طعن رقم 397 لسنة 36 بتاريخ 29/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات

Facebook
Twitter

طعن رقم 397 لسنة 36 بتاريخ 29/03/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ إسماعيل عبد الحميد إبراهيم وعادل محمد زكى فرغلى وفريد نزيه تناغو وأحمد عبدالعزيز أبوالعزم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق 31 من ديسمبر سنة 1989 أودع الأستاذ فايق وهبة فرج المحامى بصفته وكيلاً عن شركة مونيه للتصدير والاستيراد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد برقم 397 لسنة 36 ق. عليا ضد كل من وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية ورئيس مصلحة الجمارك ومدير عام الجمارك بالأسكندرية والمنطقة الغربية بصفاتهم في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 21/11/1989 في الدعوى رقم 398 لسنة 36 ق. عليا والقاضى بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات وطلبت الشركة الطاعنة للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى لذات المحكمة للفصل فيها من جديد بهيئة أخرى وإلزام المطعون ضدهم مصروفات هذا الطعن ومقابل أتعاب المحاماة وتم إعلان الطعن على الوجه المبين بالأوراق وأودع السيد الأستاذ المستشار مفوض الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً برأى هيئة مفوضى الدولة ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بقبول الدعوى شكلاً وإعادتها إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل في موضوعها مع إبقاء الفصل في المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 19 من مارس سنة 1990 وتداولته بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر وبجلسة 3 من ديسمبر سنة 1990 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1990 والجلسات التالية وبجلسة 26 من يناير سنة 1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 25/3/1992 ثم مدت أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم 29/3/1992 وبها صدر وأودعت مسودته المشتلمة على أسبابه عند النطق به.

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بجلسة 21/11/1989 وأقيم الطعن الماثل بإيداع صحيفته قلم كتاب المحكمة بتاريخ 31/12/1991.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 7 من فبراير سنة 1987 أقامت الشركة الطاعنة الدعوى رقم 562 لسنة 87 أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة وطلبت في ختامها الحكم بصفة مستعجلة بالإفراج فوراً عن السيارات التى ترد تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية الوارد بيانها تفصيلاً بالصحيفة والتخصيم عليها مع مراعاة احتساب شرط العمر وهو خمس سنوات مع الإذن للشركة الطاعنة بفتح الاعتماد المستندى لدى أحد المصارف المعتمدة مع إلزام مصلحة الجمارك المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقالت الشركة الطاعنة شرحاً لدعواها: إنه في ظل العمل بالقرار الوزارى رقم 15 لسنة 1980 تقدمت إلى وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية بثلاث طلبات استيراد بهدف الحصول على موافقات استيرادية لاستيراد سيارات نقل مرسيدس مستعملة موديل سنة 1979 حتى 1984 وقد صدرت الموافقات الاستيرادية أرقام 15703، 15602، 15603 بتاريخ 12/11/1983، 3/1/1984، 30/9/1984 على التوالى لاستيراد أربعين سيارة مستعملة وإثر الانتهاء من جميع الإجراءات الاستيرادية فوجئت الشركة المدعية بصدور القرار الوزارى رقم 6 لسنة 1985 والمعمول به اعتباراً من 15/1/1985 وقيام مصلحة الجمارك بتطبيقه على الموافقات الاستيرادية سالفة الذكر والسابقة على صدوره والعمل به، وقد أصدرت المصلحة المذكورة تعليمات فورية لجميع المصارف المعتمدة بعدم قبول أوراق فتح الاعتماد النقدى بالرغم من النص في المادة الرابعة من القرار الأخير بالعمل به اعتباراً من 15/1/1985 ولا يسرى على ما سبقه الأمر الذى دعا رئيس الجمهورية للتدخل بنفسه لوقف هذه المخالفات وكان من أثر ذلك صدور منشور وزير المالية رقم 40 في 1/4/1985 متضمناً أن البضائع التى تم التعاقد عليها قبل 5/1/1985 لا يتم عرضها على لجنة الترشيد ورغم ذلك استمرت مصلحة الجمارك في تطبيق القرار رقم 6 لسنة 1985 على نحو مخالف لنص المادة الرابعة منه مما حدا بكثير من المواطنين والشركات الذين أضيروا من هذه المخالفات القانونية للجوء للقضاء وصدرت أوامر وقتية وأحكام من القضاء المستعجل في هذا الخصوص ولما كانت الأخطار محدقة بالشركة المدعية مما يتوافر معه ركن الاستعجال المبرر لإقامة هذه الدعوى بالطلبات السالفة وبجلسة 18/4/1987 حكمت المحكمة في مادة مستعجلة أولاً: برفض الدفع المبدى من الحكومة بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى، ثانياً: وبرفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدفع، ثالثاً: بالإفراج عن السيارات التى ترد تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية الواردة بياناتها تفصيلاً بالصحيفة والتخصيم عليها مع مراعاة شرط العمر وهو خمس سنوات طبقاً للقرار الوزارى رقم 15 لسنة 1980 وذلك بعد سداد كافة الرسوم والضرائب الجمركية المستحقة قانوناً مع الإذن للشركة المدعية بفتح الاعتماد المستندى لدى أحد المصارف المعتمدة وألزمت المدعى عليه الأخير بصفته المصروفات ومبلغ عشرة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة وقد استأنف المدعى عليهم الحكم آنف البيان بالاستئناف رقم 1904 لسنة 1987 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية والتى قضت بجلستها المنعقدة بتاريخ 26/1/1989 بقبول الاستئناف شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر طلب الإفراج عن السيارات الواردة بالصحيفة وإحالة الدعوى بحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى لنظرها بجلسة 29/3/1989 وألزمت المستأنف ضده مصروفات الشق المستعجل وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة وأبقت الفصل في مصاريف الدعوى المستأنف حكمها بالنسبة لهذا الطلب وعدم اختصاصها بنظر طلب الإذن بفتح الاعتماد المستندى وألزمت المستأنف ضده المصاريف وعشرين جنيهاً مقابل أتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى بالنسبة لهذا الشق وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى حيث قيدت برقم 3018 لسنة 43 ق.
وبجلسة 21 من نوفمبر سنة 1989 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بعدم قبول الدعوى وألزمت المدعى المصروفات وأقامت المحكمة قضاءها على أنه من المقرر طبقاً لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وجوب اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء ولما كانت الدعوى قد أقيمت ابتداء أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بطلب الحكم بصفة مستعجلة بالإفراج فوراً عن السيارات الواردة على قوة الموافقات الاستيرادية المبينة بصحيفة الدعوى، وإذ قضى بعدم اختصاص محكمة الأمور المستعجلة بنظر الدعوى وإحالتها إلى هذه المحكمة فإنه كان يتعين على الشركة المدعية تعديل طلباتها أمامها بما يتفق وشروط قبول الدعوى أمام القضاء الإدارى وذلك بأن يقرن طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء خلال المواعيد المقررة قانوناً للطعن في القرارات الإدارية وإذ لم تقم الشركة المدعية بذلك فإنه يتعين عدم قبول الدعوى لعدم اقتران طلب وقف التنفيذ بطلب الإلغاء.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد شابه خطأ جسيم في الإسناد وفساد في الاستدلال ومخالفة لأحكام القانون ومن ثم جاء معيباً بعيب البطلان المطلق الذى ينزل به إلى مرتبة العدم أولاً: لصدوره في خصومة لم تنعقد بالطريق القانونى في المرحلة التالية لحكم عدم الاختصاص الولائى لأن الشركة الطاعنة لم يصلها أية إخطارات على الإطراف ولم يتصل علمها بتحديد جلسة 2/5/1989 أول جلسة لنظر الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى بعد الحكم بعدم الاختصاص والإحالة التى لم تخطر بها الشركة الطاعنة بموجب إخطار بالبريد الموصى عليه المقترن بعلم الوصول أو بموجب إعلان على يد محض وأوراق ملف الدعوى المطعون في حكمها تنطق محاضر جلساتها بأن الشركة لم تحضر أية جلسة من هذه الجلسات ولم تبد دفاعاً لانقطاع علمها تماماً بالجلسة المحددة لنظر الدعوى مما يصم الحكم بالبطلان المطلق، ثانياً: أخطأ الحكم المطعون فيه في تحصيل الوقائع وشابه قصور في التسبيب وأخطأ في تطبيق القانون وتأويله ذلك أن الشركة الطاعنة أقامت دعواها ابتداء أمام القضاء المستعجل بالقاهرة بصحيفة ضمنتها طلب الحكم بالإفراج فوراً عن السيارات التى صدرت لها الموافقات الاستيرادية الموضح تفصيلها بصحيفة الدعوى في ظل العمل بأحكام القرار الوزارى رقم 15 لسنة 1980 مع الإذن لها بفتح الاعتماد المستندى لدى أحد المصارف المعتمدة طبقاً لأحكام القرار الوزارى المشار إليه وهو ما يتضمن معنى وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلغائه في آن واحد إذ تكون الدعوى قد استوفت الشروط التى نصت عليها المادة (49) من قانون مجلس الدولة ومتى كان ذلك وكان حق الشركة الطاعنة في إبداء دفاعها أمام محكمة أول درجة قد صادرته إجراءات باطلة بطلاناً مطلقاً لعدم علمها بها فإن الحكم المطعون عليه يكون قد وقع باطلاً بطلاناً مطلقاً ينزل به إلى مرتبة الانعدام وانتهت الشركة الطاعنة إلى طلب قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون عليه وإعادة الدعوى للمحكمة المذكورة للفصل فيها من جديد بهيئة أخرى غير التى أصدرت الحكم مع إلزام المطعون ضدهم بصفاتهم مصروفات هذا الطعن ومقابل أتعاب المحاماة.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة رقم (47) لسنة 1972 تنص على أن “تطبق الإجراءات المنصوص عليها في هذا القانون وتطبق أحكام قانون المرافعات فيما لم يرد فيه نص ذلك إلى أن يصدر قانون الإجراءات الخاصة بالقسم القضائى، ومفاد حكم المادة الثالثة آنفة الذكر وما جرى عليه قضاء هذه المحكمة هو أن الأصل وجوب تطبيق الإجراءات المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة ولا تتم الإحالة إلى قانون المرافعات إذا ما تعارضت هذه الأحكام نصاً أو روحاً مع أحكام قانون مجلس الدولة فإذا كان الثابت على إحالة الخصومة في الطعن الماثل كانت قد انعقدت أمام المحاكم المدنية فلا يترتب على إحالة الدعوى إلى إحدى محاكم مجلس الدولة انقضاء الخصومة بل تنتقل إلى المحكمة التى أحيلت إليها الدعوى، ويكون نظرها أمامها خاضعاً للأحكام المنظمة لذلك بقانون مجلس الدولة ونص المادة (30) من قانون مجلس الدولة آنف الذكر على أن …….. ويبلغ قلم كتاب المحكمة بتاريخ الجلسة إلى ذوى الشأن …..
ومن حيث إنه مراعاة لطبيعة المنازعة الإدارية التى تختص بنظرها محاكم مجلس الدولة وبصفة خاصة المنازعات الخاصة بطلبات إلغاء القرارات ولا يصل هذا النوع من المنازعات بالمشروعة وسيادة القانون التى يقوم عليها نظام الدولة بصريح نص المادة (64) من الدستور فإن المشرع قد أناط بمعاونى القضاء بمجلس الدولة تحت إشراف المحكمة المختصة إخطار الخصوم بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى في مجلس القضاء أمام أية محكمة من محاكم مجلس الدولة وذلك يجعل القاضى الإدارى ذاته مسئولاً عن الإشراف على أداء العاملين في قلم كتاب المحكمة لواجبهم في الإخطار كتابة بتاريخ الجلسة لذوى الشأن جميعاً لتمكينهم أنفسهم أو بوكلائهم من المثول أمام المحكمة للإدلاء بما لديهم من إيضاحات وتقديم ما يعن لهم من بيانات وأوراق لاستيفاء الدعوى واستكمال عناصر الدفاع فيها ومتابعة سير إجراءاتها ومباشرة كل ما يحتمه ويخوله لهم مباشرة حقهم في الدفاع عن مصالحهم وعن الشرعية وسيادة القانون في ذات الوقت الأمر الذى يرتبط بمصلحة جوهرية لذوى الشأن بل وبحسن سير العدالة ذاتها وفقاً لما تقتضيه طبيعة الخصومة القضائية في المنازعات الإدارية ومن أجل ذلك حرص الدستور على النص في المادة (69) منه على كفالة حق الدفاع أصالة أو بالوكالة لجميع المواطنين ويمثل ذلك أصلاً عاما من أصول التقاضى سواء أمام القضاء العادى أو قضاء مجلس الدولة أم أمام أية جهة قضائية أخرى فلا خصومة بلا طرفين يباشر كل منهما حق الدفاع كاملاً في ساحة العدالة في مواجهة الطرف الثانى وتحت إشراف القاضى الطبيعى للمنازعة ومن ثم يترتب على إغفال هذا الأصل العام وإهداره وهو أحد الأسس الجوهرية للنظام العام للتقاضى إذا لم يتسن تدارك الإغفال أو تصحيحه وقوع عيب شكلى جوهرى في الإجراءات يخالف النظام العام القاضى بإهداره حقاً من الحقوق الأساسية للإنسان كفله الدستور وهو حق الدفاع الذى يحرم من مباشرته أمام القضاء وحتمية الإهدار لمصالح الخصم الذى وقع هذا الإهدار لحقه الأمر الذى يؤثر في الحكم ويترتب على صدوره في خصومة وفى منازعة لم تنعقد بمجلس القضاء قانوناً حيث تخلف أحد طرفيها عن الدفاع عن حقوقه ومصالحه وانفرد بدون وجه حق بالمخالفة للدستور وللنظام العام القضائى بإبداء وجهة نظره ومطالبه في ساحة العدالة طرف واحد الأمر الذى يحتم عدم الاعتداد بأى أثر قانونى تحميه الشرعية بناء على هذا الانفراد الموصوم بالمخالفة الجسيمة للدستور والقانون من أحد الخصوم بساحة العدالة بالتالى يكون الحكم الصادر في مثل هذا النزاع معيباً ولا أثر له ويتحتم الحكم من محكمة الطعن بانعدامه وبطلان أى أثر له.
ومن حيث إنه وأن كانت المادة (30) آنفة البيان لم تحدد الوسيلة التى يبلغ بها قلم الكتاب ذوى الشأن بميعاد الجلسة المحددة لنظر الدعوى إلا أنه يتعين وصول هذا الإبلاغ إلى ذوى الشأن وأن يقوم الدليل من الأوراق على وصول العلم بتاريخ الجلسة إليهم وذلك حتى تنعقد الخصومة صحيحة بإجراءات إخطار صحيحة تتحقق من بلوغها غايتها المحكمة المنظور أمامها الدعوى فإذا لم يثبت من الأوراق أن الطاعن (المدعى) قد علم بتاريخ أول جلسة تحددت لنظر الدعوى أمام المحكمة المطعون في الحكم الصادر فيها بعد احالتها إليها من القضاء المدنى وقد تأجل نظر الدعوى العديد من الجلسات حتى حجزت للحكم بجلسة 21/11/1989 م دون أن يخطر الطاعن أو محاميه بأى من هذه الجلسات ودون أن يتمكن من الشخوص أمام المحكمة واستظهار أوجه دفاعه وهو أمر لا يتصور حدوثه من الشركة (الطاعنة) ووكيلها المحامى حيث لا مصلحة معقولة البتة لهما فيه إذا كان قد بلغهما أو بلغ أحدهما إخطار بالفعل بتاريخ الجلسة ومن ثم فإن الإجراءات يكون قد شابها عيب شكلى من النظام العام يبطلها ويؤثر في الحكم مما يستتبع بطلانه على مقتضى حكم الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون مجلس الدولة.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه وعلى أساس أن قضاء هذه المحكمة مستقر على أنه ولئن كان ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا هو ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون فيه طبقاً للمادة (44) من قانون مجلس الدولة فإن هذا الميعاد لا يسرى إلا في حقا لخصم الذى علم بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى أصلاً أو الذى علم أو أصبح محققاً تمكنه من العلم بتاريخ الجلسة والتى سوف يصدر فيها الحكم ليستطيع متابعة صدوره ليتمكن من مباشرة حقه في الطعن فيه بعد علمه به علماً يقينياً ومن ثم، فإن ذا المصلحة الذى لم يعلم بتاريخ الجلسة التى تحددت لنظر الدعوى وبالتالى لم يعلم بصدور الحكم فيها في حينه لا يسرى ميعاد الطعن في حقه إلا من تاريخ علمه اليقينى بهذا الحكم وعلى هذا المقتضى فإنه حيث لم يثبت علم الطاعنة علماً يقينياً بهذا الحم وعلى هذا المقتضى فإنه حيث لم يثبت علم الطاعنة علماً يقينياً بهذا الحكم قبل الستين يوماً السابقة على تاريخ إقامة الطعن فإنه لا مناص من اعتبار الطعن مقاماً في الميعاد المقرر قانوناً مستوفياً أوضاعه الشكلية وذلك بصرف النظر عن أنه قد أقيم هذا الطعن بالفعل في 31/12/1989 بينما الحكم المطعون فيه قد صدر في 21/11/1989 وأقيم الطعن الماثل في 31/12/1989.
ومن حيث إنه ولئن كانت الشركة الطاعنة قد أقامت دعواها ابتداء أمام محكمة الأمور المستعجلة بالقضاء المدنى طالبة الحكم بصفة مستعجلة بالإفراج عن السيارات التى ترد تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية الثلاث ….. وهى السيارات الموضحة وفقاً لهذه الموافقات … مع الإذن لها بفتح الاعتماد المستندى لدى أحد المصارف المعتمدة .. إلا أن محكمة جنوب القاهرة (محكمة الاستئناف) أنزلت على الطلبات في الدعوى ما ارتأته من تكييف قانونى لها بأنها طلب إلغاء القرار الوزارى رقم 6 لسنة 1985 واعتباره كأن لم يكن وإلغاء كافة ما يترتب عليه من آثار ومنها الإفراج عن السيارات المبينة بعريضة الدعوى ورتبت تلك المحكمة على ما انتهت إليه من تكييف قانونى للطلبات عدم اختصاص القضاء المدنى بفرعيه العادى والمستعجل بنظر الدعوى وبالتالى قضت بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أنه ولئن كان للخصوم تحديد طلباتهم وتحديد الألفاظ والعبارات التى يصوغون هذه الطلبات بواسطتها على النحو الذى يرونه محققاً لمصالحهم فإن تكييف هذه الطلبات وتحديد حقيقتها أمر تستقل به المحكمة المنظورة أمامها الدعوى لما هو: مسلم به من أن هذا التكييف هو الذى يتوقف عليه تحديد ولاية المحكمة واختصاصها فى قبول الدعوى شكلاً أمامها قبل الفصل في موضوعها وكلها من المسائل الأولية المتصلة بالنظام العام، ومن ثم فإنه على المحكمة وهى بصدد تكييف الدعوى وحقيقة الطلبات فيها أن تقضى النية الحقيقية للخصوم من وراء إبدائهم طلباتهم فلا تقف عند ظاهر اللفظ ووجه العبارة بل عليها استكناه حقيقة نية الخصوم وإرادتهم وأهدافهم وغاياتهم من وراء الدعوى والطلبات فيها، فالعبرة بالمقاصد والمعانى وليست بالألفاظ والمبانى ومؤدى ذلك ولازمه القانونى أن يكون على محكمة القضاء الإدارى أن تبحث أولا أمر اختصاصها بنظر الدعوى المحالة إليها بإنزال حقيقة التكييف القانونى لها ويكون ما تنتهى إليه محكمة القضاء الإدارى من تكييف قانونى للدعوى خاضعاً للرقابة القضائية التى تمارسها هذه المحكمة وإذا كانت الشركة قد عبرت عن طلباتها بحسبان أن دعواها أقيمت ابتداء أمامها القضاء المستعجل المدنى بأنها تطلب الحكم بصفة مستعجلة بالإفراج فوراً عن السيارات التى ترد تباعاً على قوة الموافقات الاستيرادية الثلاث المشار إليها إلا أنه وقد أحيلت الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى فكان يتعين عليها أن تجرى على الطلبات المشار إليها حقيقة التكييف القانونى لها استظهاراً لنية الشركة من ورائها، وقصدها من إبدائها، وبما يتفق والاختصاص المقرر لقاضى المشروعية، وعلى ذلك إذا كان وجه عبارة الطلبات وظاهر ألفاظها إصدار الأمر إلى جهة الإدارة بالإفراج فوراً عن السيارات التى ترد استناداً إلى الموافقات الاستيرادية التى منحت للشركة الطاعنة فإن ذلك مما يتأبى واختصاص قاضى المشروعية طبقاً لما ينص عليه الدستور وقانون مجلس الدولة إذ لا يملك قاضى المشروعية أن يصدر أمراً إلى جهة الإدارة لاستقلال السلطة التنفيذية عن السلطة القضائية كما أن هذه السلطة القضائية مستقلة عن السلطتين التشريعية والتنفيذية في الإطار الذى تبيحه أحكام الدستور وقانون مجلس الدولة، ومن ثم يقتصر اختصاصه على إجراء رقابة المشروعية على ما تصدره الجهة الإدارية أو تمتنع عن إصداره من قرارات متى كانت ملزمة قانوناً بذلك فيحكم بإلغاء القرار المعيب في الحالة الأولى وبإلغاء القرار السلبى بالامتناع في الحالة الثانية وعلى السلطة التنفيذية المختصة إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذه الأحكام نزولاً على الشرعية بما يحقق المشروعية وسيادة القانون وذلك على مسئوليتها السياسية أمام السلطة التشريعية وتحت مسئوليتها المدنية والجنائية التى يملك أصحاب الشأن تحريكها في ذات الوقت لإجبارها على تنفيذ الأحكام التى جعل الدستور عدم تنفيذها جريمة من الموظف العام يعاقب عليها قانوناً وللمحكوم له حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة (م 73) وفى ضوء ما أوردته الشركة من طلبات بصحيفة الدعوى تتكشف حقيقة طلبات الشركة بعد أن أثير الخلاف بينها وبين جهة الإدارة حول حقيقة مفاد حكم الأثر المباشر لقرار وزير الاقتصاد رقم 6 لسنة 1985 واتخاذ جهة الإدارة مسلكاً إيجابياً برفض الإفراج عن سيارات وردت استناداً إلى الموافقات الاستيرادية بأنها تطلب الحكم بأحقيتها في استيراد السيارات الوارد بيانها بالموافقات الاستيرادية التى منحت لها وفق الشروط والأوضاع التى كانت سارية وقت منح هذه الموافقات الاستيرادية فلا تسرى على السيارات الواردة استناداً إلى تلك الموافقات الأحكام التى استحدثها قرار وزير الاقتصاد رقم 6 لسنة 1985 فيما تضمنه من شروط خاصة باستيراد السيارات مع ما يترتب على ذلك من آثار تتحصل في الإفراج عن السيارات التى ترد استناداً إلى تلك الموافقات الاستيرادية المشار إليها أو فتح الاعتمادات المستندية اللازمة عن تلك الموافقات وبهذه المثابة تكون الطلبات في الدعوى هى طلبا موضوعية تقوم على إلغاء القرارات الصادرة بعدم الإفراج عن هذه السيارات وتطلب الشركة أن يكون الفصل فيها على وجه السرعة وهو ما يعنى حتماً وبالضرورة أن هذه الطلبات بالإلغاء تشمل وقف التنفيذ مما يندرج في مفهوم المنازعة الإدارية بالإلغاء المقترن بوقف التنفيذ للقرارات المطلوب الحكم بإلغائها أو يختص بنظرها مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى وقد ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب دون سند من الواقع أو القانون فيكون حقيقاً بالإلغاء.
ومن حيث إنه ومن وجه آخر فإنه لما كانت الشركة الطاعنة لم تحضر أيا من الجلسات التى نظرت فيها الدعوى أمام محكمة القضاء الإدارى ولم تبد دفاعها فيها وإبداء طلباتها الختامية في الدعوى ومن ثم تكون غير مهيأة للفصل فيها ومن ثم يتعين إعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى مع إلزام الجهة الإدارية المطعون ضدها بمصروفات هذا الطعن عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وأمرت بإعادة الدعوى إلى محكمة القضاء الإدارى للفصل فيها مجدداً بهيئة أخرى وألزمت الجهة الإدارية بمصروفات هذا الطعن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ