طعن رقم 4276 لسنة 35 بتاريخ 17/11/1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/عبد المنعم فتح الله نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/محمد مجدى محمد خليل ومحمد عبد الغنى حسن وعطيه الله رسلان والدكتور فاروق عبد البر السيد.
المستشارين
* إجراءات الطعن
فى يوم الأربعاء الموافق 9 من أغسطس 1989 أودع الأستاذ / فتحى رجب المحامى بصفته وكيلا عن/……… قلم كتاب هذه المحكمة تقرير الطعن الماثل الذى قيد بجدولها تحت رقم 4276 لسنة 35 ق ، وذلك طعنا فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان بجلسة 25/6/1989 فى الدعوى رقم 71 لسنة 28ق المقامة من النيابة الإدارية ضد كل من:1- ………2- ……… 3- ………4-………… ، والقاضى بمجازاة …………( الطاعن ) بخصم شهرين من راتبه .
وقد طلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بالغائه والحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار والزام المطعون ضدها المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقد تم اعلان الطعن للمطعون ضدها على النحو الثابت بالأوراق .
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً برأيها القانونى ارتأت فيه – للأسباب المبينة به – الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بخصم شهرين من أجرة وتوقيع الجزاء المناسب عليه .
وقد حدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 8/11/1989 حيث تدوول أمامها بالجلسات على النحو الثابت بالمحاضر ، وبجلسة 9/5/1990 قررت تلك الدائرة احالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 16/6/1990 فنظر بتلك الجلسة وما تلاها من الجلسات على النحو الثابت بالمحاضر حتى قررت المحكمة بجلسة 20/10/1990 حجز الطعن بجلسة اليوم حيث صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث أن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 71/28 ق أمام المحكمة التأديبية لوزارتى الصحة والإسكان بتقرير اتهام ضد كل من :
1)………..أمين خزينة مستشفى الجمعية الخيرية الإسلامية بالعجوزة من الدرجة الثالثة .
2)……… مراجع حسابات المستشفى المذكور من الدرجة الثالثة .
3)……….مراجع حسابات بذات المستشفى من الدرجة الثالثة .
4)…..…(الطاعن) مدير الحسابات السابق بالمستشف المذكور.لأنهم خلال الفترة من عام 1979 حتى 1981 بالمستشفى سالف الذكر خرجوا على مقتضى الواجب الوظيفى ولم يؤدوا العمل المنوط بهم واتوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة بأن :
الأول : قام بتحصيل قيمة الفواتير وأذون الصرف الخاصة بالمرضى الخصوصيين رغم علمه بتزويرها واشترك مع الثانى والثالث فى الاستيلاء بغير حق على مبلغ (4502.230) تم تحصيله بالزيادة عن مستحقات العلاج الفعلية على النحو الموضح بالأوراق .
الثانى والثالث: قاما بمراجعة الفواتير وأذون الصرف المزورة ، ووقعا بما يفيد ذلك واشتركا مع الأول فى الاستيلاء على المبلغ المشار إليه على النحو الموضح بالأوراق .
الرابع:1) أهمل فى الإشراف على مرؤوسيه الأول والثانى والثالث مما أدى إلى ارتكابهم المخالفات المسندة إليهم .
2) كلف العامل/ ………… بتحرير فواتير المرضى الخصوصيين دون اختصاصه بذلك رغم كونه عاملا باليومية ، ولم يقم بالإشراف على أعماله مما سهل له تزوير هذه الفواتير والاستيلاء على المبلغ آنف الذكر بالاشتراك مع الأول والثانى والثالث على النحو الموضح بالأوراق .
وارتأت النيابة الإدارية محاكمتهم تأديبيا طبقا لنصوص الاتهام المشار إليها بالتقرير الذى ارفقت به مذكرة بموضوعه.
وتدولت الدعوى أمام المحكمة التأديبية على النحو الثابت بالأوراق حتى أصدرت بجلسة 25/6/1989 حكمها المطعون فيه ، والذى قضت فيه مجازاة الطاعن بخصم شهرين من راتبه .
وأقامت المحكمة ذلك القضاء على سند من أن الثابت بالأوراق والتحقيقات وحسبما انتهى قضاؤها من مسئولية المتهمين من الأول إلى الثالث ، بأن ذلك ينبئ عن خروج المتهم الرابع (الطاعن) على مقتضى الواجب الوظيفى بوصفه مديرا لحسابات المستشفى المذكور بأن أهمل فى الإشراف على مرؤوسيه المتهمين ، الأمر الذى أدى إلى اطلاق أيديهم فى التزوير والسلب والاستيلاء على مال الغير دون محاسب أو مراجع لاعمالهم ووصل الحال إلى ما تردى إليه من إهمال لا حدود له فى محاسبة المرضى الخصوصيين وما أقر به المتهم من أن ايصالات الخزينة كانت متداولة بينه وبين مساعدة والمتهمين الثانى والثالث ليحرر كل منهم ما يشاء دون رقيب.كما إنه عن المخالفة الثانية المنسوبة إليه فإنها ثابتة فى حقه باقراره بتكليف …………بتحرير الفواتير ، وهو أمر ينم عن منتهى الاهمال والاستهتار بأن يكلف المذكور عامل يوميه بالوفيه بتحرير الفواتير ، ثم يقرر أنه عمل سهل فإذا ما كان ذلك فكيف يتأتى له تكليف المذكور به دون أحد العاملين بالحسابات ، الأمر الذى يمثل اهمالا وإخلالا بواجبات وظيفته.
ومن حيث إن الطاعن أقام طعنه الماثل على الحكم المطعون فيه على أسباب مجملها:
أولاً : مخالفة الحكم للقانون ، وذلك لانعدام المأخذ على سلوك الطاعن وعدم وقوع أى إخلال بواجبات الوظيفة ، بحسبان اشرافه على مرؤوسية يكون من خلال مراجعة الدفاتر والسجلات والمستندات المرفقة بها ، وفى التفتيش الذى أجرى على حسابات المستشفى والخزينة فى الفترة من 15/9/1980 حتى 6/11/1980 تقرر أن الحسابات سليمة من واقع الدفاتر ، ومن ثم فإنه وبمعيار الرجل الحريص ما كان فى استطاعة الطاعن اكتشاف تزوير مستندات لا ترفق بالأوراق كما أن السلطة المختصة بالتعيين هى التى قامت بتعين ……… بالحسابات لكونه حاصلا على بكالوريوس التجارة ، وقيام الطاعن باسناد عمل معين إليه لاعقاب عليه طالما أنه لم يثبت أنه استهدف غير الصالح العام ، ولم ينسب الحكم المطعون فيه للطاعن وقائع محددة ارتكبها وتعتبر إخلالا بواجبات وظيفته ولكنه فقط وصفه بوصف عام مرسل (أهمل فى الاشراف على مرؤوسيه) وحاكمه عن وقائع ارتكبها آخرون ولا دخل له فيها وما كان فى استطاعته دفعها أو العلم بها ، والثابت بالأوراق أن المتهمين المرؤوسين للطاعن كانوا يزورون ايصالات لا تعرض على المسئولين ، كما أن المحكمة أخلت بحق الطاعن فى الدفاع عندما ضربت عرض الحائط بطلبه ضم ملف خدمة ………… لبيان ظروف تعيينه وموقف الطاعن من هذا التعيين وهو دفاع يجوز أن يتغير به وجه الرأى فى الدعوى كما أخطأ الحكم عند وصفه ………… بأنه عامل باليومية وهو أمر لا يستند إلى أى دليل من ملف الخدمة بل كان تعيينه من قبل سلطة التعيين بالحسابات .
ثانياً : إنه بإفتراض صدور فعل خاطئ من الطاعن ، فإن هذا الفعل لم يكن عن إرادة آثمة أو سوء قصد ، فيكون الحكم قد جاء مخالفا للقانون .
ثالثاً : عدم مشروعية العقوبة لمخالفتها لأحكام القانون على الوجه المتقدم ، ولعدم ملاءمتها وتناسبها مع الذنب الإدارى المنسوب للطاعن على فرض ثبوته .
ومن حيث إن المحكمة تشير بادئ ذى بدء إلى التهمتين اللتين اسندتا للمتهم الطاعن واللتين تمت مجازاته عنهما بالحكم المطعون فيه هما أنه:1) أهمل فى الأشراف على مرؤوسيه المتهمين الأول والثانى والثالث مما أدى إلى ارتكابهم المخالفات المسندة إليهم على الوجه السابق بيانه .
2) كلف العامل ………… بتحرير فواتير المرضى الخصوصيين دون اختصاصه بذلك رغم كونه عاملا باليومية ، ولم يقم بالأشراف على أعماله مما سهل له تزوير هذه الفواتير والاستيلاء على المبلغ آنف الذكر بالاشتراك مع الأول والثانى والثالث .
ومن حيث إنه عن التهمة الأولى فإنه من الواضح أن مجازاة الطاعن كانت على الإهمال فى الأشراف الرقابى على مرؤوسيه ، ولم يكن عن الأفعال التى نسبت لهؤلاء المرؤوسين على ما ذهب إليه الطاعن فى طعنه.
ومن حيث إن هذه المحكمة انتهت فى قضائها بحكمها الصادر بجلسة اليوم فى الطعن رقم 4529 لسنة 35ق عليا المقام من المتهمين الثانى والثالث ……… و ………… إلى صحة ثبوت الاتهام المسند لهذين المتهمين وصحة الحكم الصادر بمجازاتهما عنه .
ومن حيث إن موجب ما انتهت إليه هذه المحكمة من مسئولية المتهمين الثانى والثالث عن الاتهام المسند إليهما لكونهما قاما بمراجعة الفواتير وأذون الصرف المزورة ووقعا بما يفيد ذلك برغم علمهما بالتزوير ، واشتركا مع المتهم الأول فى الاستيلاء على المبلغ المحدد بالأوراق ، أن الطاعن وهو رئيس المتهمين المذكورين والمكلف قانونا بمتابعة اعمالهما والرقابة على تصرفاتهما وسلوكهما الوظيفى – قد أهمل فى الإشراف والرقابة على هذين الموظفين الأمر الذى أدى إلى إطلاق أيديهما فى اعتماد تلك الأوراق رغم علمهما بتزويرها وفى السلب والاستيلاء على المبلغ السالف الذكر دون مشرف أو رقيب واع على تصرفاتهما حتى وصل الأمر إلى حال سيئ من الأهمال فى محاسبة المرضى الخصوصيين حتى أن المتهم الأول أقر بأن ايصالات الخزينة كانت متداولة بينه وبين مساعده والمتهمين الثانى والثالث ليحرر كل منهم ما يشاء دون رقيب .
ومن حيث إنه لا تصح المحاجة – نفيا للمسئولية عن الطاعن – بالقول بأنه لم يكن سيئ القصد وأن ما نسب اليه لم يصدر عن إرادة آثمة ، ذلك أنه لا يشترط لتحقق المسئولية عن المخالفات التأديبية أن يكون الفعل غير المشروع الذى ارتكبه العامل – ايجابا أو سلبا – قد تم بسوء أو صدر عن إرادة آثمة ، وانما يكفى لتحقق هذه المسئولية أن يكون العامل – فيما آتاه أو امتنع عنه – قد خرج على مقتضى الواجب فى أعمال وظيفته ، أو أتى عملا من الأعمال المحظورة عليه قانونا دون الحاجة إلى ثبوت سوء القصد أو الإرادة الآثمة لديه .
ومن حيث إنه عن التهمة الثانية ، فإنه أيا كان الرأى حول موقع العمل العمل الذى حدد للمدعو ……… فإن إهمال المتهم الطاعن فى الإشراف على العمل الذى اسنده إليه وهو تحرير فواتير المرضى الخصوصيين – وهو الأمر الثابت من واقع الأوراق والتحقيقات – يكون بذاته المخالفة الثانية المسندة إليه ، إذ الثابت فى حق الطاعن أنه اهمل فى الرقابة والاشراف على اعمال ذلك العامل مما سهل له تزوير الفواتير والاستيلاء على المبلغ آنف البيان بالاشتراك مع المتهمين الأول والثانى والثالث .
ومن حيث إنه تلقاء ما تقدم يكون الحكم المطعون فيه قد أصاب صحيح حكم القانون فيما انتهى إليه من مسئولية الطاعن عن التهمتين سالفتى الذكر ، وإذ لا ترى المحكمة فى الجزاء المحكوم به أى غلو أو اختلال فى التناسب فإن الطعن الماثل يكون قد جاء على غير سند متعين الرفض
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ، ورفضه موضوعا