طعن رقم 4607 لسنة 35 بتاريخ 20/06/1992 الدائرة الثانية
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / محمد المهدى عبد الله مليحى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ محمد معروف محمد وعبد اللطيف محمد الخطيب وعلى شحاته محمد وحسنى سيد محمد نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 28/8/1989 أودع الأستاذ عبد المولى مصطفى عمر الشريف المحامى بصفته وكيلا عن السيد/( قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد برقم 4607 لسنة 35 ق.ع الحكم المشار إليه بصدر هذا الحكم طلب فيه للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلغاء القرار الصادر فى 18/12/1984 بترقية (إلى وظيفة نائب مدير عام الإدارة العامة للشئون الفنية بدار طباعة النقد وذلك فيما تضمنه من تخطى المدعى الطاعن فى الترقية لهذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه بصفته المصروفات والاتعاب(
وقد أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده بصفته فى 5/9/1989 (
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات(
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 285/10/1991وبجلسة 13/12/1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانية لنظره بجلسة 25/1/1992 وفعلا تم نظر الطعن أمام هذه الدائرة بالجلسة المذكور وبجلسة 29/2/1992 قررت المحكمة النطق بالحكم بجلسة 28/4/1992 وفيها تم مد أجل الحكم بجلسة 24/5/1992 التى تقرر فيها مد أجل النطق بالحكم بجلسة اليوم لاتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودة الحكم التى تشتمل على أسبابه ومنطوقه عند النطق به(
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة قانونا.
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 29/6/1989 وان الطعن أقيم بتاريخ 28/8/1989 أى خلال الميعاد المقرر قانونا واذ كان الثابت ان الطعن قد استوفى باقى أوضاعه الشكلية ومن ثم فان الطعن يكون مقبولا شكلا(
ومن حيث ان عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق انه بتاريخ 16/5/1985 أقام الطاعن دعواه المطعون فى الحكم الصادر فيها أمام محكمة القضاء الإدارى طالبا الحكم بقبولها شكلا وفى الموضوع بإلغاء القرار الصادر فى 18/12/1984 بترقية ( إلى وظيفة نائب مدير عام الإدارة العامة للشئون الفنية بدار طباعة النقد فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لهذه الوظيفة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام المدعى عليه المصروفات(
وذكر المدعى (الطاعن) شرحا لدعواه ان القرار المطعون فيه صدر باطلا ومخالفا للقانون لان المدعى أقدم من المرقى ( بالاضافة إلى أن المدعى من الموظفين الأكفاء الممتازين الذين يقومون بعملهم على الوجه الأكمل كما أن تقارير كفايته بدرجة ممتازة والمسلم به أنه لا يجوز تخطى الأقدم عند التساوى فى مرتبة الكفاية وقد تظلم المدعى الطاعن من القرار المطعون فيه بتاريخ 24/1/1985 ولم ترد عليه الجهة الإدارية حتى 25/3/1985 مما اعتبر رفضا لتظلمه فبادر إلى اقامة دعواه للحكم له بطلباته سالفة البيان(
ورد البنك على الدعوى فطلب الحكم برفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات تأسيساً على ان المدعى كان محالا للتحقيق رقم 12 لسنة 1984 فى 30/1/1984 وجوزى فيه بالانذار لارساله شكاوى كيدية كم أحيل للتحقيق رقم 68 لسنة 1984 فى 5/8/1984 وجوزى فيه بلغت النظر لارتكابه المخالفات الخاصة بإخفاء أو محاولة إخفاء مخالفات وعدم اخطار الرئيس المباشر عن العجز الأمر الذى يجعل عدم ترقيته متفقا مع نص المادة 104 من لائحة العامل بالبنك والتى حظرت النظر فى ترقية العامل اذا كان محالا إلى االتحقيق أو المحاكمة التأديبية أو المحاكمة الجنائية(
وبجلسة 29/6/1989 حكمت محكمة القضاء الإدارى بقبول الدعوى شكلا ورفضها موضوعا وألزمت المدعى المصروفات وقد شيدت المحكمة قضاءها على أن نص المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه منع الجهة الإدارية من النظر فى ترقية العامل المحال للتحقيق ومن ثم يكون القرارات الصادرة بالترقية خلال فترة التحقيق مع العامل دون ان تشمله بالترقية متفقة ونص اللائحة ولما كان الثابت أن المدعى كان محالا للتحقيق بتاريخ 30/1/1984 كما احيل أيضا للتحقيق بتاريخ 5/8/1984 حيث انتهى التحقيق الأول بالانذار فى 15/1/1985 وانتهى الثانى بلفت نظر المدعى فى 9/3/1985 ومن ثم يكون المدعى محالا للتحقيق وقت صدور القرار المطعون فيه الأمر الذى لا يجوز النظر فى ترقيته فى ذلك الوقت ويكون القرار المطعون فيه مطابقا لنصوص لائحة العاملين بالبنك المدعى عليه ولا ينال مما تقدم ان يلغى جزاء الانذار بموجب الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3012 لسنة 33 ق.ع بجلسة 21/6/1988 أو التمسك بان لفت النظر لا يعتبر جزاء تأديبيا اذ لا أثر لما تقدم على صحة القرار المطعون فيه باعتبار أنه قد صدر وقت إحالة المدعى للتحقيق الذى يكفى بمفرده لمنع النظر فى ترقيته وان كان ذلك لا يحول دون النظر فى ارجاع أقدمية المدعى عند ترقيته إلى تاريخ الترقية بالقرار المطعون فيه (
ومن حيث ان مبنى الطعن ان الحكم المطعون فيه قد جاء مجحفا بحقوق الطاعن مخالفا للقانون للأسباب الاتية:
أولا : أن القرار المطعون فيه مشوب بالتعسف والكيد ذلك أن الإحالة للتحقيق تؤجل النظر فى الترقية اذا كانت هذه الإحالة مبنية على وقائع تبين للرئيس ان المرؤوس ارتكبها وتمثل مخالفة فى النظام الإدارى أما اذا كانت الإحالة بسبب ان الطاعن كرئيس طلب التحقيق مع مرؤوسيه أى من أجل تصرف لا يعتبر فى ذاته مخالفة أو داعيا للجزاء فان هذا القرار معدوم وغير مشروع ولا يترتب عليه أى أثر قانونى وليست مجرد الإحالة للتحقيق مانعا من الترقية والذى يراقب هذه المشروعية هو القضاء ليوازن بين حسن سير العمل وعدم انحراف الإدارة إلى حد يهدر حرمات العاملين وأرزاقهم(
ثانيا: التفت الحكم المطعون فيه عن دفاع الطاعن واخطأ فى تطبيق القانون إذ كرر الطاعن فى دفاعه ان احالته للتحقيق قصد بها حرمانه من الترشيح للترقية فقيام رئيس الطاعن باحالته للتحقيق لانه أحال مرؤسية للتحقيق يمثل من الرئيس الأول قرارا قصد به تخطى الطاعن فى حركة الترقيات فموظفو البنك يجب أن يتمتعوا بالكفاءة والنزاهة التى تجعلهم يقولون الرأى حالا وفورا وصريحا بعيدا عن الاضطهاد وقسوة القرارات التى تعتبر ردود أفعال وعقبات مادية لا تمثل قرارات إدارية فمثلا قرار بإحالة الموظف إلى التحقيق لانه طلب من مرؤوسيه التوقيع على دفتر الحضور والانصراف لا يمثل قرارا إداريا لانه يفقد السبب فأى سبب كان لإحالة الطاعن للتحقيق لا سبب ولا قرار(
ثالثا : القضاء الإدارى ليس قضاء تطبيقيا بل هو قضاء انشائى ومن ثم فلا يجوز ان يتقيد القضاء الإدارى بالمادة 14 من لائحة البنك المركزى التى تمنع النظر فى ترقية الموظف المحال للتحقيق بل عليه ان يتصدى للظروف والملابسات التى صدر فيها قرار الإحالة للتحقيق وعلى هذا جرت أحكام المحكمة الإدارية العليا حيث أودرت فى حيثيات حكمها فى الطعن رقم 157 لسنة 2 ق.ع ان القضاء الإدارى ليس مجرد قضاء تطبيقى مهمته تطبيق نصوص مقننة مقدماً بل هو فى الأغلب قضاء انشائى لا مندحة له من خلق الحل المناسب وبهذا أرسى القواعد لنظام قانونى قائم بذاته ينبثق عن طبيعة روابط القانون العام واحتياجات المرافق العامة ومقتضيات حسن سيرها ولهذا غلب القضاء الإدارى القواعد العامة على النصوص التشريعية لأن القواعد العامة هى فى الحقيقة تتمتع بقوة دستورية(
ولهذا فإن إحالة الطاعن للتحقيق مرتين احداهما يكتفى فيه بلفت نظره وكان يكفى لفت نظره بدون تحقيق كما فعل وكيل محافظ البنك مع مديرى العموم وفى التحقيق الثانى يحال الطاعن لانه شكى مرؤسه الذى عصى تعليماته فقرار الإحالة للتحقيق لا يعتبر قرارا إداريا مشروعا بالطبع ولانه لا يتضمن سببا فهو اذن ليس قرارا إداريا وانما هو عقبة مادية وانحراف بالسلطة قصد به تخطى الطاعن فى الترقية رغم توافر كافة شروطها فى حقه(
ومن حيث انه بالرجوع إلى القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى والجهاز المركزى والجهاز المصرفى يبين منه ان البنك المذكور شخصية اعتبارية عامة مستقلة يقوم بتنظيم السياسة التقدمية والائتمانية والمصرفية والاشراف على تنفيذها وان مجلس الإدارة هو السلطة المختصة بالبنك وتصريف شئونه وللمجلس فى سبيل ذلك اتخاذ الوسائل الاتية ((((((((((((( ى- اعتماد الهيكل التنظيمى للبنك بناء على اقتراح المحافظ -ك- إصدار اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباتهم وأجورهم – ولا يتقيد مجلس الإدارة فيما يصدره من قرارات طبقا للبندين ى ، ك بالنظم والقواعد المنصوص عليها فى القرار بقانون رقم 58 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين المدنيين بالدولة والقرار رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام(
ومن حيث ان المادة14 من لائحة العاملين بالبنك المركزى المصرى والتى يخضع لاحكامها الطاعن تنص على أنه لا يجوز النظر فى ترقية العامل اذا كان محالا إلى التحقيق أو المحاكمة التأديبية أو الجنائية فاذا ثبت عدم ادانة العامل يجوز عند ترقيته ارجاع أقدميته فى الوظيفة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذى كانت تتم فيه لو لم يحل إلى التحقيق أو المحاكمة(
ومن حيث انه واضح من النص المتقدم ان المشرع حظر على جهة الإدارة النظر فى ترقية العامل المحال إلى التحقيق وان كان ذلك لا يمنع ارجاع اقدميته عند ترقيته ومنحه مرتبها من تاريخ قرار الترقية الذى لم يشمله فى حالة ما اذا ثبتت عدم ادانته(
ومن حيث ان الثابت ان المدعى كان محالا للتحقيق بتاريخ 30/1/1984وقيد هذا التحقيق برقم 12 لسنة 1984 وانتهى بمجازاة المدعى بالانذار فى 15/1/1985كما أحيل المدعى أيضا للتحقيق بتاريخ 5/8/1984 وقيد برقم 68 لسنة 1984 وانتهى بلفت نظر الطاعن بتاريخ 9/3/1985 ومن ثم فإن وقت صدور القرار المطعون فيه كان الطاعن محالا للتحقيق الأمر الذى يتحقق معه الحظر الذى أورده المشرع فى المادة 14 من لائحة العاملين بالبنك سالفة البيان ولا يجوز معه النظر فى ترقيته فى ذلك الوقت ويكون القرار المطعون فيه فيما تضمنه من عدم ترقية الطاعن قد صدر مطابقا لنصوص لائحة العاملين المعمول بها البنك الذى يعمل به الطاعن ولا ينال من صحة القرار المطعون فيه أو يمس من سلامته ان يلغى جزاء الانذار بعد ذلك بحكم المحكمة الإدارية العليا فى الطعن رقم 3012لسنة 32ق.ع بجلسة 21/6/1985 والتمسك بان لفت النظر لا يعتبر جزاءً تأديبيا ذلك انه لا أثر لكل ما تقدم على صحة القرار المطعون فيه باعتبار انه قد صدر وقت إحالة الطاعن للتحقيق وهو ما يكفى بمفرده لمنع النظر فى ترقيته بصريح حكم اللائحة سالفة الذكر وقد استقرت أحكام هذه المحكمة على أن مشروعية القرار الإدارى انما تبحث على أساس الأحكام والقواعد القانونية التى لازمت صدوره على ضوء الظروف والملابسات التى كانت قائمة آنذاك دون ان يدخل فى الاعتبار ما جد منها بعد ذلك كما ان صحة القرار الإدارى انما تتحدد بالأسباب التى قام عليها ومدى سلامتها على أساس الأصول الثابتة فى الأوراق وقت صدور القرار ومدى مطابقتها للنتيجة التى انتهت إليها وبحث ذلك يدخل فى صحيح اختصاص المحكمة للتحقيق فى مطابقة القرار للقانون والتأكيد من مشروعيته.
ومن حيث انه وان كان ما تقدم فان المشرع حرصا على النص على ان تخطى العامل فى الترقية لكونه محالا للتحقيق لا يمثل مانعا عند ترقيته بجواز ارجاع أقدميته فى الوظيفة المرقى إليها ومنحه مرتبها من التاريخ الذى كانت تتم فيه لو لم يحل إلى التحقيق متى ثبت عدم ادانة العامل(
ومن حيث انه فى ضوء ما سلف واذ ذهب الحكم المطعون فيه المذهب المتقدم فانه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن غير قائم على سند من القانون خليقا بالرفض ومن حيث ان من خسر الطعن يلزم بمصروفاته(
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات(
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ