طعن رقم 861 لسنة 38 بتاريخ 02/05/1993 دائرة منازعات الأفراد والهيئات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد حامد الجمل. رئيس مجلس الدولة. وعضوية السادة الأساتذة محمد معروف محمد / محمد عبد الغنى حسن و عبد القادر هاشم النشار ود.منيب محمد ربيع. المسقشارين.
* الإجراءات
فى يوم الثلاثاء الموافق 3/3/1992 أودع الأستاذ الدكتور/ محمد مرغنى المحامى بصفته وكيلا عن الطاعن، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 861 لسنة 38 ق. عليا فى الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى دائرة منازعات الأفراد والهيئات بجلسة 2/2/1998 فى الدعوى رقم 715 لسنه 46 ق القاضى برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وإلزام المدعى مصروفات هذا الطلب.
وطلب الطاعن – للأسباب التى أوردها، بتقرير طعنه الحكم، بقبول الطعن شكلا بإلغاء الحكم المطعون فيه، فيما قضى به من رفض وقف تنفيذ الحكم الطعين والقرار المطعون فيه، والأمر بتنفيذه بمسودته وبغير إعلان. مع إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا لإلغاء الحكم السالف التنويه والقرار المطعون فيه والحكم على جهة الإدارة بالمصروفات.
وقد أعلن الطعن إلى المطعون ضده (بصفته) على النحو الثابت بالأوراق وقد نظرت دائرة فحص الطعون، الطعن على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة.
…………. إحالة الطعن إلى هذه المحكمة لنظره، والتى نظرته على النحو الثابت بمحاضرها حيث قررت بجلسة.
………………….. إصدار الحكم فيها بجلسة حيث قررت مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة.
………… وفيها قررت المحكمة مد أجل النطق بالحكم إلى جلسة اليوم 2/5/1993 لاستكمال المداولة. وفيها صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث أن الطعن قد استوفى أوضاع قبوله الشكلية.
ومن حيث أن الموضوع يخلص – حسبما يبين من الأوراق – فى أن المدعى قد أقام بتاريخ 28/10/1991 الدعوى رقم 715 لسنه 46 ق، أمام محكمة القضاء الإدارى – دائرة منازعات الأفراد والهيئات. طلب فى ختامها الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء قرار مجلس أكاديمية الشرطة الصادر بتاريخ 7/8/1991. والمعتمد من وزير الداخلية بتاريخ 24/8/1991. فيما تضمنه من فصله من الدراسة بكلية الشرطة. والأمر بتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وقال المدعى شرحا لدعواه. انه التحق بكلية الشرطة عام 1987 ضمن النسبة المخصصة لأبناء فلسطين وأظهر تفوقا ونبوغا واجتاز الدراسة فى السنتين الأولى والثانية. وكان خلالها مثال الطالب المنضبط وقد قيد فى العام الدراسى 89/1990 بالسنة الثالثة حيث عاوده مرض الربو والذى كان مصابا به فى طفولته ومن ثم لزم الفراش فترة وكان من نتيجة ذلك رسوبه فى امتحان نهاية العام وبقى للإعادة فى العام الدراسى 90/1991 وحيث كان يقضى الصيف بمدينة الإسكندرية. حدثت مشاجرة بين بعض زملائه وبعض جنود الشرطة وأحد عمال المخابز، تدخل لفضها دون أن يشترك فيها واتخذت حيالها الإجراءات القانونية حيث قضى فيها غيابيا بحبسه ستة أشهر وقام ذلك الحكم لأنه لم يمثل أمام محكمة الجنح ولم يبدى دفاعا، حيث كان خلال هذه الفترة يقضى عقوبة الحبس الانفرادى لمدة خمسة عشر يوما بالكلية كجزاء وقع عليه بسبب ما نسب إليه فى هذه المشاجرة من -التعدى بالسب على بعض جنود الشرطة : وأضاف قائلا انه استأنف الحكم الصادر فى الجنحة المشار إليها حيث صدر قرار محكمة الاستئناف بالوقف الشامل للعقوبة.
وأضاف المدعى قوله انه فى ظل هذه الظروف لم يتمكن من اجتياز امتحان نهاية العام. وفوجئ بالكلية تصدر قرارا بفصله دون منحه الفرصة الاستثنائية العام الثالث وأجيز تطبيقا للمادة (15) من القانون رقم 91 لسنه 1975 بشأن أكاديمية الشرطة معدلا بالقانون رقم 39 لسنه 1984 والتى تقضى بمنح طلاب الفرقتين الثالثة والرابعة فرصة استثنائية ثالثة لمن يرسب مرتين فى الفرقة- الواحدة وقد طبقت الكلية هذا الاستثناء على العديد من الطلاب ومن ثم فان قراراها المطعون عليه بفصله بمقولة عدم انتظام حالته النظامية والضبطية استنادا إلى ما نسب إليه فى المشاجرة المشار إليها وهى خطأ سلوكى وحيد جوزى عنه بالحبس بالكلية لمدة خمسة عشر يوما، وهو أمر لا يمثل إخلالا بالقيم أو الأخلاق أو الانضباط العسكرى.
وإذ استند القرار المطعون فيه إلى حرمانه من الفرصة الاستثنائية للتقدم للامتحان بالفرقة الثالثة للمرة الثالثة على هذا السبب الوحيد فان القرار يكون قد جاء مخالفا للمشروعية فاقدا لسند إصداره متعينا والحال هذه القضاء بوقف تنفيذه وإلغائه.
وبجلسة 28/2/1982 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه وأقامت قضاءها على سند من أن السلطة التقديرية التى أناطها القانون بمجلس أكاديمية الشرطة. وهى سلطة تقديرية. دون تحديد إطار أو ضابط خاص يتعين على المجلس المذكور الالتزام به فى صدد ممارسة هذه السلطة فيما عدا الضابط العام الذى يحد كافة تصرفات الإدارة وهو واجب عدم الانحراف بالسلطة الأمر غير المتوافر فى هذا الشأن.
ومن حيث أن مبنى الطعن الماثل هو أن الحكم المطعون فيه. قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه. إذ أن القرار المطعون فيه صدر مشوبا بعيب فساد السبب الذى قام عليه القرار وفسر السلطة التقديرية على أنها سلطة مطلقة وهو أمر غير صحيح ويعارض ما استقرت عليه أحكام القضاء فى مضمون السلطة التقديرية ومن ثم يكون الطعن قد قام على صحيح سنده من القانون متعينا قبول الطعن عليه وإلغاءه. وانتهى الطاعن إلى طلب الحكم له بطلباته.
ومن حيث أن المادة (15) من القانون رقم 91 لسنه 1975 بإنشاء أكاديمية الشرطة معدله بالقانون رقم 39 لسنة 1984 تنص على انه يفصل الطالب من الأكاديمية فى الحالات الآتية:
1-……………2-…………….3-…………….4- إذا رسب الطالب بكلية الشرطة أكثر من مرة فى السنة الدراسية الواحدة ويجوز لمجلس إدارة الأكاديمية منحة فرصة استثنائية فى كل من السنتين الدراستين النهائيتين بالأكاديمية 5 -.
……………
وفيما عدا الحالة المنصوص عليها فى البند (5) من هذه المادة يكون الفصل بقرار من مجلس إدارة الأكاديمية، ولا ينفذ إلا بعد تصديق وزير الداخلية عليه.
ومن حيث أن الظاهر من الأوراق والاطلاع على القرار المطعون عليه رقم 91 لسنه 1991 بتاريخ 1/8/1997، أن مجلس الأكاديمية عند بحثه لحالات الطلاب الراسبين لمدة سنتين فى المرحلة الدراسية الواحدة (الثالثة أو الرابعة) قد أتخذ على أساس الموافقة على منح الفرصة الاستثنائية لبعض الطلبة، ورفضها بالنسبة للبعض الآخر ومنهم الطاعن وقد أورد القرار أسباب رفض منح هذه الفرصة للطاعن تدنى مستوى الحالة النظامية والانضباطية لكل منهم.
ومن حيث أن مقطع الفصل فى الطعن الماثل هو مدى توافر السبب الصحيح فى القرار الصادر من مجلس أكاديمية الشرطة فى رفض منح الفرصة الاستثنائية للطاعن على سند مما نسب إليه من الإخلال بالضبط والنظام لما نسب إليه من ارتكاب جريمة السب والقذف فى حق بعض جنود الشرطة خلال مشاجرة يشارك فيها مع آخرين وثبوت الاتهام عليه ومعاقبته بسببها بجزاء من الكلية بالحبس الانفرادى خمسة عشر يوما.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة يجرى على أنه طبقا لحكم المادة (49) من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنه 1972، يتعين للحكم بوقف تنفيذ القرار الإدارى توافر ركنين
الأول : هو ركن الجدية بأن يكون القرار المطعون فيه معيبا بحسب الظاهر من الأوراق مما يحمل معه على ترجيح إلغائه عند الفصل فى الموضوع.
والثانى : هو ركن الاستعجال، بأن يترتب على تنفيذ القرار نتائج يتعذر تداركها.
ومن حيث انه ولئن كان الدستور قد كفل حق التعليم لكل المواطنين على نحو سواء بما يحقق الربط بينه وبين حاجات المجتمع، كما أن الدولة ملزمه بأن تكفل تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين ، وتخضع لمبدأ سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة ( المواد 8، 64، 65 من الدستور) ومن ثم فان هذا الحق يتساوى فيه كل مواطن بلا تمييز إلا بقدر ما يميز فيه الفرد عن أقرانه بقدرته على تحصيل العلم وترتيب نتائج هذا التحصيل على نحو يفيد المجتمع ولهذا شرع المجتمع نظام الامتحانات والاختبار، لتمكنه من التمييز بين طلاب العلم على قدر تباينهم فى التفوق وترتيب هذا التفوق فى مراتب محددة.
ولما كان الأصل أن ما تسفر عنه نتيجة الامتحان تكون هى وحدها مناط التمييز بين الطلاب إلا أن المشرع قد يخرج عن هذا الأصل استثناء بقاعدة تنظيمية عامة يكون هدفها مساعدة بعض من تعثر من الطلاب فى هذا الامتحان كما هو الحال فى النزاع الماثل وذلك بمنح من واصل نجاحه من الفرقة الأولى إلى الثانية ثم إلى الثالثة أو الرابعة، فرصة استثنائية فى أى من السنتين الثالثة أو الرابعة بما يمكنه من اجتياز محنته وتعثره فى هذا السنة الاستثنائية فيترك مكانه لغيره من طالبى العلم الأكفاء، أو يمكنه من الاستمرار والحصول على مؤهل يكون سنده ووسيلته لأداء المهام المنوط بالكلية أو المعهد المنتمى إليه. وشغل إحدى وظائفه بالمجتمع من جهة أخرى وهذا الاستثناء أو الخروج على الأصل السالف بيانه يقدر بقدره فلا يقاس عليه أو يتوسع فى تفسيره.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى فيما يتعلق بأسباب القرار الإدارى انه كلما ألزم الشارع صراحة فى القوانين أو اللوائح جهة الإدارة بتسبيب قراراتها وجب ذكر هذه الأسباب التى بنى عليها القرار واضحة جليه، حتى إذا ما وجد فيها صاحب الشأن مقنعا تقبلها، وإلا كان له أن يمارس حقه فى التقاضى ويسلك الطريق الذى رسمه القانون – كما فى الحالة الماثلة عندما ذكرت الإدارة سببا لقرارها واللجوء إلى السلطة القضائية للدفاع عن حقوقه وطلب إعادة الشرعية فى تصرفاتها حيث يكون لمحكمة الموضوع مباشرة رقابتها على التصرفات أو القرار الإدارى لتحقيق المشروعية وسيادة القانون من خلال مراجعة الأسباب التى بنى عليها القرار من حيث التكييف القانونى والصحة والواقعية ومدى مطابقتها للقانون وما إذا كانت الجهة الإدارية فى مباشرتها لمهمتها قد انحرفت بها أم أنها سلكت وصولا إلى قراراها طريق الجاده.
ومن حيث انه من نافلة القول أنه فى دولة المشروعية وسيادة القانون لا يوجد ثمة ما يسمى بالسلطة المطلقة للجهة الإدارية حيث ينظم الدستور والقوانين واللوائح اختصاص كل من السلطات الثلاث للدولة، وولايتها فى تسيير وإنجاز مهامها وبينها السلطة التنفيذية ذلك فى إطار من المشروعية وسيادة القانون وقد أفرد الدستور،لمصرى كما سلف أن جرى قضاء هذه المحكمة بابا كاملا لسيادة القانون هو الباب الرابع منه ونص صراحة فى المادة (64) على أن سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة، وقضى فى المادة (65) منه بأن تخضع الدولة للقانون واستقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية الحقوق والحريات ونص فى المادة (172) على أن مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى ومن ثم فان كل تصرف أو قرار للإدارة يخضع للدستور والقانون ولا يجوز النص على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء وفقا لصريح نص المادة (68) من الدستور فكل تصرف أو قرار إدارى فضلا عن خضوعه للمشروعية فانه يخضع لرقابة محاكم مجلس الدولة وفى ذات الوقت فان كل تصرف غير إدارى مثل أعمال السيادة والتصرفات والقرارات ذات الطبيعة السياسية وان خضع للمشروعية وسيادة القانون فانه لا يخضع لطبيعته السياسية – لولاية الإلغاء أو وقف التنفيذ المنوط بمحاكم مجلس الدولة طبقا لأحكام الدستور والقانون المنظم لمجلس الدولة. ومن ثم فان القول بأن السلطة التقديرية لجهة الإدارة هى سلطة مطلقة من أى قيد، لا سند له ويعد عدوانا من الإدارة على سيادة القانون والمشروعية وحرمانا للمواطنين منها ومن حق التقاضى وحق الدفاع وتحصينا غير دستورى وغير قانونى وغير مشروع للقرار أو التصرف الإدارى وإهدارا لسيادة القانون، حيث أنه وفقا لصحيح أحكام الدستور والقانون لا شبه فى خضوع القرارات الإدارية بما فيها القرارات التى تصدر عن الجهات الإدارية العاملة بما لها من سلطة تقديرية وفقا للقوانين واللوائح لرقابة القضاء من حيث المشروعية وسيادة القانون تأكيدا لشرعيتها بقيامها على سببها الصحيح الذى أفصحت عنه الجهة الإدارية وشيدت قراراها على سند منه.
ومن حيث انه قد جرى قضاء هذه المحكمة من ناحية أخرى على أن رقابة القضاء الإدارى ومحاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية هى رقابة مشروعية تسلطها على القرارات المطعون فيها لتزنها بميزان القانون والشرعية والمصلحة العامة بصفة عامه، أو انحرافها عن الغاية الوحيدة التى حددها الدستور والقانون لسلامة تصرفات الإدارة وهى تحقيق الصالح العام إلى تحقيق غير ذلك من الأغراض غير المشروعة لجهة الإدارة أو لأى من العاملين بها. وان القضاء بالنسبة لوقف التنفيذ للقرار الإدارى، يجب أن يستند القاضى فيما يقضى بوقف تنفيذه من قرارات إدارية بحسب الظاهر من الأوراق وفى الحدود التى يقتضيها القضاء بوقف التنفيذ على ما يبدوا من عدم مشروعية القرار فضلا عن توافر نتائج يتعذر تداركها على الاستمرار فى التنفيذ ما لم يوقف أثر القرار غير المشروع، على سبيل الاستعجال وهذه الرقابة التى تقوم عليها ولاية محاكم مجلس الدولة على القرارات الإدارية وتتولى المحكمة الإدارية العليا نظر الطعون فى أحكام محاكم مجلس الدولة الجائز الطعن فيها أمامها لكى تقوم بوزن هذه الأحكام بميزان القانون سواء من حيث الشكل أو الإجراءات أو سلامة مباشرتها لولاية الإلغاء أو وقف التنفيذ على القرارات الإدارية على النحو السالف البيان طبقا وفى حدود أحكام الدستور والقانون. ولا يحل القضاء الإدارى على أى نحو فى مباشرته لولاية رقابة الإلغاء أو وقف التنفيذ، محل الجهة الإدارية فى أداء واجباتها أو مباشرة نشاطها فى تسيير المرافق العامة وإدارتها ومباشرة السلطات التنفيذية والإدارية الممنوحة لها طبقا لأحكام الدستور والقانون التى تقوم بها على مسئولية الإدارة السياسية والمدنية والجنائية والتأديبية وتلتزم محاكم مجلس الدولة – فى مباشرة رقابتها للمشروعية على قرارات وتصرفات الجهات التنفيذية بالإدارة العاملة لواجباتها بغير أحكام الدستور والقانون وسيادة القانون وأن علو المصلحة العامة الغاية الوحيدة لكل ممارسة لسلطة عامه وسندا لمشروعية هذه الممارسة ومبررها. وتقف رقابة المحكمة لمشروعية القرار عند حدها الطبيعى وهى مراجعة قرارات الإدارة وتصرفها الايجابى أو السلبى ووزنه بميزان المشروعية وسيادة القانون، ووقف تنفيذ أو إلغاء ما يتبين خروجه من قرارات الإدارة وتصرفاتها عن ذلك، لتقيد الإدارة وفقا لما تضمنته الأحكام منطوقا وأسبابا تصحيح تصرفاتها وقراراتها للمشروعية وسيادة القانون.
ومن حيث انه من المبادئ الأساسية لتفسير وتطبيق النصوص التشريعية أن اللاحق منها ينسخ السابق وان النسخ كما يكون صريحا يكون ضمنيا، ومن أساليب النسخ التعديل القانونى كما جرى عليه الأمر بالنسبة للمادة (15) من القانون رقم 91 لسنه 1975 المشار إليه من تعديل أعطى السلطة الإدارية مكنه منح فرصة استثنائية لمن استنفذ مرات الرسوب فى أى من السنتين الثالثة والرابعة.
ولما كانت هذه المكنه تمثل حسبما وصفها المشرع سلطة استثنائية وتقديرية على خلاف الأصل الذى يجرى على تحديد اللوائح لفرص محددة لامتحان الطالب للتحقق من خلالها مدى جدية تحصيله وجدواه فى التقدم فى مجال المعرفة الذى ينبنى عليه بالإجراءات الموضوعية والسليمة وفقا لما يتم من التصحيح لمضمون أوراق إجاباته أو إجاباته الشفوية وتقيمها من الأساتذة ذوى العلم والمعرفة علميا وفنيا فى إطار سلطتهم التى خولتها لهم القوانين واللوائح وفقا لما يحتمه عليهم ضميرهم العلمى والفنى ومن ثم فإن للإدارة فى مباشرتها لهذه السلطة الاستثنائية تقدير ما يحقق الصالح العام من حيث الملائمات وفى حدود الواقع الثابت فى الأوراق دون أن يحل محلها القاضى الإدارى فى ذلك أو أن يوقف أو يلغى ما رأته من تقدير يقوم على أسباب صحيحه وثابتة ومستخلصه استخلاصا سائغا ما لم يشب قرار الإدارة إساءة استخدام السلطة والانحراف عن تحقيق الصالح العام المبرر الوحيد لمباشرة السلطة العامة.
ومن حيث أن قضاء هذه المحكمة يجرى على أن أسباب القرار الإدارى الذى تفصح عنه الإدارة عند ممارستها لسلطتها التقديرية يخض لرقابة القضاء من خلال رقابته لسلامه القرار الصادر فى هذا الشأن وعلى النحو السالف بيانه. كما ان القواعد التنظيمية العامة التى تضعها جهة الإدارة متسمة بطابع العمومية والتجريد تكون ملزمه لها فى الحالات الفردية شأنها شأن اللائحة التنفيذية للقانون الملزمه والواجبة الاتباع، وتكون هى سند مشروعية الممارسة فى حدود ما صدرت بشأنه فتلتزم جهة الإدارة بمراعاتها فى التطبيق على الحالات الفردية ما لم يصدر من الإدارة تعديل أو إلغاء لهذه القاعدة. كما يجرى قضاء هذه المحكمة على أن مركز الطالب بالنسبة للجامعة هو مركز تنظيمى عام يجرى تقييده فى أى وقت واستبداله بتنظيم جديد وهذا التنظيم يسرى على الطالب بأثره المباشر.
وترتيبا على ما سبق. وحيث أن أكاديمية الشرطة لم تضع قواعد محددة لتحديد شروط وضوابط الفرصة الاستثنائية أو رفضها وفقا لسلطتها التقديرية فان قراراتها فى هذا الشان تخضع للقاعدة العامة فى رقابة القضاء الإدارى على قرارات السلطات الإدارية.
ومن حيث أن الظاهر من الأوراق أن الأكاديمية وهى بصدد ممارسة سلطتها التقديرية عند بحث حالة الطاعن أوردت فى أسباب قراراها عن توافر الإخلال بالجوانب النظامية والانضباطية فى حقه.
ومن حيث أن البين من الأوراق أن الطاعن قد نسب إليه التعدى بالسب والشتم على بعض جنود الشرطة خلال مشاجرة نشبت بينه وبعض أصدقائه وبينهم وقضى غيابيا بحبسه ستة أشهر غيابيا ثم عدل عند الطعن بالاستئناف فيه إلى القضاء بالوقف الشامل للعقوبة كما ان الكلية وفى وقت معاصر لوقوع المخالفة المنسوبة إليه تم التحقيق الإدارى معه وانتهى إلى مجازاته بالحبس الانفرادى لمدة خمسة عشر يوما عن هذا الجرم وهذا الأمر لا تثريب على الأكاديمية معه إذا هى جعلت منه سببا لعدم مباشرة سلطتها الاستثنائية فى منح الطاعن الفرصة الاستثنائية محل النزاع باعتباره قد ارتكب عملا مخلا بحسن الضبط والربط النظامى ومن ثم فانه وفقا لتقدير السلطة المختصة بتقدير مدى ملاءمة منحه فرصه استثنائية لطلبه ويعتبر سببا مبررا لحرمان الطاعن من الحصول على هذه الفرصة الاستثنائية المشار إليها فى المادة (15) من القانون رقم 91 لسنة1975 المشار إليه إذ أوردته سببا لقرارها وهو ما لا يخضع لرقابة القضاء ما دام أن هذا السبب له أصل ثابت فى الأوراق وانه لم يثبت الطاعن انه قد دفع السلطة المختصة بتقدير ملائمة منحه الفرصة الاستثنائية إلى ما نحت إليه من حرمانه من هذه الفرصة فى إطار سلطتها التقديرية أية دوافع تنطوى على إساءة استخدام السلطة أو الانحراف بها عن الصالح العام – بل أن الظاهر من الأوراق أن الإدارة قد وزنت الأمر وفقا لمعايير موضوعية بحسب مدى انضباط سلوكه بالأخلاق والتزامه بالنظام وتقاليد معهده خلال دراسته وبما ينبئ بمدى صلاحيته وكفاءته كضابط شرطة بعد تخرجه يكون مسئولا عن حماية الشرعية وسيادة القانون والدفاع عن أمن وأمان الوطن والمواطنين ولا شأن لاعتبار صفحة الطاعن وما سبق ثبوته قبله من عدم انضباط كسبب يبرر عدم منحه فرصه استثنائية والزعم بتعدد مجازاته تأديبيا عن هذه الوقائع، ذلك أن مباشرة السلطة التقديرية فى مدى ملاءمة منح الطالب تلك الفرصة الاستثنائية أمر لا صلة له بالتأديب والجزاء بل هو يتعلق بمدى سلامة وحسن تقدير اختيار من يرجى أن يتحقق الصالح العام من استكمالهم دراستهم وحصولهم على التأهيل والصلاحية لأداء وظيفة ورسالة ضابط شرطة مساعدة من واجه ظروفا لم تمكنه من النجاح وفقا للقواعد والأوضاع العادية على اجتياز هذه الظروف بهذه الفرص الاستثنائية ولاشك أنه لا يتصور أن يتساوى فى ذلك من فى سجله وصفحة حياته النظامية أثناء الدراسة عند تقدير المنح أو المنع للفرص الاستثنائية وفقا لتقدير السلطة المختصة ما يفيد عدم الانضباط أو الاضطراب – وسوء السلوك ومن ليس لديه فى سجله سوى صفحة بيضاء ناصعة من الالتزام بالخلق القويم والأداء السليم – لواجباته واحترام قيم معهده وتقاليده ولا يحل القاضى الإدارى محل الجهة الإدارية المختصة فى إعادة الموازنة والترجيح لما رأته من ملائمات فى منح فرصة استثنائية من عدمه ما دام الثابت كما سلف البيان وجود الحالة الواقعية التى استندت إليها وعدم وجود سند أو دليل من التعسف فى استعمال السلطة.
ومن حيث أن الحكم المطعون فيه فيما قضى به من رفضه وقف تنفيذ القرار المطعون فيه يكون قد أصاب صحيح حكم القانون بناء على الأسباب سالفة البيان فيما تضمنه من رفض وقف تنفيذ قرار حرمان الطاعن من أداء الامتحان للمرة الثالثة وفقا للاستثناء الوارد بالمـادة (15) من القانون رقم (91) لسنه 1975 المشار اليه.
ومن حيث أن من خسر دعواه يلزم مصروفاتها وفقا للمادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا ورفضه موضوعا وألزمت الطاعن المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) بمثل هذا المبدأ حكم المحكمة الإدارية العليا بذات الجلسة فى الطعن رقم 862 لسنة 38 ق و 883 لسنه 38 ق مستندا إلى أنه سبق غش الطالب فى الامتحان ومجازاته بعقوبة الحبس لمدة خمس عشر يوما.