يسوغ القول بتحققه بمجرد عدم التطابق فى هذه الأمور مع أى حزب على حدة، كما ان التمييز لا يتحقق اذا كانت البرامج والسياسات والأساليب مجرد عموميات تضمنها عبارات إنشائية فضفاضة وذلك كله حسبما تكشف المناقشات التى دارت فى مجلس الشعب عند نظر القانون رقم40 لسنة 1977 وما أوردته المحكمة الدستورية فى أسباب حكمها فى الدعوى رقم (44)-لسنة 7 من أن المقصود بالمبادئ والمقومات والأهداف التى يلتزم بها الحزب هو الايدولوجيات المشتركة التى يجمع عليها المؤسسون ويتخذونها أساسا لحركة الحزب وممارسته لنشاطه، وأضافت اللجنة ان القانون اشترط التميز لضمان أن يكون التعدد الحزبى جديا، وأن ما أوضحه الحزب من أن برنامجه يتميز عن الأحزاب الأخرى بأمور سبعة فانها امور لا تحقق شرط التميز المطلوب وذلك على النحو التالى:

 

أولا : بالنسبة لما دعا إليه الحزب فى شأن تحقيق اللامركزية فهو أمر يوفره قانون الإدارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 وتعديلاته، أما ما يطالب به الحزب من انتخاب المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية فتلك مسألة فرعية ومرحلية تحكمها ظروف المجتمع، ولا تميز فى برنامج الحزب عند المطالبة بها

 

ثانيا: وبالنسبة لما دعا إليه الحزب من إنشاء قضاء شعبى فهو تضمنته المادة (170) من الدستور بنصها على أن يسهم الشعب فى إقامة العدالة وقد طبقت حكومة الحزب الوطنى هذا النص باشتراك شخصيات عامة فى محكمة القيم ومحكمة الأحزاب

 

ثالثا: واما عن انتاج رغيف كامل المصرية بالاستغناء عن استيراد القمح بإنشاء بنك القمح فقد تضمنت اغلب الأحزاب دراسات فى شأن زيادة القمح بينما لم يقدم الحزب الماثل أى تصور عن كيفية الوصول إلى هذه الغاية

 

رابعا: أما ما يدعو إليه الحزب تحت التأسيس من سيطرة الدولة على المصارف من خلال البنك المركزى فان هذا امر قائم بمقتضى القانون رقم 160 لسنة 1975بشأن البنك المركزى والجهاز المصرفى والقانون رقم 50 لسنة 1984 فى شأن أحكام قانون البنوك والائتمان

 

خامسا: وبالنسبة لما قدمه الحزب من ضرورة الحد من سياسة البناء من اجل التمليك وقصرها فى المجتمعات الجديدة على الحكومة وحدها فان برامج الأحزاب الأخرى قد تضمنت تصورات أوسع للسياسة السكانية

 

سادسا: أما المطالبة بالا تمارس النقابات والأندية والمؤسسات الاجتماعية العمل السياسى الا عن طريق الأحزاب السياسية الشرعية، فقد اوجبتها المادة (56) من الدستور ولم يقل احد بأن تكون الأندية أو النقابات مرتعا للعمل السياسى

 

سابعا: ان ما يدعو إليه الحزب من عدم استغلال الدين فى السياسة فهو امر تنادى به الدولة كلها ويؤيده الجميع ولا يكسب البرنامج أى جديد يتميز به على الأحزاب الأخرى

 

كما ان ما يدعو إليه الحزب من أن يكون نظام الحكم فى الدولة برلمانى قائم على التعددية الحزبية فهو أمر واقع يؤكده النظام الحالى القائم على التعددية الحزبية هذا فضلا عن أن ما قرره طالبوا تأسيس الحزب فى برنامجه من أن الحل الاشتراكى للمشكلة الاقتصادية أمر حتمى تفرضه ظروف الواقع، وما يدعو إليه الحزب من رفع مستوى المستشفيات الحكومية وأن تكون التجارة الخارجية تحت الاشراف الكامل للشعب، وأن يختص القطاع العام بنسبة 75% وأن تكون الملكية التعاونية بين من يمكنهم إدخال الميكنة الزراعية الجديدة وأن تكون الملكية الفردية لمن يزرع الارض بنفسه، ولا يجوز التأجير لمن ليست الزراعة حرفته الوحيدة فكلها عبارات فضفاضة تفتقد إلى التحديد والثبات وبذلك يكون برنامج الحزب قد افقتد شرطين أساسيين من شروط قيامه هو التميز والتحديد

 

ومن حيث ان مبنى الطعن الماثل ان القرار المطعون فيه قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقا بالإلغاء وذلك للأسباب الآتية:

 

أولا : أن الأصل فى الدستور هو الحرية فى إنشاء الأحزاب والانتماء إليها، إذ أن الإنسان لا يستطيع أن يمارس دوره فى النقد والتوجيه والرقابة فى المجتمع إلا من خلال الجماعة التى ينتمى إليها بفكرة الحر ومن ثم كانت ضرورة الأحزاب التى تمثل المعارضة المستمرة فى النظام الديمقراطى، ومن ثم فلا يجوز الادعاء بأن ما ورد فى برامج الحزب هى أمور واردة فى برامج الأحزاب الأخرى كالحزب الوطنى الديمقراطى وحزب الأحرار وحزب التجمع إذ أن هذه الأحزاب جاءت فى قيامها مخالفة لنصوص الدستور وما أجمع عليه فى استفتاء 15/5/1974 من أنه ارتضى لنفسه نظام تحالف قوى الشعب العاملة إطارا لحياته السياسية، لان هذه الأحزاب ولدت بمقتضى قرار رئيس الجمهورية فى 11 نوفمبر سنة 1976 ومن ثم تكون هذه الأحزاب الثلاثة قد ولدت منعدمة ولا يجوز المقارنة بها

 

ثانيا: أنه من الضرورى والطبيعى أن يتفق كل الأحزاب السياسية القائم منها وطالب التأسيس حول أمور غير مسموح دستوريا أو قانونيا الاختلاف حولها، ومن ثم فإن التمايز يكون محظورا فى غير هذه الأمور، والقانون لم يشترط التميز فى الغاية أو المبادئ والأهداف لأنها فى عموميتها قد تتطابق وجوبا، وإنما التمايز المشروط هو التمايز فى برنامج الحزب وسياساته وأساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تمايزا ظاهرا، وأن الثابت أن برنامج الحزب يتميز عن الأحزاب الأخرى الأخرى فيما دعا إليه من تحقيق اللامركزية فى إدارة شئون البلاد من خلال حكم يباشر فيه المواطنون إدارة شئونهم بأنفسهم، وإنشاء قضاء شعبى فى الأحياء السكنية لفض المنازعات وإجراء المصالحات وتوفير رغيف مصرى100% للخروج من نطاق التبعية الاقتصادية ، وإلغاء سياسة البناء من أجل التمليك، يضاف إلى ذلك التميز الظاهر فى النظام الداخلى من النزول بالتشكيلات حتى مسئول الشارع ومسئول العمارة وتشكيل حكومة ظل، وتشكيل لجان الأحزاب على مستوى المناطق والاقاليم

 

ثالثا: أن التحديد الذى تتطله لجنه الأحزاب أمر لا يتسنى تحقيقه عملا، إذ يمكن لأى حزب أن يضع برنامجا تفصيليا محدداً قاطعاً وهو خارج الحكم، كما لم يقل حزب آخر بإنشاء بنك للقمح، وأن ما جاء ببرامج الأحزاب الأخرى بشأن السياسة السكانية هو عبارة عن تصوارت غير محددة بعكس ما جاء فى البرنامج من الدعوة إلى إلغاء سياسة البناء من أجل التمليك وإلغاء التأجير المفروض حماية للقيم والأخلاق

 

ومن حيث ان هذه المحكمة بتشكيلها المتميز الذى حددته المادة 8 من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدل بالقانونين رقمى 144 لسنة 1980، 124 لسنة 1983 إنما تلتزم فى اعمال رقابتها على القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب بأحكام الدستور والقانون، ويقتضى ذلك ابتداء تحديد دور هذه اللجنة فى أداء مهمتها الواردة بالقانون والإمكانيات التى اتيحت لها فى بسط رقابتها القانونية على برامج الأحزاب تحت التأسيس وذلك فى ضوء أحكام مواد الدستور والمبادئ الدستورية العامة التى يتعين فهم وتفسير أحكامه فى ظلها والأهداف والغايات القومية التى تسعى إلى تحقيقها، فقد اكدت وثيقة إعلان الدستور على أن جماهير شعب مصر هى التى قبلت واعلنت ومنحت لنفسها الدستور، وقد انعقد عزمها على بذل كل الجهد لتحقيق (أولاً) السلام القائم على العدل بحسبان أن التقدم السياسى والاجتماعى لكل الشعوب لا يمكن أن يتم إلا بحرية الشعوب وبإرادتها المستقلة (ثانيا) ان الوحدة العربية هى أمل الأمة العربية باعتبارها نداء تاريخ ودعوة مستقبل (ثالثا) التطوير المستمر للحياة فى الوطن إيمانا بأن التقدم لا يحدث تلقائيا أو بالوقوف عند اطلاقه الشعارات وإنما قوته الدافعة لتحقيقه فى اطلاق جميع الإمكانيات والملكات الخلاف والمبدعة للشعب (رابعاً) حرية الإنسان المصرى عن إدراك بأن حرية الإنسان وعزته هى الشعاع الذى هدى ووجه مسيرة التطور الذى قطعته الإنسانية نحو مثلها العليا وأن كرامة الفرد انعكاسه لكرامة الوطن، وأن سيادة القانون ليست ضمانا مطلوبا وحسب لحرية الفرد ولكنها الأساس الوحيد لمشروعية السلطة، ولا يمكن تفسير تلك المبادئ التى تضمنتها مقدمة الدستور الذى اقره الشعب فى استفتاء عام تفسيرا سليما إلا إذا تم استعراض تطور الحياة السياسية فى مصر فيما قبل ثورة 23 يوليو 1952 وبعد هذه الثورة ويبين من الدراسة لما قبلها انه لم يرد فى دستور سنة 1882 أى نص إباحة أو حظر تكوين الأحزاب السياسية فهو بحكم نصوصه وظروف إصداره لم يتعرض إلا لنظام عضوية مجلس النواب واختصاصاته الدستورية وبعد الاحتلا البريطانى لمصر فى صيف 1882 الغى الدستور ووضع القانون النظامىعلى أساس تقرير اللورد دوفرين الذى جعل نظام الحكم المطلق بيد المعتمد البريطانى يمارسه بواسطة الخديوى ولم يتغير هذا الوضع فى ظل القانون النظامى الصادر سنة 1913 فى ظل الاحتلال ، ولم يرد فى دستور سنة 1923 أى نص صريح بإباحة تشكيل الأحزاب السياسية أو بتنظيم هذه الأحزاب، وقد ورد النص فى هذا الدستور على كفالة حرية الرأى وأن لكل إنسان الاعراب عن فكره بالقول أو بالكتابة أو بالتصوير أو بغير ذلك فى حدود القانون (م14) وعلى أن للمصريين حق الاجتماع فى هدوء وسكينة غير حاملين سلاحا (م200) – وعلى أن للمصريين حق تكوين الجمعيات مع حظر الجمعيات السرية أو ذات النظام العسكرى وكيفية استعمال هذا الحق يحددها القانون (م31) ويطابق هذا النص ما ورد فى دستور 1930فى المادة (21) منه كما ان المادة 14 سالفة الذكر من دستور سنة 1923 بشأن حق الاجتماع للمصريين مطابق لدستور سنة 1939 فى المادة (20) منه وقد قامت معظم الأحزاب السياسية فى مصر قبل صدور دستور سنة 1923 واستمرت قائمة بعده كما نشأت أحزاب أخرى بعد صدوره دون ان يجادل احد فى ان حق تكوين الجمعيات شامل لها بجميع انواعها، وبينها الأحزاب السياسية وانه حق متفرع كذلك عن حرية الاجتماع وحرية ابداء الرأى، وحق الرشيح وحق الانتخاب للمجالس النيابية وهى حقوق قررته دساتير سنة 1923، سنة 1930، ولم يصدر قانون لتنظيم الأحزاب السياسية بعد صدور الدستور سنة 1923 وقبل قيام ثورة يوليو 1952 ليضع القواعد الكفلية لتحقيقها لأهدافها السياسية فى خدمة الشعب، وبعد ان قامت ثورة 23 يوليو سنة 1952 واعلنت مبادئها الستة المعروفة وبينها إتاحة حياة ديمقراطية سليمة صدر فى سبتمبر 1952 المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية وقد استهدف هذا المرسوم إتاحة الفرصة للأحزاب السياسية القائمة لتنظيم نفسها وتطهير صفوفها بم يزيل عيوب تعددها وتفتتها عن غيرها من الأحزاب التى نشأت قبل المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 وتأثير ذلك على الوحدة الوطنية وصلابتها مع التقرير فى المادة الأولى منه بحرية المصريين فى تكوين الأحزاب السياسية والانتماء إليها وفى 17 يناير سنة 1953 أصدر القائد العام للقوات المسلحة بصفته رئيسا لحركة الجيش إعلانا دستوريا انتهى فيه إلى إعلان فترة انتقال لمدة ثلاث سنوات حتى تتمكن الثورة من إقامة حكم ديمقراطى دستورى سليم مع حل الأحزاب السياسية اعتبارا من هذا التاريخ ومصادرة جميع أموالها لصالح الشعب، وقد أبان هذا الإعلان الدستورى ان الأساس الذى ذهب إليه فى حل الأحزاب السياسية القائمة هو الحفاظ على الوحدة الوطنية فى مواجهة الاحتلال الأجنبى ومنع التأثير الاجنبى على الحياة السياسية المصرية الوطنية من خلال التحالف أو الاتصال بين الأحزاب والدول الاجنبية المختلفة – وصدر عقب ذلك المرسوم بقانون رقم 37لسنة 1953 وقد قام هذا المرسوم بقانون على عدة مبادئ أساسية بينها حظر مباشرة أى نوع من النشاط الحزبى على أعضاء الأحزاب السياسية المنحلة والمنتمين إليها وتحريم تقديم اية مساعدة لهؤلاء الاشخاص فى سبيل قيامهم بمثل هذا النشاط (م2) وحظر قيام أية أحزاب سياسية جديدة، مع إلغاء المرسوم بقانون رقم 179 لسنة 1952 بتنظيم الأحزاب السياسية (م6) وفى 10 من فبراير سنة 1952 صدر إعلان دستورى تضمن المبادئ الأساسية للحكم فى المرحلة الانتقالية المؤقتة السابق إعلانها وصدر مرسوم بقانون رقم (36) لسنة 1953 فى شأن التدابير المتخذة لحماية حركة 23 يوليو سنة 1952 والنظام القائم عليها وقد قضت أحكامه باعتبار كل تدبير اتخذ خلال سنة من 23 يوليو سنة 1952 – يقصد حماية هذه الحركة والنظام القائم عليها من اعمال السيادة – واثر إلغاء الأحزاب السياسية انشأ النظام الحاكم (هيئة التحرير) وكانت طبقا لنظامها الأساسى تجميعا شعبيا ووطنيا هدفه توحيد جهود المواطنين بكافة طوائفهم وفئاتهم ونزعاتهم لتحقيق الهدف الأول من أهداف ثورة 23يوليو سنة 1952 وهو اجلاء المستعمر الاجنبى عن البلاد، واستمرت هذه الهيئة حتى صدر دستور سنة 1956 الذى تضمن النص فى أحكامه الختامية والانتقالية على إنشاء اتحاد قومى يهدف إلى بناء البلاد بناءاً سليما من النواحى السياسية والاجتماعية والاقتصادية ومنح هذا الاتحاد الاختصاص فى الترشيح لعضوية مجلس الامة وترك الدستور المذكور تنظيم هذا الاتحاد لقرار يصدره رئيس الجمهورية وبعد صدور الدستور المؤقت للجمهورية العربية المتحدة خلال الوحدة مع سوريا تضمن نص المادة (72) الذى قضى بان يكون المواطنون فى اقليمى الجمهورية اتحادا قوميا للعمل على تحقيق الأهداف القومية، وذلك لتحقيق ذات أهداف الاتحاد القومى المصرى فى الاقليمين وتنظم امور هذا الاتحاد بقرار من رئيس الجمهوري، وبعد إعلان الميثاق الوطنى سنة1962 وصدور دستور سنة 1964 نصت المادة (3) منه على أن الوحدة الوطنية التى يصنعها تحالف قوى الشعب العاملة المختلفة للشعب العامل وهى الفلاحون والعمال والجنود والمثقفون والرأسمالية الوطنية، هى التى تقيم الاتحاد الاشتراكى العربى ليكون السلطة الممثلة للشعب والرافعة لامكانات الثورة والحارسة على قيم الديمقراطية السليمة

 

ثم صدر بيان 30 مارس سنة 1968 بعد هزيمة يوليو سنة 1967 وتضمن ان من أسباب الهزيمة الرئيسية اهدار سيادة القانون وانعدام الديمقراطية فى ظل سيطرة مراكز القوى على الاتحاد الاشتراكى العربى، وعلى السلطة فى البلاد، ومع تأكيد البيان على صيغة الاتحاد الاشتراكى العربى فقد ارجع المشاكل الناتجة عن وجوده إلى عدم قيامه على الانتخاب الحر من القاعدة إلى القمة

 

وبعد ان اعلن فى 15 مايو سنة 1976 ازاحة مراكز القوى المتسلطة على الشعب بدأ الاعداد للتصحيح الكامل لمسار ثورة 23 يوليو سنة 1952 بوضع مبدأها السادس وهو إقامة الحياة الديمقراطية السليمة موضع التطبيق والتنفيذ فبدأ الاعداد لوضع دستور دائم للبلاد وازالة التناقض المصطنع بين الحرية السياسية ومصالح الاغلبية العظمى من الشعب، والذى افتعلته مراكز القوى للانفراد بالسلطة والتحكم فى مصير الدولة وتحقيق اطماعها ونزواتها ومصالحا الذاتية، وفتح الطريق أمام الديمقراطية باعتبارها الضمان الوحيد ضد ظهور مراكز القوى وضد الشللية وضد الولاء للفرد أو لمجموعة من قليل من الافراد وأثر ذلك صدر دستور 1971 القائم بعد موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء العام فى 11 من سبتمبر 1971 متضمنا النص فى المادة الثالثة منه على أن السيادة للشعب وهو مصدر السلطات ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها ويصون الوحدة الوطنية على الوجه المبين فى الدستور ونص فى المادة الخامسة على قيام الاتحاد الاشتراكى العربى والمبادئ الأساسية التى أصبحت تنظم وتحكم نشاطه وبينها مبدأ الديمقراطية وافراد الدستور الباب الثالث للحريات والحقوق والواجبات العامة وتضمن النص فى المواد (47)، (48) على حرية الرأى وحرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الاعلام ونص فى المادة (54)على حق المواطنين فى الاجتماعات العامة والمواكب الشعبية ونصت المادة(55) على حق المواطنين فى تكوين الجمعيات على الوجه المبين فى القانون وحظر فى ذات الوقت إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكرى

 

ثم صدرت بعد ذلك ورقة اكتوبر 1974 التى طرحت فى استفتاء شعبى والتى تضمنت الاعتراف بانه اذا كانت ثورة يوليو 1952 قد انجزت الكثير فى الحرية الاجتماعية فانه بكل امانة لابد ان يسلم ان جانب الحرية السياسية لم يتحقق على الوجه الذى يريده الشعب بل لقد فرضت مراكز القوى وصايتها على الجماهير وتعددت القيود والإجراءات..الخ

 

انه لا معنى للحرية السياسية بالنسبة للجائع الذى يضطر لبيع صوته فى الانتخابات.. وايضا فانه لا جدوى للقمة العيش اذا فقد الإنسان أهم ما يميزه وهو الحرية السياسية. واليوم بعد انتصار اكتوبر وتاكيد وحده الصف الوطنى وارتفاع المواطنين إلى مستوى المسئولية، لابد ان يؤكد معنى الحرية السياسية جنبا إلى جنب مع الحرية الاجتماعية وان الديمقراطية ليست مجرد نصوص ولكنها ممارسة عملية ويومية وان الديمقراطية لا تمارس فى فراغ بل لابد من إطارات تحدد من خلال الاتجاهات التى تخص امور الوطن السياسية والاقتصادية والاجتماعية … الخ واننا نرفض الدعوة إلى تفتيت الوحدة والذى يفرض وصايته على الجماهير ويصادر حرية الشعب من ممارسة تحريته السياسية …

 

ولقد تضمنت ورقة تطوير الاتحاد الاشتراكى التى قدمها الرئيس الراحل أنور السادات فى اغسطس 1974 أن نفى فكرة الحزب الواحد من الاتحاد الاشتراكى العربى لا يمكن ان يتم الا بالتسليم بتعدد الاتجاهات داخله وانه يتعين تحرير العضوية بالاتحاد من ان تكون شرطاً لاى منصب ووظيفة من جهة وتحرير فكر العضو الا من المبادئ الأساسية الستة لثورة 23 يوليو ومواثيقها المتوالية – ثم بعد تشكل لجنة مستقبل العمل السياسى برئاسة رئيس مجلس الشعب وعضوية عدد من أعضاء من النقابات المهنية والعمالية والتى تدارست الاتجاهات الأساسية للتطوير وأبدت انها ثلاثة اتجاهات اولها يرى إنشاء منابر ثابتة داخل إطار الاتحاد الاشتراكى والثانى يذهب إلى إنشاء منابر متحركة داخل إطار هذا الاتحاد اما الثالث فيعتبر الاتحاد حزبا سياسيا للثورة يلتزم بمبادئها ومواثيقها ويقوم خارجه أحزابا أخرى? وبعد تطوير نظام المنابر طالبت اللجنة البرلمانية للرد على بيان الحكومة بمجلس الشعب فى تقرير لها فى 23 من ديسمبر سنة 1976 باعداد تشريع للأحزاب السياسية لانه قد صار ضروريا ان يصدر مجلس الشعب قانونا ينظم قيام الأحزاب واسلوب إعلانها والضوابط الموضوعية التى تصاحب قيامها وبناء على ذلك فقد صدر القانون رقم (40) لسنة 1977 بتنظيم الأحزاب السياسية وقد تضمن تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب عن الاقتراح بقانون المقدم منها بشأن نظام الأحزاب السياسية والاقتراحات بمشروعات القوانين الأخرى المقدمة من بعض أعضاء مجلس الشعب فيم يتعلق بدستورية قيام الأحزاب السياسية فى ظل أحكام الدستور الصادر سنة 1971، وبصفة خاصة أحكام المادة الخامسة منه قبل تعديلها سنة 1980 – والتى كانت تنص على أن الاتحاد الاشتراكى والتنظيم السياسى الذى يمثل بتنظيماته القائمة على أساس مبدأ الديمقراطية تحالف قوى الشعب العاملة للفلاحين والعمال والجنود والرأسمالية الوطنية وهو أداء هذا التحالف فى تعميق قيم الديمقراطية والاشتراكية وفى متابعة العمل الوطنى فى مختلف مجالاته ودفع هذا العمل الوطنى إلى أهدافه المرسومة

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ويؤكد الاتحاد الاشتراكى العربى سلطة تحالف قوى الشعب العاملة عن طريق العمل السياسى الذى تباشره تنظيماته بين الجمهورية وفى مختلف الاجهزة التى تضطلع بمسئوليات العمل الوطنى

 

وبين النظام الأساسى للاتحاد الاشتراكى العربى شروط العضوية فيه وتنظيماته المختلفة وضمان ممارسة نشاطه بالاسلوب الديمقراطى على أن يمثل العمال الفلاحين فى هذه التنظيمات بنسبة خمسين فى المائة على الأقل – أوردت اللجنة فى تقريرها ان نص المادة (55) من الدستور المتعلق بحق تكوين الجمعيات وان كان يقرر المبدأ الدستورى عن حق المصريين فى تكوين اى نوع من الجمعيات بما فى ذلك الجمعيات السياسية، الا انه لا يمكن مباشرة هذا الحق الا بصدور القانون الذى ينظم كل نوع من انواع هذه الجمعيات، وبالنسبة للأحزاب كجمعيات سياسية فانه يتعين صدور القانون المنظم للأحزاب السياسية، حتى يمكن مباشرة الحق الدستورى الذى تضمنه النص طبقا للقواعد التى يبينها هذا القانون وأساس ذلك ما يلى :

 

(أ) ان الحزب السياسى لا يعدو كونه جماعة منظمة أو جمعية منظمة أو تنظميا لمجموعة من المواطنين يعملون كوحدة سياسية بتجميع الناخبين والحصول على تأييدهم لأهداف وبرامج تتعلق بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للبلاد، ومن المسلمات فى الفقه الدستورى المصرى والمقارن ومن استقراء الدساتير المصرية السابقة ودساتير دول العالم على اختلاف نظمها واتجاهاتها السياسية والاجتماعية ان حق تكوين الاحزبا السياسية يعد حقا من الحقوق الدستورية العامة المتفرعة على حق تكوين الجمعيات أو الجماعات ما دام ان الدستور لا يخص هذا الحق بنوع معين أو محدد منها ولا يحظر بالذات تكوين هذا النوع من الجمعيات السياسية أو يفرض فيه نظام الحزب الواحد كما انه من المسلمات فى هذا الفقه ان حق تكوين الجمعيات ومنها الأحزاب السياسية ينبثق عن الحقوق والحريات العامة التى تقررها الدساتير الديمقراطية بصفة أساسية، وهى حق الانتخابات والترشيح والاستفتاء وحرية إبداء الرأى والعقيدة السياسية بوسائل الاعلام المختلفة باعتبارها حقوقا حريات حتمية يتعين الاعتراف بها نتيجة التسليم بأن السيادة للشعب وهى كذلك يترتب على التسليم بها حتما التسليم بحق التجمع السياسى فى صورة الأحزاب

 

(ب) ان الفقراء الأولى من المادة (55) من الدستور قررت الحق للمصريين فى تكوين الأحزاب طبقا للقانون- وفى ذات الوقت حظرت فقرتها الثانية تكوين الجمعيات ذات النشاط المعادى لنظام المجتمع والجمعيات السرية أو ذات الطابع العسكرى، ولم يكن ثمة مبرر للنص فى هذه الفقرة الثانية على هذا الحظر لهذا النوع من الجمعيات وهى بالضرورة جمعيات سياسية الا لو كان تعبير الجمعيات فى الفقرة الأولى من النص مقصودا به كل انواع الجمعيات بما فى ذلك الجمعيات السياسية أى الأحزاب – يؤكد ذلك ان النص الذى عرض فى الاعمال التحضرية للدستور للمادة (55) كان يقضى بان للمواطنين حق تكوين الجمعيات بقصد تنمية النشاط السياسى والاجتماعى والاقتصادى والثقافى لقوى الشعب العاملة والجمعيات السرية محظورة وكذلك الجمعيات التى تسعى بطريق غير مباشر إلى أهداف سياسية عن طريق تشكيلات ذات طابع عسكرى وقد عدلت صياغة النص على النحو الذى ورد بالدستور ولم يطرأ على عبارات النص ما يغير المعنى المقصود بعباراته فى فقرتيه الأولى والثانية اذ ان ارتباط هاتين الفقرتين يحتم فهم نص المادة فى صياغتها الاخيرة بما يشمل الأحزاب السياسية ولكن ما أضيف إلى الفقرة الأولى من النص على أن ممارسة حق تكوين الجمعيات يكون طبقا للقانون، هو الذى جعل هذا الحق معلقا على صدور القوانين التى تنظم الانواع المختلفة منها وبينها قانون الأحزاب السياسية ويقتضى اشتراط الفقرة الأولى من المادة (55) من الدستور صدور القانون المنظم للأحزاب السياسية لقيامها – أن المشرع الدستورى قد ترك امر تقدير ملائمة صدور هذا القانون للمشرع العادى فما لم يصدر قانون بنظام الأحزاب السياسية فانه لا يمكن دستوريا قيام هذه الأحزاب ومن ثم فان حق المصريين فى تكوين الأحزاب يكون مستمدا بصوره صريحة من المادة (55) من الدستور…الخ.

 

(جـ) ان العرف الدستورى قد جرى فى مصر باستقرار ودون أية شبهة على التسليم بحق المصريين فى تكوين الأحزاب السياسية حتى فى ظل الدساتير التى صدرت خلال فترة الاحتلال والإدارة الاجنبية للبلاد وعندما صدر مرسوم سنة 1952 بشأن تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر اصبح لا يمكن مباشرة الحق الدستورى الا فى نطاقه ثم صدر المرسوم رقم 37 لسن ة1953 الذى قرر صراحة حل الأحزاب السياسية القائمة وحظر تشكيل الأحزاب السياسية أو ممارسة أى نشاط حزبى ولم يرد فى أى من الدساتير التى صدرت بعد الثورة فى السنوات سنة 1956 ، 1958، سنة 1964، ولا فى دستور سنة 1971 – كما سبق القول أى نص على ان الاتحاد الاشتراكى العربى هو التنظيم السياسى الوحيد فى البلاد، ولا أى نص على حظر تكون الأحزاب السياسية بل ورد فى كل من هذه الدساتير النص على حق المصريين فى تكوين الجمعيات طبقا للقانون الذى يصدر بتنظيمها.

 

(د) ان العرف التشريعى بعد الثورة سواء قبل سنة 1971وما بعدها قد جرى على أن الحائل دون قيام الأحزاب ليس حائلا دستوريا ولكنه قانونى متمثل فى :

 

(أولا) أحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1952 بشأن حل الأحزاب السياسية

 

(ثانيا) عدم صدور قانون تنظيم لهذه الأحزاب باعتبارها نوعا من الجمعيات التى لا يمكن مباشرة الحق فى انشائها وتكوينها الا طبقا للقانون وذلك بعد إلغاء القانون رقم 79 لسن ة1952 بتنظيم الأحزاب

 

(ثالثا) صدور القانون رقم 34 لسنة 1972 بحظر تكوين أية تنظيمات سياسية خارج الاتحاد الاشتراكى العربى والنص لاول مرة صراحة على انه التنظيم السياسى الوحيد بالبلاد ..الخ

 

(هـ) كان ثمة رأى فى لجنة نظام الحكم التى كانت مكلفة باعداد نصوص الدستور الحالى يرى عدم ايراد نص فى الدستور عن الاتحاد الاشتراكى ذاته اكتفاء بالنص على حرية المواطنين فى تكوين الجمعيات باعتبارها تشمل هذا التنظيم السياسى ذاته ورغم انه لم يؤخذ بهذا الرأى من غالبية أعضاء اللجنة التى انتهت إلى وضع نص فى الدستور عن الاتحاد الاشتراكى (م5) فان ذلك لم يكن أساسه ان حق تكوين الجمعيات لا يدخل فيها الجمعيات السياسية أى الأحزاب السياسية ولكن لان ثمة مسائل أساسية وجوهرية تتعلق بالحقوق والحريات العامة للمواطنين وهى الأساس الجوهرى لتنظيم وكيان الاتحاد الاشتراكى ذاته لما كان يقوم عليه من التعبير عن تحالف قوى الشعب العاملة والوحدة الوطنية كأساسيين دستوريين للنظام السياسى فى البلاد وهى لا يجوز تقريرها على نحو مشروع الا بنص فى الدستور فصدر متضمنا نص المادة (5) منه على النحو سالف الذكر.

 

(و) أخذ المشرع بهذا النظر الدستورى السديد فى المادتين الأولى والثانية من القرار بقانون رقم 2 لسنة 1977بشأن حماية حرية الوطن والمواطن وقضت المادة الأولى منه بأن حق تكوين الأحزاب مكفولة طبقا لما ينص عليه القانون الخاص بإنشاء الأحزاب حال صدوره من السلطة التشريعية أى أن الحق فى إنشاء الأحزاب السياسية معلق بصدور القانون المنظم لها حسبما تستلزم ذلك المادة (55) من الدستور وتنص المادة (2) على أن التنظيمات السرية والتنظيمات المعادية لنظام المجتمع محظورة وهذا الحظر هو ذاته الحظر هو ذاته الحظر الوارد فى الفقرة (2) من المادة (55) من الدستور فأساس حرية تكوين الأحزاب السياسية اذن فى نظر القانون رقم (2) لسنة 1977 والذى وافق عليه الشعب فى الاستفتاء هو نص المادة (55) من الدستور التى قررت للمواطنين حق تكوين الجمعيات السرية ما عدا الجمعيات السرية أو المعدلة لنظام المجتمع أو ذات الطابع العسكرى وهى ذاتها شاملة للتنظيمات الحزبية المحظورة طبقا للمادة (2) من القرار بقانون المذكور …الخ.

 

وبمناسبة افتتاح دور الانعقاد الأول لمجلس الشعب سنة 1979 اعلن رئيس الجمهورية بناء على ما سبق ان تضمنه تقرير لجنة تطوير العمل السياسى قرارا سياسيا بأن تتحول التنظيمات التى كانت قد تكونت كمنابر داخل الاتحاد الاشتراكى العربى إلى أحزاب سياسية بالمعنى الدقيق وفى 3 فبراير سنة 1977 قرار صدر رئيس الجمهورية بالقانون رقم 2 لسن 1977 السالف الاشارة إليه استنادا لحكم المادة (74) من الدستور وبناء على ما سلف ذكره صدر فى 2 يوليو 1977 القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية والذى اصبح نافذا اعتبارا من 7 يوليو سنة 1977 ونص فى المادة (30) منه على ان تستمر قائمة التنظيمات الثلاثة الحالية وهى :

 

1- حزب مصر العربى الاشتراكى 2- حزب الأحرار الاشتراكيين 3- حزب التجمع الوطنى التقدمى

 

ونصت المادة الأولى منه على أن للمصريين حق تكوين الأحزاب السياسية ولكل مصرى الحق فى الانتماء لأى حزب سياسى وذلك طبق لأحكام هذا القانون، ونصت المادة الثانية على تعريف الحزب السياسى بأنه كل جماعة منظمة تؤسس طبقا لأحكام هذا القانون وتقوم على مبادئ وأهداف مشتركة وتعمل بالوسائل السياسية الديمقراطية لتحقيق برامج محددة تتعلق بالشئون الاقتصادية والاجتماعية للدولة وذلك عن طريق المشاركة فى مسئوليات الحكم وحددت المادة الثالثة دور الأحزاب السياسية بالنص على أ، تسهم الأحزاب السياسية التى تؤسس طبقا لأحكام القانون فى تحقيق التقدم السياسى والاجتماعى والاقتصادى للوطن على أساس الوحدة الوطنية وتحالف قوى الشعب العاملة والسلام الاجتماعى والاشتراكية الديمقراطية والحفاظ على مكاسب العمال والفلاحين وذلك كله على الوجه المبين بالدستور، وتعمل هذه الأحزاب باعتبارها تنظيمات وطنية وشعبية ديمقراطية على تجميع المواطنين وتمثيلهم سياسيا، وفصل القانون المذكور الأحكام الخاصة بشروط تأسيس الأحزاب السياسية واستمرارها انقضائها، وانشأ لجنة خاصة لشئون الأحزاب تقدم إليها طلبات تأسيس الأحزاب، ولها حق الاعتراض عليها بقرار مسبب، إذا كان قيامها يتعارض مع أحكام القانون

 

وفى 11 ابريل سنة 1979 نشر قرار رئيس الجمهورية رقم 157 لسنة 1979 بدعوة الناخبين إلى الاستفتاء حيث تضمن الموضوعات المحدد طرحها للاستفتاء الشعبى ومنها ما ورد تحت البند ثانيا الخاص بإعادة تنظيم الدولة على الأسس التالية تدعيما للديمقراطية 1- ………… 2- اطلاق حرية تكوين الأحزاب السياسية وبعد موافقة الشعب على ما طرح فى الاستفتاء فقد تم تعديل المادة (5) من الدستور على مقتضى نتيجة الاستفتاء الذى تم فى 22 مايو 1980 فأصبح نصها يجرى على الوجه الآتى:

 

النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية يقوم على أساس تعدد الأحزاب وذلك فى إطار المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور وينظم القانون الأحزاب السياسية

 

ومن حيث أنه يبين من العرض المتقدم ان أحكام القانون رقم (40) لسنة 1977 قد صدرت فى ظل ما قررته أحكام الدساتير المصرية المتعاقبة ومنها دستور سنة 71 من حق المصريين فى تكوين الجمعيات بما يشمل الجمعيات السياسية أو الأحزاب – بشرط الا تكون معادية لنظام المجتمع أو تقوم على تنظيمات عسكرية أو شبه عسكرية، وبناء عل الحريات العامة المقررة فى هذه الدساتير، ومنها ذات الدستور الحالى والتى تقضى صراحة بحرية الرأى والتعبير بكل وسائل النشر العلنية عن الرأى، وحق الاجتماع والتظاهر وسير المواكب الجماهيرية السلمية فى إطار القانون، وفى إطار عدم وجود حظر فى الدستور ذاته لوجود تنظيم سياسى أو حزب سياسى بناء على هذا الحق المكفول للمصريين بجانب الاتحاد الاشتراكى الذى لم ينص ذات الدستور على كونه التنظيم السياسى الوحيد دستورياً وأن قيام الأحزاب بناءاً على كونها حق عام للمصريين كان معلقا على إزالة الحظر القانونى الذى فرض إنفراد الاتحاد الاشتراكى بالساحة السياسية، وفور صدور القانون الذى ينظم كيفية قيام الأحزاب كجماعات سياسية إعمالا لنص المادة (55) من الدستور، وليس فى تعديل أحكام الدستور فى اقامت النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب جديد فى شأن اطلاق حرية كل من الأحزاب السياسية الانتماء إليها دستوريا بل أن ذلك مجرد تأكيد لهذا الحق الدستورى للمصريين وان صدرت صريحة هذه الأحكام فى تاريخ لاحق على صدور قانون الأحزاب تحقيقا للإرادة الشعبية التى افصحت عنها جموع الشعب فى الاستفتاء على القانون رقم (2) لسنة 1977 فى شأن تعدد الأحزاب السياسية واطلاق حرية تكوينها، ولا يعدو النص عليها ان تكون تسجيلا لهذه الإرادة فيما سبق أن أفصحت عنه فى الاستفتاء المشار إليه والتى أقرت ضمنا قيام الأحزاب التى كانت قائمة من قبل صدوره منابر وهى حزب مصر الاشتراكى العربى الحزب الوطنى الديمقراطى وحزب الأحرار الاشتراكيين وحزب التجمع الوطنى التقدمى الوحدوى وفى ضوء هذه الأحكام التى لم يضف إليها تعديل الدستور على الوجه المتقدم ذكره إلا انه لم يعد ممكنا قانونا أن يقوم النظام السياسى المصرى على نظام الحزب السياسى الواحد، أو التنظيم السياسى الواحد، ولم يعد ممكنا للمشرع العادى أن يحظر قيام الأحزاب أو يجعل واحد بديلا لها، وبذلك فإن تعدد الأحزاب وحرية تكوينها أو الانتماء إليها يكون هو الأصل العام الدستورى الذى يتلاءم صدقا وحقا مع النظام الديمقراطى الذى تأخذ به جمهورية مصر العربية وليس فقط لأن ذلك تنفيذا لأحكام المادة الخامسة من الدستور بعد تعديلها بل لأن ذلك أصلا حق متفرع على حق تكوين الجمعيات والحزب السياسى جمعية سياسية وبناء على ما نص عليه الدستور فى المادة (47) من حرية الرأى والعقيدة وفى المادة (48) من حرية التعبير فى جميع وسائل الإعلام والنشر، وتعد فرعا من حق المساهمة فى الحياة العامة التى نصت عليها المادة (62) فى الدستور واعتبرتها واجبا وطنيا ونتيجة طبيعة لحق التظاهر وتسيير المواكب العامة تعبيرا عن الرأى السياسى، بل أن وجود الأحزاب وتعددها يعد فى ذاته ضرورة نظام لاتصاله أوثق الصلة بسير المؤسسات الدستورية وطريقة اضطلاعها بالاختصاص المقررة لها بمقتضى الدستور والقانون فرغم أن قانون الأحزاب السياسية قد صدر قبل تعديل الدستور، والنص صراحة فى المادة (5) بعد تعديلها على التعددية الحزبية كأساس للنظام السياسى فأن واضعى القانون المشار إليه اقاموه على أساس أحكام من الدستور بحق وقد ارتكنوا – كما هو ظاهر من تقرير اللجنة التشريعية ومن مذكرته الإيضاحية – إلى النصوص الصريحة التى تقرر الحقوق والحريات العامة المقررة بالدستور ومنها حرية الرأى والعقيدة السياسية وحق الاجتماع وحق تكوين الجمعيات باعتبار أن تكوين الأحزاب يعد حقا دستوريا متفرعاً عنها مترتبا عليها، استنادا إلى النظم الديمقراطية التى تقوم على أساس سليم بقيام الأحزاب السياسية باعتبارها ضرورة واقعية للتعبير عن اختلاف الرأى الذى تحتمه طبيعتها الديمقراطية ولو لم ينص الدستور صراحة على حرية تكوين الأحزاب السياسية وتنظيمها وهذا ما ذهبت إليه كذلك المحكمة الدستورية العليا فى الدعوى رقم 44 لسنة 7ق

 

ومن حيث ان القانون رقم 40 لسنة 1977 فى شأن نظام الأحزاب السياسية قد نظم الأحكام الخاصة بشروط تأسيس الأحزاب السياسية واستمرارها وحلها وطريقة وصولها كحزب سياسى إلى الساحة السياسية وذلك بعد تحديد الأسس والمبادئ الأساسية لتنظيم الأحزاب السياسية التى تبناها المشروع حسبما هو ثابت من تقرير اللجنة التشريعية بمجلس الشعب والمذكرة الإيضاحية التى وضعت عن المشروع وباعتبار أن الأحزاب السياسية تعد ركنا جوهريا لقيام الحياة الديمقراطية الصحيحة وهى هدف أساسى من الأهداف الستة لثورة 23 يوليو سنة 1952 فوجود الأحزاب المتعددة البرامج والاتجاهات يحقق فى الحياة السياسية المزايا الآتية:

 

(أولاً) تشجيع التجمع الإنسانى بكل صوره لتحقيق أهداف مشتركة وبصفة خاصة التجمع السياسىالخ

 

(ثانيا) اعطاء فرصة للمواطنين لاختيار برامج متعددة لأحزاب متنافسة على تحقيق آمالها الخ

 

(ثالثا) الحيلوله دون طغيان الحكومة وتحكمها واستبدادها لخضوعها لرقابة واعية ويقظة من أحزاب المعارضة

 

(رابعاً) تحديد المسئولية الأساسية للحكومات المتعاقبة أمام مجلس الشعب حيث تكون كل حكومة مسئولة مسئولية سياسية أمام الشعب والحزب الذى تنتمى إليه عما نفذته من أعمال وسياسات خلال فترة توليها الحكم أمام الشعب، ويكون للشعب تجديد الثقة بالحزب الذى شكلت منه أو عدم تجديدها فى الانتخابات العامة على ضوء ما حققته تلك الحكومة من سياسات وما التزمتبه من رعاية مصالح الشعب العامة?

 

(خامسا) حماية السلام الاجتماعى بكفالة الانتقال الشرعى والسلمى بالطريق الديمقراطى للسلطة إلى الحكومة والبرلمان المشكلين من الحزب الذى يحوز ثقة الجماهير??الخ? وقد تضمن تقرير اللجنة إنه من المسلم به كثير العيوب من تعدد الأحزاب السياسية إذا ما ترك انشاؤها وممارستها لنشاطها بلا ضوابط ولا قواعد مما يؤدى إلى اضرارها بالحياة الديمقراطية الصحيحة بل وإجهاض هذه الديمقراطية ومن العيوب المسلم بها فى هذا الصدد:

 

(أولا) التعدد غير الجدى…الخ

 

(ثانيا) تهديد الوحدة الوطنية … الخً

 

وقد اورد تقرير اللجنة المبادئ الأساسية الجوهرية التى قام عليها القانون رقم (40) لسنة 1977 والذى صيغت أحكامه تحقيقا لها منها.

 

(ثالثا) مبدأ جدية تكوين الأحزاب السياسية وذكرت اللجنة فى تقريرها ان المقصود بذلك أن يكون قيام الحزب جديا ومتمثلا فى اتجاه شعبى جدى وواقعى وليس مجرد وجود صورى لا يعبر الا عن مؤسسية ودون أن تكون له قاعدة جماهيرية واضحة ودون أن يكون لوجوده إضافة جدية للعمل السياسى، وقد تضمن المشروع الأحكام المتفرعة على هذا المبدأ متمثلة فيما يلى : 1- ضرورة تميز الحزب تميزا جوهريا عن برامج الأحزاب القائمة وقت الاخطار عن تأسيس الحزب … أى أنه لا يشترط التميز فى مبادئ وأهداف الحزب وذلك بقصد التيسير فى شروطها نشوء الأحزاب وذلك اكتفاء بتميز البرامج الخاصة بها لما فى التزامها الوطنى جميعها من تقيد بالمبادئ والأهداف العامة السالف ذكرها

 

(رابعا) حرية تكوين الأحزاب السياسية ويعنى ذلك حرية أية جماعة سياسية منظمة فى نطاق الجدية التى راعاها المشرع والشروط التى قررها فى تأسيس أى حزب سياسى وأن يتم هذا التأسيس عن طريق الأخطار المقيد وليس عن طريق الترخيص وعدم تقييد نشوء الأحزاب فى نصوص المشروع بأى عدد ما دامت يتوفر فيها الشروط الواردة فى المشروع وقد تقررت هذه القواعد على النحو التالى فى مولده………. الخ وبناء على هذه المبادئ والأسس التى أقامت بناء عليها اللجنة أحكام قانون الأحزاب السياسية فقد نصت المادة الرابعة منه على أنه يشترط لتكوين أو استمرار أى حزب سياسى ما يلى :-

 

أولا : عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه فى ممارسة نشاطه مع :

 

1- مبادئ الشريعة الاسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع

 

2- مبادئ ثورتى 23 يوليو 1952 و15 مايو سنة 1971

 

3- الحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعى والنظام الاشتراكى الديمقراطى، والمكاسب الاشتراكية

 

ثانيا: تميز برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى.

 

ثالثا: عدم قيام الحزب فى مبادئه، أو برامجه، أو فى مباشرة نشاطه، أو اختيار قياداته أو أعضائه على أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم (33) لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى

 

رابعا: عدم انطواء الحزب على إقامة أى تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية :

 

خامسا:……………….

 

سادسا:………………

 

سابعا:………………..

 

ثامنا :…………………

 

تاسعا :………………..

ونصت المادة السابعة على أنه يجب تقديم إخطار كتابى إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها فى المادة التالية عن تأسيس الحزب موقعا عليه من خمسين عضوا من أعضاء المؤسسين ومصدقا رسميا على توقيعاتهم على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين وترفق بهذا الاخطار جميع المستندات المتعلقة بالحزب

 

كما نصت المادة الثامنة على أن تشكل لجنة شئون الأحزاب السياسية على النحو التالى:

 

1- رئيس مجلس الشورى رئيسا 2- وزير العدل 3- وزير الداخلية 4- وزير الدولة لشئون مجلس الشعب 5- ثلاثة من غير المنتمين إلى أى حزب سياسى أو من بين رؤساء الهيئات القضائية السابقين أو نوابهم أو وكلائهم…

 

وتختص اللجنة بالنظر فى المسائل المنصوص عليها فى هذا القانون، وبفحص ودراسة اخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقا لأحكامه

 

وللجنة فى سبيل مباشرة اختصاصاتها طلب المستندات والأوراق والبيانات والإيضاحات التى ترى لزومها من ذوى الشأن فى المواعيد التى تحددها لذلك، ولها ان تطلب أية مستندات أو – أوراق أو بيانات أو معلومات من أية جهة رسمية أو عامة، وأن تجرى ما تراه من البحوث بنفسها أو – بلجنة فرعية منه وأن تكلف من تراه من الجهات الرسمية بإجراء أى تحقيق أو بحوث أو دراسة لازمه للتوصل إلى الحقيقة فيما هو معروض عليها

 

ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن.

 

ويجب أن يصدر قرار اللجنة بالموافقة على تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن.

 

ومن حيث ان مقتضى ما تقدم من نصوص قانون الأحزاب أن مهمة اللجنة وسلطاتها إزاء الأحزاب المزمع تأسيسها تتحدد فى ضوء المبادئ الدستورية والقانونية سالفة البيان التى قررت ان تكوين الأحزاب حق عام للمصريين، ولهم حرية تكوين الأحزاب والانتماء اليها، بحيث جعل الشارع مسئولية كل جماعة فى تكوين الحزب السياسى الذى ترتضيه منحصره فى التقدم بإخطار للجنة المذكوره وهى فى طريق مرورها الطبيعى إلى ممارسة مهامها على الساحة السياسية، كما جعل مهمة اللجنة منحصره فى بحث أوراق الحزب وهو تحت التأسيس والتأكيد من مدى توافر الشروط التى حددها الدستور والتى ورد تتفصيلها فى القانون فى حقه وعليها فى هذه الحالة ترك سبيل مسيرته السياسية الطبيعية نحو أهدافه التى حددها برنامجه الذى تتوافر فيه الشروط الوراده فى القانون وعلى اللجنة الاعتراض على قيام الحزب قانونا إذا ما تخلف فى حقه شرط أو أكثر من الشروط التى اقتضاها الدستور والقانون، وفى هذه الحالة فأن عليها أن تصدر قرارها مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوى الشأن، وقد حتم المشرع سماع ذوى الشأن حرصا على تحقيق دفاعهم وإيضاح مواقفهم وتوجيهاتهم أمام اللجنة لتبصيرها بأهداف وأغراض مؤسسى الحزب وبرامجه كما حرص على تسبيب قرار اللجنة باعتبارها تتصرف فى إطار سلطه مقيدة بنص الدستور وأحكام القانون فى مجال حرية من الحريات وحق من الحقوق العامة للمصريين الذى يعد أحد أركان النظام العام الدستورى والسياسى للبلاد ويخضع ما تقرره اللجنة للرقابة القضائية من هذه المحكمة التى شكلها المشرع بالتشكيل المتميز الذى يكفل لها إعمال هذه الرقابة على مدى سلامة قرار اللجنة ومطابقته لأحكام الدستور والقانون?

 

ومن حيث أنه قد حرصت نصوص القانون على تأكيد هذا المعنى عندما عبر المشروع فى المادة السابعة عن الطلب المقدم بتأسيس الحزب بأنه اخطار أى ابلاغ عن نية جماعة منظمة فى ممارسة حقوقها الدستورية على الوجه الذى يكفله الدستور والقانون، وعبر عن سلطة اللجنة عند البت فى اخطار التأسيس بعبارة الاعتراض على تأسيس الحزب مستبعدا بحق عبارات الموافقة أو الرفض حريصا على التأكيد على أن مهمة هذه اللجنة تقف عند حد فحص أوراق الحزب والتحقق من توافر الشروط الواردة فى الدستور والقانون أو الاعتراض عليها، وفى هذه الحالة الأخيرة يتعين على اللجنة ان تصدر قرارها بالاعتراض مسببا، فاللجنة تباشر سلطة مقيدة لا يسمح لها أن تقف حائلا فى سبيل ولوج أى حزب إلى ميدان السياسة، الا إذا كان لديها من الأسباب الحقيقية والجوهرية وفقا لما ورد بنص الدستور والقانون بما يبرر – إعلاء للشرعية واحتراما لأحكام الدستور والمصالح القومية العليا السياسية والديمقراطية الشرعية للأمة – عدم السماح لمؤسسى الحزب بإقامته

 

ومن حيث ان الثابت من الأوراق أن لجنة الأحزاب السياسية قد أصدرت قرارها المطعون فيه بالاعتراض على الطلب المقدم من الطاعن بصفته بتأسيس حزب سياسى باسم حزب الشعب الديمقراطى وقد أقامت قرارهها بالإعتراض على أنه لئن كان الحزب لا يتعارض فى مبادئه وأهدافه مع أوردته المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية فى بندها الأول من أمور حاكمه، الا أن ما أورده الحزب فى شأن إطارات السياسات العامة لبرنامجه قد تضمن امورا شتى جاءت كلها فى أقوال عامة وعبارات مرسلة، فأصبحت أقرب ما تكون إلى الشعارات منها إلى سياسات محددة، وأن برامج الحزب التى ساقها تماثل كثيرا ما ورد فى برامج الأحزاب القائمة وليس فيها من جديد يميزها عن الأحزاب الأخرى مما يفقد الحزب شرط التميز الظاهر، ويجعله مفتقرا إلى التحديد مغرقا فى الخيال والأوهام التى تستعصى على التطبيق العملى الأمر الذى يعد مخالفا لحكم المادة الثانية من القانون المشار اليه

 

ومن حيث انه من بين الشروط والضوابط التى أوردها القانون رقم (40) لسنة 1977 لتأسيس الأحزاب السياسية أو استمرارها ما ورد بالبند (ثانيا) من المادة الرابعة التى تشترط لتأسيس الحزب أو استمراره تميز برامج الحزب وسياساته أو أساليبه فى تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى

 

ومن حيث انه لا شك أن يتعين توافر هذا الشرط فى كل حزب ضمانا للجدية التى تمثل مبدأ أساسيا من النظام العام السياسى والدستورى فى تطبيق مبدأ تعدد الأحزاب السياسية وفقا لأحكام الدستور وقانون تنظيم الأحزاب السياسية سالفة الذكر، وحتى يكون للحزب قاعدة جماهيرية حقيقية للعمل السياسى ببرامج وسياسات متميزة عن الأحزاب الأخرى وذلك حتى يكون للتعدد الحزبى جدوى سياسية محققة للصالح القومى بما تحققه من إثراء للعمل الوطنى ودعما للممارسة الديمقراطية تبعا لاختلاف البرامج والاتجاهات المتعلقة بالشئون السياسية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين وتوسيعا لنطاق المفاضلة بين الأحزاب السياسية أمامهم واختيار أصلح الأحزاب التى تتبنى أصلح الحلول وانسبها لتحقيق المصالح العامة للشعب

 

ومن حيث ان القرار المطعون فيه، وقد أقام إعتراضه على تأسيس الحزب على أساس تخلف شرط التميز الظاهر، ومن ثم فإنه يتعين استناداً إلى أحكام الدستور وقانون الأحزاب السياسية وأعمال التنفيذية وضع معيار هذا التميز الظاهر مانعا من دخول صور أخرى غيره

 

مستبعدا للخلط بين التميز الظاهر عن الأحزاب الأخرى، وبين الاختلاف والتعارض الكامل مع كل منها

 

ومن حيث أنه يبين من التطور الدستورى والتشريعى لنظام الأحزاب السياسية فى مصر ودور الأحزاب السياسية فى ساحة العمل السياسى ومسئوليتها الدستورية والقانونية والسياسية نحو تعميق المفاهيم الديمقراطية ورعاية مصالح الجماهيرية لا باعتبارها حقا يكفل الدستور والقانون ممارسته فحسب بل باعتباره واجبا وطنيا يتعين عليها القيام به فى اكثر المجالات أهمية لاتصاله بمبدأ السيادة الشعبية أن الأحزاب السياسية القائمة منها والتى تطلب التأسيس تلتزم أساسا باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور والتى نظمها فى الباب الثانى منه ممثلة فى المقومات الاجتماعية والخلقية الواردة فى الفصل الأول، والمقومات الاقتصادية فى الفصل الثانى من الباب المذكور، وتلتزم تلك الأحزاب بالا تتعارض فى مقوماتها أو مبادئها أو أهدافها أو برامجها أو سياستها أو أساليب ممارستها لنشاطها مع مبادى الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسى للتشريع، ومبادئ ثورتى 23 يوليو، و 15 مايو سنة 1971، كما تلتزم بالحفاظ على الوحدة الوطنية، والسلام الاجتماعى، والنظام الاشتراكى الديمقراطى والمكاسب الاشتراكية على النحو المنصوص عليه فى القانون رقم (40) لسنة 1977 المشار اليه، ومقتضى ذلك أن الدستور ومن بعده القانون قد تطلبا لزاما إتفاق الأحزاب القائمة منها والتى تطلب التأسيس فى أمور غير مسموح فى شأنها بالاختلاف أو التميز دستورا وقانونا سواء فى المبادئ والمقومات أو فى الأساليب والسياسات، ومن ثم فأن دائرة التميز المطلوب كشرط لتأسيس الحزب المزمع قيامه سوف يكون دائما خارج إطار تلك المبادئ والأهداف، الأمر االذى يؤدى إلى أن التماثل الذى قد يقترب من التطابق مفترض حتما فى تلك المبادئ والأهداف الأساسية التى تقوم عليها الأحزاب، ومع ذلك فأن عدم التميز أو التباين فى هذا المجال الوطنى والقومى لا يمكن أن يكون حائلا دون تأسيس أى حزب، كذلك فإن التميز المطلوب قانونا فى حكم الفقرة الثانية من المادة الرابعة المشار إليه لا يمكن أن يكون مقصودا الانفصال التام فى برامج الحزب وأساليبه وسياساته عن برامج وأساليب الأحزاب الأخرى جميعها، فليس فى عبارة النص المشار اليه، أو دلالته أو مقتضاه، ما يوحى بأن التميز يجب أن ينظر إليه بالمقارنة بما ورد ببرامج وسياسات الأحزاب الأخرى جميعها، ذلك ان الأخذ بمنطق هذا التفسير إلى منتهاه يفرض قيدا هو أقرب الى تحريم تكوين أى حزب جديد ومصادرة حقه فى ممارسة الحياة السياسية منه إلى تنظيم هذا الحق – كما ان الأخذ بهذا النظر يفرض أن هذه الأحزاب تمثل حزبا أو تنظيما واحدا بحيث يجب أن يتميز عن الحزب طالب التأسيس، وهو ما يتعارض مع مبدأ التعدد الحزبى الذى يقوم عليه النظام السياسى وفقا لصريح نص الدستور

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن ثم فليس المطلوب فى التميز لبرنامج الحزب وسياساته أن يكون هناك تناقض واختلاف وتباين تام وكامل بينه وبين جميع الأحزاب الأخرى، بل أن هذا التميز يظل قائما ومنتجا لآثاره القانونية القانونية والدستورية ولو وجدت بعض أوجه التشابه بين برامجه أو أساليب أو اتجاهاته مع الأحزاب الأخرى، فذلك أمر منطقى وطبيعى مرده إلى أن جميعا الأحزاب تخضع لحكم عام واحد يمثل جانبا من النظام العام السياسى والدستورى للبلاد يلزمهم جميعا وفقا للمبدأ الأساسى لوطنية الأحزاب، بالمقومات الأساسية للمجتمع المصرى التى تواضعت عليها الإرادة الشعبية واكتسبتها، وتمسكت بها من خلال تجاريها عبر العصور التى انصهرت فى بوتقة التاريخ وكونت لها شخصيتها المصرية المتميزة المتعارف عليها بين الدول فكل حزب – إذا كان مصريا- لابد أن يحمل على كاهله – وهو يعد برامجه وسياساته- تراث آلاف السنين وتجارب المصريين فى صراعهم المستمر فى سبيل الحياة وفى سبيل الحرية والتقدم وبناء مجتمع متطور يتمتع بالقوة والرفاهية وهذه التجارب والقيم الناتجة عنها قد أصبحت جزءا لا يتجزأ من الشخصية المصرية عند التعامل مع الأحداث والنوازل ووضع الحلول اللازمة للمشاكل التى يواجهها المجتمع مما يفرض فورا وحتمياً عديداً من أوجه الشبه بين جميع الأحزاب المصرية حتى فى وضعها للسياسات والبرامج الخاصة بكل منها وتنظيم مباشرة جهدها وقدرتها على مواجهة المشاكل، دون أن ينفى ذلك عن كل حزب شخصيته المتميزة التى تشكل منه إضافة لا تتكرر للحياة السياسية المصرية

 

ومن ثم فإن التميز يكمن – صدقا وحقا – فى تلك المقولات والتعبيرات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى ترد فى برامج وأساليبه وسياساته التى ارتضاها لنفسه ليكون ملامح شصخية حزبية متميزة – وتعبر عن توجه فكرى مميزة فى مواجهة المشاكل العامة واختيار الحلول لها بين البدائل المتعددة فى ظروف الحياة الواقعية السياسية والإجتماعية والإقتصادية للمواطنين المصريين ينفرد به على باقى الأحزاب ويعرف به بينها بحيث لا يكون نسخة ثانية مقلدة من البرامج والسياسات التى يتبناها ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأى من الأحزاب القائمة، إذ أن السماح لمثل هذا الحزب الذى يطابق ويتميز بها حزب قائم بالفعل أو صورة مطابقة له، فالمحظور هو التطابق التام بين الحزب تحت التأسيس وأى من الأحزاب القائمة، إذ أن السماح لمثل هذا الحزب الذى يطابق غيره بالظهور على الساحة السياسية لا يشكل أية جدوى أو إضافة جديدة تثرى العمل الوطنى – وبناء على ما سلف جميعه فأن التميز بهذه المثابة يختلف عن الانفراد وعن الامتياز والأفضلية عن باقى الأحزاب، فالتميز الظاهر وهو مناط ومبرر شرعية وجود حزب جديد – لو توفرت باقى الشروط التى حتم توفرها الدستور والقانون – يعنى ظهور ملامح الشخصية المتميزة للحزب تحت التأسيس وتفردها على باقى الأحزاب الأخرى، بينما الانفراد يعنى عدم تماثل أى أمر من أمور الحزب تحت التأسيس مع أى من الأحزاب القائمة وهو أمر يستحيل فى ظل الدستور وقانون الأحزاب الحاليين وذلك لأن الأهداف والغايات الأساسية للمجتمع والأسس التى تمثل النظام العام الدستورى المصرى يلتزم بها أى حزب وتنعكس بالتالى هذه الوحدة فى النظام الجوهرى للأسس المبدئية لأى من الأحزاب المصرية على أية برامج أو سياسات تصبها بما يحتم توفر قدر من الشبه أو التماثل فى بعض هذه البرامج والسياسات دون بلوغ درجة التطابق أو الشبه والتماثل الكامل أو شبه الكامل الذى يفقد معه الحزب تحت التأسيس شخصيته المميزة، والتميز الظاهر الذى يبرر جدوى وجدية أهدافه وغاياته ويبرر وجوده فى الحياة الدستورية المصرية – ولما كان الامتياز والأفضلية لحزب على غيره إنما يقوم على مدى قدرة الحزب على تحقيق برامجه وسياسته، وأن ينقل أفكاره من دائرة العقل والشعور إلى ميدان التطبيق الواقعى فى حياة أعضائه وغيرهم من المواطنين بأبسط السبل وأيسرها، والإمتياز بهذا المعنى يدخل فى نطاق الرقابة على الممارسة والأداء ويخرج عن نطاق الرقابة فى النشوء المبتدأ الذى يقتصر على توفر الجدية والجدوى من برامج وسياسات الحزب المتميزة ظاهريا، فالامتياز يدخل فى نطاق الرقابة الشعبية التى يكون لها وحدها الحق فى المفاضلة بين الأحزاب القائمة لترى أيها أقدر سياسيا وحزبيا وأهدى سبيلا إلى تحقيق آمالها وأحلامها على أرض الواقع، ومن ثم يخرج عن نطاق الرقابة على تأسيس الحزب السياسى مهمة التأكد من مدى قدرة الحزب طالب التأسيس على الإمتياز على غيره فى نشاطه وممارسته فى الساحة السياسية الحزبية لتحقيق البرامج التى يطرحها بنجاح، فكل برنامج قابل للنجاح أو الفشل بدرجات متباينة، ولا يمكن أن يتأكد ذلك إلا فى ساحة العمل والممارسة الحزبية والنضال السياسى – ومن ثم يكفى ليكون الحزب جادا فيما قدمه من برامج أن تكون جدية ومتميزة وبها عناصر متعددة جديدة، ويتحقق ذلك بأن تكون الأساليب التى أوردها الحزب بحسب الثابت فى عيون الأوراق لتحقيق سياسات وبرامج منطقية وممكنة عقلا ومؤدية بطريقة معقولة وواقعية إلى النتائج إلى انتهى إليها ولا يكفى لطرح الثقة بهذه البرامج الادعاء بأنها مغرقة فى الخيالات والأوهام، مادام الحزب قد قدم فى الأوراق تصورا محددا للخطوات المنطقية والعملية التى يجدها مؤدية لتحقيق برامجه، ما لم يتأكد فينا وعلى أساس علمى ومنطقى دحض هذه الآراء واستحالة تنفيذها بناء على ما تقرره لجان أو جهات الخبرة على سند علمى وفنى سليم تفقد مزاعم الحزب تحت التأسيس وتكشف زيف توقعاته وضحالة أفكاره، ويجعل منه حزبا غير جاد فى رعاية مصالح الجماهير مستهينا بعقلها ومستهزئا بذكائها، فإذا لم يتوافر للجنة المختصة السند العلمى والفنى لعدم معقولية وعدم إمكان تحقيق أفكار أو سياسات وبرامج الحزب تحت التأسيس وجب عليها أن تسمح بمشاركته فى حلبة الصراع السياسى حيث الأمر يومئذ مرجعه للشعب حيث يحكم عليه الشعب مع غيره من الأحزاب بفطرته وبذكائه وقدراته السياسية والطبيعية – فيرتفع فى ميدان السياسة الوطنية حزب وتنزوى أحزاب أخرى وفق ما يقدمه كل منها بصدق وإيمان لمصر وللمصريين من برامج وأفكار وقدرة على التحقيق والتنفيذ فى رعاية مصالح الجماهير وتعميق مفاهيم الديمقراطية، ومن ثم فإن المبادئ الأساسية التى قررتها نصوص الدستور وقانون الأحزاب السياسية تحتم تحقيقا للنظام الدستورى والسياسى والديمقراطى أن لا توصد الأبواب أمام أى حزب تحت التأسيس يكون له تميز ظاهر فى برامجه أو سياسته يجعله أهلا فى المشاركة فى حل مشاكل الجماهير ورفع المعاناة عنها? ????????.

 

ومن حيث إن المادة (4) من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية المعدلة بالقانونينرقمى 36 لسنة 1979، 144 لسنة 1980 قد تضمنت الشروط التى يلزم توافرها لتأسيس الحزب ابتداء وكذلك لاستمرار بقائه، وقد ثار الخلاف حول مدى توافر الشروط المنصوص عليها بتلك المادة فى الحزب طالب التأسيس فيقوم اعتراض اللجنة المشكلة، بالتطبيق لحكم المادة (8) من القانون المشار إليه على تأسيس الحزب على أنه لا تتوافر فيه الشروط المتطلبة فى البند (أ) من أولا فى المادة (4) من القانون كما أنه مخالف لحكم الفقرات ثانيا وثالثا وخامسا من المادة (4) المشار إليها، بينما يؤكد وكيل المؤسسين على أن اعتراض اللجنة لا يقوم على أساس صحيح من الواقع أو القانون.

 

ومن حيث أن القرار المطعون فيه الصادر من لجنة الأحزاب بالاعتراض على تأسيس الحزب الاشتراكى المصرى قد أقام اعتراضه – طبقا لما ورد فى أسباب القرار- على ما استبان للجنة من أن الحزب قد أورد مبادئه وأهداف فى صورة أفكار عامة دون تحديد أو إيضاح لأسلوبه فى العمل على تحقيقها أو وسائل تنفيذها، فضلا عن أنه أفرغ برنامجه فى عبارات مرسلة أقرب ما تكون إلى الشعارات، جاء بعضها تجميع لاقتباسات مسبوقة من برامج الأحزاب السياسية القائمة وبعضها الآخر لا يعدو أن يكون رؤوس موضوعات لأمور قائمة فافتقد البرنامج بذلك شرط التميز الظاهر عن برنامج الأحزاب الأخرى، كما جاء مفتقرا إلى التجديد الواجب توافره فى برامج الحزب طبقا للمفهوم الذى عناه الشارع فى البند ثانيا من المادة (4) من القانون رقم 1977 بنظام الأحزاب السياسية.

 

ومن حيث أنه يتعين الاشارة-ابتداء إلى أن الأحزاب السياسية القائمة منها والتى تطلب التأسيس تلتزم أساسا باحترام المقومات والمبادئ الأساسية للمجتمع المصرى المنصوص عليها فى الدستور طبقا لحكم المادة (5) منه.

 

ومن حيث انه يبين مما سبق أن الدستور ومن بعده القانون رقم 40 لسنة 1977 قد تطلبا حتما اتفاق الأحزاب القائمة وتلك التى تطلب التأسيس فى الأمور القومية العامةغير المسموح فى شأنها بالاختلاف دستوريا وقانونيا الأمر الذى يضيق معه مجال التميز المتطلب كشرط لتأسيس الحزب، فالتميز بالضرورة لا يكون جائزا إلا فى غير تلك الأمور التى تمثل النظام العام الدستورى السياسى والاقتصادى والاجتماعى للوطن مما يعد مجالا للعمل السياسى المسموح به للأحزاب، ومن ثم فإن التماثل والتطابق مفترض حتما فى المقومات الأساسية التى تقوم عليها الأحزاب، كما أن هذا التطابق مفترض – حتى بالنسبة للبرامج والسياسات – لتقيدها حتما بالمبادئ والمقومات الأساسية للمجتمع التى أشار إليها الدستور، وأكدتها المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977، ومن ثم فإن التميز المطلوب فى حكم الفقرة(ثانيا) من هذه المادة ههوالتميز فى برنامج الحزب وسياساته أو أساليبه تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى، وبالتالى فأنه وفقا لما جرى عليه قضائ هذه المحكمة يتعين التسليم بأن هذا التميز الظاهر يتحقق إذا توفر للحزب طالب التأسيس خطة – مستقبلية تأخذ بين الجماعة – طبقا لإمكانياتها الواقعية لتحقيق مطالبها الملحة والعامة وفقا لما تتوجه إليه مطالبها سواء بتكثيف وحشد هذه الإمكانيات أو ترشيد استخدامها أو ابتداع الوسائل الممكنة لتكريسها وتهيئتها لتحقيق أهداف الحزب بما يحقق آمال الجماهير ومطالبها وذلك طبقا لبرامج وأساليب محددة تؤدى بطريقة منطقية ومعقولة إلى النتائج التى انتهت إليها ولا تتعارض إمكانية تحقيقها بصفة حتمية وظاهرة وقاطعة مع الناحية العلمية والفنية أو مع الغايات التى تستهدف تحقيقها، فإذا كانت برامج الحزب المخصصة لتحقيق أهدافه تضع خطة منطقية ومتميزة عما ورد فى باقى الأحزاب الأخرى من خطط وبرامج على نحو يمكن معه استجلاء سمات الشخصية الحزبيةومنطلقاتها الفكرية المتميزة فى معالجة مشاكل المواطنين، فقد توافر لها مقومات الحزب السياسى الذى يسوغ له الانطلاق نحو ساحة النضال السياسى ويخرج بذلك من نطاق الرقابة القضائية إلى نطاق الرقابة الشعبية التى تتنافس تحت اشرافها ورقابتها الأحزاب السياسية المختلفة لترى أيها أهدى وأقوى سبيلا والاكثر جدية وفاعلية إلى تحقيق مصالحها وأهدافها، أما إذا كان الحزب مفتقرا أصلا إلى تحديد هذه الخطط والبرامج التميزة من غيره من الأحزاب والتى تحقق بطريقة سائغة ومقبولة أهدافه أو كانت فى أغلبيتها ترديدا لما لدى الأحزاب من برامج أو نقلا لما لأحد الأنظمة السياسية أو الاقتصادية القائمة بالفعل فأن الحزب يكون فاقد لشرط التميز الظاهر بالمفهوم الذى عناه الشارع فى المادة الرابعة من قانون الأحزاب وامتنع عليه مشروعية اللحاق بالأحزاب السياسية القائمة فى حلبة المنافسة السياسية لعدم جدواه من الناحية السياسية والحزبية لفقدانه الأسس اللازمة لإضافة جديد إلى الحياة السياسية والدستورية والحزبية للبلاد.

 

ومن حيث أنه بالاطلاع على برنامج الحزب تحت التأسيس المودع بالأوراق يبين أنه قد حرص على أبراز أوجه التميز التى يرى أنه ينفرد بها على غيره من الأحزاب وتتحصل فيما يلى :

 

1- تحقيق اللامركزية فى إدارية شئون البلاد من خلال ايجاد حكم محلى يباشر فيه المواطنون إدارة شئونهم بأنفسهم لتتفرغ الحكومة المركزية لرسم السياسات العامة.

 

2- إنشاء القضاء الشعبى فى الاحياء السكنية لفض المنازعات واجراء المصالحات بما يخفف العبء على القضاء ليتفرغ للقضايا الكبيرة ويتحقق العدل السريع لاصحابه.

 

3- تحديد هدف استراتيجى قومى لانتاج رغيف مصرى 100% وذلك بإنشاء بنك القمح تشارك فى إنشائه الملكيات الكبيرة والصغيرة وجمعيات استصلاح الأراضى.

 

4- سيطرة الدولة الكاملة على بنوك القطاع الخاص من خلال البنك المركزى ووضع النظم المالية والمحاسبية التى تمنع تهريب الأموال عن طريق هذه البنوك على نحو ما حدث فى شركات توظيف الأموال.

 

5- الحد من سياسة البناء من أجل التمليك لخروجه على قدرة الأغلبية من المحتاجين للسكن وقصر البناء من أجل التمليك على الدولة، ومنع التأجير المفروش لحماية القيم والأخلاق والطعون الإرهاب.

 

6- حظر ممارسة العمل الحزبى فى النقابات العمالية والمهنية ويقتصر دورها على الرعاية الاجتماعية والثقافية لأعضائها.

 

7- عدم إستغلال الدين فى العمل السياسى والحزبى.

 

ومن حيث انه يبين من الإيضاحات التى قدمها الحزب شرحا لها أنها لا تتضمن جديدا يمكن أن يتميز به عن برامج الأحزاب الأخرى، ولا تعدو أن تكون اختيارا لأحد الأنظمة القائمة بالفعل والتى تزخر بها مراجع الأنظمة السياسية، اقتباسا للتجارب التى مرت بها بعض الدول الأخرى، أو تأكيدا لما هو قائم ومعمول به بالفعل من مبادئ وسياسات، فاختيار الحزب اللامركزية الإدارية – إذا ما أخذ ذلك فى إطار م ايبيحه الدستور فى هذا الشأن ولو على سبيل الفرض الجدلى لا يقدم جديدا سواء فى مصر أو فى أغلب الدول الموحدة حيث أثبتت التجرية فساد الأنظمة المركزية، وعدم قدرتها على مسايرة التطور بعد أن تعقدت وظائف الدولة واتسعت رقعتها فإذا ما أضيف إلى ذلك أنه يبين من العرض المقدم لبرنامج الحزب أنه يخلط بين مفهوم اللامركزبة الإدارية الذى تحققه الإدارة المحلية السليمة فى الدول الموحدة والذى يأخذ به الدستور المصرى فى المادة (161) منه، وباعتبار مصر أقدم دولة موحدة فى تاريخ الإنسان وبين الحكم المحلى الذى يتبع فى الدول الاتحادية والتعاهدية بكافة صورها كالولايات المتحدة الأمريكية ودول الكومنولث، ويتضح ذلك من تأكيد برنامج الحزب على ضرورة إقامة حكم محلى حقيقى يتم تنفيذه من خلال انتخابات المحافظين ورؤساء الوحدات المحلية، بحسبان المحافظ هو الرئيس السياسى والحاكم الفعلى للاقليم الذى يتعين اختياره بمعرفة مواطنى الاقليم فى أن الدعوة إلى الأخذ بهذا النظام يتعارض مع ما أوجبته المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية من الالتزام بالحفاظ على الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وما حظره البند سابعا من عدم جواز قيام الحزب على أساس جغرافى ويشمل ذلك ليس فقط تشكيل الحزب فى نطاق جغرافى من اقليم الدولة ولكن دعوته إلى تفتيتها إلى ولايات أو دويلات على أساس جغرافى كذلك …… وهما من الأمور الغير جائزة فى شأنها الاختلاف أو التمايز بين الأحزاب السياسية باعتبارها من الأركان العامة للنظام العام السياسى والحزب والدستورى فى مصر، ولا يزيل هذه المخالفة وهذا التعارض بين برنامج الحزب فى هذا الخصوص وقانون الأحزاب السياسية ما يعرضه الطاعن بصفته من حجج الصلاحية وفوائد هذا النظام لمصر من وجهة نظر مؤسسى الحزب فمصر كدولة موحده منذ آلاف السنين لا يتفق مع كيانها الوطنى الواحد الدعوة إلى تجزئتها إلى دويلات أو ولايات… أما الدعوه إلى إنشاء القضاء الشعبى فى الأحياء السكنية لفض المنازعات وإجراء المصالحات بين مواطنى هذه الأحياء فلا يعدو أن يكون اقتباسا لنظام قائم بالفعل فى مصر وفى بعض الدول، وقد نخصت عليه المادة (170) من الدستور المصرى بالنص على أن يسهم الشعب فى إقامة العدالة على الوجه وفى الحدود المبينة فى القانون، وإذا كانت القوانين القائمة فى مصر قد أوضحت كيفية مساهمة الشعب فى إقامة العدالة باشتراك بعض الشخصيات العامة مع أعضاء الهيئات القضائية المتخصصة فى بعض القضايا ذات الصبغة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية المتميزة كالقضايا التى تنظرها محكمة القيم ومحكمة الأحزاب ألا أن الحزب المطلوب قيامه يستهدف انفراد الشخصيات العامة غير المتخصصة بالقضاء فى محاكم تعقد على مستوى الاحياء لفض المنازعات، فلم يبين برنامج الحزب أسلوب تولى الشخصيات العامة مهمة الفصل فى المنازعات كلها أو بعضها بما لا يتعارض فى أحكام الدستور الذى خص السلطة القضائية وحدها بالفصل فى المنازعات وكفل لأعضائها من الضمانات المتعلقة بالاستقلال والحيدة والتأهيل والخبرة ما يمكنهم من أداء رسالتهم فى تحقيق العدالة للمواطنين فى حيدة واستقلال وبكفاءة، ولا شك أنه يتعارض مع النظام العام القضائى المصرى أن يوجد نظام لفض المنازعات لا يشترط فيه رجال السلطة القضائية وينفرد به أفراد عاديين من المواطنين فإذا ما أضيف لذلك أنه لم يبين برنامج الحزب أنواع المنازعات التى يمكن فضها بمعرفة أشخاص لا يتوفر لهم ما تحتمه المبادئ العامة للنظام القضائى المصرى وفقا لأحكام الدستور والقانون وما جرى عليه العرف من الخبرة والحيدة والاستقلال بما يمكنهم من فض المنازعات بما يحقق العدالة وما إذا كانت هى المنازعات التى تنشب فيما بين أبناء الحى أو فيما بينهم وبين السلطات المحلية بالطعن فيما تصدره من قرارات إدارية، حظر الدستور تحصينها من الطعن فيها قضاء، وخص مجلس الدولة وحده بالفصل فيها طبقا للمادة (172) من الدستور الأمر الذى يجعل من طرح هذه الأفكار مجرد مقترحات تفتقر إلى الشرعية الدستورية والقانونية ولا يتوفر فيها الجدية، ولا يمكن اعتبارها برنامجا متميزا فى حل مشاكل الجماهير.

 

ومن حيث انه لا تخرج دعوه الحزب إلى إنتاج رغيف كامل المصرية زراعة وصناعة بما يمكن من الاستغناء نهائيا عن استيراد القمح، عن أن يكون مطلبا جماهيريا تسعى إلى تحقيقه الأحزاب القائمة، والأحزاب التى تطالب بالتوسع الزراعى أفقيا ورأسيا وزيادة إنتاج القمح على الوجه الذى يغنى البلاد عن استيراده وتنادى جميعها وتقدم تخطيطا وآراء وحلولا لتحقيق هذا الزيادة فى الانتاج الزراعى وتحقيق الاكتفاء الذاتى فى غذاء الشعب وعلى قمته القمح وذلك بينما برنامج الحزب محل الطعن قد اكتفى فى بيان كيفية انتاج رغيف مصر بإنشاء بنك القمح لاستصلاح الأراضى اللازمة لزراعة القمح وأقراض الفلاحين ودون أن يدرك أن تكثيف زراعة القمح بما يحقق أمانيه تتطلب خططا وجهودا لاستصلاح الأراضى البور وزيادة الموارد المائية المحدودة والإمكانيات المالية والأيدى العاملة والتنسيق بينها وجذبها وحشدها وتكريسها لإقامة هذا النوع من الزراعة، وهو أمر لم يقم الحزب بدراسته ولم يقدم بأية خطة واضحة منطقية لتحقيق غايته ومطلبه لا سيما وأن بنك الائتمان الزراعى قائم بالفعل ويلقى من الدولة كل دعم ويقدم للمزارعين كل التيسيرات الممكنة، ومع ذلك فلم يتحقق لمصر الاكتفاء الذاتى فى هذا المحصول، ولا يكفى لتحقيق هذه الغاية مجرد تغيير تسميته أو إنشاء بنك جديد متخصص باسم محصول القمح ما لم يتم تحديد السبل والوسائل التى تمكن هذا البنك المقترح من تحقيق دعواه بناء على دراسة زراعية واقتصادية سليمة، الأمر الذى يجعل هذه الدعوة مجرد أمنية وتسمية لا تتوفر لها الوسائل والبرامج الواقعية المتميزة لبلوغها.

 

ومن حيث انه يدعو الحزب إلى الحد من سياسة البناء من أجل التمليك وقصرها على ما تقوم الحكومة ببنائه فى المجتمعات الجديدة فأنه ينطوى على الدعوة إلى حرمان الملاك غير الحكومة من حرية التصرف فى أملاكهم الخاصة بما يحمله ذك من فرض قيود على الملكية الخاصة وتتناقض مع مبادئ الحرية إلى ينادى بها الحزب يتعارض مع حصانة الملكية الخاصة بما تحتمه من حرية المالك فى التصرف فيها فى إطار وظيفتها الاجتماعية وهذه الوظيفة وإن كانت تجيز دستوريا تنظيم الاستخدام والانتفاع والاستغلال والتصرف فى الملكية الخاصة بما يحقق مصالح المجتمع ويرعى احتياجاته الاقتصادية والاجتماعية ويقيد بالتالى فى حدود التنظيم الاطلاق التام لحرية المالك فى إطار عدم تعارضها مع الصالح العام للمجتمع وتوفير تحقيق الحاجات العامة للشعب بما لا يتعارض مع حسن سير وانتظام المرافق العامة ألا أن ذلك لايجوز أن يصل إلى حد حرمان المالك من التصرف فيما يملكه وفقا لما تحققه مصلحته وبما لا يتعارض مع الوظيفة الاجتماعية للملكية فى الإطار السالف بيانه، ولما كان ذلك كذلك، ولم يبين برنامج الحزب كيفية حفز وتشجيع المواطنين على الإحجام عن بيع ما يقومون ببنائه من وحدات سكنية وبتأجيرها خالية، ولم يقدم الحزب دراسة عن الشقق المفروشة وما يترتب على إلغائها من امتناع عن الوفاء بحاجات تنشيط السياحة الخارجية والداخلية وغير ذلك من الحاجات المشروعة للمواطنين والأجانب الذين يقيمون لفترة من الوقت فى مصر ولم يقدم البدائل الممكنة للوفاء بهذه الاحتياجات فى حالة إلغائها وحظر استخدامها كشقق مفروشة حماية للقيم والأخلاق، ولم يعرض الدراسة التى تفيد تحقيق المصلحة العامة اقتصاديا واجتماعيا مما يقترحه من قيود ليس لها مبرر ظاهر أو سند سليم من أحكام الدستور والنظام العام القانونى المصرى، بل يبرره بمنع الانحراف الخلقى الذى سببه سلوك الإنسان وليس مقصورا على هذه الشقق.

 

ومن حيث أنه لا يخرج ما يدعو إليه الحزب من سيطره الدولة على المصاريف من البنك المصرى عن النظام القائم فعلا طبقا للقانون رقم (120) لسنة 1975 والقوانين المعدلة له فى شأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى والقانون رقم 50 لسنة 1984 فى شأن أحكام قانون البنوك والائتمان على النحو الذى يؤكد اشراف الدولة ورقابتها من خلال البنك المركزى على جميع البنوك العاملة فى مصر ولو كانت فروعا لبنوك أجنبية ولما كان يبين من برنامج الحزب أنه قد يستهدف من ذلك تملك الشعب لكافة المصارف المصرية والأجنبية فتكون جميع البنوك وشركات التأمين فى إطار الملكية العامة للشعب (البرنامج ص11) الأمر الذى يعنى تأميم البنوك وشركات التأمين الخاصة القائمة وهذا التصور يمثل عودة إلى مرحلة سابقة مر بها الاقتصاد المصرى، حيث أن هذا النظام كان قائما بالفعل، ولم يقدم الحزب جديدا يجعله متميزا عن غيره ولم يقدم الحزب تصوره عن كيفية أداء هذه البنوك والشركات المؤممة لتحقيق الأهداف المطلوبة فى حل مشاكل الجماهير وتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية وحماية الاقتصاد المصرى وتطويره لاسيما وأن التجربة التى سبق أن مرت بها البلاد فى عهد البنوك والشركات المؤممة كانت لها نتائجها الظاهرة على الاقتصاد المصرى فى الأزمة الاقتصادية التى يعانى منها الوطن حاليا، الأمر الذى يجعل برنامج الحزب فى هذا المجال مفتقرا إلى التميز والتحديد.

 

أما ما يدعو إليه الحزب من حظر ممارسة العمل السياسى فى النقابات والأندية والمؤسسات الاجتماعية فهو أمر تتضمنه بالفعل نصوص الدستور التى تلتزم باحترامها وتنفيذها جميع السلطات ويخضع لها جميع المصريين وقد أكدته القوانين القائمة المنظمة للنقابات المهنية والعمالية والنوادى التى حظرت على أعضائها ممارسة العمل السياسى داخلها وحتمت تكريس جهودها لخدمة أبناء المهنة وتنظيمها.

 

وقد كانت النقابات فى ظل النظام السياسى الشمولى الذى يقوم على تحالف قوى الشعب العاملة تباشر مسئولية الدعم والمشاركة لأعمال التنظيم السياسى الواحد ألا أن ذلك لم يعد سليما ولا مشروعا بقيام الأحزاب واعطاء الحرية فى تكوينها والانتماء إليها بل قد حظره المشروع وحرمه القانون رقم (40) لسنة 1977 حيث نصت المادة (23) منه على عقاب كل من انضم إلى تنظيم حزبى غير مشروع ولو كان مستترا فى شكل أو وصف جمعية أو منظمة أو جماعة أيا كانت التسيمة أو الوصف الذى يطلق على هذا التنظيم وشددت المشرع العقاب وغلظه إذا كان التنظيم معاديا لنظام المجتمع أو ذا طابع عسكرى أو نشأ بالتخابر مع دولة أجنبية أو مع دولة معادية، ولا شك أن الانطواء فى منظمة نقابية مهنية أو عمالية أو غيرها من المنظمات والهيئات غير الأحزاب السياسية واستغلال اسمها وحصاناتها وإمكاناتها لمباشرة نشاط حزبى بواسة جماعة أو منظمة تستهدف الدعوة إلى مبادئ وأفكار وبرامج سياسية ولها طبيعة الاعتياد والاستمرار بما يدخلها فى نطاق التعريف الوارد فى المادة (2) من قانون الأحزاب السياسية سالف الذكر بوسيلة الانطواء تحت ستار جمعية أو ناد أو هيئة أو منظمة قانونية أخرى غير حزبية يجعل تلك الجماعة حزبا غير مشروع ويحظره الدستور والقانون ويعاقب أفرادها جنائيا فضلا عن تحقيق مساءلتهم تأديبيا ومدنيا لو توفر مقتضى لذلك، ومن ثم فلا يمكن اعتبار هذا الغرض الذى تقرره وتفرضه أحكام الدستور ونصوص القوانين برنامجا أو أسلوبا متيزاً فى ممارسة العمل السياسى، كما لايمكن اعتبار مطالبة برنامج الحزب تحت التأسيس بعدم تدخل الدين فى السياسة أو تدخل السياسة فى الدين أمرا جديدا أو متميزا عن المبادئ العامة التى نص عليها الدستور فى المواد المنظمة لمقومات المجتمع المصرى أو الحريات والحقوق العامة للمصريين وهذا ذاته هو ما تؤكده نصوص قانون الأحزاب السياسية التى حظرت تعارض مبادئ الأحزاب مع الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى وعدم جواز قيام مبادئ أى حزب أو برامجه أو عضويته على أساس التفرقة بسبب الدين أو العقيدة وهذه مبادئ وأصول عامة تواضع عليها المجتمع المصرى وتواترت عليها كافة الأجيال دون حاجة إلى نصوص قانونية، وقد نصت عليها وأكدتها مواد الدستور والقانون وجميع التنظيمات السياسية والقانونية القائمة •

 

ومن حيث أن ما قدمه الحزب فى المجال الاقتصادى يخلص فى ابعاد الهياكل الرئيسية لعملية الانتاج كالسكك الحديدية والطرق والموانى والمطارات والسدود ووسائل النقل البحرى والجوى وغيرها من المرافق العامة عن الملكية الخاصة، والتعاونية وحصرها فى نطاق الملكية العامة للشعب كما أوجب أن تكون الصناعات الثقيلة والمتوسطة والصناعات التعدينية داخله فى إطار الملكية للشعب وأن تحتفظ الدولة بدور فى مجال الصناعات الخفيفة مما يمكنها من توجيه هذه الصناعات لصالح الشعب كما ينبغى أن تكون الأراضى الزراعية فى إطار الملكية العامة للدولة والملكية التعاونية بالنسبة لأصحاب الأراضى التى تمكنهم من ادخال الميكنة الزراعية، وحظر الملكية الفردية للأراضى الزراعية ألا لمن يقوم بزراعة الأرض بنفسه بما لا يسمح للعودة إلى الاقطاع، وأن تكون التجارة الخارجية تحت الأشراف الكامل للشعب وأن يختص القطاع العام بنسبة 75% منها على أن يختص القطاع الخاص بالجزء الباقى فضلا عن عودة المصارف وشركات التأمين إلى إطار الملكية العامة للشعب••

 

ومن حيث ان مفاد ما تقدم من آراء وأفكار وإن كانت تفتقر إلى بيان الأساليب المؤدية لها فأنها لا تتحقق بالضرورة حتما إلا بتأميم كل أو بعض المشروعات والعقارات والأراضى المملوكة للأفراد ومصادرتها لصالح الملكية العامة للشعب تحت إدارة الحكومة وحظر النشاط الخاص فى مجالات محددة وقصرها عليها ولا يتأتى ذلك إلا بمقتضى إجراءات تشريعية وإدارية تتعارض مع أحكام الدستور ومبادئه وما يكفله للمصريين من حقوق وحريات عامة أهمها حريته فى مباشرة النشاط الاقتصادى المشروع والتصرف أو الاحتفاظ بأملاكه الخاصة التى كفل الدستور صيانتها وحظر فرض الحراسة عليها أو مصادرتها الا استثناء وبقانون أو بأحكام قضائية وبقيود وشروط تكفل حصانة الملكية الخاصة وحرية التعامل بشأنها ولا يسوغ تنظيم أداء وظيفتها الاجتماعية إلا فى إطار من هذه الحصانة للملكية الخاصة وفى الحدود التى تقتضيها تلك الغاية الاجتماعية بما لاتسمح بالعودة إلى إحياء الأسس التى قامت عليها أركان وأسس الاستبداد على نحو يعيد عهد الحكم الشمولى الذى تجاوزه النظام العام الدستورى الحالى والذى يقوم على أساس إحترام حقوق الفرد وحرياته العامة والخاصة ويبنى النظام السياسى على أساس تعدد الأحزاب السياسية مع صيانة الملكية الخاصة وحمايتها فى إطار وظيفتها الاجتماعية وخدمة المقومات الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع المصرى•

 

ومن حيث انه مما يؤكد ذلك ويظاهره الخطاب الذى توجه به مؤسسو الحزب إلى ابناء الجيل الجديد كمقدمة لبرنامجه الذى حدد فيه أهدافه صراحة بقولهم ••• أن مؤرخى سنوات الرده عن الثورة حاولوا أن يشوهوا وجهها المضيئ ويخلعوا عنها ثوبها الأبيض بعد أن لطخت مسيرتها ممارسات الإنفتاح ••••••• ولكن يبقى للثورة ابناؤها الشرفاء الذين حملوا الدفاع عن مكاسب الشعب فى كل المواقع (عمال وفلاحين وجنود ومثقفين ورأسمالية وطنية) … أن الذين يطالبون بمبدأ الحرية الاقتصادية وبانسحاب الدولة من الحياة الاقتصادية ••• هؤلاء فاتهم أن مصر الحديثة قامت فى أوائل القرن الماضى على مبدأ التدخل ثم هزمت بمبدأ حرية التجارة، وأن مبدأ الحرية الاقتصادية قد سقط فى الغرب قبل الحرب العالمية الثانية ••• أن الحزب الاشتراكى المصرى •• يؤمن أن الانتقال من النظام الاقتصادى الاشتراكى إلى النظام الاقتصادى الرأسمالى الحر •• هو خطر يقتل الفقراء ويغيب سلطة الدولة (ص401).

 

ومن حيث إنه يبين من هذه العبارات بوضوح تام التوجيهات التى تعتبر الحرية الاقتصادية نوعا من الرده عن مبادئ الثورة السليمة، وأن أبناء الثورة من العمال والفلاحين والجنود والرأسمالية الوطنية سوف يحملون فى رأى مؤسسى الحزب لواء الدفاع عن مكاسب الشعب، أن الحزب صاغ أفكار وآماله التى فقدت فى غالبيتها العظمى الدراسة الجادة لواقع المجتمع المصرى، فانعزلت عن قضاياه توجهاته الحقيقية وقدمت برنامجا ليس فيه من التميز سوى التعلق بأفكار الحكم الشمولى الذى كان يقوم على أساس التنظيم السياسى الواحد، والذى لفظه الشعب فى استفتاء فبراير سنة 1977 على حرية تكوين الأحزاب والانتماء إليها، وصمم على تسجيل هذه الإرادة الشعبية فى 22 مايو سنة 1980 بتعديل نص المادة الخامسة من الدستور ليجعل النظام السياسى فى جمهورية مصر العربية قائما على أساس تعدد الأحزاب بعد أن كان قائما – طبقا للنص المعدل من الدستور – على الاتحاد الاشتراكى العربى والتنظيم السياسى•• الذى يمثل تحالف قوى الشعب العاملة من الفلاحين والعمال والجنود والمثقفين والرأسمالية الوطنية وهى الأسس التى ما يزال مؤسسوا الحزب متمسكين بها فكرا وصياغة، الأمر الذى أفقدهم السند الشرعى لمطالبتهم بإقامة وتأسيس الحزب•

 

ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المشروعات والافكار التى عرضها الحزب فى برنامجه المودع حافظة مستنداته (ص4 -16) لا يعدو أن يكون شعارات حماسية سياسية يتضمن مجموع من الأفكار والاقوال المرسلة التى لا يتوفر فيها الجدية الواجبة ولا يتحقق من ورائها أية جدوى ظاهرة وتفتقر إلى تحديد وسائل تحقيقها حتى يمكن الحكم على مدى جديتها وجدواها وغيرها، فضلا عن تعارضها مع أحكام الدستور وتجاوزها لحاجز المشروعية وتناقضها مع أحكام الدستور والقانون وعدم ملائمتها لظروف العصر أو ارتباطها بالحلول التى تتبناها الأغلبية العظمى من الأمة لقضايا المجتمع•

 

ومن حيث أنه بناء على ذلك فانه يفتقر البرنامج المقدم من الحزب محل الطعن إلى ملامح الشخصية الحزبية المتميزة التى تشكل اضافة جادة للعمل السياسى، ومن ثم فإنه يكون غير جدير بالانتماء إلى حلبة النضال السياسى مع باقى الأحزاب القائمة•

 

ومن حيث انه بناء على ما سبق جميعه وإذ انتهت لجنة الأحزاب إلى افتقار برنامج الحزب للتحديد والتميز وأصدرت قرارها بالاعتراض على الطلب المقدم من السيد / عادل عبد الحليم والى بتأسيس الحزب الاشتراكى المصرى فأنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه ويكون النعى على قرارها قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقا بالرفض•

 

ومن حيث ان الطاعن قد خسر طعنه ومن ثم فإنه يلزم بمصروفاته عملا بنص المادة 184من قانون المرافعات•

* فلهذه الأسباب

 

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن بالمصروفات•

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ