الدعوى 15 لسنة 17 - تنازع - المحكمة الدستورية العليا - مرفوعة علنية رقم 15 لسنة 17 بتاريخ 01/02/1997
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
باسم الشعب
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت أول فبراير سنة 1997 الموافق 23 رمضان سنة 1417 ه.
برئاسة السيد المستشار الدكتور عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف والدكتور عبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور.
وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى علي جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد/ حمدى أنور صابر أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 15 لسنة 17 قضائية تنازع
المقامة من
السيد/ رئيس مجلس الوزراء
السيد/ وزير الثقافة
ضد
1 - السيد/ .......................
2 - السيد/ .......................
3 - السيد/ .......................
4 - السيد/ .......................
5 - السيدة / .......................
6 - السيدة / .......................
7 - السيدة / .......................
الإجراءات
بتاريخ العاشر من ابريل سنة 1995، أودعت هيئة قضايا الدولة نائبة عن كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الثقافة صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالبة تعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بنظر النزاع القائم بشأن الطعن على قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 1993 باعتبار مشروع إنشاء المركز القومى لفنون المسرح من أعمال المنفعة العامة ، والاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر على العقار اللازم لتنفيذه، بعد أن تمسكت كل من جهتى القضاء الإدارى والعادى بنظر ذلك النزاع.
وبعد تحضير الدعوى أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع -على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق - تتحصل فى أنه بتاريخ 4 من يناير سنة 1993، صدر قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 1993 باعتبار مشروع إنشاء المركز القومى لفنون المسرح من أعمال المنفعة العامة ، والاستيلاء على العقار رقم 8 شارع ............ قسم الأزبكية إنفاذا لهذا المشروع، مما حمل أصحابه على اختصام هذا القرار، وذلك من خلال دعويين : أولاهما : أمام محكمة القضاء الإدارى برقم 3387 لسنة 7 4 قضائية · وثانيتهما : أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية برقم 2991 لسنة 1993مدنى كلى ، طالبين فى أولاهما الحكم بوقف تنفيذ القرار المطعون فيه، وفى الموضوع بإلغائه ؛ وفى ثانيتهما الحكم أولا : باعتبار ذلك القرار من عدما وعديم الأثر، وثانيا: بعدم التعرض لهم فى تنفيذ الحكم الصادر فى 29 من يونيو سنة 1991فى الدعوى رقم 6593 لسنة 1981 مدنى كلى شمال القاهرة ، وذلك فيما تضمنه من إلزام الممثل القانونى للبيت الفنى للمسرح بأن يسلمهم العقار المتنازع عليه.
وقد قضى فى الدعوى الأولى بقبولها شكلاً، وبرفض طلب وقف تنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء المطعون فيه، مع إحالتها إلى هيئة المفوضين لتحضيرها وإعداد تقرير بالرأى القانونى فى شأن طلب الإلغاء · وقضت محكمة جنوب القاهرة الابتدائية فى الدعوى الثانية بعدم اختصاصها ولائيا بنظرها وإحالتها إلى مجلس الدولة للاختصاص · وإذ لم يرتض المدعى عليهم حكمها هذا فقد خاصموه باستئنافهم رقم 10812 لسنة 110 قضائية أمام محكمة الاستئناف القاهرة ، التى قضت بإلغاء الحكم المستأنف وباختصاص جهة القضاء العادى بنظر الدعوى ، وبإعادتها إلى محكمة أول درجة للفصل فيها.
وإذ أعيدت الدعوى إلى محكمة جنوب القاهرة الابتدائية ، فقد خلص حكمها فيها الصادر بجلستها المعقودة فى 24/10/1994 إلى اعتبار قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 1993 من عدما وعديم الأثر، مع منع المدعين من التعرض للمدعى عليهم فى تنفيذ الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6593 لسنة 1981 مدنى كلى شمال القاهرة .
وإذ ارتأى المدعيان فى النزاع الماثل، أن ثمة تنازعا إيجابيا على الاختصاص بين جهتى القضاء العادى والإدارى ، فقد أقاما طلب التنازع الماثل ابتغاء تعيين جهة القضاء الإدارى جهة مختصة بالفصل فيه.
وحيث إن مناط قبول طلب الفصل فى تنازع الاختصاص - إيجابيا كان أم سلبيا - وفقا للبند ثانيا من المادة 25 من قانون المحكمة الدستورية العليا الصادر بالقانون رقم 48 لسنة 1979، هو أن ترفع الدعوى عن موضوع واحد أمام جهتين من جهات القضاء أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى ، ولا تتخلى إحداهما عن نظرها، أو تتخلي كلتاهما عنها · وشرط انطباقه بالنسبة إلى التنازع الإيجابى هو أن تكون الخصومة قائمة فى وقت واحد أمام الجهتين المتنازعتين عند رفع الأمر إلى المحكمة الدستورية العليا بطلب تعيين الجهة المختصة بنظر النزاع الموضوعى والفصل فيه · ومن ثم يتحدد وضع طلب فض التنازع على الاختصاص أمامها بالحالة التى يكون عليها النزاع الموضوعى أمام هاتين الجهتين فى تاريخ تقديم طلب فض التنازع إلى المحكمة الدستورية العليا ؛ فلا يعتد بما يكون قد صدر بعدئذ عن هاتين الجهتين أو إحداهما من أعمال، سواء أكانت حكما أم إجراء.
وحيث إن البين من المذكرة التى رفعها وزير الثقافة إلى رئيس مجلس الوزراء فى شأن مشروع المركز القومى لفنون المسرح، والتى تم نشرها فى الجريدة الرسمية بعددها الصادر فى 21 يناير 1993، أنه بتاريخ 22/12/1959 صدر القرار الوزارى رقم 385 لسنة 1959 باعتبار مشروع تحويل دار سينما الكورسال الشتوى بالقاهرة إلى مسرح للتمثيل والموسيقى من أعمال المنفعة العامة ، على أن يتم الاستيلاء بالتنفيذ المباشر علي مبنى الكورسال الشتوى [العقار رقم 8 شارع ............ قسم الأزبكية ]. الذى حول بعدئذ - وبمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم 22274 لسنة 1960 - إلى مسرح ، ومنذ ذلك التاريخ والوزارة تضع يدها على أرض مساحتها 71ر1192 مترا مربعا ليشغلها مسرح ............ حاليا، وقد كانت الأرض - التى أقيم عليها هذا المسرح - مملوكة أصلا للشركة البلجيكية التى أجرتها بعدئذ خالية إلى السيد ............ حيث أنشأ عليها مبان استكملتها الوزارة وجددتها، بعد وضعها ليدها عليها.
وإذ باعت الشركة البلجيكية - فى عام 1975 - هذه الأرض إلى آخرين [ المدعى عليهم في دعوى التنازع الماثل ] فقد أقام ملاكها عددا من الدعاوى بطلب إخلائها وتسليمها، مما حدا بوزير الثقافة - بعد أن سقط قراران سابقان بنزع ملكيتها - إلى طلب إعمال قانون نزع الملكية فى شأن هذا العقار، بغية استغلال الأرض التى يقوم عليها لإنشاء مجمع مسرحى متكامل يكون مركزا للاشعاع والوعى المسرحيين فى هذه المنطقة الأكثر تميزا بموقعها، لا سيما وأن إجراءات نزع الملكية وفقا لهذا القانون، لاتوقفها دعاوى الاستحقاق وغيرها من الدعاوى العينية ، ولا تحول دون جريان نتائجها.
وحيث إن الدستور حدد لكل من السلطتين التشريعية والتنفيذية صلاحياتها ووظائفها، فلا يجوز لأيتهما أن تباشر غير الأعمال التى اختصها بها وقصرها عليها.
وحيث إن البين من القواعد التى تضمنتها المادة 35 من الدستور، أن التأميم لا يتم إلا بقانون، ومقابل تعويض ، وبشرط أن يتغيا تحقيق الصالح العام · ومن ثم كان التأميم عملا تشريعيا - لا إداريا - متخذا شكل قانون، وليس صادرا فى حدوده ؛ متعلقا بمشروع خاص، ومشتملا على كافة العناصر التى يتضمنها - ماكان منها ماديا أو معنويا - فلا ينصب على عقار محدد، بل ينقل هذا المشروع بعناصره جميعا إلى الملكية العامة ، ضمانا للتنمية الاقتصادية ، أوصونا للأمن الاجتماعى .
وحيث إن نزع الملكية من أصحابها - وعملا بنص المادة 34 من الدستور- لا يقع بقانون، بل فى الحدود التى بينها ؛ ووفقا للقواعد الإجرائية التى رسمها، والتى لا يجوز أن ينحيها قرار يصدر تطبيقا لها فى حالة بذاتها، وإلا كان منتهيا لاغتصابها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على ألا تتقيد إلا بكيوفها هى للعلائق القانونية ، ولا شأن لها بأوصافها التى خلعها المشرع عليها.
وحيث إن المادة الأولى من قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 50 لسنة 1993 تنص على أن يعتبر من أعمال المنفعة العامة ، مشروع إنشاء المركز القومى لفنون المسرح، كما تقضى مادته الثانية بأن يستولى بطريق التنفيذ المباشر على العقار رقم 8 شارع ............ قسم الأزبكية تنفيذا لهذا المشروع.
وحيث إن البين من الأوراق، وكذلك من المذكرة التى رفعها وزير الثقافة إلى رئيس الوزراء فى شأن مشروع القرار المطعون فيه، فضلا عن الصيغة التى أفرغ فيها، أن هذا القرار قد تعلق بمشروع إنشاء المركز القومى لفنون المسرح، متوخيا استغلال الأرض التى يمتد عليها العقار رقم 7 شارع ............ لإنشاء مجمع مسرحى متكامل يكون مركزا للإشعاع المسرحى ، متضمنا عرض ألوان من الإنتاج الرفيع لفنون المسرح الموسيقى ونشرها على المواطنين تعميقا لوعيهم المسرحى ، بما يبلور لديهم قيما ثقافية جديدة ، ينافيها أن تعود الأرض المتنازع عليها إلى أصحابها، فلا يبقى حق الانتفاع بها للدولة بعد أن أقيم عليها مسرح ............، وهو أحد دور العرض المسرحى الأكثر تميزا بموقعها.
وحيث إن القرار رقم 50 لسنة 1993، كان قد صدر بعد أن سقط قراران سابقان تعلقا بالأغراض عينها التى توخاها، وتداركا لآثار الحكم الصادر فى الدعوى رقم 6593 لسنة 1981 مدنى كلى شمال القاهرة فيما قضى به من رد الأرض المتنازع عليها إلى أصحابها مع تسليمها.
وحيث إن العقار رقم 7 شارع ............ - محل الاستيلاء بطريق التنفيذ المباشر - لا يمثل إلا أحد العناصر التى تقرر استغلالها لإنشاء مجمع مسرحى متكامل يستثير وعى المواطنين بفنون المسرح والموسيقى ، ويستنهض مختلف ألوانها التى تحمل فى ثناياها تلك الثقافة الرفيعة التى تريد الدولة نشرها وتعميقها ؛ وكان هذا المشروع يمثل بالعناصر التى اشتمل عليها - ماكان منها ماديا أو معنويا -وحدة قانونية تتضامم مكوناتها، فلايكون هذا العقار إلا جزءا منها لا ينفصل عنها ولايستغرقها، باعتبار أن هذا المشروع ليس إلا نشاطا متكاملا متناغما من خلال تساند عناصره جميعا وتوجهها لأغراض محددة تدور معها وجودا وعدما ؛ وكان قرار رئيس مجلس الوزراء محل النزاع الماثل قد صدر منحرفا بقانون نزع الملكية عن الأغراض التى رصد أصلا عليها، فألبس النصوص التى تضمنها ثوبا لايلائمها، واتخذها مأربا لإجراء تأميم بغير قانون ، متوخيا أن يكون القرار الصادر عن السلطة التنفيذية بنزع ملكية هذا العقار، بديلا عن صدور قانون بتأميم مشروع بكل العناصر التى يشتمل عليها، مخالفا بذلك نص المادتين 34 و 35 من الدستور اللتين ترسمان لكل من التأميم ونزع الملكية مجالا محددا، فلا يتداخلان أو تتماحى الفواصل بينهما.
وحيث إنه متى كان ذلك، وكان القرار المطعون فيه، قد جاوز حدود الدائرة التى يعمل فيها قانون نزع الملكية ، منتهيا إلى تجريد أصحابها منها غصبا وعدوانا، مستبدلا بالضمانة التى فرضها الدستور فى شأن التأميم، حماية أقل شأنا وأوهن أثراً، فإن جهة القضاء العادى تستعيد ولايتها بنظر النزاع الموضوعى باعتبارها الجهة التى أقامها المشرع أصلا على الفصل فى كل نزاع يتخذ من الملكية مداراً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بتعيين جهة القضاء العادى جهة مختصة بالفصل فى النزاع.