طعن رقم 3986 لسنة 35 بتاريخ 15/11/1992 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل ( رئيس مجلس الدولة ) وعضوية السادة الأساتذة / محمد معروف محمد و محمد عبد الغنى حسن و أحمد عبد العزيز أبو العزم ود.منيب محمد ربيع. المستشارين.
* إجراءات الطعن
فى يوم السبت الموافق 27 من يوليو سنة 1989 أودعت الأستاذ ة / آمال فؤاد البياض المحامية بصفتها وكيلة عن الطاعن بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 3986 لسنة 35 ق ع فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 1/6/1989 فى الدعوى رقم 3561 لسنة 43 ق فيما قضى به بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام الجهة الإدارية المصروفات، وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وبقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلزام المطعون ضده بالمصروفات وأتعاب المحاماة عن درجتى التقاضى.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو المبين بالمحاضر، وأثناء نظره أمام الدائرة أودع الأستاذ المستشار / على رضا مفوض الدولة تقريرا مسببا بالرأى القانونى انتهى فيه إلى الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وإلزام المطعون ضده المصروفات، وبجلسة 15 من يوليو سنة 1991 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه المحكمة حيث نظرته بجلسة 19 من أكتوبر سنة 1991 والجلسات التالية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 4 من أكتوبر سنة 1992 إصدار الحكم فى الطعن بجلسة اليوم 15/11/1992 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة، وبعد المداولة .
من حيث إن الطعن قد أستوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من أوراق الطعن – فى أن المطعون ضده قد أقام الدعوى رقم 3561 لسنة 43 ق بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 12/3/1988 طالبا الحكم بوقف تنفيذ وبإلغاء القرار الصادر من رئيس مجلس إدارة هيئة الآثار المصرية رقم 173 لسنة 1989 بتاريخ 23/1/1989 وما يترتب على ذلك من آثار مع الحكم بالتعويض المناسب عما رتبه القرار المطعون فيه من أضرار وعما ترتب من أضرار للمدعى بسبب عدم تمكنه من بناء المقصف المتفق عليه بالقيد المحرر لسنة 1954، مع إلزام الجهة الإدارية بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وقال فى شرح الدعوى أنه فى أول ديسمبر سنة 1954 أبرمت وزارة ا لإرشاد القومى مع المرحوم أنور عمار مورث المدعى عقد لإنشاء واستغلال مقصف بمنطقة الهرم بذات الشروط التى صادق عليها مجلس الوزراء بجلسته التى عقدت فى الرابع من أغسطس سنة 1954 وش أول أغسطس سنة 1958 كون مورث المدعى شركة توصية بسيطة هو شريك متضامن فيها اتخذت اسما لها هو شركة مشروعات صحارى السياحية غرضها استغلال المحلات السياحية التى أقامها وطلب فى أول إبريل لسنة 1959 الموافقة على أيلولة الحقوق والامتيازات التى كانت له إلى الشركة الجديدة، وقد وافقت مصلحة السياحة على ذلك فى كتابها ملف رقم 8/3/14 فرعى فى 9/9/1959، وبدأ مورث المدعى فى الحفر تمهيدا لإقامته مبانى فى المقصف طبقا للرسومات والمواصفات التى وردت بالعقد والمعتمدة من جهة الإدارة إلا أن العمل توقف بسبب ما أثارته مصلحة الآثار فى ذلك الحين من إشكالات، وأضاف المدعى بأنه نظرا لخلو المنطقة من أية خدمات سياحية فقد رأت مصلحة السياحة أن يتولى مورث المدعى سالف الذكر استغلال استراحة الهرم لتقديم الخدمات الضرورية للسياح لحين إتمام مقصف الهرم المتفق عليه بالعقد المؤرخ 1/12/1954 فتحرر عقد استغلال استراحة الهرم بين مورث المدعى بصفته شريكا متضامنا فى شركة مشروعات صحارى السياحية (أنور عمار وشركاه) وبين مصلحة السياحة يبدأ من يناير سنة 1958 ومدة العقد ستة أشهر تبدأ من أول يناير لسنة 1958 وتجدد بعدها وتنتهى هذه المدة بافتتاح مقصف الهرم موضوع عقد 1/12/1954 ثم عدل اسم شركة مشروعات صحارى السياحية إلى شركة صحاري السياحية، وبوفاة مورث المدعى سنة 1975 استمرت الشركة بين باقى الشركاء وقام المدعى بتمثيل الشركة باعتباره الشريك المتضامن المسئول، وقد أنتقل الإشراف على منطقة الأهرام من مصلحة السياحة إلى الهيئة العامة للاثار، وأستمر المدعى يدفع الإيجار لهذه الهيئة – المدعى عليها – ونظرا لعدم إنشاء مقصف الهرم المتفق عليه بعقد 1/12/1954، فإن عقد إيجار استراحة الهرم ظل يتجدد تلقائيا بمقتضى نص المادة الأولى من العقد المؤرخ أول يناير 1958 التى نصت على أن العقد ينتهى بافتتاح مقصف الهرم وأستطرد المدعى أنه بتاريخ 22/1/1983 تلقى كتاب رئيس هيئة الآثار المصرية رقم 544 بالموافقة على توسيع المبنى الخفيف المقام بالحديقة الخاصة باستراحة المالك السابق بالهرم مع بعض التعديلات الأخرى، وبتاريخ 12/8/1984 تلقى المدعى إنذارا من المدعى عليه لإخلاء موقع كافتيريا استراحة الهرم وتسليمه لهيئة الآثار على سند من القول بأنه بعد وفاة مورث المدعى أستمر المدعى فى استغلال هذا المحل دون ترخيص من المدعى عليه بصفته رئيسا لمجلس إدارة هيئة الآثار المصرية صاحبة السيادة على منطقة هضبة الهرم الأثرية والتي صدرت عدة قرارات بتخصيصها للمنفعة العامة بحيث أن وجود المدعى واستغلاله لمحل التعاقد هو استغلال دون سند شرعى أو قانونى مما يشكل عملا غير مشروع وتعديا على الأرض الأثرية بمنطقة هضبة الهرم ويحق للمدعى عليه إزالته بالطريق الإداري تطبيقا لحكم المادة 17 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وللمادة 970 مدنى خاصة وأن التقارير الهندسية لهيئة الآثار أثبتت حدوث تشققات وهبوط فى أرض استراحة الهرم التى تعتبر الكافتيريا المستغلة من المدعى عليه امتدادا لها، وقد علم المدعى بصدور قرار من المدعى عليه برقم 173 بتاريخ 23/1/1981 بإزالة التعدى الواقع على حديقة استراحة الهرم الأكبر والمتمثل فى استغلال المدعى لها كبوفيه ومطعم لتقديم المأكولات بدون سند قانونى بذلك حيث أن الهيئة أنذرته رسميا بإلغاء الترخيص لأن الصالح العام يقتضى ذلك، وينعى المدعى على القرار المطعون فيه انعدام سببه واتسامه بإساءة استعمال السلطة وذلك لأن مورث المدعى قد تعاقد مع جهة الإدارة بصفته شريكا متضامنا فى شركة مشروعات صحاري السياحية وكان هناك اتفاق على استمرار الشركة مع ورثة الشريك المتوفى ومن ثم فإن الشركة تكون قائمة ولم تنته بوفاة مورث المدعى ويكون العقد قائما بعد انتقال الإشراف على منطقة هضبة الهرم من مصلحة السياحة إلى الهيئة العامة للآثار وبالتالى يكون إدعاء جهة الإدارة بأن المدعى يستغل هذا المحل بدون ترخيص ودون سند شرعى هو إدعاء مخالف للقانون والواقع، كما أن الجهة الإدارية وقد استندت فى قرارها إلى أنها أنذرت المدعى رسميا بإلغاء الترخيص لأن الصالح العام يقتضى ذلك فى حين أن هذا الإنذار لم يتضمن إلغاء الترخيص صراحة، كذا استناد جهة الإدارة إلى حدوث تشققات وهبوط فى أرضية استراحة الهرم التى تعتبر الكافتيريا المستغلة من المدعى امتدادا لها وهو ما يخالف الواقع لأن عقد الإيجار والاستغلال الفعلى قاصرا على الحديقة التى تبعد عن مبنى استراحة الهرم مسافة كبيرة ذلك لأن الاستراحة ذاتها متخذه مقرا لشرطة الآثار والتشققات والهبوط يرجع إلى استعمالات شرطة الآثار على فرض حدوث ذلك، وأن الاستناد إلى المادة (17) من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وإلى المادة 970 من القانون المدنى فى غير محله لعدم حدوث تعد من المدعى، وطالما كانت الحديقة المرخص للمدعى للانتفاع بها وما زالت معدة بطبيعتها لاستراحة زائرى هذه المنطقة ومن ثم فإن حق انتفاعه بها يظل قائما مادامت الحديقة قائمة ومادام المدعى قائما بالوفاء بالتزاماته، ولأن القرار المطعون فيه أهدر حقوق المدعى المستمدة من العقد وألحق به أضرارا فإنه يكون مشوبا بعيب إساءة استعمال السلطة وتكون الإدارة ملزمة بتعويضه عن هده الأضرار، وأن على الإدارة تعويضه عن خطئها فى عدم تمكينه من إنشاء المقصف المتفق على إنشائه، وأنه لما يترتب على تنفيذ القرار المطعون فيه نتائج يتعذر تداركها خاصة تشريد عماله فإنه يطلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
وبجلسة 1 من يونيه سنة 1989 أصدرت محكمة القضاء الإدارى حكمها المطعون فيه بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية المصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن القضاء الإدارى مستقر على أن المقصود بالتعدى الذى تجوز إزالته بالتنفيذ المباشر هو العدوان المادى الذي يتجرد من أى أساس قانونى يستند إليه، أما إذ ا تمثل الأمر فى إدعاء بحق قانونى على مال من أموال الدولة وكان لهذا الحق ما يظاهره من الأسباب والأسانيد القانونية وجحدت جهة الإدارة هذا الحق وأنكرته على مدعيه فإنه والحال هذه ترتد الأمور إلى حالتها الطبيعية ونكون أمام نزا ع قانونى بين الإدارة وأصحاب الشأن حول حق من الحقوق وتنحسر عن الإدارة سلطتها الاستثنائية فى إزالة التعدى بالتنفيذ المباشر ويتعين عليها الإلتجاء إلى الطريق الطبيعى وهو رفع الأمر إلى القضاء المختص ليحسم ما دار بين الإدارة وذوى الشأن من نزاع قانونى، ولما كان ظاهر الأوراق يفيد أن القرار المطعون فيه فيما أستند إليه من أحكام القانون رقم 117/1983 بشأن حماية الآثار وادعائه بوقوع تعد من المدعى على حديقة استراحة الهرم الأكبر إنما هو استناد فى غير محله لاستناد المدعى فى استغلاله تلك الحديقة إلى عقد مبرم بينه وبين جهة الإدارة ولم يقع منه عدوان مادى على تلك الحديقة الأمر الذى لا يجوز معه لجهة الإدارة أن تلجأ إلى التنفيذ المباشر وكان يتعين عليها اللجوء إلى القضاء المختص ليفصل بينها وبين المدعى فيما ثار من نزاع الأمر الذى يغدو معه القرار المطعون فيه مفتقدا لسنده الصحيح من الواقع والقانون مما يتوافر معه ركن الجدية فى طلب وقف تنفيذه، فضلا عن توافر ركن الاستعجال لما فى تنفيذ هذا القرار من نتائج يتعذر تداركها فيما لو قضى فيما بعد بإلغائه.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون وأصابه الفساد فى التسبيب وفى الاستدلال فلم يفرق الحكم المطعون فيه بين المال العام والمال الخاص فأسلوب إدارة المال العام يخضع لنظام الترخيص بالاستغلال وهو حق مكفول للإدارة تمنحه أو تلغيه أو تعدله وفقا لما تراه محققا للصالح العام وهذا الترخيص بالاستغلال شخصى ولا يورث بعد وفاته فى حين يخضع المال الخاص لنظام الإيجار المنصوص عليه فى قانون تأجير الأماكن يكون فيها العقد شريعة المتعاقدين، ولما كان الترخيص الممنوح لمورث المدعى قد انتهى بوفاته ولا يورث للمدعى وإذا كانت الهيئة الطاعنة قد أجازت الاستغلال فى وقت سابق فإنها سحبت هذه الإجازة فى أول أكتوبر سنة 1984 وبذلك أعتبر المدعى متعديا على أرض أثرية، ولما كان عقد الترخيص الممنوح لمورث المطعون ضده قد نص على أن يكون مشاهرة فذلك معناه أنه مجرد إنذاره قبل انتهاء مدة الشهر وعدم تجديد العقد ينتهى الترخيص وهذا ما اتخذته الهيئة حين أنذرته بتسليم الأرض محل الاستغلال وإلا أعتبر متعديا عليها اعتبارا من أول أكتوبر سنة 1984 ولما كان وجود المطعون ضده بعد إلغاء الترخيص بالاستغلال يعد تعديا غير مشروع يستوجب إزالته بالطريق الإدارى طبقا لحكم المادة 17من قانون حماية الآثار رقم 117/1983 ولما كان القرار الصادر بإزالة تعدى المطعون ضده قد صدر ممن يملك إصداره ومستوفيا شكله القانونى ابتغاء مصلحة عامة وقومية فى تصفية أى وجود على هضبة الأهرام الأثرية تمهيدا لإجراء عملية تطوير شاملة وإنشاء مركز ثقافى أثرى وقومى وعالمى فى موقع التعدى وذلك بهدف إحياء هذه المنطقة الأثرية الهامة والمحافظة على رونقها الجمالى، وحيث إنه بصدور الحكم المطعون فيه أصبح المال العام فى حالة تهدده بالخطورة من جراء تواجد المطعون ضده دون سند من القانون مستثمرا الأرض الأثرية والإثراء على حسابها مما يكبد الدولة خسارة مادية وأدبية يتعذر تداركها.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة مستقر على أنه طبقا لحكم المادة 49 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين الأول هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيبا بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل على ترجيح إلغائه عند الفصل فى الموضوع والثانى هو ركن الاستعجال بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق وبصفة خاصة من صورة المستند الذى قامت على أساسه الدعوى والذى قدمته جهة الإدارة أمام محكمة القضاء الإدارى بجلسة المرافعة المنعقدة فى 4/5/1989 والمبرم مع مورث المطعون ضده – حيث أن ما قدمه المطعون ضده لا يعدو أن يكون صورة هن هذا المستند مشار فيها إلى تغير صفة مورث المطعون ضده أو أن ثمة عقدا مبرم بينه وبين جهة الإدارة عام 1954 وهو ما لا يمكن التعديل عليه نظرا لأنه كان فى مكنة المطعون ضده طوال مراحل نظر الدعوى أمام القضاء الإدارى أو نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون أو فى جلسات المرافعة أمام هذه المحكمة أن يقدم أصل العقد المبرم بين مورثه وبين الإدارة عام 1954 أو ذلك العقد المشار إليه بحسبان مورث المطعون ضده شريكا فى شركة تضامن أو ما يفيد تعديل العقد عام 1968 وإذ تبين من صورة العقد المقدم من جهة الإدارة – والذى لم يجحد نصوصه المطعون ضده – أن مدة هذا العقد ستة شهور ابتداء من أول يناير سنة 1958 تجدد بعدها مشاهرة وتنتهى هذه المدة بتاريخ افتتاح مقصف الهرم الجديد بدون حاجة إلى إعلان أو إخطار، ويرخص بهذا العقد المبرم بين مصلحة السياحة وبين مورث المطعون ضده فى استغلال حديقة متحف استراحة الهرم ليعد بها بوفيها ومطعما تقدم فيه الوجبات والمأكولات والشطائر والمرطبات والجيلاتى والشاى والمشروبات الغازية والمثلجة بالأسعار التى تحددها مصلحة السياحة، ويشترط أن تكون الأدوات التى يستعملها من مناضد وكراسى وشماسى وأدوات السفرة من مفارش وغيرها نظيفة على الدوام ومن النوع المستعمل في محلات الدرجة الأولى ويتعهد بمراعاة الاشتراطات الصحية والنظافة التامة وعليه أن يستخدم عمالا حسنى السير والسلوك لم تصدر ضدهم أحكام خاليين من الأمراض المعدية، مرتدين ملابس نظيفة موحدة مراعين أصول اللياقة والأدب فى معاملاتهم للعملاء، كما يحرم عليه تقديم الخمور للزبائن إلا إذا رأت المصلحة غير ذلك مستقبلا، ولا يجوز له إدخال الموسيقى أو إذاعة اسطوانات بالميكرفون إلا بتصريح كتابى، ويحرم عليه التنازل عن العقد أو الإيجار من الباطن للغير بدون تصريح كتابى من مصلحة السياحة، وله أن يقيم بعض المنشآت البسيطة اللازمة كإقامة مظلة أو دورة مياه صغيرة بمصاريف من عنده وأن تكون قابلة للإزالة يتعهد بإزالتها عند نهاية العقد ما لم ترى المصلحة غير ذلك – وفى حالة إزالة المنشآت يتعهد بتسليم الأماكن بالحالة التي تسلمها بها عند التعاقد – وإذا خالف أى حكم من أحكام هذا العقد جاز للمصلحة فسخه دون تنبيه أو إنذار أو أى إجراء قانونى آخر.
ومن حيث إن المادة الثالثة من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 تنص على أن تعتبر أرضا أثرية الأراضى المملوكة للدولة التي اعتبرت أثرية بمقتضى قرارات أو أوامر سابقة على العمل بهذا القانون أو التى يصدر باعتبارها كذلك قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على عرض الوزير المختص بشئون الثقافة. وقد صدر قرار من وزير التعليم رقم 136/1955، وقرار وزير الثقافة والإعلام رقم 90 لسنة 1978 وقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 624 لسنة 1978 باعتبار هضبة الأهرام منطقة أثرية، وإذ تعتبر جميع الآثار من الأموال العامة طبقا للمادة السادسة من القانون آنف الذكر وطبقا للقانونين رقمى 14 لسنة 1962، 215 لسنة 1951، ومن حيث إن المادة 87 من القانون المدنى تنمر على أنه تعد أموالا عامة العقارات التى للدولة أو للأشخاص الاعتبارية العامة والتى تكون مخصصة لمنفعة عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص وهذه الأموال لا يجوز التصرف فيها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم، فالمال المملوك للإدارة يكتسب صفة العمومية بتخصيصه لمنفعة عامة بإحدى الطرق المقررة قانونا، ولما كانت ملكية الأموال العامة للدولة ومن حق الملكية حق استعمال المال واستثماره والتصرف فيه بمراعاة أغراض المنفعة العامة المخصص لها المال، ويحول هذا التخصيص دون التصرف فى المال العام إلا إذا أنطوى ذلك على نية تجريده من صفة العمومية فيه، ويجرى ترتيب سبل الانتفاع بالمال العام وفقا للأوضاع والإجراءات المنظمة قانونا للانتفاع بالمال العام، ومعنى ذلك أن المال العام لا يمكن أن يكون محلا لتصرفات مدنية ومنها عقود الإيجار المعروفة فى القانون الخاص لأن هذه الاتفاقات والعقود المدنية لا تتفق وطبيعة الأغراض التى يخصص لها المال العام وهو الاستعمال والانتفاع العام، من الكافة ومن ثم فإن لجهة الإدارة أن تتحفظ على المال العام بسلطتها كاملة طبقا للنظام القانونى الذى يحدد قواعد الانتفاع بالمال العام بأن تنظم الانتفاع بالمال العام بترخيص يصدر بقرار إدارى منها، كما أن لها أن تفرغ الاتفاق فى صورة عقد إدارى تكون الإدارة أحد طرفيه بوصفها سلطة عامة حيث يتصل العقد بنشاط مرفق عام وبقصد تسييره أو تنظيمه ويتسم بالطابع المميز للعقود الإدارية وهو انتهاج أسلوب القانون العام فيما تتضمنه شروط هذه العقود من شروط استثنائية متميزة تتفق مع طبيعة الانتفاع بالمال العام.
ومن حيث إنه يبين من الإطلاع على العقد السالف بيانه أن جهة الإدارة خصت مورث المطعون ضده بجزء من الأموال العامة لانتفاعه الخاص مقابل مبلغ معين بشروط معينة تخرج عن نطاق القواعد المقررة فى القانون الخاص خاصة ما تعلق منها بالأسعار التى تحددها جهة الإدارة أو فى تحديد نوع الأدوات المستعملة والملابس التى يستعملها عماله أو ما يقدمه من خدمات أو فى طبيعة المنشآت التى يقيمها أو فى فسخ العقد بغير اتخاذ أى إجراء فى حالة مخالفة المتعاقد مع الإدارة لأى من أحكامه، وبذلك فإن هذا العقد عقد إدارى.
ومن حيث إن سلطة جهة الإدارة فى تعديل العقد أو فى تعديل طريقة تنفيذه هى الطابع الرئيسى لنظام العقود الإدارية، بل هى أبرز الخصائص التى تميز العقود الإدارية عن نظام العقود المدنية، ومقتضى هذه السلطة أن جهة الإدارة مستهدفة تحقيق حسن سير وانتظام المرافق العامة فى أداء الخدمات العامة على النحو الذى يحقق الصالح العام تملك من جانبها وحدها وبإرادتها المنفردة وعلى خلاف المألوف فى معاملات الأفراد فيما بينهم – حق تعديل العقد أثناء تنفيذه وتعديل التزامات المتعاقد معها على نحو وبصورة لم تكن معروفة وقت إبرام العقد فتزيد من أعباء الطرف الآخر – أو تنقصها بشرط أن تقتضى حاجة المرفق أو المصلحة العامة هذا التعديل، ولا شك أن هذا الحق فى تعديل العقد المقرر لجهة الإدارة بإرادتها المنفردة إنما يشمل سلطة إنهاء العقود الإدارية قبل الأوان باعتبار أن الإنهاء ينصب على الشرط الخاص بمدة العقد.
هذا الحق لجهة الإدارة فى تعديل العقد بما يشمله من إنهائه يترتب على ما للعقود الإدارية من تميز عن العقود المدنية بطابع خاص مناطه احتياجات المرفق العام الذى يستهدف العقد تسييره وتغليب وجه المصلحة العامة على مصلحة الأفراد الخاصة فللإدارة دائما وفقا لمقتضيات الصالح العام سلطة إنهاء العقد من غير أن يحتج عليها بقاعدة الحق المكتسب، أو بقاعدة العقد شريعة المتعاقدين، ذلك لأن طبيعة العقود الإدارية وأهدافها يحكمها مبدأ حسن سير واستمرار المرافق العامة وهى تفترض مقدما حصول تغيير فى ظروف وملابسات العقد وملابساته وطرق تنفيذه تبعا لمقتضيات حسن سير المرفق العام وانتظامه ويقوم التعاقد فيها على أساس أن نية الطرفين قد انصرفت عند إبرام العقد إلى ضرورة الوفاء بحاجة المرفق وتحقيق المصلحة العامة مما يترتب عليه أن جهة الإدارة – هى صاحبة الاختصاص فى تنظيم المرفق وتحديد قواعد تسييره – تملك حق تعديل هذا العقد بما يتواءم مع هذه الظروف المتغيرة مع الضرورة ويحقق تلك المصلحة العامة أو إنهاء العقد إذا ما استلزمت ذلك ضرورة الوفاء بحاجات المرفق العام المحققة للمصلحة العامة، والإدارة فى ممارستها لسلطة تعديل العقد أو إنهائه إنما تستعمل حقا وهذه السلطة لا تستمدها الإدارة من نصوص العقد بل من النظام العام لسير المرفق العام والذى يحكم كفالة حسن سيرها وانتظامها فى أداء خدماتها بما يحقق المصلحة العامة ومن ثم فحق الإدارة فى التعديل أو الإنهاء للعقد الإدارى مقرر بغير حاجة إلى النص عليه فى العقد وإلى موافقة الطرف الآخر عليه، فإذا ما أشارت نصوص العقد إلى حق الإدارة فى إجراء هذا التعديل، فإن ذ لك لا يكون إلا مجرد تنظيم لسلطة التعديل وبيان أوضاع وأحوال ممارستها وما يترتب على ذلك دون أن يكون فى ذلك أى مساس بالحق الأصيل المقرر للجهة الإدارية فى التعديل ولاتصال هذه السلطة بالنظام العام للمرافق العامة من المقرر أنه لا يجوز لجهة الإدارة نفسها أن تتنازل عن ممارسة هذه السلطة لأنها تتعلق بكيان المرافق العامة، فللإدارة دائما سلطة إنهاء العقد إذا قدرت أن ظروفا استجدت تستدعى هذا الإنهاء، كما إذا أصبح العقد غير ذى فائدة للمرفق العام أو أضحى لا يحقق المصلحة العمامة المقصودة فى ظل من تغير ظروف الحال عنها وقت التعاقد مع المنتفع، وليس للطرف الآخر فى العقد إلا الحق فى التعويضات إن كان لها وجه وتوافرت الشروط الموجبة لاستحقاق التعويض.
ومن حيث إنه يبين من ظاهر الأوراق أن هيئة الآثار وطبقا للتقارير الهندسية قد ثبت لها حدوث تشققات وهبوط فى أرضية استراحة الهرم التى تعتبر الكافتيريا محل العقد المشار إليه امتداد لها، وأنه نظرا لأن هضبة الأهرام تعد موقعا أثريا هاما بل من أهم تلك المواقع فى مصر وبالنسبة للعالم كله والتى تلتزم السلطة العامة فى الدولة بالحفاظ عليها ورعايتها، كما أن الاستراحة ذاتها ذات طراز معمارى فريد وفيها العديد من الحجرات والصالات التى تفى بالغرض الثقافى وتسهم فى تحقيق الخدمات اللازمة للسياحة الثقافية مما تحرص الدولة على إصدار التشريعات الكفيلة بحماية وصيانة هضبة الهرم وقد تم بالفعل إزالة جميع التعديات الواقعة على الهضبة الأثرية من شاليهات وكازينوهات وخلافه التى كانت مقامة عليها ولما كان الثابت من ظاهر الأوراق أن استمرار شغل المطعون ضده لحديقة الاستراحة ينبئ عن حدوث أضرار جسيمة على هذا الموقع الأثرى الهام مما يستلزم إخلاء الاستراحة والحديقة لترميمها تمهيدا لإعدادها كمركز ثقافى أثرى، ومن ثم فقد قامت هيئة الآثار بتاريخ 19/7/1984 وفى 24/9/1984 بإنذار المطعون ضده بإنهاء انتفاعه بحديقة متحف استراحة الهرم الواقعة على هضبة الأهرام أمام الهرم الأكبر بالجيزة بنهاية شهر سبتمبر سنة 1984 وأن عليه إخلاء موقع الكافتيريا وتسليمه للهيئة وإلا يعد وجوده بعد هذا التاريخ تعديا على أرض الآثار مما يستوجب إزالته إداريا نفاذا لحكم المادة 17 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وطبقا للمادة 970 من القانون المدنى، وإذ لم يقم المطعون ضده بتسليم حديقة الاستراحة المشار إليها ومن ثم أصدرت الجهة الإدارية القرار رقم 173 بتاريخ 23/1/1989 بإزالة تعديه إداريا على تلك الحديقة بحسبانها من أراضى المنفعة العامة وآثار، ولما كان قد جرى قضاء هذه المحكمة على أن المحظور على جهة الإدارة اتخاذ الإزالة الإدارية طريقا لها إذا كان للخصم سند جدى فى ملكيته أو صيانة العقار – يوجب على الإدارة اللجوء لجهة القضاء للفصل فى النزاع على الملكية احتراما للشريعة وسيادة القانون، وهو أمر غير متوافر فى الطعن الماثل حيث لا ينازع المطعون ضده فى ملكية جهة الإدارة لهذا العقار وقد ثبت مما تقدم أن القانون قد خولها سلطة إنهاء العقد إذا ما حدثت ظروف أصبح معها العقد غير ذى فائدة للمرفق العام أو أضحى استمرار تنفيذ العقد لا يحقق المصلحة العامة ويهدد حسن سير وانتظام المرفق العام وهو ما ينطبق على العقد الماثل محل النزاع حيث تقوم جهة الإدارة بتجهيز المكان لاستخدامه كموقع أثرى هام ليكون مزارا سياحيا قوميا عالميا ويجب الحفاظ عليه ورعايته وحمايته مما قد يصيبه من أضرار لا يمكن إصلاحها من جراء استخدامه على غير نحو ما تضمنه العقد المذكور ومن ثم فحيث إنه قد بادرت جهة الإدارة بإنهاء هذا العقد بمقتضى السلطة المخولة قانونا لها وأضحت من ثم يد المطعون ضده يد متعدية على أموال عامة مملوكة للدولة تستوجب إزالتها إداريا وبالتالى فقد أصدرت جهة الإدارة قرارها رقم 173 لسنة 1989 بإزالة هذا التعدى وفقا لما يقتضيه صحيح حكم القانون فإنه لا يوجد سند من القانون لوقف تنفيذ هذا القرار.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وحيث ذهب الحكم المطعون فيه دون سند صحيح من القانون إلى توافر ركن الجدية فى طلب وقف التنفيذ وقضى بوقف تنفيذ القرار ومن ثم فإنه يكون قد جانب الصواب وخالف صحيح حكم القانون فيما قضى به مما يستوجب إعلاء للشرعية وسيادة القانون الحكم بإلغائه والقضاء برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن من خسر الطعن ملزم بمصروفاته عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار رقم 173 لسنة 1989 المطعون فيه وألزمت المطعون ضده بالمصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ