طعن رقم 498 لسنة 20 بتاريخ 24/03/1991
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الاساتذة / حسن حسنين على حسنين ومحمد يسرى زين العابدين عبد الله والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو. المستشارين
* إجراءات الطعن
بتاريخ 8/4/1974 أودع الأستاذ / ……………………..بالنيابة عن الأستاذ / …………… الوكيل عن الأستاذ / …………………..قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا صحيفة طعن قيدت تحت رقم 498 لسنة 20 القضائية طلب فيها قبول الطعن شكلا وبصفة مستعجلة الأمر بصرف مرتب الطاعن كاملا منذ 4/9/1966 ، وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر فى 9/6/1973 فى الدعوى رقم 43 لسنة 19 القضائية – فيما طلبه من تسليمه عمله بمجلس الدولة وتدرج ترقيته إلى مستشار مساعد أ بالأقدمية التى نص عليها قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية فى 5/11/1973 ، وصرف مرتبه كاملا مع بدلاته من التاريخ الذى أوقفه عنده مجلس الدولة (تاريخ صدور الحكم الجنائى فى 4/9/1966) واستمرار صرفه بعد ذلك ، مع احتفاظه بحقه فى التعويض وفى كافة الآثار الأخرى.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة ثلاثة تقارير انتهت جميعها إلى قبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا.
ونظر الطعن أمام هذه الدائرة ، حيث استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات ذوى الشأن ، وبجلسة 9/12/1990 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم ،وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص فى أن الأستاذ / ………………….أقام طعنه الماثل طالبا قبوله شكلا وبصفة مستعجلة الأمر بصرف راتبه كاملا منذ 4/9/1966 وفى الموضوع بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 9/6/1973 فى الدعوى رقم 43 لسنة 19 ق فيما طلبه الطاعن عن تسليمه عمله بمجلس الدولة ،وتدرج ترقيته إلى مستشار أ بالأقدمية التى نص عليها قرار المجلس الأعلى للهيئات القضائية فى 5/11/1973 وصرف مرتبه كاملا مع بدلات من التاريخ الذى أوقفه عنده مجلس الدولة (تاريخ صدور الحكم الجنائى فى 4/9/1966) واستمرار صرفه بعد ذلك ، مع ألاحتفاظ بحقه فى التعويض وفى كافة الآثار الأخرى.
وقال الطاعن شارحا لدعواه أنه بتاريخ 9/6/1973 أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمها فى القضية رقم 43 لسنة 19 القضائية بقبول الطعن شكلا ، وفى موضوعه بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر فى 13 من فبراير سنة 1966 بقبول استقالته وإلزام الحكومة المصروفات ،وأعلن هذا الحكم إلى مجلس الدولة بتاريخ 4/7/1973 ،وتقدم الطاعن بطلب تسليمه العمل فى 17/7/1973 ، وأكد طلبه هذا فى مذكرة قدمها إلى كل من السيدين / وزير العدل ورئيس مجلس الدولة بتاريخ 22/8/1973 ، وأسس طلبه على أن منطوق الحكم تضمن بطلان الاستقالة التى انتهت بموجبها الخدمة ،وأضاف أن الحكم الجنائى الصادر بعد تقديم الاستقالة فى القضية رقم 12 لسنة 1965 أمن دولة عليا ، لا قيمة له ، ولا أثر له فى إنهاء خدمته ، إذ أن خدمة رجل القضاء لا تنتهى إلا بأحد طريقين ، بقرار من رئيس الجمهورية بالضمانات المنصوص عليها ، أو عن طريق لجنة التأديب والتظلمات بالضمانات المنصوص عليها ، أما الحبس تنفيذا للحكم الجنائى ، فقد شكل قوة قاهرة وعقبة مادية حالت دون مباشرة اختصاصه كعضو مجلس الدولة ، وزالت هذه العقبة بصدور قرار العفو عن نصف العقوبة فى 23 يوليو سنة 1973 وحق له تسلم عمله ، إلا أن مجلس الدولة اتخذت إجراءات تعيين له من جديد وتنفيذا لحكم المحكمة الإدارية العليا صرف له مرتبه اثناء فترة حبسه احتياطيا وحتى صدور الحكم الجنائى وبالتالى يحق له الاستمرار فى صرف راتبه دون التقيد بقاعدة الأجر مقابل العمل ، طالما أن امتناعه لم يكن وليد إرادته ، بل كان وليد عمل من أعمال الغصب.
وردا على الطعن أفاد مجلس الدولة بأن الطاعن اعتقل بتاريخ 24/8/1965 ضمن المتحفظ عليهم من جماعة الإخوان المسلمين ، وبتاريخ 1/10/1965 أوقف صرف راتبه بناء على كتاب وزارة العدل ، وبتاريخ 7/2/1966 قدم استقالته ،ووافق رئيس مجلس الوزراء على قبولها فى 14/2/1966 وصدر قرار رئيس مجلس الدولة فى 21/3/1966 برفع اسمه اعتبارا من 13/2/1966 وفى 8/8/1966 قضت محكمة أمن الدولة فى الجناية رقم 12 لسنة 1965 بمعاقبة المدعى بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 12 سنة وصدق رئيس الجمهورية على هذا الحكم فى 4/9/1966 وتقدم بطلب لصرف نصف مرتبه الذى أوقف صرفه من تاريخ اعتقاله حتى تاريخ قبول استقالته وتم صرف راتبه حتى تاريخ الحكم فى الجناية المشار إليها ، وبناء على طلب منه بإعادة تعيينه ، صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 998 لسنة 1974 بتاريخ 20/6/1974 بتعيين الطاعن مستشارا مساعد أ بمجلس الدولة على أن يكون تاليا فى الأقدمية للأستاذ / ………….
ومن حيث إنه عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية الصادر فى الطعن رقم 43 لسنة 19 القضائية بتاريخ 9/6/1973 ، فقد قضى الحكم المشار إليه بقبول الطعن شكلا ، وفى موضوعه بإلغاء قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر فى 13 من فبراير سنة 1966 بقبول استقالة الطاعن وإلزام الحكومة المصروفات.
ومن حيث إن الثابت أن مجلس الدولة قام بتنفيذ الحكم المشار إليه ، واعتبر استقالة الطاعن كأن لم تكن ، وقام بصرف ما لم يصرف من مرتبه فى الفترة من أول أكتوبر سنة 1965 تاريخ اعتقاله حتى 8 أغسطس سنة 1966 تاريخ الحكم عليه فى الجناية رقم 12 لسنة 1965 تأسيسا على أن خدمته لا تعتبر منتهية من 13 فبراير سنة 1966 تاريخ قبول استقالته ، ثم أوقف مجلس الدولة صرف راتبه من تاريخ الحكم عليه فى الجناية تأسيسا على أن الحكم عليه فى هذه الجناية لخدمته بقوة القانون.
ومن حيث إنه متى كان ذلك فإن الفيصل فى النزاع الماثل هو ما إذا كان صدور حكم على الطاعن من محكمة أمن الدول العليا فى الجناية رقم 12 لسنة 1966 ، ومعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة اثنتى عشر سنة ينهى خدمته اعتبارا من تاريخ الحكم ، باعتبار أنه قام بحقه سبب من أسباب إنهاء الخدمة أم أنه كان يلزم اتخاذ إجراء آخر لإنهائها.
ومن حيث إنه من المقرر فقها وقضاء أنه لا عقوبة إلا بنص ، ولا مجال فى شأن العقاب للقياس أو الاجتهاد ، سواء فى ذلك العقوبات الأصلية أو العقوبات التبعية ، ومتى خلصت النصوص من العقاب على الوجه المتقدم أغلق بالضرورة باب الاجتهاد والقياس والتفسير.
ومن حيث إنه باستقراء أحكام قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 الذى صدر فى ظله الحكم الجنائى المشار إليه يتضح أنه لم ينص على أثر صدور حكم على عضو من أعضاء مجلس الدولة بعقوبة جناية ، وأمام ذلك فلا مجال للجوء إلى القياس واستعارة أحكام قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رغم ما استقر عليه القضاء من اعتباره القانون العام فى تنظيم ما لم تنظمه القوانين الخاصة بطوائف خاصة من العاملين ، إذ إنه لو صح ذلك ، فيكون ذلك فى غير الجانب العقابى والتأديبى ، خاصة وأنه بالضرورة وفى كل نظام سواء النظام العام للعاملين المدنيين بالدولة ، أو الأنظمة الخاصة ، هناك سلطة تأديبية تختص بتقدير مدى إمكان مؤاخذة العامل عن أى مسلك تأديبى ويكون قرارها فى هذا الشأن صحيحا ومتفقا مع القانون طالما كانت الاجراءات قد اتفقت مع صحيح حكم القانون.
ومن حيث إن بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 55 لسنة 1959 فى شأن تنظيم مجلس الدولة المطبق عند صدور الحكم على الطاعن يبين أنه نظم فى المواد 64 وما بعدها تأديب وعزل أعضاء مجلس الدولة فتقضى المادة 64 منه بأن أعضاء مجلس الدولة من درجة مستشار مساعد فما فوقها غير قابلين للعزل.
ويكون النواب غير قابلين للعزل متى أمضوا ثلاث سنوات متصلة فى وظيفتهم أو فى وظيفة مماثلة لها يتمتع شاغلها بالضمانة عينها.
ويسرى بالنسبة إلى هؤلاء سائر الضمانات التى يتمتع بها القضاة وتكون لجنة التأديب والتظلمات هى الجهة المختصة فى كل ما يتصل بهذا الشأن.
ومع ذلك إذا اتضح أن أحدهم فقد الثقة والاعتبار اللذين تتطلبهما الوظيفة ، أحيل إلى المعاش بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة لجنة التأديب والتظلمات وبعد سماع أقوال العضو.
أما عدا هؤلاء من أعضاء المجلس فيكون فصلهم بقرار من رئيس الجمهورية وبعد موافقة اللجنة المشار إليها.
وتنص المادة 65 من القانون المشار إليه على أن : –
تنظم اللائحة الداخلية الأحكام الخاصة بتأديب أعضاء مجلس الدولة والعقوبات التأديبية التى يجوز توقيعها هى :
الانذار – اللوم – العزل.
وتنص المادة 66 على أن :
تشكل لجنة التأديب والتظلمات من أعضاء المجلس الخاص منضما إليهم ثمانية من وكلاء ومستشارى المجلس بحسب ترتيبهم فى الأقدمية.
وتختص هذه اللجنة بتأديب أعضاء المجلس وبالفصل فى طلبات إلغاء القرارات الإدارية…. وتفصل اللجنة فيما ذكر بعد سماع أقوال العضو والاطلاع على ما يبديه من ملاحظات وتصدر قراراتها بالأغلبية المطلقة إلى فى حالة التأديب فتصدر قراراتها بأغلبية ثلثى أعضائها.
ويكون قرار اللجنة فى جميع ما تقدم نهائيا ، ولا يقبل الطعن بأى وجه من الوجوه أمام أية جهة.
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن قانون مجلس الدولة أقام نظاما متكاملا لصلاحية وتأديب أعضائه محوره وأساسه هو لجنة التأديب والتظلمات ، وخلو القانون من تحديد أفعال أو جرائم من شأن إدانة عضو مجلس الدولة فيها مجازاته بجزاءات محددة أو فقده للثقة والاعتبار هو أمر منطقى يتسق مع هذا الاختصاص الشامل للجنة التأديب والتظلمات التى لا يحد اختصاصها حدود فيمكن أن يعرض عليها أى فعل أو سلوك يرتكبه عضو مجلس الدولة ووفقا للإجراءات المنصوص عليها فى القانون ، وترى اللجنة رأيها فيه ، سواء بتبرئته أو بفقده الثقة والاعتبار أو إدانته تأديبيا وتتخذ القرار المناسب فى إطار النصوص القانونية من إحالة للمعاش أو الإنذار أو اللوم أو العزل ومن حيث إنه تأسيسا على ما تقدم فإن القياس أو استعارة حكم قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة بشأن إنهاء الخدمة للحكم بعقوبة جناية ، وتطبيقه على الطاعن لا يجد سندا من القانون.
ومن حيث إن العرض على لجنة التأديب والتظلمات هو ضمانة جوهرية، بل هى الضمانة الهامة لتقرير صلاحية أو تأديب أعضاء مجلس الدولة فى حدود القانون ، ويترتب على اهدارها ، بطلان أي إجراء يتخذه مجلس الدولة بإنهاء خدمة العضو ايا كان ما نسب إليه من أفعال سواء جوزى عنها جنائيا أم لا .
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وإذ اعتبر مجلس الدولة أن خدمة الطاعن منتهية اعتبارا من 8/8/1966 بالحكم عليه فى الجناية رقم 12 لسنة 1965 بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة 12 سنة ، فإن هذا القرار سلبيا أو إيجابيا لا يكون قائما على سند من القانون ، ويتعين من ثم اعتبار خدمة الطاعن متصلة ، ويكون طلب الطاعن بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 9/6/1973 فى الدعوى رقم 43 لسنة 19 ق قائما على سنده ، خلال الفترة التالية للحكم عليه فى الجناية رقم 12 لسنة 1965 أخذا فى الاعتبار أن مجلس الدولة قد نفذ حكم المحكمة الإدارية العليا المشار إليه حتى تاريخ صدور الحكم الجنائى.
ومن حيث إنه عن استحقاق الطاعن لأجره عن الفترة التى نفذ فيها الحكم الصادر بمعاقبته بالأشغال الشاقة ، فإنه وفقا للقاعدة التى جرى عليها قضاء هذه المحكمة من أن الأجر مقابل العمل ، إلا إذا كان الإدارة بفعلها قد عاقت الطاعن عن مباشرة عمله وهو الأمر الذى لا يتوافر بشأن المدة التى سجن فيه الطاعن تنفيذا للحكم الجنائى ، ومن ثم لا يستحق أجرا إلا من التاريخ الذى أبدى فيه استعداده لتسلم العمل بعد الإفراج عنه وهو 17/7/1973 على النحو الثابت بما قدمهم مجلس الدولة من أوراق.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء قرار مجلس الدولة السلبى بالامتناع عن الاستمرار فى تنفيذ حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 9/6/1973 فى الدعوى رقم 43 لسنة 19 القضائية واعتبار خدمة الطاعن متصلة خلال الفترة التى حبس فيها تنفيذا للحكم الصادر بمعاقبته بالأشغال الشاقة المؤقتة وبعدم استحقاقه لأجره عن المدة التى حبس / فيها وحتى الإفراج عنه وإبداء استعداده لتسلم العمل بمجلس الدولة بتاريخ 17/7/1973 وما يترتب على اعتبار مدة خدمته متصلة من آثار
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ