طعن رقم 992 لسنة 37 بتاريخ 14/12/1991 الدائرة الرابعة

Facebook
Twitter

طعن رقم 992 لسنة 37 بتاريخ 14/12/1991 الدائرة الرابعة

__________________________________________

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ د. عبد المنعم عبد العظيم جيرة نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة./ رأفت محمد يوسف ومحمد مجدى محمد خليل وأحمد عبد العزيز إبراهيم ومحمد عزت السيد إبراهيم نواب رئيس مجلس الدولة

* إجراءات الطعن

فى يوم الاثنين الموافق 8/2/1991 أودع الأستاذ حسنى عبد الحميد معوض المحامى بصفته وكيلا عن السيد / ………………… قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 992 لسنة 37 القضائية فى الحكم الصادر من مجلس التأديب بمحكمة الجيزة الابتدائية بتاريخ 22/1/1991 فى الدعوى التأديبية رقم 19 لسنة 90 تأديب والقاضى بمجازاته بالفصل من الخدمة اعتبارا من 22/1/1991.
وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير طعنه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والحكم ببراءة الطاعن مما نسب إليه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وبعد إعلان تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق قدمت هيئة مفوضى الدولة تقريرا برايها القانونى رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلا، وفى الموضوع بإلغائه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة وبراءته من التهم المنسوبة إليه .
وقد عين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 14/4/1991 وبجلسة 15/7/1991 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا (الدائرة الرابعة) وحددت لنظره أمامها جلسة 19/10/1991 وفيها سمعت المحكمة ما رأت لزوما لسماعه من إيضاحات ذوى الشأن، وقررت إصدار الحكم بجلسة اليوم، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .

* المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة .
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية .
ومن حيث إن عناصر الموضوع تتحصل – حسبما يبين من الأوراق – فى أن السيد رئيس محكمة الجيزة الابتدائية أصدر قرار فى 31/10/1990 بإحالة كل من :
1- ……………………..
2 – …………………. الموظفين بالمحكمة بالفئة الرابعة إلى المحاكمة التأديبية، لما نسب إلى الأول من أنه :
استغل صفته كموظف بالمحكمة وتواطأ مع المؤجر المدعو – …………. بغيه الإضرار بالشاكى ……………. وترتب على ذلك طرد الشاكى من مسكنه دون وجه حق، وكان ذلك بأن قام باستلام الإعلانات الموجهة للشاكى تارة بنفسه، وتارة عن طريق زوجته باعتبار أنه تابع وهو ليس كذلك، ولم يتم تسليم تلك الإعلانات للمعلن إليه حتى صدر حكم الطرد ضد الشاكى دون مواجهة قانونية.
كما ثبت من التحقيق أن المذكور قد ارتكب ذات أفعال التواطؤ ضد سكان آخرين ترتب عليها طرد أحد السكان دون مواجهة، ونفذ حكم الطرد ضد ذلك الساكن فى غيبته وقد قام المشكو فيه بالاستيلاء على العين واستغلالها له كمسكن وذلك بالاشتراك مع مالك المنزل وقد ثبت أيضا من التحقيق أن المذكور استغل صفته كموظف فى المحكمة واستولى على شقتين بعد طرد سكانهما، كما امتنع عن تنفيذ الأوامر الصادرة إليه وامتنع عن تنفيذ أمر السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة بنقله فى حركة التنقلات التى تمت بالنسبة للموظفين فى المحكمة طبقا للقرار رقم 96/89 فى 10/11/1989 وأثار مشاكل عديدة فى هذا الشأن على النحو المفصل فى التحقيقات، بالاضافة إلى إهماله فى أداء واجبات وظيفته على النحو المبين بتقرير المتابعة فى 6/12/1989 على أعماله كسكرتير جلسة الدائرة الثانية مدنى كلى الجيزة.
ولما نسب إلى الثانى من أنه :
ثبت من التحقيق أنه كان يعمل أمين سر الدائرة السابعة طعون وقد استولى بالتزوير على مبلغ 23.850جنيه من مبلغ الأمانة المحكوم بها فى القضية رقم 256 لسنة 88 طعون، وكذلك على مبلغ 48.820 جنيها من قيمة الأمانة المحكوم بها فى القضية رقم 484 لسنة 88 طعون وذلك بطريق التزوير.
وبجلسة 22/1/1991 قضى مجلس التأديب بفصل المدعو. ………….. من الخدمة اعتبارا من تاريخ الحكم 22/1/1991 وبمجازاة المدعو / …………. بخصم شهرين من راتبه، وقد أقام المجلس قراره على أن البادى من التحقيقات أن المحال الأول قد ثبت فى جانبه الانحراف عن السلوك السوى للوظيفة العامة، وذلك بتدخله فى تسليم وتسلم الإعلانات القضائية دون أن يكون منوطا بذلك، سيما وأن تلك الوقائع تمت بعيدا عن عمله الوظيفى، كما أنه قد دأب على افتعال الأعذار واللجوء إلى أسلوب اِلشكاية الدائم من النقل والاعتياد على مقابلة القرارات الإدارية الصادرة بشأنه بأسلوب المراوغة واللجوء إلى إلقاء اللوم والتبعة على الجهة الإدارية مصدرة القرار بأن يتأخر فى التنفيذ حتى يصل إلى مأربه بإلغاء القرارات الصادرة دوما تجاهه بما تعتبره المحكمة سلوكا إيجابيا يشكل واقعة امتناعه عن تنفيذ الأوامر الصادرة إليه بنقله، كما أن البادى من مطالعة تقريرات المتابعة عن عمل المذكور أنه قد دأب على الإهمال فى مراعاة واجبات وظيفته وتأخير إنجاز الأعمال المسندة إليه، وقد تلاحظ للمحكمة من أسلوب رده على ما نسب إليه أنه قد طبع بطابع اللامبالاه وأصبح مثلا سيئا للموظف العمومى بما يستوجب إنزال أقصى العقاب الإدارى به، وفصله من جهة عمله درءا لخطره وحتى يكون عبرة لأمثاله.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن قرار الإحالة إلى المحاكمة شابه تجهيل، ذلك أنه من القواعد المسلم بها فى المحاكمات بصفة عامة جنائية كانت أو تأديبية أن قرار الإحالة إلى المحاكمة يجب أن يتضمن بيانا مفصلا بالمخالفات المنسوبة إلى المحال، وقد تضمن قرار الإحالة مخالفات مجهلة، لا يعرف ماهيتها، ومكان وتاريخ وكيفية وقوعها، كما أن المجلس ادان المحال لأسلوب رده أمامه، وصرف النظر عن قرار الإحالة وما ورد فيه من وقائع، ولم يقم مجلس التأديب بتسبيب حكمه، إذ من القواعد المسلم بها فى التقاضى وجوب أن يصدر الحكم مسببا، والحكم المطعون فيه، لم يكن حريصا على بيان الأفعال المسندة إلى المحال، والأدلة التى استند إليها فى تكوين قناعته وعقيدته.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق أنه وردت شكوى ضد الطاعن من السيد /……… العامل بقطاع أمن هيئة ميناء القاهرة الجوى تم احالتها إلى التحقيق كما تقدم الطاعن بشكوى للسيد الأستاذ رئيس محكمة الجيزة الابتدائية أحالها إلى الأمين العام للمحكمة وقد أعد الأمين العام مذكرة مؤرخة 19/6/1989 ضمنها أنه صدر قرار رئيس المحكمة بنقل جماعى لموظفى الجلسات وقد رفض السيد / …………….. تنفيذ القرار ثم نقل إلى قسم النسخ وظل يعمل به واشتكى منه رئيس القلم بعدم إطاعته الأوامر، وتقدم بطلب بنقله من قسم النسخ إلى أى عمل آخر فنقل فى 1/4/1989 إلى قلم الحسابات، إلا أن السيد مراقب عام الحسابات بالمحكمة أبدى رغبته فى عدم إلحاقه بقلم الحسابات لعلمه بعدم تعاونه مع زملائه وعدم إطاعة الرؤساء، وصدر القرار رقم بنقله إلى محكمة الصف بتاريخ 23/4/1989 ونفذ القرار بتاريخ 30/4/1989 ثم تقدم مستعطفا بنقله إلى أى جهة بدائرة الجيزة فنقل إلى محكمة بندر امبابة اعتبارا من 1/6/1989 ولم يمض على العمل ببندر امبابة سوى هذه الأيام المعدودة فتقدم بشكواه وانتهى أمين عام المحكمة إلى طلب إحالة الشكوى إلى التحقيق فيما نسبه إلى بعض الموظفين فيها.
ومن حيث إن مجلس التأديب قد أدان الطاعن عن الواقعة الواردة بقرار الاتهام والخاصة بامتناعه عن تنفيذ الأوامر الصادرة إليه، وامتناعه عن تنفيذ أمر السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة بنقله فى حركة التنقلات طبقا للقرار رقم 96 لسنة 89 فى 10/11/1989 وأثار مشاكل عديدة فى هذا الشأن على النحو الثابت بالتحقيقات.
ولما كانت المشاكل التى آثارها الشاكى والتى أدانه فيها مجلس التأديب على أساس أنه دأب على افتعال الأعذار واللجوء إلى أسلوب الشكاية الدائم من النقل، حرر أمين عام المحكمة وعضو المجلس مذكرة بشأنها مؤرخة 19/6/1989 ضمنها ما اقتنع به من أن الطاعن قد رفض تنفيذ قرار النقل، وأفصح عن عقيدته حول تهرب المحال من تنفيذ قرارات النقل وافتعاله الأعذار والالتجاء إلى أسلوب الشكاية والاستعطاف لإلغاء قرارات النقل.
ومن حيث إن قضاء هذه المحكمة قد استقر على أن ثمة قدرا من الضمانات الجوهرية يجب أن تتوافر كحد أدنى فى كل محاكمة تأديبية، وهذا القدر تمليه العدالة المجردة وضمير الانصاف والأصول العامة فى المحاكمات وإن لم يرد عليه نص ويستلهم من المبادئ الأولية المقررة فى القوانين الخاصة بالإجراءات سواء فى المحاكمات الجنائية أو التأديبية، ذلك أن القرار التأديبى هو فى الواقع من الأمر قضاء عقابى فى خصوص الذنب الإدارى، كما انتهت الدائرة المشكلة طبقا للمادة 54 مكررا من القانون رقم 47 لسنة 1972 معدلاً بالقانون رقم 136 لسنة 1984 فى الطعن رقم 28 لسنة 29 ق بجلسة 15/12/1985 إلى أن قرارات مجلس التأديب التى لم يخضعها القانون لتصديق من جهات عليا أقرب فى طبيعتها إلى الأحكام التأديبية منها إلى القرارات الإدارية، ومن الضمانات الجوهرية حيدة الهيئة التى تتولى محاكمة العامل، ومن مقتضى هذا الأصل فى المحاكمات الجنائية والتأديبية أن من يبدى رأيه يمتنع عليه الاشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها وذلك ضمانا لحيدة القاضى أو عضو مجلس التأديب الذى يجلس من المتهم مجلس الحكم بينه وبين سلطة الاتهام حتى يطمئن إلى عدالة قاضيه وتجرده من التأثر بعقيدة سبق أن كونها عن المتهم موضوع المحاكمة، وقد رددت هذا الأصل المادتان 247 و248 من قانون الإجراءات الجنائية، كما بينت المادة 146 من قانون المرافعات الأحوال التى يكون فيها القاضى غير صالح لنظر الدعوى ممنوعا من سماعها، ولو لم يرده أحد الخصوم ومن بين هذه الأحوال سبق الافتاء أو الكتابة فى الدعوى أو ابداء الرأى فيها، ورتبت المادة 147 من ذات القانون جزاء البطلان على عمل القاضى أو قضائه فى الأحوال المتقدمة.
ولا ينال مما سبق ما قضى به الفقرة الأخيرة من المادة 98 من القانون رقم 46 لسنه 1972 بشأن السلطة القضائية من أنه لا يمنع من الجلوس فى هيئة التأديب سبق الاشتراك فى طلب الإحالة إلى المعاش أو رفع الدعوى التأديبية ذلك أن هذا النص ورد فى مجال مساءلة القضاة تأديبيا المنصوص عليها فى الفصل التاسع من الباب الثانى من القانون المذكور، بينما انتظمت المواد من 164 حتى المادة 169 منه تأديب العاملين بالمحاكم وقد خلت هذه القواعد من نص مماثل لنص المادة 98 سالف الذكر أو من نص يحيل إليها، وهذا النص الأخير هو نص استثنائى فلا يجوز القياس عليه أو التمسك به فى غير النطاق الذى ورد فى شأنه ويتعين الالتجاء إلى الأصل العام السابق بيانه والذى يقضى بامتناع من سبق أن أبدى رأيا فى شأن الأمر المحال بسببه العامل إلى التأديب من الاشتراك فى نظر الدعوى والحكم فيها ويكون القرار الذى يصدر على خلاف هذا الأصل معيبا بعيب جوهرى ينحدر به إلى البطلان.
ومن حيث إن الثابت من مذكرة أمين عام المحكمة سالف الاشارة إليها أن له رأيا مسبقا فى الدعوى التأديبية موضوع النزاع، ومن ثم وفى ضوء ما سبق يكون السيد الأستاذ / ……… أمين عام محكمة الجيزة الابتدائية غير صالح للجلوس فى مجلس التأديب، ويكون القرار الصادر من مجلس تأديب العاملين به حكمة الجيزة الابتدائية والذى اشترك المذكور فى عضويته قد شابه البطلان ويتعين الحكم بإلغائه وذلك دون ما حاجة لبحث أوجه البطلان الأخرى المنسوبة للقرار.
ومن حيث إن بطلان القرار لعيب يتعلق بإجراءات المحاكمة لا يحول بين جهة الإدارة وبين مساءلة الطاعن تأديبيا عما هو منسوب إليه وإعادة محاكمته أمام هيئة أخرى وبمراعاة الإجراءات والضمانات المقررة قانونا للمحاكمات التأديبية .

* فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلا وفى موضوعه بإلغاء القرار المطعون فيه.

اشترك في القائمة البريدية