طعن رقم 989 لسنة 34 بتاريخ 09/06/1990 الدائرة الرابعة

Facebook
Twitter

طعن رقم 989 لسنة 34 بتاريخ 09/06/1990 الدائرة الرابعة

___________________________________________

* إجراءات الطعن

فى يوم الأحد الموافق 28/2/1988 أودع الأستاذ ………. المحامى بصفته وكيلاً عن السيد ………… بقلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقريراً بالطعن فى الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بطنطا فى الدعوى رقم 1501 لسنة 14 ق بجلسة 27/4/1987 والقاضى بمجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وطلب الطاعن فى ختام تقرير طعنه الحكم بقبول طعنه شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل فيها مجدداً من دائرة أخرى وقدمت هيئة مفوضى الدولة تقريراً بالرأى القانونى انتهت فيه إلى أنها ترى الحكم بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا للحكم فيها مجدداً من هيئة أخرى .
وتحدد لنظر الطعن أمام دائرة الفحص الطعون جلسة 8/2/1989 والجلسات التالية حيث حضر محامى الطاعن ومحامى الحكومة وممثل النيابة الإدارية وقررت الدائرة إحالة إلى الدائرة الرابعة موضوع ونظرت هذه المحكمة الطعن بجلسة 11/11/1989 والجلسات التالية حسبما هو مبين بمحاضر جلساتها حيث حضر محامى الطاعن بعدم قبول الطعن شكلاً لتقديمه بعد المواعيد المقررة قانوناً ، كما قدم ممثل النيابة الإدارية العليا باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من تشكيلها عند نظر الطعون على أحكام المحاكم التأديبية وإثبات حضور ممثلها فى الحكم بعد أسماء أعضاء الدائرة تمثل النيابة الإدارية فى أى جلسة من جلساته لفقدان المحكمة تشكيلها الصحيح لعدم إدراج ممثل النيابة الإدارية ضمن تشكيل المحكمة فى محضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم وفيها صدر هذا الحكم وأودعت مسودته المشتملة منطوقة وأسبابه لدى النطق به .

* المحكمة

بعد الاطلاع على الاوراق وسماع ايضاحات ذوى الشان والمداولة قانون .
من حيث ان عناصر هذه المنازعة تتخلص فى انه بتاريخ 21/5/1986 اقامت النيابة الادارية الدعوى رقم 1501 لسنة 14 ق بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بطنطا والمتضمنة تقريراً باتهام السيد ……… المدرس بمدرسة الشهيد عبد المنعم رياض الإعدادية مركز تلا– بالدرجة الثالثة لأنه خلال المدة من 25/12/1985 حتى 16/4/1986 بدائرة مديرية التربية والتعليم بمحافظة المنوفية انقطع عن العمل بدون أذن وفى غير حدود الإجازات المصرح بها قانوناً وبناء عليه يكون المتهم المذكور قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها فى المادتين 78.62/1 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 لذلك تطلب النيابة الإدارية محاكمة المتهم المذكور بالمادتين السالفتين والمادتين 80 ، 82 من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 المعدل بالقانون 115/ 1983 والمادة 117 لسنة 1958 بشأن تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171/1981 والمادتين 15 أولاً ، 19/1من القانون رقم 47/1972 بشأن مجلس الدولة المعدل بالقانون رقم 136/1984 .
وبجلسة 27/4/1987 قضت المحكمة التأديبية بطنطا بمجازاة …….. بالفصل من الخدمة وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن المادة وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن المادة 62 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47/1978 تنص علي أن لا يجوز العامل أن ينقطع عن عمله إلا لاجازة يستحقها في حدود الاجازات المقررة قانوناً فإذا خالف هذا الحظر وأنقطع عن عمله بدون إذن عن غير اجازة يستحقها فأنه بذلك يكون قد ارتكب مخالفة إدارية تستدعي مجازاته تأديبياً ، وأضافت المحكمة التأديبية بأن من المقرر أنه ما كشفت ظروف أنقطاع العامل المتمرد عن عمله بدون إذن عن عزوف وكراهية للوظيفة فأنه لا يكون من الخير الإبقاء علي مثل هذا العامل ولا مناص من إنهاء خدمته وذلك أكثر جدوى لمصلحة المرفق من الإبقاء عليه مستهتراً بالوظيفة متمرداً عليها ، ولما كانت التهمة المنسوبة إلي المتهم ثابتة في حقه بشهادة ………… موظف شئون العاملين بالمدرسة فإن المحكمة تقضي بفصله من الخدمة ومن ثم انتهت المحكمة إلي اصدار حكمها بمجازاة المتهم بالفصل من الخدمة .
وإذا لم يرتض الطاعن هذا الحكم طعن عليه بالطعن الماثل والذي أسسه علي أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقة نظراً لعدم انعقاد الخصومة القضائية في الدعوي التأديبية المحكوم فيها علي الوجه الصحيح لعدم اعلان الطاعن بها أو بأي من جلساتها علي النحو السليم المعتبر قانوناً ذلك أن اعلانه بقرار الاحالة وبالجلسة المحددة للمحاكمة التأديبية من الاجراءات الجوهرية والضمانات الاساسية لحق الدفاع التي يترتب علي أغفالها بطلان الحكم الصادر في الدعوى وأضاف الطاعن أنه لم يعلن بقرار إحالته إلي المحكمة التأديبية أو بجلساتها علي النحو الصحيح وقد صدر الحكم في غيبته ولم يعلم به إلا في 26/1/1988 ومن ثم فإن طعنه يكون مقاماً في الميعاد القانوني المقرر من تاريخ عمله اليقيني بهذا الحكم كما أن أغفال اعلانه إعلاناً صحيحاً بالدعوى التأديبية إلي بطلان الحكم الصادر فيها مما يتعين معه القضاء بإلغائه واعادة الدعوى مرة أخري إلي المحكمة التأديبية للفصل فيها من دائرة أخري ويحتفظ الطاعن بدفاعه الموضوعي لحين عرض الدعوى التأديبية علي المحكمة التأديبية حتى لا تفوت عليه درجة من درجات التقاضي.
ومن ثم انتهي الطاعن إلي طلب الحكم بقبول طعنه شكلاً وبإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلي المحكمة التأديبية للحكم مجدداً من دائرة أخري .
ومن حيث أنه اثناء نظر الطعن أمام هذه المحكمة قدم ممثل النيابة الإدارية مذكرة طلب فيها الحكم بوجوب تمثيل النيابة الإدارية ضمن تشكيل المحكمة الإدارية العليا واعتبارها جزءا لا يتجزأ من هذا التشكيل وإثبات حضور ممثلها في الحكم بعد أسماء أعضاء هذه المحكمة ، ودفع ببطلان إجراءات نظر الطعن في حالة عدم إدراج ممثل النيابة الإدارية ضمن تشكيل استناداً إلي نص الفقرة الأخيرة من المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 12/1989 وبأعتبار تماثل دور النيابة الإدارية ومركزها القانوني مع النيابة العامة في هذا الشأن عند مثولها أمام محكمة النقض .
ومن حيث أنه يتعين الفصل في هذا الدفع قبل الفصل في موضوع الطعن .
ومن حيث إنه من استعراض النصوص التشريعية المتعلقة بهذا الشأن يبين أن المادة الرابعة من القانون رقم 117 لسنة 1958 المشار إليه بالقانون رقم 12/1989 تنص على أنه تتولى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية ولرئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن في أحام المحاكم التأديبية .
ويباشر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا أحد أعضاء النيابة بدرجة رئيس نيابة على الاقل .
وتنص المادة الثالثة من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47/1972 المعدل بالقانون رقم 136 لسنة 1984 على أنه يؤلف القسم القضائي من :
المحكمة الإدارية العليا .
محكمة القضاء الإداري .
المحاكم الإدارية .
المحاكم التأديبية .
هيئة مفوضي الدولة .
وتنص المادة الرابعة من هذا القانون على أنه يكون مقر المحكمة الإدارية العليا في القاهرة ويرأسها رئيس المجلس وتصدر احكامها من دوائر من خمسة مستشارين ونكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاث مستشارين .
وتنص المادة السابعة من هذا القانون على أن تتكون المحاكم التأديبية من :
1- المحاكم التأديبية للعاملين من مستوى الإدارة العليا ومن يعادلهم.
2- المحاكم التأديبية من المستويات الأول والثاني والثالث ومن يعادلهم .
وتنص المادة التاسعة من هذا القانون على أن يتولى أعضاء النيابة الإدارية الادعاء أمام المحاكم التأديبية .
وتنص المادة 22 من هذا القانون على أن أحكام المحاكم التأديبية نهائية ويكون الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية العليا في الأحوال المبينة في هذا القانون .
ويعتبر من ذوي الشأن في طعن الوزير المختص ورئيس الجهاز المركزي للمحاسبات ومدير النيابة الإدارية .
وعلى رئيس هيئة مفوضي الدولة بناء على طلب من العامل المفصول أن يقين الطعن في حالات الفصل من الوظيفة .
وتنص المادة 23 على يجوز الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا في الاحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو من المحاكم التأديبية وذلك في الأحوال الآتية :
1- إذا كان الحكم المطعون فيه مبنياً على مخالفة القانون أو خطأ فى تطبيقه أو تأويله .
2- إذا وقع بطلان فى الحكم أو بطلان فى الاجراءات أثر فى الحكم .
3- إذا صدر الحكم عى لخلاف حكم سابق حاز قوة الشىء المحكوم فيه .
ويكون لزوى الشأن ولرئيس هيئة مفوضى الدولة أو يطعن فى تلك الأحكام خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم وذلك مع مراعاة الأحوال التى يجب عليه القانون فيها الطعن فى الحكم .
ومن حيث إن المادة 4 من القانون رقم 117/1958 قبل تعديلها بالقانون رقم 12/1989 كانت تقصر على النص على أنه تتولى النيابة الادارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية إلا أن القانون رقم 12/1989 المشار إليه نص على أن يستبدل بنص هذه المادة النص الجديد الذى يجرى على أن تتولى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية ولرئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن فى احكام هذه المحاكم أمام المحكمة الادارية العليا ويباشر الطعن أمامها أحد أعضاء النيابة الادارية بدرجة رئيس نيابة على الاقل ، فانطوى بذلك النص الجديد للمادة الرابعة نم ناحية على ترديد لما ورد فى المادة 22 من قانون مجلس الدولة التى أجازت لمدير النيابة الادارية باعتباره نم ذوى الشأن الطعن فى هذه الأحكام ومن ناحية أخرى استحدث النص الجديد الوارد بالقانون رقم 12/1989 للنيابة الادارية سلطة مباشرة الطعن أمام المحكمة الادارية العليا عن طريق أحد أعضائها بدرجة رئيس نيابة على الأقل – فأصبح للنيابة الإدارية بمقتضى هذا النص الحق فى التقرير بالطعن أمام المحكمة الإدارية العليا فى أحكام المحاكم التأديبية الصادرة فى الدعاوى التأديبية وحق الحضور أمام المحكمة الإدارية العليا لمباشرة هذا الطعن إبداء وجهة نظرها فيه بعد أن كانت تمارس هذه السلطة بطريق غير مباشر عن طريق عن طريق هيئة قضايا الدولة التى تختص عملاً بالمادة السادسة من القانون رقم 75 لسنة 1963 بشأن تنظيم هيئة قضايا الدولة المعدل بالقانون رقم 10 لسنة 1986 بأن تنوب عن الدولة بكافة شخصياتها الاعتبارية العامة فيما يرفع منها أو عليها من قضايا لدى المحاكم على اختلاف انواعها ودرجاتها وعلى هذا المقتضى فإن الحم المستحدث الوارد بالقانون رقم 12/1989 انصرف إلى تخويل النيابة الادارية أن تقوم بذاتها بالتقرير بالطعن فى أحكام المحاكم التأديبية أمام المحكمة الإدارية العليا وبالحضور أمام المحكمة بالجلسات المحددة لنظر الطعن لمتابعة الطعن وإبداء ما تراه فيه ، وانحسر بذلك هذا الدور عن هيئة قضايا الدولة.
ومن حيث إن القانون رقم 12/1989 وإن خول النيابة الادارية الحق فى التقرير بالطعن أمام هذه المحكمة على النحو السالف إلا أن نصوص هذا القانون المعدل للقانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية وكذا نصوص قانون مجلس الدولة قد خلت من اعتبار النيابة الإدارية فى هذا الخصوص جزءاً من تشكيل المحكمة الإدارية العليا عن نظر الطعون فى أحكام المحاكم التأديبية وغنى عن البيان أن النصوص المتعلقة بتشكيل المحاكم وعضويتها على اختلاف انواعها ودرجاتها والواردة فى التشريعات المنظمة لجهات القضاء إنما تنظم تشكيل كل محكمة وعضويتها بطريق الحصر والتحديد بما لا محل معه للتوسع فيه أو قياس تشكيل جهة قضاء أو محكمة على جهة قضاء أخرى ، وبما يمتنع عن التوسع فى التوسع فى التفسير ومن ثم فلا وجه لقياس مركز النيابة الإدارية أمام المحكمة الإدارية العليا على مركز النيابى العامة أمام محكمة النقض . إذ لكل جهة من جهات القضاء التنظيم الخاص بها والوارد فى تشريعاتها هذا فضلاً عن اختلاف النصوص التشريعية التى تحدد مركز كل من النيابة العامة والنيابة الادارية ودور كل منهما فى هذا الشأن وقد استقر قضاء هذه المحكمة كأصل عام على أنه لا محل لاستعارة الأحكام الواردة فى قانون المرافعات المدنية والتجارية أو قانون الإجراءات الجنائية إلا فيما لم يرد فيه نص خاص فى قانون مجلس الدولة وبالقدر الذى لا يتعارض نصاً وروحاً مع نظام مجلس الدولة وأوضاع القضاء وطبيعة المنازعات الإدارية .
ومن حيث إن نظام مجلس الدولة وأوضاعه الخاصة تتأبى على اعتبار مثل النيابة الإدارية جزءاً من تشكيل المحكمة الإدارية العليا ذلك أنه طبقاً للمادة الثالثة من قانون مجلس الدولة السلفة فإن القسم القضائى بمجلس الدولة مشكل من المحكمة الإدارية العليا على قمته يليها محكمة القضاء الادارى فالمحاكم الادارية والمحاكم التأديبية ومن هيئة مفوضى الدولة ، وقد جرت نصوص هذا القانون على بيان تشكيل كل من المحاكم وعضويتها على سبيل الحصر والتحديد فتصدر المحكمة الادارية العليا أحكامها من دوائر من خمس مستشارين وتكون بها دائرة أو أكثر لفحص الطعون وتشكل من ثلاثة مستشارين كما أنه من الملاحظ على تشكيل القسم القضائى بمجلس الدولة شموله لهيئة مفوضى الدولة ، والتى تؤلف طبقاً للمادة السادسة طبقاً القانون من أحد نواب رئيس المجلس رئيساً ومن عدد كاف من المستشارين والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين ويكون مفوض الدولة لدى المحكمة الإدارية العليا ومحكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية فإن النص عليه لم يرد بشأن المحاكم التأديبية وإنما نص المشرع فى المادة التاسعة على أن يتولى أعضاء النيابة الإدارية الادعاء أمام المحاكم التأديبية كما أنه تطبيقاً لذلك الاتجاه ايضاً فإن المادة 27 من هذا القانون الوارد فى الفص الثالث (أولا) المتعلق بالاجراءات أمام محكمة القضاء الادارى والمحاكم نصت على أن تتولى هيئة مفوضى الدولة تحضير الدعوى وتهيئتها للمرافعة ويودع المفوض بعد اتمام تهيئة الدعوى تقريراً يحدد فيه الوقائع والمسائل القانونية التى يسيرها النزاع ويبدى رأيه مسبباً ويفصل المفوض فى طلبات الاعفاء من الرسوم وقد نصت المادة 48 الواردة فى الفصل الثالث (رابعاً) والمتعلق بالاجراءات أمام المحكمة الادارية العليا على أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه بالنسبة إلى المحكمة الإدارية العليا يعمل أمامها بالقواعد والاجراءات المنصوص عليها فى الفصل الثالث (أولاً) م الباب الأول من هذا القانون – وهى المشار إليها سالفاً ، وعلى ذلك فإن دور هيئة مفوضى الدولة المنصوص عليه فى المادة 27 الواردة فى هذا الفصل قائم أمام المحكمة الادارية العليا .
والمستخلص من ذلك أنه بينما تتولى النيابة الإدارية الإدعاء أمام المحاكم التأديبية فى الدعوى التأديبية والتى لا تمثل فيها هيئة مفوضى الدولة ، فأنه على خلاف ذلك تعتبر هيئة مفوضى الدولة جزءاً من تشكيل القسم القضائى بمجلس الدولة وتمثل لدى المحكمة الادارية العليا ومحكمة القضاء الادارى والمحاكم الادارية بوصفها الهيئة الامنية على المنازعة الإدارية وعاملاً أساساً على تهيئتهاً للمرافعة وإبداء الرأى القانونى فيها .
وبذلك تنفرد المحاكم التأديبية بالحكم الخاص بتمثيل النيابة الإدارية لسلطة الادعاء في تشكيلها وبغياب تمثيل هيئة مفوضي الدولة في تشكيلها ولا محل لمد هذا الحكم الخاص بالمحاكم التأديبية علي المحكمة الإدارية العليا واعتبار ممثل النيابة الإدارية ممثلاً لسلطة الادعاء أمامها وجزءاً من تشكيلها لأفتقار هذا الأمر إلي السند القانوني الصحيح ذلك ان المحكمة الإدارية العليا لا تجري فيها علي نمط الاجراءات التي تنص عليها قانون مجلس الدولة أمام المحاكم التأديبية من استجواب للعامل المقدم للمحاكمة التأديبية وسماع الشهود من العاملين وغيرهم وقيام النيابة الإدارية بالادعاء أمامها إلي غير ذلك من إجراءات المحاكمة التأديبية وإنما نص قانون مجلس الدولة صراحة في المادة 48 منه علي أنه مع مراعاة ما هو منصوص عليه بالنسبة للمحكمة الإدارية العليا فأنه يعمل أمامها بالقواعد والإجراءات المنصوص عليها أمام محكمة القضاء الإداري والمحاكم الإدارية ومن ثم فلا مجال لمد الحكم الخاص بتمثيل النيابة الإدارية في تشكيل المحاكم التأديبية وسحبه علي المحكمة الإدارية العليا وفضلاً عن ذلك فالمحكمة الإدارية العليا تختص بالنظر في الطعون المقامة أمامها في أحكام القضاء الإداري والمحاكم التأديبية باعتبارها محكمة تعقيب علي هذه الأحكام فهي تزن الحكم بميزان القانون وزناً مناطه أستظهار ما كانت قد قامت به حالة أو أكثر من الاحوال التي تعيبه فتلغيه ثم تنزل حكم القانون في المنازعة غير مقيدة في ذلك بأسباب الطعن أو طلبات الخصوم والذي يتأبي علي النظام القانوني الذي يخضع له تشكيل هذه المحكمة القول بتغير تشكيلها باختلاف الطعون التي تنظرها بحيث يتسع هذا التشكيل ليضم النيابة الإدارية كلما نظر أمامها طعن في حكم تأديبي والطبيعي أن تشكيل المحكمة الإدارية العليا بوصفها محكمة للتعقيب علي الأحكام هو تشكيل ثابت لا يتغير بتغيير الطعون التي تنظرها سواء في أحكام المحاكم التأديبية أو غيرها من الأحكام وهذا التشكيل تمثل فيه هيئة مفوضي الدولة بوصفها الأمينة علي المنازعة الإدارية وجزءاً من القسم القضائي بمجلس الدولة دون أن يعتبر ممثل النيابة الإدارية جزءاً من تشكيل المحكمة في أي حال من الأحوال .
كما أنه من ناحية أخري فإن الحكم المستحدث الذي أورده القانون رقم 12/1989 بتخويل رئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن في أحكام المحاكم التأديبية علي أن يباشر الطعن أمام المحكمة أحد أعضاء النيابة الإدارية بدرجة رئيس نيابة علي الأقل يجد تطبيقه الصحيح في تخويل هيئة النيابة الإدارية حق الطعن في أحكام المحاكم التأديبية ومباشرة هذا الطعن أمام المحكمة الإدارية بذاتها دون نيابة هيئة قضايا الدولة عنها ، وفي ذلك ما يحقق متابعة النيابة الإدارية للطعون في أحكام التأديبية وإبداء وجهة نظرها فيها بما يحقق الصالح العام إعمالاً لما رآه المشرع من ملاءمة قيام النيابة الإدارية بهذا الدور دون حاجة لتمثيلها بواسطة هيئة قضايا الدولة ، ومن الجدير بالذكر أن الأعتبارات التي أستهدفها المشرع من استحداث هذا الحكم لا تستلزم حتماً ولا تتعلق بالضرورة باعتبار النيابة الإدارية جزءاً من تشكيل المحكمة الإدارية العليا وإنما تتحقق بأستخدان النيابة الإدارية للسلطات التي خولها لها المشرع صراحة من القانون رقم 12/1989 المشار إليه والتي تنصرف إلي تقرير حقها في الطعن في أحكام المحاكم التأديبية والحضور أمام هذه المحكمة لمباشرة الطعن ومتابعته دون وساطه هيئة قضائية أخري ، ومن ثم فلا محل لتحميل نصوص هذا القانون أكثر مما تتحمل وتفسيرها بما يؤدي إلي اعتبار النيابة الإدارية جزءاً من تشكيل المحكمة الإدارية العليا .
ومن حيث إنه يبين مما سلف أن الدفع الوارد بمذكرة ممثل النيابة الإدارية والمتعلق ببطلان إجراءات نظر الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لعدم إدراج ممثل هيئة النيابة الإدارية ضمن تشكيل هذه المحكمة غير مستند إلي أساس صحيح من القانون فإنه يكون خليقاً بالرفض .
ومن حيث إنه بالنسبة للطعن الماثل فإن المادة 34 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة تقضي بأن يقوم قلم كتاب المحكمة التأديبية بإعلان ذوي الشأن بقرار الإحالة وتاريخ الجلسة في محل إقامة المعلن إليه أو محل عمله وحكمه هذا النص هي توفير الضمانات الأساسية للعامل المقدم إلي المحاكمة التأديبية للدفاع عن نفسه ولدرء الاتهام عنه وذلك بإحاطته علماً بإعلانه بقرار إحالته إلي المحكمة التأديبية المتضمن بيان المخالفات المنسوبة إليه وتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته ليتمكن من المثول أمام المحكمة للإدلاء بما لديه من إيضاحات وتقديم ما يعن له من بيانات أو مستندات وما إلى ذلك مما يتصل بحق الدفاع يرتبط بمصلحة جوهرية لذوى الشأن وإذا كان اعلان العامل المقدم إلى المحكمة التأديبية وإخطاره بتاريخ الجلسة المحددة لمحاكمته إجراء جوهرياً فأن إغفال هذا الاجراء أو إجراءه بالمخالفة للقانون على وجه لا تتحقق معه الغاية منه من شأنه وقوع عيب شكلى فى إجراءات المحاكمة يؤثر فى الحكم ويؤدى إلى بطلانه .
ومنم حيث إن قانون المرافعات المدنية والتجارية وإن أجاز فى المادة 13 منه اعلان الأوراق القضائية فى مواجهة النيابة العامة إلا أن مناط صحة هذا الإعلان أن يكون موطن المعلن إليه غير معلوم فى الداخل أو الخارج أو ما لا يتأتى الا باستيفاء كل جهد فى سبيل التحرى عن موطن المراد إعلانه وإلا كان الاعلان باطلاً.
ومن حيث إن الثابت فى الأوراق أن الطاعن أعلن فى مواجهة النيابة العامة بمقولة أنه خارج البلاد أن تبذل جهة الإدارة أى جهد جدى فى سبيل التحرى عن محل إقامته بالخارج سواء بالاتصال بإدارة وثائق السفر والهجرة أو بالاستعلام عن ذلك من أقاربه أو زملائه أو جيرانه أو رجال الإدارة بالناحية ، فإن الاعلان عن النيابة العامة فى هذه الحالة يعد باطلاً ، وهذا البطلان يؤدى بدورة فى الحكم ويؤدى إلى بطلانه ولما كان الطاعن لم يعلن بأمر محاكمته ولم يثبت من الأوراق علمه بالحكم المطعون فيه والصادر فى غيبته فى تاريخ آخر غير التاريخ الذى ذكره بتقرير طعنه فإن هذا الطعن يكون قد أودع فى الميعاد مستوفياً أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن البطلان الذى عاب إجراءات المحاكمة التأديبية يؤدى إلى بطلان الحكم الصادر فيها على النحو سالف ذكره فإن هذا الحكم يكون خليقاً بالالغاء مع إعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية للحكم فيها مجدداً من دائرة أخرى حتى لا يفوت درجة من درجات التقاضى.

* فلهذه الاسباب

حكمت المحكمة أولاً : برفض الدفع المبدى من هيئة النيابة الإدارية ببطلان تشكيل المحكمة .
ثانياً : بقبول الطعن شكلاً وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية بطنطا للحكم فيها مجدداً من هيئة أخرى .

اشترك في القائمة البريدية