طعن رقم 819 لسنة 32 بتاريخ 21/04/1992
__________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ عويس عبدالوهاب عويس ومحمد أبوالوفا عبدالمتعال وأحمد أمين حسان محمد ود. محمد عبد البديع عسران نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 10/2/1986 أودع وكيل الطاعن تقرير هذا الطعن قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى فى الدعوى رقم 2759 لسنة 37 ق (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) والذى قضى بجلسة 15/12/1985 برفض الدعوى.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة به الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع للطاعن مبلغاً مقداره خمسمائة ألف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التى حاقت به نتيجة للفصل التعسفى الذى باشرته الجهة الإدارية المطعون ضدها تجاه الطاعن والمصروفات عن درجتى التقاضى.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى فى الطعن انتهت للأسباب الواردة فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن بالمصروفات.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 7/11/1990 التى قررت بجلسة 16/1/1991 إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 26/2/1991 حيث تدوول نظره على النحو الوارد بمحاضر الجلسات وبجلسة 14/1/1992 قررت هذه المحكمة حجزه للحكم بجلسة 24/3/1992 ثم أمد أجل الحكم لجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته مشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تخلص حسبما تبين من الأوراق فى أنه بتاريخ 17/3/1983 أقام الطاعن الدعوى رقم 2751 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإدارى (دائرة العقود الإدارية والتعويضات) بطلب الحكم بإلزام المدعى عليه بأن يدفع له مبلغ خمسمائة ألف جنيه على سبيل التعويض عن الأضرار التى حاقت به نتيجة للفصل التعسفى الذى باشرته الجهة المدعى عليها تجاه المدعى مع المصروفات.
وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه تعاقد بتاريخ 4/11/1980 مع المؤسسة المدعى عليها على تعيينه بعد تمام تأهيله لمدة أقصاها 23/9/1981 تاريخ انتهاء عقد الطائرة المؤجرة من الهيئة العربية للتصنيع، وأنه بالرغم من العراقيل التى وضعت أمام تنفيذ هذا العقد فقد انتهى التدريب الأساسى فى 12/12/1981، إلا أنه فوجئ بخطاب مسجل بعلم الوصول ينطوى على إخطاره بإنهاء التعاقد لانتفاء الغرض منه.
وأضاف المدعى أن العقد المبرم بينه وبين الشركة المدعى عليها هو فى حقيقة عقد عمل ومن ثم يعتبر القرار الصادر منه باعتبار التعاقد معه منتهياً هو قرار فصل تعسفى ارتكن على واقعة غير صحيحة وهى إخفاق المدعى فى التأهيل وانتهى المدعى إلى طلب الحكم له بطلباته.
وبجلسة 15/12/1985 حكمت المحكمة برفض الدعوى وألزمت المدعى بالمصروفات واستندت فى حكمها إلى أن الثابت من نصوص العقد المبرم بين المدعى وجهة الإدارة أن هذا العقد لا ينطوى على تعيين للمدعى بل هو عقد إعداد وتأهيل وتدريب تمهيداً للتعيين بعد استكمال هذا التأهيل بل إن التعيين قد تضمنه البند الرابع من العقد بحسبانه حقاً للشركة والتزاماً على المدعى ويكون ذلك كله بعد استكمال التأهيل وبموافقة الطرف الأول (الجهة الإدارية المدعى عليها) وأضافت المحكمة أن الثابت أن المؤسسة المدعى عليها قد بذلت كل جهد فى سبيل تدريب المدعى لإعداده وتأهيله وخصصت له وقتاً يجاوز ما يخصص لتدريب وتأهيل ثلاثة طيارين مساعدين، إلا أنه نظراً لإخفاق المدعى فى التأهيل كقائد طيران ثقيل فقد أخطرته المؤسسة بانتهاء التعاقد معها، ومن ثم لا يعتبر هذا الإجراء فصلاً تعسفياً للمدعى لعدم قيام رابطة توظف أصلاً بين المدعى وبين المؤسسة المدعى عليها.
وتخلص أسباب الطعن حسبما وردت بتقريره فى أن الحكم المطعون فيه أخطأ فى تطبيق القانون إذ أن حقيقة العقد بين الطاعن وجهة الإدارة أنه عقد عمل بمكافأة شاملة وهو واضح من نصوص وعبارات العقد، كما أنه قد تم تعيين الطاعن بالشركة بطلب تقدم به لرئيس قطاع العمليات الجوية حيث وافق بتاريخ 4/2/1980 ثم عاود الكتابة لرئيس مجلس الإدارة لتعيينه بالشركة بعد حصوله على فرقة طراز البوينج (707)، وقد وافقت الهيئة العربية للتصنيع على تعيينه بمكافأة شاملة للعمل على الطائرة المؤجرة للشركة على أن يتم استكمال تدريبه على الطيران التمثيلى – وعلى ذلك تكون الظروف التى أحاطت بالتعاقد أفصحت عن النية المشتركة للمتعاقدين بتعيين الطاعن للعمل بالجهة المطعون ضدها على أن يتم تدريبه على جهاز السمليتور ومن ثم يكون العقد المبرم بتاريخ 4/11/19800 هو عقد عمل كما أن المدعى عليها لم تنذر الطاعن بفسخ العقد بل استمرت فى تنفيذه لمدة أخرى مما يقطع بأن العقد تم تنفيذه بصورة مرضية وأن الطاعن اجتاز مرحلة التدريب أو التأهيل وبالتالى فلا محل للشرط الواقف المنصوص عليه بالعقد الذى يشترط تمام التأهيل.
كذلك فإن محكمة أول درجة استندت إلى الخطاب الصادر من مدير الإدارة العامة للتدريب بتاريخ 30/7/1981 من أن الطاعن قد أتم تدريبه الأساسى على جهاز السمليتور طراز بوينج (707) كمساعد طيار بنتيجة مرضية وأن هذا الخطاب لانطوى – على تقييم لصلاحية المدعى بل أن التقييم ورد بخطاب الإدارة العامة للتدريب المؤرخ 19/10/1981 والذى تضمن أن المدرب أشار لبعض الملاحظات فى طيرانه وأوصى بأن يطير كعضو قيادة زائد فى حين أنه لم يتعامل مع هذا المدرب فضلاً عن وجود خصومات بنيه وبين المدرب المذكور مما يبطل تقريره، وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم إليه بطلباته.
ومن حيث أن المبادئ المسلمة والأحكام العامة المقررة فى تنفيذ العقود عموماً أنه يجب تنفيذ العقد وفقاً لما اشتملت عليه شروطه وبما يتفق ومبدأ حسن النية فى تنفيذ العقد طبقاً للأصل العام المقرر فى الالتزامات عموماً. ومن مقتضى ذلك أن حقوق المتعاقد مع الإدارة والتزاماته إنما تتحدد طبقاً لشروط العقد الذى يربطه بها، وبذلك فإن الحكم الذى يتحدد وباتفاق المتعاقدين فى العقد الإدارى يقيد طرفيه كأصل عام، ومرد ذلك إلى أن ما اتفق عليه طرفا التعاقد هو شريعتهما التى تلاقت عندها إرادتهما وقبلا تبعاً لذلك – ترتيب الحقوق والتزامات كل منهما على أساسه إعمالاً لقاعدة أن العقد شريعة المتعاقدين حسبما استقر عليه القضاء والإفتاء.
ومن حيث إن الماثل فى عناصر المنازعة أنه بتاريخ 4/11/19800 تحرر عقد بين شركة مصر للطيران والطاعن (كطرف ثان) وجاء بالعقد أنه نظراً لأن الطرف الثانى حاصل على الدراسة النظرية لقائد طراز ثقيل ويرغب فى العمل بالشركة فقد تم الاتفاق على ما يأتى:
البند الأول: يتولى الطرف الأول استكمال تأهيل الطرف الثانى على السمليتور وتدريبه عملياً لتأهيله كقائد طراز ثقيل.
البند الثانى: يقوم الطرف الأول بتعيين الطرف الثانى بعد تمام تأهيله لمدة أقصاها 23/9/1981 انتهاء عقد الطائرة المؤجرة من الهيئة العربية للتصنيع.
البند الثالث: يقر الطرف الثانى بأن فترة استكمال تأهيله على السمليتور وتدريبه عملياً لا تعتبر التحاقاً بالعمل لدى الشركة ولا ينطبق فى شأن هذه العلاقة قانون العمل أو قانون التأمينات الاجتماعية أو أية قوانين متعلقة بالعمل.
البند الرابع: يتعهد الطرف الثانى بعد استكمال تأهيله أن يعمل فى خدمة الشركة مدة تنتهى فى 23/9/1981 قابلة للتجديد طبقاً لاحتياجات وظروف التشغيل بموافقة الطرف الأول.
ومن حيث أن النصوص المتقدمة واضحة الدلالة على أن العقد المبرم بين الطاعن وجهة الإدارة الهدف منه استكمال تأهيل الطاعن للعمل كقائد طراز ثقيل تمهيداً لتعيينه بتلك الجهة، وهو ما أوضح عنه نص البندين الأول والثانى من العقد، وأكده البندان الثالث والرابع حين أقر الطرف الطاعن (بأن فترة استكمال تأهيليه على السمليتور وتدريبه عملياً لا تعتبر التحاقاً بالعمل لدى الشركة ولا ينطبق فى شأن هذه العلاقة أية قوانين متعلقة بالعمل، وكذلك حينما يتعهد الطرف الثانى (الطاعن) بالعمل فى خدمة الشركة (المؤسسة المطعون ضدها) بعد استكمال تأهيله وبموافقة الطرف الأول.
ومن حيث إنه لما كان ذلك، وكانت الأوراق قد خلت تماماً مما يفيد استكمال الطاعن تأهيله وتدريبه كقائد طراز ثقيل – كما نص ذلك العقد – فإن التزام جهة الإدارة المطعون ضدها بتعيينه لا يكون قد حل أجله ولأقام مقتضاه وبالتالى ينتفى القول بوجود أية علاقة وظيفية بين الطاعن والمطعون ضدها، ولا يكون ما اتخذته حيال الطاعن من اعتبار العقد المبرم بينهما منتهياً لانتفاء الغرض منه وهو عدم استكمال الطاعن تأهيله وتدريبه كقائد طراز ثقيل من قبيل الفصل التعسفى الموجب للتعويض، ومن ثم تكون دعوى المدعى عليه على غير سند من واقع أو قانون جديرة بالرفض وإذا أخذ الحكم المطعون فيه بهذا النظر، فإنه يكون قد صادف صحيح حكم القانون ويكون الطعن الماثل ومن ثم مفتقداً لسنده القانونى حقيقاً بالرفض.
ومن حيث إن من خسر الدعوى يلزم بمصروفاتها عملاً بحكم المادة 184 مرافعات، فمن ثم يتعين إلزام الطاعن بالمصروفات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة: بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع برفضه وبإلزام الطاعن المصروفات.