تعلن الذاكرة والمعرفة اليوم عن إطلاق سلسلة تقارير “قراءة في اﻷوراق الرسمية”، نسعى خلال هذه السلسلة تقديم سرد موازي للأحداث وكشف الانتهاكات، كما نسعى إلى توثيق ودراسة سياسة اﻹفلات من العقاب باعتباره ظاهرة وليس كحالات منفردة متفرقة، كما نسعى لفهم العوامل المؤدية لتفشي اﻹفلات من العقاب، وإلى إيضاح أثر ذلك على المجتمع والدولة. يتم هذا التناول في إطار مفاهيم أساسية كمفهوم الحق في المحاكمة العادلة والمنصفة، وسيادة القانون، والعدالة الانتقالية وغيرها من المفاهيم المرتبطة.
وفي هذا اﻹطار نعلن عن التقرير اﻷول "معتصمون ومحاكم: عن أحمد دومة وقضية مجلس الوزراء"
نناقش في هذا التقرير قضية أحداث مجلس الوزراء التي وقعت في ديسمبر 2011، مع التركيز على محاكمة أحمد دومة والتي تسلّط الضوء على سؤال ملح في أي نقاش حول التحول الديمقراطي في مصر؛ سؤال استقلال القضاء والسلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، بهدف الحفاظ على سير العدالة والالتزام بالقانون في سبيل الترسيخ لمجتمع ديمقراطي حقيقي، لا يُعاقَب فيه أحد على ما لم يرتكبه، كما لا يفلت فيه ذوو السلطة من العقاب القانوني.
اعتمدنا في كتابة هذا التقرير على أوراق القضية المعروفة بـ”قضية أحداث مجلس الوزراء”، وتتكّوّن أوراقها من حوالي تسعة آلاف صفحة، تتضمن بلاغات وتقارير طبية ومذكرات ضبط وأمر إحالة ومحاضر تحقيق واستجواب متهمين ومصابين، بالإضافة لنص حكم الدرجة الأولى الصادر من المحكمة بتاريخ 4 فبراير 2011.
كان الاعتماد على أوراق القضية مفتاحًا لتسليط الضوء على النواحي القانونية المرتبطة بسير التحقيقات مع المتهمين والمتهمات فيها، مما مكّننا من فهم انتهاكات معايير المحاكمة العادلة في الاتهامات الموجهة بحق المتهمين، والذين سيُحكم عليهم فيما بعد، كما ساعدتنا أوراق القضية على فهم السردية التي جرت على لسان المتهمين والمتهمات أثناء استجوابهم من قِبَل النيابة.
سعينا في التقرير لاستخدام سردية المتهمين، أثناء التحقيق معهم، لمعرفة تفاصيل مرتبطة بتنوعهم وتنوع خلفياتهم الاجتماعية، ولفهم الطريقة التي تعاطى بها هؤلاء مع المنظومة القضائية بغرض الدفاع عن أنفسهم، حتى لو لم يكن المتهم يقول الحقيقة دائمًا، خاصة في ظل سياق تكون فيه للنيابة والقضاء عقيدة مسبقة بخصوصهم، كما سيلي بيانه لاحقًا.