طعن رقم 983 لسنة 35 بتاريخ 17/03/1992 الدائرة الثالثة
برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ محمد محمود الدكرورى نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة/ مصطفى الفاروق محمد الشامى ود/أحمد مدحت حسن على وعويس عبدالوهاب عويس وأحمد أمين حسان محمد نواب رئيس مجلس الدولة
* إجراءات الطعن
بتاريخ 2/3/1989 أودع الأستاذ/ إسماعيل أبوالنجا المحامى بصفته وكيلاً عن رئيس مجلس إدارة شركة الأسكندرية للمجمعات الاستهلاكية قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 983 لسنة 34 ق عليا في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالأسكندرية بجلسة 31/12/1988 في الطعن رقم 133 لسنة 29 ق القاضى ببطلان خصم مبلغ 1398 جنيهاً من أجر السيدين …….. و …….. مع ما يترتب على ذلك من آثار ورد ما سبق خصمه من أجرهما استيفاء لهذا المبلغ.
وطلب الطاعن للأسباب الواردة بتقرير الطعن الحكم بقبوله شكلاً ووقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفى الموضوع بإلغائه، ورفض الدعوى المقامة من المطعون ضدهما مع إلزامها المصروفات.
وتم إعلان تقرير الطعن للمطعون ضدهما.
وأعدت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه للأسباب المبينة به إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 17/10/1990 حيث قررت إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا الدائرة الثالثة لنظره بجلسة 6/2/1991 وقد تدوول نظره أمامها على النحو الوارد بمحاضر الجلسات، وبجلسة 29/10/1991 قررت حجزه للحكم بجلسة 22/12/1991 ثم مد أجل النطق به لجلسة اليوم، وفيها صدر وأودعت مسودته المشتلمة على أسبابه عند النطق به.
* المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الحكم المطعون فيه صدر بتاريخ 31/12/1988 وطعن فيه بتاريخ 2/3/1989، وإذ استوفى الطعن سائر أوضاعه الشكلية، ومن ثم فإنه يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث الموضوع فإن عناصر المنازعة تخلص في أن المطعون ضدهما أقاما في 29/12/1971 الدعوى رقم 1145 لسنة 71 عمال كلى أمام محكمة الأسكندرية الابتدائية طالبين الحكم بعدم أحقية شركة الأسكندرية للمجمعات الاستهلاكية الطاعنة في خصم أجر خمسة أيام من راتب كل منهما وفاء لمبلغ 1398 جنيهاً وإلزامها برد ما تم خصمه منهما مع إلزامها المصاريف.
وشرحاً لدعواهما قال الطاعنان إن الشركة المطعون ضدها أصدرت في 24/4/1971 قراراً بخصم أجر خمسة أيام من راتب كل منهما شهرياً بزعم وجود عجز في عهدتهما قدره 1398 جنيهاً، ولما كان هذا الخصم لا أساس له من الصحة، فقد أقاما دعواهما للحكم لهما بما تقدم، وبجلسة 29/6/1972 قضت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر النزاع وإحالة الدعوى إلى محكمة العمال الجزئية بالأسكندرية التى حكمت بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالأسكندرية التى حكمت بجلسة 31/12/1988 ببطلان ما خصم من الطاعنين تأسيساً على أن أيا منهما لم تكن له السيطرة وحده على عهدة البقالة بالمجمع الذى كانا يعملان به فقد كان ينفرد أحدهما أحياناً دون الآخر باستلام البضاعة والتصرف فيها، وكان يشترك أحياناً في ذلك رئيس المجمع أو كاتبه، ولذلك لا يصدق على أى من الطاعنين أنه صاحب عهدة خلال فترة الجرد المعنية وبالتالى يكون قرار الشركة المطعون ضدها بتحميل الطاعنين بمبلغ 1398 جنيهاً قيمة عجز عهدة البقالة بمجمع رأس التين حيث كانا يعملان خلال فترة ظهور العجز والخصم من راتبهما بواقع أجر خمسة أيام شهرياً استيفاء لهذا المبلغ، قد جاء مفتقداً إلى السند الصحيح من الواقع أو القانون متعيناً الحكم ببطلانه ورد ما سبق خصمه.
وتؤسس الشركة الطاعنة طعنها على هذا الحكم إلى أنه مخالف للقانون مشوب بالخطأ في تفسيره للأسباب التالية:
1- أخطأ الحكم المطعون فيه حين رفض دفع الشركة الطاعنة بعدم قبول دعوى المطعون ضدهما لرفعها بعد الأجل المحدد بقانون العاملين بالقطاع العام وقانون مجلس الدولة ذلك أن قرار الجزاء ضد المطعون ضدهما صدر في 24/4/1971 وأقام المذكوران دعواهما في 29/12/1971 أى بعد فوات المواعيد القانونية وبالتالى كان يتعين الحكم بعدم قبولها، كما أن الحكم المطعون فيه تجاهل أحكام القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل في مواده أرقام 54، 111، 112 إذ أن تحميل المطعون ضدهما مناصفة قيمة العجز تم استناداً إلى المادة 54 من هذا القانون، ولم يطعن المذكور أن على قرار الخصم أمام اللجنة المنصوص عليها بالمادتين 111 و 112 من القانون المشار إليه ولذلك تكون دعواهما قائمة على غير أساس من القانون لرفعها بغير الطريق الذى رسمه القانون.
2- أن الحكم المطعون فيه أخطأ عندما تصدى للفصل في موضوع الدعوى، إذ أن اختصاص المحاكم التأديبية بمجلس الدولة يقتصر بالنسبة للعاملين بالقطاع العام على الفصل في الدعوى التأديبية المبتدأة والطعن في القرارات التأديبية وغيرها من الطلبات المرتبطة، ولما كان طلب بطلان تحميل الطاعنين يرتبط ارتباطاً كلياً بطلب إلغاء قرار مجازاتهما بخصم خمسة أيام وهو ما لم يتم الطعن عليه خلال الميعاد القانونى ومن ثم لا يجوز للمحكمة التصدى لطلب بطلان الخصم خاصة إذا ما وضع في الاعتبار أن ذلك القرار لم يطعن عليه طبقاً للإجراءات القانونية.
3- فساد الاستدلال والقصور في البيان، إذ أن التحقيقات التى أجرتها النيابة أثبتت أن هناك تلاعباً من جانبهما في العهد المسلمة إليهما، ومن ثم تتوافر في حقهما جريمة الاختلاس بمفهومها الإدارى مما يتعين معه مؤاخذاتهما تأديبياً، وبالإضافة إلى ذلك فإن المطعون ضدهما قررا في التحقيقات التى أجرتها النيابة العامة والنيابة الإدارية أن العجز المنسوب إليهما يرجع إلى تلف البضاعة وفوارغ لم تدخل في الحساب، وأنهما يوقعان على محاضر الاستلام الخاصة بمواد البقالة ويشتركان معاً في عملية البيع واستلام البضاعة، ولما كان المطعون ضدهما لم يعترضا على النظام المعمول به، ولم يوجه أحدهما اتهاماً للآخر خلال فترة حدوث العجز موضوع المساءلة ومن ثم تكون جريمة الاختلاس قائمة في حقهما على هذا النحو وقدمت الشركة الطاعنة مذكرة بدفاعها.
ومن حيث إنه بالاطلاع على الأوراق يبين أنه في عام 1965 أبلغت شركة الأسكندرية للمجمعات الاستهلاكية النيابة العامة أنه بجرد عهدة العاملين …….. و …….. من أصناف البقالة عن الفترة من 1/7/1963 إلى 30/12/1964 تبين وجود عجز بها قدره 1345.653 جنيهاً، كما تبين وجود عجز بعهدتهما عن الفترة من 1/7/1965 إلى 29/2/1966 وقدره 212.906 جنيهاً إلا أن النيابة العامة رأت في 13/6/1971 أن الأوراق خالية من دليل يقطع بأن المتهمين قد اختلسا قدر العجز المنسوب إليهما، ولذلك انتهت إلى حفظ الأوراق إدارياً، فتم إبلاغ النيابة الإدارية التى ارتأت حفظ الموضوع لعدم ثبوت المخالفة المنسوبة للمذكورين في حقهما بحكم أنهما خلال الفترة المحددة للعجز ثبت غيابهما في أجازات لفترات طويلة كل على حدة، وأن أحدهما كان ينفرد أحياناً بالعمل دون الآخر، وبالتالى لا يمكن القطع بمن هو المسئول عن العجز فالمخالفة شائعة بينهما على وجه يصعب معه تحديد من منهما هو الذى ارتكب المخالفة فأصدرت الشركة الطاعنة قراراً في 24/4/1971 بخصم خمسة أيام من أجر كل من المطعون ضدهما شهرياً لحين سداد قيمة العجز المنسوب إليهما فأقام المطعون ضدهما الدعوى رقم 1145 لسنة 71 أمام محكمة العمال الكلية بالأسكندرية طالبين الحكم بعدم أحقية الشركة الطاعنة في إصدار قرار الخصم المشار إليه، فحكمت المحكمة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر هذه الدعوى وإحالتها إلى محكمة العمال الجزئية التى حكمت بدورها بعدم اختصاصها ولائياً بنظرها وإحالتها إلى المحكمة التأديبية بمجلس الدولة التى قضت بجلسة 31/12/1988 ببطلان خصم مبلغ 1398 جنيهاً من أجر المطعون ضدهما مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن المادة العاشرة من قانون مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 تنص على أن “تختص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالفصل في المسائل الآتية:
….. (13) الطعون في الجزاءات الموقعة على العاملين بالقطاع العام في الحدود المقررة قانوناً.
وتنص المادة 15 على أن تختص المحاكم التأديبية بنظر الدعاوى التأديبية عن المخالفات المالية والإدارية التى تقع من:
أولاً: العاملين المدنيين ……… بالمؤسسات العامة وما يتبعها من وحدات…..
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المحاكم التأديبية هى صاحبة الولاية العامة في شئون التأديب وأن اختصاصها يشمل كل ما يتصل بالتأديب أو يتفرع عنه.
كما جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن المنازعة في الخصم من المرتب والحرمان منه لا تتقيد بالميعاد الذى نص عليه القانون لإلغاء قرارات الجزاءات التأديبية حتى ولو كانا مرتبطين بقرار جزاء ومتفرعين منه، إذ أن الخصم أو الحرمان ليسا من قرارات الجزاءات التى يخضع الطعن عليها لميعاد حدده القانون.
ومن حيث إن التكييف القانونى السليم للدعوى التى أقامها المطعون ضدهما أمام المحكمة العمالية وأحيلت إلى المحكمة التأديبية للاختصاص هى أنها رغم أن ظاهرها طعن على قرار جزاء بالخصم من المرتب إلا أن هذا الخصم شهرى إلى أن يتم سداد العجز في العهدة المنسوب إليهما، وبالتالى لا يعد جزاء تأديبياً مباشراً بالمعنى الصحيح بحسبان أنه لم يرد في القانون جزاء بخصم شهرى من المرتب لحين سداد قيمة المخالفة وإنما جاء خصم من المرتب مرة واحدة عن المخالفة.
والتكييف السليم لدعوى المطعون ضدهما هى أنها دعوى بطلان ما تقرر بالنسبة لهما من خصم شهرى من مرتبهما بما يعادل أجر خمسة أيام استيفاء لعجز، وهذه المنازعة لا تخضع للمواعيد القانونية لرفع دعوى الإلغاء.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أن دعوى المطعون ضدهما لا تتقيد بالمواعيد والإجراءات المقررة قانوناً، فإنه يكون قد أصاب الحقيقة ويكون ما تذهب إليه الشركة الطاعنة في هذا الصدد لا سند له من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث إن قضاء المحكمة الإدارية العليا قد جرى على أن المشرع قد خلع على المحاكم التأديبية الولاية العامة للفصل في مسائل تأديب العاملين وأن ولايتها هذه لا تقتصر على الطعون المباشرة في قرارات الجزاءات وإنما تمتد إلى الطلبات الأخرى المرتبطة وأنه يكفى لانعقاد الاختصاص للمحكمة التأديبية بنظر الدعوى بطلب الحكم ببطلان الخصم من مرتب العامل أن يكون هذا الخصم مستنداً إلى المخالفة التى ارتكبها ولو لم يصدر ضد العامل قرار بمجازاته عنها، إذ يعتبر الخصم في هذه الحالة جزاءً تأديبياً غير مباشر طالما أنه يستند إلى المخالفة المنسوبة إلى العامل، وليس إلى قاعدة من القواعد المنظمة العامة المحددة لمستحقاته الوظيفية، وتبعاً لذلك فإن إلزام العامل بقيمة ما تحملته جهة الإدارة من أعباء مالية بسبب تقصيره وإن لم يكن في ذاته من الجزاءات التأديبية المقررة قانوناً، إلا أنه يرتبط بها ارتباط الفرع بالأصل لقيامه على أساس المخالفة التأديبية المنسوبة إلى العامل وهو ذات الأساس الذى يقوم عليه قرار الجزاء من هذه المخالفة فيما لو قدرت الجهة الإدارية إعمال سلطتها التأديبية قبل العامل عن المخالفة وبهذه المثابة فإنه باعتبار أن قاضى الأصل هو قاضى الفرع يتعين للمحكمة التأديبية الاختصاص بالفصل في مدى إلزام العامل بما تحملته جهة الإدارة من مبالغ بسبب هذه المخالفة يستوى في ذلك أن يكون طلب العامل قد قدم إلى المحكمة التأديبية مقترناً بطلب إلغاء الجزاء التأديبى أو قدم إليها على استقلال وبغض النظر عما إذا كان التحقيق مع العامل قد انتهى إلى توقيع جزاء تأديبى أو لم ينته إلى ذلك.
وبناء على ما تقدم يكون ما تذهب إليه الشركة الطاعنة من عدم اختصاص المحكمة التأديبية بموضوع الدعوى المقامة من المطعون ضدهما لا سند له من القانون جديراً بالرفض.
ومن حيث الموضوع فإنه بالاطلاع على الأوراق خاصة تحقيقات النيابة التى حفظت التحقيق سواء النيابة العامة أو النيابة الإدارية يبين أن العامل قد جرى بمجمع رأس التين حيث كان يعمل المطعون ضدهما على أن يتولى أحد العاملين المذكورين أعمال استلام البضاعة في حالة غياب الآخر، وفى حالة وجودهما ينفرد أحدهما بتسليم البضاعة المباعة إلى العملاء، وقد قررت النيابة أن الأوراق خالية من دليل يقطع بأن المذكورين قد اختلسا قدر العجز المنسوب إليهما، وأن المسئولية شائعة بينهما، وقد بررا العجز بوجود تلف في البضاعة وفوارغ لم تدخل في الحساب، فضلاً عن أنه ثبت أنه خلال الفترة التى حدث بها العجز المنسوب لهما، فإن كلا منهما قد تغيب عن العمل في أجازات عدة مرات ولفترات طويلة مما يحول دون الجزم بمن فيهما المسئول عن العجز، إذ كان الحاضر منهما ينفرد بالعمل وحده سواء بالاستلام أو بيع البضاعة وتسليمها.
ومن حيث إنه يتعين للمساءلة الإدارية أن يكون قد وقع من العامل تصرف أو فعل ثابت لا وجه للتشكيك فيه، بل بشكل محدد قاطع وإلا افتقدت المسئولية سندها، وهو ما جرى عليه قضاء المحكمة الإدارية العليا حيث قررت في العديد من أحكامها أن مسئولية صاحب العهدة عن العجز فيها، منوطة بأن يكون له السيطرة الكاملة الواقعية والفعلية عليها، وأن ينفرد وحده بهذه السيطرة، فإذا لم تتحقق فلا وجه لمساءلته عن أى عجز من العهدة وتحميله قيمتها.
ومن حيث إنه يتضح مما تقدم أن المطعون ضدهما لم تكن لأى منهما على حدة وبصفة انفرادية السيطرة على مواد البقالة في مجمع رأس التين بالأسكندرية خلال الفترة التى نسب فيها إليهما وجود عجز قدرته الشركة بمبلغ 1398 جنيهاً، ومن ثم فإنه لا وجه لتحميلها قيمة هذا العجز ويكون الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى هذه النتيجة قد قام على سند صحيح من الواقع والقانون، بخلاف الطعن الماثل الذى يكون جديراً بالرفض.
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، ورفضه موضوعاً.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ