طعن رقم 4198 لسنة 35 بتاريخ 23/06/1992 الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية الساد الاساتذة/ عويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال وأحمد أمين حسان محمد و د. محمد عبد البديع عسران نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 2/8/1989 أودع الأستاذ/ محمود الطوخى بصفته وكيلا عن الطاعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير الطعن الماثل ضد الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا فى الدعوى رقم 43 لسنة 31ق والذى يقضى بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه. ويطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن إلغاء الحكم المطعون فيه فيما تضمنه من ادانته فى التهمتين الثانية والثالثة وبراءته مما نسب إليه فيهما( وقد اعلنت صحيفة الطعن للهيئة المطعون ضدها بتاريخ 10/8/1989(
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا ثم نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى قررت بجلسة 4/12/1991 إحالة الطعن إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره أمامها جلسة 21/1/1992ثم تدوول نظر الطعن بعد ذلك أمام المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات وبجلسة 18/2/1992قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 21/4/1992 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته على أسبابه عند النطق به(
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا(
ومن حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية، فانه يكون مقبولا شكلا.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الأوراق فى أن النيابة الإدارية أودعت قلم كتاب المحكمة التأديبية بمستوى الإدارة العليا تقرير اتهام ضد الطاعن وذلك بتاريخ 6/2/1989 لأنه خلال المدة من 7/8/1988 حتى 31/10/1988 بشركة مصر للاستديوهات والانتاج السينمائى خالف الأحكام المنظمة للأجازات ولم يحافظ على كرامة الوظيفة وسلك مسلكا غير لائق ولم ينفذ الأوامر الصادرة إليه فى حدود القوانين واللوائح والنظم المعمول بها بأن:
1- انقطع عن العمل فى الفترة من 20/8/1988 حتى 13/9/1988 دون مسوغ قانونى وفى غير الأحوال المصرح بها قانونا(
2- ضمن المذكرة المقدمة منه بتاريخ 3/8/1988 عبارات غير لائقة تمس رئيس مجلس الإدارة وكرامة الوظيفة.
3- امتنع عن تنفيذ القرار رقم 98/59/88 بندبه رئيسا لقطاع الاستديوهات بالشركة مما عطل سير العمل فيها.
ويكون بذلك قد ارتكب المخالفات الإدارية المنصوص عليها بالمواد 6، 78/5، 8، 80/1 من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1978 وقد طلبت النيابة الإدارية محاكمته طبقا لأحكام القانون رقم 19 لسنة 56 فى شأن سريان أحكام القانون رقم 117 لسنة 1958 المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 على العاملين بالهيئات والمؤسسات العامة وبالمادة (14) من القانون رقم 117 لسنة 1958 وتعديلاته وبالمادتين 15 أولا و 19 من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته.
وبجلسة 14/6/1989 قضت المحكمة بمجازاة الطاعن بعقوبة التنبيه وشيدت قضاءها على أساس ما ثبت فى حقه من تهم بعد أن برأته من التهمة الأولى وهى الانقطاع عن العمل فى الفترة الواردة بتقرير الاتهام أما بالنسبة للتهمتين الثانية والثالثة فقد استعرضت المحكمة العبارات الواردة فى مذكرة العامل المحال المقدمة لرئيس مجلس إدارة الشركة بتاريخ 3/8/1988 والتى تضمنتها عند اعتراضه على تعليمات رئيس الشركة فقد تعدى الحدود القانونية التى يقتضيها هذا الاعتراض وشملت عبارات التحدى والتطاول والتمرد على رئيس الشركة أوردتها المحكمة تفصيلا فى أسباب حكمها مما يشكل فى حقه جريمة تأديبية( كما تناولت المخالفة الثالثة المنسوبة ت للمحال وهى امتناعه عن تنفيذ قرار ندبه رقم 98/59/88 لوظيفة رئيس قطاع الاستديوهات بالشركة وأبانت المحكمة أن هذه المخالفة ثابتة من اعتراضه فى محاضر التحقيق وأن المبررات التى ساقها لا تنهض سبيلا لتبرئته أو درء المسئولية عنه إذ أن الندب من اطلاقات الشركة لصالح العمل وكان يتعين عليه تنفيذه ثم الطعن عليه بالطريق الذى رسمه القانون(
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ فى تطبيق القانون اذ تجاوز دفاع الطاعن المقدم للمحكمة والمتضمن دفعه ببطلان إجراءات التحقيق التى أجرتها معه النيابة الإدارية لعدم مواجهته بالالفاظ التى تناولها تقرير الاتهام وهى الفاظ فى جملتها تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة وتوجيه نظر رئيسه إلى الأخطاء التى ارتكبها فى حق رؤساء القطاعات وهم من ذات مستواه الوظيفى والتحرش بهم عن طريق سلب اختصاصهم الإدارى مما يعود بالشركة إلى النظام المركزى وقد أحال رئيس الشركة جميع اتصالاته بهم إلى رئيس الشئون الإدارية مما يقلل من شأنهم ويحط من قدرهم وهى مسائل تؤثر على سير العمل وحسن الاداء.
وأنه أصيب فى يوم 20/8/1988 بنوبة قلبية حادة نتيجة القرارات التى أصدرها رئيس الشركة استتبعت انقطاعه عن العمل بسبب المرض وظل فى اجازة مرضية ويعامل على أساس أنه مريض بمرض مزمن حتى تاريخ احالته إلى المعاش ومن ثم يكون المرض بمثابة عذر قهرى حال دون تنفيذ قرار الندب وهذا لا دخل له فيه. واذا كانت أفصح عنها فى تحقيقات النيابة هى عدم تنفيذ القرار لعدم مناسبة الوظيفة لخبرته، فإن المسئولية التأديبية لا تقوم على أساس النية أو الأعمال التحضيرية وإنما يجب أن يتوافر لدى العامل الركن المادى شأنها شأن الجريمة الجنائية. واذ رتب الحكم المطعون فيه مسئوليته على هذه النية فإن يكون قد خالف القانون وخرج على المبادئ الأصولية فى التأثيم( وحيث إنه عن السبب الأول من أسباب الطعن وهو الدفع ببطلان التحقيق لعدم مواجهة الطاعن بالألفاظ التى شملتها المخالفة الثانية واستهدافه صالح العمل فانه لما كان العيب الذى يلحق بإجراءات التحقيق يمكن تداركه بابداء الدفاع أمام المحكمة التأديبية إذ هى مرحلة تستكمل فيها مراحل التحقيق السابقة ويواجه فيها المتهم بما نسب إليه.
ومن حيث أن الثابت من المذكرة المقدمة من الطاعن فى شهر يونيو 1989 أثناء تداول الدعوى أمام المحكمة التأديبية أنها تضمنت ذات الدفع والدفاع الوارد بتقرير الطعن وقد ردت المحكمة على هذا الدفاع بايراد ذات الألفاظ التى وجهها لرئيس الشركة فى المذكرة المقدمة منه بتاريخ 3/8/1988 على النحو الوارد تفصيلا بأسباب الحكم المطعون فيه واستخلصت المحكمة التأديبية منها أن المحال تجاوز حدود الاعتراض على التعليمات المشار إليها بتطاوله على رئيسه مما يشكل فى حقه جريمة تأديبية تستوجب مساءلته عنها ومن ثم فإن الدفع ببطلان التحقيق استنادا إلى الاخلال بحقه فى الدفاع لا يستقيم.
ومن حيث أن الثابت فى أسباب الحكم المطعون فيه أنه عنى بتحديد الألفاظ المنسوبة للمحال واستخلص منها الذنب الإدارى بما تضمنته من معان تستهدف التطاول على رئيس الشركة والتمرد عليه كالعبارات التى تصمه بالدكتاتورية وأنه يحمل معول الهدم والقمع واثارة النفوس وهذه الألفاظ كافية فى حمل الاتهام وثبوته فى حق الطاعن الذى تجاوز حقه فى التظلم من التصرف الإدارى إلى توجيهه الفاظ تتضمن اعتداء على رئيسه ومساسا به، مما يعد خروجا من الطاعن على الحدود التى تنظم علاقة الرئيس المرؤس والتى أساسها احترام المرؤس للرئيس والا يتخذ من الشكوى ذريعة للتعدى أو التطاول على رؤسائه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد استخلص الذئب المنسوب للطاعن من أصول ثابتة بالأوراق فانه يكون بمنأى عن التعقيب من المحكمة الإدارية العليا ويكون الطعن عليه فى غير محلة فى هذا الشق(
وحيث أنه عن السبب الثانى للطعن وهو عدم توافر الركن المادى فى جريمة الامتناع عن تنفيذ الأمر الصادر من رئيس الشركة بندب المحال على أساس أنه أصيب بمرض مفاجئ يوم 20/8/1988 توجه على أثره للعلاج وظل فى أجازة مرضية حتى أحيل إلى المعاش. فإن الثابت من اسباب الحكم المطعون فيه أنه اعتد بالاجراءات التى سلكها المحال فى شأن إثبات المرض ونفى عنه التهمة الأولى وهى الانقطاع عن العمل اعتبارا من 20/8/1988 لإنه كان مريضا اعتبارا من هذا التاريخ، ومن ثم لا يسوغ الاتهام الثالث فى شأنه بعد أن تبينت المحكمة أنه ممنوع من مزاولة اعمال الوظيفة لعذر قهرى وغذا كان سند الحكم ما أورده المحال فى التحقيق الإدارى أن امتناعه عن تنفيذ قرار ندبه له ما يبرره من شروط شغل الوظيفة وتجاوز الرئيس لاختصاصاته وانحرافه بالقرار إلى غير صالح العمل إذ أن هذه المبررات هى مجرد نوايا لم تصادف الواقع المادى إلى يرتب القانون عليه ثبوت الجريمة التأديبية ومجازاة العامل عنها، وهو ذات النهج الذى تسير عليه المحكمة الإدارية العليا فى تعريف الركن المادى للجريمة التأديبية وهو إخلال العامل بواجباته الوظيفية أو خروجه على مقتضياتها ولأن من حسن سياسة العقاب أن لا يقطع على المحال سبيل مراجعة نفسه وإصلاح ذاته إذا تبين له الهدى والصواب وفى عدم العقاب على النوايا التزاما باركان الجريمة على وجهها الصحيح.
واذا انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير هذه النتيجة بالنسبة لهذه المخالفة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون.
وحيث أن التهمة الثانية المسندة إلى الطاعن وعلى ما سلف بيانه، قد ثبتت فى شأن الطاعن وقد نال عنها بالحكم المطعون فيه أدنى الجزاءات الواردة فى قانون العاملين بالقطاع العام لشاغلى الوظائف العليا وهى عقوبة التنبيه التى لا عقوبة قبلها فان الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما انتهى إليه من قضاء بالعقوبة المناسبة للذنب الثابت فى حق الطاعن(
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا(
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ