طعن رقم 576 لسنة 40 بتاريخ 12/02/1995 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد والسيد محمد السيد الطحان وإداوارد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبو العزم نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 31/12/1993 أودعت الأستاذة /.
…………. المحامية بصفتها وكيلاً عن رئيس جامعة القاهرة بصفته قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 467 لسنة 40 ق ع في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى في الدعوى رقم 7666 لسنة 45 ق بجلسة 14/11/1993 والقاضى أولاً: بإخراج المدعى عليهم الثانى والثالث والرابع من الدعوى بلا مصروفات. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعية مبلغ 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) والمصروفات وطلب الطاعن بصفته قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغائه والقضاء برفض الطعن مع إلزام المطعون ضدها المصروفات عن الدرجتين ومقابل أتعاب المحاماه وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضدها على النحو المبين بالأوراق.
وفى يوم الاربعاء الموافق 12/1/1994 أودع الأستاذ/.
………… المحامى نائباً عن الأستاذ/.
……… المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعنة قل كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن قيد بجدولها تحت رقم 576 لسنة 40 ق ع طعناً في الحكم السالف البيان وطلبت الطاعنة – للأسباب المبينة بتقرير الطعن قبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل حكم أو لدرجة المطعون عليه والقضاء مجدداُ بإلزام المطعون ضده بصفته بأن يؤدى للطالبة مبلغ مائة ألف جنيه تعويضاً عن الاضرار المادية والأدبية التى لحقت بها والموضحة بصحيفة افتتاح الدعوى مع إلزام الجهة الإدارية بالمصاريف ومقابل اتعاب المحاماه وقد اعلن الطعن إلى المطعون ضده بصفته على النحو المبين بالاوراق.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً مسبباً رأت فيه الحكم بقبول الطعنين شكلاً وفى الموضوع بالنسبة للطعن رقم 467 لسنة 40 ق برفضه موضوعاً مع إلزام الطاعن بصفته بمصروفات هذا الطعن وبالنسبة للطعن رقم 576 لسنة 40 ق ع بتعديل الحكم المطعون فيه وتعويض الطاعنة بالتعويض المناسب لجبر الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بها مع إلزام المطعون ضده بصفته بمصروفات هذا الطعن.
وقد تحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 18/7/1994 وتداولت نظره بالجلسات وبجلسة 21/11/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة والتى نظرته بجلسة 11/12/1994 حيث قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم 12/2/1995 وبها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسباب عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر النزاع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – في إنه بتاريخ 19/8/1991 أقامت/.
……….. الدعوى رقم 7666 لسنة 45 ق بايداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة – دائرة العقود والتعويضات – طلبت في ختامها الحكم بإلزام المدعى عليهم متضامنين بأن يؤدوا مبلغاً وقدره مائة ألف جنيه تعويضاً عن الأضرار المادية والأدبية التى أصابتها من القرارات التى أصدرها المسئولين بالكلية والتى كانت بدافع الانتقام الشخصى منها.
وقالت المدعية شرحاً لدعواها أنها حصلت على بكالوريوس الخدمة الاجتماعية من جامعة حلوان عام 1981 بتقدير عام جيد جداً وعلى دبلوم معهد البحوث والدراسات العربية قسم الاجتماع بتقدير عام جيد جداً ومدة الدراسة بالدبلوم سنتان وأتمت الدراسة التمهيدية للماجستير بنجاح ومدتها سنتان بكلية الخدمة الاجتماعية بالفيوم عام 1986 وقد عينت معيدة بكلية الخدمة الاجتماعية – جامعة القاهرة فرع الفيوم اعتباراً من 28/2/1985 وما أن تسلمت عملها حتى بدأت في استكمال دراستها التمهيدية لمرحلة الماجستير، وقد تعرضت خلال ذلك لسلة من المضايقات للحيلولة بينها وبين التسجيل لرسالة الماجستير مع تهديدها بالنقل إلى وظيفة أخرى الأمر الذى حدا بها لإقامة الدعوى رقم 6004 لسنة 42 ق أمام محكمة القضاء الإدارى التى قضى فيها بجلسة 18/4/1989 بعدم قبول الدعوى لإنتفاء القرار الإدارى وطعنت على هذا الحكم بالطعن رقم 2361 لسنة 35 ق حيث قضت المحكمة الإدارية العليا بجلسة 13/4/1991 بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن النظر في تسجيل خطة البحث المقدمة من الطالبة للحصول على درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية من السلطة الجامعية المختصة.
وقد أعلنت المدعية الحكم إلى الجامعة والكلية لتنفيذه إلا أن الكلية أخذت تراوغ وتماطل في التنفيذ من حيث الواقع بالرغم من إصدارها قراراً بهذا التنفيذ، وتعدى الأمر إلى اضطهاد المدعية بكل صنوف الاضطهاد لحملها على الاستقالة من العمل مما دفعها إلى تقديم استقالة مسببة ومن هذه الاساليب اتخاذ مجموعة من الإجراءات التأديبية بإحالتها الى التحقيق أكثر من مرة وقد حفظت أغلب التحقيقات إلا أنها تركت أثاراً نفسية لديها باعتبارها محالة إلى التحقيق في نظر زملائها وفى نظر العاملين بالكلية ومجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها واحتساب ثلاثة عشر يوماً غياباً بدون إذن ودون مرتب بالقرار رقم 20 لسنة 1990 فتظلمت منه وانتهى فحص التظلم إلى إلغاء القرار لأن التحقيق انتزع الإدانة من عناصر لا تؤدى اليها – وكذا حرمانها من المشاركة في التدريب الميدانى، وتكليفها بأعمال لا تتفق وأعباء وظيفتها مثل تكليفها بتسليم آلة كاتبة وهو أمر لا يجرى في أية جهة حكومية إلا للعاملات على الآلات الكاتبة ثم إلزامها وحدها بالتوقيع في دفتر حضور وانصراف خاص بها وإعفاء زملائها من التوقيع ثم إلزامها بالتوقيع على كشوف حضور ليسهل تمزيقها بعد ذلك وتغيير مواعيد حضورها إلى الكلية من وقت لآخر، وتوجيه إنذارات لها من عميد الكلية لا تجد لها سنداً من حيث الواقع أو القانون إلا النيل من مكانتها وكرامتها وأضافت المدعية أنه طبقاً لنص المادة 163 من القانون المدنى فقد توافر ركن الخطأ فيما وقع من إدارة الكلية والمسئولين بها من أخطاء ودمغ بعضها بعدم المشروعية – حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر – ولئن كان هذا الحكم قد ألغى القرار السلبى بالامتناع عن تسجيل خطة بحث الطالبة إلا أن هذا الحكم لم يمح كافة الاضرار التى أصابتها حيث تسبب هذا القرار في ضياع أكثر من أربع سنوات من عمر المدعية إلى أن صدر هذا الحكم كما أن القرارات التى أصدرتها إدارة الكلية في حقها تكشف تعسف المسئولين وانحرافهم بسلطتهم والانتقام منها وهو غرض شخصى يجافى الصالح العام الذى ينبغى أن تستهدفه الإدارة فة كل تصرفاتها ويستتبع أن يؤدى المسئول عنه تعويضاً عن هذا الضرر من ماله الخاص الأمر الذى يحق لها طلب إلزام الجامعة بأداء التعويض الجابر للضرر الذى اصابها وإلزام المسئولين عن الخطأ بهذا التعويض من مالهم الخاص بالتضامن مع الجامعة.
وبجلسة 14/11/1993 صدر الحكم المطعون فيه وقضى أولاً: بإخراج المدعى عليهم الثانى والثالث والرابع من الدعوى بلا مصروفات. ثانياً: بقبول الدعوى شكلاً، وفى الموضوع بإلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعية مبلغاً مقداره 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) والمصروفات، وأقامت المحكمة قضاءها على أن المدعية قد قصرت دعواها على المدعى عليه الأول بصفته دون باقى المدعى عليهم ومن ثم يتعين إخراجهم من الدعوى بلا مصروفات، وأن مناط مسئولية الجهة الإدارية عن قراراتها الإدارية غير المشروعة هو تحقق ركن الخطأ في جانبها وذلك بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع وأن يحيق بصاحب الشأن ضرر تربطه بالقرار غير المشروع رابطة السببية، وقد ثبت عدم مشروعية قرار الجامعة المدعى عليها بالامتناع عن تسجيل خطة البحث المقدمة من المدعية لنيل درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية، وذلك بمقتضى الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا ومن ثم يكون ركن الخطأ قد تحقق في جانب الجهة الإدارية بالنسبة لقرارها المشار اليه، ولما كان امتناع جهة الإدارة عن تسجيل خطة البحث مقدمة من المدعية لمدة جاوزت الأربع سنوات قد أصاب المدعية بأضرار مادية تمثلت في الانفاق على إعادة خطة البحث وتعثر خطواتها نحو إنجاز رسالة الماجستير وما يترتب على حصولها على الماجستير من تحسن وضعها الوظيفى كذلك فلا ريب من أن ذلك القرار قد سبب لها أضراراً أدبية تمثلت في ظهورها أمام أقرانها بمظهر العاجز عن مواصلة تقدمها العلمى وعلى ذلك يكون للمدعية أصل حق في أن يقضى لها بالتعويض عن الاضرار المادية والأدبية التى أصابتها من جراء قرار امتناع جهة الإدارة عن تسجيل خطة البحث المقدمة منها لنيل درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية طوال المدة المشار اليها وتقدر المحكمة مبلغ التعويض بمبلغ 4000 جنيه (أربعة آلاف جنيه) وعن طلب المدعية التعويض عن الإجراءات التأديبية التى اتخذتها الجهة الإدارية ضدها منذ تعيينها وحتى إقامة دعواها الماثلة ولما كانت قرارات إحالتها الى التحقيق كالما لم يثبت من الاوراق ثمة تعسف في استعمال السلطة في اتخاذ هذه القرارات فلا تكون من ثم قرارات غير مشروعة وبالتالى فلا يتوافر ركن الخطأ في جانب تلك القرارات ولا يكون تبعاً لذلك للمدعية أصل حق في المطالبة بالتعويض عنه أياً كانت الأضرار التى تدعى انها لحقت بها من جراء هذا القرار، ولا يكون لها هذا الحق أيضاً بالنسبة لما أشارت اليه بصحيفة دعواها من اتخاذ جهة الإدارة إجراءات أخرى بشأنها إذ لم تقدم دليلاً قاطعاً على ذلك، وبالنسبة للقرار رقم 20 لسنة 1990 بمجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها فقد تظلمت وانتهى فحص التظلم بمعرفة المستشار القانونى للجامعة إلى سحبه، وإذ أجدبت الأوراق مما يفيد سحب هذا القرار من قبل الجامعة أو بالطعن عليه من المدعية ومن ثم فهو قرار غير مشروع رتب أضراراً مادية تمثلت في خصم ثلاثة أيام من راتبها دون وجه حق، فضلاً عما اصابها من اضرار أدبية تظهر آثارها في ظهور المدعية أمام أقرانها والعاملين بالجامعة بمظهر المقصر في عمله الغير ملتزم بما توجبه الوظيفة التى تشغلها المدعية من التزاما وتقاليد وعلى ذلك يكون لها أصل حق في المطالبة بالتعويض عن هذا القرار والذى تقدره المحكمة لها بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) ومن ثم يتعين إلزام المدعى عليه بصفته بأن يؤدى للمدعية مبلغاً مقداره 5000 جنيه (خمسة آلاف جنيه) تعويضاً عما اصابها من اضرار على نحو ما سلف بيانه.
ومن حيث إن مبنى الطعن رقم 467 لسنة 40 ق المقام من الجامعة أن الحكم المطعون فيه قد شابه من العيوب ما يبطله وينعى عليه الطاعن بأوجه البطلان الآتية: أولاً: خالف الحكم المطعون فيه القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله حين قدر التعويض على أساس الضرر الاحتمالى لأن التعويض يجب أن يكون على أساس الضرر المحقق الموجود وقرار الإدارة كان يتناول عدم تسجيل خطة البحث المقدمة منها فالضرر الذى اصابها ضرر احتمالى لأنها تسجل خطة البحث ولا تحصل على رسالة الماجستير وتستغرق سنوات عديدة في الحصول عليها ولما كان الضرر أحد الأركان الثلاثة الضرورية للتعويض فإن تعويض المطعون ضدها رغم انتفاء ركن الضرر يكون مخالفاً للقانون. ثانياً: الحكم المطعون فيه خالف الأحكام والمبادئ المستقرة للمحكمة الإدارية العليا إذ يجب أن يكون التعويض بقدر الضرر وإذا قضى الحكم المطعون فيه بتعويضها بمبلغ أربعة آلاف جنيه لامتناع الجامعة المدعى عليها عن اتخاذ الاجراءات اللازمة لتسجيلها خطة البحث لنيل درجة الماجستير وهذا التعويض مغالى فيه لأن الضرر المادى غير متحقق، وبالنسبة للضرر الأدبى فإن صدور القرار الإدارى رقم 5 لسنة 1991 بالسماح للطاعنة بالتقدم لحطة البحث المقترحة فهو خير تعويض أدبى. ثانياً: الحكم المطعون فيه شابه فساد في الاستدلال وقصور في التسبيب حين قضى بتعويضها بمقدار ألف جنيه لما اصابها من ضرر مادى وأدبى بخصم ثلاثة أيام من راتبها بالقرار الإدارى رقم 20 لسنة 1990 ولما كان في سحب قرار الجزاء وصرف المبالغ السابق خصمها منها فوراً يجعل القرار المسحوب منعدماً بالنسبة للماضى والمستقبل، كما أن نشر القرار الساحب على كافة الجهات الجامعية يعد خير تعويض وجبر للضرر الأدبى.
ومن حيث أن مبنى الطعن رقم 576 لسنة 40 ق ع المقام من الطاعنة أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب لعدم ملائمته بين جسامة الضرر المادى والأدبى الذى لحق بالطاعنة وما قضى به من تعويض، ومخالفته القانون وإخلاله بحق الدفاع فالتعويض بمبلغ خمسة آلاف جنيه فقط عن الاضرار المادية والأدبية غير ملائم نظراً لأن الحكم المطعون فيه أغفل بيان الأضرار المحققة والأضرار الاحتمالية للطاعنة إذ كانت مهددة بإلغاء قيدها كطالبة ماجستير الخدمة الاجتماعية لعدم تسجيل خطة البحث المقدمة منها لنيل درجة الماجستير لمدة زادت على أربع سنوات مما كان سيوقعها تحت طائلة المادة 24 من اللائحة الداخلية لكلية الخدمة الاجتماعية بإلغاء قيدها إذا لم تحصل على درجة الماجستير خلال خمس سنوات من تاريخ قيدها، كما انتابها خوف مروع من ضياع مستقبلها العلمى والوظيفى، وضياع سنوات عمرها نتيجة تأخر تحصيلها العلمى دون ما سبب راجع لها، فضلاً عن احساسها وشعورها بالظلم طيلة خمس سنوات تقريباً، وما تكبدته من مصروفات ونفقات وانتقالات لازمة لإعادة خطة البحث، علاوة على ما تكبدته من مصروفات ورسوم واتعاب دعاوى قضائية أمام القضاء على النحو الثابت بمستنداتها وعلى سبيل المثال الدعوى رقم 600 لسنة 42 ق دائرة منازعات الافراد الصادر الحكم فيها بجلسة 18/4/1989 والطعن رقم 2361 لسنة 35ق جلسة 13/4/1991، كما انها تخلفت عن ملازمة ومسايرة أقرانها في التحصيل العلمى للدرجات العلمية بعد الماجستير وما نجم عن تأخرها عن مواكبة أقرانها الذين سبقوها في نيل الدرجات العلمية الجامعية قبلها وكانت ظروفهم طبيعية ولم يعترضوا لتعسف جهة الإدارة معهم في استعمال الرخصة المخولة لها، إضافة إلى الاضرار الأدبية الفادحة التى تمثلت في الآلام النفسية التى لازمتها وظهورها أمام زملائها والعاملين بمظهر العاجز عن تبوء المراكز العلمية وصولاً لغاية التقدم العلمى واحتمال نقلها الى وظيفة إدارية لا تتفق والكادر الوظيفى الجامعى، وإذا كان تقدير التعويض من اطلاقات محكمة الموضوع تهتدى فيه لجسامة الخطأ وتوافر الضرر والحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب في ضوء ظروف وملابسات واقع النزاع فكان عليه القضاء لها بطلباتها وإلا كان متسماً بعدم الملاءمة بين جسامة الضرر وما قضى به من تعويض لا يتناسب البتة مع ما لحق الطاعنة من أضرار مادية وأدبية.
كما خالف الحكم المطعون فيه القانون حين أخل بحق الدفاع بحيث التفتت المحكمة عن مستنداتها ودفاعها الذى أوضح صور الأضرار المادية والأدبية التى لحقت بها من جراء تعسف الجهة الإدارية معها في تسجيل خطة البحث المقدمة منها لنيل درجة الماجستير وساقت لذلك مبررات طلب التعويض عنها بصحيفة الدعوى وهو ما لم يتناوله الحكم الطعين وهو دفاع جوهرى ومؤثر لو كان قد أخذ به لتعير وجه الرأى في الدعوى.
ومن حيث إن المادة (163) من القانون المدنى تنص على أن كل خطأ سبب ضرراً للغير يلزم من ارتكبه بالتعويض وليس ثمة خلاف على تطبيق النص السالف في المجال الإدارى فمناط مسئولية الإدارة عن القرارات الإدارية الصادرة منها هو وجود خطأ من جانبها بأن يكون القرار الإدارى غير مشروع ويلحق صاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ والضرر ويكون القرار الإدارى غير مشروع لعيب أو أكثر من العيوب المنصوص عليها في قانون مجلس الدولة، وإذ لا تختلف الحلول الإدارية عن مثيلتها المدنية في هذا الشأن وثمة مبادئ يجرى تطبيقها سواء في مجال القضاء المدنى أو الإدارى ومن بينها أنه متى تم التسليم بقيام الخطأ الذى يستوجب مسئولية الإدارة فإن تقدير التعويض يتم حسب جسامة الضرر لا حسب جسامة الخطأ، وبحيث يغطى التعويض جميع الأضرار التى تحملها المضرور، وكذلك من المبادئ المقررة في القضاء المدنى والإدارى أن الضرر ركن من أركان المسئولية وثبوته شرط لازم لقيامه تبعاً لذلك، يستوى في إيجاب التعويض عن الضرر أن يكون هذا الضرر مادياً يتحقق بالإخلال بحق ثابت للمضرور يكفله القانون أو بالإخلال بمصلحة مالية له، أو يكون الضرر أدبياً ولا يقصد بالتعويض عن الضرر الأدبى وهو لا يمثل خسارة مالية محو هذا الضرر وإزالته من الوجود إذ هو نوع من الضرر لا يمحى ولا يزول بتعويض مادى ولكن يقصد بالتعويض أن يستحدث المضرور لنفسه بديلاً عما أصابه من الضرر الأدبى فالخسارة لا تزول ولكن يقوم إلى جانبها كسب يعوض عنها، وليس هناك من معيار لحصر أحوال التعويض عن الضرر الأدبى إذ كل ضرر يؤذى الإنسان في شرفه واعتباره أو يصيب عاطفته وإحساسه ومشاعره يصلح أن يكون محلاً للتعويض فيندرج في ذلك العدوان على حق ثابت للمضرور حيث قضت محكمة النقض أن الاعتداء على حق الملكية كإتلاف سيارة مملوكة للمضرور ويتخذها وسيلة لكسب الرزق والعيش يعتبر عدواناً على حق الملكية وحرمانه من عربته من شأنه أن يحدث لصاحب هذا الحق حزناً وغماً وهذا هو الضرر الأدبى الذى يسوغ التعويض عنه وقد إلتزم الحكم هذا النظر في بيان التعويض عن الضرر الأدبى ففضلاً عما اصابه من ضرر مادى قد حاق به ضرر أدبى يتمثل فيما ألم به من هم وحزن لتحطيم سيارته وضياع مصدر رزقه (حكم النقض في الطعن رقم 308 لسنة 58 ق جلسة 15/3/1990).
ومن المقرر كذلك أنه ليس في القانون ما يمنع من أن يدخل في عناصر التعويض ما كان للمضرور من رجحان كسب فوته عليه العمل غير المشروع فإذا كانت الفرصة أمراً محتملاً فإن تفويتها أمر محقق ولا يمنع القانون من أن يحسب في الكسب الفائت – وهو عنصر من عناصر التعويض- ما كان المضرور يأمل الحصول عليه من كسب ما دام لهذا الأمل أسباب مقبولة، فالضرر الموجب للتعويض يجب أن يكون محققاً بمعنى أن يكون قد وقع أو أنه سيقع حتماً وهو ما يختلف عن الضرر الاحتمالى الغير محقق الوقوع وتفويت الفرصة أمر محقق الوقوع ومن ثم يختلف عن الضرر الاحتمالى وقد قضت محكمة النقض أن تفويت الفرصة على الموظف في الترقية إلى الدرجة الأعلى من درجته بسبب إحالته الى المعاش بغير حق قبل انتهاء مدة خدمته عنصر من عناصر الضرر الذى يجب النظر في تعويض الموظف عنه ومن ثم إذا كان الحكم المطعون فيه قد قال في سبيل رفض طلب التعويض أن تفويت فرصة احتمال ترقية الطاعن لا يدخل في تقرير الضرر المادى الذى أصابه من جراء فصله من الخدمة قبل بلوغ سن المعاش لأنه مجرد احتمال ولا يصح أن ينبنى عليه حق فإن هذا القول ينطوى على خطأ في القانون، ولا ينال من ذلك أن تكون الترقية تتم بالاختيار دون التقيد بالأقدمية وأنها من الإطلاقات التى تملكها الجهات الرئاسية للموظف إذ حل محل ذلك أن يكون الموظف باقياً في الخدمة (حكم النقض في الطعن رقم 300 لسنة 26ق جلسة 29/3/1962 س13 صـ 735) ولهذا تدخل في عناصر التعويض ما ضاع على المطعون ضده من مرتبات وعلاوات لو أنه بقى في الخدمة إلى سن الستين.
ومن حيث أنه ولئن كان من المقرر أن تقدير التعويض هو من إطلاقات محكمة الموضوع بحسب ما تراه مناسباً مستهدية في ذلك بكافة الظروف والملابسات في الدعوى فإن المقرر كذلك وما جرى عليه القضاء أنه يتعين على محكمة الموضوع أن تبين في حكمها عناصر الضرر التى اقامت عليها قضائها بالتعويض ومن المقرر أيضاً أنه وأن كان يجوز لمحكمة الموضوع أن تقضى بتعويض إجمالى عن جميع الأضرار التى حاقت بالمضرور إلا أن ذلك مشروط أن تبين عناصر الضرر الذى قضت من أجله بهذا التعويض وأن تناقش كل عنصر منها على حدة وتبين وجه أحقية طالب التعويض فيه أو عدم أحقيته، وأن يكون هذا التقدير قائماً على أساس سائغ ومردود إلى عناصره الثابتة بالأوراق ومبرراته التى يتوازن بها على اساس التعويض مع العلة من فرضه بحيث يبدو متكافئاً مع الضرر غير زائد عليه أو ناقص عنه.
ومن حيث أنه بتطبيق ما تقدم من مبادئ على وقائع الطعن الماثل ولما كان الحكم المطعون فيه قد انتهى – وبحق – إلى أن الإحالة إلى التحقيق طالما لم يثبت التعسف في استعماله لا يكون غير مشروع ولا يشكل ركن الخطأ الموجب للتعويض وكذلك الأمر بشأن ما نسب للإدارة من إتخاذ إجراءات أخرى ضد الطاعنة في الطعن رقم 576 لسنة 40ق وعلى نحو ما ساقه الحكم تفصيلاً طالما لم يقم دليل من الأوراق على التعسف في استعمال السلطة بشأنها ومن ثم فقد صادف الحكم صحيح القانون حين قضى بتعويضها بمبلغ 1000 جنيه (ألف جنيه) عن القرار رقم 20 لسنة 1990 بمجازاتها بخصم ثلاثة أيام من راتبها بعد ما تبين أثناء بحث التظلم انتزاع أدلة ثبوت المخالفة من عناصر لا تؤدى اليها مما يجعل الجزاء الذى وقع عليها غير قائم على سبب صحيح يبرره واقعاً وقانوناً ولا يؤثر في ثبوت الخطأ الموجب للتعويض سحب قرار الجزاء المشار إليه ونشره في كافة الجهات فهو لا يعدو أن يكون تنفيذاً لحكم القانون ولا يكفى لجبر الأضرار التى حاقت بالطاعنة ومن ثم يكون ما انتهى اليه الحكم الطعين في هذا الخصوص بتعويضها بمبلغ ألف جنيهاً قائماً على صحيح سببه.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه حين قدر التعويض عن القرار السلبى بالامتناع عن النظر في تسجيل خطة البحث المقدمة من الطاعنة للحصول على درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية من السلطة الجامعية المختصة بمبلغ أربعة آلاف جنيه عن الاضرار المادية والأدبية التى أصابتها أكتفى بإثبات أن المدعية (الطاعنة في الطعن رقم 576/40ق) قد اصابتها أضرار مادياً تتمثل في الانفاق على حصولها على الماجستير من تحسن وضعها الوظيفى كما سبب لها القرار أضراراً أدبية تمثلت في ظهورها أمام أقرانها بمظهر العاجزة عن مواصلة تقدمها العلمى إلا أن الحكم لم يناقش كل عنصر على حدة وبيان وجه أحقية الطاعنة وتوازن التعويض مع الضرر فضلاً عن إغفال بعض العناصر التى تدخل في تقدير التعويض.
ومن حيث إن الثابت من مدونات حكم هذه المحكمة فى الطعن رقم 2361 لسنة 35ق الصادر بجلسة 13/4/1991 والمقام من الطاعنة/…………… والقاضى بإلغاء القرار السلبى بالامتناع عن النظر في قيد خطة البحث المقدمة منها للحصول على درجة الماجستير في الخدمة الاجتماعية ومن باقى أوراق الطعن الماثل أن الطاعنة عينت معيدة بكلية الخدمة الاجتماعية بجامعة القاهرة فرع الفيوم عام 1985 وأنها اجتازت مرحلة القيد للدراسة ومتابعة الدراسة المتخصصة لمدة سنتين وقامت بإعداد خطة البحث لموضوع الدراسة التى تتقدم بها لنيل درجة الماجستير، وقد قامت في البداية بإعداد خطة بحث لنيل درجة الماجستير عن موضوع الرعاية اللاحقة للفتيات المنحرفات والمعرضات للإنحراف في محافظة القاهرة الكبرى خريجات مؤسسة الفتيات للرعاية الاجتماعية بالعجوزة وقد أشرف على إعداد خطة البحث الدكتور/.
……………… الذى أشر على خطة بالحث بأن الباحثة قامت بجدارة بعمل إطار البحث المشار إليه، إلا أن عميد الكلية طلب منها إختيار موضوع جديد فاستجابت لهذا الطلب وفى مارس سنة 1987 أعدت خطة دراسة مطبقة في دار الحضانة ووافق على الإشرا ف على إعداد الرسالة الدكتور/.
……………….. أستاذ ورئيس قسم مجالات الخدمة الإجتماعية والتدريب الميدانى بكلية الخدمة الإجتماعية بجامعة حلوان وقد أنتهت من بحثها في شهر سبتمبر 1987 ووقع المشرف على الرسالة وعلى كل صفحاتها بما يفيد ذلك بتاريخ 22/9/1987 إلا أنها فوجئت بالدكتور/…………………… يطلب منها إشتراك مشرف ثان على خطة البحث فرفضت ذلك فأخطرت في 15/2/1987 بإعادة إعداد خطة الدراسة على ضوء القواعد الجديدة التى قررتها الكلية في هذا التاريخ فاعترضت على ذلك ثم تقدمت في 6/4/1988 بطلب إلى عميد الكلية بموافقتها على رفع اسم الدكتور المشرف على خطة البحث وتقبلها لأى مشرف أخر تحدده إدارة الكلية ولم تتلق رداً فتقدمت بتاريخ 9/4/1988 بطلب إلى عميد الكلية فلم تتلق رداً ومن ثم أقامت طعنها وقد ذهب الحكم إلى أن إمتناع الكلية عن إتخاذ إجراءات عرض ونظر وبحث قيد خطة البحث المقدمة من الطاعنة يكون قد قام على سند غير صحيح من القانون وهو الأمر الذى يشكل قراراً سلبياً بالإمتناع عن النظر في قيد خطة بحث الطاعنة وفى مقام بيان ركن الإستعجال ذهب الحكم إلى أنه يترتب على هذا الإمتناع آثار سيئة على مستقبل الطاعنة بتفويت فرصتها في الإنتهاء من إعداد رسالة الماجستير المقدمة منها خلال الميعاد القانونى ويكون له تأثير ضار لمستقبلها الجامعى ومن ثم يقف الميعاد المقرر للإنتهاء من الرسالة، وبتاريخ 26/8/1991 وعلى أثر صدور هذا الحكم تقدمت الطاعنة إلى رئيس جامعة القاهرة بالموافقة على تقدمها للإلتحاق بالتسجيل بمعهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس قسم الدراسات النفسية والإجتماعية في العام الجامعى 91/92 للحصول على درجة الماجستير مع الموافقة على تفرغها للدراسة بالمعهد المذكور، فرافق عميد الكلية على ذلك بتاريخ 4/9/1991 ولما كانت الدراسة في المعهد المذكور تقتضى حضور محاضرات أيام السبت، الأحد، الأربعاء من الساعة 11 ص حتى الخامسة أو السابعة مساءً حسب بيان المعهد المذكور المؤرخ 26/11/1991، وأخطرت في 5/9/1991 بضرورة حضورها أربعة أيام أسبوعياً لأن السماح للمعيدين بحضور ثلاثة أيام فقط قاصر على المعيدين المسجلين لرسائلهم العلمية وهى ليست كذلك فتقدمت بطلب مؤرخ 9/9/1991 أن تكون الأيام الأربعة المذكورة هى أيام السبت، الأثنين، الأربعاء، الخميس من كل أسبوع ثم تقدمت في 7/12/1991 للتفرغ للدراسة بالمعهد المذكور ثلاثة أيام حيث تأشر على طلبها المؤرخ 8/12/1991 بالتفرغ يوم واحد على أن يكون يوم الأربعاء، ثم أبلغت بكتاب مدير إدارة كلية الخدمة الإجتماعية بالفيوم المؤرخ 5/3/1992 بإلغاء قيدها من قسم الدراسات العليا بالكلية وإعتمد من رئيس الجامعة بتاريخ 23/2/1992 فتظلمت من هذا القرار وطلبت الغاؤه والسماح لها بحضور محاضرات المعهد المقيدة به لمدة ثلاثة أيام السبت والأحد والأربعاء ولم يوافق على طلبها، وكان عميد الكلية قد تقدم بمذكرة مؤرخة 10/4/1992 إلى رئيس الجامعة بأن المعيدة المذكورة لم تتقدم منذ إجتيازها بنجاح السنة الأولى التمهيدية بخطة البحث حتى تاريخه ويرجو التفضل بالموافقة لعى نقلها إلى إحدى وظائف الكادر العام الذى يناسب مؤهلها، ولكل ما تقدم تقدمت بطلب مؤرخ 26/3/1992 للترخيص لها بإجازة إعتباراً من 6/4/1992 حتى 31/7/1992 للتفرغ للدراسة والإستعداد لتأدية إمتحانات أخر العام وقد تأشر على الطلب بإعتبارها أجازة بدون مرتب وقامت بسداد مبلغ 288.35 جنية قيمة الإشتراكات المستحقة عن مدة هذه الأجازة ثم تقدمت بالعديد من الطلبات للحصول على إجازة بدون مرتب لمدة عام لرعاية أسرتها إمتداداً للأجازة السابقة إعتباراً من 1/9/1992 حتى 31/8/1993 فلم يوافق عليها إلا بعد سداد مستحقات التأمين والمعاشات وقدرها 1189.50 جنيهاً وحصتها في صندوق الزمالة وقدره 1850 جنيهاً ثم تقدمت بطلب للحصول على أجازة بدون مرتب المدة من 1/9/1993 حتى 31/8/1994 لإستكمال الدراسة، وقد إنتهت لجنة مناقشة رسالة الماجستير بجلسة 18/10/1994 إلى التوصية بمنحها درجة الماجستير بتقدير ممتاز في موضوع البحث المقدم منها إلى معهد الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس ووافق مجلس المعهد على منح الدرجة ثم رئيس الجامعة في 8/11/1994 مفوضاً من مجلس الجامعة بجلسة 26/9/1994.
ومن حيث إن البين مما سبق تفصيله من وقائع أن الجامعة المطعون ضدها قد إمتنعت بغير مبرر عن قيد رسالة الماجستير للطاعنة من 22/9/1987 حتى صدور حكم المحكمة الإدارية العليا في 13/4/1991 وبعد ذلك لم تمكنها من إتمام القيد والمناقشة بل صاحب ذلك العديد من الإجراءات المتسمة بالعنت مما دفعها للقيد بجامعة أخرى ومع ذلك لم يتيسر لها جامعتها الأصلية الإستمرار في الدراسة ومتابعة الحضور والمحاضرات ولم تتح لها فرصة التفرغ أسوة بزملائها مما دفعها إلى التقدم بطلب الحصول على أجازة بدون مرتب وما صاحب ذلك من سداد أقساط التأمين والمعاشات وقسط صندوق الزمالة وعدم تقاضيها مرتبات عن تلك الفترة كل ذلك أصابها بأضرار مادية جسيمة تمثلت في تأخير حصولها على الماجستير لمدة تزيد على أربع سنوات وإعادة الدراسة من جديد وما صاحب ذلك من نفقات سبق بيان بعضها وكذلك فقد فات عليها الكسب المتحقق من الترقية والمرتبات والعلاوات وفرصة الحصول على الدرجات التالية أسوة بزملائها سيما وأن التأخر في سلم الدرجات العلمية وما يصاحبه من إمتيازات مادية سيظل مصاحباً لها طيلة حياتها الجامعية خاصة وقد ثبت تفوقها العلمى في حصولها على الماجستير بدرجة ممتاز، وكذلك ما تكبدته من نفقات في ساحة القضاء طيلة سنوات أربع، فضلاً عما أصابها من ضرر أبدى تمثل في ظهورها أمام أقرانها وزملائها والعاملين بالجامعة التى تنمى إليها بمظهر الخاملة العاجزة عن مواصلة تقدمها العلمى وبسبب لا يرجع إليها وما يؤدى إليه ذلك من آلام نفسية فضلاً عن خوفها وفزعها الشديد من إنهيار مستقبلها العلمى وبإنتهاء الفترة الزمنية المقررة لقيد رسالة الماجستير على نحو دفع المحكمة الإدارية العليا إلى التقرير بوقف الميعاد المذكور ورغم ذلك بادرت الجامعة بإلغاء قيدها وما يشكله من ضغط نفسى عليها، فضلاً عما صاحب ذلك من ألم نفسى تمثل في تأخيرها عن زملائها لغير ما سبب علمى وبغير مبرر من الواقع أو القانون وبغير ذنب جنته يداها وهذا يخالف ما يجب على الجامعات وهى مناطق الإشعاع العلمى والثقافى في الوطن إذ يجب أن يسودها العدل والمساواة وتحوط أبناءها المتفوقين بصنوف الرعاية والتشجيع على البحث وتحضهم على التفوق سندهم الإمتياز وشفيعهم التفرغ للعلم والإنخراط في سلكه لا فرق بينهم إلا بمقدار هذا التفوق، وتوزن أعمالهم وإجتهاداتهم بقدر نبوغهم وإسهاماتهم العلمية في المجالات العلمية المختلفة، وتلتزم الجامعات وهى في مكانها السامى من التقدير بألا تمنع الباحث في محراب العلم من سلوك مراتبه ودرجاته التى يستحقها متى أثبت تفوقه وجدارته وأن تمنع غيره ممن قعدت بهم قدارتهم العلمية أو وسائلهم المنافية للتقاليد الجامعية الثابتة ولنصوص القانون الحاكمة لا يرفعهم لذات المرتبة أسماء ينتمون إليها أو وسائل يتوسلون بها غير العلم والتفوق – وإذا أضطرب هذا الميزان في الجامعة يصيب الخلل أرجاء المجتمع لما يستقر في النفس من إحباط وشعور باليأس وترسيخ لعوامل الفشل.
ومن حيث إنه لكل ما تقدم تقدر المحكمة تعويضاً إجمالياً عما أصاب الطاعنة في الطعن رقم 576/40ق من أضرار مادية وأدبية سبق بيان عناصرها بمبلغ عشرين ألف جنيه علها أن تسهم في جبر الضرر الذى حاق بالطاعنة وتساعد على إستقرار ميزان الأعمال العلمية بالجامعة المطعون ضدها، وإذ قصر الحكم الطعين في الوصول بمقدار التعويض إلى هذا القدر لقصوره في بيان عناصر التعويض ومناقشتها ومن ثم يتعين القضاء بتعديل الحكم المطعون فيه للوصول بالتعويض إلى القدر المشار إليه، ومن حيث أن من يخسر الطعن يلزم بالمصروفات عملاً بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعن رقم 467 لسنة 40ق شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الجامعة الطاعنة مصروفاته.
ثانيا: بقبول الطعن رقم 576 لسنة 40ق شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى الحكم بإلزام الجامعة المطعون ضدها بأن تؤدى للطاعنة تعويضاً إجمالياً قدره عشرون ألف جنيه وإلزام الجامعة المطعون ضدها مصروفات هذا الطعن.