جلسة 2 من مايو سنة 1991
برئاسة السيد المستشار / أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / حسن عميرة ومحمد زايد نائبى رئيس المحكمة وأحمد عبد الرحمن ومحمد طلعت الرفاعى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
120
الطعن رقم 292 لسنة 60 القضائية
( 1 ) قتل عمد . قصد جنائى . جريمة ” أركانها ” . محكمة الموضوع . سلطتها فى تقدير الدليل ، . حكم. تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
قصد القتل . أمر خفى . إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والإمارات الخارجية التى تتم عليه . استخلاص توافره . موضوعى .
منال لتسبيب سائغ لاستظهار نية القتل فى حق الطاعنين .
( 2 ) سبق الإصرار . ظروف مشددة . محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” .
البحث فى توافر ظروف سبق الإصرار . موضوعى .
مثال لتسبيب سائغ على استخلاص توافره فى حق الطاعنين .
( 3 ) قتل عمد . ترصد . ظروف مشددة . حكم ” ما لا يعيبه فى نطاق التدليل ” .
حصول الترصد فى مكان خاص بالجانى . لا ينفى توافره .
خطأ الحكم فى بيان المكان الذى كمن فيه المتهمان لترقب المجنى عليهما . لا يعيبه . طالما أنه غير مؤثر فى منطقة أو فى النتيجة التى انتهى إليها .
( 4 ) حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . اثبات ” بوجه عام ” .
ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه ، مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضيا لها فى منطق العقل بعدم التناقض .
( 5 ) قتل عمد . اثبات ” بوجه عام ” . استدلالات . محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه ” تسبيب غير معيب ” . نقض ” اسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
حق محكمة الموضوع فى تجزئة التحريات والأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم .
( 6 ) محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” . دفاع ” الأخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
النعى على المحكمة إغفالها الرد على دفاع لم يتمسك به أمامها . عدم قبوله .
عدم جواز إثارة الدفاع الموضوعى لأول مرة أمام النقض . علة ذلك ؟
( 7 ) محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . إثبات ” بوجه عام ” .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليها استقلالا . كفاية أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى أوردتها .
( 8 ) إثبات ” شهود ” ” خبرة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
إثارة التناقض بين الدليلين القولى والفنى لأول مرة أمام النقض غير مقبولة . علة ذلك ؟
( 9 ) إثبات ” شهود ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . محكمة الموضوع ” سلطتها فى تقدير الدليل ” .
تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الحقيقة من أقواله بما لا تناقض فيه .
( 10 ) إجراءات ” إجراءات المحاكمة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . دفاع ” الإخلال بحق الدفاع . ما لا بوفره ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” . قتل عمد .
عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليها إستقلالا . كفاية أن يكون الرد مستفادا من أدلة الثبوت التى أوردتها .
( 11 ) طعن ” الصفة فى الطعن ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
إتصال أوجه الطعن بشخص الطاعن . شرط لقبولها .
( 12 ) قتل عمد . ارتباط . عقوبة ” عقوبة الجرائم المرتبطة ” . حكم ” تسبيبه . تسبيب غير معيب ” . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
بيان الحكم أن الجرائم التى أرتكبها الطاعنان وقعت لغرض واحد ومعاقبته على كل منها بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد تلك الجرائم إعمالا لحكم المادة 32 عقوبات . لا ينال من سلامة إغفال ذكر الجريمة الأشد .
( 13 ) حكم . وضعه وإصداره . ” بياناته ” ” تسبيبه . تسبب غير معيب ” . نقض ” اسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
خلو القانون من النص على وجوب تعيين المتهم بأسمه فى منطوق الحكم .
عدم تحديد الحكم فى منطوقه من صدر عليه الحكم حضورياً ومن صدر عليه غيابياً من المتهمين . لا يعيبه . ما دام ذلك واضحاً فى مدوناته .
( 14 ) حكم ” تسبيبه . بيانات التسبيب ” . بطلان . نقض ” أسباب الطعن . ما لا يقبل منها ” .
بيانات تسبيب الأحكام المادة 310 إجراءات .
بطلان حكم الأدلة لعدم إشارته إلى نص القانون الذى حكم بموجبه . مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعى دون نصوص القانون المدنى . أساس ذلك ؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- لما كان قصد القتل أمراً خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وأنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والامارات الخارجية التى يأتيها الجانى وتتم عما يضمره فى نفسه ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية ، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله ” أما عن نية القتل التى هى أمر فى نفس الجانى يقصد به ازهاق روح إنسان حى وهى متوافرة فى حق المتهمين من اطلاقهم الأسلحة النارية التى أعدوها على المحنى عليهما وموالاة ذلك الاطلاق عليهما فى مواضع قاتلة منهم ومن اتجاهات عدة وعدم تركهم لهما إلا من بعد سقوطهما وقد غلب على ظنهم مفارقتهما الحياة ” . وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافيا وسائغا فى التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين . فأنه لا محل للنعى عليه فى هذا الصدد .
- من المقرر أن البحث عن توافر ظروف سبق الإصرار من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها ما دام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر أن الضغينة التى فى نفوس المتهمين قد ولدت أثراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير ورؤية وتدبير فإن استخلاصه لظروف سبق الاصرار يكون سليماً وصحيحاً فى القانون .
- لما كان ما أورده الحكم تدليلا على توافر ظروف الترصد كافيا وسائغا ولا ينفيه أن يكون الترصد فى مكان خاص بالجناء أنفسهم ولا يعيب الحكم من بعد خطؤة – فى موضع منه – فى بيان المكان الذى كمن فيه المتهمان الثالث والرابع طالما أنه غير مؤثر فى منطقة أو النتيجة التى انتهى إليها .
- إن ابتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الأدانة قاضيا لها فى منطق العقل بعدم التناقض .
- من المقرر أن من حق محكمة الموضوع أن تجرئ التحريات وتأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم هذا فضلا عن أن هذا الخلاف لا يؤثر فى عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين جميعا فاعلين أصليين طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعى الطاعنين فى هذا الصدد يكون غير سديد .
- لما كان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم ينازع فى الوقت الذى حدد شاهد الاثبات استناداً إلى حالة التيبس الرمى والزرقة الرمية بجثة المجنى عليه الأول على نحو ما يدعيه فى أسباب طعنه ومن ثم فلا يقبل منهما النعى على المحكمة أغفالها الرد عليه ما دام أنهما لم يتمسكا به أمامها ولا يجوز لهما من بعد إثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعى يخرج عن وظيفة هذه المحكمة .
- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوع وتقصيها فى كل جزئية منها والرد عليها رداً صريحاً وإنما يكفى أن يكون الرد مستفادا من أدلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها .
- لما كان البين فى محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يشيرا شيئا عن التناقض بين الدليلين القولى والفنى فى شأن مسافهة الأطلاق واستقرار أحد المقذوفات بأمعاء أحد المجنى عليهما ومن ثم فلا يسوغ لهما أثارة هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة لأنه دفاع موضوعى .
- من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .
- من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم .
- الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن فإن ما يثيره الطاعنان نعيا على الحكم من خطأ فى مصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث لا يكون مقبولا .
- لما كان الحكم قد بين الجرائم التى ارتكبها الطاعنان المستوجبة لعقابهما وأنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم على كل منهما بعقوبة واحدة هى المقرر لأشد هذه الجرائم وكان الحكم قد قضى على كل منهما بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حمك هذه المادة ولا يؤثر فى سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد .
- لما كان البين من مدونان الحكم المطعون فيه أنه قد بين أسماء المتهمين وبين الحاضر منهم والغائب ولم يرد فى القانون نص يوجب على القاضى تعيين المتهم باسمه فى منطوق الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تحديده فى منطوقه من صدر عليه الحكم حضوريا ومن صدر عليه الحكم غيابيا ما دام ذلك واضحا من مدوناته .
- لما كان قانون الإجراءات الجنائية إذا نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 310 على أن كل حكم بالأدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذى حكم بموجبه فقد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعى على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية التى تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات أما اغفال الاشارة إلى نصوص القانون المدنى المتعلقة بالدعوى المدنية فإنه لا يبطل الحكم ويضحى النعى عليه لهذا السبب غير سديد .
الوقائع
اتهمت النيابة العامة الطاعنين – وآخرين حكم عليهما غيابيا – بأنهم – أولا : – قتلوا عمداً ………… مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية معمرة بالذخيرة وترصدوا له بالمكان الذى أيقنوا سلفا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الاصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته وقد اقترنت هذه الجناية بجنايات أخرى هى أنهم فى المكان والزمان سالفى الذكر ( 1 ) قتلوا …….. عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض أسلحة نارية معمرة بالذخيرة وترصدوا له بالمكان الذى أيقنوا سلفا مروره فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عدة أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الاصابات المبينة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . ( 2 ) قتلوا عمدا مع سبق الاصرار والترصد …….. بأن بيتوا النية على قتله وعقدوا العزم على ذلك وأعدوا لهذا الغرض الأسلحة النارية سالفة الذكر وتوجهوا إليه فى المكان الذى أيقنوا سلفا وجوده فيه وما أن ظفروا به حتى أطلقوا عليه عيارين ناريين قاصدين من ذلك قتله فأحدثوا به الاصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياته . ( 3 ) شرعوا فى قتل ……….. عمدا مع سبق الإصرار والترصد بأن أطلقوا عليه أعيرة نارية قاصدين من ذلك قتل المجنى عليه سالف الذكر عمداً مع سبق الإصرار والترصد فحاد أحدها واصاب المجنى عليه بالاصابات الموصوفة بتقرير الطب الشرعى وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادتهم فيه هو مداركة المجنى عليه بالعلاج . ثانياً : أحرزوا أسلحة نارية مششخنة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها . ثالثاً : أحرزوا ذخيرة مما تستعمل فى الأسلحة سالفة الذكر حالة كونها مما لا يجوز الترخيص بحيازتها واحرازها . وأحالتهم إلى محكمة جنايات أسيوط لمحاكمتهم طبقا للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . واودعت كل من ………………. ، ………….. مدنيا قبل المتهمين متضامنين بمبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضوريا للمتهمين الأول والرابع ( الطاعنان ) عملا بالمواد 230 ، 231 ، 232 ، 234 / 2 من قانون العقوبات والمواد 1 / 1 ، 6 ، 26 ، / 2 ، 5 ، 30 من القانون رقم 394 سنة 1954 المعدل والبند (ب) من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق مع أعمال المواد 32 / 2 ، 17 ، 30 / 2 من قانون العقوبات أولا : بمعاقبتهما بالأشغال الشاقة لمدة خمس عشر سنة لما أسند إليهما وامرت بمصادرة الأسلحة المضبوطة . ثانيا : فى الدعوى المدنية بإلزام المتهمين الأربعة متضامنين بأن يؤدوا إلى المدعيين بالحق المدنى مبلغ مائتين وواحد وخمسين جنيها على سبيل التعويض المؤقت باعتبار أن ما نسب إليهم هو قتل …………….. عمداً مع سبق الأصرار والترصد المقترن بجناية قتل ………… عمداً مع سبق الأصرار والترصد واحراز أسلحة نارية مششخنة وذخيرة بدون ترخيص .
فطعن المحكوم عليهما فى هذا الحكم بطريق النقض ……….. الخ .
المحكمة
حيث إن الطاعنان ينعيان على الحكم المطعون فيه أنه إذا دائهما بجرائم القتل العمد المقترن مع سبق الاصرار والترصد واحراز الأسلحة النارية والذخيرة بغير ترخيص قد شابه القصور والتناقض فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع ومخالفة الثابت بالأوراق والخطأ فى تطبيق القانون والبطلان ذلك أن ما أورده الحكم بيانا لنية القتل لا يكفى لاستظهارها ، واستخلاص توافر ظرفى سبق الاصرار والترصد من أمور لا تنجهما ورغم تمسك الدفاع بأنتفائهما ، وجمع بين صورتين متناقضتين للدعوى ذلك أنه فى بيانه لها وتحصيله لاقوال الشاهد ……… أورد أن المتهمين الأربعة أطلقوا النار صوب المجنى عليهما ثم حصل تحريات الشرطة فى أن المتهمين الأول والثانى فقط هما اللذان أطلقا النار على المجنى عليهما بينما وقف المتهمان الثالث والرابع يشدان من أزرهما ، وعول على هذين الدليلين رغم اختلافهما فى تحديد مطلق الأعيرة ، كما تردد فى تحديد المكان الذى كمن فيه المتهمان الثالث والرابع بين منزل أولهما والثانى ، وقد أثار الطاعنان دفاعا قام على المنازعة فى الوقت الذى حدده شاهد الأثبات لوقوع الحادث استنادا إلى ما أثبته تقرير الصفة التشريحية من أن جثة المجنى عليه الأول وجدت فى حالة التيبس والرمى والزرقة الرمية بها والتى لا تظهر عادة إلا بمرور أكثر من يوم رغم أن تشريح الجثة تم بعد تسع عشر ساعة فقط من الوقت الذى حدده الشاهد لارتكاب الجريمة ولم يعرض الحكم لهذا الدفاع ولم يعن بتحقيقه رغم جوهريته ، كما أنهما نازعا فى المكان الذى قرر شاهد الاثبات أن الحادث وقع فيه واستدلا على ذلك بعدم العثور على طلقات فارغة – رغم كثرتها على حد قول الشاهد – أثناء المعاينة وعدم وجود أثار الاطلاق على حوائط وأبواب المنازل المحيطة بمكان الحادث وعدم وجود أثار دماء إلا أن الحكم قد أطرح هذا الدفاع برد غير سائغ لم يتناول فيه كل ما ساقه الطاعنان دليلا على صدقه ، ولم يعرض الحكم لما أثاره الدفاع عما ورد بتقرير الصفة التشريحية من وجود مقذوف استقر فى أمعاء المجنى عليه وهذا لا يتأتى إلا إذا كان الإطلاق من مسافة لا تقل عن خمسة وعشرين مترا وهو ما يتناقض مع قول الشاهد من أن مسافة الإطلاق كانت بين ثلاثة أو أربعة أمتار . هذا فضلا عن أن ما خلص إليه الحكم من إنتفاء التناقض بين أقوال الشاهد فى تحقيقات النيابة وأثناء المعاينة فى خصوص تحديد مسار المجنى عليهما واتجاههما قبل الحادث يخالف الثابت بالأوراق، هذا إلى أن الحكم أطرح أوجه الدفاع المبداة من الطاعنين قولا منه بعدم أطمئنانه إليها دون بيان ماهيتها واجتزا بعضها ورد عليها بما لا يصلح ردا ، وأخطأ الحكم فى قضائه بمصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث رغم أنه مرخص له بحيازته واحرازه ، وأعمل حكم المادة 32 من قانون العقوبات دون أن يبين أيا من الجريمتين اللتين دان الطاعنين بهما هى الأشد ، ولم يحدد فى منطوقه بالأسم من صدر عليه الحكم حضوريا ومن صدر عليه الحكم غيابيا ، وأخيرا فقد قضى الحكم فى الدعوى المدنية بإلزام الطاعنين بالتعويض المؤقت – بالتضامن مع باقى المحكوم عليهم – دون الإشارة إلى نص المادة 169 من القانون المدنى . كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم القتل العمد المقترن مع سبق الاصرار والترصد واحراز الأسلحة النارية والذخيرة بغير ترخيص التى دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها فى حقهما أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى مارتبه الحكم عليها ولا يمارى الطاعنان فى أن لها اصل ثابت بالأوراق . لما كان ذلك وكان قصد القتل أمرا خفيا لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر والامارات الخارجية التى يأتيها الجانى وتتم عما يضمره فى نفسه ومن ثم فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية . ولما كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل بقوله “أما عن نية القتل التى هى أمر فى نفس الجانى يقصد به ازهاق روح انسان حى وهى متوافرة فى حق المتهمين من اطلاقهم الأسلحة النارية التى أعدها على المجنى عليهما وموالاة ذلك الأطلاق عليهما فى مواضع قاتلة منهم ومن اتجاهات عدة وعدم تركهم لهما إلا من بعد سقوطهما وقد غلب على ظنهم مفارقتهما للحياة ” . وإذ كان ما أورده الحكم من ذلك كافيا وسائغا فى التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعنين ، فإنه لا محل للنعى عليه فى هذا الصدد ، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد استظهر سبق الإصرار فى قوله : ” انه لما كان سبق الاصرار الذى هو أمر نفسى يضمره الجانى وتنم عنه أمارات خارجية قد ثبت فى حق المتهمين وذلك أخذا من سابق الخلافات بينهم والمجنى عليهما والشاهد بسبب اتهام الأخير فى اصابة والد الأوليين منهما ومن اجتماع كلمتهم على اعداد وسائل الاعتداء القاتلة بطبيعتها – الأسلحة النارية المششخنة – وحشوها بذخائر عدة ومن توجههم إلى مكان الحادث بغية اطلاقها على المجنى عليه فيه ” . كما استظهر توافر ظرف الترصد بقوله ” وحيث انه عن ظرف الترصد الذى هو ظرف مكانى يراد به تربص الجانى بالمجنى عليه فترة من الوقف طالت أو قصرت فى مكان يوقن مرورة فيه سلفا رصدا لحركته بقصد الاعتداء على حياته وهو متوفر من أعداد المتهمين لكمينين مختلفين تكون الأول من المتهمين الأول والثانى بمنزل ……………. وضم الثانى كلا من المتهمين الثالث والرابع بمنزل المتهم الأخير حاملين الأسلحة النارية محشوة بالذخائر فى وضع الاطلاق انتظارا للمجنى عليهما الواقع مسكنها بطريق مكنهم مع يقينهم الكامل المسبق بأن المجنى عليهما لابد مارين بهما بطريق الكمين وكان البحث فى توافر ظرف سبق الاصرار من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجة من ظروف الدعوى وعناصرها مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا تتنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج وكان الواضح من مدونات الحكم أنه استظهر أن الضغينة التى فى نفوس المتهمين قد ولدت أثراً دفعهم إلى ارتكاب الجريمة بعد تفكير ورويه وتدبير فإن استخلاصه لظرف سبق الاصرار يكون سليما وصحيحاً فى القانون . كما أن ما أورده الحكم تدليلا على توافر ظرف الترصد كافيا وسائغا ولا ينفيه أن يكون الترصد فى مكان خاص بالجناة أنفسهم ولا يعيب الحكم من بعد خطوة – فى موضع منه – فى بيان المكان الذى كمن فيه المتهمان الثالث والرابع طالما أنه غير مؤثر فى منطقة أو النتيجة التى أنتهى إليها . لما كان ذلك وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه اعتنق صورة واحدةللدعوى مؤداها أن المتهمين الأربعة أطلقوا النار على المجنى عليهما وكان اعتناق الحكم لهذه الصورة لا يتناقض مع ما أورده من تحريات عول عليها فى قضائه تضمنت أن اطلاق النار كان من المتهمين الأول والثانى دون المتهمين الثالث والرابع اللذين اقتصر دورهما على شد أزر زميليهما . ذلك أن أبتناء الحكم على أدلة ليس بينها تناسق تام لا يعيبه مادام ترادفها وتظاهرها على الإدانة قاضيا لها فى منطق العقل بعدم التناقض . هذا فضلا عن أن من حق محكمة الموضوع أن تجرئ التحريات وتأخذ بها فيما تضمنته من تواجد المتهمين بمسرح الحادث دون تحديد مطلق الأعيرة منهم هذا فضلا عن أن هذا الخلاف لا يؤثر فى عقيدة المحكمة باعتبار أن المتهمين جميعا فاعلين أصليين طبقا للمادة 39 من قانون العقوبات ومن ثم فإن منعى الطاعنين فى هذا الصدد يكون غير سديد . لما كان ذلك وكان البين من محاضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم ينازع فى الوقت الذى حدده شاهد الاثبات استنادا إلى حالة التيبس الرمى والزرقة الرمية بجثة المجنى عليه الأول على نحو ما يدعيه فى أسباب طعنه ومن ثم فلا يقبل منهما النعى على المحكمة أغفالها الرد عليه مادام أنهما لم يتمسكا به أمامها ولا يجوز لهما من بعد آثاره هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض لما يتطلبه من تحقيق موضوعى يخرج عن وظيفة هذه المحكمة لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين وأن نازعا فى مكان وقوع الحادث إلا أنهما لم يستندا إلى عدم وجود دماء بمكانه على نحو ما ورد بأسباب طعنهما ومن ثم فلا يجوز لهما الاستناد إلى أساس جديد للتدليل على صحة هذا الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض ، ولما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رد على منازعة الطاعنين فى مكان الحادث استدلالا بعدم وجود طلقات فارغة فيه واطرحه بقوله ” أما ما آثاره الدفاع عن عدم وجود طلقات فارغة بمكان الحادث فلا ينال من صحة الدليل فى الدعوى ذلك أن الثابت أن الواقعة حدثت فى زهاء الثالثة والنصف مساء ولم تجر معاينة إلا فى التاسعة مساء أى بعد انقضاء خمس ساعات ونصف الساعة ومكان الحادث طريق عمومى عج به جمهور الناس على ما شهد به …………. ولم يثبت بالأوراق أن أحداً قد عنى أثر الحادث بالتحفظ على آثاره عقب وقوعه ” . وكان ما أورده الحكم رداً على دفاع الطاعنين سائغاً وكافيا لا طراحه ومن ثم فإنه لا محل للنعى على الحكم فى هذا الخصوص ولا يعيب الحكم أغفاله الرد على ما استدل به الطاعنان على صحة هذا الدفاع من عدم وجود آثار للمقذوفات بحوائط وأبواب المنازل المحيطة بمكان الحادث . لما هو مقرر من أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى وتقصيها فى كل جزئية منها والرد عليها رداً صريحا وإنما يكفى أن يكون الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التى عولت عليها فى حكمها ولا يعدو أن يكون ما يثيره الطاعنان فى هذا الصدد سوى محاولة لتجريح أدلة الدعوى على وجه معين تأديا من ذلك إلى مناقضة الصورة التى ارتسمت فى وجدان محكمة الموضوع بالدليل الصحيح وهو ما لا يقبل لدى محكمة النقض . هذا فضلا عن أن هذا الدفاع يدحضه الواقع الذى أثبته الحكم فى مدوناته نقلا عن معاينة النيابة – التى لا يمارى الطاعنان فى صحة اسناد الحكم بشأنها – من أنه وجد أسفل جثتى المجنى عليهما آثار دماء غزيرة . لما كان ذلك وكان البين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين لم يثيرا شيئا عن التناقض بين الدليلين القولى والفنى فى شأن مسافة الاطلاق واستقرار أحد المقذوفات بأمعاء أحد المجنى عليهما ومن ثم فلا يسوغ لهما إثاره هذا الدفاع لأول مرة أمام هذه المحكمة لأنه دفاع موضوعى لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد رد على ما آثاره الدفاع عن تناقض الشاهد ……….. فى تحديد مسار المجنى عليهما واتجاههما قبل الحادث واطراحه بقوله ” أما عن قول الدفاع بتناقض الشاهد فى بيان وجهة قدون المجنى عليهما واتجاه سيرهما قبل الاعتداء بين ما قرره بالتحقيقات عما ذكره بالمعاينة طالما كان الثابت بالتحقيقات ( ص 16 ) قول الشاهد لمقدم المجنى عليهما وسيرهما بالشارع موقع الحادث مرورا بمنزل ارتكبها الطاعنان المستوجبة لعقابهما وأنها ارتكبت لغرض واحد مما يوجب الحكم على كل منهما بعقوبة واحدة هى المقررة لأشد هذه الجرائم وكان الحكم قد قضى على كل منهما بعقوبة واحدة عملا بالمادة 32 من قانون العقوبات فإنه يكون قد أعمل حكم هذه المادة ولا يؤثر فى سلامته أنه أغفل ذكر الجريمة الأشد . لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه قد بين أسماء المتهمين وبين الحاضر منهم والغائب ولم يرد فى القانون نص يوجب على القاضى تعيين المتهم باسمه فى منطوق الحكم ومن ثم فلا يعيب الحكم عدم تجديده فى منطوقه من صدر عليه الحكم حضوريا ومن صدر عليه الحكم غيابيا مادام ذلك واضحاً من مدوناته . لما كان ذلك وكان قانون الإجراءات الجنائية إذ نص فى الفقرة الأخيرة من المادة 310 على أن كل حكم بالإدانة يجب أن يشير إلى نص القانون الذى حكم بموجبه فقد أبانت بوضوح أن البطلان مقصور على عدم الإشارة إلى نصوص القانون الموضوعى على اعتبار أنه من البيانات الجوهرية التى تقتضيها قاعدة شرعية الجرائم والعقوبات أما أغفال الاشارة إلى نصوص القانون المدنى المتعلقة بالدعوى المدنية فإنه لا يبطل الحكم ويضحى النعى عليه لهذا السبب غير سديد . لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينا رفضه موضوعا .
………….. واتجاها إلى منزل …………… وكان قد بان من الرسم الكروكى لمكان الحادث أن ذلك الاتجاه من الشمال إلى الجنوب وهو ذات القول الذى أصر عليه لدى تصويره للحادث أثناء المعاينة ومن ثم فإن المحكمة تعتقد بعدم التناقض فى هذا الصدد بين روايتيه بالتحقيقات وما قرره بالمعاينة ، وكان البين من المفردات التى أمرت المحكمة بضمها سلامة ما خلص إليه الحكم فى هذا الخصوص فإن النعى عليه بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل ولا يعيبه أن يكون الشاهد قد تناقض فى تسميه الاتجاه الذى قدم منه المجنى عليهما لما هو من المقرر أن تناقض الشاهد أو تضاربه فى أقواله لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصا سائغا لا تناقض فيه لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد تناول بالرد على ما آثاره الدفاع من أوجه دفاع جوهرية واطرحها بردود سائغة . وكان من المقرر أن المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد على كل شبهة يثيرها على استقلال إذ الرد يستفاد دلالة من أدلة الثبوت السائغة التى أوردها الحكم وكان الطاعنان لا يدعيان أن الحكم قد أغفل الرد على دفاع هام مؤثر فى الدعوى فإن ما يثيره تعباً على الحكم فى هذا الصدد لا يكون مقبولا . لما كان ذلك وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلا بشخص الطاعن إنه ما يثيره الطاعنان نعيا على الحكم من خطأ فى مصادرة السلاح المملوك للمتهم الثالث لا يكون مقبولا . لما كان ذلك وكان الحكم قد بين الجرائم التى