طعن رقم 952 لسنة 27 بتاريخ 10/02/1991 الدائرة الثانية
__________________________________________
برئاسة السيد الأستاذ المستشار / فؤاد عبد العزيز عبد الله رجب نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة / محمد يسرى زين العابدين ومحمود عادل محجوب الشربينى والطنطاوى محمد الطنطاوى وفريد نزيه حكيم تناغو.
المستشارين
* إجراءات الطعن
في يوم الخميس الموافق 14/5/1981 أودعت إدارة قضايا الحكومة نائبة عن السيدين وزير الدفاع ومدير الكلية الحربية بقلم كتاب المحكمة العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري بجلسة 16/3/1981 في الدعوى رقم 757 لسنة 29 قضائية المقامة من السيد/ ………. والقاضي برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا بنظر الدعوى ، وباختصاصها ، وبقبولها شكلا وفي الموضوع بإلزام المدعى عليه الأول بصفته بأن يؤدي إلى المدعي تعويضا مقداره 2000 جنيه الفا جنيه وألزمته المصروفات.
وطلبت إدارة قضايا الحكومة في ختام تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلا وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم والقضاء أصليا بعدم اختصاص القضاء الإداري بنظر الدعوى واحتياطيا برفضها مع إلتزام المطعون ضده بالمصروفات.
وفي يوم السبت الموافق 22/8/1981 أودع الأستاذ/ محمد كامل الموجي المحامي بصفته وكيلا عن السيد/…. بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريرا بالطعن في الحكم الصادر بمحكمة القضاء الإداري سالف الذكر ، وطلب ختام تقرير الطعن الحكم بقبول طعنه شكلا وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بإلزام المدعى عليهما بأن يؤديا للطاعن مبلغ عشرة آلاف جنيه تعويضا له عن الأضرار التي لحقته من جزاء خطأ المطعون ضده الثاني مع إلزامهما بالمصروفات وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقرير مسببا بالرأي القانوني في الطعن الأول انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكلا ، وبرفضه موضوعا – كما قدمت تقريرا مسببا بالرأي القانوني في الطعن الثاني انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبوله شكليا وبرفضه موضوعا.
وعينا للنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعن بالحكومة الإدارية العليا جلسة 23/6/1986 والجلسات التالية وحضر محامي الحكومة والمدعى وقررت الدائرة ضم الطعنين معا ليصدر فيهما حكم واحد وإحالتهما إلى الثانية بالمحكمة الإدارية العليا التي نظرتهما بجلسة 28/10/1990 وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة على منطوقه وأسبابه لدى النطق به.
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة قانونا.
ومن حيث أن الطعن الأول مقام في الميعاد القانوني المقرر واستوفى أوضاعه الشكلية فهو مقبول شكليا.
ومن حيث أن الطعن الثاني استوفى أوضاعه الشكلية وأقيم في الميعاد المقرر بمراعاة أن الطاعن تقدم بطلب لإعفاءه من الرسوم القضائية في 9/5/1981 وتم إيداع عريضة الطعن خلال ستين يوما من تاريخ صدور القرار في هذا الطلب. ومن ثم فهو مقبول شكلا.
ومن حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص في أنه بتاريخ 23/2/1975 أقامالمدعى السيد/………..الدعوى رقم 757 لسنة 29 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري مختصما السيدين وزير الدفاع والإنتاج الحربي ومدير الكلية الحربية بصفتها طالبا الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض استنادا الى أنه أستدعي كضابط احتياط عام 1950 وكان يعمل مدرسا للغة الإنجليزية بوزارة التربية والتعليم إلى الكلية الحربية عام 1959 لتدريس هذه المادة لطلبتها ، وفي 29/1/1972 أصيب بجلطة في الشريان التاجي إلا أنه حرم من الاجازات التي كان يتعين منحها له بالكلية الحربية ، وتعد الحكومة ملزمة بتعويض عما أصيب به نتيجة العمل المرهق الذي كان يعمله سواء كان في الميدانين المدني والعسكري قرابة ستة عشر عاما ، ونتيجة مخالفتها للقوانين المقررة لحقوقه واساءة استعمالها السلطة.
وبجلسة 16/3/1981 قضت محكمة القضاء الإداري برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة ولائيا ينظر الدعوى ، وباختصاصها ، وبقبولها شكلا وفي الموضوع بإلزام وزير الدفاع بصفته بأن يؤدي للمدعى تعويضا قدره 2000 جنيه( ألفا جنيها ) وألزمته المصروفات. وأسست المحكمة حكمها على أن الثابت بالأوراق أن المدعي عين بوزارة التربية والتعليم 1950 ثم انتدب للتدريس بكلية الحربية عام 1956 الى أن نقل إليها عام 1959 ثم جند كضابط احتياط وظل مستدعى بهذه الصفة إلى أن انتهى استدعائه بتاريخ 4/8/1967 وشطب من الضباط الاحتياط في 19/3/1973 ثم عاد بعد الانتهاء الاستدعاء الى مركزه القانوني السابق بصفته موظفا مدنيا بالكلية الحربية ينحسر عنه اختصاص لجان الضباط من هذا التاريخ. وقد أقام المدعى دعوى في 23/2/1975 وهو مدرس للغة الإنجليزية بالكلية الحربية فينعقد الاختصاص بنظر دعواه بحسبانها منازعة إدارية لمجلس الدولة طبقا للمادة العاشرة من القانون رقم 47 لسنة 1972 مما يتعين معه رفض الدفع بعد الاختصاص الذي ابدته الجهة الإدارية.
وأضافت المحكمة أن المدعى عدل عن اعتبار إصابته إصابة عمل إلى طلب التعويض عن الأضرار التي لحقته من جراء اهدار الإدارة لحقوقه في الاجازات حتى نجم عن ذلك إجهاده وزيادة مرضه ، ولم تقدم الإدارة أي بيان في الدعوى أو ملف خدمة المدعي أو بيان أجازته الأمر الذي تعول معه المحكمة على مستندات المدعي طالما لم تقدم الإدارة ما ينقضها ، ويبين من مراجعة هذه المستندات أن الإدارة رغم سابق علمها بمرض المدعي بأحد الأمراض المزمنة التي تستوجب تطبيق القانون رقم 112 لسنة 1963 وقرار وزير الصحة رقم 726 لسنة 1963 باعتباره في أجازة مرضية استثنائية حقه ورغم صدور التعليمات بتسوية أجازاته المرضية عن الفترات التي ينطبق عليها القرار رقم 726 لسنة 1963 وصرف مرتبه بالكامل واعتبارا من شهر يونيو 1976 ورد قيمة ما خصم من راتبه بما يعادل 25% عن الشهور السابقة لم ينفذ ذلك ورغم إخطارها بأن له رصيد اجازات يسمح باجازة سنوية في حدود لا تتجاوز ثلاثة اشهر انكرت حقه في هذا الرصيد واصدرت قارها رقم 36 لسنة1976 بخصم الاجازات السنوية واجازات بحر الدورة التي منحت لطلبة الكلية الحربية وتوقفت فيها الدراسة اعتبارا من 1/1/1957 حتى 31/12/1973 من رصيد الاجازات الاعتيادية للمدرسين المدنيين الذين كانوا يعملون بالكلية خلال هذه المدة مع تنفيذ الامر الإداري رقم 29 /1974 باعتبار اجازات بحر الدورة الذي منحت للطلبة وتوقفت فيها الدراسة بالكلية خلال عام 1974 اجازة سنوية للمدرسين تخصم من رصيد اجازاتهم الاعتيادية.
ومستندات المدعي تحوي العديد من الطلبات المقدمة منه لمنحة إجازات أو تسوية إجازاته المرضية خصما من إجازاته الاعتيادية وقد رفضتها الجهة الإدارية بغير سند من القانون ويتسم هذا المسلك بعدم المشروعية مما يشكل ركن الخطأ في جانب الإدارة ، ولا شك أن معاناة المدعي في سبيل الوصول ألي الحق المقرر له قانونا مما أدى ألي إلحاق الضرر صحيا وماليا ونفسيا فتفاقمت حالته المرضية نتيجة لمسلك الإدارة ، وأضافت محكمة القضاء الإداري بأنه لا سبيل أمام المحكمة ألي التعرف علي ما إذا كانت إصابة المدعي بالمرض مرجعها الإجهاد والجهد الذي بذله خلال عمله بتلك الجهة لانه لم يصدر قرار من سلطة طبية مختصة تقرر ذلك ، ومن ثم تقف المحكمة عند حد تقدير تعويض جزافي للمدعي قدرة 2000 جنيه وانتهت المحكمة ألي اصدار حكمها المتقدم.
ومن حيث أن مبني الطعن المقام من وزارة الدفاع أن الحكم المطعون فيه معيب بعيب مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه أولاً:- لأن الدعوى الماثلة هي دعوى تعويض عن ضرر أصابه المدعي بسبب خطأ يري المدعي وقوعه من جانب الإدارة يتمثل حسبما ذهب الحكم المطعون فيه في عدم منحه إجازاته المستحقة له وعلي ذلك فإن دعوى المسئولية تقوم علي عمل مادي وتخرج عن نطاق القرارات الإدارية التي يختص القضاء الإداري بنظرها ، كما تخرج عن نطاق المنازعات الخاصة بالمرتبات والمعاشات المستحقة للموظفين العموميين ، ومن ثم فإنها تدخل في اختصاص القضاء العادي دون القضاء الإداري.
ثانيا:- استند الحكم المطعون فيه علي المستندات المقدمة من المدعى للتقرير بعدم منح المدعى اجازته المقررة ، فجاء الادعاء بوقوع هذا الخطأ من الجهة الإدارية علي خلاف الواقع ذلك أن المدعي يعمل بمعهد عسكري يتم الحصول علي تحديد إجازات أعضاء هيئة التدريس فيه طبقا لمقتضيات العمل وظروفه حيث يتم الحصول علي الاجازات الاعتيادية لهيئة التدريس أثناء توقف الدراسة للطلبة ولم تقم الإدارة بحرمان المدعي من اجازته المرضية او الاعتيادية ومن ثم فلا تسأل الإدارة عن أي تعويض في هذا الشأن.
هذا فضلا عن أن الحكم المطعون في عجز عن اثبات علاقة السببية بين المرض الذي اصاب المدعي وبين مسلك الإدارة ومن ثم كان يتعين رفض دعوي التعويض.
ومن ثم انتهت الجهة الإدارية ألي طلب الحكم بطلباتها السالفة.
ومن حيث أن مبني الطعن المقام من المدعي أن الحكم المطعون في جانبه الصواب وخالف القانون ذلك انه وقد ثبت للمحكمة خطأ الجهة الإدارية في مسلكها حيال للمدعي فقد كان من الواجب عليها أن تقضي له بالتعويض الكامل عن الضرر الذي لحقة من جراء الامراض التي اصابته نتيجة الإدارة الا أنها اقتصرت علي القضاء بتعويض جزافي ، فجاء هذا الحكم خاطئا من ناحيتين الاولي أن الطاعن لم يقل في اى مرحلة من مراحل الدعوة أن اصابته بالمرض مرجعها الإجهاد والجهد الذي بذله خلال العمل بتلك الجهة او غيرها وانما ظل يردد بان مرضه الذي اصيب به مرجعه ألي الخطأ الذي ارتكبته جهة الإدارة في حقة بامتناعها عن الاجازات المقررة له قانونا واذ اقرت المحكمة له بذلك فكان من المتعين منحة التعويض الكامل ، ومن ناحية اخرى فليس من المقبول أن تقرر المحكمة انها عاجزة عن التعرف علي عنصر من عناصر الدعوة بحجة أنه لم يصدر قرار من السلطة الطبية المختصة وانما كان لها من السلطة التي منحها اياها القانون ما تستطيع بمقتضاه ، أن تحقق عناصر الدعوة كتعيين خبير.
وفضلا عن ذلك فإن الامراض التي اصابت الطاعن في بدنه ونفسه ثابتة من الكشوف الطبية التي وقعت عليه بمعرفة القومسيون الطبي العام وتفاقمت حالته في بحر السنوات من عام 1972 ألي 1977 وكان ذلك كما ذهب الحكم نتيجة خطا الإدارة وكان ذلك كافيا لتتعرف المحكمة علي سبب الامراض التي اصابته وبالتالي كافيا للقضاء له بالتعويض الكامل ، هذا والمبلغ المحكوم به لا يصلح باي المعايير لجبر هذه الاضرار او جزء منها. ومن ثم انتهي المدعي في تقرير طعنه ألي طلب الحكم بطلباته السالفة الذكر.
ومن حيث انه بادئ ذي بدأ فإنه يتعين تحديد اطار المنازعة الماثلة والتي تري المحكمة انها تتعلق بطلب المدعي بالزام وزارة الدفاع بان تدفع له المبلغ المطالب به علي سبيل التعويض عما لحقة من اضرار نتيجة الاخطاء التي يذكر المدعي أن الإدارة ارتكبتها حياله ابان فترة عملة كمدرس مني بالكلية الحربية والتي استمرت مدة ستة عشر عاما تقريبا ، فيخرج عن اطار هذه المنازعة التعويض المحدد حصرا طبقا لقوانين التامينات الاجتماعية عن اصابات العمل والتعويض عن خدمة المدعي العسكرية كضابط احتياطي بالقوات المسلحة اثناء خدمته فيها ، والتي يظل لصاحب الشان التداعي بشانة ، خارج اطارهذه المنازعة الماثلة ، أن كان لذلك مقتضي.
ومن حيث انه بخصوص مانعته الجهة الإدارية علي الحكم المطعون فيه لتصديه للفصل في الدعوى رغم انها تخرج عن اختصاص القضاء الإداري وتدخل في اختصاص القضاء العادي ، فإنه مردود علي هذا الوجه من الطعن بان الثابت من الاوراق أن المدعي كان في عداد العاملين المدنيين بوزارة الدفاع وقد صدر قرار وزير الدفاع المؤرخ 14/9/1959 بنقله من وزارة التربية والتعليم ألي وزارة الدفاع للعمل مدرسا بالكلية الحربية وذلك بعد موافقة وزارة التربية والتعليم (ملف خدمة المدعي) وتعلقت المنازعة الماثلة بتعويض المدعي عن الاضرار التي اصابته نتيجة الاجحاف بحقوقة الوظيفية المدعاه اثناء فترة خدمته المدنية بالكلية الحربية ، ومن ثم تعد هذا المنازعة من قبيل المنازعات الإدارية التي تدخل في اختصاص القضاء الإداري طبقا للمادة العاشرة من قانون رقم 47 لسنة 1972 والتي نصب صراحة علي اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في سائر المنازعات الإدارية ، وهو ما نصب عليه ايضا المادة 172 من الدستور التي اناطت بمجلس الدولة الاختصاص بالفصل في المنازعات الإدارية والدعاوى التأديبية.
ومن ثم يتعين رفض ما اثاره الطعن المقام من الجهة الإدارية من عدم اختصاص القضاء الإداري بنظر النزاع الماثل.
ومن حيث انه عن موضوع النزاع فان الثابت من المستندات التي قدمتها الجهة الادرية أمام هذه المحكمة وخلصة ملف التوصيات الطبية الصادرة من الجهات الطبية بشان الاجازات المرضية الخاصة بالمدعي , والبيانات الصادرة من إدارة شئون العاملين المدنيين بوزارة الدفاع , أن الكلية الحربية منحت المدعي كافة الاجازات المرضية التي تمت التوصية بمنحه اياها بمعرفة الجهات الطبية التي عرض عليها , والتي كانت تحدد مقدار الاجازة الطبية التي عرض عليها , والتي كانت تحدد الاجازة الطبية التي يستحقها والتاريخ الذي يتعين فيه انتهاء هذه الاجازة وممارسة العمل , وأية ذلك على سبيل المثال ما قرره القومسيون الطبي بالقاهرة عند توقيع الكشف الطبي على المدعي باحتساب المدة من 2/2/1972 إلى 11/6/1972 اجازة استثنائية للمدعي طبقا للقرار الوزاري رقم 726 لسنة 1963 والمدة من 12/6/1972 حتى 29/6/1972 أيام عمل تحت تصرف القومسيون , وبأن يعود المدعي للعمل اعتبارا من 30/6/1972 والثابت من بيان شئون العاملين منح الاجازة المشار اليها إلى المدعي , وأيضا ما قرره القومسيون الطبي في 10/11/1973 من ان المدعي مصاب بجلطة قديمة بالشريان التاجي ويستمر في عمله مع تكليفه بعمل خفيف لمدة ثلاثة شهور وتحسب المدة من 26/2/1974 إلى 5/3/1974 تحت تصرف القومسيون وهو ما تم احتسابه على هذا النحو , وأيضا ما قرره القومسيون من التوصية بمنح المدعي اجازة مرضية في الفترة من 19/1/74 حتى 18/2/1974 وهو ما تم احتسابه على هذا النحو وفقا لبيانات إدارة شئون العاملين , وأيضا ما قرره القومسيون من التوصية باجازة مرضية للمدعي في الفترة من 18/11/75 حتى 27/11/75 وهو ما تم احتسابه على هذا النحو والاجازة المرضية الممنوحة له في الفترة من 1/4/1975 حتى 14/6/1975 … هذا فضلا عن الاجازات المرضية التي منحت للمدعي من 28/12/1975 حتى 2/2/76 ومن 26/3/1976 وحتى 6/4/1976 ومن 7/4/76 حتى 7/6/1976 وغيرها من الاجازات المرضية التي منحت للمدعي ويحفل بها ملف الاجازات المرضية. وفضلا عن ذلك فإن الثابت من اجازات بحر الدورة التي تتعطل فيها الدراسة في الكلية الحربية تحتسب اجازة اعتيادية لاعضاء هيئة التدريس وفقا لنظام الكلية الحربية في هذا الشان كما انه يبين من بيانات إدارة شئون العاملين بوزارة الدفاع ان المدعي عليه على كافة اجازاته الاعتيادية اثناء خدمته بالكلية الحربية ومن ثم فإن الثابت من المستندات والاوراق ان الجهة الادارية منحت المدعي كافة الاجازات المرضية العادية أو الاستثنائية المستحقة له , وكافة الاجازات الاعتيادية وفقا للنظام الثابت المطبق على الكلية الحربية وبمراعاة ان فترة تعطيل الدراسة فيها تحتسب اجازة اعتيادية لاعضاء هيئة التدريس وكان مسلكها في هذا الشأن مطابقا لاحكام القانون ومبرءا من الخطأ كما خلت الاوراق مما يدل على أي تعسف أو أي اساءة لاستعمال السلطة واقع من الادارة في مواجهة المدعي , وعلى ذلك فإن الحكم المطعون فيه يعد مخالفا للواقع وغير مستند لأساس قانوني صحيح حينما ذهب إلى ان الجهة الادارية اجحفت في حقوق المدعي في الاجازات المرضية والعادية المقررة قانونا له , وأن هذا المسلك الخاطئ للجهة الادارية قد ادى إلى اصابته باضرار صحية ومالية ونفسية يتعين على جبره بالتعويض الجزافي الذي قضى به الحكم المطعون فيه.
ومن حيث ان اساس مسئولية الادارة عن قراراتها الادارية واعمالها المادية وجود خطأ في جانبها وان يحيق بصاحب الشأن ضرر وأن تقوم علاقة السببية بين الخطأ الاداري والضرر , ويتعين توافر هذه الاركان مجتمعه لقيام مسئولية الادارة والتزامها بالتعويض فإذا ما انتفي أي ركن منها فأنه تنتفي بالتبعية مسئولية الادارة عن تعويض صاحب الشأن , ولما كان الثابت في المنازعة الماثلة على النحو السالف بيانه خلو مسلك الادارة أو قراراتها المتخذة بشأن الاجازات المستحقة للمدعي إبان خدمته بالكلية الحربية من أي خطأ فانه لا تنعقد مسئولية الادارة عن الامراض والاضرار التي يشير المدعي اصابته بها من جراء مسلك الجهة حياله. الامر الذي تكون دعواه بمطالبتها بالتعويض في هذا الخصوص فاقدة للأساس القانوني أو الواقعي الصحيح مما يتعين معه رفضها موضوعا ورفض طعنه الماثل موضوعا والذي يستهدف به زيادة مبلغ التعويض المحكوم به. ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا الوجه من النظر فإنه يتعين الحكم بالغائه مع القضاء برفض الدعوى موضوعا والزام المدعي المصروفات.
* فلهذه الاسباب
ولذلك حكمت المحكمة بقبول الطعنين شكلا ، وفي الموضوع بالغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى والزمت المدعي المصروفات عن الدرجتين.