طعن رقم 416 لسنة 36 بتاريخ 30/10/1993 الدائرة الرابعة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ فاروق عبد السلام شعث. نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / رأفت محمد يوسف و د. أحمد مدحت حسن ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وغبريال جاد عبد الملاك. نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 3/1/1990 أودع الأستاذ / حمدى إبراهيم البدرشينى المحامى عن الأستاذ / إبراهيم أحمد عبد الرحمن المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن، تقرير الطعن الماثل سكرتارية المحكمة، طعنا فى حكم المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان الصادر فى الدعوى التأديبية رقم 194 لسنة 30 ق بجلسة 26/11/1989، والقاضى بما يلى :
أولا – بانقضاء الدعوى التأديبية قبل.
……………… لوفاته.
ثانيا – بمجازاة.
…………………. (الطاعن ) عما هو ثابت فى حقه بالإنذار.
ثالثا : ببراءة.
………….. و.
…………..،. مما هو منسوب إليهما.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن وللأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء حكم المحكمة التأديبية المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان للفصل فيها مجددا من هيئة أ خرى،
وبتاريخ 10/1/1990 تم إعلان الطعن إلى النيابة الإدارية المطعون ضدها.
وقد أعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى ش الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
وتحدد لنظر الطعن أمام المحكمة (دائرة فحص الطعون ) جلسة 26/5/1993 وفيها حضر طرفا الطعن وقدمت النيابة الإدارية المطعون ضدها مذكرة طلب فيها الحكم برفض الطعن.
وبجلسة 23/6/1993 قررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره جلسة 24/7/1993 وفيها تأجل الطعن إداريا لجلسة 2/10/1993، وبالجلسة الأخيرة تقرر حجز الطعن لإصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسما ع الإيضاحات، وبعد المداولة قانونا.
من حيث أن الطعن أقيم خلال المواعيد القانونية واستوفى سائر أوضاعه الشكلية الأخرى، فمن ثم يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل فى أنه بتاريخ 6/7/1988 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 194 لسنة 30 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان بإيداع أوراقها قلم كتاب تلك المحكمة مشتملة على ملف القضية رقم 240 لسنة 1988 والمذكرة الخاصة بها وتقرير اتهام ضد/ (1).
………………….. طبيب أول وحدة كفر طهرمس الصحية بالوحدة الثالثة (2).
……………… طبيب بوحدة كفر طهرمس الصحية التابعة لمديرية الصحة بالجيزة بالدرجة الثالثة. (3).
……………… العاملة بوحدة كفر طهرمس الصحية بالدرجة الرابعة. (4).
………………….. الكاتب بوحدة كفر طهرمس بالدرجة الرابعة : لأنهم فى 27/7/1987 بوحدة كفر طهرمس الصحية بوصفهم السابق قد خرجوا على الواجب ولم يؤدوا عملهم بدقة ولم يحافظوا على ممتلكات الجهة التى يعملون بها وأتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن :
الأول (الطاعن) :
(1) تقاعس عن تنفيذ أمر النقل الصادر بشأنه إلى الوحدة الصحية بكفر غطاطى بدون مبرر.
(2) سمح للثانى بالانصراف من النوبتجية بالمخالفة للتعليمات وما ترتب على ذلك من تمكين مجهول من الاستيلاء على الجهاز المشار إليه بدون وجه حق.
الثانى والثالث : أهملا فى اتخاذ الإجراءات اللازمة للتحفظ على الجهاز المشار إليه قبل مغادرة النوبتجية مما مكن مجهولا من الاستيلاء على الجهاز.
الرابع : أهمل التحفظ على الجهاز المشار إليه عهدته مما مكن مجهولا من الاستيلاء عليه بدون وجه حق.
وانتهت النيابة الإدارية بتقرير الاتهام سالف الذكر إلى طلب مجازاة المذكورين عما نسب إليهم.
وبجلسة 26/11/1989 أصدرت المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان الحكم المطعون فيه بمنطوقه سالف الذكر.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه انتهى فى أسبابه إلى براءة الطاعن مما نسب إليه بالواقعة الأولى الواردة بتقرير الاتهام المتعلقة بتقاعسه عن تنفيذ قرار النقل، بينما انتهى إلى مجازاة الطاعن عما نسب إليه بالواقعة الثانية الواردة بتقرير الاتهام مقيما قضاءه على القول بأن القدر المتيقن منه أنه سمح للمتهم الثانى بمغادرة الوحدة الصحية لعذر أبدا، المتهم الثانى دون أن يعمل على توفير من يحل محله أو يقوم بمهامه حتى ولو تطلب الأمر بقاءه بدلا عنه ذلك أن نظام النوبتجية يلزم بوجود طبيب بالوحدة لمواجهة الظروف الطارئة وعليه فإن هذا الاتهام ثابت فى حقه بما تطمئن إليه المحكمة التأديبية حسب قولها) من صدق أقوال المتهم الثانى فى هذا الخصوص، خاصة وأن المتهم الأول (الطاعن). لم ينف نفيا قاطعا أنه سمح للمتهم الثانى بالانصراف إنما دافع عن ذلك بقوله أنه غير مسئول عن الوحدة بعد انصرافه منها وهو قول غير صحيح فهو مسئول عن انتظام العمل بصفته الطبيب الأول كما دفع بعدم ارتباط هذا الاتهام بسرقة الجهاز محل الدعوى وهو مالا يبرر وجود خطأ إدارى من قبله يتعين مجازاته عنه.
ومن حيث إن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون والخطأ فى تأويله والقصور فى التسبيب والتناقض مع نفسه ذلك أن الحكم المطعون فيه أثبت تسلم المتهم الثانى المنقول إلى الوحدة العمل فى 18/7/1987 وأن قرار النقل لم يلغ إلا فى 30/7/1987 بما يجعل المتهم الثانى هو المسئول عن العمل خلال تلك الفترة، بينما أورد الحكم أن الطاعن مسئول عن العمل وقت وقوع السرقة التى حدثت فى 27/7/1987 بما يتضمن وجود تناقض بين أسباب الحكم ويتعارض مع الثابت من الأوراق التى تكشف عن عدم مسئوليته عن العمل وقت وقوع السرقة كما أن أسباب تبرئة باقى المتهمين وهى خطأ الجهة الإدارية فى عدم اتخاذها الإجراءات اللازمة للسيطرة على الجهاز تحمل فى ذاتها أسباب تبرئة الطاعن، فضلا عن أن الأوراق تؤكد النفى القاطع للطاعن بالسماح للمتهم الثانى بالانصراف وبالرغم من ذلك فقد أورد الحكم خلاف ذلك مما يؤكد فساد الاستدلال إذ أن القول بسماح الطاعن للمحال الثانى بالانصراف هو قول لا دليل عليه ولم يؤيده أحد بل إنه ليس من سلطة الطاعن السماح للمتهم الثانى بالانصراف أو عدم السماح بذلك بعد أن تسلم الأخير العمل بدلا عن الطاعن ولم يعد مرؤوسا له.
وأخيرا فإن الحكم المطعون فيه ذكر دفاع الطاعن بعدم ارتباط الاتهام بسرقة الجهاز ولم يبين الحكم ما إذا كان قد أخذ بهذا الدفاع من عدمه وانتهى الطعن إلى طلب الحكم بالطلبات السابق إيرادها.
ومن حيث إنه وإن كان للمحكمة التأديبية أن تستخلص الدليل الذى تقيم عليه قضاءها من الوقائع التى تطمئن إليها دون معقب عليها فى هدا الشأن إلا أن مناط ذلك أن يكون ذلك الاقتناع قائما على أصول موجودة وغير منتزعة من أصول لا تنتجها، كما أنه وإن كان من سلطة المحكمة التأديبية أن تقيم قضاءها بإدانة العامل على الأخذ بأقوال بعض الشهود وأن تطرح أقوال البعض الآخر، إلا أن مناط ذلك أن تتوافر فى أقوال الشهود الذين تأخذ بأقوالهم الشرائط القانونية اللازمة لصحة تلك الشهادة، فإذا فقدت الشهادة أحد شرائطها القانونية فإن الحكم الذى يقوم عليها يكون بدوره مخالفا للقانون ويستوجب الإلغاء.
ومن حيث إن الثابت أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بإدانة الطاعن على أمرين أولهما أقوال المتهم الثانى/.
……………………… بوحدة كفر طهرمس الواردة بتحقيقات النيابة الإدارية بالقول بأن الطاعن صرح له بالانصراف من النوبتجية، وثانيهما : أن الطاعن لم ينف نفيا قاطعا سماحه للمتهم الثانى المذكور بالانصراف من النوبتجية بل تمسك بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها وبعدم وجود علاقة بين الاتهام وبين السرقة، وذلك على النحو السالف الذكر.
ومن حيث إنه عن الأمر الأول فإنه بالرجوع إلى قانون النيابة الإدارية رقم 117 لسنة 1958 يبين أنه ينص فى المادة (11) منه على أنه :
لعضو النيابة الإدارية عند إجراء التحقيق الاطلاع على ما يراه لازما من الأوراق بالوزارات والمصالح وله أن يستدعى الشهود ويسمع أقوالهم بعد حلف اليمين.
وتسرى.على الشهود الأحكام المقررة فى قانون الإجراءات الجنائية للتحقيق بمعرفة النيابة العامة.
ومن حيث إن المستفاد من النص المتقدم أنه للاعتداد بشهادة الشاهد يجب أن تكون مسبوقة بحلف اليمين وإلا فقدت الشهادة قيمتها القانونية بما لا يجوز أن تقيم المحكمة قضاءها عليه.
ومن حيث إن الثابت من الاطلاع على تحقيقات النيابة الإدارية أنه سمعت أقوال /………. كمتهم وليس كشاهد وبالتالى لم يقم بحلف اليمين قبل سماع أقواله، وإذا كان المقرر أنه لا يجوز أن تقبل شهادة متهم ضد متهم آخر فى ذات القضية، فضلا عن عدم حلفه اليمين، فإنه يترتب على ذلك أن تهدر معه كل قيمة قانونية لأقواله خاصة أن له مصلحة من ورائها، بدرء مسئوليته عن الانصراف من النوبتجية بدون إذن، فمن ثم فإنه ما كان يجوز للحكم المطعون فيه التعديل فى أقوال المتهم المذكور (…………) كأساس ليقيم عليه قضاءه بإدانة الطاعن.
ومن حيث إنه بالنسبة للأمر الثانى المتعلق بالقول بأن الطاعن لم ينف نفيا قاطعا سماحه للمتهم الثانى (……………….) بالانصراف من النوبتجية بل تمسك بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها وبعدم وجود ارتباط بين الاتهام وسرقة الجهاز، فإنه بالرجوع إلى التحقيقات -التى أجريت فى هذا الشأن بمعرفة الجهة الإدارية وبمعرفة النيابة الإدارية (المودعة) يبين أن الطاعن لم تسمع أقواله إطلاقا أمام النيابة الإدارية وبالتالى لا يمكن أن ينسب إليه القول بأنه لم ينف نفيا قاطعا سماحه للطبيب /.
………………. بالانصراف من النوبتجية، أما التحقيق الذى أجرته الجهة الإدارية فلم يتضمن أى قول من جانب الطاعن يفيد سماحه للطبيب المذكور بالانصراف من النوبتجية بل إن الثابت من مذكرة دفاع الطاعن المقدمة أمام المحكمة التأديبية إنكاره صراحة سماحه للطبيب المذكور بالانصراف من النوبتجية أما تمسكه بعدم مسئوليته عن الوحدة بعد انصرافه منها، فلا يعنى سماحه للطبيب المذكور بالانصراف، وإن كان تمسك بعدم وجود ارتباط بين الاتهام وبين السرقة فإن ذلك جاء على سبيل الافتراض الجدلى للتصريح ذلك أن مناط الاتهام كان يقوم على الربط بينهما، وبالتالى فإنه لا يجوز أن يؤخذ من دفاعه هذا دليلا على سماحه بانصراف الطبيب المذكور من النوبتجية.
ومن حيث إنه فى ضوء ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى بمجازاة الطاعن عن سماحه للطبيب المذكور بمغادرة النوبتجية، يكون قد أقام قضاءه على غير دليل صحيح بما يجعله صادرا بالمخالفة للقانون – ويكون لذلك مستوجبا للإلغاء فى هذا الشأن.
ومن حيث إن الأوراق خلت من دليل آخر يفيد سماح الطاعن للطبيب المذكور بمغادرة النوبتجية فمن ثم يتعين لذلك الحكم ببراءة.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من إدانة الطاعن، والقضاء ببراءته