طعن رقم 3946 لسنة 37 بتاريخ 18/04/1995 الدائرة الثانية
طعن رقم 3946 لسنة 37 بتاريخ 18/04/1995 الدائرة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / حنا ناشد مينا حنا. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة فاروق على عبد القادر والصغير محمد محمود بدران ومحمد ابراهيم قشطة وعبد الرحمن سعد محمود عثمان. نواب رئيس مجلس الدولة.
*
اجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 14/8/1991 أودع الأستاذ.
…………………. المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن المحكمة الإدارية العليا، تقريراً بالطعن، قيد بجدولها برقم 3946 لسنة 37ق. عليا، فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بجلسة 19/6/1991 فى الدعوى رقم 2934 لسنة 7ق، والقاضى أولاً : بالنسبة للطلب الأول: بقبوله شكلاً وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المدعى عليها مصروفاته. ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض عن هذا القرار: بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً إلزام المدعى مصروفاته. ثالثاً: بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية: بسقوط حق المدعى فى الادعاء بالتزوير مع تغريمه 25 جنيهاً (خمسة وعشرين جنيها).
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن، للأسباب الواردة به، الحكم اولاً: بقبول الطعن شكلاً. ثانياً: وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه، فيما يخص قضائه، فى دعوى التزوير الفرعية وشق التعويض – ثالثاً: قبول الادعاء بالتزوير شكلاً وفى الموضوع، برد وبطلان قرار فصل المدعى الصادر فىى 27/5/1985، والمستندات المطعون عليها بالتزوير. رابعاً: الحكم أصليا: بتعويض مادى قدره 534000 جنيهاً (خمسمائة وأربعة وثلاثون ألف جنيه) وبتعويض أدبى قدره 340000جنيها (ثلاثمائة وأربعون ألف جنيه). واحتياطياً: بضم استمارات صرف جميع مرتبات ومكافآت وكافة المستحقات المالية التى تقاضاها زملاء الطاعن من أساتذة بقسم الكيمياء وعلوم المنصورة والمدونة أسماؤهم بالقرار التنفيذى رقم 527 فى 27/9/1984 المعلاة برقم 69 بالملف الفرعى للطاعن حافظة جامعة المنصورة (جلسة 6/4/1986) عن المدة من 13/10/1984 حتى 11/7/1991 تاريخ استلام الطاعن لعمله لتقدير قيمة التعويض، لجبر الأضرار المادية والأدبية.
خامساً: إلزام جامعة المنصورة بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن طلب التعويض ودعوى التزوير الفرعية عن الدرجتين – سادساً : الاحتفاظ بالحق فى زيادة قيمة التعويض الاجمالى وفقا لجدول التعويض بالمذكرة المقدمة بجلسة 23/5/1990أمام محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة فى حالة تأخر الحكم أو الوفاء بقيمة التعويض، دون ما حاجة إلى تعديل طلبات سابعاً : إبلاغ النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم قانونا بشأن دعوى التزوير الفرعية، مع الاحتفاظ بسائر الحقوق أيا كانت.
وقد أعلن تقرير الطعن إلى الجامعة المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً بالرأى القانونى فى الطعن أرتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع، بتعديل الحكم المطعون فيه فيما قضى به فى البند الثانى منه، ليكون بعدم قبول الادعاء بالتزوير، وتأييد الحكم فيما عدا ذلك والزام الطاعن مصروفات الطعن.
وقد نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة على النحو الموضح بمحاضر جلساتها، حيث مثل الطاعن وطلب التأجيل لاتخاذ إجراءات الطعن بالتزوير بشأن الحكم المطعون فيه.
وبتاريخ 20/3/1993 قدم الطاعن مذكرة وإعلان شواهد التزوير فى الحكم المطعون فيه، وقد قيد الادعاء التزوير بجدول هذه المحكمة تحت رقم 1947 لسنة 29ق. عليا، وتم إعلان شواهد التزوير للسادة أعضاء هيئة التدريس المطعون ضدهم فى 27، 28/3/1993- وبجلسة 1/12/1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) لنظره بجلسة 4/1/94 وتدوول نظر الطعن بالجلسات أمام هذه المحكمة على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، وبجلسة 17/5/1994قضت هذه المحكمة برفض دعوى التزوير الفرعية المقيدة بجدولها برقم 1947 لسنة 39ق. عليا وتغريم الطاعن مبلغ خمسة وعشرون جنيهاً وإعادة الطعن الماثل للمرافعة لنظره بجلسة 31/5/1994.
وقد نظرت المحكمة الطعن على النحو الموضح بمحاضر الجلسات، حيث قدم كل من طرفى الطعن مستنداته ودفاعه، وبجلسة20/12/1994 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة اليوم 18/4/1995 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته الشمتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الايضاحات وبعد المداولة.
من حيث ان الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما هو مستفاد من الأوراق – فى أنه بتاريخ19/9/1985أقام الطاعن الدعوى رقم 2934 لسنة 7ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة، طالباً الحكم فى ختامها بالغاء قرار إنهاء خدمته الصادر من مجلس الجامعة المطعون ضدها بتاريخ 27/5/1985 مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجامعة المطعون ضدها بأن تؤدى له تعويضاً مقداره 500000جنيهاً (خمسمائة ألف جنيه) جبراً لما أصابه من ضرر مادى وأدبى.
وذكر المدعى شرحاً لدعواه، أنه يعمل أستاذا بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة واستمر فى عمله بهمة ونشاط مما أثار حفيظة بعض زملائه، فتقدم أحدهم وهو الدكتور.
………………..بمذكرة يطلب فيها التحقيق مع المدعى فيما أسماه بالتصرفات الشخصية التى أسأت إلى سمعة أعضاء هيئة التدريس، وانعقد مجلس قسم الكيمياء بتاريخ 29/11/1982، وقرر إعادة النظر فى الجدول الدراسى الخاص بالمدعى ليصبح ثمانى ساعات عملية فقط فى الأسبوع، واعتمد مجلس الكلية هذا القرار فى 14/2/1983 – وقد تم الطعن على هذا القرار بالدعوى رقم 717 لسنة 5ق قضاء إدارى المنصورة، وأنه برغم ذلك، فوجئ فى بداية العام الدراسى 1983/1984 بإسناد جدول دراسى مغاير لجداول الأساتذة زملائه بالقسم كماً ونوعاً، واستمر حرمانه من المادة العلمية ومن الإشراف على البحوث العلمية لرسائل الماجستير والدكتوراه، ورغم تكرار تظلمه من هذا الوضع لم تلتزم الجامعة المدعى عليها بأحكام القانون، فقام مجلس القسم ومجلس الكلية بتوزيع جدوله على آخرين، بحيث لم يعد له عمل فى القسم، وقام على أثر ذلك بإبلاغ الجهات الرسمية، وقال المدعى أنه بتاريخ 13/10/1984، وهو التاريخ الذى تدعى الجامعة انقطاعه فيه عن العمل، تسلم جدوله الغير شرعى، وتظلم منه بدون جدوى، ورغم ذلك اعتبرته الجامعة منقطعاً، فى حين أنه كان يتردد على الكلية ويرسل التظلمات العديدة، وأشار إلى أن الجامعة أرسلت اليه الكتاب رقم 1886 بتاريخ 14/11/1984 تدعى فيه انقطاعه عن العمل دون إذن، وأنه قابل العميد وقدم اليه مذكرة شرح فيها ما لحقه من ظلم وطلب التحقيق فيما نسب اليه من انقطاع، كما قابل رئيس الجامعة فى 205/11/1984 لذات الغرض، إلا أن الجامعة استمرت فى تعسفها معه، فأصدرت القرار رقم 699 بتاريخ 12/12/1984المتضمن إيقاف صرف راتبه اعتباراً من 123/10/1984وتطبيق المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972، وذهب المدعى إلى أنه لم يسلم من اضطهاد الجامعة له، إذ أنها رفضت كل تظلماته، وأسندت إليه جدولاً غير متناسب مع مكانته العملية، واستمرت فى الامتناع عن صرف راتبه، مما حدا به إلى الطعن على قرار حرمانه من الراتب بالدعوى رقم 977 لسنة 7ق قضاء إدارى المنصورة، وأضاف أن رئيس الجامعة إحالة إلى التحقيق ثم إلى مجلس التأديب لعدم تنفيذه الجدول الدراسى للأعوام 1983/1984 و 1984/1985، وتعديه على بعض زملائه بالقول، وتحددت جلسة 3/6/1985 أمام مجلس التأديب. وبتاريخ 27/5/1985 أصدر مجلس الجامعة قراره المطعون فيه، فتظلم منه فى 15/6/1985 وكرر تظلمه فى 23/6/1985، إلا أنه بتاريخ 27/7/1985 تقرر رفض تظلمه واختتم قوله بأن قرار إنهاء خدمته المطعون فيه مخالف للقانون، ذلك أن الجامعة نسبت إليه تهمة الانقطاع عن العمل فى الوقت الذى كان متواجداً فيه بالكلية، ومن ناحية أخرى، فإنه كان محالاً للمحاكمة التأديبية، ومن المقرر قانوناً أنه لايجوز إنهاء خدمة عضو بهيئة التدريس المحال للمحاكمة التـأديبية، ومن ثم فإن قيام مجلس الجامعة بإصدار قرار إنهاء خدمته يعد بمثابة اغتصاب لسلطة مجلس التأديب بدون سند من القانون، وخلص المدعى إلى أنه يلتمس الحكم بالطلبات سالفة البيان.
وقد نظرت محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة الدعوى على النحو المبين بمحاضر جلساتها، حيث قدم كل من طرفى الدعوى مستنداته ودفاعه، وبتاريخ 25/3/1989 أودع المدعى قلم كتاب تلك المحكمة تقرير طعن بالتزوير، وأوضح فى هذا التقرير المستندات التى يدعى تزويرها ومواضع التزوير، وقام بتاريخ 26، 27/3/1989 بإعلان جهة الإدارة بمذكرة يبين فيها شواهد التزوير.
وبجلسة 19/6/1991 حكمت المحكمة أولاً: بالنسبة للطلب الأول: بقبوله شكلاً وفى الموضوع بالغاء القرار الصادر بإنهاء خدمة المدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزمت الجامعة المدعى عليها مصاريفه – ثانياً: بالنسبة لطلب التعويض عن هذا القرار: بقبوله شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت المدعى مصاريفه -ثالثاً: بالنسبة لدعوى التزوير الفرعية : بسقوط حق المدعى فى الادعاء بالتزوير مع تغريمه خمسة وعشرين جنيهاً.
وأقامت المحكمة قضاءها بالنسبة للشق الأول من الحكم تأسيساً على أن الثابت من الأوراق أن الواقعة التى بنى عليها القرار المطعون فيه هى ذات الواقعة التى أحيل عنها مجلس التأديب فى 18/4/1985، وهى ما نسب للمدعى من الانقطاع عن العمل اعتبارا من 13/10/1984، لعم تنفيذ الجدول الدراسى المسند إليه، وهو مايفيد أن الجامعة بعد اتصال الدعوى التأديبية بمجلس التأديب قد اتخذت قراراً من شأنه غل يد مجلس التأديب وسلب ولايته فى محاكمة المدعى، ويعتبر ذلك عدواناً على اختصاص مجلس التأديب وغصباً لسلطته، ومن ثم يكون هذا القرار قد صدر مخالفاً للقانون لهذا السبب، فضلا عن مخالفته للقاعدة العامة المنصوص عليها فى المادة (98) من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن العاملين المدنيين بالدولةى، التى تغل يد الإدارة عن إنهاء خدمة العامل المنقطع عن عمله إذا اتخذت هذه الاجراءات التأديبية ويتعين بالتالى القضاء بإلغائه – وأقامت قضاءها بالنسبة للشق الثانى من الحكم، تأسيسا على ما هو مقرر من أن القضاء بالغاء القرار المطعون فيه بسبب عيب فى الشكل أو الاختصاص لا يصلح حتماً للقضاء بالتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً فى موضوع القرار، وأنه لما كان العيب الذى شاب القرار المطعون فيه هو عيب اجرائى، فضلا عن أن المدعى كان ممتنعا عن العمل مما استدعى وقف صرف مرتبه من 13/10/1984 وتطبيق المادة (117) من القانون رقم 49 لسنة 1972، فإن هذا العيب الاجرائى فى هذا القرار لايستوجب التعويض عنه – واستندت المحكمة فى قضائها بسقوط الادعاء بالتزوير وتغريم المدعى مبلغ 25 جنيهاً، إلى أن المدعى قد أعلن شواهد التزوير إلى خصمه فى 26، 27/3/1989، دون أن يبين إجراءات التحقيق التى يركن إليها فى إثبات التزوير وبالتالى يسقط الادعاء بالتزوير عملاً بنص المادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968.
ومن حيث ان مبنى الطعن الماثل، أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه وتأويله، ومشوب بالقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال، فضلا عن أنه مشوب بالبطلان لإثباته وقائع على خلاف الحقيقة، للأسباب الآتية:
أولاً : أن قرار إنهاء خدمة الطاعن الصادر بتاريخ 27/5/1985 مشوب بجميع العيوب التى تلحق بالقرارات الإدراية، إذ أنه صادر من غير مختص وغير محمول على سبب صحيح يبرره، ومنطوى على إإساءة استعمال السلطة، ومن ثم كان يتعين القضاء بالتعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناجمة عن هذا القرار المخالف للقانون، إلا أن الحكم المطعون فيه تجاهل هذه العيوب وارتكن على أن العيب الذى شاب القرار هو عيب إجرائى لايبرر التعويض.
ثانيا : أن الحكم المطعون فيه تجاهل الحقائق الثابتة بالأوراق والتى تقطع بعدم شرعية قرار إنهاء الخدمة المطعون فيه، فضلاً عن أنه التفت عن دفاع الطاعن الذى كشف عن عدم شرعية هذا القرار، ذلك أن الطاعن لم ينقطع عن عمله ولم يمتنع عن العمل، وإنما طلب من رئيس الجامعة وعميد الكلية منذ تكليفه بجدول دراسى غير متناسب مع مكانته العلمية، اتخاذ ما يلزم لمساواة جدوله بجداول زملائه الأساتذة بالقسم فى الحقوق والواجبات كعضو هيئة تدريس.
ثالثا: أن الطاعن قد طعن بالتزوير على المستندات المقدمة من الجامعة المطعون ضدها فى الدعوى موضوع الطعن واتخذ الاجراءات المنصوص عليها بالمادة 49 من قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1968، وأنه من المسلم به أنه لاداعى للجوء إلى التحقيق مادام أنه يمكن اكتشاف هذا التزوير من تلك المستندات، ومن ثم فإن القضاء بسقوط الادعاء بالتزوير ينطوى على مخالفة لأحكام القانون.
رابعا: أن الحكم المطعون فيه قد أثبت وقائع غير صحيحة، وانطوى فى حيثياته على تزوير معنوى، ومن ثم يكون هذا الحكم باطلاً، وبالتالى لا يحوز ثمة حجية، الأمر الذى يحق معه للطاعن طلب اتخاذ اللازم قانوناً بصدد ما شاب هذا الحكم من تزوير.
ومن حيث انه لا محل للتصدى لادعاء الطاعن بتزوير الحكم المطعون فيه. بعد أن سبق لهذه المحكمة أن قضت بجلسة 17/5/1994 برفض دعوى التزوير الفرعية المقيدة بجدولها برقم 1947 لسنة 39ق عليا وتغريم الطاعن مبلغ خمسة وعشرين جنيهاً.
ومن حيث إنه عن دعوى التزوير الفرعية التى أقامها الطاعن بتقرير أودعه قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة بتاريخ 25/3/1989، فإن الثابت من الأوراق أن المدعى قام بإعلان الجامعة المدعى عليها فى 26، 27/3/1989 بمذكرة تضمنت شواهد التزوير وذلك دون أن يبين فيها إجراءات التحقيق التى يمكن بها إثبات هذا التزوير طبقاً للمادة 49 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968، ويرتب القانون على عدم اتباع هذه الاجراءات سقوط الحق فى الادعاء بالتزوير، الأمر الذى يتعين معه الحكم بسقوط حق الطاعن فى الادعاء بالتزوير، وإذ ذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب، فإنه يكون قد أصاب الحق فى قضائه، وبالتالى فإن النعى عليه فى هذا الشق فى غير محله.
ومن حيث انه عن طلب الطاعن التعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناجمة عن قرار إنهاء خدمته الصادر بتاريخ 27/5/1985: فإن المقرر أن مناط مسئولية الإدارة عن القرارت الإدارية الصادرة منها، وهو وجود خطأ من جانبها، بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع، ويلحق صاحب الشأن ضرراً، وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر – والمقرر أيضاً أن الضرر باعتباره ركناً من أركان المسئولية التقصيرية إما أن يكون مادياً وإما أن يكون أدبيا. والضرر المادى هو الإخلال بمصلحة للمضرور ذات قيمة مالية. أما الضرر الأدبى فهو الذى يصيب مصلحة غير مالية للمضرور، بأن يصيبه فى شعوره أو عاطفته أو كرامته أو شرفه، وبهذه المثابة، جرى قضاء هذه المحكمة على أن التعويض عن الضرر الأدبى بمبلغ من المال لا يتعارض مع ما استقر عليه القضاء الإدارى من أن الحكم بالغاء قرار إنهاء خدمة العامل وتنفيذ جهة الإدارة لهذا الحكم، كاف لجبر الضرر الأدبى، ذلك أن تعويض الاضرار المادية للعامل الذى يعود لعمله، تنفيذا لحكم القاضى بالغاء قرار إنهاء خدمته، لايكفى بذاته لإزالة ما علق بنفسه من شعور بالظلم ومعاناة من تشرد وتشتت وضياع بين أفراد المجتمع، وفيهم من ينظر إليه نظر الريبة. ومنهم من يتساءل عن أسباب فصله عن الخدمة، ومنهم اشامتون – ومن المسلم به فى هذا الخصوص أن التعويض ثابت وأن يكون بقدر الضرر حتى لايثرى المضرور على حساب المسئول دون سبب.
ومن حيث ان يبين من مطالعة الأوراق أن الطاعن كان يعمل أستاذا بقسم الكيمياء بكلية العلوم جامعة المنصورة، ونظراً لما نسب إليه من خروج على مقتضى الواجب الوظيفى، بامتناعه عن تنفيذ جدوله الدراسى وأداء المهام المنوط به، وذلك فى عام 1983/1984 وعام 1984/1985، وكذا اعتدائه بالقول على بعض زملائه، فقد تقرر احالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، بمقتضى قرار رئيس الجامعة رقم 233 الصادر فى 18/4/1985 – وبتاريخ 27/5/85 أصدر مجلس جامعة المنصورة قراراً تضمن إنهاء خدمة الطاعن اعتباراً من 13/10/1984 (تاريخ انقطاعه عن العمل) باعتباره مستقيلاً تطبيقاً لنص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 – بشأن تنظيم الجامعات.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن الاستقالة الحكمية طبقاً لما هو مقرر فى نظام العاملين بالدولة – والذى صدر قانون تنظيم الجامعات فى ظله – إن هى إلا قرينة مقررة لمصلحة الإدارة إن شاءت اعملتها وإن أرادت طرحتها، ومن ثم فإنه يتعين تفسير نص المادة 117 من القانون رقم 49 لسنة 1972 بشأن تنظيم الجامعات فى ضوء هذا الأصل العام، وبهذه المثابة جرى قضاء هذه المحكمة، على أنه لايجوز قبول الاستقالة الصريحة أو الحكمية إذا كان العامل قد أحيل إلى المحاكمة التأديبية، ذلك لأن القرار الصادر بقبول الاستقالة يتضمن فى ذاته سلب ولاية المحكمة التأديبية التى تصبح هى المختصة دون غيرها بأمر تـأديبه. وأن الأثر المترتب على ذلك يتمثل فى أن القرار الصادر من جهة الإدارة بإنهاء خدمة العامل أثناء محاكمته من شأنه غصب سلطة المحكمة وسلب ولايتها فى تأديب العامل. وعلى ذلك فإن القرار الصادر بإنهاء خدمة العامل للانقطاع أثناء محاكمته يعتبر قراراً منعدماً ينحدر إلى مجرد العمل المادى ولا تلحقه أية حصانة.
ومن حيث انه متى كان ذلك كذلك، وكان الثابت مما سلف بيانه أن قرار إنهاء خدمة الطاعن للانقطاع عن العمل، قد صدر بعد قرار إحالته إلى مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس، أى فى الوقت اذى كان فيه محالا للمحاكمة التأديبية عن واقعة انقطاعه عن العمل – ومن ثم يكون هذا منعدماً، لمخالفته لأحكام القانون، ويتوافر بذلك ركن الخطأ فى جانب الجامعة المطعون ضدها، وبالتالى يحق للطاعن أن يطالب بالتعويض عن الأضرار التى حاقت به بسبب هذا القرار ولا يعتبر من ذلك ما ذهب اليه الحكم المطعون فيه من أن العيب الاجرائى الذى شاب القرار المطعون فيه لا يستوجب بالضرورة تعويض المدعى عما يكون قد أصابه من أضرار بمقولة أن القضاء الإدارى قد استقر على أن عيب عدم الاختصاص أو الشكل الذى قد يشوب القرار فيؤدى إلى الغائه لا يصبح حتماً وبالضرورة أساسا للتعويض ما لم يكن العيب مؤثراً فى موضوع القرار – ذلك أن الثابت مما تقدم أن العيب الذى شاب القرار المطعون فيه قد انحدر به إلى درجة الانعدام، وليس عيباً متعلقا بالشكل أو الاختصاص.
ومن حيث انه عن طلب الطاعن اقتضاء تعويض عن الأضرار المادية والأدبية الناجمة عن القرار المطعون فيه خلال الفترة البادئة من تاريخ صدور هذا القرار فى 27/5/1985 وحتى 11/7/1991 تاريخ تسلم الطاعن العمل بالجامعة المطعون ضدها تنفيذا لحكم محكمة القضاء الإدارى بالمنصورة القاضى بإلغاء القرار المذكور – فإن هذه المحكمة تقرر بادئ ذى بدء، استظهارا من عيون الأوراق، أن الطاعن قد تعرض لسلسلة من اضطهادات الجامعة المطعون ضها، كشفت عنها الدعاوى العديدة التى أقامها الطاعن ضد هذه الجامعة، وقد بأت هذه الاضطهادات فى صدور قرار مجلس كلية العلوم بتاريخ 14/2/1982 المتضمن تخفيض جدول الطاعن الدراسى إلى ثمانى ساعات عملية فقط فى الأسبوع، والذى قضى بالغائه وبأحقية الطاعن فى تعويض الأضرار الناجمة عنه، بموجب الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثانية) بجلسة 29/1/1994 فى الطعن رقم 3945 لسنة 37ق. عليا، ثم انتهت هذه الاضطهادات بصدور قرار إنهاء خدمة المطعون فيه فى 27/5/1985 واقصاء الطاعن عن عمله مدة جاوزت ست سنوات، وأنه مما لاشك فيه أنه نجم عن هذا القرار الخاطئ ضرر محقق مادى وأدبى تمثل فى حرمان الطاعن من مباشرة مهام وظيفته كأستاذ بالكلية المذكورة، وجنى مزاياها، مدة زادت على ست سنوات، وما صاحب ذلك من إيذاء ومعاناة نفسية ومساس بالاعتبار الأدبى بين الأساتذة والطلاب والهيئة العلمية بوجه عام.
ومن حيث ان المقرر أن التعويض عن الفصل لا يلزم أن يكون فى جميع الأحوال مساوياً للمرتب الذى لم يحصل عليه العامل خلال مدة ابعاده عن الوظيفة، ذلك أن الحق فى تقاضى المرتب عن مدة فصل الموظف، ولا يترتب تلقائيا كأثر من آثار الغاء الفصل، بل يخضع لاعتبارات أخرى أهمها أن هذا الحق يقابله واجب، هو أداء العمل، ومن ثم فإن تقدير التعويض يكون تبعاً لظروف كل حالة على حدة. ومن حيث ان هذه المحكمة فى تقديرها للتعويض الذى يستحقه الطاعن عن الفترة البادئة من تاريخ إقصائه عن العمل وحتى تاريخ تسلمه العمل بالجامعة المطعون ضدها، تأخذ فى اعتبارها مقدار ما صرف من مرتبات ومكافآت لزملاء الطاعن وفى هذا الشأن، فإن الثابت من مطالعة مستندات الجامعة المطعون ضدها، أن زميل الطاعن الدكتور/……………..حصل على مرتبات ومكافآت، بلغت خلال المدة من يناير سنة 1985 حتى ديسمبر عام 1991 مبلغ 69226جنيها، وأن زميله الطاعن الدكتورة/.
……………. حصلت على مرتبات ومكافآت بلغت خلال المدة المشار إليها 65000 جنيها وهذه المرتبات والمكافآت التى حصلا عليها زميلا الطاعن كانت مدة تزيد على المدة التى كان فيها الطاعن مبعداً عن عمله بما يقرب من عشرة أشهر إذ أن الثابت مما تقدم أن الطاعن قد أنهيت خدمته اعتباراً من 27/5/1985، وتسلم عمله تنفيذا للحكم القاضى بالغاء قرار انهاء خدمته، فى 11/7/1991،؛ ومن ثم فإنه وفى ضوء ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أنه لا يلزم أن يكون التعويض مساوياً للمرتب الذى حرم منه العامل أثناء مدة فصله عن العمل، باعتبار أن الراتب يقابله واجب، هو أداء العمل، فإن المحكمة تقدر التعويض المادى المستحق للطاعن عن القرار الصادر بإنهاء خدمته بمبلغ 55 ألف جنيه، وهو ما تقضى به المحكمة، بالإضافة إلى مبلغ خمسة آلاف جنيه تعويضا عن الضرر الأدبى الذى لحق به، باعتبار أن هذا المبلغ كاف لجبر كافة الأضرار التى لحقت بالطاعن من جزاء القرار الصادر بإنهاء خدمته، بمراعاة جميع الظروف المشار إليها، وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة من أن التعويض المادى، يراعى فيه ما حرم منه العامل من مرتبات خلال مدة إبعاده عن العمل، دون النظر إلى اعتبار القيمة الشرائية للنقود.
ومن حيث انه عن المصروفات، فإنه يتعين إلزام طرفى الخصومة بها لإخفاق كل منهما فى بعض طلباته عملاً بنص المادة 186 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفض طلب التعويض عن القرار المطعون فيه، وإلزام الجامعة المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعن تعويضا مقداره 60000 جنيها (ستون ألف جنيه) وذلك عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابته خلال فترة ابعاده عن العمل من جراء القرار المطعون فيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات ، وألزمت طرفى الخصومة المصروفات مناصفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ