طعن رقم 774 لسنة 32 بتاريخ 12/05/1992 الدائرة الثالثة
___________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ د. أحمد مدحت حسن على وعويس عبدالوهاب عويس وأحد أمين حسان محمد و د. محمد عبد البديع عسران نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء الموافق 5/2/1985 أودع الأستاذ/ أحمد وجيه عبد المجيد قابيل المحامى بصفته وكيلاً عن الطاعن بتوكيل رسمى عام رقم 356 السنة 1984 عام جنوب القاهرة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بالسجل العام تحت رقم 774 لسنة 32 قضائية عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بجلسة 8/12/1985 في القضية رقم 463 لسنة 33 ق والذى قضى بالزام شركة النصر للتصدير والاستيراد بأن تدفع للشركة المدعية مبلغاً وقدره 103410.370 جنيه (فقط ثلاثمائة آلاف وأربعمائة وعشرة جنيهات و 370/1000 مليماً) على سبيل التعويض عن عمليتى الزيت والبراميل ورفضت ماعدا ذلك من طلبات وتحميل الشركة المدعية بمصروفات هذه الدعوى. وطلب الطاعن – للأسباب الواردة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بتعديل الحكم المطعون فيه إلى أن يكون التعويض الذى يقضى به لصالحها ضد شركة النصر للتصدير والاستيراد ووزارة الزراعة متضامنين مبلغ مليون دولار وذلك بصفة أصلية واحتياطياً بما يعادل هذا المبلغ بالجنيه المصرى على أساس السعر المعلن من البنك المركزى في تاريخ تنفيذ الحكم فضلاً عن الفوائد والمصاريف والأتعاب عن درجتى التقاضى.
وأعلن الطعن قانوناً، وأودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فيه قبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وإلزام الطاعن المصروفات.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 21/11/1990 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 20/3/1991 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الثالثة) وحددت لنظره جلسة 7/5/1991 وفى هذه الجلسة والجلسات التالية نظرت المحكمة الطعن على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبجلسة 28/1/1992 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة 17/3/1992 وفى هذه الجلسة قررت مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم لإتمام المداولة وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانونى مستوفياً أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص – حسبما يبين من الأوراق – في أن الطاعن بصفته أقام الدعوى رقم 452 لسنة 1976 تجارى كلى جنوب القاهرة أودع صحيفتها قلم كتاب محكمة جنوب القاهرة بتاريخ 25/10/1976 طالباً فيها الحكم:
أولاً: بصحة ونفاذ العقد المبرم بين الشركة المدعية (الطاعنة) والشركة المدعى عليها الأولى (المطعون ضدها الأولى) والمؤرخ في 12/2/1975 والخاص بعملية توريد 3000 طن زيت معدنى و 42000 برميل معدنى وفقاً للمواصفات وطبقاً للأسعار المحددة.
ثانيا: بصفة مستعجلة تعديل الاعتمادات المفتوحة لدى المدعى عليه الثالث والخاصة بإذنى الاستيراد رقمى 121 بتاريخ 30/3/1975، 13 بتاريخ 8/4/1975 وجعلها بالعملات الحرة نقداً بدلاً من الاتفاقيات طبقاً لشروط التعاقد حتى تتمكن الشركة من شحن البضاعة وتنفيذ الأمر رقم 191 لسنة 1976 تجارى كلى جنوب القاهرة.
ثالثاً: إلزام المدعى عليهما الأول والثانى بأن يدفعا للشركة المدعية بالتضامن فيما بينهما مبلغ نصف مليون جنيه مصرى تعويضاً عما ترتب على تأخير تنفيذ العملية من أضرار مع إلزام المدعى عليهما الأول والثانى بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وبجلسة 25/12/1976 قررت المحكمة إحالة الدعوى ودعاوى أخرى مرتبطة مقامة من المطعون ضدهما الأول والثانى ضد الطاعن إلى محاكم مجلس الدولة للاختصاص ووردت هذه الدعاوى جميعاً حيث قيدت بقلم كتاب محكمة القضاء الإدارى تحت رقم 463 لسنة 33 ق وفى مجال شرح الشركة لدعواها أبدت أنه في غضون شهر فبراير سنة 1975 طرحت شركة النصر للتصدير والاستيراد مناقصة عالمية لتوريد منتجات غير نمطية وبمواصفات خاصة وهى توريد 3000 طن زيت معدنى، 42000 برميل معدنى لحساب وزارة الزراعة فتقدمت الشركة المدعية بعروضها في هذه المناقصة وبتاريخ 12/2/1975 تسلمت الشركة المدعية (تلكس) من شركة النصر نصه يسرنا تثبيت حوالى 65000 برميل بسعر 2.78 دولار للبرميل فوب وحوالى 3000 طن زيت معدنى بسعر 312 دولاراً (س.أند.أف) سنخطركم خلال أيام بتحديد الكميات النهائية وقد اعتبرت الشركة أن العملية قد رست عليها بالأسعار والشروط التى حددتها إلا أن الكمية لم تحدد بعد وبتاريخ 17/2/1975 تسلمت الشركة المدعية البرقية الآتية من شركة النصر (يسرنا تثبيت الكميات الآتية بصفة نهائية: أ) 2000 طن زيت معدنى درجة أولى بسعر صاف 312 دولار للطن من (س.أند.أ) الأسكندرية وللشحن خلال مايو ويونيو سنة 1975 ب) 42000 برميل معدنى بسعر صاف 2.78 دولاراً للبرميل فوب برشلونة أو ثالبسنا) بتسلم هذه البرقية تم التعاقد بين الشركة المدعية والشركة المدعى عليها الأولى وتنفيذاً لهذا التعاقد قامت شركة النصر باستخراج إذن استيراد برقم 131 في 30/3/1975 لاستيراد 3000 طن زيت معدنى ونص في ترخيص الاستيراد” اعتماد مستندى معزز بالعملة الحرة وكهذا يعنى أن الدفع نقداً بالعملات الحرة وليس بنظام الاتفاقيات وكان هذا شرط الشركة المدعية في العطاء وكذلك استخرجت شركة النصر ترخيص الاستيراد رقم 13 في 8/4/1975 لاستيراد 42000 برميل معدنى بسعر 2.78 دولار للبرميل الواحد وتحرر بذات طريقة الترخيص الأول (عملات حرة) نقداً وأمام طريقة الدفع عبارة اعتماد مستندى معزز بالعملات الحرة).
وبتاريخ 23/4/1975 تقدمت الشركة المدعية إلى البنك الأهلى المصرى بطلب فتح الاعتمادات الخاصة بهذه العملية إلا أن الشركة فوجئت بأن الاعتمادات لم تفتح بالعملات الحرة حسب الاتفاق وشروط المناقصة وإنما فتحت من حساب الاتفاقات بينما حساب الاتفاقات مع أسبانيا خال ولا يمكن الاستفادة به فأخطرت الشركة المدعية الشركة المدعية عليها تليفونياً بما حدث وطلبت منها سرعة تعديل الاعتماد ليكون الدفع بالعملات الحرة وليس بالاتفاقيات طبقاً للشروط وأكدت المحادثة ببرقية وبتاريخ 25/5/1975 تسلمت الشركة المدعية من الشركة المدعى عليها البرقية التالية “تسلم اليوم البنك الأهلى موافقة وزارة الاقتصاد بتعديل الاعتمادات لتكون بالعملات الحرة سيتم تنفيذه خلال أيام وانتظرت الشركة المدعية إجراء هذا التعديل، إلا أن ذلك لم يتم رغم إخطارها الشركة المدعى عليها عدة مرات بأن في بقاء هذا الوضع ضرراً جسيماً بالشركة المدعية لسبب احتمال تلف البضاعة وزيادة مصاريف التخزين وفوائد المبالغ المجمدة وأن كل ذلك سيعيب الثمن بالزيادة ورغم كل ما قدمته من شكاوى للجهات المسئولة واتخاذ الإجراءات اللازمة إلا أن الشركة المدعى عليها لم تقم بفتح الاعتمادات بالعملات حتى يمكن الشحن مما حدا بالشركة المدعية إلى إقامة دعواها بطلباتها سالفة البيان.
وبجلسة 8/12/1985 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على ما قضت به المحكمة – بهيئة أخرى – في الحكم التمهيدى الصادر – بجلسة 4/7/1982 بندب خبير في الدعوى محل الطعن حيث فصلت في بعض عناصر النزاع موضوعياً بحكم قطعى يمتنع مع العودة إليها مرة أخرى إذ قطعت في مبدأ التعويض المستحق للشركة الطاعنة على أساس إخلال شركة النصر بالتزاماتها وفى طبيعة العلاقة بين شركة النصر للتصدير والاستيراد وكل من وزارة الزراعة وشركة ابسببا بينت أنها وكالة بالعمولة، كما حددت المسئولية بالنسبة لعمليتى الزيت المعدنى والبراميل على أساس إخلال شركة النصر بالتزامها بفتح الاعتمادات لشركة ابسببا بالعملات الحرة وليس بالحساب القابل للتحويل كما أنه في العلاقة بين شركة النصر ووزارة الزراعة بين الحكم أن وزارة الزراعة هى التى أخطأ بعدم استكمال إجراءات تعديل الاعتماد وليكون بالدولار الحر وليس بالحساب القابل للتحويل وفى حدود طلبات الخصوم ومما تقدم من أسباب قضت المحكمة في الحكم التمهيدى بالنسبة للدعوى المقامة من شركة ابسبا بعدم قبلوها بالنسبة لوزير الزراعة وبقبولها بالنسبة لشركة النصر وإحالة طلب التعويض من عمليتى الزيت المعدنى والبراميل – قبل الفصل فيه – إلى مكتب خبراء وزارة العدل لتحديد عناصر التعويض ومقداره فأحيلت الأوراق إلى الخبير المنتدب وبعد ورود التقرير قضت المحكمة بالحكم المطعون فيه وقصرت أسبابه على ما تم الفصل فيه من عناصر النزاع بقضاء موضوع قطعى أما ما سبق الفصل فيه فقررت أنها لا تعود إلى مناقشته حتى ولو حاول الخصوم ذلك لكونه غير جائز قانوناً، وعن مسألة تقدير التعويض المستحق للشركة قبل شركة النصر والذى قام الخبير المنتدب بتقديره بمبلغ إجمالى 141816 ج لمجابهة ما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب على التفصيل الذى تضمنه التقدير فإن المحكمة في الحكم محل الطعن الماثل قدرت التعويض المستحق للشركة الطاعنة بمبلغ 103410ج على أساس أن الشركة الأخيرة لم تستطع أن تقدم للخبير مستنداً قاطعاً ومنتجاً في بيان مدى الضرر الذى عاد عليها كما أن ما لحق الشركة الطاعنة من ضرر كان بإسهام منها وفقاً لما صدر عنها من أفعال سجلت عليها وأشار إليها الحكم الصادر بجلسة 4/7/1982 ومن ثم فإن التقدير الوارد بتقرير الخبير لتعويض الشركة بواقع 30% من الأسعار المتفق عليها بالعقد (فوب) عما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب يكون محل نظر من المحكمة لأنه لم يدخل في حساب هذا التقدير جوانب الخطأ الثابتة قبل الشركة المدعية وما يمكن أن يستغرقه هذا الخطأ من قيمة التعويض التى ارتأها الخبير الأمر الذى رأت معه المحكمة تقدير التعويض بواقع 20% من الأسعار بدلاً من 30% لتغطية كل جوانب الضرر الذى لحق الشركة بما قيمته 103410.370 جنيه وبالنسبة للفوائد قالت المحكمة إن: تقدير قيمة التعويض على النحو المتقدم لا يستحق عنه فوائد تأخيرية الأمن تاريخ الحكم به إذ أن التعويض المستحق لم يكن معلوم المقدار وقت رفع الدعوى.
وإذ لم يلق الحكم المطعون فيه قبول لدى الطاعن فقد أقام عنه هذا الطعن الذى بينه على مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وتأويله للأسباب الآتية:
أولاً: أخطأ الحكم المطعون فيه حين تصدى لتقدير التعويض الذى تطلبه الشركة الطاعنة من وجهين 1- أنه خالف ما قضى به الحكم الآمر بندب خبير والذى قضى قطعياً في جانب من الخصومة رغم أن حجية هذا الحكم تنبسط على كل ما يصدر من المحكمة من أحكام أو قرارات في ذات درجة التقاضى.
2- أنه خالف قواعد المسئولية لتنفيذ العقد عيناً أو بطريق التعويض أو بفسخه ذلك أن الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بجلسة 4/7/1982 انتهى في أسبابه بعد أن كيف العقد بين شركة النصر ووزارة الزراعة أنه وكالة بالعمولة إلى رفض الدعوى ضد وزارة الزراعة ومناقشة المسئولية بين الشركة الطاعنة وشركة النصر. إلا أن الحكم بعد أن سجل أنه لا مسئولية على الشركة الطاعنة حاد عن ذلك وحاول أن يثبت خطأ في جانبها ليصل من ذلك تارة إلى خفض التعويض وأخرى إلى رفضه بالنسبة للتعويض الأدبى كل ذلك كان له أثره في تغيير وجه الرأى في الدعوى لخفض التعويض إلى درجة غير منصفة.
ثانياً: أخطأ الحكم في تطبيق القانون عند تقرير الضرر ذلك أن الخبير قدر الضرر عند وقوعه بمبلغ 358830 دولاراً ثم حوله إلى جنيه مصرى على أساس سعر الصرف في وقت وقوع الضرر لينزل به إلى مبلغ 141816 جنيهاً مصرياً إلا أن العبرة في تقدير الضرر هو بتاريخ صدور الحكم في الدعوى واستشهد الطاعن بحكم للنقض تعرضت له المحكمة بأن هذا الحكم يتناول الضرر المتغير بينما الضرر محل الدعوى لم يتغير وكما استشهد الطاعن بحكم حديث للنقض وبما تضمنته كتب الشراح تأييداً لوجهة نظره. وأضاف أن انخفاض القوة الشرائية للنقود دفعه إلى تعديل طلبه إلى طلب تعويض مقداره مليون دولار مع طلب احتياطى إذا تمسك المدعى عليه بالدفع بالعملة المصرية وأن ذلك من حقه بعد حرمانه مما يستحقه من تعويض طوال عشر سنوات بسبب اللدد في الخصومة والدعوى الفرعية والمضادة التى رفعها المطعون ضدهم وأغفل الحكم المطعون فيه الرد على ذلك وهو إهدار لحق الدفاع.
ثالثاً: أما عن السبب في رفع مبلغ التعويض فلأنه أصبح يحتوى على نوعين من التعويض تعويض عن التأخير في التنفيذ وتعويض عن عدم التنفيذ ويجوز الجمع بين التعويضين مادام لم يقم المدين بتنفيذ التزامه تنفيذاً عينياً. والتعويض هنا ينبنى على المسئولية التقصيرية لا المسئولية العقدية، لأن العقد بعد أن فسخ لا يصلح أن يكون أساساً للتعويض وإنما أساس التعويض هو خطأ المدين ويعتبر العقد هنا واقعة مادية لا عملاً قانونياً كما في البطلان فيصبح إذن للدائن أن يحصل على التعويض الذى طلبه الطاعن بالدولار وليس بالجنيه المصرى كما صدر به الحكم المطعون فيه.
رابعاً: الخطأ في الاستدلال بالنسبة لرفض الحكم المطعون فيه التعويض عن الضرر الأدبى.
فإنه أيا كانت الحرية التى خولها القانون لقاضى الموضوع في تقدير الأدلة فإنه يظل ملزماً بأن يأخذ أسباب قضائه مأخذاً صحيحاً من الأوراق وأن يعمل مطلقاً سليماً في هذا الصدد فلا يجوز أن تؤدى واقعة النزاع في المنطق السليم إلى أن الشركة لا تقيم وزناً لسمعتها بينما هى تكافح لاتمام الصفقة في شقها الكبير الذى لا تقاس عليه انقاذاً لهذه السمعة، فضلاً عن أن الحكم افترض أن تقصيراً من الشركة في صفقة واحدة أو جزء يسير منها – على فرض حدوثه – يعنى أنا استغنت عن اسمها التجارى وسمعتها، والتعويض عن الضرر نص عليه القانون المدنى.
وأثناء نظر الطعن أمام دائر فحص الطعون قدمت الشركة الطاعنة مذكرة بدفاعها انتهت فيها إلى طلب الحكم بطلباتها المبينة بتقرير الطعن. كما قدم الحاضر عن المطعون ضده – الثانى مذكرة دفاع عقب فيها على ما ورد بتقرير الطعن وطلب في ختامها رفض الطعن.
ومن حيث أنه بادئ ذى بدء يتعين التنويه إلى أن الطعن الماثل ينصرف إلى ما فصلت فيه المحكمة بالحكم المطعون فيه الصادر بجلسة 8/12/1985 أما عناصر النزاع الأخرى التى فصلت فيها محكمة القضاء الإدارى موضوعياً بجلستها المنعقدة 4/7/1982 وبحكم قطعى فلا يجوز التعرض لها بعد أن أصبح باتا بعدم الطعن عليه وحائزاً لقوة الأمر المقضى به وعنواناً للحقيقة فيما فصل فيه من بعض عناصر النزاع مما يمتنع العودة إليها مرة أخرى.
ومن حيث إنه في ضوء ما تقدم فإن عناصر النزاع محل الطعن ترتبط بشركة النصر للتصدير والاستيراد وفى تقدير التعويض المستحق للشركة المدعية قبل الشركة المدعى عليها من عملية توريد الزيت المعدنى والبراميل. ولا شأن لوزارة الزراعة في التضامن مع شركة النصر في أداء مبلغ التعويض المحكوم به باعتبار أن الحكم الصادر بجلسة 4/7/1982 بعدم قبول الدعوى بالنسبة لوزير الزراعة بصفته قد حاز قوة الأمر المقضى به الذى يتعين معها رفض طلب الطاعن الزام وزارة الزراعة بالتضامن مع شركة النصر بأداء مبلغ التعويض لقيامه على غير سند من القانون.
ومن حيث إنه عما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه من الخطأ في تطبيق القانون وتأويله والإخلال بحق الدفاع على النحو المشار إليه تفصيلاً بأسباب الطعن فالثابت من الأوراق أن حكم القضاء الإدارى الصادر بجلسة 4/7/1982 الذى أصبح باتا بعدم الطعن عليه قد أقر مبدأ التعويض المستحق لشركة ابسببا الإسبانية بقضاء قطعى استناداً إلى إخلال شركة النصر بالتزامها بعدم استكمال إجراءات تعديل الاعتماد ليكون بالدولار الحر بدلاً من الحساب القابل للتحويل إلا أن المحكمة بحكمها المشار إليه أحالت أمر بحث تقدير هذا التعويض إلى الخبير الذى أودع تقريره في الدعوى وانتهى فيه إلى تقدير قيمة ذلك التعويض
بواقع 30% من الأسعار المتفق عليها بالعقد (فوب) وذلك عما لحق الشركة المدعية من خسارة وما فاتها من كسب، ليكون ذلك محلاً لنظر المحكمة عند الفصل في تقدير التعويض.
ومن حيث إن المادة 221 من القانون المدنى تقضى بأن يقدر القاضى التعويض إذا لم يكن مقدراً في العقد أو بنص في القانوكن، كما أنه يتعين عند تقدير التعويض تقصى وجود الخطأ المشترك وأثره وذلك عملاً بالقاعدة الواردة في المادة 216 من القانون المدنى والتى جرى نصها على أن يجوز للقاضى أن ينتقص مقدار التعويض أولا يحكم بتعويض إذا ما كان الدائن بخطئة قد اشترك في إحداث الضرر أو زاد فيه” ومؤدى هذه القاعدة أن المضرور لا يتقاضى في كل الأحوال تعويضاً كاملاً بل يتحمل نصيبه من المسئولية إذا كان هناك ما يدعو لذلك.
ومن حيث إن الثابت أن شركة النصر للتصدير والاستيراد قد أتمت جميع الإجراءات اللازمة للاستيراد وطبقاً للقوانين والقرارات المعمول بها في جمهورية مصر العربية والتى تحظر الاستيراد بغير الحصول على الموافقة الاستيرادية من السلطات المختصة وفتح اعتماد بنكى بالقيمة بناء على طلب الجهة المستوردة – وذلك كله فيما عدا ما نسب إليها من خط أثبته حكم المحكمة بجلسة 4/7/1982 السابق الإشارة إليه – وقد امتنعت الشركة الطاعنة من جانبها عن التوريد في المواد المحددة بالعقد والموافقة الاستيرادية وطوال فترة سريان فتح الاعتماد الحسابى القابل للتحويل وطلبها مد الأجل لمدة أخرى بهدف تعديل الاعتماد وجعله بالدولار الحر إلى أن سقطت الموافقات الاستيرادية واستحال تنفيذ الالتزام بفوات المواعيد المحددة لتنفيذه بدلاً من أن تبادر إلى التنفيذ وشحن مشمول العقد إظهاراً لجديتها في التمسك بالعقد وحسن نيتها في تنفيذه وتكون بذلك قد ساهمت بموقفها هذا في استحالة التنفيذ بانتهاء الوقت المحددة لتنفيذه ومن ثم انفساخ العقد من تلقاء نفسه إعمالاً لنص المادة (159) من القانون المدنى التى تنص على أنه فى العقود الملزمة للجانبين إذا انقضى التزام بسبب استحالة تنفيذه انقضت مع الالتزامات المقابلة له وينفسخ العقد من تلقاء نفسه ويترتب على ذلك عودة المتعاقدين إلى الحالة التى كانا عليها قبل العقد. ومن الأمور المسلمة في العقود كافة سواء كانت عقوداً إدارية أو مدنية أن الخطأ العقدى هو عدم قيام المدين بتنفيذ التزاماته الناشئة عن العقد أيا كان السبب في ذلك ويستوى في ذلك أن يكون عدم التنفيذ ناشئاً عن عمده أو عن إهماله أو فعله دون عمد أو إهمال.
ومن حيث أنه على هدى ما تقدم ولما كان تقرير الخبير المنتدب في الدعوى قد ذهب إلى تعويض الشركة المدعية بواقع 30% من الأسعار المتفق عليها بالعقد (فوب) عما لحقها من خسارة وما فاتها من كسب وكان رأى الخبير لا يقيد المحكمة إعمالاً لصريح نص المادة (156) من قانون الإثبات فضلاً عن أن ما انتهى إليه الخبير من رأى لم يضع في الحسبان جوانب الخطأ الثابتة قبل الشركة الطاعنة وما يمكن أن يستغرقه هذا الخطأ من قيمة التعويض الذى ارتأه الخبير فإن الحكم المطعون فيه وقد قدر قيمة التعويض بواقع 20% من الأسعار وعلى نحو ما أثبته تفصيلاً لعناصر هذا التقدير وما انتهى إليه من تقدير التعويض بمبلغ 103410.370 جنيه هو أمر يتفق وصحيح حكم القانون ولا وجه لما يثيره الطاعن في أوجه طعنه من أنه كان يتعين تقدير التعويض وقت صدور الحكم لأن ذلك لا يتأتى إلا إذا كان الضرر متغيراً. أما إذا كان الضرر ثابتاً كما هو الحال في النزاع الماثل حيث استقرت عناصر تقرير قيمته وقت حدوثه فإن العبرة في هذه الحالة في تحديد مقدار التعويض يكون بوقت حدوث الضرر كما لا يغير من ذلك طلب الشركة الطاعنة تعويضها بمبلغ مليون دولار واحتياطياً ما يقابل هذا المبلغ بالعملة المصرية إذ طلبها هذا لا يجد له صدى من الأوراق أو الأدلة التى تؤيد حدوث هذا الضرر الذى يوازى قيمته هذا المبلغ خاصة وقد ثبت من الأوراق أن الشركة المدعية لم تقدم للخبير مستنداً قاطعاً ومنتجاً في بيان مدى الضرر الذى لحق بها واقتصرت على تقديم شهادات من بعض الشركات بما تكلفته من نفقات، وكلها لا ترقى لأن تكون بذاتها دليلاً كافياً يمكن التعويل عليه علاوة على أن المحكمة عند تقديرها للتعويض المشار إليه قد استندت في ذلك إلى عناصر أساسية صحيحة مستمدة من وقائع النزاع الثابتة بالأوراق وما ورد بتقرير الخبير المنتدب.
ومن حيث أنه عن طعن الشركة القائم على عدم تقدير تعويض عن الضرر الأدبى الذى لحق بها. فإن الأوراق قد خلت من أى دليل أو مستند يفيد وقوع أضرار أدبية على الشركة الطاعنة سوى ما ذكرته من أنها قد ظهرت بمظهر المتراجع عن الوفاء بالتزاماتها وهو أمر يكفى مجرد ذكره لإثبات الضرر الأدبى لأن العدول عن تنفيذ الصفقات التجارية موقف مألوف في المعاملات وعدم الوفاء بالالتزامات العقدية له أسباب شتى، وهذا أو ذاك عند حدوثه، لا يشكل بذاته مساساً بأطرافه، ولا يعول عليه وحده في القضاء بتعويض مالى، لأنه حتى الضرر الأدبى واجب الإثبات، ويلزم القطع بدليل عليه، وهو ما لم يتوفر في العناصر المطروحة للنزاع.
ومن ثم لا يكون للشركة الطاعنة حق في التعويض عن الضرر الأدبى.
ومن حيث أن تأسيساً على ذلك وإذ أخذ الحكم المطعون فيه بالنظر المتقدم فإنه يكون قد صادف القانون في صحيحة ويكون الطعن فيه على غير أساس سليم من القانون واجب الرفض وإذ خسر الطاعن هذا الطعن فقد حق الزامه بمصروفاته.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الطاعن المصروفات.