برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدى مليحي ومحمد أمين المهدى وسعد الله محمد حنتيرة والسيد عبد الوهاب أحمد المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم الثلاثاء الموافق 5/2/1985 أودع الأستاذ فتحي رجب المحامي بصفته وكيلا عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 862 لسنة 31 ق في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) بجلسة 27/12/19884 في الدعوى رقم 4758 لسنة 37 ق والقاضي برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون وإلزام المدعين بالمصروفات. وطلب الطاعنون- للأسباب الواردة بتقرير الطعن- الحكم بقبول الطعن شكلا وفى الموضوع بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وإجابة الطاعنين إلى طلباتهم في صحيفة الدعوى الأصلية وهو الحكم بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي بالامتناع عن التصريح لهم بممارسة أعمال الوكالة البحرية وخدمات السفن ومنافسة شركات القطاع العام وما يترتب علي ذلك من آثار.
وبعد إعلان الطعن قانونا أودعت هيئة مفوضي الدولة تقريرا ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا ورفضه بشقيه العاجل والموضوعي وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
وحددت لنظر الطعن أمام دائرة فحصى الطعون بهذه المحكمة جلسة 4/3/1989 وتدوول نظره على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت بجلسة 17/4/1989 إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظره أمامها جلسة 27/5/1989 ونظرته المحكمة على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قرره بجلسة 25/11/1989 إصدار الحكم في الطعن بجلسة 6/1/1990 مع التصريح بالاطلاع وتقديم مذكرات ونص الاتفاقية بعد تعديلها خلال أسبوعين. وقد أودعت شركة القناة للتوكيلات الملاحية (المطعون ضدها السابعة) مذكرة بدفاعها التمست فيه الحكم برفض الطعن، وإلزام الطاعنين بالمصروفات
وقد صدر الحكم وأودت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن أقيم في الميعاد القانوني مستوفيا سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل- حسبما يبين هن الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق- في أن الطاعنين بصفاتهم أقاموا ضد المطعون ضدهم بصفاتهم الدعوى رقم 4758 لسنة 37 ق أمام محكمة القضاء الإداري (دائرة منازعات الأفراد والهيئات) طالبين الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار الإداري السلبي بالامتناع عن التصريح لهم بممارسة أعمال الوكالة البحرية وخدمات السفن ومنافسة شركات القطاع العام، وفى الموضوع بإلغاء هذا القرار مع ما يترتب على ذلك من آثار. وقالوا شرحا لدعواهم أنهم تقدموا للمدعى عليهم الستة الأول (المطعون ضدهم الستة الأول) بتاريخ 19/7/1983 لإصدار القرارات الإدارية اللازمة لإعمال أحكام البند السادس من الفقرة الثامنة من قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 1979 بشأن الموافقة على اتفاقية القرض بين جمهورية مصر العربية (وزارة النقل البحري) والولايات المتحدة الأمريكية الموقعة في القاهرة بتاريخ 30/9/1980 والمصدق عليها من مجلس الشعب وذلك بالسماح لهم بتقديم خدمات الشحن للسفن باعتبارهم من أصحاب شركات القطاع الخاص في مجال التوكيلات الملاحية منافسين شركة القناة للتوكيلات الملاحية (المدعى عليها السابعة) في مجال عملها الذي كان مقصورا عليها بمقتضى القانونين رقمي 129 لسنة 1962 و 12 لسنة 1964 وإذ لم يتلقوا ردا على طلبهم وبان لهم بما لا يدع مجالا للشك رفض المدعي عليهم إصدار القرار الإداري اللازم بالترخيص لهم بممارسة مهنة الوكالة الملاحية كأمناء سفن المنبثقة من الاتفاقية والصادرة بتشريع لاحق معدل للقانونين المذكورين رقمي 129 لسنة 1962 و 12 لسنة 1964 فإنهم يبادرون برفع هذه الدعوى طالبين إلغاء القرار المطعون فيه باعتباره قيدا غير مشروع على حريتهم في ممارسة النشاط المباح لهم بمقتضى الاتفاقية المشار إليها. وأضاف المدعون أن الوكيل البحري هو الشخص الذي يقوم لحساب المجهز بتسليم البضاعة وحراستها والمحافظة عليها وتسليمها لأصحابها وتحصيل الأجرة وتموين السفينة وإصدار سندات الشحن وتذاكر النقل، وكان المجهز هو الذي يختاره، ولا يخضع هذا الاختيار لأي شرط أو قيد ويعزله عندها يشاء ولو اتفق على غير ذلك لأنه وكيل عادى يتعامل باسم المجهز وليس باسمه الشخصي، وكان هذا هو الوضع القائم إلى أن صدر القانون رقم 129 لسنة 1961 في شأن مساهمة المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري في بعض الشركات والمنشآت وتنظيم الأعمال المرتبطة بالنقل البحري، ونصت مادته الثانية على أنه لا يجوز مزاولة أعمال النقل البحري والشحن والتفريغ والوكالة البحرية وتموين السفن وإصلاحها وصيانتها والتوريدات البحرية وغيرها من الأعمال المرتبطة بالنقل البحري إلا لمن يقيد في سجل معد لذلك بالمؤسسة المصرية العامة للنقل البحري….. ولا يجوز أن يقيد في السجل المشار إليه في الفقرة السابقة إلا المؤسسات والشركات التي لا تقل حصة الدولة في رؤوس أموالها عن 25% ثم صدر القانون رقم 12 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري ونص في المادة السابعة منه على أنه لا يجوز مزاولة أعمال النقل البحري والشحن والتفريغ والوكالة البحرية وتموين السفن وإصلاحها وصيانتها والتوريدات البحرية وغيرها من الأعمال المرتبطة بالنقل البحري التي يصدر بتحديدها قرار من وزير المواصلات إلا لمن يقيد في سجل يعد لذلك بالمؤسسة المصرية للنقل البحري. ويجوز لوزير المواصلات عند الاقتضاء بالاتفاق مع الوزير المختص تقرير الاستثناء من هذه الأحكام. ولا يجوز أن يقيد في السجل المشار إليه إلا المؤسسات العامة أو الشركات التي لا تقل حصة الدولة في رأسمالها عن 25% وبصدور هذا القانون أصبح للمؤسسة المصرية العامة للنقل البحري الهيمنة التامة على أعمال النقل البحري اللهم إلا ما صدر باستثنائه قرار من وزير النقل في الوقت الذي يسمح فيه القانون رقم 43 لسنة 1974 لرأس المال الأجنبي بمزاولة أعمال النقل البحري وتملك السفن المصرية بجميع أنواعها. وفى مجال الوكالات البحرية صدر قرار وزير النقل البحري رقم 128 لسنة 1964، وقراره رقم 18 لسنة 1978 اللذان أجازا لشركات القطاع الخاص والأفراد مزاولة الوكالة البحرية عن السفن التي لا تزيد أقصى حمولة لها عن 400 طن، وهذا استثناء، وهو استثناء ضيق لا قيمة له، وبذلك ظل ميدان الوكالات البحرية وقفا على القطاع العام وبذلك أصبح النقل البحري قضية اقتصادية ودستورية وقومية كبرى. وأثيرت هذه القضية في أكثر من قاعة وأكثر من مناسبة. فقد أثيرت قضية حرمان القطاع الخاص من القيام بأعمال الوكالات الملاحية في مجلس الشعب أمام لجنة النقل والمواصلات التي أوصت بإطلاق حرية العمل في هذا الميدان للقطاع الخاص ليعمل إلى جوار القطاع العام بما يتيح المنافسة، ربما يرفع من مستوى الأداء. وقالت اللجنة أنه لم يعد هناك مبرر لتقييد هذا النشاط بعد اتباع سياسة الانفتاح الاقتصادي وصدور تشريعاته التي أباحت للقطاع الخاص مزاولة أعمال الوكالات التجارية والصناعية. كما أثيرت القضية أيضا أمام مجلس الشورى في اجتماعات اللجنة المختصة المنبثقة عنه وقالت اللجنة في تقريرها في مارس سنة 1982 وجلسة30/5/1982 تحت عنوان سلبيات العمل في مجال عمل الوكالات ما مفاده أن انفراد القطاع العام واحتكاره العمل في هذا المجال ترتب عليه سلبيات عرض لها التقرير…………. وخلص التقرير إلى أن السبيل الأمثل لعلاج هذا الوضع هو رفع القيود المفروضة على القطاع الخاص في مزاولة مهنة الوكالات الملاحية لتعمل إلى جانب القطاع العام، وأنه يتعين على المدعي عليه الثاني (وزير النقل والمواصلات والنقل البحري) أن يستخدم حقه في التصريح للمدعين وغيرهم بممارسة عملهم المشروع في نطاق الوكالات الملاحية. كما عرضت المجالس القومية المتخصصة لهذه القضية وخلصت فيها إلى ذات النتائج. لأضاف المدعون أن توصيات لجنة النقل والمواصلات في مجلس الشعب ليست مجرد رأي لا قيمة له إذ أن المواد 47 و 48 و 53 و 56 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب نظمت عمل لجانه واختصاصاتها، ومؤدى هذه النصوص أن هناك التزاما تشريعيا يقوم وينشأ كحق للمجتمع على السلطة التنفيذية بمجرد صدور التوصيات التشريعية بحيث يصبح عدم أعمال هذه السلطة ضربا من ضروب إساءة استعمال السلطة. ويصبح لا مناص أمام الوزير المختص من إصدار القرار اللازم لتصحيح الوضع بالمطابقة للتوصية التشريعية. كما أن مجلس الشورى يختصر طبقا للمادة 94 من الدستور باقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على مبادئ ثورتي عام 1953 و 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والحريات. والمجالس القومية المتخصصة بدورها تختص وفقا للمادة 164 من الدستور بالتعاون في رسم السياسة العامة للدولة ، ولا يسوغ لوزير المواصلات والنقل البحري السكوت عن تنفيذ هذه التوصيات، ويشكل هذا السكوت قرارا سلبيا خليقا بالإلغاء ووقف التنفيذ فإذا امتنع عن إصداره كان للقضاء الإداري الحق في إلغاء هذا الامتناع، واستطرد المدعون أنه ظهر سبب جديد يكفى في حد ذاته لحمل المدعي عليهما الأول والثاني على إصدار القرارات المنظمة لأعمال الوكالة البحرية لشركات القطاع الخاص، وهذا السبب تشريع واجب النفاذ، وهو قرار رئيس الجمهورية رقم 11 لسنة 1979 بشأن الموافقة على اتفاقية القرض بين جمهورية مصر العربية وزارة النقل البحري والولايات المتحدة الأمريكية فهذه الاتفاقية صدرت بعد الاطلاع على الفقرة الثامنة من المادة 151 من الدستور وبعد موافقة مجلس الشعب في 7/1/1979 وقد نص البند 6/8 منها على ما يلي خدمات الشحن للعمل يرافق المقترض ووزارة النقل البحري على اتخاذ كل الإجراءات اللازمة للسماح لشركات التوكيلات الملاحية بالقطاع الخاص بالتنافس مع شركة القناة للتوكيلات الملاحية لتقديم خدماتها للبواخر التي تزيد حمولتها على 400 طن. وتنص المادة 151 من دستور مصر الدائم على أن رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبلغهـا مشفوعة بما يناسب من البيان، وتكون لها قرة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها طبقا للأوضاع المقررة والمستقر في فقه القانون الدولي أن التزام الدولة بتنفيذ المعاهدة التي ارتبطت بها يقتضي تقيد سلطاتها المختلفة وتطبيق أحكامها بمعرفتها كل فيما يخصها، فالمعاهدة لها قوة القانون وهي لاحقة للقانون رقم 12 لسنة 1964 ومعدلة لما تعارض منها هن نصوص، ونص المادة 6/8 منها قاطع وعام وأمر في أن يصدر المدعي عليهم القرارات ويتخذوا الإجراءات اللازمة للسماح لشركات القطاع الخاص بالمنافسة مع المدعي عليهما (المطعون عليهما) السابع والثامن وهما شركتا القطاع العام المحتكرتان لنشاط التوكيلات الملاحية وانتهى المدعون بعد إيراد نص وثيقة إعلان الدستور الدائم ونصوص الموال 32 و35 و 40 من الدستور إلى القول بأنه إذا كان حظر مزاولة أعمال النقل البحري والوكالات البحرية قد نص عليه صراحة في تشريعين سابقين على الدستور الدائم وهما القانونان رقم 129 لسنة 1962 ورقم 12 لسنة 1964 وقصره على شركات القطاع العام فإن ذلك يعتبر خرقا لأحكام المادة 40 من الدستور ومخالفة صريحة لوثيقة إعلان الدستور وإهدارا للحريات الأمر الذي لا سعف للقول بدستورية القانون رقم 12 لسنة 1964 أو القانون رقم 129 لسنة 1962 اللذين يعبران عن سياسة تأميم بلا تعويض، ولما كان المدعون يضارون من جراء امتناع رئيس الوزراء والوزير المختص والمدعي عليهم، والتعرض لهم في رزقهم ونشاطهم المشروع المنبثق من أحكام الدستور والقانون، وقد توافر جناحا وقف التنفيذ من الجدية والاستعجال في هذه الحالة فقد أقام المدعون دعواهم طالبين الحكم بما سبق من طلبات.
وقد ردت وزارة النقل البحري على الدعوى بأن القطاع الخاص كان يتولى العمل في مجال النقل البحري إلا أن الدولة ارتأت لاعتبارات تتسق والسياسة العامة التي تنتهجها أن تنظم قطاع النقل البحري وتمكن القطاع العام من التدخل في الأعمال المرتبطة بالنقل البحري بقصد النهوض بهذه الأعمال والقوى العاملة. وكذلك لإحكام الإشراف على بعض المنشآت والشركات التي يرتبط عملها بملاك السفن في البلاد الأجنبية، بالإضافة إلى ضمان أحكام الرقابة على موارد الدخل والاقتصاد القومي من النقد الأجنبي، لذلك فقد صدر القانونان رقم 129 لسنة 1962 ورقم 12 لسنة 1964 على التوالي لتحقيق الأهداف المشار إليها، وأن الحكمة التي من أجلها صدر القانونان المذكوران مازالت قائمة، وهما قانونان ما زلا ساريين وأحكامهما واجبة النفاذ. وقد سبق للدولة أن أصدرت القرار الجمهوري رقم 11 لسنة 1979، بالموافقة على اتفاقية قرض أمريكي يتيح في البند 6/8 منها لشركات القطاع الخاص مزاولة أعمال الوكالة الملاحية عن السفن التي تزيد حمولتها على 400 طن بمنطقة القناة منافسة في ذلك شركة القناة للتوكيلات الملاحية ولكن الدولة بادرت بإلغاء هذا البند بالقرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981. وليس في أحكام القانونين المشار إليهما أي تعارض مع أحكام دستور كما حاول المدعون أن يصوروا الأمر، إذ أنه ليس من المتصور إذا ما رأت الدولة لمصلحة قومية معينة أن تباشر بنفسها عن طريق القطاع العام نشاطا بعينه أن يعتبر ذلك خرقا لأحكام الدستور فيما يتعلق بالحريات والمساواة، وأن ذلك ليس إلا تطبيقا لنظرية الاقتصاد الموجه، والقطاع العام هو الركيزة الأساسية الاقتصادية في الدولة مملوك لكافة أفراد الشعب، وإذا رغب المدعون في الطعن بعدم دستورية هذين القانونين، فإن ذلك يكون أمام المحكمة الدستورية العليا وهذا يوجب عليهم إذا كانوا جادين في طعنهم بعدم دستورية القانونين المذكورين أن يقيموا طعنهم أمام المحكمة المذكورة خلال الموعد الذي تحدده لهم المحكمة التي تنظر الدعوى الماثلة وإلا أعتبر الطعن كأن لم يكن. وكما سبق القول فقد بادرت الدولة بإصدار القرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981 بتعديل القرار الجمهوري رقم 11 لسنة 1979 بشأن الموافقة على اتفاقية القرض الأمريكي بحذف البند الذي يستند إليه المدعون في دعواهم، وانتهت وزارة النقل البحري إلى أن الامتناع عن إصدار القرار اللازم بمشاركة القطاع الخاص للقطاع العام في الأعمال المشار إليها لا يترتب عليه نتائج يتعذر تداركها وليس هناك أخطار محدقة بالحق المطلوب وبذلك يتخلف ركن الاستعجال، كما أن ظاهر الأوراق يؤكد عدم مشروعية ما يطالب به المدعون وبالتالي يضحى طلب وقف التنفيذ غير مستند إلى قانون جديرا بالرفض.
كما ردت شركة القناة للتوكيلات الملاحية على الدعوى بأن المدعين قد تجاهلوا عن قصد أن هناك قرارا إيجابيا لوزير النقل البحري صدر عام 1975 بقصر العمل في التوكيلات الملاحية على شركات القطاع العام، وقد صدر بشأنه حكم من المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 931 و 939 لسنة 21 ق يقطع بصحة القرار ومشروعيته، ودفعت الشركة بعدم قبول الدعوى شكلا لتعلقها بقرار وزاري فاتت مواعيد الطعن فيه من المدعين كما ثبت صحته ومشروعيته بحكم من المحكمة الإدارية العليا. كما دفعت بعدم قبول الدعوى لانعدام صفة رافعيها لأن طلباتهم موجهة أصلا إلى التمسك بنص اتفاقية المعونة الأمريكية وجمهورية مصر العربية وتمثلها وزارة النقل البحري والصادر بها القرار الجمهوري رقم 11 لسنة 1979 معدلا بالقرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981 والمدعون ليسوا أطرافا في هذه الاتفاقية ولا صلة ولا صفة لهم حين رقعوا دعواهم بهذه الاتفاقية من قريب أو بعيد، وأخيرا دفعت الشركة بعدم قبول الدعوى لانعدام مصلحة رافعي الدعوى بوصفها الماثل لتجردها من المصلحة الحالة والقائمة لأن المدعين ليسوا سوى بعض تجار بورسعيد يقومون ببعض التوريدات البحرية الخارجة عن نطاق الحظر، وعلى ذلك فإن مصلحتهم تنحصر في الأعمال التي يمارسونها خارج نطاق الحظر القانوني، أما ما هو محظور عليهم فمن الجائز وجود مصلحة مادية ونفعية فيه ليزيد ثراؤهم الفاحش، ولكن ليست هذه هي المصلحة التي يقرها القانون فليس هناك حق معتدى عليه وإنما هم يريدون إنشاء حقوق لأنفسهم حرمها عليهم القانون ليستولوا على أموال الدولة ، وعن طلب وقف التنفيذ قالت الشركة أنه ينصب على قرار سلبي بالامتناع عن إصدار قرار بتنفيذ قرار جمهوري ثبت إلغاؤه ، فضلا. عن عدم توافر ركن الاستعجال وخلصت الشركة إلى طلب عدم قبول الدعوى على أنه من الدفوع المبداه، واحتياطيا رفض طلب وقف النفاذ ورفض الدعوى موضوعا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبالجلسة المنعقدة بتاريخ 27/12/1984 أصدرت المحكمة حكمها المطعون فيه برفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلا وبرفض الدفعين بعدم قبولهما لإنعدام المصلحة وانتفاء الصفة وبقبولها وبرفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وألزمت المدعين بالمصروفات، وأسست قضاءها بالنسبة للدفع بعدم قبول الدعوى شكلا بأن المدعين يطلبون الحكم بإلغاء القرار الإداري السلبي الصادر من الوزير المختص ورئيس الوزراء بعدم التصريح لهم بمزاولة أعمال الوكالة البحرية وفقأ لأحكام اتفاقية القرض الأمريكي الصادر بها القرار الجمهوري رقم 11 لسنة 1979 والتي تضمنت نصا يرى المدعون أنه يشكل قاعدة قانونية ملزمة توجب على الجهة الإدارية إصدار قراراتها بالسماح لهم بممارسة هذه الأعمال الأمر الذي يتضح معه أن الدعوى وسببها يغاير من جميع الوجوه ما سبق أن تعرض له حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعنين رقمي 931 و 939 لسنة 21 ق الذي حسم الأمر بالنسبة لقرار وزير النقل البحري الصادر في 3/7/1975 بقصر أعمال الوكالة البحرية على شركات القطاع العام وحدها وعدم السماح لشركة الإسكندرية للملاحة والأعمال البحرية بمزاولة أعمال الوكالة البحرية وبذلك لا يكون الدفع قائما على سند من الواقع والقانون. وعن الدفعين بعدم قبول الطعون لانعدام صفة المدعين ومصلحتهم في إقامة الدعوى قالت المحكمة أنها لا ترى وجها لقبول هذين الدفعين المرتبطين، إذ لا يمكن إنكار قيام مصلحة مشروعة ومحققة للمدعين في ممارسة نشاط الوكالات البحرية، وهو نشاط كانوا يمارسونه من قبل ثم رأت الدولة أن تقتصر ممارسته على القطاع العام وحده بحكم القوانين المنظمة لهذا النشاط، فإذا قام سبب قانوني جديد في ظن المدعين يجيز ويتيح لهم العودة إلى ممارسة هذا النشاط وأنكرته جهة الإدارة عليهم فأن مصلحتهم تكون قائمة لا محالة لرفع دعوى قضائية للمطالبة به. كما تقوم صفاتهم باعتبارهم مديرين وممثلين قانونيين لما يملكونه كن شركات ومكاتب، وهي صفة يستمدونها من ملكيتهم لهذه المنشآت أو مشاركتهم فيها ولا تكون مطالبتهم بأعمال نص قانوني وارد في اتفاقية دولية سببا للقول بانعدام صفاتهم في إقامة الدعوى تأسيسا على أنهم ليسوا أطرافا في هذه الاتفاقية. فصفة الفرد ومصلحته لا تحدد على أساس مشاركته أو عدم مشاركته في إصدار القاعدة القانونية أو يكون طرفا في الاتفاقية الدولية التي أقرتها، وإنما تقوم المصلحة وتتوافر الصفة على أسس موضوعية وقانونية يكشف عنها واقع الحال ومراكز الخصوم ويتعين بناء على ما تقدم الحكم برفض هذين الدفعين بقبول الدعوى لقيام المصلحة وتوافر الصفة. وعن طلب وقف التنفيذ قالت المحكمة إنه عما ورد في صحيفة الدعوى من عبارات تنعى على القانونين رقمي 129 لسنة 1963 و 12 لسنة 1964 بعدم الدستورية والخروج على أحكام المادة 40 من الدستور والإخلال بقاعدة المساواة بين المواطنين وذلك لقصرهما أعمال الوكالة البحرية على مؤسسات وشركات القطاع العام لا ترى فيه المحكمة دفعا من جانب المدعين بعدم الدستورية هذين القانونين يوجب عليها التصدي بالبحث والحكم فيه إذ أن الأمر أن ما ورد من عبارات تتعلق بعدم الدستورية إنما كان إيضاحا لمبررات قانونية أوردها المدعون دعما لدفاعهم دون أن يتبعوا بموقف صريح وقاطع في إبداء الدفع، وهذا أمر يكشف عنه بجلاء موقفهم خلال مسار الدعوى الذي انتهى من جانبهم بطلب حجز الدعوى للحكم ويتعين والحالة هذه طرح هذا الأمر دون تعرض لما أبداه المدعي عليهم من دفاع في شأن دستورية هذين القانونين. وأضافت المحكمة بأنه فيما يتعلق. بالتوصيات والتقارير التي أشار إليها المدعون الصادرة من لجنه النقل والمواصلات بمجلس الشعب وتوصيات مجلس الشورى والتقرير الصادر منه كذلك تقارير المجالس القومية المتخصصة أو الخبير الأمريكي الذي أعد الدراسة عن تطوير ميناء بورسعيد أو غيره من الموانئ فأنها جمعيا- وأن كانت قد أكدت على حق القطاع الخاص في مزاولة هذه الأعمال بجوار القطاع العام- لا تعدو أن تكون مجرد توصيات أو تقارير وضعت أمام السلطات التنفيذية لها أن تأخذ بها أو تطرحها أو تدخل ما تراه عليها من تعديلات طالما كان مسلكها في هذا الشأن متفقا مع أحكام القانون المطبق في هذا المجال وأيا ما كانت القيمة السياسية الأدبية لهذه التوصيات والتقارير فأن على أصحابها أن يتابعوها بالطرق المحددة في الأنظمة القانونية التي تحكم عمل هذه الجهات التي أصدرتها كممارسة حق الرقابة البرلمانية واقتراح القوانين وتعديلها دون أن يجاوز الأمر هذا الحد توصلا إلى القول بأن على كل المحاكم هذه التوصيات في الحسبان عند الفصل في نزاع يتعلق بنصوص قانونية سابقة وصادرة وفق أحكام الدستور.
وعن سند المدعين إلى أحكام المادة السادسة البند الثامن من اتفاقية القرض المعقودة بين حكومة جمهورية مصر العربية ويمللها وزارة النقل البحري، والجانب الأمريكي والصادر بالموافقة عليها بعد العرض على مجلس الشعب القرار الجمهوري رقم 11 لسنة 1979 والتي تقضي بالسماح للتوكيلات الملاحية بالقطاع الخاص بالتنافس مع شركة القناة للتوكيلات الملاحية لتقديم خدماتها للبواخر التي تريد حمولتها على 400 طن فإن إعمال أثر المعاهدة مشروط وفقا للراجح من قواعد القانون الدولي بألا تتضمن المعاهدة ما يتعارض مع أسس النظام القانوني الداخلي، فإذا تضمنت ذلك فأنها لا تطبق إلا إذا صدر بها تشريع داخلي وفقا للقواعد المقررة، ذلك أن المعاهدات عموما قد تتضمن نصوصا توجيهية تتضمن عدة مبادئ يكون على أطرافها ترجمتها إلى قواعد قانونية داخلية وفقا لما هو مقرر داخل كل بلد من ب أطرافها، كما قد تتضمن نصوصا تنفيذية قابلة للتطبيق بذاتها دون حاجة لتدخل تشريعي من السلطة الوطنية، وهذا النوع الأخير هو الذي يكون للأفراد أن يتمسكوا به ويمكن للمحاكم أن تنزل حكمها فيما يعرض عليها من منازعات ويبين من الاطلاع على نص المادة السادسة فقرة 8 من الاتفاقية في صيغته الإنجليزية أنه يضير بجلاء أن الاستخدام الكاهل للتوكيلات الملاحية من جانب القطاع الخاص الذي هو الآن موضع المراجعة من جانب الحكومة يتعين أن يطبق. وعلى ذلك فإن ما ورد في هذا النص لا يعدو أن يكون اتفاقا على مبدأ مشاركة القطاع الخاص الذي هو موضع الدراسة والمراجعة، أما حدود هذه المشاركة وأبعادها وشروطها فأنها كانت موضع الدراسة بحيث لا يسوغ القول قانونا بأن خط قد أصبح نصا تنفيذيا في المعاهد- يكون لأصحاب الشأن أن يتمسكوا به ويكون على المحاكم أن تطبقه. فالأمر يوجب أن يترجم هذا التوجيه إلى نص قانوني لا تعارض فيه مع النظام الدستوري والقانوني القائم حتى يكون للأفراد أن يتسمكوا به. وقبل ذلك فإن عدم صدور مثل هذه القاعدة القانونية التنفيذية التي تحول الالتزام الدولي إلى قاعدة قانونية تصبح جزعا من النظام القانوني الداخلي لا يشكل إلا مخالفة لمبادئ المعاهدة، وقد يثير المسئولية الدولية ولا يعتبر خروجا على قواعد المشروعية في الداخل. وفضلا عن ذلك فقد انتهى الأمر بصدور القرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981- قبل إقامة الدعوى الماثلة- بشأن الموافقة على التعديل الأول للاتفاقية المذكورة والموقع بتاريخ 16/11/1980. وقد تم الاتفاق على حذف المادة السادسة فقرة 8 كلية وإحلال ما يلي محلها: بند 6/8 عمليات البناء تتعهد وزارة النقل والمواصلات والنقل البحري بأن تتولى دراسة إدارة وعمليات مواني البحر الأحمر بحيث تشمل تدفق عمليات الإدارة والعمليات بهاء وهذا التعديل أزال كل لبس في هذا الشأن بحيث تكون المطالبة بإيقاف القرار السلبي بالامتناع عن إصدار القرار اللازم الذي يسمح للمدعين بمشاركة القطاع العام في هذا المجال- بحسب الظاهر من الأوراق ودون التعرض لموضوع الدعوى- غير قائمة على سند من الواقع والقانون يرجح بإلغاء القرار المطعون فيه عند نظر موضوع الدعوى ويتعين بنا على ذلك ودون حاجة لبحث ركن الاستعجال الحكم برفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه.
ومن حيث أن مبنى الطعن مخالفة الحكم المطعون فيه للقانون حيث ذهب إلى أن تقارير لجان مجلس الشعب ومجلس الشورى والمجالس القومية المتخصصة لا تعدو أن تكون مجرد توصيات للسلطة التنفيذية أن تأخذ بها أو تطرحها وذلك يخالف القانون إذ أن هناك التزاما تشريعيا يقوم وينشأ كحق للمجتمع على السلطة التنفيذية بمجرد صدور التوصيات بحيث يصبح عدم أعمال هذه السلطة ضربا من ضروب إساءة استعمال السلطة ويصبح لا مناص أمام الوزير المختص من إصدار القرار الإداري اللازم لتصحيح الوضع بالمطابقة للتوصية ويتضح من ذلك أن مسلك المطعون ضده الثاني بالامتناع عن إصدار قرار بالتصريح للطاعنين بممارسة أعمال الوكالة الملاحية يكون قرارا سلبيا معيبا خليقا بالإلغاء ووقف التنفيذ. كما عول الحكم المطعون فيه على النص الإنجليزي للبند 6/8 من اتفاقية القرض المبرم بين جمهورية مصر العربية. والولايات المتحدة الأمريكية وطرح كل قيمة للنص الوارد باللغة العربية الذي يتيح صراحة للقطاع الخاص ممارسة أعمال الوكالة الملاحية فالتعويل على النص الإنجليزي وطرح كل قيمة للنص الوارد باللغة العربية مخالف للقانون كما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض في الحكم الصادر من الدائرة المدنية في الطعن رقم 277 لسنة 43 ق بجلسة 27/12/1976. ووفقا لنص المادة 151 من الدستور الدائم التي تنص على أن رئيس الجمهورية يبرم المعاهدات ويبغلها مجلس الشعب مشفوعة بما يناسب من البيان وتكون لها قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها طبقا للأوضاع المقررة فإن على المطعون ضده الثاني وسائر المطعون ضدهم المسارعة بإفساح مجال المنافسة بين شركات التوكيلات الملاحية في القطاع الخاص وبين المطعون ضدهم الباقين.
وأضاف الطعن أنه عن استناد الحكم المطعون فيه إلى القرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981 الذي ألغى البند 6/8 المعاهدة الذي يبيح لشركات القطاع الخاص مزاولة نشاط الوكالة الملاحية فأن هذا التعديل للمعاهدة من جانب واحد دون الرجوع إلى الجانب الآخر من الخطورة بمكان للدولة التي ترغب في التنصل من التزاماتها سلاحا تطعن به المعاهدة التي تفرض عليها هذه الالتزامات وغني عن البيان ما في ذلك من خطر على النظام الدولي وهدم لقيمة المعاهدات، فهذا التعديل خليق بالرفض لمخالفته صريح القانونين الدولي والداخلي ومن ثم يتسم القرار المطعون فيه بإساءة استعمال السلطة ويجعله جديرا بالإلغاء و وقف التنفيذ وأخيرا عما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من عدم إتباع الطاعنين في دعواهم الطريق الصحيح بالطعن بعدم دستورية القانونين رقمي 129 لسنة 1961 و12 لسنة 1964 فأن مسلك الطاعنين كان يتسم بالموقف الصريح والقاطع في إبداء هذا الدفع ويكشف عنه بجلاء موقفهم خور مسار الدعوى لمخالفة القانونين المذكورين لأحكام المادة 40 من الدستور الدائم التي تنص على أن المواطنين لدى القانون سواء وهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة، الأمر الذي من شأنه أن يتمسك الطاعنون بعدم دستورية القانونين المشار إليهما وقد أقام الطاعنون طعنهم الماثل ابتغاء الحكم بقبوله شكلا وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه للأسباب سالفة الذكر ولتوافر ركني الجدية والاستعجال فظاهر الحكم المطعون فيه أنه بني على أسباب واهية لا أساس لها من القانون جديرا بالرفض. أما عن ركن الاستعجال فالثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه يودي إلى نتائج يتعذر تداركها يتمثل في عدم مزاولة الطاعنين لأعمالهم المشروعة والتي هي مصدر رزقهم وعائلاتهم، وقد قدمت الشركة المطعون ضدها السابعة مذكرة بدفاعها بعد حجز الطعن للحكم فندت فيها أوجه الطعن التي أثارها الطاعنون. وبالنسبة للأسباب التي إستند إليها الطاعنون في قولهم بعدم دستورية المادة السابعة من القانون رقم 12 لسنة 1964 الخاص بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري والتي تنص على أنه لا تجوز مزاولة أعمال النقل البحري والشحن والتفريغ والوكالة البحرية وتموين السفن وإصلاحها والتوريدات البحرية وغيرها من الأعمال المرتبط بالنقل البحري التي يصدر بتحديدها قرار من وزير المواصلات إلا لمن يقيد في سجل خاص بعد ذلك بالمؤسسة المصرية العامة للنقل البحري.
ويجور لوزير المواصلات عند الاقتضاء بالاتفاق مع الوزير المختص تقرير الاستثناء من هذه الأحكام ولا يجوز أن يقيد بالسجل-المشار إليه المؤسسات العامة أو الشركات التي لا تقل حصة الدولة في رأسمالها عن 25% أوضحت المذكرة بأن المحكمة العليا في حكمها الصادر بجلسة 1/3/1975 في الدعوى رقم 7 قضائية عليا (دستورية) رفضت الأسباب التي إليها استند الطاعنون في قولهم بعدم دستورية المادة المذكورة وخلصت إلى أن الدعوى لا تقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم يتعين رفضها. وانتهت الشركة المطعون ضدها السابعة إلى طلب الحكم برفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات.
ومن حيث أنه عن الوجه الأول من أوجه الطعن في الحكم المطعون فيه وهو أن مؤدى المواد 47 و 48 و 53 و 56 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب أن هناك التزاما تشريعيا يقوم وينشأ كحق للمجتمع على السلطة التنفيذية بمجرد صدور توصيات لجان مجلس الشعب بحيث يصبح عدم إعمال هذه السلطة ضربا من ضروب إساءة استعمال السلطة ويصبح لا مناص أمام الوزير من إصدار القرار الإداري اللازم لتصحيح الوضع بالمطابقة للتوصية التشريعية حيث قررت لجنة النقل والمواصلات في مجلس الشعب بضرورة كسر قيود القانون رقم 12 لسنة 1964 في حدود صلاحيات وزير النقل البحري المنبثقة من ذات التشريع إذ قررت أنه لم يعد هناك مبرر لتقييد نشاط التوكيلات الملاحية بعد الانفتاح الاقتصادي ولا يوجد مبرر واحد لحرمان القطاع الخاص من مزاولة العمل في مجال التوكيلات البحرية. كما أن مجلس الشورى المختص طبقا للمادة 94 من الدستور باقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على ثورتي 23 يوليو عام 1952 و 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والحريات قد اقترح إطلاق العمل أمام القطاع الخاص في مجال التوكيلات الملاحية وأوصى بذلك. والمجالس القومية المتخصصة المختصة طبقا للمادة 164 من الدستور بالتعاون في رسم السياسة العامة للدولة أوصت هي الأخرى بإطلاق العمل أمام القطاع الخاص في هذا المجال فإن المادة 86 من الدستور تنص على أن يتولى مجلس الشعب سلطة التشريع ويقر السياسة العامة للدولة والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والموازنة العاهة للدولة كما يمارس الرقابة على السلطة التنفيذية.. وتنص المادة 47 من اللائحة الداخلية لمجلس الشعب على أن اللجان هي أجهزة المجلس المعاونة في ممارسة اختصاصه التشريعي وتنص المادة 48 على أن تشترك اللجان بطريقة خلاقة بحث الوسائل المؤدية إلى تنمية الاقتصاد القومي. وتنص المادة 53 على أن تقوم اللجان كل فيما يخصها بتقصي آثار تطبيق القوانين المهمة التي تمس مصالح الجماهير الأساسية.. وتنص المادة 56 من اللائحة المذكورة على أنه للجنة أن تبدي رغبات في شأن موضوع هام ذي صفة عامة. وتنص المادة 194 من الدستور على أن يختص مجلس الشورى بدراسة واقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على مبادئ ثورتي سنة 1952 و 15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والحريات… الخ وتنص المادة 164 من الدستور على أن تنشأ مجالس متخصصة على المستوى القومي تعاون في رسم السياسة العامة للدولة في جميع مجالات النشاط القومي ومفاد هذه النصوص أن لجان تجلس الشعب مجرد أجهزة معاونة للمجلس في ممارسة اختصاصه التشريعي وتقصي آثار تطبيق القوانين التي تمس مصالح الجماهير الأساسية وإبداء الرغبات في شأن موضوع هام ذي صفة عامة ، وأن اختصاص مجلس الشورى ينحصر في دراسة واقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على مبادئ ثورتي 23 يوليو سنة 1952 و15 مايو سنة 1971 ودعم الوحدة الوطنية والحريات. والمجالس المتخصصة تعتبر أجهزة معاونه في رسم السياسة العامة للدولة في جميع مجالات النشاط القومي….. وأن توصيات لجان مجلس الشعب أو مجلس الشورى أو المجالس المتخصصة أو الاقتراحات أو الرغبات التي تصدر من أي هذه الجهات- مهما كانت قيمتها الأدبية غير ملزمة لمجلس الشعب أو السلطة التنفيذية إلا إذا صدر بها تشريع من مجلس الشعب المختص- وفقا للمادة 86 من الدستور سالفة الذكر- سلطة تشريع، وعلى ذلك فإن الامتناع عن إصدار قرار إداري وفقا للتوصيات أو الاقتراحات أو الرغبات المشار إليها لا يعتبر قرارا سلبيا غير مشروع.
ومن حيث أنه عن الوجه الثاني من أوجه الطعن في الحكم المطعون فيه وهو التعويل على النص الإنجليزي للبند 6/8 من اتفاقية القرض المبرم بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية وطرح كل قيمة للنص العربي بالمخالفة للقانون، واعتبار المعاهدة في هذا الخصوص معدلة للقانون رقم 12 لسنة 1964 فيما تعارض معها، فإن هذا النص أيا كان التفسير الذي أخذ به الحكم- أيا كانت قوته- قد تم الاتفاق على حذف الفقرة الثامنة من المادة السادسة كلية وحل محله بند 6/8 عمليات الميناء- تتعهد وزارة النقل والمواصلات والنقل البحري بأن تتولى دراسة إدارة عمليات موانئ البحر الأحمر بحيث تشمل تدفق عمليات الإدارة والعمليات بها وقد تم هذا التعديل ووقع في القاهرة بتاريخ 16/11/1980 بين نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير التخطيط والمالية والاقتصاد وبين مدير وحدة المعونة الأمريكية بصفتيها ممثلين لجمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية، وقد صدق رئيس الجمهورية عليه بتاريخ 17/2/1981 ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 33 لسنة 1981 بالموافقة على التعديل الأول لاتفاقية القرض بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لمشروع ميناء السويس الموقع في القاهرة بتاريخ 16/11/1980 وأصدر وزير الدولة للشئون الخارجية قرارا بأن ينشر في الجريدة الرسمية التعديل الأول للاتفاقية ويعمل به اعتبارا من 16/11/1980 وتم النشر بالجريدة الرسمية بالعدد 20 في 14 مايو سنة 1981 قبل أن يرفع الطاعنون دعواهم المطعون في حكمها بتاريخ 20/7/1983، ومن ثم لا يكون هناك محل لتفسير النص قبل التعديل سواء باللغة العربية أو اللغة الإنجليزية ومدى الالتزام به مباشرة وأما النص بعد التعديل فهو لا يعدو أن يكون تعهد وزارة النقل والمواصلات والنقل البحري بدراسة إدارة وعمليات موانئ البحر الأحمر بحيث تشمل تدفق عمليات الإدارة والعمليات بها وهو بذلك لا يعنى أن امتناع الإدارة عن إصدار القرار الذي يسمح للطاعنين بممارسة أعمال الوكالة البحرية ومنافسة شركات القطاع العام في هذا المجال يعتبر قرارا سلبيا مخالفا للنص المشار إليه بعد التعديل.
ومن حيث أنه عن الوجه الثالث من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه، وهو أن تعديل الاتفاقية المذكورة بالقرار الجمهوري رقم 33 لسنة 1981 قد تم من جانب واحد لرن الرجوع إلى الجانب الآخر، وأنه يجب لينتج التعديل أثره تبادل الوثائق بشأن هذا التعديل، وليس هناك ما يدل على تبادل الوثائق بشأن هذا التعديل فإن القرار الجمهوري المذكور صدر في 10/1/1981 بمادة وحيدة هي الموافقة على التعديل الأول لاتفاقية القرض بين جمهورية مصر العربية والولايات المتحدة الأمريكية لمشروع ميناء السويس الموقع في القاهرة بتاريخ 16/11/1980 وذلك مع التحفظ بشرط التصديق وقد نشر في الجريدة الرسمية التي نشر بها هذا القرار نص التعديل الذي تم بين طوفي المعاهدة بتاريخ 16 نوفمبر سنة 1980 وكان يمثل جمهورية مصر العربية نائب رئيس الوزراء للشئون الاقتصادية والمالية ووزير التخطيط والمالية والاقتصاد، ويمثل الولايات المتحدة الأمريكية مدير وحدة المعونة الأمريكية كما نشر أنه تم تصديق رئيس الجمهورية بتاريخ 17/2/1981. فتعديل الاتفاقية لم يتم من جانب واحد كما جاء بالطعن، وإنما تم باتفاق الطرفين وتوقيعهما عليه، كما تصدق عليه من رئيس الجمهورية وأصدر وزير الدولة للشئون الخارجية قرارا بنشره، ومن ثم يكون قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية القانونية.
ومن حيث أنه عن الوجه الرابع والأخير من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه وهو التفات الحكم عن دفع الطاعنين بعدم دستورية القانونين رقمي 129 لسنة 1962 و 12 لسنة 1964 فإن المادة 29 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادرة بالقانون رقم 48 لسنة 1979 تنص على أن تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالي: (أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة للفصل في المسألة الدستورية. (ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر الدعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاد على إلا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن ولما كانت مهمة السلطة القضائية هي تطبيق القوانين واللوائح المعمول بها فيما يعرض عليها من أنزعة فإنه لا يجوز للمحاكم. أن تمتنع عن تطبيق هذه القوانين واللوائح إلا إذا تراءى لها أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص في قانون أو لائحة لازم للفصل في النزاع أو إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائي بعدم دستورية نص في قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدي، وفى هذه الحالة تحدد لمن أثار الدفع ميعاد إلا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى في الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن. فبمجرد إبداء الدفع بعدم دستورية قانون أو لائحة لا يلزم المحكمة بأن تحدد لمن أثاره ميعادا لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، دائما يتم ذلك إذا رأت أن الدفع جدي. أما إذا رأت أنه غير جدي فيمكنها أن تطبق القانون أو اللائحة رغم الدفع المبدي أمامها، وقد رأت المحكمة في الحكم المطعون فيه أن دفع الطاعنين غير جدي.
ومن وحيث أنه عن الدفع بعدم دستورية نص المادة الثانية من القانون رقم 119 لسنة 1962 بشأن مساهمة المؤسسة العامة للنقل البحري في بعض الشركات والمنشآت وتنظيم الأعمال المرتبطة بالنقل البحري. ونص المادة السابعة من القانون رقم 12 لسنة 1964 بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري المشار إليهما سابقا، والنصان المذكوران يكادان يتطابقان. وعن دستورية هذين النصين فقد سبق أن دفع بعدم دستورية المادة السابعة من القانون رقم 12 لسنة 1964 بالدعوى رقم 7 لسنة 4 قضائية عليا (دستورية) ورأت المحكمة دستورية المادة المذكورة وحكمت بجلسة 1/3/1975 برفض الدعوى لأنها لا تقوم على أساس سليم من القانون ومن ثم يكون هذا الوجه من أوجه الطعن على الحكم المطعون فيه على غير أساس سليم من القانون شأنه شأن باقي أوجه الطعن- وبالتالي يتعين الحكم برفضها.
ومن حيث أنه تنفيذا لنص المادة 2 من القانون رقم 129 لسنة 1962 والمادة من القانون رقم 12 لسنة 1964 سالفي الذكر صدر القراران الوزاريان رقم 138 لسنة 1964 ورقم 18 لسنة 1978 اللذان أجازا لشركات القطاع الخاص والأفراد مزاولة الوكالة البحرية عن السفن التي لا تزيد أقصى حمولة لها على 400 طن. ومفاد ما تقدم من نصوص وأحكام أن أعمال الوكالة البحرية قد انيطت بالقطاع العام وخول وزير النقل البحري سلطة إصدار القرارات المنظمة والمنفذ- لأحكام المادتين المشار إليهما، والاستثناء في حدود معينة من تطبيق أحكامها وهو الأمر الثابت والمستقر في مجال العمل بالنقل البحري منذ صدور القانونين المذكورين، فإذا ما طلب الطاعنون التصريح لهم بممارسة أعمال الوكالة البحرية وخدمات السفن أيا كانت حمولتها ومنافسة شركات القطاع العام، وامتناع الوزير عن إصدار قرار بذلك فإن امتناعه لا ينطوي على مخالفة لأحكام القانون، ويكون الطعن في هذا الامتناع باعتباره قرارا سلبيا على غير سند من القانون فإذا ما صدر الحكم المطعون فيه برفض طلب وقف تنفيذ القرار المذكور فإنه يكون متفقا وحكم القانون، ويكون الطعن فيه على غير سند من القانون ومن ثم يتعين الحكم برفضه مع إلزام الطاعنين بالمصروفات ويدخل فيها مقابل أتعاب المحاماة عملا بحكم المادة 184 من قانون المرافعات.
* فلهـذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا، وبرفضه موضوعا وألزمت الطاعنين بالمصروفات.