طعن رقم 800 لسنة 34 بتاريخ 19/05/1992 الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامى والدكتور أحمد مدحت حسن على وعويس عبد الوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد.نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
بتاريخ 17/2/1988 أودعت الأستاذه/ ناهد عبد الغنى المحامية بصفتها وكيلة عن السيد/…………… رئيس شركة الأسواق التجارية الهندسية، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجداولها تحت رقم 800 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى- دائرة العقود والتعويضات بجلسة 20/12/87 في الدعوى رقم 2056 لسنة 40ق المقامة من الشركة المذكورة ضد الهيئة العامة لمرفق الصرف الصحى للقاهرة الكبرى، الذى قضى برفض الدعوى وإلزام الشركة المدعية المصروفات.
وطلبت الشركة الطاعنه الحكم لها للأسباب الواردة بتقرير الطعن بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبأحقيتها في التعويض الذى تطالب به مع إلزام جهة الإدارة المصروفات.
وأعلن تقرير الطعن للهيئة المطعون ضدها في 20/2/1998.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى إنتهت فيه للأسباب الواردة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه مع إلزام الشركة الطاعنة المصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 1/11/1989 وتداولت نظره بالجلسات إلى أن قررت بجلسة 20/3/1991 إحالته إلى الدائرة الثالثة بالمحكمة الإدارية العليا لنظره بجلسة 13/4/1991 حيث تدوول نظر الطعن على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 22/10/1991 قررت حجزه للحكم بجلسة 7/1/1992 ثم مد أجل النطق بالحكم لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 20/12/1987 وطعن فيه بتاريخ 17/2/1988 وإذ أستوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص حسبما يبين من الإطلاع على الأوراق التى حفل بها ملف الطعن منذ بداية النزاع في أن الطاعن أقام بتاريخ 8/6/1986 الدعوى رقم 2056 لسنة 40ق أمام دائرة العقود والتعويضات بمحكمة القضاء الإدارى طالباً الحكم بإلزام الهيئة العامة لمرفق الصرف الصحى للقاهرة الكبرى بأن تدفع له مبلغ 245288 جنيهاً والفوائد القانونية بواقع 7% سنوياً من تاريخ المطالبة حتى تمام السداد والمصروفات وقال شرحاً لدعواه إنه بتاريخ 11/3/1978 رسا على شركته تنفيذ عملية توريد وتركيب الجهات الميكانيكية والكهربائية لمشروع التنقية الجزئية لمياه المجارى بالجبل الأصفر، وتحدد لتنفيذ العملية 30 شهراً من تاريخ فتح الإعتماد للموردين بالخارج أو تسلم الأعمال المدنية إليها بشرط وصول أخر دفعة من الجهات المستوردة قبل إثنى عشر شهراً من نهاية المدة.
وأستطرد الطاعن قائلاً إن الهيئة المطعون ضدها كلفت شركة (المقاولون العرب) بتنفيذ الأعمال المدنية لهذا المشروع عام 1970 ولم يتحدد الموقع إلا في عام 1975، حيث بدأت هذه الشركة العمل في 1/7/1978 على أن تنتهى الأعمال في عام 1982، إلا أن العمل لم ينته بالفعل إلا في يونيو 1984.
وأضاف الطاعن أنه قد وضع في اعتباره عند التعاقد أن التسليم سيكون عام 1982، وقد ترتب على تأخير تسليم موقع العمل لمدة عامين كاملين، أن شركته تحملت بمصاريف إضافية مقابل حراسه الجهات خلال هذه المدة فضلاً عن زيادة الأسعار بالنسبة للتركيب مما يعطيها الحق في مطالبة الهيئة المطعون ضدها بالمبالغ التى تكبدتها بسبب تأخير تسليم الأعمال المدنية دون خطأ أو تقصير منه، وقد بلغت تكاليف حراسة الجهات المستوردة والمشونة بموقع العمل منذ ورودها في يوليو 1979 حتى تاريخ تسليم أول جزء من الموقع في أغسطس 1984 مبلغ 40800 جنيه على أساس 680 جنيهاً شهرياً فتكون الحسبه 680×12ش×5س، كما أن الزيادة التى طرأت على اسعار التركيبات خلال هذه الفترة تقدر بمبلغ 204488 جنيهاً وذلك طبقاً لبيان الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين والوارده من الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وهو ما حدا به إلى أن يوجه إنذاراً رسمياً للهيئة المطعون ضدها في 25/1/1986 وإذ لم تستجب له فقد أقام دعواه أمام محكمة القضاء الإدارى للحكم له بطلباته السالفة.
وبجلسة 20/12/1987 حكمت المحكمة برفض الدعوى تأسيساً على أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة وإلتزاماته تتحدد طبقاً لنوص العقد الذى يربطه بها وطبقاً للبند التاسع من أمر الإسناد الذى قبلته الشركة المدعية عند التنازل عن العملية في 21/3/1978 فإنها تكون مسئولة وحدها عن مصاريف الحراسة للجهات الخاصة بالعملية في أماكن التشوين وذلك طيلة مدة التشوين وحتى الانتهاء من الأعمال الموكلة إليها وتسليمها إلى الهيئة المدعى عليها دون إلتزام على الهيئة في هذا الشأن، كما أن البند السادس عشر من أمر التشغيل يحدد مدة التنفيذ بثلاثين شهراً تبدأ بالنسبة للشركة المدعية اعتباراً من تاريخ تسلم الأعمال المدنية في يوليو 1984 باعتبار هذا التاريخ ألحق من تاريخ فتح الاعتمادات المالية للموردين بالخارج ولم تحدد مدة معينة للتنفيذ خلالها تسلم الأعمال المدنية وإنما تركت لحين تسليم تلك الأعمال، ولم تتحفظ الشركة المدعية على ذلك أو تعترض عليه وبالتالى لا يكون لها ثمة حق في المطالبة بزيادة أسعار التركيب مادامت لم تشترط في عرضها زيادة أسعار التركيبات حسب الزيادة التى قد تطرأ في السوق فضلاً عما كشفت عنه الأوراق من تراخى الشركة في تنفيذ الأعمال المسندة إليها سواء قبل أو بعد تنفيذ الأعمال المدنية، ومن ثم لا يكون لها أدنى حق فيما تطالب به من مبالغ مقابل حراسة الجهات وزيادة أسعار التركيبات بمقولة استطالة مدة الأعمال المدنية، وإذ لم يلق هذا الحكم قبولاً لدى الشركة الطاعنة، فإنها أقامت الطعن الماثل تأسيساً على أن حكم محكمة القضاء الإدارى مخالف للقانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله وقد شابه القصور في التسبيب وذلك للأسباب الأتية:- 1- إن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن حقوق المتعاقد مع الإدارة وإلتزاماته تحدد طبقاً لنصوص العقد الذى يربطه بجهة الإدارة ولا ينشأ له حق في التعويض إلا إذا لحقه ضرر، وبناء عليه إنتهى الحكم إلى أنه لم يلحق بالشركة شىء من ذلك وبالتالى لا تستحق تعويضاً هذا الذى خلصت إليه المحكمة يخالف الواقع إذ ثابت من مستندات الدعوى أنه قد حدثت صعوبات مادية غير متوقعة لا دخل للشركة فيها، وقد كبدتها خسائر جسيمة، من ذلك كتاب رئيس الهيئة المطعون ضدها للسيد المستشار رئيس إدارة الفتوى لرئاسة الجمهورية المؤرخ 4/8/1985 والذى جاء به أن الهيئة كانت تضع في اعتبارها أن الأعمال المدنية ستنتهى في عام 1982، إلا أنها لم تنته إلا في يوليو 1984 وبالتالى إستطالت مدة تنفيذ العملية المتعاقد عليها ونتج عن ذلك تكبد الشركة مصاريف الحراسة على الجهات التى تم توريدها وكذلك زيادة أسعار التركيبات خلال مدة استطالة الأعمال المدنية، كذلك ورد في نفس الكتاب أن كون الشركة لم تتحفظ على مدد تنفيذ الأعمال المدنية لا يؤدى إلى استطالة هذه المدة إلى مالانهاية وإنما يكون ذلك في نطاق الحدود المقبولة لتنفيذ هذه الأعمال.
ومن المستندات أيضاً كتاب رئيس الهيئة إلى مستشار الفتوى المؤرخ 16/7/1985 الذى ورد به أن ما أصيب به المقاول الميكانيكى (الشركة المدعية) من إضرار نتيجة تأخر الأعمال المدنية كان لأسباب لا ترجع إليه وخارجه عن إرادته.
ومفاد هذه المستندات أن الهيئة المطعون ضدها تعترف وتقر بأن استطالة التنفيذ ترجع لصعوبات مادية وهى تأخر تنفيذ الأعمال المدنية تأخيراً غير مقبول وقد خالف الحكم المطعون فيه القانون حين أهدر هذا الإعتراف.
2- أن الحكم المطعون فيه ذهب إلى استطالة مدة التنفيذ بالنسبة للأعمال المدنية يرجع إلى طبيعة المشروع وفخامته وإلى تداخل الأعمال المدنية مع أعمال التركيبات الميكانيكية والكهربائية وتأخير تنفيذ بعضها تبعاً لتأخير تنفيذ الأعمال الأخيره وهو أمر تسببت فيه الشركة المدعية ذاتها وهذا الذى ذهب إليه الحكم المطعون فيه يتناقض مع بعضه في الرأى.
أ- أن الحكم المطعون فيه أقر بأن استطالة مدة التنفيذ ترجع إلى طبيعة وفخامة المشروع وتداخل الأعمال فيه أى يقر بوجود عقبات مادية أخرى بخلاف العقبة الأساسية وهى تأخير تنفيذ الأعمال المدنية.
ب- لعدم صحة ما ذكره الحكم من أن الشركة المدعية تراخت وتأخرت في تنفيذ بعض أعمالها الميكانيكية والكهربائية بدليل من كتابى الهيئة المطعون ضدها سالفى الذكر.
ج- أعتبر الحكم عقد اجتماعات مشتركة بين الطرفين دليلاً على تأخير الشركة في التنفيذ وهو أمر غير صحيح ولا يتفق مع طبيعة العمل في المشروعات الضخمة ومنها المشروع محل النزاع وطبيعة العمل تتطلب عقد اجتماعات دورية بين الطرفين لدفع العمل والتنسيق فيما بينها.
3- أنه طبقاً لنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة فإنه يحق للشركة أن تطالب بتعويض كامل عما سببته هذه الصعوبات من أضرار وإذ تجاهل الحكم المطعون فيه ذلك رغم أن هذا النظرية مسلم بها من القضاء الإدارى فإنه يكون قد خالف القانون.
وقدمت الهيئة المطعون ضدها عدة مذكرات تضمنت الأتى:-
1- أنه قد تحرر برنامج زمنى مع الشركة الطاعنة لتنفيذ الأعمال المسنده إليها غير انه طبقاً للبند 15 من أمر التشغيل المؤرخ 11/3/1978 فإنه يجوز للهيئة إدخال أى تعديل على هذا البرنامج لتحسين سير العمل.
2- عدم صحة ما تزعمه الشركة الطاعنة من أن عقد (المقاولون العرب) يقضى ببدء الأعمال المدنية في عام 1979 وينتهى في عام 1982، إذ لا يوجد تعاقد مع شركة المقاولون العرب بل أصدر وزير الإسكان والمرافق قرار عام 1970 بتكليفها بتنفيذ الأعمال المدنية.
3- عدم صحة إدعاء الشركة الطاعنة بأن تشوين المعدات والمهمات تم في مكان بعيد عن موقع العمل مما كبدها مصاريف حراسة، إذ أنه طبقاً للبند العاشر من أمر التشغيل فإن التشوين يجب أن يتم بموقع العمل.
4- عدم صحة إدعاء الشركة بحدوث صعوبات مادية كبدتها خسائر ماليه، إذ أنها قبلت التنازل من شركة مصر للإستيراد والتصدير بخصوص هذه العملية دون أى تحفظ أو إعتراض ويكشف عن علم كامل بظروف العملية.
5- أن التداخل بين الأعمال المدنية وأعمال التركيبات الميكانيكية قد تم عندما تأخرت الشركة الطاعنة في جزء من هذه الأعمال لتأخير توريد بعض المعدات كالمواسير والقمع الخاص بأحواض الترسيب الإبتدائية والكيعان، كما أن الاجتماعات التى تمت بين الهيئة والشركة الطاعنة وشركة المقاولون العرب كانت بسبب تأخر الشركة الطاعنة في التنفيذ رغم انتهاء الاعمال المدنية من قبل الشركة الأخرى.
6- طبقاً للائحة المزايدات والمناقصات الصادرة من وزير المالية عام 1957 والتى تم التعاقد مع الشركة الطاعنة في ظل العمل بها وكذلك لائحة المناقصات والمزايدات الخاصة بالهيئة فإن الفئات التى حددها مقدم العطاء بجدول الفئات تشمل وتغطى جميع المصروفات والإلتزامات أياً كان نوعها التى تكبدها بالنسبة إلى كل بند من البنود، كذلك تشمل جمع الأعمال وتسليمها للمصلحة بصرف النظر عن تعليمات السوق والعملة وطبقاً لهذه اللائحة فإنه لا يحق للشركة الطاعنة المطالبة بأى تعويض تحت زعم زيادة أسعار الجهات والتركيبات خلال فترة التنفيذ.
كما قدمت الشركة الطاعنة عدة مذكرات أوردت بها الأتى:-
1- أن أمر الإسناد الذى صدر لشركة المقاولون العرب لتنفيذ الأعمال المدنية حدد ميعاداً لإنهائها عام 1982 وقد أمتد العمل إلى عام 1984 ويؤكد ذلك البرنامج الزمنى الذى أبرم معها في هذا الشأن.
2- أن تنفيذ الأعمال الميكانيكية متوقف على إنهاء الأعمال المدنية وقد تأخرت شركة المقاولون العرب في تنفيذ الأعمال المدنية مدة سنتين عما هو مقرر، وبالتالى لحق ضرر مالى بالشركة الطاعنة.
وأرفقت الشركة الطاعنة بمذكراتها حافظتى مستندات.
ومن حيث إنه بالإطلاع على الأوراق يتضح أن شركة مصر للإستيراد والتصدير التى كان قد رسا عليها عطاء عملية توريد وتركيب الجهات الميكانيكية والكهربائية لمشروع التنقية الجزئية لمياه المجارى بالجبل الأصفر قد تنازلت للشركة الطاعنة عن هذه العملية بتاريخ 9/12/1978 وكان قد صدر لها من الهيئة المطعون ضدها أمر الشغل التفصيلى بتاريخ 11/3/1978 الذى نص البند التاسع منه على أن تحدد الهيئة الأراضى الفضاء التى يمكن للشركة إستغلالها في تشوين مهمات المشروع إو إقامة أى مأوى مؤقت في موقع العمل وتكون الشركة مسئولة بمفردها عن حراسة وسلامة هذه المهمات ضد العوامل الجوية أو أية عوامل أخرى كما نص البند العاشر على أن تقوم الشركة بتجهيز المخازن اللازمة لأيواء المهمات بموقع العمل وتكون هذه المخازن صالحة لتشوين مهمات العملية على الوجه الأكمل والشركة وحدها مسئولة عن الحفاظ على الحفاظ على هذه المهمات ونص البند السادس عشر على أن مدة تنفيذ العملية 30 شهراً (ثلاثون شهراً) من تاريخ فتح الإعتمادات للموردين بالخارج أو تسليم الأعمال المدنية إليها لاحقة بشرط وصول أخر دفعة من المهمات المستوردة من الخارج قبل 12 شهراً من نهاية المدة وقد قبلت الشركة الطاعنة تنفيذ أمر الشغل التفصيلى عندما قبلت التنازل لها عن العملية المذكورة من شركة مصر للإستيراد والتصدير وأثبت تاريخ هذا التنازل في 9/12/1978، دون أى تحفظ أو إعتراض أو إبداء أية ملحوظة.
ومن حيث إنه بتاريخ 15/9/1970 كان وزير الإسكان والمرافق قد أصدر قرار تكليف لشركة المقاولون العرب لتنفيذ الأعمال المدنية للعملية سالفة الذكر، على ان تبدأ بعد ذلك مهمة الشركة الطاعنة بتوريد وتركيب المهمات الميكانيكية والكهربائية للمشروع وقد نص قرار التكليف على أن يتم التنفيذ وفقاً للبرامج وفى المواعيد المقرره التى يحددها الجدول الزمنى الذى يوضع في هذا الشأن وواضح من الوراق إنه لم يحدد ميعاد ثابت لانتهاء الأعمال المدنية وأن الجدول الزمنى لتنفيذ هذه الأعمال يعدل بإستمرار حسب ظروف العمل وقد أختلفت تقديرات انتهاء الأعمال المدنية التى بدأت في يوليو 1978 على أساس أنها تتطلب أربع سنوات بمراعاة إنه لم يحدد (للمقاولون العرب موقع العملية إلا في عام 1975، ولذلك كان التقدير الأول أن تنتهى الأعمال المدنية عام 1982 ثد قدر لإنتهائها 31/12/1983 ولم ينته العمل إلا في يونيو 1984 حيث تسلمت الشركة الطاعنة موقع العمل في 12/8/1984، يخلص مما تقدم أن الأوراق قد خلت من تاريخ محدد ثابت قاطع لانتهاء الأعمال المدنية المكلفة بها شركة المقاولون العرب وأن الجدول الزمنى لتنفيذ الأعمال كان يعدل وفق متطلبات العمل ولا غرابة في ذلك فإن الجدول الزمنى لتنفيذ الأعمال الميكانيكية والكهربائية المكلفة بها الشركة الطاعنة كان يتعدل هو الأخر 11/3/1978 والذى نص على أن توافى الهيئة فور تسلم أمر المشروع سواء في الصناعة أو النقل أو التركيب أو الأختيار والتسليم ويعتبر البرنامج الزمنى بعد إعتماده من الهيئة أحد مستندات العقد على أن يكون من حق الهيئة إدخال التعديلات على هذا البرنامج من وقت لأخر لتحسين سير العمل وقد وضعت الشركة الطاعنة برنامجها التنفيذى للأعمال المكلفة بها في 19/4/1983 على أساس انتهاء الأعمال المدنية خلال عام 1983 ثم عدل في فبراير 1985 مما يفيد بأن الشركة الطاعنة كانت على علم تام وكامل بظروف العملية وملابساتها، يضاف إلى ذلك أن أمر التشغيل سالف الذكر لم يحدد ميعاد البدء بتنفيذ عمل الشركة الطاعنة ولكنه حدد مدة التنفيذ بأن تكون 30 شهراً ثلاثون شهراً من تاريخ فتح الإعتمادات أو تسليم الأعمال المدنية أيهما ألحق، وبالتالى لا يحق للشركة الطاعنة أن تزعم أنه كان قد تحدد ميعاد ثابت لانتهاء الأعمال المدنية وبدء أعمالها الميكانيكية والكهربائية وإذا كانت قد وضعت في اعتبارها تاريخاً معيناً استنتجته من نفسها فإن هذا التقرير لا تسأل عنه الجهة المطعون ضدها ومادامت قد تسلمت موقع العمل بعد انتهاء الأعمال المدنية في أغسطس 1984 فإنه اعتباراً من هذا التاريخ يبدأ تنفيذ إلتزامها بإتمام عمليات تركيب المهمات الميكانيكية والكهربائبة وقد تراخت الشركة الطاعنة في إنهاء أعمالها رغم إستعجال الهيئة لها وإنذارها عدة مرات من ذلك ما تم بكتاب الهيئة المؤرخ 21/1/1985 وكتابها في 24/10/1985 بل قدمت محاضر عدة اجتماعات مشتركة حضرها ممثلون عن كل من الهيئة المطعون ضدها وشركة المقاولون العرب والشركة الطاعنة أقر فيها الجميع بأنه لا توجد أى عوائق تحول دون عمل الشركة الطاعنة وبتنفيذها للأعمال الميكانيكية والكهربائية الملزمة بها ومن ذلك محضر الاجتماع المؤرخ 26/8/1984.
ومن حيث إن البند الثانى من أمر التشغيل التفصيلى السابقة الإشارة إليه، تضمن أن الشركة تقر بقبولها لجميع الإشتراطات الواردة بدفتر المواصفات والشروط العامة الصادرة من الهيئة والتعديلات المكملة والخاصة بهذه العملية، وكافة الشروط العامة الواردة باللائحة العامة للمناقصات والمزايدات الحكومية وكذلك اللائحة المالية الخاصة بالهيئة العامة للمجارى والصرف الصحى.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد أستقر على أن حقوق المتعاقد مع جهة الإدارة وإلتزاماته إنما تحدد طبقاً لنصوص العقد وليس على أساس مكاتبات أو مراسلات تصدر عن جهة الإدارة.
ومن حيث إن البند التاسع من أمر التشغيل التفصيلى نص على أن الشركة تكون مسئولة بمفردها عن حراسة وسلامه مهمات المشروع ضد العوامل الجوية أو أية عوامل أخرى حتى الانتهاء من أعمالها وتسليمها لجهة الإدارة، ومن ثم لا محل لمطالبة الشركة الطاعنة لجهة الإدارة المطعون ضدها بمصاريف حراسة المهمات، وإذا كانت تعلل في طلبها بأنها قد شونت هذه المهمات في مكان بعيد عن موقع العمل لعدم تسليمها له من شركة المقاولون العرب فإن البند العاشر من أمر التشغيل الفعلى نص على أن تقوم (أى الشركة الطاعنة) بتجهيز المخازن اللازمة لتشوين المهمات بموقع العمل وأن تكون هذه المخازن صالحة لتشوين مهمات العملية على الوجه الأكمل، والشركة وحدها مسئولة عن الحفاظ على هذه المهمات ومن ثم فإن جهة الإدارة المطعون ضدها لا تسأل عن أى مصاريف تكبدتها الشركة الطاعنة نتيجة تشوينها للمهمات في مكان بعيد عن موقع العمل وإذا كانت الشركة الطاعنة تثير أيضاً طلبها تحمل الإدارة بمصاريف الحراسة على المهمات أو تعويضها عنها، بأنها أى الشركة الطاعنة قامت بالتشوين للمهمات منذ يوليو 1979 على أساس أن شركة المقاولون العرب ستنتهى من الأعمال المدنية وتسليمها موقع العمل فإن ذلك مردود بما سبق إستعراضه تفصيلاً من أن الوراق قد خلت من تحديد قاطع لانتهاء الأعمال المدنية، وأن الجدول الزمنى في هذا الشأن عدل عدة مرات حسب ظروف العمل وبعلم كامل من الشركة الطاعنة خاصة وأنها تعلم بأن شركة المقاولون العرب بدأت العمل في الموقع عام 1987 وأنه تقدر مبدئياً للتنفيذ أربع سنوات كذلك وإذ كانت جهة الإدارة المطعون ضدها قد صدرت عنها بعض مكاتبات تتضمن أنها كانت وإذ كانت جهة الإدارة المطعون ضدها قد صدرت عنها بعض مكاتبات تتضمن أنها كانت تقدر انتهاء الأعمال المدنية في تاريخ معين فإن هذ التحديد التقديرى لا يعدو أن يكون من قبيل الإجتهاد والتوقع لما هو مأمول أو يرجى حدوثه دون أن يصلح بذاته سنداً في القانون لإكتساب الشركة الطاعنة حقاً منه، أو ترتيب التزام على أساسه تتحمل به الجهة الإدارية في مواجهة الشركة الطاعنة كما أن أمر الشغل التفصيلى المؤرخ 11/3/1978 قد جاء خلوا من نص يلزم الهيئة بمصاريف الحراسة أو المشاركة فيها وحدد صراحة على سبيل القطع أن مصاريف الحراسة للمهمات الميكانيكية والكهربائية التى تقوم بتوريدها وتركيبها الشركة الطاعنة هى على عاتق هذه الشركة وحدها وخلص مما تقدم إلى أنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد إنتهى إلى عدم صحة مطالبة الهيئة المطعون ضدها بتعويض الشركة الطاعنة عن مصاريف حراسة المهمات المذكورة أياً كانت المدة التى إستغرقها تشوين هذه المهمات وتاريخ التشوين ومكانه فإنه يكون قد أصاب الحقيقة ويكون مطلب الشركة الطاعنة لا سند له من الواقع أو القانون.
ومن حيث أنه بالنسبة لما تطالب به الشركة الطاعنة من تعويضها عن تأخير تنفيذ أعمالها بناء على تأخر شركة المقاولون العرب في إنهاء الأعمال المدنية، فإنه كما سبق القول لم يتضمن أمر التشغيل التفصيلى السابق الإشارة إليه تاريخاً محدداً قاطعاً لانتهاء الأعمال المدنية من قبل شركة المقاولون العرب، كما أن الشركة الطاعنة كانت على علم تام بجميع ظروف المشروع محل المنازعة وتتابع منذ قبولها القيام بعمليات الميكانيكا والكهرباء للمشروع تنفيذ وتقدم الأعمال المدنية أولاً بأول، وهو الأمر الثابت من محاضر الاجتماعات المشتركة بين الأطراف الثلاثة، كما أن العقد الإدارى الذى يربطها بالهيئة المطعون ضدها لم يحدد ميعاداً لانتهاء الأعمال المدنية وبدء عمل الشركة الطاعنة، ولكنه حدد فقط مدة التنفيذ وتاريخ سريان هذه مدة التنفيذ وتاريخ سريان هذه المدة وهو إنهاء الأعمال المدنية وتسليمها على نحو ما نص عليه البند السادس عشر من أمر التشغيل التفصيلى السابق التنوية عنه وذلك فضلاً عما هو ثابت من الأوراق من أن الشركة الطاعنة نفسها تأخرت في مدة التنفيذ المقررة لها وتجاوزتها وأنذرتها الهيئة المطعون ضدها عدة مرات وينبنى على ذلك أنه لا يحق لها أن تطالب الهيئة بفروق أسعار التركيب بسبب زيادة المدة الزمنية التى إستغرقها ذلك خاصة وأنها لم تشترط لنفسها مثل هذه الحق عند التعاقد مع الإدارة ولم تتحفظ على أى بند من بنود التعديل بل قبلته كاملاً كما هو، وبالتالى فليس لها أنن تطالب بحق لم يقرره العقد المشار إليه وفى ذلك إعمال لأحكام المدة 336 من لائحة المناقصات والمزايدات الصادرة بقرار وزير الملية عام 1957 برقم 542 والتى تم التعاقد مع الشركة الطاعنة في ظل العمل بها إذ نصت على ان الفئات التى حددها مقدم العطاء تشمل وتعطى جميع المصروفات والإلتزامات أياماً كان نوعها التى تكبدها المتعاقد بالنسبة لكل بند من البنود وكذلك تشمل القيام بإتمام جميع الأعمال وتسليمها للمصلحة، وإذ إنتهى الحكم المطعون فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون سليماً لا مطعن.
ومن حيث أن الشركة الطاعنة تبرر طلباتها السالفة بنظرية الصعوبات المادية غير المتوقعة وقضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مناط إعمال هذه النظرية التى تخول المتعاقد حقاً في طلب التعويض من الإدارة المتعاقد معها هو أن يصادف المتعاقد صعوبات مادية وغير عادية وإستثنائية لم يكن من الممكن توقعها بحال من الأحوال عند إبرام العقد وتؤدى إلى جعل تنفيذه مرهقاً للمتعاقد.
ومن حيث إنه في ضوء وقائع النزاع الماثل التى سبق سردها تفصيلاً لا يمكن القول بأن الشركة الطاعنة قد صادفت عند تنفيذ العقد المبرم مع الهيئة المطعون ضدها والسالفة الإشارة إليه إية صعوبات مادية غير متوقعة جعلت تنفيذها لإلتزاماتها مستحيلاً وحملها بخسائر على نحو يخولها حق المطالبة بالتعويض ذلك أن جميع خطوات وملابسات المشروع كانت تحت نظر الشركة وعلى علم بها أولاً بأول وبمراحل تنفيذه فضلاً عن أن إلتزاماتها بدأت حيث إنتهت إلتزامات شركة المقاولون العرب التى لم يحدد لها ميعاد الانتهاء من أعمالها، كما أن الشركة الطاعنة شاركت في التأخير في التنفيذ رغم إستعجالها، ولا تسأل الهيئة المطعون ضدها ولم يثبت في الأوراق أن تنفيذ الشركة الطاعنة للإلتزامات المسنده إليها قد صادفته صعوبات مادية عرضت لأعمال التنفيذ أثناء قيام الشركة بهذه الأعمال، مما تنشط له أحكام النظرية المشار أليها.
ومن حيث إنه متى كان ما تقدم فإن الحكم المطعون فيه وقد إنتهى إلى ذات النتيجة فإنه يكون قد صادف صحيح القانون ويكون الطعن الماثل غير قائم على سند صحيح من الواقع أو القانون، جديراً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر دعواه ألزم مصروفاتها عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً، وألزمت الشركة الطاعنة المصروفات لسنة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ