الدعوى 4 لسنة 19 - دستورية - المحكمة الدستورية العليا - مرفوعة علنية رقم 4 لسنة 19 بتاريخ 07/11/1998

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باسم الشعب

 

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 7 نوفمبر سنة 1998 الموافق 18 رجب سنة 1419هـ.

برئاسة السيد المستشار/ محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم و حمدى محمد على وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى وعدلى محمود منصور.

وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد / حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 4 لسنة 19 قضائية دستورية .

المقامة من

السيد / ............................

ضد

1- السيد / رئيس الجمهورية

2- السيد / رئيس مجلس الوزراء

3- السيد / رئيس مجلس الشعب

4- السيد المستشار / وزير العدل

5- السيد الأستاذ / نقيب المحامين

6- السيد / رئيس لجنة القيد لقبول المحامين بالنقابة العامة للمحامين

7- السيد / ..................... بصفته حارسا قضائيا على النقابة العامة للمحامين

8- السيد / ..................... بصفته حارسا قضائيا على النقابة العامة للمحامين

الإجراءات

بتاريخ الثامن من يناير سنة 1997، أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبا الحكم بعدم دستورية البند 3 من المادة 14 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 فيما تضمنه من قصر الاستثناء من حظر الجمع بين الوظيفة العامة وممارسة مهنة المحاماة على أساتذة القانون فى الجامعات المصرية دون غيرهم من أعضاء هيئة التدريس بها.

وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى قد عين فى وظيفة مدرس مساعد بقسم القانون الخاص بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر؛ وإذ تحظر المادة 14 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 الجمع بين ممارسة مهنة المحاماة وتولى الوظائف العامة فى الحكومة والهيئات العامة والإدارة المحلية ، والوظائف فى شركات القطاع العام، فى حين أجازت ذلك للعاملين بالإدارات القانونية وأساتذة القانون بالجامعات؛ فقد أقام المدعى الدعوى رقم 5376 لسنة 1996 أمام الدائرة المدنية بمحكمة شمال القاهرة الابتدائية طالبا إلزام نقابة المحامين بقيد اسمه فى الجدول العام للمحامين المشتغلين. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى بعدم دستورية البند 3 من المادة (14) من قانون المحاماة فيما تضمنه من استثناء أساتذة القانون فى الجامعات المصرية - دون غيرهم من أعضاء هيئة التدريس فيها- من حظر الجمع بين وظائفهم وممارسة مهنة المحاماة . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .

وحيث إن قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 ينص فى المادة 14 منه على أن (لايجوز الجمع بين المحاماة والأعمال الآتية :

1- رئاسة مجلس الشعب أو مجلس الشورى .

2- منصب الوزارة ·

3- الوظائف العامة فى الحكومة والهيئات العامة والإدارة المحلية والوظائف فى شركات القطاع العام أو الوظائف الخاصة ، فيما عدا العمل بالإدارة القانونية المصرح لها بذلك طبقا لأحكام هذا القانون، وفيما عدا أساتذة القانون فى الجامعات المصرية فى الحالات التى يجيزها هذا القانون.).

وحيث إن المدعى ينعى على هذا النص مخالفته لنصوص المواد 8 و 13 و 40 من الدستور مستندا فى ذلك إلى أن النص الطعين قد اختص أساتذة الجامعات بميزة الجمع بين وظائفهم وممارسة مهنة المحاماة ، فى حين حجب هذه الميزة عن غيرهم من أعضاء هيئة التدريس بالجامعة .

وحيث إن من المقرر أن شرط المصلحة الشخصية المباشرة ، يتغيا أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى الخصومة الدستورية من جوانبها العملية ، وليس من معطياتها النظرية ، أو تصوراتها المجردة . وهو كذلك يقيد تدخلها فى تلك الخصومة القضائية ، ويحدد نطاقها، فلا تمتد لغير المطاعن التى يؤثر الحكم بصحتها أو بطلانها على النزاع الموضوعى ، وبالقدر اللازم للفصل فيه، ومؤداه ألا تقبل الخصومة الدستورية من غير الأشخاص الذين يمسهم الضرر من جراء سريان النص المطعون فيه عليهم، سواء أكان هذا الضرر قد وقع فعلا أم كان وشيكا يتهددهم. ويتعين دوما أن يكون هذا الضرر من فصلا عن مجرد مخالفة النص المطعون عليه للدستور، مستقلا بالعناصر التى يقوم عليها، ممكنا تحديده ومواجهته بالترضية القضائية لتسويته، عائدا فى مصدره إلى النص المطعون فيه. فإذا لم يكن هذا النص قد طبق أصلا على من ادعى مخالفته للدستور، أو كان من غير المخاطبين بأحكامه، أو كان قد أفاد من مزاياه، أو كان الإخلال بالحقوق التى يدعيها لا يعود إليه، دل ذلك على انتفاء المصلحة الشخصية المباشرة . ذلك أن إبطال النص التشريعى فى هذه الصور جميعها، لن يحقق للمدعى أية فائدة عملية يمكن أن يتغير بها مركزه القانونى بعد الفصل فى الدعوى الدستورية ، عما كان عليه قبلها · ولا يتصور بالتالى أن تكون الدعوى الدستورية أداة يعبر المتداعون من خلالها عن آرائهم فى الشئون التى تعنيهم بوجه عام، أو طريقا للدفاع عن مصالح بذواتها لا شأن للنص المطعون عليه بها · بل تباشر المحكمة الدستورية العليا ولايتها بما يكفل فعاليتها، وأن تدور رقابتها وجودا وعدما مع تلك الأضرار التى تستقل بعناصرها، ويكون ممكنا إدراكها لتكون لها ذاتيتها. ومن ثم تخرج من نطاقها ما يكون من الضرر متوهما أو منتحلا أو مجردا أو يقوم على الافتراض أو التخمين. ولازم ذلك، أن يقوم الدليل جليا على اتصال الأضرار المدعى وقوعها بالنص المطعون عليه، وأن يسعى المضرور لدفعها عنه، لا ليؤمن بدعواه الدستورية - وكأصل عام- حقوق الآخرين ومصالحهم، بل ليكفل إنفاذ تلك الحقوق التى تعود فائدة صونها عليه. والتزاما بهذا الإطار، جرى قضاء المحكمة الدستورية العليا على أن المصلحة الشخصية المباشرة شرط لقبول الدعوى الدستورية ، وأن مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الحكم فى المطاعن الدستورية لازما للفصل فى النزاع الموضوعى .

وحيث إن القانون رقم 103 لسنة 1961 بشأن إعادة تنظيم الأزهر والهيئات التى يشملها ينص فى المادة (56) منه على أن [ أعضاء هيئة التدريس فى الجامعة هم :

(أ) الأساتذة .

(ب) الأساتذة المساعدون.

(ج) المدرسون.]

ومفاد ذلك أن هيئة التدريس بجامعة الأزهر تقتصر فقط على الأساتذة والأساتذة المساعدين والمدرسين والذى ينظم شئون توظفهم- كأصل عام- قانون إعادة تنظيم الأزهر المشار إليه ولائحته التنفيذية وقانون تنظيم الجامعات ولائحته التنفيذية ؛ والتى تشترط للتعيين فى وظيفة مدرس- بحسبانها أدنى وظائف أعضاء هيئة التدريس- ضرورة الحصول على درجة الدكتوراه أو ما يعادلها من إحدى الجامعات المصرية فى مادة تؤهله لشغل الوظيفة ، أو أن يكون حاصلا من جامعة أخرى أو هيئة علمية أو معهد علمى معترف به فى مصر أو فى الخارج على درجة يعتبرها المجلس الأعلى للجامعات معادلة لذلك. أما وظيفتا المعيد والمدرس المساعد بجامعة الأزهر فلا تعتبران طبقا لنص المادة (66) من قانون إعادة تنظيم الأزهر المشار إليه، من وظائف أعضاء هيئة التدريس بجامعة الأزهر بل هما من الوظائف الأخرى التى تسرى عليها التشريعات العامة للتوظف الواردة بقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 والتى تفارق تلك التى تسرى فى شأن أعضاء هيئة التدريس فى الجامعة .

وحيث إن النص الطعين يخاطب بأحكامه أساتذة القانون بالجامعات المصرية باعتبارهم من أعضاء هيئة التدريس بها، وكان المدعى - بحسبانه مدرسا مساعدا بكلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر- لا يعتبر شاغلا لإحدى وظائف هيئة التدريس بالجامعة - على الوجه متقدم الذكر- فإن مصلحته فى مخاصمة البند (3) من المادة (14) من قانون المحاماة فيما تضمنه من حرمان أعضاء هيئة التدريس بالجامعات - عدا الأساتذة - من الاشتغال بالمحاماة ؛ تكون منتفية ً.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى ، وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .