طعن رقم 619 لسنة 39 بتاريخ 19/02/1994
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد المستشار/ فاروق عبد السلام شعت نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: رأفت محمد يوسف وأبو بكر محمد رضوان وغبريال جاد عبد الملاك وسعيد أحمد برغش نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
فى يوم الثلاثاء 29/12/1992أودع الأستاذ/ …….. المحامى نائبا عن الأستاذ/ ……المحامى وكيل عن الطاعنين بالتوكيلين رقمى 3296،3297 لسنة 1992الزقازيق قلم كتاب المحكمة تقرير طعن قيد برقم 619/39ق فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 29/11/1992 فى الدعوى رقم 900/19ق والقاضى بفصل الطاعنين من الخدمة.
وطلب الطاعنان- للسباب المبينة فى تقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وبصفة عاجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبراءة الطاعنين إلى النيابة الإدارية.
وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا بالرأى القانونى فى الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بعدم قبول الدعوى التأديبية محل الحكم المطعون فيه وما يترتب على ذلك من أثار.
ونظر الطعن أمام فحص الطعون بجلسة 24/2/1993 وبجلسة 27/10/1993 وبجلسة 27/10/1993 قدم الطاعنان حافظة مستندات وبجلسة 24/11/1993 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا.
ونظر الطعن أمام المحكمة بجلسة 1/1/1994 وبهذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فى الطعن بجلسة 5/2/1994 ثم قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم لجلسة 19/2/1994لإتمام المداولة وفى هذه الجلسة صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة.
من حيث أن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث أن عناصر المنازعة تخلص- حسبما يبين من الأوراق –فى أن النيابة الإدارية قد أقامت الدعوى رقم 900/19 أمام المحكمة التأديبية بالمنصورة مشتملاة على تقرير اتهام ضد:
1-…….. رئيس وحدة إدارية بمدرسة ردين الابتدائية التابعة لإدارة أبو حماد التعليمية بمحافظة الشرقية (درجة ثالثة).
2- …….. مفتش تموين بإدارة الرقابة التموينية بمديرية التموين بمحافظة الشرقية (درجة ثالثة)
لأنهما بتاريخ 22/2/1989 بدائرة مديرية التربية والتعليم ومديرية التموين بمحافظة الشرقية وبوصفها السابق سلكا مسلكا وظيفيا معيبا ولم يحافظ على كرامة الوظيفة وخرجا على مقتضياتها بأن:
الأولى- ارتكبت جريمة الزنا مع المخالف الثانى حال كونها زوجة للموطنين …… وبمسكن الزوجية.
الثانى: اشترك مع المخالفة الأولى فى ارتكاب جريمة الزنا بمسكن الزوجية الخاص بمخالفة الأولى وبذلك يكون المتهمان قد ارتكبا المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادة 76/3 من القانون رقم 47لسنة 1978بنظام العاملين المدنيين بالدولة، وطلبت النيابة الإدارية محاكمة المتهمين بالمواد الواردة بتقرير الاتهام.
وبجلسة 29/11/1992 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة الحكم المطعون فيه وأقامت قضاءها على أن الثابت أن المتهمة الأولى قد ارتكبت جريمة الزنا بمسكن الزوجية بالاشتراك مع المتهم الثانى وقضت محكمة جنح مركز الزقازيق بمعاقبتهما فى القضية رقم 2664/1989 بالحبس لمدة سنة مع الشغل وكفالة مائتى جنيه لوقف التنفيذ وتم استئناف هذا الحكم وقضى فيه من محكمة الجنح المستأنفة – إلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ولما كان قد ورد بحيثيات الحكم الاستئنافى أنه قد ثبت فى حق المتهمين الزوجة وشريكها ارتكاب جريمة الزنا المنصوص عليها فى المادتين 274/276 عقوبات وبالتالى فإن ما نسب إلى المتهمين فى تقرير الاتهام من ارتكابهما لجريمة الزنا قد ثبت فى حقهما بموجب حكم قضائى حائز لقوة الأمر المقضى وتتقيد به المحكمة إذ من المقرر أن القضاء الإدارى يتقيد بما أثبته القاضى الجنائى فى حكمه من وقائع كان الفصل فيها لازما ومتى كان ذلك فإن ارتكاب الطاعنين الجريمة الزنا يشكل مخالفة تأديبية صارخة وينطوى على إهدار لقيم المجتمع من هدم الأصول الدين ويتضمن انحرافا خلقيا يمس السلوك القويم وحسن السمعة مما يتعين معه إقصاؤهما من الوظيفة العامة بفصلهما من الخدمة.
ومن وحيث أن الطعن يقوم على الأسباب الآتية:
أولا- أن المحكمة التأديبية مقيدة بما تقضى به المحكمة الجنائية وهذا ما أقره الحكم المطعون فيه ولكنه التزام بالحكم الجنائى الابتدائى الذى قضى بتوقيع العقوبة على المتهمين بيد أنه لما كانت محكمة الجنح المستأنفة قد ألغت الحكم الابتدائى وقضتا بانقضاء الدعوى الجنائية بتنازل الزوج عن شكواه وكان المشرع الجنائى قد قرر انقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ليسدل الستار على دعواى الطرفين حفظا على مستقبل العائلة والأولاد فقد كان جديرا بالقضاء الإدارى أن يتجه ذات المجنى سد الباب الإشاعات التى تنضر بسمعة العائلة لأن انقضاء الدعوى الجنائية يستتبع انقضاء الدعوى التأديبية بحكم التشريع والواقع ها فضلا عن أن المحكمة التأديبية لم تحقق دفاع المتهمين من أن هذه التهمة ملفقة من جانب الزوج لوجود خلاف بينه وبين زوجته وشاركه فى التلفيق ضابط المباحث إلذى يكيد للمتهمة بسبب شكواها- المرفق صدورها بالأوراق- ضده لرؤسائه.
ثانيا: أن المتهمين قدما إلى المحكمة التأديبية قسيمة زواج بأنهما ارتبطا بعقد زواج بعد طلاق المتهمة من زوجها السابق وانتظمت حياتهما برباط شرعى كان من شأنها إزالة أى أثر للشائعات التى دبرها الزوج السابق وجعل منها قضية جنائية وهى مجرد واقعة ملفقة ظاهرة البهتان ويكون من الظلم البين عزلهما من وظيفتهما كجزاء لإشاعة كاذبة انتهت بقضاء المحكمة بالتنازل الذى يكمن فى الرجوع إلى الحق وطالما كانت سمعتها الوظيفية محل تقدير واحترام كما دلت على ذلك الشهادات افدارية المرفقة.
ومن حيث أن المادة الثالثة من قانون الإجراءات الجنائية تنص على أنه يجوز أن ترفع الدعوى الجنائية إلا بناء على شكوى شفهية أو كتابية من المجنى عليه أو من وكيله الخاص إلى النيابة العامة إلى أحد مأمورى الضبط القضائى فى الجرائم المنصوص عليها فى المواد 158،274،277، من قانون العقوبات وكذلك فى الأحوال الأخرى التى ينص عليها القانون والجريمة المنصوص عليها فى المادتين 274،277 هى جريمة زنا الزوجة وزنا الزوج وتنص المادة العاشرة من هذا القانون على أن لمن قدم الشكوى أو طلب فى الأحوال المشار إليها فى المواد السابقة….. أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب فى أى وقت إلى أن يصدر فى الدعوى الجنائية بالتنازل…
ومن حيث أن المحكمة التى قصد إليها المشرع من إعطاءه الزوج او الزوجة حق التنازل عن شكواه فى جريمة الزنا فى أية حالة كانت عليها الدعوى قبل صدور حكم نهائى فيها ولو لأول مرة أمام محكمة النقض هى ما لجريمة زنا أحد الزوجين من طبيعة خاصة تقتضى المحافظة على العائلة والتسير على الأعراض بقدر الإمكان ومن أجل ذلك منح المشرع هذا الحق فى التنازل فى الفقرة الأخيرة من المادة العاشرة المشار إليها للأولاد بعد وفاة الزوج الشاكى كما أنه ربط بين مصير الشريك ومصير الزوج أو الزوجة بحيث لا يجوز إقامة الدعوى الجنائية قبل الشريك أو الشريكة وحدهما وذلك لأن جريمة الزنا لا تتجزأ أو بعبارة أخرى أن الفضيحة لا تتجزأ فإن أثر الزوج المجنى عليه السكوت سترا للفضيحة ورعاية لمصلحة العائلة استفاد الشريك تبعا للزوجة وإذا تنازل الزوج عن شكواه تعين الحكم بانقضاء الدعوى الجنائية وهذه الحكمة أيضا تقتضى منع إثارة هذه الجريمة فى المجال الإدارى التأديبى بحيث القضاء بانقضاء الدعوى التأديبية المقامة عن تلك الجريمة حفاظا على العائلة وسترا للأعراض وإلا كان فى التعرض لهذه الجريمة التأديبية تأديبا تأثيم وإدانة لهذا الفعل ونشر للفضيحة مما يخل بالهدف الذى رمى إليه التشريع ويفوت الحكمة التى قام عليها وعلى غير رغبة صاحب الشأن المجنى عليه الذى أعطاه المشرع الحق فى التستر على عرضه والحفاظ على عائلته أن يوقف ما من شانه إشاعة الفاحشة أو المساس به وعائلته وبناء عليه فلا يجوز محاكمة الزوج أو الزوجة أو شريكهما تأديبيا إذا كانوا موظفين عمومين عن جريمة الزنا متى كان الزوج المجنى عليه قد تنازل عن شكواه وانقضت الدعوى الجنائية عن تلك الجريمة بهذا التنازل إذا لا تتحقق حكمة التنازل إذا أمكن إثارة الفضيحة عن طريق الدعوى التأديبية.
ومن حيث أن الثابت من الأوراق أن الطاعنين قد قدما إلى المحكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جريمة الزنا حال كون المتهمة الأولى زوجة للمواطن……. وقضت محكمة جنح مركز الزقازيق بجلسة 25/6/1989 بمعاقبتهما بالحبس مع الشغل فاستأنف المتهمان هذا الحكم وبجلسة 20/12/1989 قضت محكمة الجنح المستأنفة بإلغاء الحكم المستأنف وانقضاء الدعوى الجنائية بالتنازل ولما كان الثابت أن النيابة الإدارية قدمت الطاعنين إلى المحاكمة التأديبية بتهمة ارتكابهما جريمة زنا الزوجة بالنسبة للمحالة الأولى واشترك المحال الثانى فى ارتكاب هذه الجريمة ومن ثم فإنه تحقيقا للحكمة من التنازل بمنع إثارة موضوع الزنا بأى طريق مباشر أو غير مباشر حفاظا على مصلحة العائلة وشرفها فلا يجوز محاكمة المذكورين تأديبيا لأن ذلك لابد وأن يتعرض لمسألة الزنا وغا كان قضاء محكمة النقض قد جرى على أنه إذا امتنع على النيابة رفع دعوى الزنا فلا يقبل إثارة موضوعها بطريقة غير مباشر فلا يجوز رفع الدعوى على الشريك بالمادتين 370، 371 من قانون العقوبات0- بتهمة دخوله المحل الذى ارتكب فيه الزنا واختفائه عن أعين من لهم الحق فى إخراجه لأن ذلك لابد من تناول البحث فى مسألة الزنا (شرح قانون الإجراءات الجنائية للدكتور محمود مصطفى – ص 71طبعة 1963) فإنه من باب أولى لا يجوز المساءلة تأديبيا عن جريمة الزنا متى كان الزوج المجنى عليه قد تنازل عن الدعوى الجنائية بل يجب فى هذه الحالة الحكم بانقضاء الدعوى التأديبية وإذ ذهب الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك وقضى بمجازاة الطاعنين بالفصل من الخدمة فإنه يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون مما يتعين معه الحكم بإلغائه والقضاء بانقضاء الدعوى التأديبية قبل الطاعنين.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبانقضاء الدعوى التأديبية قبل الطاعنين.