طعن رقم 861 لسنة 34 بتاريخ 20/05/1995 الدائرة الثانية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار الدكتور/ محمد جودت أحمد الملط. نائب رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة / محمد مجدى محمد خليـل عويس عبد الوهاب عويس وحسنى سيـد محمـــد والسيد محمد العوضــى. نواب رئيس مجلس الدولة.
* إجراءات الطعن
بتاريخ 22/2/1988 أودعت الأستاذة/ ………… المحامية بالنقض بصفتها بالإنابة عن الهيئة الطاعنة قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها العام برقم 861 لسنة 34ق عليا فى الحكم الصادر بجلسة 31/12/1987 من محكمة القضاء الإدارى دائرة الجزاءات والترقيات فى الدعوى رقم 250 لسنة 40ق المقامة من السيد/………… ضد السيد المهندس رئيس مجلس إدارة هيئة كهرباء مصر الذى قضى بقبول الدعوى شكلاً وفى الموضوع بإلغاء القرار رقم 257 لسنة 1985 الصادر فى 13/6/1985 إلغاء مجرداً مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وطلب الطاعن فى ختام تقرير الطعن للأسباب الواردة فيه – الحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه ورفض الدعوى. وقد تم إعلان تقرير الطعن قانوناً على النحو المبين بالأوراق وقدمت هيئة مفوضى الدولة ـ تقريراً بالرأى القانونى مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً مع إلزام الإدارة المصروفات.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون لهذه المحكمة جلسة 11/4/1994 حيث نظر بها وبالجلسات التالية، وبجلسة 11/7/1994 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثانيةـ موضوع وحددت لنظره أمامها جلسة 1/10/1994 وتداولت نظره على النحو الثابت بمحاضر الجلسات وبعد أن استمعت المحكمة إلى ما رأت لزوم سماعه من إيضاحات طرفى الخصومة قررت بجلسة 8/4/1985 إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات والمداولة. من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة الماثلة ـ تخلص حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن الأوراق المودعة ملف الطعن ـ فى أنه بتاريخ 15/10/1985 أقام السيد/ …………… الدعوى رقم 250 لسنة 40ق بإيداع عريضتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى دائرة الجزاءات والترقيات طالباً فى ختامها الحكم بإلغاء القرار رقم 257 لسنة 1985 الصادر فى 13/6/1985 فيما تضمنه من تخطيه فى الترقية لوظيفة محاسب من مستوى الأداء الوسطى ذات الربط (1140/2148) مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الهيئة المدعى عليها المصروفات.
وقال المدعى (المطعون ضده) شارحاً دعواه أنه يشغل بالهيئة المدعى عليها وظيفة محاسب بالفئة الثالثة وبتاريخ 13/6/1985 صدر القرار رقم 257 لسنة 1985 المطعون فيه متضمناً ترقية بعض العاملين بمنطقة كهرباء القاهرة التى يعمل بها وشمل هذا القرار ترقية بعض زملائه الأحداث منه فى الأقدمية وهم:…………،…………،…………،…………، وأضاف المدعى قائلاً أن تقارير كفايته عن الثلاث سنوات السابقة كانت كلها بمرتبة ممتاز وأمه تظلم من القرار المطعون فيه فى الميعاد ولما لم تخطره الإدارة بنتيجة تظلمه أقام دعواه الماثلة ناعياً على القرار المطعون فيه مخالفته للقانون الذى ضيق التعيين من الخارج فى حدود نسبة 10% من العدد المطلوب شغله طبقاً لنص المادة 15 من القانون رقم 47 لسنة 1987 والقانون رقم 115 لسنة 1983 وتم الإعلان عن التعيين فى جميع الوظائف الخالية دون مراعاة لهذه النسبة كما انطوى القرار المطعون فيه على مخالفة حكم المادة 38 من لائحة كهرباء مصر التى جعلت الترقية إلى الوظائف الوسطى بالاختيار وانتهى المدعى إلى طلب الحكم بما تقدم ثم عاد وطلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه إلغاءً مجرداً.
وقد ردت الجهة الإدارية على الدعوى بإيداع حافظة مستندات طويت على صورة الإعلان عن الوظائف المطعون عليها وصورة بطاقة وصف وظيفة محاسب ممتاز وبيان مقارن بحالة المدعى الوظيفية والمطعون على تعيينهم ومستندات كما أودعت مذكرة بدفاعها جاء فيها أن القرار المطعون فيه استند على أحكام لائحة هيئة كهرباء مصر الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء 416 لسنة 1977 التى اشترطت الإعلان عند التعيين والترقية وأن القواعد الواردة بهذه اللائحة هى الواجبة الإعمال دون سواها وأضافت أن شروط وظيفة محاسب ممتاز لا تتوافر فى المدعى فضلاً عن أن الذين تم تعيينهم لشغل هذه الوظيفة نجحوا فى تلك المسابقة واستوفوا شروط شغل تلك الوظيفة وانتهت الهيئة إلى طلب الحكم برفض الدعوى.
وبجلسة 31/12/1987 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه بالطعن الماثل والمبين بصدر هذا الحكم وشيدت قضاءها تأسيساً على أنه ولئن كان للهيئة المدعى عليها لائحة تطبقها على العاملين لديها إلا أن قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة هو الشريعة العامة فى شئون العاملين فهو وعاء يشمل بصفة عامة كافة أنواع الوظائف ومن ثم تتقيد الهيئة المدعى عليها بأحكام هذا القانون باعتباره الشريعة العامة إلا أن الثابت أنها لم تلتزم بنص المادة 15 من قانون العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 معدلة بالقانون رقم 115 لسنة 1983 والتى تقضى بأن التعيين فى غير أدنى وظائف المجموعة النوعية سواء من داخل الوحدة أو خارجها يكون فى حدود 10% من العدد المطلوب شغله من الوظائف كل درجة والهيئة المدعى عليها قامت دون مراعاة لهذا القيد ـ بالإعلان عن كافة الوظائف الخالية لديها فى غير أدنى الدرجات متخطية بذلك النسبة المحددة بتلك المادة والتى اقتصرت فى التعيين فى غير أدنى الدرجات على 10% من الوظائف الخالية الأمر الذى يصم قرارها المطعون فيه بالبطلان أخذاً فى الاعتبار أن القرار المطعون فيه تضمن التعيين فى تلك الوظائف وهو فى حقيقته بمثابة ترقية إلى تلك الوظائف دون أن تراعى الهيئة المدعى عليها القواعد المقررة للترقية بالاختيار التى يتعين الالتزام بها وخلصت المحكمة من ذلك إلى قضائها السالف الإشارة إليه.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون منه مخالفته للقانون والخطأ فى تطبيقه وفى تفسيره وذلك على الوجه الآتى:
أولاً: يتناقض الحكم المطعون فيه مع قاعدة أصولية تقضى بأن الخاص يقيد العام فضلاً عن أن قانون العاملين المدنيين بالدولة ذاته يقضى فى الفقرة الثانية من المادة الأولى منه بأن يقتصر تطبيق هذا القانون على العاملين بالهيئة العامة فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة بهم وبالتالى لا تسرى أحكامه على العاملين الذين تنظم شئون توظفهم قوانين أو قرارات خاصة فيما نصت عليه هذه القوانين والقرارات وعلى ذلك فإن قانون العاملين المدنيين بالدولة يكون قد نص صراحة على أن القوانين أو اللوائح الخاصة هى الواجبة الاتباع وأن للهيئة لائحتها الخاصة وقد نص فيه على أن يكون شغل الوظائف الخالية بناء على إعلان طبقاً للمادة الرابعة منها.
ثانياً: طبقاً لقانون إنشاء الهيئة الطاعنة رقم 12 لسنة 1976 لا تتقيد الهيئة بأحكام اللوائح المطبقة بالجهاز الإدارى للدولة باعتبار أن قانون إنشاء الهيئة خاص وقانون العاملين المدنيين بالدولة هو قانون عام وأنه لا يوجد تعارض بين القانونيين إذ إن لكل من القانونيين مجاله الخاص به وعلى هذا تكون لائحة العاملين بالهيئة هى الواجبة الاتباع ولا يمكن الالتجاء إلى نصوص قانون العاملين المدنيين بالدولة إلا إذا خلت لائحة الهيئة من نص أما وقد نص على الإعلان لشغل الوظائف بالهيئة دون التقيد بنسبة معينة طبقاً للائحة الخاصة بها فإنها تكون قد أعملت صحيح القانون.
ثالثاً: أن للهيئة جداول وظيفية معتمدة ومعمول بها منذ عام 1978 وأنه يشترط لشغل وظيفة محاسب ممتاز(1140/2148) الحصول على بكالوريوس تجارة (شعبة محاسبة) وقد حصل عليها المدعى سنة 1976 أثناء الخدمة فلم يستكمل المدة المتطلبة لشغل هذه الوظيفة وقت صدور القرار المطعون فيه فى 13/6/1985 بينما المطعون على تعيينهم مستوفون لشروط شغل تلك الوظيفة واجتازوا الامتحان بنجاح وبناء عليه فإنه المدعى لا يستحق التعيين أو الترقية لتلك الوظيفة سواء تم بالإعلان أو بدونه.
وخلصت الهيئة الطاعنة من ذلك أن ما قامت به من إجراء التعيين فى جميع الوظائف الشاغرة لديها بالقرار رقم 257/1985 المطعون فيه عن طريق الإعلان يكون متفقاً وأحكام القانون وأن ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من إلغاء القرار إلغاءً مجرداً يكون قد أخطأ فى تطبيق القانون وتفسيره على نحو ما سلف مما يستوجب الطعن عليه وانتهت إلى طلب الحكم بإلغائه.
ومن حيث إن طلبات المدعى (المطعون ضده) قد تحددت بعد تعديلها أمام محكمة القضاء الإدارى بطلب إلغاء القرار رقم 257/1985 الصادر فى 13/6/1985 إلغاء مجرداً على سند من القول أن جهة الإدارة قامت بالإعلان عن التعيين فى جميع الوظائف الشاغرة بها ـ وكلها فى غير أدنى الدرجات ـ دون الالتزام بأحكام المادة (15) من القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه التى نظمت التعيين فى غير أدنى الدرجات وقصرته على نسبة 10% من عدد المطلوب شغله من وظائف كل درجة.
ومن حيث إته فى خصوص ما أثاره المطعون ضده (المدعى) فى دعواه محل الطعن الماثل من أحكام لائحة نظام العاملين بهيئة كهرباء مصر (الطاعنة) خالفت أحد المبادى‘ الواردة فى قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة عندما جعلت التعيين بالإعلان فى شغل جميع الوظائف الخالية دون قصرها على نسبة معينة سواء كان التعيين فى أدنى درجات الوظيفة أو فى غيرها وطبقت ذلك عند إصدارها القرار رقم 257 لسنة 1985 المطعون فيه فى حين أنه طبقاً لأحكام القانون رقم 47 لسنة 1978 المشار إليه لا يجوز التعيين فى غير أدنى الدرجات إلا فى حدود 10% فتجدر الإشارة إلى أن المشرع عندما رخص للهيئات العامة بوضع لوائح خاصة تنظم شئون العاملين بها قصد صراحة أن تنظم هذه اللوائح شئون التوظف بما يتفق وطبيعة العمل بكل هيئة على حدة بمعنى أن هذه اللوائح وطبقاً لصحيح تكييفها تعتبر نظماً للتوظف خاصة بالهيئات التى وضعتها ومن أجل ذلك فمن البديهى أن تختلف أحكام كل لائحة فى بعض تفصيلاتها عما نصت عليه أحكام قانون نظام العاملين المدنيين لكى تلبى الاحتياجات الخاصة بكل هيئة حسب ظروف وطبيعة العمل بها ودون أن يؤدى ذلك إلى بطلان النصوص الخاصة ولو قصد المشرع إلى غير ذلك لما دعت الحاجة إلى النص صراحة على حق كل هيئة فى معالجة شئون التوظيف بها بلوائح خاصة بحيث لا تسرى أحكام قانون نظام العاملين المدنيين إلا فى حالة خلو اللائحة من النص وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن الواضح بجلاء من مواد قانون الهيئات العامة الصادر بالقانون رقم 61 لسنة 1963 أن العاملين بهذه الهيئات إنما يخضعون كأصل عام فى شئون التوظف إلى الأحكام المنصوص عليها سواء فى قرار إنشاء الهيئة أو فى اللوائح التى وضعها مجلس الإدارة ومن ثم لا تسرى أحكام القوانين المتعلقة بالوظائف العامة إلا فيما لم يرد به نص خاص فى ذلك القرار أو تلك اللوائح.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة النزاع المطروحة يبين أن القانون رقم 12/76 بإنشاء هيئة كهرباء مصر قد نص فى المادة (20) منه على أن تصدر اللوائح الداخلية للهيئة بقرار من رئيس الجمهورية دون التقيد باللوائح المطبقة فى الجهاز الإدارى للدولة وتنفيذاً لهذا القانون صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 416/1977 فى 12/5/1977 بإصدار اللوائح الداخلية للهيئة ومن بينها لائحة نظام العاملين بها وذلك بالتفويض رقم 490 لسنة 1977 الصادر من رئيس الجمهورية لرئيس الوزراء بإصدار هذا القرار وقد جاء فى الباب الثانى من هذه اللائحة المادة الرابعة من الفصل الأول منه والخاص بالتعيين فى الوظائف الدائمة حيث نصت على أن فيما عدا الإدارة العليا يكون التعيين فى الوظائف الخالية بالهيئة عن طريق الإعلان عنها ويضع مجلس الإدارة القواعد الخاصة بإعلان عن الوظائف وإجراءات الامتحان وترتيب الناجحين والتعيين فى الوظائف دون امتحان كما نصت المادة (6) من اللائحة على أن يجوز للعامل بالهيئة أو بقطاع الكهرباء أن يتقدم لشغل الوظيفة المعلن عنها ولو جاوزت فئة وظيفته وذلك متى توافرت فيه شروط شغل الوظيفة المعلن عنها.
ومن حيث إنه استناداً إلى هذه النصوص أعلنت الهيئة الطاعنة عن شغل وظائف خالية من مستوى الإدارة الوسطى بالإعلان رقم 2 لسنة 1985 فى 17/2/1985 وبناء على هذا الإعلان أجرى الامتحان للمتقدمين للمسابقة من الخارج ومن العاملين داخل الهيئة ثم صدر القرار رقم 257 لسنة 1985 بتعيين من اجتاز منهم الامتحان بنجاح والتى توافرت فيه شروط شغل الوظيفة المعلن عنها وذلك دون التقيد بنسبة 10% من العدد المطلوب شغله من وظائف كل درجة والمقررة للتعيين فى غير أدنى الدرجات حسبما قضت بذلك المادة (15) من قانون نظام العاملين المدنيين الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 بالتالى فإن ما سلكته جهة الإدارة من تطبيق للأحكام الصادرة بلائحة نظام العاملين بها باعتبارها هيئة عامة لم يخرج تصرفها عن الإطار الذى رسمه المشرع عندما أصدرت القرار المطعون فيه لوجود لائحة خاصة بالعاملين لديها تنظم شئون توظفهم ولا تسرى أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة إلا فيما لم تنص عليه اللوائح الخاصة لهم أى المسائل التى لم تنظمها هذه اللوائح فإذا ما نظمتها بنص خاص فيكون ذلك النص هو الواجب التطبيق على هذه المسألة كما فى الحالة الماثلة وإذ نظمت المادتين 4،6من لائحة نظام العاملين بالهيئة التعيين بصفة عامة سواء فى أدنى الدرجات أو فى غير أدناها بطريق الإعلان عن جميع الوظائف الخالية وذلك دون تحديد نسبة منها يقتصر التعيين عليها فيكون ذلك التنظيم هو الواجب الاتباع عند التعيين فى الوظائف الشاغرة بالهيئة والتى يتعين عليها الاليزام المطلق بأحكام تلك اللائحة.
وعلى مقتضى ما تقدم فإن القول ببطلان أحكام لائحة نظام العاملين بالهيئة الطاعنة الخاصة بالتعيين على النحو المشار إليه يكون على غير سند من أحكام القانون وتبعاً لذلك يكون ما سلكته الإدارة من شغل الوظائف بالقرار المطعون فيه قد تم فى إطار أحكام اللائحة بما يتفق مع صحيح القانون ومن ثم تكون دعوى المدعى فاقدة لسندها من القانون وإذ قضى الحكم المطعون فيه بغير هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيه وتأويله مما يتعين معه القضاء بإلغائه وبرفض دعوى المدعى وإلزامه بالمصروفات عن الدرجتين.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المطعون ضده المصروفات.