طعن رقم 568 لسنة 39 بتاريخ 14/10/1995
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة وعضوية السادة الأساتذة المستشارين / محمد مجدي محمد خليل، عويس عبد الوهاب عويس، السيد محمد العوضي، محمد عبد الحميد مسعود (نواب رئيس مجلس الدولة).
* الإجراءات
في يوم الخميس الموافق 24/12/1992 أودع السيد الأستاذ / محمد عبد المجيد الشاذلي المحامي عن السيد الأستاذ / حسن مطاوع المحامي، بصفته وكيلا عن السيد ……………، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 568 لسنة 39 قضائية ضد السيد / وزير المالية، في حكم محكمة القضاء الإداري(دائرة الجزاءات) بجلسة 26/10/1994 في الدعوى رقم 923 لسنة 44 قضائية، والقاضي أولا: باعتبار الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء القرار رقم 67 لسنة 1989، وإلزام الجهة الإدارية مصروفات هذا الطلب. ثانيا : وبقبول الدعوى شكلا بالنسبة لطلب التعويض وبرفضه موضوعا، وإلزام المدعي مصروفات. وطلب الطاعن في ختام تقرير الطعن – ولما تضمنه من أسباب – الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الشق الثاني من الحكم الطعين، والحكم له بطلباته الواردة بخصوصه في صحيفة الدعوى الأصلية، وإلزام المطعون ضده المصروفات وأتعاب المحاماة عن الدرجتين.
وأعلن تقرير الطعن. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا مسببا برأيها القانوني ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفي موضوع أصليا، بإلغاء الشق الثاني من الحكم المطعون فيه، والقضاء بإلزام جهة الإدارة بأن تدفع للمدعي مبلغ 300 (ثلاثمائة) جنيه، والمصروفات عن درجتي التقاضي. واحتياطيا برفض الطعن، وإلزام الطاعن المصروفات.
وتحددت جلسة 23/1/1995 لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون، وبها نظرة ربما تلاها من جلسات على النحو الثابت بمحاصرها إلى أن قررت الدائرة بجلسة 8/5/1995 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة الموضوع) لنظرة بجلسة 27/5/1995، وبها نظر، ثم بجلسة 29/7/1995، حيث قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر، وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث أن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص في أن السيد / ……………………….. أقام أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) الدعوى رقم 923 لسنة 44 القضائية ضد السيد / وزير المالية بصحيفة أودعت قلم كتاب المحكمة بتاريخ 21/11/1989 طلب في ختامها الحكم بإلغاء القرار الصادر به الأمر التنفيذي 67 لسنة 1989، مع ما يترتب على ذلك من آثار أهمها أولا : صرف ما عساه أن يكون محجوزا من مستحقاته في مديرية الجيزة وغيرها من الجهات. ثانيا : إلزام المدعي عليه، بصفته، بدفع التعويض الذي تقدره المحكمة عن الأضرار المادية والأدبية والمعنوية من جراء هذا القرار، والمصروفات والأتعاب.
وقال في شرح أسانيد دعواه، أن السيد / قطاع الحسابات والمديريات المالية وافق بتاريخ 5/7/1989 على ما انتهت إليه مذكرة الإدارة المركزية للتفتيش المالي بوزارة المالية في القضية رقم 592 لسنة 1987 نيابة إدارية (دمياط) من تحصيل المبالغ التي صرفت للمدعي، بوصفه مدير المديرية المالية بمحافظة دمياط سابقا عن عمله كأمين صندوق لجنة الخدمات الصناعية بالمحافظة الذكورة. وجعلتها 2356.6 جنيها، وأصدرت الإدارة العامة لشئون العاملين بوزارة العاملين لوزارة المالية (قسم الجزاءات) الأمر التنفيذي رقم 67 بتاريخ 18/7/1989. وقد علم به بتاريخ 26/7/1989، فتظلم منه بتاريخ 27/7/1989، ولما لم يتلق ردا على تظلمه أقام دعواه بغية الحكم له بطلباته ذلك لأن القضية رقم 592 لسنة 1987 نيابة إدارية دمياط، قضت فيها المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءته، وقد أضحى هذا الحكم باتا، وأخطرت الإدارة العامة لشئون العاملين بوزارة المالية بهذا الحكم، وعليه أصدرت الأمر التنفيذي رقم 1769 لسنة 1989 بتاريخ 22/5/1989، باعتبار المدعي غير محال إلى المحاكمة التأديبية، هذا إلى أن عمله كأمين صندوق لجنة الخدمات الصناعية لمحافظة دمياط هو تنفيذي لقراري رئيس الجمهورية رقمي 1055، 1063 لسنة 1972، وقرار المحافظ رقم 329 لسنة 1977، وعليه فإن القرار الصادر به الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، المطعون عليه، يكون قد صدر بالمخالفه للحكم الصادر من المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا، وقائم على غير سند من الواقع والقانون.
وبجلسة 26/10/1992 أصدرت محكمة القضاء الإداري (دائرة الجزاءات) الحكم المطعون فيه وشيدته على أساس أن الثابت أن الجهة الإدارية أصدرت بعد رفع الدعوى الأمر التنفيذي رقم 1512 لسنة 1989 بإلغاء الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989 (المطعون فيه)، وبذلك تكون قد استجابة لطلب المدعي، وبذلك تضحي الخصومة منتهية بالنسبة لطلب إلغاء الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، وإذ يترتب على صدور الأمر التنفيذي رقم 1512 لسنة 1989 رد ما قد تكون الإدارة قد استقطعته من مستحقاته وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل صدور الأمر التنفيذي بالانقطاع الأمر الذي ينفي عدم إصابة المدعي بأية أضرار نتيجة الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، مما يعني انتفاء ركن الضرر فى المسئولية الإدارية، ويستتبع الحكم برفض طلب التعويض.
ومن حيث أن الطعن يقوم على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه فيما يتعلق بقضائه برفض طلب التعويض، ذلك لأن الجهة الإدارية أصدرت القرار الصادر به الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، واستولت بموجبه على استحقاقه، على الرغم من علمها بصدور حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا ببراءته من المخالفة التي استند إليها القرار الصادر به الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، وأن صدور الأمر التنفيذي رقم 1512 لسنة 1989، لا يزيل الأضرار التي لحقت به من جزاء القرار الأول، حتى تاريخ تنفيذ القرار الثاني.
ومن حيث أنه من المقرر لقيام المسئولية الإدارية أن يتوافر أركان ثلاثة هي الخطأ والضرر وعلاقة السببيه بينهما.
ومن حيث أن يتعين في القرار الذي تصدره الإدارة بتحديد المبالغ المستحقة في ذمة أحد العاملين لديها، وبتنفيذه مباشرة الخصم من مستحقاته لديها، أن يكون طبقا للقانون، وعلى الجهة الأداريه مصدرة القرار أن تتحمل مخاطر هذا التنفيذ، فإذا سحبت قرارها المنفذ به، أو ألغى هذا القرار قضائيا، وجب عليها بعد أن ثبت لها أن الحق ليس جانبها أن ترد لصاحب الشأن الذي جرى التنفيذ ضده ما تكون قد استوفته منه، وأن تعيد الحال إلى ما كان قبل حصول التنفيذ، كما تلتزم بتعويضه عن الضرر الذي لحقه من جراء ذلك التنفيذ.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق المودعة ملف الدعوى أن المدعي اتهم في قضية النيابة الإدارية رقم 592 لسنة 1987، دمياط وبأنه وبوصفه مدير المديرية المالية بدمياط، تقاضي، ودون سند من القانون عن عمله كأمين صندوق لجنة الخدمات الصناعية بالمحافظة المذكورة مبلغا قدره 2356.600 جنيها، وإحالته النيابة الإدارية إلى المحاكمة التأديبية،لمستوى الإدارة العليا وقيدت الدعوى ضده برقم 22 لسنة 30 ق بجلسة 18/1/1989، قضت المحكمة ببراءته مما أسند إليه ولم يطعن على هذا الحكم وأرسلت المديرية المالية بدمياط كتابها رقم 60060 المؤرخ 29/1/1989إلى إدارة شئون العاملين (قسم الجزاءات بوزارة المالية) بشأن أخطارها بهذا الحكم، وأصدرت هذه الإدارة الأخيرة الأمر التنفيذي رقم 1769 بتاريخ 22/2/1989 بالتأشير باعتبار المدعي غير محال إلى المحاكمة التأديبية، والتأشير بالبراءة بملف خدمته وبالاستمارة 134 ع.ح وأرسلت هذا الأمر التنفيذي إلى مدير عام المديرية المالية بدمياط بيد أنه بتاريخ 5/7/1989، قرر السيد/ رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية تحصيل المبلغ الذي صرفه المدعي عن عمله كأمين صندوق لجنة الخدمات الصناعية بمحافظة دمياط وقدره 2356.600 جنيها وأصدرت إدارة شئون العاملين (قسم الجزاءات) بوزارة المالية الأمر التنفيذي رقم 67 بتاريخ 18/7/1989، بتنفيذ القرار المشار إليه، وتظلم منه المدعي بتاريخ 27/7/1989، وأنهيت خدمته بتاريخ 29/7/1989 ولما لم تستجب جهة الإدارة إلى تظلمه، أقام دعواه وأثناء نظر الدعوى وافق السيد / رئيس قطاع الحسابات والمديريات المالية بتاريخ 14/12/1989 على تنفيذ حكم المحكمة التأديبية بمستوى الإدارة العليا الذي صدر لصالح المدعي وما يستتبع ذلك من عدم تحصيل مبلغ 2356.600 جنيها التي صرفت له عن عمله كأمين لصندوق الخدمات الصناعية بمحافظة دمياط، وأصدرت الإدارة العامة لشئون العاملين (قسم الجزاءات) الأمر التنفيذي رقم 1512 لسنة 1989، بتنفيذ هذا القرار.
ومن حيث أن الواضح مما تقدم أن الجهة الإدارية قد أخطأت حين أصدرت القرار الصادر به الأمر التنفيذي رقم 67 لسنة 1989، رغم صدور حكم المحكمة التأديبية لمستوى الإدارة العليا في الدعوى رقم 22 لسنة 30 ق ببراءة المدعي مما أسند إليه وكان سببا في إصدار هذا القرار ورغم علمها بهذا الحكم وقد ترتب على هذا الخطأ ضرر تمثل، حسبما ذهب المدعي ولم تجحده جهة الإدارة توقيع الحجز على مستحقاته لدى الجهات الإدارية، حتى تنفيذ القرار الصادر به الأمر التنفيذي رقم 1512 لسنة 1989، هذا فضلا عما بذله المدعي، وقد جاوز الستين عاما من جهد ومال في سبيل استرداد هذه المستحقات فإن المحكمة تقدر له تعويضا جابرا لكافة الأضرار التي لحقته.
وإذ لم يذهب الحكم المطعون فيه هذا المذهب فأنه يكون أخطأ في تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه و القضاء بإلزام جهة الإدارة بأن تؤدى للمدعي مبلغ (…………) كتعويض له عن كافة الأضرار التي لحقته وإلزامها كذلك بالمصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء الشق الثاني من الحكم المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بأن تؤدي للمدعي مبلغ 500(خمسمائة) جنيه، والمصروفات.