الدعوى 3 لسنة 19 - دستورية - المحكمة الدستورية العليا - مرفوعة علنية رقم 3 لسنة 19 بتاريخ 01/08/1998

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باسم الشعب

 

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة فى أول أغسطس سنة 1998 الموافق 8 ربيع الآخر 1419 هـ .

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال

وعضوية السادة المستشارين : سامى فرج يوسف والدكتور/ عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله

وحضور السيد المستشار/ عبد الوهاب عبد الرازق حسن رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 3 لسنة 19 قضائية دستورية .

المقامة من

السيد/ ........................

ضد

1- السيد/ رئيس الجمهورية

2- السيد الدكتور/ رئيس مجلس الوزراء

3- السيد المستشار/ وزير العدل

4- السيد المستشار/ النائب العام

5- السيد المهندس/ وزير الإسكان

الإجراءات

بتاريخ الثامن من يناير سنة 1997، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلباً للحكم بعدم دستورية قرارى محافظ بنى سويف رقمى 128 لسنة 1980، 107 لسنة 1985؛ وكذلك المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية رقم 272 لسنة 1982 فى شأن نقل بعض الاختصاصات إلى الحكم المحلى .

قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ؛ أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ؛ وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

 

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى ، وسائر الأوراق- تتحصل فى أن النيابة العامة كانت قد قدمت المدعى للمحاكمة الجنائية فى قضية الجنحة رقم 6649 لسنة 1995 مركز بنى سويف؛ بوصف أنه قام بالبناء بدون تصريح من الوحدة المحلية ؛ كما قام بإجراء أعمال البناء فى الأجزاء البارزة عن خطوط التنظيم الصادر بها قرار محافظ بنى سويف رقم 128 لسنة 1980 المعدل بالقرار رقم 107 لسنة 1985؛ وشغل الطريق العام بدون ترخيص؛ وطلبت عقابه بمواد القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء، ومواد القانون رقم 140 لسنة 1956 فى شأن إشغال الطرق العامة . وإذ عاقبته محكمة الجنح بمواد الاتهام؛ فقد استأنف حكمها أمام محكمة بنى سويف الإبتدائية ؛ وقيدت الجنحة المستأنفة برقم 10929 لسنة 1996. وأثناء نظرها دفع بعدم دستورية قرار محافظ بنى سويف رقم 107 لسنة 1985 المعدل لقرار المحافظ رقم 128 لسنة 1980 وبعد تقدير المحكمة الاستئنافية جدية دفعه؛ أذنت له بإقامة دعواه الدستورية ؛ فأقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن من المقرر فى قضاء هذه المحكمة ؛ أن نطاق الدعوى الدستورية ، يتحدد بنطاق الدفع بعدم الدستورية المبدى أمام محكمة الموضوع؛ وفى الحدود التى تقدر فيها تلك المحكمة جديته؛ ومن ثم؛ وعلى ضوء قرار الاتهام الصادر فى الدعوى الموضوعية - باعتباره مبلوراً المصلحة الشخصية المباشرة فى إبطال التشريع اللائحى الذى ركن إليه هذا القرار فيما أسنده إلى المدعى - يتحدد نطاق الدعوى الدستورية الماثلة بقرار محافظ بنى سويف رقم 128 لسنة 1980 المعدل بقراره رقم 107 لسنة 1985، الذى ورد عليه دون غيره الإذن برفعها.

وحيث إنه بتاريخ 25/6/1980 صدر قرار محافظ بنى سويف رقم 128؛ الذى أشار فى ديباجته إلى قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979 ولائحته التنفيذية ؛ وإلى القانون رقم 106 لسنة 1976 فى شأن توجيه وتنظيم أعمال البناء. وقضى فى مادته الأولى بأن تسرى أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976- المشار إليه- على القرى التى تم تخطيطها عمرانياً بدائرة المحافظة والوارد بيانها بالكشوف المرفقة به. ومن بعد ذلك، وبتاريخ 12 من يونيه سنة 1985 نشر بالوقائع المصرية قرار محافظ بنى سويف رقم 107 لسنة 1985، وقضى فى مادته الأولى بتعديل قراره رقم 128 لسنة 1980سالف البيان، بحيث يقتصر سريان أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 فى تلك القرى على الشوارع فقط وذلك على النحو الوارد بها. وفى مادته الثانية بإلزام الراغبين فى البناء من مواطنى هذه القرى بالحصول- نظير رسم- على تصريح بذلك.

وحيث إن المدعى ينعى على قرارى محافظ بنى سويف المطعون فيهما؛ صدورهما من سلطة غير مختصة بإصدارهما طبقاً للمادة (144) من الدستور؛ فضلاً عن مخالفتهما كذلك أحكام المواد (34، 64، 66، 86) من الدستور.

وحيث إن الدستور قد اختص فى المادة (86) منه السلطة التشريعية بمهمة إقرار القوانين، فلا تباشرها إلا بنفسها، ولم يخول السلطة التنفيذية مباشرة شئ ٍمن الوظيفة التشريعية إلا فى الحدود الضيقة التى بينتها نصوصه حصراً. ذلك أن الأصل أن السلطة التنفيذية لا تتولى التشريع، وإنما يقوم اختصاصها أساساً على إعمال القوانين، وإحكام تنفيذها، غير أنه استثناء من هذا الأصل وتحقيقاً لتعاون السلطات وتساندها؛ فقد عهد الدستور إليها فى حالات محددة بأعمال تدخل فى نطاق الأعمال التشريعية ، من ذلك إصدار اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين، فنصت المادة (144) من الدستور على أن يصدر رئيس الجمهورية اللوائح اللازمة لتنفيذ القوانين؛ بما ليس فيه تعديل أو تعطيل لها أو إعفاء من تنفيذها، وله أن يفوض غيره فى إصدارها؛ ويجوز أن يعين القانون من يصدر القرارات اللازمة لتنفيذه.

ومفاد هذا النص؛ أن الدستور حدد على سبيل الحصر الجهات التى تختص بإصدار اللوائح التنفيذية فقصرها على رئيس الجمهورية أو من يفوضه فى ذلك أو من يحدده القانون لإصدارها؛ بحيث يمتنع على من عداهم ممارسة هذا الاختصاص الدستورى ؛ وإلا وقع عمله اللائحى مخالفاً لنص المادة (144) المشار إليها. كما أنه متى عهد القانون إلى جهة معينة بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذه، استقل من عينه القانون دون غيره بإصدارها.

وحيث إن المادة (29) فقرة أولى من القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه؛ كانت تنص على أن تسرى أحكام الباب الثانى من هذا القانون فى عواصم المحافظات، والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق للقانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلى ، أما القرى والجهات الأخرى فلا يسرى فيها إلا بقرار من وزير الإسكان والتعمير بناءً على طلب المحافظ المختص. ومؤدى هذا النص، أن مجال سريان الباب الثانى من قانون توجيه وتنظيم أعمال البناء، والخاص بتنظيم المبانى ؛ قد تحدد- عند صدور ذلك القانون- بعواصم المحافظات؛ والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق لقانون نظام الحكم المحلى ، وكذلك القرى والجهات التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الإسكان والتعمير، ويقتصر دور المحافظين فى هذا المجال على اقتراح مد سريان نطاق ذلك الباب إلى واحدة أو أكثر من القرى أو الجهات الواقعة فى محافظاتهم، على ألا تسرى أحكامه عليها إلا بعد صدور قرار وزير الإسكان والتعمير فى هذا الشأن. ولا يغير مما تقدم؛ ما نصت عليه المادة (27/1) من قانون نظام الحكم المحلى الصادر بالقانون رقم 43 لسنة 1979- الذى حل محل القانون رقم 52 لسنة 1975- من أن يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التى تدخل فى اختصاصات وحدات الحكم المحلى وفقاً لأحكام هذا القانون، جميع السلطات والاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين واللوائح. ذلك أن القصد من هذا النص- وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو أن يباشر المحافظون بوصفهم رؤساء الأجهزة والمرافق العامة الواقعة فى دوائر محافظاتهم، السلطات والاختصاصات المقررة للوزراء فى هذا الصدد؛ دون أن يتعدى ذلك إلى الاختصاص بإصدار اللوائح التنفيذية ؛ والتى تكون القوانين قد عهدت بها إلى الوزراء. ولا ينال منه كذلك؛ ما قضت به المادة السابعة من اللائحة التنفيذية لقانون نظام الحكم المحلى الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 من أن تباشر الوحدات المحلية كل فى دائرة اختصاصها تطبيق القوانين والأحكام واللوائح المتعلقة بأعمال التنظيم وخاصة فيما يتعلق بمطابقة المبانى للمواصفات والاشتراطات اللازمة وإصدار التراخيص الخاصة بذلك؛ ذلك أن مباشرة الوحدات المحلية لهذه المهام التنفيذية ؛ لا يستطيل- من زاوية دستورية - إلى إحداث تعديل تشريعى فى القوانين التى خولتها هذه الاختصاصات.

وحيث إن النص فى المادة (29) فقرة أولى من القانون رقم 106 لسنة 1976- بعد تعديلها بالقانون رقم 30 لسنة 1983- على أن تسرى أحكام الباب الثانى من هذا القانون على عواصم المحافظات والبلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق لقانون الحكم المحلى يدل على أن المشرع أعاد تحديد النطاق المكانى لسريان أحكام الباب الثانى من هذا القانون بحيث قصره على طائفتين من الحواضر؛ هما عواصم المحافظات؛ والمدن فى مفهوم قانون نظام الحكم المحلى ؛ حاسراً القرى والبلدان الأخرى من هذا النطاق؛ فلا يجوز من بعد للسلطة التنفيذية أن تمد نطاق سريان أحكام هذا الباب إلى غير تلك الحواضر، وإلا كان عملها مخالفاً للدستور.

متى كان ذلك؛ وكان قرار محافظ بنى سويف رقم 128 لسنة 1980 المعدل بقراره رقم 107 لسنة 1985 وقد قضى - على التفصيل السالف إيراده- بسريان أحكام القانون رقم 106 لسنة 1976 المشار إليه ومن بينها بابه الثانى على بعض القرى والتوابع التى أدرجها فى الكشوف الملحقة به، وعلى الأخص فيما يتعلق باشتراط استخراج تصريح للبناء، والتقيد بخط التنظيم أو بحد معين للطرق، بالمخالفة لحكم ذلك القانون، ودون تفويض منه، فأنه يكون منتحلاً سلطة التشريع، وصادراً من غير السلطة المختصة دستورياً بإصداره، واقعاً فى حمأة مخالفة المادتين (86، 144) من الدستور؛ مما يحيله عدماً، متعيناً بالتالى الحكم بعدم دستوريته.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم دستورية قرار محافظ بنى سويف رقم 128 لسنة 1980 المعدل بقراره رقم 107 لسنة 1985 وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .