طعن رقم 7770 لسنة 30 بتاريخ 14/04/1990
برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة:-
المستشار عبد الفتاح السيد بسيوني نائب رئيس مجلس الدولة
المستشار عبد الفتاح محمد إبراهيم صفر نائب رئيس مجلس الدولة
المستشار محمود مجدي أبو النعاس وكيل مجلس الدولة
المستشار فاروق عبد الرحيم غنيم وكيل مجلس الدولة
ومن الشخصيات العامة :-
السيد الأستاذ المستشار / أحمد فؤاد السيد عبد الوهاب أبو العيون نائب رئيس مجلس الدولة سابقا .
السيد الأستاذ المستشار / رضا عبد القادر عبد الرزاق وكيل مجلس الدولة سابقا
السيد الأستاذ المستشار / محمد صلاح الدين مازن وكيل مجلس الدولة سابقا
السيد الأستاذ المستشار / عبد القادر محمد شتا وكيل مجلس الدولة
السيد الأستاذ المستشار / عبد السلام كمال محمد حامد حجازي وكيل مجلس الدولة سابقا .
* إجراءات الطعن
في يوم الأربعاء 18 من يناير سنة 1984 أودع الأستاذ الدكتور / عصمت سيف الدولة نيابة عن كمال محمد أحمد عن نفسه وبصفته وكيل طالبي تأسيس الحزب الناصري قلم كتاب هذه المحكمة تقرير طعن قيد تحت رقم 777 لسنة 30 القضائية عليا ضد الدكتور/ محمد صبحي عبد الحكيم بصفته رئيسا للجنة شئون الأحزاب السياسية طلب فيه الحكم بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار الصادر من لجنة شئون الأحزاب السياسية في 18 من ديسمبر سنة 1983 بالاعتراض علي تأسيس الحزب الناصري ، وإلزام المطعون ضده بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وأعلن الطعن الي المطعون ضده علي النحو المقرر قانونا .
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريرا برأيها القانوني في الطعن انتهت فيه ، لما ارتأته من أسباب إلى أنها تري الحكم أولا بقبول الطعن شكلا وفي الموضوع بإلغاء القرار المطعون فيه ، وثانيا الأمر بمحو العبارات التي تضمنتها صحيفة الطعن ، والتي أشارت إليها مذكرة إدارة قضايا الحكومة ، وثالثا بإلزام المطعون ضده بالمصروفات .
وحددت لنظر الطعن جلسة 12 من مايو سنة 1985 وتم تداوله علي النحو الثابت في المحاضر وبجلسة 20 من أكتوبر سنة 1984 حضر الأستاذ / عطيه سليمان المحامي وطلب تدخله في الطعن منضما إلى الطاعن ، وبجلسة أول ديسمبر سنة 1984 قدم طالب التدخل مذكرة جاء فيها انه من المؤمنين بالمنهج الناصري فكرا وسياسة ومنهاجا وأنه أحد الذين يؤمنون بحقهم الطبيعي والشرعي في أن يكون للناصرين حزبهم الذي يعبر عنهم ، الأمر الذي يقيم له مصلحة شخصية مباشرة في طلب التدخل انضماما إلى الطاعن في طلباته ، وبعد تداول الطعن علي ما هو ثابت في المحضر قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم .
*المحكمة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
من حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص ، علي ما يبين من أوراق الطعن ، في أن الطاعن عن نفسه وبصفته تقدم نائبا عن 60 عضوا مؤسسا إلى لجنة الأحزاب السياسية في 11 من أغسطس سنة 1983 بأخطار كتابي عن تأسيس الحزب الناصري تنظيم تحالف قوي الشعب العامل أرفق به جميع المستندات التي يتطلبها القانون ، وقد عرض الأخطار علي اللجنة المشار إليها في 23 من أغسطس سنة 1983 وتوالت اجتماعاتها إلى أن أصدرت في 18 من ديسمبر سنة 1983 قرارها المطعون فيه بالاعتراض علي تأسيس الحزب ، وأقامت اللجنة قرارها علي أنه قد بان لها من الاطلاع علي برنامج الحزب ولائحته ونظامه الداخلي ما يلي:-
أولا :- أن الإعلان السياسي وبرنامج الحزب ونظامه الداخلي تدل بوضوح علي أنه يقوم علي النظام الشمولي ولا يؤمن بالديمقراطية أو بتعدد الأحزاب طبقا لما جاء بالدستور اذ نصت المادة الرابعة من نظامه الداخلي علي أن يلتزم أعضاء الحزب بالمنهج الناصري الموجود في وثائق ثورة يوليو ( الميثاق الوطني وبيان 30 مارس ) ، كما أكد الإعلان السياسي للحزب أن ثورة يوليو رسمت طريقا واضحا أمام الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحد ، وهو ما ردده أيضا برنامج الحزب من أ، الناصرية ، التي تنتمي إليها الحزب تري في الثورة الطريق الوحيد الذي تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه من الماضي إلى المستقبل وأنها الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الشعوب المقهورة أ، تخلص نفسها من الأغلال التي كبلتها وأن الثورة هي الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدي الكبير الذي ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التي تستكمل نموها .
ثانيا :- أن ما جاء ببرنامج الحزب ما سلف بيانه يتعارض مع الشرعية الدستورية التي يقوم عليها نظام الحكم في مصر ، ويرمي الي عودة الشرعية الثورية التي تستبيح أي تغيير عن غير السبيل الدستوري لمواجهة ما أسماه التحدي الكبير الذي ينتظر – في المستقبل بداهة – الأمة العربية .
ثالثا :- أن البرنامج يقرر في الصحيفة رقم 12 أن واقع المجتمع المصري فرض أن تكون الاشتراكية العلمية هي المخرج العلمي من قيود التخلف ، وأن الاشتراكية ترتبط بأسلوب معين للتفكير العلمي ، فالاشتراكية العلمية التي ينادي بها الحزب هي بعينها الماركسية التي تختلف كلية عن النظام الاشتراكي الديمقراطي الذي يقوم عليه الأساس الاقتصادي للبلاد طبقا للمادة الرابعة من الدستور ، كما أن النظام الماركسي الذي يدعو إليه يؤدي في حقيقة الأمر إلى نظام شمولي تتحكم فيه طبقة واحدة بالمخالفة لاحكام الدستور وقانون الأحزاب .
رابعا :- أن الحزب المطلوب تأسيسه يرتد في تكوين تصوره السياسي والاقتصادي الي حقبه ماضية من تاريخ مصر هي التي كان يحكمها ميثاق العمل الوطني الصادر سنة 1962 ، فقد اقتبس في برنامجه مقتطفات عديدة من الميثاق منها تعريفة الديمقراطية بأنها توكيد السادة للشعب ووضع السلطة كلها في يده وتكريسها لتحقيق أهدافه (ص4) ، كما ورد في البرنامج أن قيام الديمقراطية السياسية السليمة يجب أن يرتكز أساسية ، كما انه وقد جعل من أهدافه تجريد الرجعية من كافة بدواتها والرأسمالية الوطنية وبين العمال والفلاحين مرهون بتجريد الرجعية من كافة أدواتها ( ص 7 ، 8 ) وبذلك يكون هذا البرنامج قد خالف ما نصت عليه مبادئ الاستفتاء من الالتزام بالدستور وحده كوثيقة أساسية ، كما أنه وقد جعل من أهدافه تجريد الرجعية من كافة أدواتها دون تحديد لما أطلق عليه الرجعية بفتح الباب لصراعات طبقية عديدة مما يتنافي مع السلام الاجتماعي الذي نص قانون الأحزاب علي وجوب الالتزام به .
خامسا :- بأن البرنامج يدعو إلى إلغاء الملكيات الوهمية المفروضة علي الصحافة ، ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها (ص8) ، وهو ما يعني حرمان جميع الأحزاب من حقها في إصدار الصحف بالمخالفة للمادة 15 من قانون الأحزاب ويؤدي بالتالي إلى مظهر النظام الشمولي الذي يهدف الحزب إلى عودته .
سادسا :- أن النظام الداخلي للحزب لا يتضمن ما توجبه المادة الخامسة من قانون الأحزاب من وجوب تحديد الجهة التي تؤول إليها أموال الحزب في حالة الحل حتى يخضع ذلك لتقدير لجنة شئون الأحزاب عند نظر طلب تأسيس الحزب وترك أمر تحديد هذه الجهة للمؤتمر العام للحزب عندما يقرر حله مما يسمح بتوجيه هذه الأموال إلى جهات غير شرعية أو مشروعه .
ويأخذ الطاعن علي القرار المطعون فيه أنه جاء مشوبا بالبطلان وعدم المشروعية ، متسما بعيب الانحراف في استعمال السلطة وذلك علي التفصيل التالي :-
أولا :- عدم صلاحية رئيس اللجنة ، ذلك أن الذي تولي رئاسة لجنة شئون الأحزاب التي أصدرت القرار المطعون فيه هو الأستاذ الدكتور/ صبحي عبد الحكيم رئيس مجلس الشورى وهو ليس مجرد عضو عادي في الحزب الوطني الديمقراطي بل هو أحد قادته وأقطابه وعضو مكتبه السياسي ورئيس اللجنة الفكرية فيه الذي يصوغ مبادئه ويشرف علي تلقينها وتعليمها للأعضاء وتجميع المواطنين عليها ، وهي أفكار ومبادئ متميزة عن أفكار ومبادئ الحزب المعترض عليه ، وقد كان واجبا أن بتخلي عن صفته الحزبية بعد اختياره رئيس لمجس الشورى إذ أنه بحكم منصبة هذا يرأس لجنة شئون الأحزاب السياسية التي لا يصلح رئيسا لها إلا إذا كان محايدا بين الأحزاب ، وإذ لم يفعل فانه لم يكن ، بلا ريب ، صالحا لرئاسة اللجنة والمساهمة برأيه المرجع في فحص ودراسة الأخطار المقدم إليه من الطاعن والاعتراض علي الحزب موضوع القرار المطعون فيه لعدم توافر شرط الحياد فيه ويكون من ثم القرار الذي شارك في إصدارة باطلا .
ثانيا :- بطلان الإجراءات التي اتخذتها اللجنة في فحص واتخاذ القرار المطعون فيه ، وآيه ذلك أن المادة 8 من قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 أوصت أن يصدر قرار اللجنة بالاعتراض علي تأسيس الحزب مسببا بعد سماع الإيضاحات اللازمة من ذوي الشان فإذا صدر القرار دون سماع الإيضاحات غدا باطلا ، والذي حدث ، أنه تحت تأثير التحيز ، وخلافا لما جرت عليه اللجنة في حالات أخري استدعت فيها ذوي الشأن وناقشتهم وطلبت ما يلزم من إيضاحات منهم بل ومكنتهم من التغيير والتبديل والحذف والإضافة في الصياغة والمضمون ، تجاهلت اللجنة ذوي الشان في الحزب موضوع القرار المطعون ، تجاهلت اللجنة ذوي الشأن في الحزب موضوع القرار المطعون عليه ، أمر الذي يتعدي أن يكون مجرد دليل علي انعدام الحياد ليوقع بالقرار الأثر الحتمي وهو البطلان .
ثالثا :- بطلان الأسباب ، ينعي الطاعن عن الأسباب التي قام عليها القرار المطعون فيه بمخالفة الواقع والقانون وحسن النية وتناول ما يأخذ علي هذه الأسباب واحدا تلو الآخر علي النحو التالي :-
1- السبب الأول وهو قيام الحزب علي نظام شمولي لا يؤمن بالديمقراطية أو تعدد الأحزاب : يذهب الطاعن إلى أن اختصاص لحنة شئون الأحزاب السياسية كما هو محدد في الفقرة 3 من المادة الثامنة محصور في فحص ودراسة أخطارات تأسيس الأحزاب السياسية طبقا لاحكام القانون وليس من سلطتها أن تضع شروطا أو تفرض شروطا أو تفرض قيودا علي تأسيس الأحزاب لم يضعها أو يفرضها المشرع ، فإذا كان قانون الأحزاب السياسية قد حدد في المادة الرابعة منه ، علي سبيل الحصر ، تسعة شروط يتعين توافرها لتأسيس الحزب أو استمراره ، وليس من بينها السبب الأول الذي استند إليه القرار المطعون فيه ، فان اللجنة تكون قد تجاوزت اختصاصها عند إضافة شرط من عندها إلى شروط تأسيس الأحزاب بأطباق عبارة قيام الحزب علي نظام شمولي لا يؤمن بالديمقراطية ، وهي اذ فعلت تكون قد انحرفت بذلك عن سلطتها علي نحو ينطوي علي اغتصاب سلطة التشريع ومخالفة الدستور ، وقد انتهت اللجنة إلى ما انتهت إليه في هذا الخصوص من نصوص منتزعة انتزاعا تعسفيا من مواضع متباينة الموضوع متباعدة السياق موزعة فيما بين الإعلان والبرنامج والنظام جمعت معا في محاولة خلق تركيبه لغوية تساند الغاية غير المشروعة التي استهدفها القرار، فالنص الذي يقول يلتزم أعضاء الحزب بالمنهج الناصري الموجود في وثائق ثورة يوليو ( الميثاق الوطني وبيان 30 مارس ) لم يرد في النظام الداخلي للحزب منفردا بل اقتطفته اللجنة من مكونات الالتزام وهي أربعة مجتمعة ، المنهج الناصري وبرنامج الحزب ونصوص اللائحة وقرارات الحزب ، وهذا المنهج ليس مبادئ ولا سياسات ولكن طريفة للفهم ثم أن الإعلان السياسي للحزب قيد النهج الناصري بما هو إيجابي فيه ولم يأخذه علي إطلاقه فقرر أنه يؤمن بمبادئ ثورة يوليو علي النهج الناصري بأبعادها الإيجابية وهو مفهوم لا يتعارض مع قبول تعدد الأحزاب أما النص الذي يقول أن ثورة يوليو رسمت طريقا واضحا أمام الجماهير لتكون لها حركتها الواحدة وتنظيمها الواحد ( ص 2 من الإعلان ) فقد جاء في سياق الحديث عن موضوع أخر انتزعته اللجنة من سياقه ونقلته إلى النظام الداخلي ، وبالرجوع الي هذا النص يتضح أنه لا يتحدث عن مصر أو الأحزاب فيها تعددا أو توحدا ولكنه يتحدث عن حركة القومية العربية موحدة الجماهير العربية ، وان ما جاء في هذا الخصوص ترديد لما جاء في المادة الأولى من دستور جمهورية مصر العربية الصادر سنة 1971 ، وأخيرا فان النصوص التي تقول أن الناصرية تري في الثورة الطريق الوحيد الذي تستطيع المجتمعات أن تعبر عليه الماضي الي المستقبل وأنها الوسيلة الوحيدة التي تستطيع بها الشعوب المقهورة أن تخلص نفسها من الأغلال التي كبلتها وان الثورة هي الوسيلة الوحيدة لمقابلة التحدي الكبير الذي ينتظر الأمة العربية وغيرها من الأمم التي تستكمل نموها فواضح أن كلمة الثورة هنا تستعمل بمفهومها المجازي كما قيل ويقال عن الثورة الصناعية أو الزراعية أي مضاعفة الجهد ، وليس بمعناها القانوني أو السياسي أي الخروج علي الشرعية ، إلا أن لجنة شئون الأحزاب السياسية حرفت المعني لتوحي بأن كلمة الثورة مستعملة لارادة تغيير النظام الدستوري عن غير الطريق الديمقراطي ، أي بالعنف .
2- السبب الثاني وهو أن برنامج الحزب يتعارض مع الشرعية الدستورية ويرمي إلى عودة الشرعية الثورية فان هذا السبب بدوره باطل علي نحو ما ورد في الرد علي السبب الأول .
3- السبب الثالث وحاصلة أن ينادي بالاشتراكية العلمية وهي بعينها الاشتراكية المادية ، وهذا السبب ينقصه ما جاء في برنامج الحزب من أن المقصود بالاشتراكية العلمية والاعتماد علي المنهج العلمي بمعالجة قضايا الواقع وهي تختلف بالقطع عن الاشتراكية المادية لان صيغة العلمية ترتبط بأسلوب معين للتفكير العلمي .
4- السبب الرابع وهو مخالفة الحزب لما نصت عليه مبادئ الاستفتاء من الالتزام بالدستور وحده كوثيقة أساسية ، كما أنه إذا جعل من أهدافه تجريد الرجعية من كافة أدواتها دون تحديد لما أطلق عليه لفظ الرجعية يفتح الباب لصراعات عديدة مما يتنافي مع السلام الاجتماعي الذي نص قانون الأحزاب علي وجوب الالتزام به ، هذا السبب بدوره غير صحيح فهو يتعارض مع ما صرح به رئيس الجمهورية السابق في المؤتمر القومي الثاني للاتحاد الاشتراكي العربي حين تقدم بوثيقة تتضمن مشروع دستور 1971 من أن هذه الوثيقة قد استقت نبعها من ميثاق العمل الوطني . هذا إلى أن أساتذة العلوم الدستورية قد أكدوا العلاقة بين دستور سنة 1971 وبين ميثاق العمل الوطني ، كما أن الميثاق هو المرجع الرئيسي في معرفة المبادئ التي قامت عليها ثورة 23 يوليو سنة 1952 ، وقد أشترط قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي عدم تعارض مقوماته أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ ثورة يوليو سنة 1952 ، ومتي كان ذلك فان مبادئ الميثاق لا تنتمي إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر ، كما ذهب إلى ذلك القرار المطعون فيه ، بل أنها ما تزال تحكم دستوريا الحقبة الحاضرة من تاريخ مصر ، أما عن عبارة تجريد الرجعية من كافة أدواتها ، فان المقصود بها تجريد الرجعية التي تحول بأدواتها دون ( تحقيق التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن ) الذي حدده القانون هدفا للأحزاب السياسية ( م3من قانون الأحزاب ) وليس في ذلك ما يتنافي أو يتعارض مع السلام الاجتماعي ، فالسلام الاجتماعي كما عرفته المذكرة الإيضاحية لقانون الأحزاب هو احترام الحزب في نشاطه وقراراته وتصرفاته للمشروعية وسيادة القانون وعدم خروجه في ممارساته الحزبية لهذه الأمور عن الأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية وهو شرط متعلق بمستقبل ممارسة الحزب نشاطه بعد أن يقوم ، وقد فرض عليه القانون رقابة بحي أن أخل بالسلام الاجتماعي جاز إيقاف نشاطه أو حله (م 17) وليس في برنامج الحزب ولا في لائحته ما يفهم منه أن مبادئه عدم الالتزام بالأساليب الشرعية والسلمية والديمقراطية ، أما أن يكون من غاياته المحافظة علي التقدم السياسي والاجتماعي والاقتصادي للوطن بتجريد الرجعية من أدواتها المعوقة لهذا التقدم بالأساليب الشرعية فهذا حقه المشروع ، بل أنه لا يفعل ذلك إلا دفاعا عن الشرعية وعن الدستور وعن الأهداف التي اسند القانون إلى الأحزاب السياسية مهمة تحقيقها .
5- السبب الخامس والذي يقوم علي أن برنامج الحزب يدعو إلى إلغاء الملكيات الوهمية المفروضة علي الصحافة بما يعني حرمان جميع الأحزاب من الحق في إصدار الصحف والعودة إلى النظام الشمولي ، فان القرار المطعون فيه لكي يصل إلى ما قال به في هذا الشأن قد ابتسر ما جاء في البرنامج متعلقا بالصحافة وبالرجوع إلى البرنامج يتضح أن جاء به في هذا الخصوص يتعلق بالصحف القومية التي تملكها الشعب بمقتضى القانون رقم 156لسنة 1960 ،والمقصود علي ما في البرنامج هو ضمان حرية الصحافة بتحصين الصحفيين صد الفصل والنقل الإداري وإلغاء الملكيات الوهمية المفروضة علي الصحافة ونقل ملكيتها للشعب ملكية حقيقية عن طريق الاكتتاب الشعبي بحيث لا يسمح بسيطرة فرد أو سيطرة قلة عليها مع مراعاة تخصيص نسبة ملحوظة للعاملين ، وهذا لا يصدق إلا علي الصحف القومية دون غيرها إذ إلا سلطة للإدارة علي المؤسسات الصحفية الحزبية أو الخاصة .
6- السبب السادس وحاصلة إن النظام الداخلي للحزب لم يتضمن تعيين الجهة التي تؤول إليها اموالة عندما يصفي علي ما نصت علية المادة الخامسة من قانون الأحزاب ضمانا لعدم استبداد قياداته باعضائة، فهذا السبب بدورة غير صائب ،ذلك أن غاية ما قصدة القانون في هذا الخصوص هو إن يضع الحزب في نظامه الداخلي قواعد وإجراءات تصفية اموالة لحماية أموال الحزب تجنبا لاستبداد قياداته ،وهذا ما نص علية النظام الداخلي للحزب إذ قرر أن بتولي الأعضاء جميعا (الجمعية العمومية ) تصفية أموال الحزب عند حلة 0
وخاص الطاعن في تقرير الطعن الي التماس الحكم له بطلباته سالفة الذكر 0
وقدمت ادازة قضايا الحكومة مذكرة أولي بدفاعها في الطعنة عقبت فيها علي ما أوردة الطاعن بصفته في تقرير الطعن ، جاء فيها أنة لا وجه لما نعاة الطاعن علي عدم صلاحية رئيس لجنة الأحزاب لرئاسة اللجنة ، ذلك ان قانون الأحزاب رقم 40 لسنة 1977 بعد تعديله بالقانون رقم 30 لسنة 1981 واسناتدة رئاسة اللجنة إلى رئيس مجلس الشورى لم يتضمن نصا بتنحي رئيس اللجنة عن صفته الحزبية ،هذا إلى آن لجنة شئون الأحزاب السياسية أن هي إلا هيئة إدارية يغلب في تشكيلها العنصر الإداري ولا تتبع الإجراءات القضائية في فحص طلبات تشكيل الأحزاب التي تختص بنظرها ، ذلك أن ما تصدرة من قرارات هي في حقيقتها قرارات إدارية تخضع للطعن بالإلغاء ، وبالبناء علي ما تقدم ينتفي مناط الاستناد إلى قواعد الحيدة وحالات عدم الصلاحية للقضاة المنصوص عليها في قانون المرافعات وقانون الإجراءات الجنائية ، وينتفي بالتالي ما رتبة الطاعن علي ذلك من القول ببطلان القرار المطعون فيه لانعدام الحيدة في رئيس اللجنة وعدم صلاحيته لرئاستها والمساهمة برأيه المرجح في فحص ودراسة الإخطار المقدم إلية من الطعن والاعتراض علي الحزب ،هذا إلى أن المشرع قد فتح الطريق للطعن في قرار الاعتراض أمام القضاء وطلب إلغائه ومتي كان ذلك فان ما بنعاة المدعي في هذا الخصوص يضحي علي غير أساس من الواقع أو القانون ، أما ما بنعاة الطعن من أن لجنة شئون الأحزاب قد أهدرت الإجراءات التي أوجبها القانون قبل إصدار قرارها بعدم طلب الإيضاحات من ذوى الشأن علي ما نصت علية المادة الثامنة من قانون الأحزاب فأنة بالرجوع إلى نص هذه المدة يبين أن طلب الإيضاحات هو أمر جوازي للجنة ،وبالتالي يكون ما أخذة الطاعن علي القرار المطعون فين في هذا الشأن علي غير سند من القانون متعين الرفض ، وفيما يتعلق بما نعاة الطاعن علي القرار المطعون فيه من مطاعن موضوعية فقد ذهبت مذكرة قضايا الحكومة إلى أن الإعلان السياسي للحزب قد فرق بين وحدة الجماهير العربية وحركتها الواحدة ،وتنظيمها الواحد ،الأمر الذي يكشف عن التنظيم الواحد للحزب لا في مصر وحدها بل وفي جميع أنحاء العالم العربي ، كذلك فان كلمة الثورة التي وردت في برنامج الحزب مقصود بها المعني الحرفي للكلمة وليس المعني المجازى الذي تكلم عنة الطاعن ،ولم يعد هناك محل بعد صدور دستور سنة 1971 وبعد السماح لتعدد الأحزاب لقيام حزب يدعو إلى الثورة ،وبرنامج الحزب حين يردد عبارة الثورة باعتبارها الوسيلة الوحيدة التي يعتمد عليها الحزب فان ذلك يعني الطريق الإصلاح في نظرة لن يكون من خلال المؤسسات الدستورية والشرعية واتباع الأساليب الديمقراطية الدستورية وأضافت مذكرة قضايا الحكومة أن برنامج الحزب خالف الدستور باتخاذه الاشتراكية العلمية مخرجا علميا لواقع مجتمعنا من التخلف وسبيلا لتنمية المجتمع اقتصاديا وعلميا ،واصطلاح الاشتراكية العلمية لا يعني سوي الماركسية التي تركز علي الملكية العامة لأدوات الإنتاج والتخطيط الشامل المركزي وسيطرة القطاع العام علي وسائل الإنتاج الرئيسية علي نحو ما هو متبع في دول الكتلة الشرقية ، ولاشك أن هذا الاتجاه يخالف مبادئ ثورة 15مايو سنة 1971 والحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية والتي نص قانون الأحزاب علي وجوب مراعاتها في شأن تأسيس أي حزب ،ويؤيد ما سبق من اتجاه الحزب الناصري إلى اليسار الماركسي ما جاء في برنامجه عن السياسة الخارجية والذي يدل بجلاء علي تعاطف أم المؤسسين للحزب الذي يوثق علاقته مع النظم العربية التقدمية والاتحاد السوفيتي علي أن الأفكار والمبادئ التي يؤمن بها أعضاء الحزب هي نفس المبادئ التي تؤمن بها الدول التقدمية العربية والتي تسير في فلك الاتحاد السوفيتي ، واردفت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها قائلة أن هناك تفرقة بين مبادئ ثورتي يوليو سنة 1952 ومايو سنة 1971 وبين وثائق هاتين الثورتين ، إذ المبادئ التي أعلنتها الثورة غداة قيامها هي :-
1- القضاء علي الاستعمار وأعوانه من الخونة المصريين .
2- القضاء علي الإقطاع .
3- القضاء علي الاحتكار وسيطرة رأس المالي علي الحكم .
4- إقامة عدالة اجتماعية .
5- إقامة جيش وطني .
6- إقامة حياة ديمقراطية سليمة .
أما وثائق الثورة فلا تعدو أن تكون وثائق تاريخية للثورة ، ومن هذه الوثائق الميثاق الوطني الذي يعد وثيقة سياسية لثورة 23 يوليو سنة 1952 وينتمي إلى حقبة ماضية من تاريخ مصر وليس دستورا ولا قانونا ملزما ، وهو ما أكدته المحكمة العليا ( الدستورية ) في حكمها الصادر بجلسة 5 من أبريل سنة 1975 من أن الميثاق كوثيقة سياسية عليا تتضمن مبادئ عامة ونظريات فلسفة أقرها المؤتمر القومي للقوي الشعبية لتكون دليلا للعمل الوطني يقود خطي المستقبل ولكنه ليس دستورا ولا قانونا ولن يكون كذلك إلا إذا وصيغت مبادئه في نصوص تشريعية محددة ، ونصت مذكرة إدارة القضايا قائلة أن الطاعن في كلامه عن الملكية الوهمية للصحف ذهب إلى تجريح القانون رقم 120 لسنة 1980 في شأن مجلس الشورى علي أساس أن أعضاءه ينتخبون طبقا للقوائم الحزبية وبالتالي يمكن لحزب واحد السيطرة علي هذه الصحف ومجال الطاعن إن شاء، الطعن في دستورية هذا القانون هذا وإذ لم يحدد برنامج الجهة التي تؤول إليها أموال الحزب عند حله فانه يكون قد خالف صحيح حكم القانون .
وأضافت مذكرة إدارة القضايا ، من باب الاحتياط الكلي إلى ما سبق أن الجهة الإدارية تملك تقديم أسباب جديدة إلى قرارها المطعون فيه أثناء نظر الدعوى ، أما بناء علي طلب المحكمة أو من تلقاء نفسها لتدعيم ما سبق أن قدمته من مبررات ، ما دام أن هذه الأسباب كانت قائمة وقت صدور القرار ، واستنادا إلى ذلك فقد تضمنت مذكرة إدارة القضايا سببين جديدين أولهما أن الحزب الناصري ليس متميزا في برنامجه وسياساته تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى كما يشترط القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية معدلا بالقانون رقم 36 لسنة 1979، بل أن برنامجه ، يكاد يكون مطابقا لبرنامج حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي في الأساسيات التي يقوم عليها البرنامجان ، وخاصة فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية وآيه ذلك التطابق التام بين ما جاء في البرنامجين من تمجيد لثورة 23 يوليو سنة 1952 والميثاق الوطني سنة 1962 والمناداة بالثورة كوسيلة لتحقيق أهدافها ، وأخذ البرنامجين بالاشتراكية العلمية باعتبارها المنهج الملائم لتجديد شباب مصر وتحرير شعبها العامل والمخرج العلمي من قيود التخلف ، كما ينادي كلا البرنامجين بالعودة إلى الاقتصاد الموجة وسيطرة القطاع العام علي وسائل الإنتاج الرئيسية ، كذلك يتفق البرنامجين فيما يتعلق بالقطاع الخاص ونظرة كل منهما للقطاع التعاوني ورؤيتهما للانفتاح الاقتصادي والاستثمارات الأجنبية ، والسبب الثاني مناهضة مبادئ الحزب الناصري لما وافق عليه الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام بالمخالفة للمادة الرابعة من قانون الأحزاب التي يستفاد منها عدم مناهضة مبادئ الحزب للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام بتاريخ 20 من أبريل سنة 1979 ، الأمر الذي يتخلف معه في حق الحزب أحد الشروط التي تطلبها القانون لتأسيسه ، واخيرا فقد طلبت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها محو بعض العبارات التي تراها جارحة والتي أشارت إليها تفصيلا في المذكرة وخلصت إدارة القضايا إلى طلب محو العبارات الجارحة الواردة في تقرير الطعن والحكم برفض الطعن والزام الطاعن بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة .
وقدم الطاعن مذكرتين بدفاعه مؤرختين 12 من مايو سنة 1984 و 23 من يونيو سنة 1984 أضاف فيهما إلى ما سبق أن أورده في تقرير الطعن أنه من المسلم أنه إذا كان الباعث علي إصدار القرار الإداري أو غايته تحقيق مصلحة خاصة لمصدره أو لغيره أو الأهداف حزبية أو سياسية أو مجرد الأضرار بالغير فان القرار يكون باطلا واجب الإلغاء لمخالفته للقانون ، وهو باطل لعيب الانحراف بالسلطة إذا كان مصدره قد قصد به غير المصلحة العامة ، والقرار المطعون فيه جاء مشوبا بالبطلان مقترفا بالانحراف بالسلطة ، ذلك أن الثابت أنه قبل أن يعرض طلب تأسيس الحزب الناصري علي لجنة شئون الأحزاب بنحو شهر وقبل صدور القرار بالاعتراض علي تأسيسه بنحو ثلاثة أشهر أن أبدي رئيس لجنة شئون الأحزاب رأيه علنا وأصدر قراره منفردا بالاعتراض علي الحزب لاسباب لا تمت بصلة للحزب ووثائقه ، وقد أعلن ذلك ، علي ما نشر في جريدة مايو في عددها الصادر في 3 من أكتوبر سنة 1983 ، ونفي الطاعن ما نسبة القرار المطعون فيه من أن الحزب يقوم علي الماركسية بعد أن ساوي هذا القرار بين الاشتراكية العلمية والماركسية ذلك أن الماركسية تقوم علي ديكتاتورية البوليتاريا ، وليس هذا شأن الحزب المعترض عليه الذي يؤمن بتحالف قوي الشعب العاملة ، وهو ما أورده الدستور في مادته الأولى .
وذهب الطاعن إلى أنه ليس لادارة قضايا الحكومة أن تضيف أسبابا جديدة للقرار المطعون فيه قيل تلك التي أوردتها لجنة شئون الأحزاب – كما أن هذه الأسباب لا يمكن إسنادها للجنة ، وبالتالي تكون هذه الأسباب صادرة من غير ذي اختصاص ومقدمة من غير ذي صفة ، وناقش الطاعن من باب الاحتياط السببين الجديدين اللذين تقدمت بهما قضايا الحكومة قائلا أن القول بعدم وجود تمايز ظاهر بين برنامج الحزب الناصري وبين حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي هو قول خاطئ ووجه الخطأ أ،ه اتخذ من أوجه التشابه بين برامج الأحزاب دليلا علي عدم التمايز ويبدو هذا الخطأ واضحا اذ لوحظ أن القانون ذاته فرض لشرعية كل الأحزاب أن تتفق برامجها علي كثير من المبادئ والسياسات والأساليب التي تضمنتها المادة الرابعة من قانون الأحزاب وما أحالت إليه من تشريعات واستفتاءات بالإضافة إلى ما تصمنه الدستور ذاته ، ومن هنا فان الأساسيات التي تقوم عليها كل الأحزاب في مصر متشابهة أو متطابقة لأنها صياغات مختلفة لما صاغه القانون والدستور والزما الأحزاب بتبنيها وبالبناء علي ذلك فان ما ذكر عن تطابق برنامج الحزب الناصري حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي في تمجيد ثورة 23 يوليو سنة 1952والميثاق الوطني سنة 1962 ما هو إلا شرط فرضه القانون علي الأحزاب جميعا في البند الثاني من الفقرة أولا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية ، كما أن مناداة كل من البرنامجين بالعودة إلى الاقتصاد الموجه هو بدوره شرط فرضه القانون علي الأحزاب جميعا حينما أحال في الفقرة سادسا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب إلى أحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 الذي أحال بدوره إلى الدستور الذي نص علي الاقتصاد الموجه في المادتين 23 ، 24 منه واللتين تفصحان عن أن الدستور يأخذ بالاقتصاد الموجه وليس بالاقتصاد الحر ، أما ما قيل من اتفاق البرنامجين علي نظره كل منهما للقطاع العام ووجوب سيطرته علاي وسائل الإنتاج الرئيسية فهو أيضا شرط فرضه القانون عن ذات الطريق السابق وما تؤكده المادة 30 من الدستور ، وعن أخذ كل من البرنامجين بالاشتراكية العلمية فان ما قالت به ادارة قضايا الحكومة في هذا الخصوص هو قول مبتسر ، اذ حرص برنامج الحزب الناصري علي أن ينفي عن الاشتراكية العلمية نفيا صريحا أن تكون هي الاشتراكية المادية وهو ما لا يمكن أن يرد في برنامج حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي الذي يضم في الظروف التي نشا فيها بعض الماركسيين والشيوعيين ، أما عن القول بان الحزبين يتشابهان في استعمال تعبير الثورة فلقد سبق القول بان تعبير الثورة في كل الحالات التي ورد فيها في برنامج الحزب الناصري هو استعمال مجازي لكلمة أصبحت دلتها المجازية دراجة علي الألسن وفي الكتابات السياسية ، وخلص الطاعن من كل ما تقدم إلى أن الحزب الناصري هو حزب متميز عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي ، ذلك أنه حزب تحالف قوي الشعب العاملة وليس حزب أيه طبقة أو تحالف طبقات في جبهة ، وإذ كانت وسيلة هي الديمقراطية فان ذلك يعني سيادة الشعب كله وليس سيادة أية طبقة ، وانه ينتهج العلم في البناء الاشتراكي وهذا بالطبع يختلف عن الماركسية ، وهذه وتلك الملامح التي تميز الحزب الناصري ، والتي حالت بين مؤسسيه وبين الدخول في حزب التجمع منذ أن كان منبرا لي أن أصبح حزبا ، أما عن السبب الثاني الذي أضافته إدارة قضايا الحكومة من مناهضة مبادئ الحزب للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام بتاريخ 20 من أبريل سنة 1979 مخالف بذلك حكم الفقرة سادسا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية فانه بالرجوع إلى هذا الاستفتاء نجد انه تضمن موضوعين منفصلين ، أحدهما معاهدة السلام وملحقاتها ، وثانيهما تسعة مبادئ لاعادة تنظيم الدولة ، ويبين من ذلك أن الشعب استفتي في اتفاق دولي اسمه معاهدة السلام كان قد صدق عليه مجلس الشعب واصبح له قوة القانون ، كما استفتي أيضا في المبادئ التسعة الخاصة بإعادة تنظيم الدولة ، والمعاهدة ليست مبدأ ومن ثم فان ما قصده القانون حقيقة هو قصر تطبيق حكم الفقرة سادسا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية علي المبادئ الخاصة بتنظيم الدولة ، وانه لو كان المشرع قد قصد أن يرتب الحرمان علي مناهضة أو معاداة كل ما جري عليه الاستفتاء ، لما كان في حاجة إلى أن يخصص فيذكر المبادئ فقط ، والقاعدة انه في تفسير القواعد التشريعية المقيدة للحرية يتعين الأخذ بالتفسير الضيق ، وانتهي الطاعن في مذكرتيه إلى التصميم علي طلباته .
وقدمت إدارة قضايا الحكومة مذكرة في 12 من مايو سنة 1984عقبت فيها علي ما جاء في تقرير هيئة مفوضي الدولة جاء فيها أن ما أوردة هذا التقرير من أنة لم يكن لادارة قضايا الحكومة أو للجنة الأحزاب أن يدليا بأسباب جديدة للقرار المطعون فيه مردود بما قررته المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر في الطعن رقم 1202لسنة 26 قضائية غليا في 25 من يونيو سنة 1983من إنزال حكم قانون الأحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977 والقوانين المعدلة علي المنازعة بشأن الطعن في القرار الضمني السلبي من لجنة شئون الأحزاب السياسية بالاعتراض علي تأسيس حزب الأمة ،إذ ناقشت المحكمة مدى توافر كافة الشروط التي أوردها دلك القانون في شأن الحزب المذكور باعتبار أن هذه الشروط هي شروط قانونية يجب توافرها بحيث إذا فقد الحزب المراد تأسيسه أي شرط منها فلا تقوم للحزب قائمة والنتيجة القانونية والمنطقية انه في حالة رفض تأسيس أي حزب وعرض أمرة علي القضاء فان سلطة القضاء هي التحقيق من توافر الشروط الواردة في المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب ،وسلطة القضاء في ذلك لا قيد عليها بل أن ضرورة مراجعة تلك الشروط تعتبر النظام العام بحيث إذا اتضح للمحكمة عدم توفر أي من هذه الشروط فان لها أتقضي نعدم قيام الحزب ، وإذ كانت مبادئ الحزب الناصري تناهض المبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام وملحقاته فأنة يكون قد تخلف في قيام هذا الحزب أحد الشرائط القانونية المتطلبة قانونا أعمالا لحكم الفقرة سادسا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب ، وهذا ما أخذت به المحكمة الإدارية العليا حين قضت برفض تأسيس حزب الجبهة الوطنية في الطعن رقم 1252 لسنة 25 القضائية عليا المحكوم فيه بجلسة 25 من يونيو سنة 1986 استنادا الي أن بعض الذين وقعوا علي اخطارات تأسيس حزب الجبة قد توافرت في حقهم أدلة جديدة علي قيامهم بأفعال لا تعتبر مجرد تعبير عن رأى في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية 0 وانما هي قد صدرت في بيانات موقعة من مجموعة من الأشخاص أو علي شكل تحقيقات ومقالات صحفية نشرت في الداخل والخارج وتضمنت دعوة الي تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام المذكورة بل أنة قد وصل الأمر الي حد خلق جبهة وصفت بأنها تولدت من تلك البيانات ومن ثم فان تلك الأفعال تندرج تحت مدلول البند سابعا من المادة الرابعة من القانون رقم 40لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية كما يشكل ثبوت هذه الأفعال في حق المؤسسين سببا كافيا للاعتراض علي تأسيس الحزب الذي وقعوا علي إخطار تأسيسه، وأذ كان ما تقدم وكان ثابت في الطعن الماثل أن الطاعن هو أحد الموقعين علي البيان الذي أورده حكم المحكمة الإدارية العليا سالف الذكر والذي يتضمن الدعوة الي تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام المذكورة فمن ثم فان ما أتاه علي هذا النحو يندرج تحت مدلول البند سابعا من المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب السياسية ويشكل في حق الطاعن عن نبسه وبصفته أحد طالبي تأسيس الحزب الناصري سببا كافيا للاعتراض علي تأسيس الحزب الناصري ، ورددت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها ما سبق أن أوردته في مذكرتها الأولى من عدم تميز الحزب الناصري في سياساته أو برنامجه تميزا ظاهرا عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي علي التفضيل الوارد في المذكرة الأولى وانتهت إدارة القضايا الي التصميم علي الطلبات التي انتهت اليها المذكرة المشار إليها.
وقدم الطاعن في أول ديسمبر سنة 1984 مذكرة أخيرة بدفاعه أضاف فيها أنه لا خلاف بين الميثاق والدستور بل أ الدستور يردد ما جاء في الميثاق سواء في مقدمته أو ضمن نصوصه وأورد الطاعن بيانا بالأحكام التي أوردها الميثاق الوطني ورددها الدستور علي النحو المبين تفصيلا في مذكرته وخلص من ذلك الي أن الميثاق الوطني هو الأساس الفلسفي للدستور وأن الأخير هو مجموعة القواعد القانونية لفلسفة الأول ، وردد الطاعن في مذكرته ما سبق أن أبداه من وجود تمايز ظاهر بين برنامج الحزب الناصري وبرنامج حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي وساق في مذكرته مقارنه بين ما جاء في برنامج كل من الحزبين خلص منها الي وجود كثير من أوجه التمييز بين البرنامجين ، وأضاف الطاعن أنه إذا كان للاستفتاء علي معاهدة السلام مع إسرائيل الحاصل في 20 من أبريل 1979 قوة ملزمة فأنها لا تسري من تاريخ إعلان نتيجة الاستفتاء في لتاريخ المذكور وانه اذا كان للمعاهدة سريان قانوني فهو من تاريخ تصديق مجلس الشعب عليها في 10 من أبريل سنة 1979 ، والثابت من المذكرة المقدمة لمجلس الشعب والتي استندت إليها إدارة قضايا الحكومة ، في القول بأنها تتضمن تحبيذا وترويجا للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء الذي تم في 20 من أبريل سنة 1979 أنها قدمت من الموقعين عليها لمجلس الشعب في 25 من مارس سنة 1979 ، ومن الواضح أنه تاريخ سابق للسريان القانوني للمعاهدة ، سواء من 20 أبريل سنة 1979 تاريخ الاستفتاء أو من 10 من أبريل سنة 1979 تاريخ موافقة مجلس الشعب عليها ، والقاعدة كما أوردتها المادة 66 من الدستور أنه لا عقاب إلا علي الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون ، كما انه لا سبيل لمؤاخذة أعضاء مجلس الشعب عما يبدونه من لأفكار والآراء علي ما نصت عليه المادة 98 من الدستور ، وانه متي ما تقدم فان ما ساقته إدارة قضايا الحكومة في هذا الخصوص يضحي غير متفق مع الواقع أو القانون وطلب الطاعن في ختام مذكرته الأمر بمحو العبارات الواردة في مذكرة دفاع إدارة قضايا الحكومة التي تحاول إلصاق الماركسية بمؤسسي الحزب والتشكيك في عقيدتهم الدينية وخاصة العبارة الواردة بالصفحة رقم 5 من مذكرة إدارة القضايا المقدمة بجلسة 12 من مايو سنة 1984 ، وخلص الطاعن الي التصميم علي طلباته .
وعقبت إدارة قضايا الحكومة بمذكرة ختامية أحالت فيها الي ما سبق أن أوردته في مذكرتيها السابقتين رددت فيها أوجه دفاعها السابق وأضافت أنه لا يجدي الطاعن استناده الي أحكام المادتين 66 ، 98 من الدستور علي نحو ما جاء في مذكرته لان مناهضة اتفاقية السلام يستدل عليه بالأعمال السابقة أو اللاحقة علي الاستفتاء عليها مادام الأمر يتعلق بموقف سياسي يسانده فكر سياسي معين لطالبي تأسيس حزب سياسي وليس بصدد عقاب أو ثواب حتى يعتصم الطالب بحكم المادة 66 من الدستور أن الطاعن ليس بصدد مساءلة عما كان يبديه من آراء ، داخل مجلس الشعب حتى يلوذ بالمادة 98 من الدستور ولكن الأمر يتعلق بأقدام جماعة علي تأسيس حزب سياسي يدين بتلك الأفكار السياسية التي برتب عليها المشروع في قانون الأحزاب تحريم قيام الحزب ، وهو ما أخذت به المحكمة الإدارية العليا في حكمها الصادر بجلسة 25 من يونيو سنة 1983 المشار إليه آنفا من أعمال اثر هذا الموقف السياسي بالنسبة لطالبي تأسيس حزب الجبهة الوطنية وكان من بين طالبي تأسيسه من وقعوا عل البيان المؤرخ 25 من مارس سنة 1979 بالذات مقرره أن ما صدر منهم من أعمال لا يعد مجرد تعبير عن رأي في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وانما صدرت في صورة بيانات موقعة من مجموعة من الأشخاص ورتبت علي ذلك قيام السبب القانوني المانع من تأسيس الحزب ، وطلبت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها محو بعض العبارات التي وردت في مذكرة الطاعن المقدمة في أول ديسمبر سنة 1984علي التفصيل الوارد في مذكرة إدارة القضايا وذلك بالإضافة أيلي محو العبارات الواردة في تقرير الطعن والتي سبق أن بينتها في مذكرتها الأولى وأخيرا طلبت إدارة القضايا رفض طلب التدخل فكانضمامي استنادا أيلي أن الحكم في الطعن الأصلي برفضه يترتب عليه انهيار طلب التدخل الانضمامي وانتهت إدارة قضايا الحكومة في مذكرتها إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعن بالمصروفات ، فضلا عن الأمر بمحو العبارات التي ارتأتها جارحة والواردة في تقرير الطعن ومذكرة الطاعن المقدمة في أول ديسمبر سنة 1984 علي التفصيل السابق إيراده ورفض طلب التدخل الانضمامي .
ومن حيث أن المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية تنص علي أنه يشترط لتأسيس أو استمرار أي حزب سياسي ما يلي :-
أولا :- عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسه نشاطه مع :-
1. مبادئ الشريعة الإسلامية باعتبارها المصدر الرئيسي للتشريع .
2. مبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 ، 15 مايو سنة 1971 .
3. الحفاظ علي الوحدة الوطنية و السلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي والمكاسب الاشتراكية .
ثانيا :- تميز برنامج الحزب وسياساته في تحقيق هذا البرنامج تميزا ظاهرا عن الأحزاب الأخرى .
ثالثا :- عدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته علي أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الوطنية والسلام الاجتماعي ، أو علي أساس طبقي أو طائفي أو فئوي أو جغرافي ، أو علي أساس التفرقة بسبب الجنس أو الأصل أو الدين أو العقيدة .
رابعا :- عدم انطواء وسائل الحزب علي إقامة أي تشكيلات عسكرية أو شبة عسكرية .
خامسا :- عدم قيام الحزب كفرع أو تنظيم سياسي في الخارج ، وعدم ارتباط الحزب أو تعاونه مع آيه أحزاب أو تنظيمات أو جماعات أ, قوي سياسية تقوم علي معاداة أو مناهضة المبادئ أو القواعد أو الأحكام المنصوص عليها في البند التالي :
سادسا :- عدم انتماء أي من مؤسسي أو قيادات الحزب أو ارتباطه أو تعاونه مع أحزاب أو تنظيمات أو جماعات معادية أو مناهضة للمبادئ المنصوص عليها في البند أولا من هذه المادة أو في المادة الأولى من القانون رقم 33 لسنة 1978 المشار إليه أو للمبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام واعادة تنظيم الدولة 20 أبريل سنة 1979 .
سابعا :- إلا يكون بين مؤسسي الحزب أو قيادته من تقوم أدلة جدية علي قيامه بالدعوة أو المشاركة في الدعوة أو التحبيذ أو الترويج بآيه طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند السابق .
ثامنا :- إلا يترتب علي قيام الحزب إعادة تكوين أي حزب من الأحزاب التي خضعت للمرسوم بقانون رقم 27 لسنة 1953 بشأن حل الأحزاب السياسية .
تاسعا :- علانية مبادئ واهداف وبرامج ونظام وتنظيمات وسياسات ووسائل وأساليب مباشرة نشاط الحزب وعلانية تشكيلاته وقياداته وعضويته ووسائل ومصادر تمويله .
حيث أوجبت المادة الخامسة من القانون أن يشمل النظام الداخلي للحزب القواعد التي تنظم كل شئونه السياسية والتنظيمية والمالية بما يتفق وأحكام القانون وأن يتضمن النظام بصفة خاصة البيانات التي أوردتها تلك المادة ، كما أوجبت المادة السابعة تقديم إخطار كتابي عن تأسس الحزب إلى رئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية المنصوص عليها في المادة الثامنة بالشروط والأوضاع التي حددتها المادة ، وبينت المادة الثامنة من القانون كيفية تشكيل لجنة شئون الأحزاب السياسية واختصاصات هذه اللجنة ، وإجراءاتها وأوجبت أن تكون قرار اللجنة في حالة الاعتراض علي تأسيس الحزب مسببا وأجازت المادة لطالبي تأسيس الحزب أن يطعنوا بالإلغاء في القرار الصادر بالاعتراض علي تأسيس الحزب خلال ثلاثين يوما من تاريخ نشر هذا القرار في الجريدة الرسمية أمام الدائرة الأولى بالمحكمة الإدارية العليا علي أن ينضم لتشكيلها عدد مماثل من الشخصيات العامة يصدر باختيارهم إقرار من وزير العدل بعد موافقة المجلس الأعلى للهيئات القضائية .
كما تنص المادة 17 من ذات القانون علي أنه يجوز لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بعد موافقتها ، أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها النصوص عليه في المادة 8 الحكم بصفة مستعجلة بحل الحزب وتصفية أمواله وتحديد الجهة التي تؤول إليها هذه الأموال وذلك إذا ثبت من تقرر المدعي الاشتراكي بعد التحقيق الذي يجريه تخلف أو زوال- أي شرط من الشروط المنصوص عليها في المادة 4 من هذا القانون .
ومن حيث انه يخلص من أحكم القانون رقم 40 لسنة 1977 بنظام الأحزاب السياسية السابق بيانها أن الشروط التي أوردتها المادة الرابعة من هذا القانون هي شروط واجبة للموافقة علي تأسيس أي حزب سياسي بحيث يتعين أن تتوافر جميعها للموافقة علي تأسيس الحزب ويترتب علي تخلف أي من هذه الشروط قيام السب المانع من الموافقة علي قيام الحزب ، وإذا كانت هذه الشروط واجبة للموافقة علي تأسيس الحزب فأنها في الوقت ذاته شروط صلاحية لاستمرار الحزب بعد قيامه في مباشرة نشاطه بحيث إذا تبين تخلف أحد هذه الشروط أو زواله كان لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية أن يطلب من المحكمة الإدارية العليا بتشكيلها المنصوص عليه في المادة الثامنة من القانون أن يطلب حل الحزب بالشروط والإجراءات المنصوص عليها في المادة 17 من ذلك فانه يكون للجنة شئون الأحزاب السياسية بعد صدور قرارها بالاعتراض علي تأسيس الحزب أن تضيف أسبابا جديدة لقرارها متي كانت هذه الأسباب تتعلق بتخلف شروط أخري أوجبها القانون وكانت تلك الأسباب قائمة وموجودة عند صدور قرارها بالاعتراض ذلك انه ما دام أن لرئيس لجنة شئون الأحزاب السياسية بعد موافقتها أن يطلب حل حزب وتصفيته فانه يكون للجنة من باب أولي أن تضيف أسبابا جديدة للقرار بالاعتراض علي تأسيس الحزب ، وهذا فضلا عن أن هذه المحكمة تري أن الطعن في القرار الصادر بالاعتراض علي تأسيس أي حزب سياسي يبسط رقابة هذه المحكمة للتحقق من توافر كافة الشروط التي حددها القانون للموافقة علي تأسيس الحزب وانزال حكم القانون علي المنازعة ، وبناء علي ما تقدم فانه لا تثريب ولا مأخذ فيما لجأت إليه لجنة شئون الأحزاب السياسية من إضافة سببين جديدين لقرارها المطعون فيه ويضحي من ثم إنكار الطاعن لحق اللجنة في هذا الخصوص علي غير أساس سليم من القانون ويتعين بالتالي الالتفات عنه .
ومن حيث أن حاصل السببين الجديدين اللذين أضافتهما لجنة شئون الأحزاب السياسية لقرارها المطعون فيه أن الحزب الناصري ليس متميزا في برنامجه وسياساته تميزا ظاهرا عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي في الأساسيات التي يقوم عليها البرنامجان وخاصة فيما يتعلق بالجوانب السياسية والاقتصادية ومناهضة مبادئ الحزب الناصري لما وافق عليه الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام مع إسرائيل وملحقاتها ، وقيام الطاعن بالتوقيع علي أحد البيانات التي تضمنت دعوة إلى تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام المذكورة ، الأمر الذي يتحقق معه انتقاء الشرطين الواردين في البندين ثانيا وسابعا من المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب السياسية .
ومن حيث انه عن السبب القائل بتخلف الشرط المنصوص عليه في البند ثانيا من المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب السياسية في شأن الحزب الناصري علي قول بأن الحزب ليس متميزا في برنامجه وسياساته تميزا ظاهرا عن حزب التجمع الوطني التقدمي الوحدوي فانه يبين من مطالعة أحكام المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب السياسية أنها أوجبت لتأسيس أي حزب سياسي توافر العديد من الشروط التي حددتها تلك المادة ، ومن هذه الشروط عدم تعارض مقومات الحزب أو مبادئه أو أهدافه أو برامجه أو سياساته أو أساليبه في ممارسة نشاطه مع مبادئ الشريعة الإسلامية ومبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 ، 15 مايو سنة 1971 والحفاظ علي الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي والنظام الاشتراكي الديمقراطي ، وعدم قيام الحزب في مبادئه أو برامجه أو في مباشرة نشاطه أو اختيار قياداته أو أعضائه علي أساس يتعارض مع أحكام القانون رقم 33 لسنة 1978 بشأن حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي ، ولا ريب أن هذه الشروط من الإفاضة والشمول علي النحو يجعل الأساسيات والأساليب والمبادئ والبرامج التي تقوم عليها الأحزاب السياسية ترد م معين واحد وتفيض من نبع محدد ، الأمر الذي يجعل التشابه بين مبادئها وبرامجها وأساليبها أمرا واردا ، وبالتالي يضحي اشتراط التمايز الظاهر بين هذه المبادئ والبرامج والأساليب هو أمر جد عسير علي نحو يخرج بهذا الشرط من دائرة التنظيم الي مجال التقييد وينطوي علي تعارض واضح لمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين الذي كفلته المادة الثامنة من الدستور ويخل بالمساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات العامة علي نحو يتعارض وحكم المادة 40 من الدستور ، ووجه هذا التعارض أن إيراد هذا الشرط ينطوي علي تفرقة ين المواطنين واخلال بمبدأ تكافؤ الفرص في تأسيس الأحزاب السياسية لما ينطوي عليه من إباحة للبعض وحظر للبعض الأخر .
ولا يسوغ الرد علي ذلك بأنه ما دام أن حزبا قائما علي ذات الأسس والمبادئ والأهداف التي يؤمن بها طالبو تأسيس حزب فانه يمكن لهؤلاء الانضواء تحت لواء هذا الحزب ، ذلك انه بفرض التسلم باعتناق هؤلاء لذات الأسس والمبادئ والأهداف إلا أنهم قد لا يؤمنون بقدرة وكفاءة القائمين علي الحزب علي تحقيق هذه المبادئ وتلك الأهداف وهذا فضلا عن أن انضمامهم إلى لحزب القائم يجعل أمر ترشيحهم لمجلس الشعب والشورى وقد اصبح الترشيح لهذين المجلسين عن طريق القوائم الحزبية رهنا بإرادة وهدي قيادات الحزب ، وهنا يبرز عنه قيد جديد علي حرية المواطن في الترشيح وهو إحدى الحريات السياسية التي كفلتها المادة 62 من الدستور عندما نصت علي أن للمواطن حق الانتخاب والترشيح .
ومن حيث أن ما ساقته لجنة شئون الأحزاب السياسية في دفاعها من أن الطاعن هو أحد الموقعين علي أحد البيانات التي تضمنت دعوة إلى تحبيذ وترويج اتجاهات تتعارض مع معاهدة السلام مع إسرائيل وملحقاتها الأمر الذي يتعارض مع البند سابعا من المادة الرابعة من قانون تنظيم الأحزاب السياسية ويفقد بالتالي الحزب الناصري ( تحت التأسيس) شرطا من الشروط اللازمة للموافقة علي تأسيسه ، فان هذه لمحكمة تري في الشرط الذي أورده البند سابعا من المادة الرابعة سالفة الذكر من إلا يكون بين مؤسسي الحزب أو قياداته من تقدم أدلة جدية علي قيامه بالدعوة أو المشاركة أو التحبيذ أو الترويج بآيه طريقة من طرق العلانية لمبادئ أو اتجاهات أو أعمال تتعارض مع المبادئ المنصوص عليها في البند سادسا من المادة المذكورة ومنها المبادئ التي وافق عليها الشعب في الاستفتاء علي معاهدة السلام وإعادة تنظيم الدولة في 20 أبريل سنة 1979 ، تري المحكمة في هذا الشرط مصادرة لحرية الرأي وهي إحدى الحريات التي كفلها الدستور بما نصت عليه المادة 47 منه من أن حرية الرأي مكفولة ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذ لك من وسائل التعبير في حدود القانون ذلك انه وان كان يتعين علي الدولة احترام تعاقداتها الدولية ومنها معاهدة السلام مع إسرائيل طالما كانت هذه المعاهدة قائمة ونافذة ، إلا أن ذلك لا يعني بحال مصادرة أي رأي مخالف لما تضمنته تلك المعاهدة ، متي كان إبداء هذا الرأي أو التحبيذ أو الترويج له قد تم في حدود القانون وبالتالي فانه يستقر في يقين هذه المحكمة ووجدانها أن أيراد الشرط الوارد في البند سابعا من المادة الرابعة من قانون الأحزاب السياسية هو أمر يتعارض مع حكم المادة 47 من الدستور .
ومن حيث انه يخلص مما تقدم أن هذه المحكمة تري فيما تضمنه البندان ثانيا وسابعا من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية مخالفة الدستور علي النحو السابق بيانه ومتي كانت المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تقضي بأنه إذا تراءت لاحدي المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في المسالة الدستورية ، ومتي كان ذلك وكان الفصل في هذا الطعن يتوقف علي الفصل في مدي دستورية البندين ثانيا وسابعا من المادة الرابعة من قانون نظام الأحزاب السياسية سالف الذكر ، فمن ثم فقد تعين وقف هذا الطعن واحالة أوراقه إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية هذين البندين .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بوقف الطعن وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدي دستورية البندين (ثانيا ) و ( سابعا ) من المادة الرابعة من القانون رقم 40 لسنة 1977 الخاص بنظام الأحزاب السياسية