طعن رقم 502 لسنة 35 بتاريخ 15/06/1991
_________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ عبد المنعم عبد الغفار فتح الله نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ يحيى السيد الغطريفي ، محمد مجدي محمد خليل ، عطية الله رسلان ود. فاروق عبد البر السيد.
المستشارين
إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 14/1/1989 أودع الأستاذ/ حسين يسري المحامي ، بصفته وكيلاً عن الطاعن ……… قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد بجدولها برقم 502 لسنة 35 ق في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بجلسة 26/11/1988 في الطعن رقم 32 لسنة 22 ق والقاضي بعدم اختصاص المحكمة بنظر الطعن في القرار الصادر من مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة بجلسة 12/2/1982 بعزل الطاعن من الخدمة.
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بصحيفة طعنه – الحكم بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع بإلغاء القرار التأديبي المطعون فيه ، مع ما يترتب على ذلك من آثار من أهمها العودة إلى العمل بهيئة الشرطة ، مع إلزام وزارة الداخلية المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة.
وبتاريخ 26/11/1989 أعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضده على النحو المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانون ، ارتأت فيه الحكم أصلياً بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد الميعاد واحتياطياً قبوله شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 26/12/1990 ، وتدوول بجلساتها على النحو المبين بمحاضرها ، حيث قررت بجلسة 10/4/1991 إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره بجلسة 11/5/1991 ، فنظرته المحكمة بهذه الجلسة حيث قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم 15/6/1991 ، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، وسماع الإيضاحات ، وبعد المداولة .
من حيث أن وقائع الموضوع ، تخلص حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن حصل من وزارة الداخلية على اجازته الدورية لمدة شهر اعتباراً من 8/4/1981 ، وسافر إلى دبي لقضائها خارج الجمهورية إلا أنه لم يعد إلى عمله عقب انتهائها في 8/5/1981 ، والتحق بالعمل بالقوات المسلحة لدولة أجنبية هي دولة الإمارات العربية المتحدة ، كضابط برتبة ملازم اعتباراً من 1/5/1981 دون تصريح له من الوزارة بذلك ، وبتاريخ 31/10/1981 ورد كتاب الإدارة العامة لشئون الضباط رقم 4460 مؤرخ 20/10/1981 متضمناً صورة من كتاب القنصلية العامة لجمهورية مصر العربية في دبي يفيد إعلان الضابط (الطاعن) بالعودة إلى عمله في 15/9/1981 وقد توقع من الضابط في 16/9/1981 بالعلم ، وطالب بإجازة خاصة ولم يعد إلى عمله.
وبتاريخ 16/8/1982 أصدر السيد وزير الداخلية القرار رقم 35 لسنة 1982 بإحالة الطاعن إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة لمحاكمته تأديبياً لأنه بوصفه ضابط شرطة ارتكب ما يلي:
أولاً: الخروج على مقتضى الواجب الوظيفي لانقطاعه عن العمل اعتباراً من 8/5/1981 عقب الإجازة المصرح بها ولم يعد إلى عمله حتى الآن رغم إنذاره باتخاذ الطريق التأديبي ضده ، والتحق بالقوات المسلحة لدولة أجنبية (دولة الإمارات العربية المتحدة) كضابط برتبة ملازم اعتباراً من 1/5/1981 دون تصريح له من الوزارة بذلك.
ثانياً: الإخلال بواجبات وظيفته بعدم التزامه بخدمة الشرطة مدة لا تقل عن عشر سنوات من تاريخ تخرجه وعدم وفائه برد ضعف نفقات الدراسة التي تكبدتها الكلية.
وقد توجه الرائد ……… ضابط الاتصال بمديرية أمن جنوب سيناء لإخطار الضابط المتهم بتاريخ الجلسة وتسليمه صورة من قرار الإحالة إلى المحاكمة فلم يجده بمحل إقامته ، ورفضت شقيقته استلام الإعلان أو صورة قرار الإحالة إلا أنه ورد رفق كتاب السيد رئيس قطاع شئون مكتب السيد نائب رئيس الوزراء رقم 169 المؤرخ 20/11/1982 طلب مقدم من الضابط المتهم يفيد علمه بتاريخ الجلسة المحددة لنظر الدعوى ، ويطلب فيه التأجيل لحين عودته من الخارج عقب انتهاء عقده مع إمارة دبي.
وبجلسة 12/12/1982 أصدر مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة قراره المطعون فيه بعزل الضابط المتهم من الخدمة ، وقد أسس المجلس قراره على أن الثابت من الأوراق انقطاع الضابط المتهم عن عمله اعتباراً من 8/5/1981 وعدم عودته إلى العمل عقب الإجازة التي كانت ممنوحة له ، مخالفاً بذلك أحكام قانون هيئة الشرطة التي توجب على كل ضابط عدم الانقطاع عن عمله إلا لإجازة مصرح بها ، فضلاً عن مخالفته أحكام القانون المشار إليه فيما يقضي به من عدم جواز التحاق الضابط بخدمة أية جهة أجنبية قبل الحصول على موافقة جهة عمله على ذلك ، وأنه عن الاتهام الثاني الخاص بالحقوق المالية للوزارة قبله، فإنها تخرج عن اختصاص المجلس التأديبي حيث يكون للوزارة الحق في اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لتحصيل حقها قبل الضابط المذكور.
وأقام الطاعن طعنه ابتداء بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بتاريخ 18/2/1988 حيث قيدتها برقم 32 لسنة 22 ق ، وبجلسة 26/11/1988 أصدرت المحكمة المذكورة حكمها بعدم اختصاصها بنظر الطعن ، فأقام طعنه الماثل أمام المحكمة الإدارية العليا بطلب إلغاء قرار مجلس التأديب الابتدائي المشار إليه مقيماً طعنه على الأسباب الآتية:
أولاً: بطلان التحقيق والإحالة إلى المحاكمة التأديبية ، والمحاكمة نفسها ، وصدور القرار التأديبي ، أما بطلان التحقيق فلأنه كان بمقدور وزارة الداخلية مخاطبة الضابط عن طريق القنصلية المصرية بدبي وتوجيه الاتهام إليه وتلقى رده بأوجه دفاعه وإفراغ ذلك في تحقيق إداري يمكن أن يكون سنداً للمحاكمة التأديبية ، وقد خلت الأوراق من أي تحقيق مما يستوجب البطلان ، أما بطلان الإحالة إلى المحاكمة فقد انتهت الإجازة المصرح له بها بتاريخ 7/5/1981 ثم صدر قرار وزير الداخلية بإحالته إلى المحاكمة التأديبية بتاريخ 16/8/1982 أي بعد مضي سنة من تاريخ علم رئيس المصلحة بالذنب الإداري أو المخالفة التأديبية الواقعة من المدعى ، ومن ثم تكون الدعوى التأديبية قد سقطت بمضى المدة ، وهذا من النظام العام الذي يجوز لكل ذي حق التمسك به ، وتقضي به المحكمة من تلقاء نفسها مما يجعل قرار الإحالة إلى المحكمة التأديبية معيباً بالانعدام وأما بطلان المحاكمة التأديبية فلأن الطاعن لم يعلن بقرار إحالته إلى المحاكمة التأديبية على الوجه والبيان الذي رسمه قانون هيئة الشرطة ، وكان يجب التأجيل إلى جلسة أخرى حتى يتسنى إعلانه قانوناً حتى ولو كان خارج البلاد ، مادام في الإمكان إعلانه لمعرفة محل وجوده الثابت لدى الوزارة ، ولدى قنصلية مصر بدبي، والثابت أن العدم لا ينتج سوى العدم.
ثانياً: القرار التأديبي المطعون فيه غير نهائي وطريق الطعن فيه بالاستئناف لم ينغلق، ذلك أن المدعى لم يبلغ بالقرار مسبباً خلال خمسة عشر يوم من تاريخ صدوره ، ومن ثم فلم يعد القرار الطعين نهائياً مما ينعقد الاختصاص به للمحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي لتخلف شرط نهائية القرار التأديبي المطعون فيه.
ثالثاً: لما كان الثابت أن المدعى لم يعلن بإجراءات محاكمته على النحو المحدد قانوناً في قانون هيئة الشرطة ، وبالتالي لم يعلم بصدور القرار التأديبي ضده على النحو الذي بينه القانون ، ومن ثم تكون الدعوى الأصلية قد رفعت في الميعاد ، ويكون الطعن الماثل مرفوعاً في الميعاد.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعن أحيل إلى مجلس التأديب الابتدائي لضباط الشرطة بقرار وزير الداخلية الصادر في 16/8/1982 ، فانعقد المجلس لمحاكمته في 28/11/1982.
ومن حيث أنه تم إعلان الطاعن بقرار الإحالة إلى مجلس التأديب وبميعاد جلسة المجلس في 28/11/1982 ، فأرسل التماساً إلى مدير عام التفتيش بوزارة الداخلية يقول فيه عطفاً على المذكرة التي قدمتها بدفاعي لمجلس التأديب المقرر انعقاده يوم 28 الجاري (28/11/1982) ، ونظراً لأنني سأعود بمجرد انتهاء عقدي مع إمارة دبي ومدته سنتان ……… لذلك التمس ……… تأجيل مجلس التأديب لحين عودتي تحقيقاً لدفاعي أمام المجلس ………. كما قام الرائد ……… في 17/10/1982 بالمرور على منزل الطاعن لتسليمه إعلاناً بانعقاد مجلس التأديب الابتدائي لمحاكمته يوم 28/11/1982 وتقابل مع شقيقته التي رفضت استلام الإعلان وصورة القرار رقم 35 لسنة 1982 الصادر من وزير الداخلية بإحالته إلى المحاكمة التأديبية ، لذا فإن محاكمته على الرغم من غيابه تعتبر حضورية.
ومن حيث أن مجلس التأديب أصدر قراره بعزل الطاعن من الخدمة في 12/12/1982 ، بعد أن ثبتت المخالفات المنسوبة إليه في حقه.
وحيث أن المادة 95/2 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 تنص على أن ويصدر قرار مجلس التأديب متضمناً الأسباب التي بني عليها ويبلغ إلى الضابط خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ صدوره بكتاب موصى عليه مصحوب بعلم الوصول أو عن طريق رئاسته بعد توقيعه بالاستلام وتنص المادة 60 على أن … ويرفع الاستئناف بتقرير يقدمه الضابط كتابة إلى مساعد الوزير المختص خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إبلاغه بالقرار مسبباً.
ومن حيث أن رئاسة الطاعن حاولت إبلاغه بقرار مجلس التأديب بعزله من الخدمة ، حيث قام الرائد ……… في 19/1/1983 بالمرور على منزل والده الكائن بشارع الجيش بالعباسية فوجد شقيقته ، وبالاستعلام منها عن شقيقها قررت بأنه غير مقيم معها ، ورفضت استلام صورة القرار الصادر بمجازاته بالعزل.
ومن حيث أن الضابط المذكور توجه لإبلاغ الطاعن بقرار مجلس التأديب الابتدائي على العنوان سالف الذكر ، وهذا العنوان هو عنوان الطاعن المثبت في عقد زواجه المودع صورة منه ملف الطعن ، فإن هذا يعتبر من قبيل الإبلاغ الذى عنته المادة 59 سالفة الذكر ، بغض النظر عن رفض شقيقته استلام صورة القرار وبغض النظر عن وجود أو عدم وجود الطاعن ، ذلك أن الطاعن موظف في هيئة الانضباط فيها مسألة هامة ، فإن هو انقطع عن عمله دون إذن ليسافر إلى الخارج للعمل في دولة أجنبية دون تصريح ، وصدر حكم تأديبي ضده ، وأبلغ إليه في موطنه فإن هذا الإبلاغ يرتب أثاره وإن لم يكن موجوداً به لسبب يرجع إليه ، فلا يلومن إلا نفسه ، فلقد سعت إليه الإدارة لإبلاغه أن من حقه الطعن في قرارها الصادر ضده ، على الرغم من أن محاكمته تعتبر حضورية ، وكان عليه لو أنه حريص على الوظيفة أن يتابع من الخارج هذه المحاكمة ، حتى إذا رأى الطعن في الحكم الصادر ضده قدم طعنه في الميعاد ، أما وأنه تصرف كأنه غير موظف ولم يكترث أو يبال بأمر محاكمته ، فإنه لا يجوز أن يأتي بعد ما يزيد على خمس سنوات ليطعن في القرار الصادر بعزله بدعوى عدم إبلاغه بالحكم التأديبى الصادر ضده.
ومن حيث أن الطاعن لم يطعن في قرار مجازاته بالعزل من الخدمة خلال المدة المقررة قانوناً أمام مجلس التأديب الاستئنافي ، فإن قرار مجلس التأديب الابتدائي يصير نهائياً.
ومن حيث إنه عن نهائية القرار الصادر في شأن الطاعن ، فإن المحكمة المختصة بنظر الطعن فيه تكون المحكمة الإدارية العليا وليست المحاكم التأديبية.
ومن حيث أن الطاعن أقام طعنه ابتداء بعريضة أودعها قلم كتاب المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي بتاريخ 18/2/1988 ، وهي محكمة غير مختصة بنظر الطعن ، فإنه وإن كانت إقامة الطعن إلى محكمة غير مختصة يقطع ميعاد رفع الطعن ، إلا أن ذلك منوط بأن يكون الطعن المرفوع أمام المحكمة غير المختصة بعد فوات الميعاد فإنه لا مجال للقول بانقطاع الميعاد ، ويعتبر الطعن المقام من الطاعن أمام المحكمة المختصة بعد ذلك مقاماً بعد فوات الميعاد ، وبالتالي يكون غير مقبول شكلاً.
ومن حيث أن قرار مجلس التأديب الابتدائي القاضي بعزل الطاعن من الخدمة صدر في 12/12/1982 ، وأقام الطاعن طعنه فيه ، ابتداء أمام المحكمة التأديبية للرئاسة والحكم المحلي في 18/2/1988 ، أي بعد أكثر من خمس سنوات من صدوره وعلمه به ، فإنه يكون مقاماً بعد فوات الميعاد ، وبالتالي لا يقطع الميعاد المقرر لرفع الطعن أمام هذه المحكمة ، وإذا أقيم الطعن بعد فوات الميعاد المقرر ، فإنه يكون غير مقبول شكلاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الطعن شكلاً لرفعه بعد الميعاد