طعن رقم 3995 لسنة 35 بتاريخ 26/07/1992 الدائرة الثالثة
___________________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/محمد حامد الجمل رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/عادل محمود زكى فرغلى وأحمد شمس الدين خفاجى وأحمد عبد العزيز أبو العزم ود.منيب محمد ربيع (نواب رئيس مجلس الدولة).
* إجراءات الطعن
فى يوم الخميس الموافق 27 من يوليو سنة 1989 أودع الأستاذ/نبيل حسن متولى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 3995 لسنة 35 ق عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 3/6/1989 فى الدعوى رقم 5078 لسنة 43 ق القاضى بقبول تدخل محمد ربيع سلطان خصما منضما للحكومة فى الدعوى وبقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه على ما يترتب على ذلك من آثار وألزمت وزارة الداخلية مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن- للأسباب الواردة بتقرير طعنه- الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام المطعون ضده الأول المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدهما على النحو المبين بالأوراق.
وقدم السيد الأستاذ المستشار/على رضا مفوض الدولة تقريرا برأى هيئة مفوضى الدولة مسببا ارتأى فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وفى الطلب المستعجل من الدعوى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع إلزام المطعون ضده الأول بالمصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 2 من أكتوبر سنة 1989 وتداولت نظره بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر وبجلسة 16 من مارس سنة 1992 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التى نظرته بجلسة 19/4/1992 والجلسات التالية على النحو المبين بالمحاضر حيث تقرر حجزه للحكم بجلسة 19/7/1992 وفى هذه الجلسة أعيد الطعن للمرافعة لمناقشة الخصوم وتقرر حجزه للحكم بجلسة اليوم 26/7/1992 حيث صدر هذا الحكم أودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة- حسبما يبين من سائر الأوراق – أنه بموجب صحيفة أودعت قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بتاريخ 20/5/1989 أقام…………………… الدعوى رقم 5078 لسنة 43 ق مختصما وزير الداخلية بصفته وطلب الحكم أولا: بصفة مستعجلة إيقاف قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان فى الترشيح لانتخابات مجلس الشورى فى الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال. ثانيا: وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار فيمل تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان فلاح وعدم الاعتداد بالتغيير الذى تم فى قائمة المرشحين لمجلس الشورى عن الدائرة الثالثة محافظة الفيوم. ثالثا: إلزام المدعى عليه المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وقال بيانا لدعواه أنه تقدم للترشيح فى انتخابات مجلس الشورى المحدد لها يوم 9/6/1989 بالدائرة الثالثة محافظة الفيوم فلاح وتقدم محمد ربيع سلطان فى ذات الدائرة بنفس الصفة رغم أن زوجته أميرة أحمد عبد الله زيدان لها حيازة 3ط 17ف نقلت صوريا سنة 1983 باسم……………… ورغم انه تنازل عن 26 فدان تم تحيزها صوريا باسم …………………. فى 20/10/1983 بالإضافة إلى انه كان قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبى المحلى سنة 1979 فئات وكانت عضويته بالمجلس المحلى فى الفترة من سنة 1979 حتى سنة 1983 بذات الصفة، وأضاف المدعى أنه قد تقدم بتظلم من اعتباره فئات من قائمة المرشحين عن الدائرة الثالثة وقضت اللجنة برفض تظلمه، فى حين أنه يتعين عدم الاعتداد بتغيير صفة المذكور من فلاح إلى فئات إعمالا لحكم المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 التى تقضى بوجوب الاعتداد بالصفة التى تثبت للمرشح فى 15/5/1971، وإذ نظرت المحكمة الشق المستعجل من الدعوى فقد أودع الحاضر عن المدعى حافظة مستندات، وبجلسة 30/5/1989 حضر الأستاذ مصطفى الهوارى المحامى وطلب تدخل محمد ربيع سلطان (الطاعن) خصما متدخلا إلى جانب الحكومة فى طلبها رفض الدعوى وأودع حافظة مستندات ومذكرة دفاع انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الدعوى، كذلك أودع الحاضر عن الحكومة حافظة مستندات ومذكرة دفاع انتهى فيها إلى طلب الحكم برفض الدعوى بشقيها العاجل والموضوعى مع إلزام المدعى المصروفات.
وبجلسة 3 من يونيو سنة 1989 صدر الحكم المطعون فيه الذى يقضى بما يأتى:
أولا: بقبول تدخل …………………. خصما منضما للحكومة فى الدعوى، ثانيا: بقبول الدعوى شكلا وفى الطلب المستعجل بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام وزارة الداخلية مصروفات هذا الطلب، وأقامت المحكمة قضاءها على أن مؤدى نص المادة الثانية من القانون رقم 38 لسنة 1972 أن الأصل انه لا يعتد بتغيير الصفة من فئات إلى عمال أو فلاحين إذا كان ذلك بعد 15 مايو سنة 1971 على أن يعتد بصفة عامة فى تحديد صفة المرشح من العمال أو الفلاحين بالصفة التى تثبت له فى 15 مايو سنة 1971 أو بصفته التى رشح على أساسها لعضوية مجلس الشعب وأن الثابت أن محمد ربيع سلطان (الطاعن) لم تثبت له صفة فلاح فى 15/5/1971 كما أنه لم يثبت من الأوراق أنه رشح لعضوية مجلس الشعب على أساس صفة فلاح وأن البادى من ظاهر الوراق أنه قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبى المحلى لقرية دمو الفيوم بصفته فئات سنة 1983، وانه وفقا للفقرة الثالثة من المادة الثانية من القانون رقم (38) لسنة 1972 فإنه لا يعتد بتغيير الصفة من فئات إلى عمال أو فلاحين إذا كان ذلك بعد 15 مايو سنة 1971 ومن ثم فإنه لا يجوز للمذكور أن يغير بعد ذلك من صفته وأن يتقدم لترشيح نفسه فى انتخابات مجلس الشورى بصفته فلاح بعد أن ثبتت له صفة فئات فى انتخابات المجلس الشعبى المحلى سنة 1983 على أساس انه (عامل) فيكون قد رشح نفسه على أساس صفة ليست له باعتبار أن الصفة التى تثبت له والتى لا يجوز تغييرها هى صفة فئات وإذ رفضت لجنة الاعتراضات الطعن المقدم من المدعى بشأن صفة المذكور فإن قرارها والحالة كذلك يكون قد صدر على غير أساس سليم من القانون الأمر الذى يتحقق معه ركن الجدية فى الطلب المستعجل بوقف تنفيذه كما أن ركن الاستعجال متحقق أيضا بالنظر إلى ما ينتجه الاستمرار فى تنفيذ القرار المطعون فيه من نتائج يتعذر تداركها تتمثل فى مزاحمة محمد ربيع سلطان للمدعى فى الانتخابات إذا أجريت على أساس صفته كفلاح.
وإذ لم يرتض ……………………. هذا الحكم فأقام طعنه الماثل استنادا على أن الحكم السالف خالف صحيح الواقع والقانون حيث أسس قضاءه على أن الطاعن قد رشح نفسه لعضوية المجلس الشعبى المحلى لقرية دمو سنة 1983 بصفة (فئات) لا أساس له من الثابت بالأوراق إذ تقدم بحافظة مستندات رسمية انطوت على قائمة المرشحين سنة 1983 وثابت بها أنه رشح (فلاح) لمجلس محلى المحافظة وكذلك أصل قرار محافظة الفيوم رقم 339 لسنة 1983 بإعلان قوائم الحزب الوطنى لعضوية المجلس الشعبى المحلى لمحافظة الفيوم وثابت به أن صفته (فلاح) سنة 1983، وان صفته فى 15 مايو سنة 1971 كانت (فلاح) حيث أن حيازته فى هذه الفترة كانت تسعة أفدنه وقيراطا واحدا، فضلا عن انه لم يتقدم بعضوية لمجلس الشعب أو أى موقع انتخابى آخر يشير إلى صفته، وأضاف الطاعن أن هذا الطعن يعيد الدعوى سيرتها الأولى ومن ثم فإنه يطلب إلغاء القرار المطعون فيه واعتباره كأن لم يكن بجميع ما ترتب عليه من آثار.
ومن حيث إن مقطع النزاع ما إذا كانت حقيقة التكييف القانونى السليم لمحل الدعوى الصادر فيها الحكم المطعون فيه هو النعى على قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان فى الترشيح لانتخابات مجلس الشورى فى الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال أم أنه بعد أن تمت الانتخابات التى حدد يوم 8/6/1989 لإجرائها وإعلان السيد المذكور عضوا بمجلس الشورى وممارسته هذه العضوية فإن الدعوى المطعون فى حكمها وإن بدت وفقا لعبارات المدعى ولحقيقة الحال منصبه على قرار لجنة الاعتراضات آنف البيان ولكن إذا تراخى الفصل فى النزاع حيث تم إعلان نتيجة الانتخاب المشار إليها وإعلان الفوز بعضوية مجلس الشورى فإن هذا الطعن ينصرف حتما إلى قرار النتيجة التى يقوم أساسا على سلامة جميع الإجراءات السابقة عليه ومن بينها قرار لجنة الاعتراضات المشار إليه وبالتالى تكون حقيقة طلبات المدعى والتكييف السليم لهذه الطلبات استنادا لأحكام الدستور والقانون أنها طعن فى صحة عضوية أحد أعضاء مجلس الشورى وفى إعلان النتيجة فى الدائرة محل الطعن مبناه عدم صحة قرار لجنة قبول الاعتراضات ومن ثم إعلان عضوية الطاعن بالمجلس.
ومن حيث إنه باستعراض أحكام الدستور بين أن المادة (62) تنص على أن (للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقا لأحكام القانون ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى) كما تنص المادة (64) على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة بينما تجرى عبارة المادة (68) بأن التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، كما تنص المادة 196 على أن يشكل مجلس الشورى من عدد من أعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن (132) عضوا وينتخب ثلث أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السرى العام ……. كما تنص المادة 197 على أن: يحدد القانون الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس الشورى وعدد الأعضاء بكل دائرة …… وذلك مفاده أن نيابة العضو أو عضويته بالمجلس إنما يكون مرجعها إلى عملية الانتخاب المباشر السرى العام باعتبارها الوسيلة التى يتم من خلالها التعبير عن إرادة الناخبين فهذه الإرادة هى سند وأساس صحة النيابة أو صحة العضوية بمجلس الشورى فإذا شابت عملية الانتخاب شائبة ارتد ذلك بحكم التداعى على صحة النيابة أو صحة العضوية لضمان صحة العملية الانتخابية وسلامة إجراءاتها كل ذلك تجسيد للمفهوم الأساسى الذى تقوم عليه الدولة طبقا لحكم المادة من الدستور التى تقرر أن السيادة للشعب وحده.
ومن حيث إن مقتضى سيادة الشعب وحده أن يكون هو مصدر السلطات وان يحدد لكل سلطة دستورية حدود اختصاصها بحيث لا يكون لإحدى سلطات الدولة أن تدعى لذاتها سوى ما خولها الدستور إياه، فما خوله الدستور هو ما يكون لها أن تباشره فى الاختصاصات دون تسلب منه، ودون تغول على ما سواه.
ومن حيث أنه من الأمور المسلمة أن الاختصاص الولائى يعتبر من النظام العام ويكون مطروحا دائما على المحكمة كمسألة أولية وأساسية تقضى فيها من تلقاء ذاتها دون حاجة إلى دفع بذلك من أحد الخصوم مما يكفل ألا تقضى المحكمة فى الدعوى أو فى شق منها دون أن تكون المنازعة برمتها مما يخرج عن اختصاصها وولايتها.
ومن حيث إن المادة (68) من الدستور تقضى بأن لكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء بين المتقاضين ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء.
ومن حيث أن المادة (172) من الدستور تقضى بان مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى.
وحيث أن المادة (10) من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قد بين اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالمسائل المحددة بها ومن بينها الطعون الخاصة بانتخابات الهيئات المحلية والطلبات التى يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية وكذلك سائر المنازعات الإدارية.
ومن حيث إنه يبين من أحكام هذه النصوص الدستورية والقانونية أن مجلس الدولة بهيئة قضاء إدارى يعتبر صاحب الولاية العامة والقاضى الطبيعى المختص بنظر الطعون فى القرارات الإدارية وسائر المنازعات إلا أنه متى تضمن الدستور أو القانون فى الحالات التى يجوز فيها ذلك النص الصريح على أن يكون الاختصاص بنظر نوع معين من هذه المنازعات لمحاكم أو لجهة أخرى فإنه يتعين على محاكم مجلس الدولة عدم التغول على هذا الاختصاص بذات درجة وجوب حرصها على أعمال اختصاصها المقرر لها طبقا لأحكام الدستور والقانون دون إفراط أو تفريط وعلى هذه المحاكم أداء رسالتها فى إنزال رقابة المشروعية المقررة لها فى حدود هذه الولاية وهذا الاختصاص دون تجاوز أو إنقاص.
ومن حيث إنه بمقتضى نصوص الدساتير المصرية فى تنظيمها الفصل فى صحة العضوية لأعضاء المجالس النيابية بصفة عامة يبين أن المادة (95) من دستور سنة 1923 كانت تنص على أن يختص كل مجلس بالفصل فى صحة نيابة أعضائه ولا تعتبر النيابة باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى الأصوات ويجوز أن يعهد القانون بهذا الاختصاص إلى سلطة أخرى، وقد صدر القانون رقم (141) لسنة 1951 الذى أناط بمحكمة النقض مباشرة هذا الاختصاص.
وقد نص دستور سنة 1930 فى المادة (90) منه على أن تقضى محكمة الاستئناف منعقدة بهيئة محكمة نقض وإبرام أو محكمة النقض والإبرام إذا أنشئت فى الطلبات الخاصة بصحة نيابة النواب والشيوخ أو بسقوط عضويتهم ويحدد قانون الانتخاب طريقة السير فى هذا الشان وبعد ثورة 23 يوليو سنة 1952 نص الدستور الصادر سنة 1956 على أن يختص مجلس الأمة بالفصل فى صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة عليا يعينها القانون بالتحقيق فى صحة الطعون المقدمة إلى مجلس الأمة بناء على إحالة من رئيسه وتعرض نتيجة التحقيق على المجلس للفصل فى الطعن ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس ويجب الفصل فى الطعن خلال ستين يوما من عرض نتيجة التحقيق على المجلس
وقد حددت المادة (17) من قانون عضوية مجلس الأمة الصادر بالقانون رقم (46) لسنة 1956 المحكمة المشار إليها بأنها إذ نص على أن يقوم بالتحقيق فى صحة عضوية أعضاء مجلس الأمة محكمة النقض.
وقد أوردت المادة (62) من دستور سنة 1964 ذات الحكم المنصوص عليه فى المادة (89) من دستور سنة 1956 المشار إليها.
ومن حيث أن الدستور الحالى الصادر سنة 1971 قد نص فى المادة (205) على أن: تسرى فى شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة بالدستور فى المواد: (89)، (90)، (91)، (92)، (93)، (94)، (95)، (96)، (97)، (98)، (99)، (100)، (101)، (102)، (103)، 0104)، (105)، (106)، (107)، (129)، (130)، (134).
وذلك فيما لا يتعارض مع الأحكام الواردة فى هذا الفصل، على أن يباشر الاختصاصات فى المواد المذكورة مجلس الشورى ورئيسه وينص فى المادة (93) بالفصل الثانى منه بشأن مجلس الشعب على أن يختص المجلس بالفصل فى صحة عضوية أعضائه وتختص محكمة النقض بالتحقيق فى صحة الطعون المقدمة إلى المجلس بعد إحالتها إليه من رئيسه ويجب إحالة الطعن إلى محكمة النقض خلال خمسة عشر يوما من تاريخ علم المجلس به …… وتعرض نتيجة التحقيق والرأى الذى انتهت إليه المحكمة على المجلس للفصل فى صحة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ عرض نتيجة التحقيق على المجلس. ولا تعتبر العضوية باطلة إلا بقرار يصدر بأغلبية ثلثى أعضاء المجلس.
ومن حيث إنه يبين من نصوص الدساتير المصرية المتعلقة سواء فى عهد النظام الملكى أو النظام الجمهورى أن دستور سنة 1923 قد أناط الاختصاص بالفصل فى صحة العضوية لمجلس النواب أو الشيوخ كل بالنسبة لأعضائه بما مفاده اعتبار أن الأصل هو النهج القائم على منهج المجلس النيابى ذاته الفصل فى صحة عضوية أعضائه أى أن الاختصاص بالفصل فى ذلك منوط بالسلطة البرلمانية أو النيابية للشعب، وليست السلطة القضائية وقد أجاز الدستور فى ذات الوقت للمشرع أن يمنع هذا الاختصاص لغير تلك السلطة ذات التشكيل والطابع السياسى فاستخدام المشرع هذه الرخصة منذ سنة 1951 وأناط الاختصاص بالفصل فى صحة العضوية للسلطة القضائية وهو ما جرى عليه دستور سنة 1930 الذى أناط الاختصاص بالفصل فى صحة العضوية بمحكمة الاستئناف المعقودة فى هيئة محكمة نقض وإبرام أو بالمحكمة الأخيرة عند إنشائها.
وأكد المشرع الدستورى منذ سنة 1956 إلى نقل الولاية فى الفصل فى صحة العضوية إلى المجلس النيابى وهو مجلس الأمة، وفى ذات الوقت حتم أن تجرى التحقيق فى الوقائع الخاصة بالطعن# محكمة عليا يحددها القانون، ومقتضى ذاك أنه جعل تحقيق وقائع الطعن فى صحة العضوية منوطا بالسلطة القضائية، بينما ترك الفصل فى صحة العضوية بناء على هذا التحقيق للمجلس النيابى وقد أناط قانون مجلس الأمة الاختصاص بتحقيق صحة العضوية بمحكمة النقض قمة المحاكم العادية فى مصر، وبذلك قد أصبح للسلطة القضائية تحقيق وقائع الطعون فى صحة العضوية، وتتولاه أعلى محكمة قانون فى نظام القضاء العادى تحقيقا لأقصى قدر من الضمانات لصحة العضوية من حيث تحقيق وتحديد الوقائع الصحيحة التى لا يقوم التطبيق السليم لأحكام الدستور أو القانون إلا عليها، بينما يكون للسلطة التشريعية الشعبية أو النيابية حسم النزاع على صحة العضوية وهذا عن النهج الذى أخذ به الدستور الحالى الصادر سنة 1971 فى المادة (93) منه بالنسبة لمجلس الشعب والشورى.
ومن حيث أن مفاد هذه المادة- وفقا لما جرى به قضاء هذه المحكمة- من قبل (المحكمة الإدارية العليا فى الطعون أرقام 1900، 1920، 1925 لسنة 32 القضائية بجلسة 29 من فبراير سنة 1989) أن الطعون التى تختص محكمة النقض بتحقيقها، فى إطار الاختصاص المقرر دستوريا لمجلس الشعب وحده بالفصل فى صحة عضوية أعضائه، إنما هى الطعون التى تنصب أساسا على بطلان عملية الانتخاب ذاتها فى معناها الدستورى والقانونى الفنى الدقيق، والتى تتمثل فى عمليات (التصويت والفرز،و؟إعلان النتيجة) طبقا لأحكام القانون رقم (73) لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم 202 لسنة 1990 وبصفة خاصة أحكام المادتين (26، 37) من هذا القانون ومن ثم يكون الطعن على أية مرحلة من تلك المراحل المتتابعة التى تمر بها العملية الانتخابية بالمعنى الدستورى والقانونى الفنى الدقيق على النحو المشار إليه من اختصاص مجلس الشعب وحده مباشرته إعمالا لصريح حكم المادة (93) من الدستور المشار إليه، وعلى الوجه المنصوص عليه فيها أيا ما يكون وجه هذا الطعن أو أساسه ويسرى هذا الحكم تبعا على مجلس الشورى طبقا للإحالة عليه المنصوص عليها فى المادة (205) من الدستور السالف بيانها.
ومرد ذلك أن الدستور الحالى قد نص صراحة فى المادة (3) منه على أن السيادة للشعب وحده وهو مصدر السلطات وأنه يمارس هذه السيادة ويحميها كما نظم فى الفصل الثانى من الباب الخامس المتعلق بنظام الحكم السلطة التشريعية ممثلة فى مجلس الشعب الذى يتولى سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العامة للدولة كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية وذلك كله على الوجه المبين بالدستور (م86) ويشكل هذا المجلس بطريق الانتخاب المباشر السرى العام فيما عدا عشرة من أعضائه يعينهم رئيس الجمهورية (مادة 87) وأناط الدستور فى المادة (88) بالقانون تحديد الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلس الشعب وبيان أحكام الانتخاب والاستفتاء وحتم أن يتم الاقتراع تحت إشراف أعضاء من الهيئات القضائية. كما نص فى الباب السابع الفصل الأول على الأحكام الخاصة بمجلس الشورى والذى يختص بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا، بالحفاظ على مبادئ ثورة 23 يوليو سنة 1952، 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعى، وحماية تحالف قوى الشعب العاملة والمكاسب الاشتراكية والمقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة، وتعميق النظام الاشتراكى الديموقراطى وتوسيع مجالاته.
وقد نظم المشرع فى قانون مجلس الشعب رقم (38) لسنة 1972 المعدل بالقانون رقم (201) لسنة 1990، وفى القانون رقم (73) لسنة 19756 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية المعدل بالقانون رقم (202) لسنة 1990 الشروط الخاصة بالعضوية وأحكام الانتخاب والاستفتاء والتصويت وفرز الأصوات وإعلان النتيجة وفى القانون رقم 120 لسنة 1980 الأحكام الخاصة بمجلس الشورى وكيفية انتخاب أعضائه حيث تنص المادة 24 من قانون مجلس الشورى على أن مع عدم الإخلال بأحكام هذا القانون تسرى فى شأن مجلس الشورى الأحكام الواردة فى القانون رقم 73 لسنة 1956 بتنظيم مباشرة الحقوق السياسية والأحكام المقررة بالمواد 2، 3، فقرة 2، 7، 8، 10، 11، 12، 14، 19، 24، 25، 26، 27، 28، 30، 33، 34، 39من القانون رقم 38 لسنة 1972 فى شأن مجلس الشعب.
ومن حيث إنه يبين من أحكام الدستور وقوانين مجلس الشعب ومباشرة الحقوق السياسية ومجلس الشورى سالفة الذكر أن العضوية فى مجلس الشعب والشورى أساسها الإرادة الشعبية ممثلة فى الناخبين الذين يتعين الإدلاء بأصواتهم بالأغلبية القانونية اللازمة لصالح مرشح ممن تتوافر فيه الشروط التى حتمها الدستور والقانون يعتبر عضوا بمجلس الشعب أو الشورى بمقتضى السيادة الشعبية وبناء على التعبير الصحيح عن هذه الإرادة الشعبية بقوة الدستور وليس بمقتضى إرادة أية سلطة أخرى سواء أكانت سلطة لجنة إدارية أو سلطة وزير الداخلية، ومن ثم فإنه ليس لهذه اللجان المختصة بعمليات الاقتراع والفرز وإعلان النتيجة، أو لوزير الداخلية من بعدها أية سلطة فى تحديد الإرادة الشعبية فى اختيار أعضاء مجلس الشعب أو أعضاء مجلس الشورى أو فى تقرير صحة العضوية بالمجلس والرقابة التى يقررها الدستور لصحة العضوية وهى بحسب الأحوال لمجلس الشعب ولمجلس الشورى وحدهما بناء على التحقيق الذى تجريه محكمة النقض فى المطاعن الموجهة إلى هذه العضوية.
ومن حيث إنه غير خاف على الكافة أنه وإن كان ما سلف بيانه هو صحيح حكم الدستور والقانون فى ظل قوانين مجلس الشعب ومجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية بعد تعديلها بالقانونين رقمى 201، 202 لسنة 1990 فى ظل الانتخاب الفردى، فإن الأمر على خلاف ذلك فى ظل الانتخاب بالقوائم الحزبية التى كانت تنص عليه المادة (36) من قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 قبل تعديلها سنة 1990- والتى كانت تقضى بأنه فى حالة الانتخاب لعضوية مجلس الشعب تتولى لجنة إعداد نتيجة الانتخابات المشكلة طبقا للفقرة الأخيرة من المادة (5) من القانون المذكور بقرار وزير الداخلية برئاسة أحد مساعدى وزير الداخلية حصر الأصوات التى حصل عليها كل حزب تقدم بقائمة على مستوى الجمهورية وكل مرشح للانتخاب الفردى وتحديد الأحزاب التى يجوز لها وفقا للقانون أن تمثل بمجلس الشعب، والمرشح للانتخاب الفردى الذى حصل على الأغلبية المطلوبة من الأصوات ثم يقوم بتوزيع المقاعد فى كل دائرة على الوجه المبين فى البنود (أ)، (ب) من المادة المذكورة وعلى ذلك فإن الأمر فى ظل هذا النظام كان يختلف اختلافا بينا عن نظام الانتخاب الفردى وذلك بالسلطة المستمدة للجنة الثلاثية سالفة الذكر ومن بعدها لوزير الداخلية فى المادة (37) من القانون المذكور قبل تعديله سنة 1990 والتى تخول للجنة ثم للوزير سلطة توزيع المقاعد والأصوات على الأحزاب، وعلى المرشحين الأفراد على نحو يقطع بأنه توجد سلطة تقديرية أناطها القانون بهذه اللجنة الثلاثية ووزير الداخلية فى توزيع الأصوات والمقاعد على ما سلف بيانه على نحو لا يلتزم التزاما والمقاعد على ما سلف بيانه على نحو لا يلتزم التزاما كاملا بالإرادة الشعبية ممثلة فى أصوات الناخبين التى تم الإدلاء بها خلال عملية التصويت وبصورة تؤثر فى النتيجة التى تعلن للانتخاب وبالتالى فإنه- أياما كان الرأى فى مدى اعتبار ما يصدر عن هذه اللجنة أو وزير الداخلية بعدها فى هذا المجال قرار إدارى من عدمه بالمعنى القانونى والفنى الدقيق ويخضع نتيجة لذلك الولاية الإلغاء والتعويض لمحاكم مجلس الدولة- فإن وجود هذه اللجنة الإدارية وسلطتها فى توزيع الأصوات والمقاعد طبقا لنصوص القانون سالف الذكر قبل تعديله سنة 1990 وهو المبرر الأساسى لاعتبار الطعن على ما تذهب إليه هذه اللجنة وعلى ما يقرره وزير الداخلية بعدها من نتائج طعنا فى قرار أو تصرف إدارى يدخل فى ولاية محاكم مجلس الدولة.
ومن حيث إنه لاشك فى أنه إذا ألغيت الأحكام الخاصة بسلطة اللجنة الثلاثية آنفة الذكر فى المادة (36) من قانون مباشرة الحقوق السياسية بعد تعديله بالقانون رقم (202) لسنة 1990 فإنه قد أصبحت الإرادة والسيادة الشعبية وحدها هى الأساس فى تحديد من يكون عضوا من بين المرشحين لأنه فى هذه الخصوص سواء أكانت المطاعن على مرحلة سابقة وقدمت بعد إعلان هذه النتيجة أو على مراحل لاحقة لتقرير الإعادة فغن كل ذلك يتعلق بالفصل فى صحة العضوية، بالنسبة لمن سوف يتم انتخابه لأن أى مطعن من تلك المطاعن ولو قبل الإعادة من مقتضاه إثارة الطعن فى صحة عضوية من سوف ينتخب بالفصل فى مرحلة الإعادة.
ومن حيث لا تغفل المحكمة التأكيد على أنه لا يرتبط بلا شك المعيار الذى يحدد ما يدخل الفصل فى صحة العضوية المقصور ولاية الفصل فيها على مجلس الشعب أو مجلس الشورى بحسب الأحوال بضرورة الإعلان عن فوز مرشح أو أكثر فى الدائرة الانتخابية وحلفهم اليمين الدستورية لأنه إذا كان صحيح الفهم السليم لأحكام الدستور والقانون فى تنظيم أحكام الترشيح والانتخاب أنه كاشفا عن الإرادة الشعبية وليس منشئا لمركز قانونى للمرشح للعضوية يعتبر بمقتضاه عضوا بمجلس الشعب أو مجلس الشورى من الوجهتين الدستورية والقانونية لأن هذه العضوية تتحقق بمقتضى الدستور منذ إقفال باب التصويت باللجان الانتخابية حيث تكون الإرادة الشعبية والسيادة الشعبية قد أودع التعبير عنها مسجلا فى تذاكر التصويت بصناديق الانتخاب، وتكمن فى هذه التذاكر حقيقة ومضمون هذه الإرادة التى لا شأن لأية سلطة أو لأحد بعدها إلا فى الكشف عنها والنزول عليها وإعلانها للكافة دون تبديل أو تغيير أو تعديل من أى نوع كان، ولذلك فإن عضو مجلس الشعب أو الشورى يتمتع بهذه العضوية وفقا لصريح نصوص الدستور والقانون من تاريخ وساعة انتهاء عملية التصويت وهذا الحكم تنص عليه صراحة المادة (90) من الدستور الذى نصت على انه يقسم عضو مجلس الشعب أمام المجلس قبل أن يباشر عمله اليمين الدستورية المنصوص عليه فى هذه المادة فهذا العضو بصريح النص الدستورى له صفة العضوية قبل أن يقسم اليمين الدستورية أمام المجلس وقبل أن يباشر عمله أيضا بهذا المجلس وقبل أن يباشر عمله أيضا بهذا المجلس ومنذ أن تحققت بالفعل الإرادة الشعبية التى أسبغت عليه هذه العضوية لحظة انتهاء العملية الخاصة بالاقتراع وقبل أن يعلن عن هذه الإرادة الشعبية بعد الكشف عنها بطريق فرز الأصوات وإعلان النتيجة التى قررتها إرادة الناخبين، ولا يفوت المحكمة فى هذا المجال التنويه أيضا إلى أن هذا الاختصاص المنوط بمجلس الشعب أو مجلس الشورى بحكم الدستور طبقا للمادة (93) منه إنما يمارسه هذا المجلس خاضعا لأحكام الدستور والقانون وبناء على ما ينتهى إليه تحقيق الطعن بمحكمة النقض ولا يجوز إخضاعه للأهواء السياسية أو الحزبية إذ يعتبر فصلا فى منازعة على صحة العضوية بمجلس الشعب أو بمجلس الشورى وهذه المنازعة تتعلق بسلامة النظام العام الدستورى للوطن ويتعين حسمها فى إطار من سيادة الدستور وسيادة القانون ونزاهة وتجرد القضاة وكل هذه الأسس والمبادئ العليا التى تنطق بها أحكام الدستور والقانون يجب على كل من مجلس الشعب ومجلس الشورى الالتزام بها فى ممارسة اختصاصه الدستورى فى حسم هذا النزاع، وهو التزام دستورى تحتمه طبيعة صحة العضوية بأى من المجلسين وأياما كانت الجهة المنوط بها طبقا لأحكام الدستور تحقيق صحة العضوية والفصل فى الطعون المقدمة بشأنها، فلا يخفى على أحد ما لهذا النزاع من طبيعة خاصة ومتميزة وما له من خطورة فى الحياة الدستورية والبرلمانية والسياسية للأمة لتعلقه بسلامة وصحة التعبير عن سيادتها وإعمال إرادة الشعب الصحيحة بواسطة ممثليه الحقيقيين والشرعيين فى مجلس الشعب والشورى فلا يجوز على أى وجه أن تغطى على من أناط به المشرع الدستورى أمانة الفصل فى صحة هذه العضوية لأعضاء مجلس الشعب أو الشورى أية نزعة من الهوى أو الغرض تبعد وتنأى عن قداسة ونزاهة العمل القضائى الذى يلتزم التزاما مجردا ونزيها بصحيح حكم القانون وحقيقة الحال وثبوت الواقع.
ومن حيث إنه بناء على ما سلف بيانه فإنه متى تعلق الأمر فى الفصل فى صحة العضوية ويشمل ذلك المنازعة فى بطلان عملية الانتخاب بالمعنى الفنى المشار إليه فيما سبق، فإنه لا يغير من اختصاص مجلس الشعب أو الشورى وحده بالفصل فى هذه الطعون والمنازعات بهذه الأحوال ما قد يثار من تفرقة بين حالة ما أسفرت عملية الانتخاب فعلا عن انتخاب أحد المرشحين واكتسابه صفة العضوية بمجلس الشعب أو الشورى أو بين ما إذا لم تسفر العملية الانتخابية عن ذلك مما يقضى الإعادة بين المرشحين ذلك أن مفاد حكم المادة (93) من الدستور المشار إليه على ما سلف البيان، أن الاختصاص المقرر لمجلس الشعب أو مجلس الشورى بالفصل فى صحة عضوية أعضائه يشمل كل نعى أو طعن على عملية الانتخاب بالمعنى الدستورى والقانونى الفنى الدقيق فى مراحله المتتابعة المشار إليها، ويفصل المجلس فى ذلك بعد التحقيق الذى تجريه محكمة النقض بتاء على ما ينتهى إليه هذا التحقيق مع تحديد لواقع الحالة، إذا كان ثمة طعن مقدم فى صحة العضوية وبناء على ما ينتهى إليه تحقيق وبحث لجنة الشئون الدستورية بمجلس الشعب أو الشورى إذا لم يقدم أى طعن على صحة عضوية الأعضاء، فالمجلس يختص وحده بتحقيق صحة العضوية لجميع أعضاء مجلس الشعب أو الشورى سواء أكانوا منتخبين أو معينين مطعون أو غير مطعون فى عضويتهم تأسيسا على أن صحة العضوية أمر يتصل بالنظام العام الدستورى والسياسى المصرى الذى يتعين على كل من مجلس الشعب والشورى من تلقاء ذاته العمل على الحفاظ عليه ورعايته.
ومن حيث إنه وإن كان الطعن فى الدعوى التى صدر فيها الحكم المطعون فيه قد وجه أصلا إلى قرار لجنة الاعتراضات فيما تضمنه من اعتبار صفة محمد ربيع سلطان فى الترشيح لانتخابات مجلس الشورى فى الدائرة الثالثة فيوم على فئة عمال إلا أنه وإذ تراخى الفصل فى هذا النزاع حتى تم الانتخاب وأعلنت بنتيجته فإنه لا يمكن فصل الطعن فى مرحلة من مراحل العملية الانتخابية وهى مرحلة لجنة الاعتراضات على قبول أوراق الترشيح عن ما آل إليه الحال من إعلان نتيجة الانتخاب فى الدائرة ذلك أنه ظاهر وواضح من أحكام قانونى مجلس الشورى ومباشرة الحقوق السياسية أن تلك العملية الانتخابية عملية قانونية مركبة تبدأ بتحديد مواعيد التقدم للترشيح وتقدم المرشحين بطلبات للترشيح ثم الاعتراض خلال المواعيد ووفقا للإجراء على من تقدمت أوراق ترشيحهم ثم تفصل لجنة الاعتراضات فى هذه الطعون وبعد ذلك يعلن قائمة المرشحين وتطرح على الناخبين للتصويت عليها فى يوم الانتخاب حيث يتبع ذلك فرز هذه المشرع لكى يتم مباشرة المرشحين والناخبين لإرادتهم وممارستهم لحقهم الدستورى والسياسى فى الترشيح والانتخاب لعضوية مجلس الشورى وإعلان نتيجة مباشرتهم لهذه الحقوق فى نتيجة الانتخاب وكل من هذه الإجراءات يتم بتعبير عن إرادة المرشح ثم عن إرادة السلطة الإدارية المختصة ويكون التعبير عن الإرادة فى كل مرحلة مسببا قانونيا للمرحلة التى تتلوها بحيث إذا فصلت إحدى المراحل لمخالفتها للدستور والقانون يبطل كل ما انتهى عليها قانونا وكل ما ينبنى على الباطل فهو باطل ومن ثم فإنه تبطل عضوية من أعلن فوزه بعضوية مجلس الشورى إذا تقرر أو قضى ببطلان أية مرحلة سابقة على إعلان نتيجة الانتخاب لبطلان هذا الإعلان بسبب بطلان ما سبقه من إجراءات والطعن فى هذه الإجراءات ينطوى على الطعن حتما فى إعلان نتيجة الانتخاب ولا يمكن قانونا ولا عقلا ولا واقعا فصل إحداهما عن الآخر إلا لو لم يكن موجودا أصلا.
ومن حيث إنه يبدو ظاهرا وقاطعا من أحكام الدستور والقانون ومن النصوص سالفة الذكر انه ليس لازما لاختصاص مجلس الشورى وحده بالفصل فى صحة العضوية لكافة أعضائه سواء المنتخبين أو المعينين- أن يكون ثمة طعن مقدم فى صحة عضو معين أو يشمل بحسب المال الطعن فى صحة هذه العضوية لعضو بذاته من أعضاء المجلس لان التحقيق من صحة هذه العضوية لكل عضو من أعضاء مجلس الشورى سواء أكان منتخبا أو معينا بالمجلس- ولو لم يقدم بشأنه أى طعن مباشر أو غير مباشر- هو أحد الواجبات الدستورية الأساسية التى يباشرها مجلس الشورى إعمالا لحكم الدستور وقانون مجلس الشورى واللائحة الداخلية للمجلس من تلقاء ذاته بالنسبة لكل عضو من أعضائه. ودون أن يطعن ودون أى طلب من أى عضو أو من أية جهة، ذلك تأسيسا على أن التحقيق من صحة سلامة الإرادة الشعبية التى أسبغت على كل عضو من أعضاء مجلس الشورى صفة العضوية يعتبر من النظام العام الدستورى والبرلمانى الواجب حتما الالتزام به وإعمال حكمه وترتيب أثره وهو المبدأ الدستورى العام الذى نظمت بناء عليه أحكام وقواعد أمر الفصل فى صحة العضوية لجميع أعضاء مجلس الشورى سواء كانوا منتخبين أو معينين مطعون فى صحة عضويتهم أم غير مطعون فيها من أحد على النحو السالف البيان. وبالتالى فإن مبدأ إعلان الإرادة الشعبية للناخبين لا تملك أية جهة سوى مجلس الشورى الفصل فى أى مطعن وعلى صحة عضوية أى من أعضاء مجلس الشورى سواء أكان الطعن منصبا على العملية الانتخابية من تصويت وفرز الأصوات وإعلان النتيجة مباشرة ودون غيرها أو كانت المطاعن تنصب على المراحل السابقة للعملية الانتخابية من حيث التقدم بطلبات الترشيح والفصل فى الاعتراضات ثم كشف المرشحين لما فى ذلك بحسب حقيقة الحال والضرورة من ارتباط حتمى بسلامته- وصحة ما يتلوها من مراحل فى إجراءات العملية الانتخابية وإعلان نتيجتها يرتب حتما وبالضرورة بطلان الانتخاب وإعلان نتيجته تأسيسا على بطلان أية مرحلة سابقة عليه يتم على أساسها الطعن فى قرار لجنة الفصل فى الاعتراضات على المرشحين وهو طعن حتما فى سلامة التصويت والفرز وإعلان النتيجة بشأن من طعن على قبول أوراق ترشيحه لبطلان كل ذلك حتما النتيجة فإن تحقيق أى مطعن على عملية الترشيح والانتخاب تختص به وحدها محكمة النقض ثم يفصل بناء على ما ينتهى إليه مجلس الشورى فى صحة العضوية.
ومن حيث إنه لا يسوغ فى هذا المجال الزعم بأن ما قضى به الدستور صراحة فى المادة (93) منه يتضمن حرمان المرشحين المتنافسين على عضوية مجلس الشورى أو غيرهم ممن له صفة ومصلحة فى حقهم الدستورى فى الطعن قضائيا على صحة هذه العضوية وذلك لأن حق الطعن قضائيا على ما يعد قرار إدارى فى العملية الانتخابية قائم لحين إعلان نتيجة الانتخاب ولأن الدستور قد أناط الاختصاص بالفصل فى صحة العضوية بمجلس الشورى وبناء على التحقيق الذى تجريه محكمة النقض وحدها على النحو سالف البيان.
فحق الطعن نظمه الدستور ذاته اختصاصا وتحقيقا ونظمته النصوص السالفة بناء على صريح نص الدستور من حيث الإجراءات كما سلف بيان ذلك.
ومن حيث إنه لا يسوغ على أى وجه أن يوجه لأحكام الدستور الصريحة القاطعة النقد أمام القضاء وفيما قضت به مواد الدستور فى موضوعها من اختيار دستورى لأسلوب الرقابة على صحة العضوية على النحو المشترك بين السلطتين التشريعية والقضائية ممثلة فى محكمة النقض على النحو السالف ذكره.
لأن الدستور هو الأساس لكل قاعدة قانونية تشريعية فى الدولة ويتعين أن ترد كل قاعدة منها إليه لتحديد ما إذا كانت قد صدرت على نحو سليم دستوريا وتضمنت أحكاما متوافقة دستوريا مع أحكامه من عدمه، ولا يحاك الدستور على الإطلاق بأية قاعدة قانونية وضعية أخرى وتسود الحكام الدستورية كل مراتب البناء التشريعى القانونى فى الدولة، كما أنه ترتفع سيادة وإرادة الشعب الصادرة عنها القواعد الدستورية التى يحتويها الدستور بين دفتيه- كل إرادة أخرى، وقد سبق بيان أن للسلطة المؤسسة واضعة أحكام الدستور أن تختار ما تشاء من نظم للتحقق من صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب ومجلس الشورى سواء أكان نظاما سياسيا بحتا أو نظاما قضائيا بحتا أو نظاما مشتركا مثل النظام الذى أخذ به دستور سنة 1971 وقد سلف بيان ما أخذت به دساتير مصر المتعاقبة فى عهديها الملكى والجمهورى فى هذا الخصوص.
وفضلا عما سبق فإنه لا يتصور تفسير كل من نصوص الدستور أو بعضها منفصلة عن باقى نصوصه وأحكامه، فالنصوص التى يتضمنها الدستور وما تنطوى عليه من أحكام- كل متكامل يتعين تفسيره وفهمه بعضه من البعض دون معزل لجانب منه عن الجانب الآخر وغلا كان فى ذلك النهج السقيم تغافل عن بعض أحكام الدستور بقصد إهدارها للانحراف فى تفسير بعض أحكامه الأخرى عن حقيقة مراد المشرع الدستورى وقصده منها.
ومن حيث إنه بناء على كل ما سبق بيانه فى صحيح حكم الدستور والقانون يكون الاختصاص لاشك ما يقتضيه حسن سير العدالة وسلامة أداء رسالتها من عدم تقطيع أوصال المنازعة الواحدة بصحة العضوية حالا أو مالا إلى المنازعة عموما فى مدى صحة العملية الانتخابية من (تصويت) أو (فرز) و(إعلان النتيجة) على الوجه سالف البيان وفى ذلك أن يقتصر الطعن ابتداء على إجراءات التقدم بطلبات الترشيح أو أن تشمل مطاعن أخرى على عملية الانتخاب وإعلان نتيجة ذلك ما دام أنه قد تم قانونا إعلان نتيجة الانتخاب ويستوى فى ذلك أن تكون عملية الانتخاب قد أسفرت عن فوز مرشح بعينه، أم لم تكن قد أسفرت عن فوز مرشح بعينه، أم لم تكن قد أسفرت عن فوز مرشح وإنما كشفت عن وجوب الإعادة بين المرشحين، فمناط تحديد الاختصاص المحجوز دستوريا لمجلس الشورى وحده أن يكون مرد الطعن ما شاب العملية الانتخابية من بطلان بالمعنى الفنى الدقيق من تصويت وفرز وما شابها فى أية مرحلة من البطلان متى أسفرت هذه العملية حالا أو مالا من اكتساب العضوية بمجلس الشورى إذ يصبح الطعن موجها بالحتم والضرورة إلى صحة العضوية وغن بدا موجها إلى مجرد قرار قبول أوراق الترشيح ولا يمكن عزل المطاعن الموجهة إلى أية مرحلة سابقة إلى إعلان نتيجة الانتخاب عن اعتبارها طعنا فى هذه النتيجة لأن هذه المطاعن غايتها الحتمية هى بطلان قرار قبول أوراق الترشيح لعضوية مجلس الشورى وبطلان الإدراج فى كشف المرشحين المقدم إلى هيئة الناخبين لاكتساب العضوية بإرادتهم وهى بالحتم والضرورة إبطال لإعلان نتيجة الانتخاب بسبب بطلان الترشيح إذا ما تمت بالفعل عملية الانتخاب وأعلنت النتيجة بعد فرز أصوات الناخبين فلا يتصور أن يكون قصد ثمة مطعن فى كشف المرشحين بعد إعلان نتيجة الانتخاب أن يعطل الكشف وحده دون إبطال صحة عضوية من فاز بناء على الكشف الباطل من جهة، ولا تكون حتما العضوية صحيحة لمن كان ترشيحه باطلا قانونيا من جهة أخرى فلا تصبح إعلان نتيجة الانتخاب أى بطلان وقع فى أى إجراء سابق على إعلان هذه النتيجة وصحة عضوية أعضاء مجلس الشورى ركن أساسى يتعلق بسلامة النظام العام الدستورى فى البلاد.
ومن حيث إنه بالترتيب على ما سبق يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى باختصاص المحكمة بنظر الدعوى وهى حسبما سلف البيان لا تعدو فى حقيقة تكييفها بعد إعلان نتيجة الانتخاب فى الدائرة أن تكون منازعة فى صحة العضوية لمجلس الشورى قد خالف صحيح حكم الدستور والقانون مما يتعين معه القضاء بإلغائه.
ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بمصروفاته إعمالا لحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبعدم ولاية محاكم مجلس الدولة بنظر الدعوى وألزمت المطعون ضدهما المصروفات.