طعن رقم 592 لسنة 33 بتاريخ 30/06/1992 الدائرة الثالثة
__________________________________
برئاسة السيد الاستاذ المستشار / محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ الدكتور أحمد مدحت حسن على وعويس عبد الوهاب عويس ومحمد أبو الوفا عبد المتعال والدكتور/ محمد عبد البديع عسران نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 20/1/1987 أودع الأستاذ/ محمد حسن محمد شحات المستشار بهيئة قضايا الدولة نائبا عن الطاعنين بصفتيهما تقرير الطعن الماثل ضد الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة – دائرة العقود والتعويضات بجلسة 23/11/1986 فى الدعوى رقم 1612 لسنة 38ق المقامة من المطعون ضده الأولى ضد الطاعنين وآخرين والذى قضى بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمدعى عليهما الثالث والرابع واخراجهما من الدعوى بلا مصاريف وبإلزام المدعى عليهما الأول والثانى بأن يؤديا للجمعية المدعية مبلغ 50000 خمسين الف جنيه ورفض ما عدا ذلك من طلبات والزمهما المصروفات(
وطلب الطاعنان وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه بصفة مستعجلة والحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى مع إلزام الجمعية المطعون ضدها الأولى المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين(
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده الأول بتاريخ 1/2/1987 وحضر وكيلا المطعون ضدهما بعض جلسات المرافقة بالمحكمة(
واعدت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه بشقيه العاجل والموضوعى وبإلزام جهة الإدارة المصروفات(
ونظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة التى قررت بجلسة 16/1/1991 احالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا – الدائرة الثالثة- لنظره بجلسة 12/2/1991 حيث تداولت نظره طبقا لما هو ثابت بمحاضر الجلسات وقد قدم الحاضر عن الطاعنين بصفتيهما مذكرة طلب فى ختامها الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى وإلزام الجمعية المطعون ضدها الأولى بالمصاريف والأتعاب عن الدرجتين وبجلسة 14/4/1992 قررت المحكمة اصدار الحكم بجلسة 2/6/1992 وفيها قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به(
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة(
ومن حيث ان الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 23/11/1986 واودع تقرير الطعن عليه بتاريخ 20/1/1987 فان الطعن يكون قد قدم فى الميعاد الذى حدده القانون واذ استوفى سائر أوضاعه الشكلية فانه يكون مقبولا شكلا(
ومن حيث ان وقائع هذا النزاع تخلص فى ان الجمعية المطعون ضدها الاولى اقامت الدعوى رقم 1612/18ق أمام محكمة القضاء الإدارى بالقاهرة – دائرة العقود والتعويضات ضد كل من المدعى عليهم بصفاتهم(
1- وزير التعمير بالدولة للاسكان واستصلاح الأراضى(
2- محافظة بنى سويف(
3- مدير عام الطرق ببنى سويف(
4- مدير عام الاسكان ببنى سويف(
5- رئيس مجلس إدارة شركة المقاولون العرب( وطلبت الجمعية المدعية فى ختام صحيفة الدعوى.
أولا : الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ قرار وزير الدولة للاسكان والتعمير واستصلاح الأراضى رقم 57 لسنة 1983 باسناد العمليات المشار إليها بصدر هذه الصحيفة إلى شركة المقاولون العرب(
ثانيا: الحكم بإلغاء هذا القرار(
ثالثا: الحكم بإلزام المدعى عليهم الأربعة الأول فى مواجهة المدعى عليه الخامس بأن يدفعوا متضامنين إلى الجمعية الطاعنة مبلغ مليونين من الجنيهات مع إلزامهم بالمصروفات ومقابل اتعاب المحاماه(
وقالت الجمعية شرحا لدعواها انه أعلن بجريدة الأهرام بتاريخ 25،26، 27/7/1983 عن مناقصة عامة من مديرية الطرق ببنى سويف عن عمليات رصف بدائرة المحافظة، وتقدمت الجمعية المدعية بعطائها بين مجموعة من شركات القطاع العام والخاص، وبتاريخ 14/9/1983 قررت لجنة البت فى العطاءات ان عطاء الجمعية المدعية هو أقل العطاءات سعرا واسندت أربع عمليات إليها ورفع الأمر إلى محافظ بنى سويف لاصدار القرار التنفيذى، وقد علمت الجمعية المدعية بتاريخ 28/9/1983أن المحافظ استدعى شركة المقاولون العرب وكان ترتيبها السادس ثم عرض الأمر على وزير الدولة للتعمير والأسكان واستصلاح الأراضى الذى اصدر القرار رقم 57 لسنة 1983 باسناد العملية إلى شركة المقاولون العرب رغم سابقة رسيها على الجمعية المدعية التى تظلمت من هذا القرار إلى المحافظ بتاريخ 29/9/1983وبتاريخ 5/11/1983 تسلمت الرد برفض تظلمها الأمر الذى اضطرت معه إلى رفع هذه الدعوى بالطعن على هذا القرار للأسباب الموضحة تفصيلا بصحيفة الدعوى التى تجملها:
1- صدر القرار المطعون فيه مخالفا لقانون المناقصات والمزايدات حيث سبق ان قررت لجنة البت فى العطاءات ارساء المناقصة على الجمعية المدعية صاحبة العطاء الأقل سعراً(
2- صدر القرار المطعون فيه مشوبا بعيب عدم الاختصاص حيث صدر من وزير الدولة للاسكان والتعمير وكان يتعين ان يصدر من محافظ بنى سويف لأن المحافظة هى التى اعلنت عن المناقصة(
3- صدر القرار المطعون فيه مشوبا بعيب الانحراف بالسلطة لانه لم يستهدف المصلحة العامة التى توجب اسناد العملية إلى الجهة التى تقدمت بأقل العطاءات سعرا وارست لجنة البت العملية عليها(
ومضت الجمعية المدعية إلى القول بأن تنفيذ القرار المطعون فيه يلحق بها اضرار يتعذر تداركها مما يخولها طلب وقف تنفيذه بصفة عاجلة كما أشارت فى طلب التعويض إلى أن القرار المطعون فيه الحق بها اضرار تتمثل فيما فاتها من ربح من القيام بالعملية المقدر لها ثلاثة من الجنيهات، وكذلك فى الاضرار الأدبية التى لحقت بسمعة الجمعية والتى تحول دون اسناد عمليات أخرى اليها، وانتهت الجمعية المدعية بعد ذلك إلى الطلبات السابق بيانها وقد قدمت الجمعية المدعية تأيدا لدعواها حافظة مستندات وقدم الحاضر عن الجهة الإدارية حافظتى مستندات ومذكرة بدفاعه وحاصل رد الجهة الإدارية على الدعوى ان المحافظة قامت بإجراء مناقصة عامة بتاريخ 24/8/1983 عن عملية رصف طرق بدائرة المحافظة وقد رست المناقصة العامة فى العمليات أرقام 1، 2،3،4 على الجمعية المدعية بمبلغ 2648939.900جنيها ورست العملية رقم 5 على شركة أولاد على مبلغ 330581.540جنيها وبذلك يكون اجمالى مبلغ المناقصة 2989521.440جنيها وحيث كانت شركة المقاولون العرب احدى الشركات المتقدمة لهذه المناقصة وقامت بتاريخ 24/9/1983 بتخفيض أسعارها إلى مبلغ 2978046.300جنيها لتنفيذ العمليات الخمس المذكورة وبذلك أصبحت أقل الأسعار المعروضة كما ان هذه الشركة مسند إليها أعمال مطار دنديل بالمحافظة قريباً من عمليات الرصف، ولما كانت الجهتان اللتان رست عليهما المناقصة غير قادرتين على تنفيذ أعمال المناقصة فى المدة المتبقية من العام الحالى فقد صدر القرار المطعون فيه باسناد العملية بأكملها إلى الشركة المذكورة وقضت الجهة الإدارية فى مذكرة دفاعها إلى القول بان القرار المطعون فيه صدر مطابقا لأحكام القانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال الخطة الاقتصادية حيث لم يتم ارساء المناقصة محل الدعوى على الجمعية المدعية لان العطاء لم يعتمد من السلطة المختصة وان ما اتخذته لجنة البت من إجراءات لا يعدو ان يكون توصية للسلطة المختصة لاعتمادها(
وبجلسة 23/11/1986 اصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه والسابق الاشارة اليه(
وأقامة المحكمة قضاءها على أساس انه اذا افضحت الإدارة عن ارادتها باتباع أسلوب المناقصة فأعلنت عنها فانه لا يجوز لها بعد ذلك أن تتحلل من المناقصة باتباع أسلوب أمر التكليف والا فان قرارها بتكليف احدى الشركات بالأعمال موضوع المناقصة يكون مخالفا لأحكام القانون وبذلك يكون القرار المطعون فيه باسناد هذه الأعمال إلى شركة المقاولون العرب – احدى الشركات التى تقدمت فى المناقصة ولم يتقرر ارساءها عليها – مخالفا لقانون تنظيم والمزايدات والتى تحظر بعد فتح المظاريف الدخول فى مفاوضات مع احد مقدمى العطاءات فى شأن تعديله عطائه وان اعتبر هذا القرار قراراً بإلغاء الناقصة فهو مخالف أيضاً لأحكام القانون المذكور لعدم توافر احدى الحالات المحددة على سبيل الحصر لإلغاء المناقصة ولما كان الثابت من الأوراق ان شركة المقاولون العرب قامت بالتنفيذ بالنسبة لبعض العمليات وجارى العمل بالبعض الاخر فانه لا محل لطلب الجمعية المدعية إلغاء القرار المذكور ويضحى هذا الطلب جديراً بالرفض. وفيما يتعلق بطلب التعويض أشارت المحكمة إلى أن خطأ الإدارة باصدار القرار المطعون فيه والمخالف للقانون قد رتب هذا القرار أضرارا مادية بالجمعية تختلف عن التكاليف التى تكبدتها فى دراسة المناقصة وتقديم العطاء وما فاتها من كسب مرتقب كما أصابها باضرار أدبية تمثلت فى وصف الجمعية بانها ليست على مستوى الكفاءة الفنية لتنفيذ هذه الأعمال مما قد يؤثر فى النهاية على العمليات التى تتقدم لها الجمعية مستقبلا وقد كانت هذه الأضرار نتيجة مباشرة للقرار الخاطئ (المطعون فيه) مما تتوافر معه رابطة السببية بين الخطأ والضرر وتنشأ المسئولية عن التعويض الذى قدرته المحكمة بمبلغ خمسين الف جنيه وانتهت المحكمة من ذلك إلى الحكم المشار اليه(
لم يرتض الطاعنان هذا الحكم فطعنا عليه للأسباب الموضحة تفصيلا بتقرير الطعن وحاصلها:
1- ان القرار المطعون فيه صدر استنادا للقانون رقم 147 لسنة 1962 بشأن تنفيذ أعمال خطة التنمية الاقتصادية والمادة الأولى من قرار وزير التعمير رقم 37 لسنة 1981 التى حددت حالات اصدار قرارات التكليف بتنفيذ الأعمال طبقا للقانون المذكور ومنها المشروعات أو العمليات المرتبطة بعمليات أخرى فى ذاتها الموقع(
2- ان ما تم فى شأن المناقصات موضوع النزاع لا يعدو ان يكون توجيه من لجنة البت أما قرار اسناد العمليات المطروحة فيصدر من السلطة المختصة طبقا للمادة 31 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم المناقصات والمزايدات وبذلك فان العمليات محل النزاع لم يتم ارساؤها على الجمعية المطعون ضدها ولم يتعلق لها حق بها، بل اقتضت اعتبارات المصلحة العامة اسناد هذه العملية إلى شركة المقاولون العرب باعتبارها احدى شركات القطاع العام ولارتباط هذه العمليات بعملية مطار دنديل التى تقوم الشركة بتنفيذها(
3- بالنسبة لطب التعويض لم يتوافر أركان مسئولية الإدارة لانتفاء ركن الخطأ لأن العملية لم تسند إلى الجمعية المطعون ضدها ولم يكن لها وقت تقديم عطائها الا مجرد الامل الذى لا يرتب حقا فى التعويض(
ومن حيث ان الثابت من الأوراق ان شركة المقاولون العرب التى اسندت إليها الأعمال موضوع المناقصة قد قامت بتنفيذها بالفعل فان طلب إلغاء قرار اسناد هذه الأعمال إليها بغية قيام الجمعية المطعون ضدها بها يكون على غير محل لاستنفاذ القرار لمقتضاه الأمر الذى تنتفى معه مصلحة الجمعية المدعية فى إلغاء هذا القرار ويعدو هذا الطلب تبعا لذلك غير مقبول(
ومن حيث ان استناد الجهة الإدارية فى اصدار قرار تكليف شركة المقاولون العرب بالعمليات موضوع المناقصة إلى القانون رقم 147 لسنة 1962 فى شأن تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية هو استناد فى غير محله لانه اذا كانت المادة الأولى من هذا القانون تجيز لوزير الاسكان والمرافق ان يكلف أيا من شركات أو منشآت المقاولات الداخلة فى القطاع العام تنفيذ الأعمال اللازمة لخطة التنمية الاقتصادية ويصدر أمر التكليف من الوزير إلى الشركة أو المنشأة مباشر، فان مناط اعمال هذا القانون الا تكون جهة الإدارة قد لجأت إلى أسلوب المناقصة وقامت بطرح العمليات المراد القيام بها فى مناقصة عامة طبقا لقانون المناقصات والمزايدات ثم واصلت إجراءات هذا الأسلوب بتلقى العطاءات ثم فتح المظاريف وقامت لجنة البت فى العطاءات بدارسة العطاءات المقدمة وقررت اختيار الجمعية المطعون ضدها باعتبار عطائها مقبولا فنيا مع كونه أقل العطاءات سعراً واذ أفصحت جهة الإدارة عن إرادتها باتباع إجراءات المناقصات فلا يجوز لها بعد ذلك ان تعدل عن المضى قدما فى هذه الإجراءات واصدار قرار اسناد العملية إلى الجهة التى تخلص إليها الإجراءات كما لا يجوز لها ان تتذرع بقانون تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية لاسناد العملية إلى شركة تقدمت بعطاء فى المناقصات لم يكن هو أفضل العطاءات ذلك أن مادة 16 من قانون تنظيم المناقصات والمزايدات رقم 9 لسنة 1983 قد حظرت تماما بعد فتح المظاريف الدخول فى مفاوضات مع احد مقدمى العطاءات فى شأن تعديل عطائه وبالتالى يكون التفاوض مع شركة المقاولون العرب لتخفيض أسعارها لكى تصبح أقل من أسعار الجمعية المطعون ضدها يعتبر عملا مخالفا للقانون لا يصلح سنداً سويا للقرار المطعون فيه(
ومن حيث انه متى كان ما تقدم فان الطعن الجهة الإدارية على الحكم يغدو لا سند له ويكون القرار المطعون فيه قد صدر مخالفا للقانون مرتبا الاضرار المادية والادارية التى أشار إليها الحكم المطعون فيه لما تتوافر معه مسئولية جهة الإدارة عن تعويض الجمعية المطعون ضدها بالتعويض المناسب الذى قدرته المحكمة مما يتعين مع الحكم برفض الطعن وإلزام جهة الإدارة الطاعنة المصروفات طبقا للمادة 184مرافعات(
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وبرفضه موضوعا والزمت الجهة الإدارية الطاعنة المصروفات(