جلسة 25 من نوفمبر سنة 1991
برئاسة السيد المستشار / منصور حسين عبد العزيز نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / عبد المنعم وفا ، محمد السعيد رضوان ، حماد الشافعى نواب رئيس المحكمة وعزت البندارى .
___________________________
( 266 )
الطعن رقم 2564 لسنة 57 القضائية
( 1 ، 2 ، 3 ) نقض " اثر نقض الحكم " " السبب المجهل " . حكم " عيوب التدليل " .
( 1 ) نقض الحكم متعدد الأجزاء فى جزء منه ، أثره ، نقض كل ما تأسس على هذا الجزء المنقوض . م 271 / 2 مرافعات . مثال فى عمل .
( 2 ) التناقض فى الحكم . ماهيته .
( 3 ) أسباب الطعن بالنقض . وجوب بيانها بصحيفة الطعن بكيفية واضحة كاشفة عن المقصود منها .
( 4 ) تأمينات اجتماعية " معاش " . حكم .
القضاء برفض طلب فروق المعاش . انصرافه فضلا عن هذه الفروق إلى طلب فوائدها والتعويض من عدم صرفها .
1- يدل النص فى المادة 271 / 2 من قانون المرافعات على أن العبرة فى الأحكام متعددة الأجزاء عند الطعن بالنقض فى جزء منها فقط هو باستقلال هذا الجزء عن بقية الأجزاء ، إذ يزول الحكم عند نقضه وينمحى أثره فى صدد الجزء المطعون فيه ، أما بقية الاجزاء التى لم يوجه إليها أى طعن فتظل على حالها مرتبة كل اثارها ، أما إذا كان بين بعض أجزاء الحكم ارتباط وتبعية فإن نقض الحكم لا ينحصر أثره فيما تناولته أسباب الطعن من هذه الأجزاء بل يمتد أثره إلى ما ارتبط بها أو ترتب عليها من الأجزاء الأخرى ولو لم يطعن فيها أو لم يذكره حكم النقض على وجه التخصيص ، بما مؤداه أن ينمحى الحكم المنقوض بجميع أجزائه المرتبطة ما طعن فيه وما لم يطعن .
2- المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضا بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم أو يحمله .
3- إن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً انما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفاً واضحاً كاشفاً عن المقصود منها كشفاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً فى صحيفة الطعن ، مما لا تغنى عنه الإحالة فى بيانه إلى أوراق أخرى .
4- القضاء برفض الدعوى لعدم الأحقية فى طلب فروق المعاش ، ينصرف فضلاً عن هذه الفروق إلى طلب فوائدها والتعويض عن عدم صرفها لارتباطها بطلب الفروق وجوداً وعدماً .
المحكمة
بعد الإطلاع على الاوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة .
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية .
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن – تتحصل فى أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1010 لسنة 1980 عمال كلى شمال القاهرة على المطعون ضدهما – الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية وشركة الفنادق المصرية – وطلب الحكم بإلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 237 جنيهاُ و 150 مليم فرق المعاش المستحق له عن المدة من 15/8/1980 حتى 31/12/1980 وما يستجد على أساس ان المعاش المستحق له هو مبلغ 172 جنية و 670 مليم شهرياً ، والفوائد القانونية على ما يحكم به من تاريخ استحقاق كل معاش شهرى على حدة بواقع 4 % وإلزامهما متضامنين بأن يدفعا له مبلغ خمسة الاف جنية كتعويض عما لحقه من أضرار ، وقال بيانا لدعواه إنه كان يعمل بالشركة المطعون ضدها الثانية ويتقاضى بالإضافة إلى أجرة نوعين من الحوافز نوع أصلى شهرى ثابت بواقع 50 % من المرتب ونوع اضافى متغير يصرف بقرارات إدارية منفردة وبتاريخ 1/4/1978 أوقفت الشركة المطعون ضدها صرف الحوافز بنوعيها فأقام الدعوى رقم 779 لسنة 1978 عمال كلى شمال القاهرة على المطعون ضدهما وقد صدر الحكم فيها بتاريخ 27/10/1979 بأحقيته فى الحوافز بنوعيها بالاضافة إلى الفوائد القانونية فضلا عن تعويض الأضرار الأدبية التى لحقته . وتأيد هذا الحكم وأصبح نهائياً بالاستئنافين رقمى 1142 ، 1232 لسنة 96 ق بتاريخ 23/12/79 وأنه استحق علاوتين مقدار كل منهما خمسة جنيهات إعمالاً للقانون رقم 135 لسنة 1980 وبتاريخ 15/8/1980 أحيل إلى المعاش لبلوغه السن القانونية . وقد امتنع المطعون ضدهما عن تسوية معاشه على أساس الحكم الصادر لصالحه ، وعن تطبيق أحكام القانون رقم 135 لسنة 1980 عليه ، وأخطرته الهيئة المطعون ضدها بربط معاشه بمبلغ 127 جنية و 240 مليم رغم أن المعاش المستحق له مبلغ 172 جنية و 670 مليم ومن ثم أقام دعواه بطلباته سالفة البيان ، ندبت المحكمة خبيراً فى الدعوى وبتايخ 29/4/1986 حكمت المحكمة برفض الدعوى . استأنف الطاعن هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 891 لسنة 103 ق . وبتاريخ 19/5/1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف . طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض . وقدمت النيابة مذكرة أيدت فيها الرأى برفض الطعن ، ويعرض الطعن على المحكمة فى غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها .
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الصادر فى الطعن بالنقض رقم 356 لسنة 50 ق لم يمس الحكم الصادر فى الدعوى رقم 799 لسنة 1978 عمال كلى شمال القاهرة المؤيد بالحكم الاستئنافى الصادر فى الاستئنافين رقمى 1143 ، 1232 لسنة 96 ق والذى قضى باعتبار متوسط الاجر الذى يحسب على أساسه معاشه الطاعن هو الأجر الأصلى مضافاً إليه متوسط الحوافز الأصلية الثابتة وإذ قضى الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه بفصل متوسط الأجر عن متوسط الحوافز طبقاً لمدة كل منهما عند احتساب معاش الطاعن فإنه يكون قد خالف حجية الحكم سالف الذكر مما يستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن النص فى المادة 271 / 2 من قانون المرافعات على أنه " إذا كان الحكم لم ينقض إلا فى جزء منه بقى نافذاً فيما يتعلق بالأجزاء الأخرى ما لم تكن مترتبة على الجزء المنقوض " ، يدل على أن العبرة فى الأحكام متعددة الأجزاء عند الطعن بالنقض فى جزء منها فقط هو باستقلال هذا الجزء عن بقية الأجزاء ، إذ يزول الحكم عند نقضه وينمحى أثره فى صدد الجزء المطعون فيه ، أما بقية الأجزاء التى لم يوجه إليها أى طعن فتظل على حالتها مرتبة كل أثارها أما إذا كان بين بعض أجزاء الحكم ارتباط وتبعية فإن نقض الحكم لا ينحصر أثره فيما تناولته أسباب الطعن من هذه الأجزاء بل يمتد أثره إلى ما ارتبط بها أو ترتب عليها من الأجزاء الأخرى ولو لم يطعن فيها أو لم يذكره حكم النقض على وجه التخصيص ، بما مؤداه أن ينمحى الحكم المنقوض بجميع أجزائه المرتبطة ما طعن فيه ومالم يطعن ، لما كان ذلك ، وكان يبين من حكم النقض الصادر فى الطعن رقم 356 لسنة 50 ق أن المحكمة قبلت النعى على الحكم الصادر فى الاستئنافين رقمى 1143 ، 1232 لسنة 96 ق فيما قضى به بالنسبة للحوافز وقضت بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من الزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع للطاعن مبلغ 723 جنية و 453 مليم مجموع الحوافز الأصلية والإضافية ومكافآت الانتاج عن الفترة من 1/4/1978 حتى 30/11/78 ومبلغ 1616 جنية و 250 مليم مجموع الحوافز الأصلية والاضافية ومكافآت الانتاج عن الفترة من 1/12/1978 حتى 30/6/1979 والفوائد القانونية عن هذه المبالغ من تاريخ رفع الدعوى وبرفض الدعوى فى هذا الخصوص ، وكان نقض الحكم الصادر بأداء مبلغ الحوافز يمتد أثره إلى ما قضى به الحكم من أن متوسط الأجرة الذى يحسب على أساسه المعاش هو الأجر الأصلى مضافاً إليه متوسط الحوافز الأصلية الثابتة لأن هذا القضاء مترتب على القضاء بالحوافز . لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف حجية الحكم الصادر فى الدعوى رقم 799 لسنة 1979 عمال كلى شمال القاهرة ويكون النعى بهذا السبب غير سديد .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجه الأول من السبب الثانى من سببى الطعن التناقض وفى بيان ذلك يقول إن الحكم الابتدائى المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد انتهى إلى عدم أحقيته فى احتساب معاشه مضافاً إليه معاش الحوافز المطالب بها إعمالاً لحكم النقض فى الطعن رقم 356 لسنة 50 ق ثم عاد وأورد أن الثابت من تقرير الخبير احتساب معاش الطاعن مضافاً إليه معاش الحوافز مما يعيبه بالتناقض ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ذلك أن المقرر فى قضاء هذه المحكمة أن التناقض الذى يعيب الحكم هو ما تتعارض به الأسباب وتتهاتر فتتماحى ويسقط بعضها بعضاً بحيث لا يبقى منها ما يقيم الحكم أو بحمله ، ولما كان البين من مدونات الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضائه على دعامتين منفصلتين – أولاهما – صدور حكم محكمة النقض فى الطعن رقم 356 لسنة 50 ق بإلغاء الحوافز التى قضى بها للطاعن فى الدعوى رقم 799 لسنة 1978 شمال القاهرة – والأخرى – أن الهيئة المطعون ضدهما احتسب معاش الطاعن مضافاً إليه الحوافز التى كانت مستحقة له – وهى مغايرة للحوافز التى الغاها حكم محكمة النقض آنف الذكر – ومن ثم فلا تناقض بين الدعامتين – ويكون النعى على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه بالوجهين الثانى والثالث من السبب الثانى بالغموض والقصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والاخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه لم يرد على أسباب استئنافه وأهدر دفاعه ومستنداته .
وحيث إن هذا النعى غير مقبول ، ذلك أن المادة 253 من قانون المرافعات إذ أوجبت أن تشمل صحيفة الطعن بالنقض على بيان الأسباب التى بنى عليها الطعن وإلا كان باطلاً إنما قصدت بهذا البيان أن تحدد أسباب الطعن وتعرف تعريفا واضحا كاشفاً عن المقصود منها كشفاً نافياً عنها الغموض والجهالة بحيث يبين منها العيب الذى يعزوه الطاعن إلى الحكم وموضعه منه وأثره فى قضائه ، ومن ثم فإن كل سبب يراد التحدى به يجب أن يكون مبيناً بياناً دقيقاً فى صحيفة الطعن مما لا تغنى عنه الاحالة فى بيانه إلى أوراق أخرى ، لما كان ذلك وكان الطاعن لم يبين فى صحيفة الطعن أسباب الاستئناف ووجوه الدفاع والمستندات التى يقول أنه قدمها إلى محكمة الاستئناف والتى ينعى على الحكم المطعون فيه إغفاله الرد عليها ، فإن النعى يكون مجهلاً ومن ثم غير مقبول .
وحيث إن الطاعن ينعى بالوجه الرابع من السبب الثانى على الحكم المطعون فيه القصور فى التسبيب وفى بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائى والحكم المطعون فيه لم يفصلا فى طلب التعويض عن الأضرار التى لحقته من جراء عدم تطبيق أحكام القانون رقم 125 لسنة 1980 عند إحالته للمعاش ، وطلب الحكم بالفوائد القانونية على متجمد الفروق المالية المستحقة له مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه .
وحيث إن هذا النعى مردود ، ذلك أن القضاء برفض الدعوى لعدم الأحقية فى طلب فروق المعاش ، ينصرف فضلاً عن هذه الفروق إلى طلب فوائدها والتعويض عن عدم صرفها لارتباطها بطلب الفروق وجوداً وعدماً ، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى رفض الدعوى فإن هذا الرفض ينصرف إلى طلب الفروق وما ترتب عليه من طلب الفوائد والتعويض عن عدم اداء الفروق ويكون النعى بذلك على غير أساس .
وحيث إنه لما تقدم ، يتعين رفض الطعن .