طعن رقم 949 لسنة 35 بتاريخ 18/12/1994 الدائرة الأولي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ على فؤاد الخادم رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد معروف محمد وعادل محمود فرغلى وإداورد غالب سيفين وأحمد عبدالعزيز أبو العزم نوائب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
في يوم الإثنين الموافق 27/2/1989 أودع الأستاذ/.
………… النائب بهيئة قضايا الدولة نيابة عن الطاعنين قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بسجلاتها تحت رقم 949 لسنة 35 قضائية وذلك في الحكم الصادر بجلسة 29/12/1988 والقاضى بثبوت الجنسية المصرية للمدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وطلب الطاعنان – للأسباب المبينة بتقرير الطعن – الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وإلزام المدعى المصروفات.
وقد أودعت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، وبرفض الدعوى مع إلزام المدعى المصروفات.
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بالمحكمة جلسة 8/3/1994 حيث نظر الطعن بالجلسة المذكورة والجلسات التالية حتى قررت الدائرة بجلسة 4/7/1994 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا “الدائرة الأولى” لنظره بجلسة 2/10/1994 وقد تم تداول الطعن ومناقشة أدلته التفصيلية على النحو المبين بمحاضر الجلسات حتى قررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل – حسبما يتضح من الأوراق – في أنه بتاريخ 17/10/1984 أودع المطعون ضده عريضة دعواه رقم 46 لسنة 39 ق قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية طالباً في ختامها الحكم بأحقيته في إثبات جنسيته المصرية له مع ما يترتب على ذلك من آثار، وذلك تأسيساً على أنه ولد في مصر بتاريخ 30/12/1922 من أب مجهول الجنسية مولود بالإسكندرية في 26/6/1892 وأنه ظل يقيم بالإسكندرية هو ووالده حتى توفى والده في 25/7/1945 واستمر المدعى في دراسته وعمله حتى أحيل إلى المعاش في 30/12/1982 فضلاً عن أن عائلته جميعها ولدت في مصر ولم تغادر البلاد حتى توفوا بها وبالتالى يحق له التمتع بالجنسية المصرية.
وبجلسة 29/12/1988 أصدرت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية حكمها الطعين القاضى بثبوت الجنسية المصرية للمدعى مع ما يترتب على ذلك من آثار وأقامت قضاءها على أن والد المدعى/.
………………. وهو من رعايا الدولة العثمانية وفقاً لما ورد بشهادة الميلاد ولد بالأسكندرية في 26/6/1892 وعمد في بطريركية الروم الكاثوليك للأسكندرية في 5/10/1892 وتوفى بالأسكندرية بتاريخ 25/7/1945 وأن والد المدعى عاش مع والدته حتى تاريخ وفاته، وأن المدعى ولد بالأسكندرية في 30/12/1922 وحافظ على إقامته بالأسكندرية حيث التحق بمدارسها وعمل في محلاتها بصفة مستمرة حتى تاريخ إحالته إلى المعاش في سن الستين من شركة الأسكندرية للحلويات والشيكولاته، ولما كانت إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع فإن المدعى يفيد من إقامة والده التى استقرت له منذ مولده في 26/6/1892 أى قبل التاريخ الذى حدده المشرع لبداية الإمتداد بالتوطن واستمرت الإقامة حتى تاريخ العمل بالقانون رقم 26 لسنة 1975 ومن ثم فإن المدعى يكون من المصريين قانوناً الذين تثبت لهم الجنسية بالتوطن وفقاً لحكم المادة الأولى من القانون المشار إليه.
ومن حيث إن مبنى الطعن الماثل أن الحكم الطعين قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله حيث استند في إثبات محافظة والد المطعون ضده على الإقامة المستمرة في مصر إلى شهادة من بطريركية الروم الكاثوليك بتاريخ 27/2/1984 تضمنت أن والد المطعون ضده عاش بالأسكندرية مع والده ولم يغادرها حتى وفاته وهى شهادة صادرة من جهة غير مختصة فضلاً عن أنها ليست معدة أصلاً لإثبات المحافظة على الإقامة ومن ثم يكون الاستناد إليها مخالفاً لصحيح حكم القانون.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الجنسية بحسبانها رابطة سياسية وقانونية بين المواطن والدولة – قد نظم المشرع أحكامها على أسس منضبطة – يجعل من انتساب المواطن لوطنه مركزاً تنظيمياً يكتسبه المصرى من أحكام القانون مباشرة إذا ما توافرت في حقه الإشتراطات التى أوجبها القانون دون أن يكون للمواطن أو السلطة القائمة على إثبات الجنسية دخل في اكتسابها أو ثبوتها في حقه، فتلتزم السلطة المختصة بالاعتراف بحقه في التمتع بالجنسية المصرية متى تحققت من قيام حالة من الحالات الواردة في القانون بالمواطن، يسوغ تمتع من قامت به بالجنسية المصرية ويقع عبء الجنسية المصرية على من يتمسك بها أو يدفع بعدم دخوله فيها، ولا يكفى في إثباتها أو التنصل منها ظهور الشخص في المجتمع المصرى بمظهر المتمتع بجنسيتها، ولو تأكد ذلك، بأوراق رسمية صدرت من جهات إدارية، مادات هذه الأوراق لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية، كما لا يسوغ أصلاً من ناحية حرمان المواطن من حقه في التمتع بالجنسية المصرية، إظهاره لدى بعض الجهات بمظهر الأجنبى غير المتمتع بجنسيتها بسبب رفض الجهات المختصة اعتباره كذلك، فمرد ذلك كله إلى قوانين الجنسية المصرية التى حددت الإشتراطات الواجب توافرها فيمن يعتبر مصرياً طبقاً لأحكامها دون أن يكون للمواطن أو الجهة الإدارية سلطة تقديرية في تحديد استحقاق طالب الجنسية لها من عدمه.
ومن حيث إن المستفاد من نصوص قوانين الجنسية المصرية المتعاقبة أن الشارع المصرى قد حدد طوائف المصريين الأصلاء والإشتراطات الواجب توافرها في كل طائفة من الطوائف واعتبر رعايا الدولة العثمانية من المصريين إذا توافر في حقهم شرط الإقامة المعتادة خلال الفترة من 5 نوفمبر سنة 1914 حتى 10 مارس سنة 1929 تاريخ نشر القانون رقم 19 لسنة 1929 وقد أكدت جميع القوانين الصادرة في هذا الشأن حق هذه الطائفة في التمتع بجنسية جمهورية مصر العربية متى توافرت في حقهم الشريطة المشار إليها بأن كانوا مقيمين في الأراضى المصرية في 5 نوفمبر 1914 وحافظوا على تلك الإقامة حتى تاريخ صدور القانون فنصت المادة الأولى من القانون رقم 26 لسنة 1975 على أن المصريين هو أولاً: المتوطنون في مصر قبل 5 نوفمبر سنة 1914 من رعايا الدول الأجنبية المحافظون على إقامتهم فيها حتى تاريخ العمل بذلك القانون، وتعتبر إقامة الأصول مكملة لإقامة الفروع وإقامة الزوج مكملة لإقامة الزوجة ومقتضى ذلك أن ثبوت الجنسية المصرية يستلزم أن يكون الشخص متوطناً في مصر في تاريخ سابق على 5 نوفمبر سنة 1914 سواء بنفسه أو بأصله الذى انحدر منه وظل محافظاً على هذه الإقامة حتى 21 مايو سنة 1975، فإذا كان الثابت أن والد المدعى المطعون ضده/.
……………. وهو من رعايا الدولة العثمانية قد ولد بمدينة الأسكندرية في 26 يونيو سنة 1892 على ما يبين من الشهادة الصادرة من مكتب صحة المنشية بالأسكندريةم وعمد في بطريركية الروم الكاثوليك بالأسكندرية في 5/11/1892 وتزوج في 24/11/1918 بالأسكندرية، وتوفى فيها في 25/7/1945 كما أن المدعى ولد بالأسكندرية في 30/12/1922 وحافظ على إقامته بالأسكندرية حيث التحق بمدرسة الفرير سانت فاميل حتى عام 1939 ثم التحق بالعمل بالعديد من المحلات التجارية بالأسكندرية بصفة مستمرة ومتصلة – على ما يبين من الشهادات الصادرة من المحلات المشار إليها – حتى أحيل إلى المعاش في 30/12/1982 بمعرفة شركة الأسكندرية للحلويات والشيكولاتة، الأمر الذى يؤكد أن ميلاد المطعون ضده وإقامته بجمهورية مصر العربية كانت امتداداً طبيعياً لإقامة والده الذى ولد وأقام وتزوج فيها في تاريخ سابق على 5 نوفمبر سنة 1914 وظلت هذه الإقامة مستمرة ومتصلة بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 26 لسنة 1975، الأمر الذى يؤكد ثبوت الجنسية المصرية في حق المطعون ضده، وإذا انتهجت المحكمة في حكمها الطعين هذا النهج الصحيح في استجلاء حقيقة علاقة المدعى وانتمائه للجنسية المصرية من واقع شهادات الميالد والوفيات والزواج إلى ثبوت الجنسية المصرية في حق المدعى “المطعون ضده فإنها تكون قد أصابت الحق فيما انتهت إليه.
ومن حيث إنه لا وجه لما تدعيه الجهة الطاعنة من أن الشهادة الصادرة من بطريركية الروم الكاثوليك بالأسكندرية التى اعتمد عليها الحكم الطعين فى حكمة لا تعد ورقة رسمية ولا عرفية صادرة من جهة معترف بها لصدورها فى عام 1984 من جهة غير مختصة ذلك أن البطريركية المشار إليها شخص من أشخاص القانون العام المعترف به رسمياً وأن ما تصدره من شهادات رسمية تعتمد عليه المحاكم فى كثير من الأمور المتعلقة بالأحوال الشخصية، وإذا كان صحيحاً أن شهادات التعميد لم تعد أصلاً لإثبات الجنسية، إلا أنها تنهض مع غيرها من الأسانيد دليلاً على استمرار إقامة المدعى بالبلاد إذا ما تأكدت واقعة الميلاد بها بمقتضى سند رسمى صادر من مكتب قسم الرمل بالأسكندرية، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هى وضعت فى الاعتبار الشهادات الصادرة من البطريركية المشار إليها فى إثبات زواج والد المطعون ضده أو فى إثبات إقامة كل من المطعون ضده ووالده بتعميد كل منهما بها كتكوين عقيدتهما فيما انتهت إليه من نتيجة أو ما تعزز ذلك بما زخرت به مرفقات الدعوى من أدلة وبيانات وقرائن أحوال تتظاهر جميعها على أن المدعى ووالده قد ولدا بمصر وأقاما بها إقامة مستمرة ومتصلة اعتباراً من 5 نوفمبر سنة 1914 إلى ما بعد 21 يونية سنة 1975 الأمر الذى يوفر فى حق المطعون ضده الشروط التى أوجبها القانون للاعتراف بالجنسية المصرية، لا سيما وأن العبرة ليست بتاريخ صدور الشهادة الرسمية وإنما بما تتضمنه من بيانات تنهض فى ضمير المحكمة دليلاً على أن المدعى ووالده قد اتخذا من مصر موطناً يعيشون فيه وينتمون إليه على النحو الذى يحقق الأهداف التى تغياها الشارع فى – إصدار قوانين الجنسية المتعاقبة فى مصر ومن ثم فلا وجه للنعى على الحكم الطعين بمخالفته للقانون تطبيقاً، أو تأويلاً، ويكون الطعن قد قام على غير أساس سليم من القانون خليقاً بالرفض.
ومن حيث إن الجهة الطاعنة وقد أصابها الخسر فى طعنها فتلزم بمصروفاته عملاً بنص المادة 184 مرافعات.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً وألزمت الجهة الطاعنة المصروفات.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع الحكم الصادر بجلسة 5/2/1995 في الطعن رقم 2862 لسنة 33ق.