الدعوى 114 لسنة 19 - دستورية - المحكمة الدستورية العليا - مرفوعة علنية رقم 114 لسنة 19 بتاريخ 03/01/1998

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

باسم الشعب

 

المحكمة الدستورية العليا

بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت 3 يناير سنة 1998 الموافق 5 رمضان سنة 1418 هـ .

برئاسة السيد المستشار الدكتور/ عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة

وعضوية السادة المستشارين: نهاد عبد الحميد خلاف وحمدى محمد على والدكتور عبد المجيد فياض وماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور.

وحضور السيد المستشار الدكتور/ حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين

وحضور السيد/ حمدى أنور صابر أمين السر

أصدرت الحكم الآتى

 

فى القضية المقيدة بجدول المحكمة الدستورية العليا برقم 114 لسنة 19 قضائية دستورية .

المقامة من

السيد / .................................

ضد

1- السيد / رئيس مجلس الوزراء

2- السيد / محافظ البنك المركزى المصرى

3- السيد / رئيس مجلس إدارة بنك مصر

الإجراءات

بتاريخ الحادى عشر من يونيه سنة 1997، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طلبا للحكم بعدم دستورية البند ثانيا من المنشور الدورى رقم 3088 لسنة 1987 بشأن قواعد صرف حوافز الإنتاج للعاملين ببنك مصر.

قدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فى ختامها الحكم بعدم اختصاص المحكمة بنظر الدعوى أو برفضها.

وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.

ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.

المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .

حيث إن الوقائع- على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق- تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم 1324 لسنة 1990 عمال كلى جنوب القاهرة ضد المدعى عليه الثالث ابتغاء القضاء بإلزامه بأن يدفع للمدعى - فضلا عن التعويض المؤقت- الحوافز المستحقة له منذ 9/3/1989- والتى أرجئ صرفها إليه حتى تصدر النيابة العامة قرارها فى الاتهام المنسوب له. وأثناء نظرها دفع المدعى بعدم دستورية نص البند ثانيا من المنشور الدورى رقم 3088 لسنة 1987 الصادر تطبيقا للمادة 36 من اللائحة العامة للعاملين ببنك مصر السارية منذ 1/7/1977- والمنطبق على واقعة تلك الدعوى . وبعد تقديرها لجدية دفعه صرحت محكمة الموضوع للمدعى بإقامة دعواه الدستورية ، فأقامها.

وحيث إن من المقرر قانونا؛ أن المحكمة الدستورية العليا؛ بما لها من هيمنة على الدعوى ، هى التى تعطيها وصفها الحق، وتكييفها القانونى الصحيح؛ وذلك على ضوء طلبات الخصوم فيها، وبعد استظهار حقيقة أبعادها ومراميها، واستلهام معانى عباراتها دون التقيد بمبانيها؛ وكان البين من الأوراق، أن طلبات المدعى تتمثل فى الحكم بعدم دستورية قرار صدر من بنك مصر- فى إطار علاقته بالعاملين لديه- بإرجاء صرف الحوافز الدورية للعاملين المحالين إلى إحدى سلطات التحقيق، وذلك حتى صدور قرارها النهائى فى المخالفات المنسوبة إليهم، تأسيسا على مخالفة هذا القرار لأحكام المواد 8، 23، 36، 40، 66، 67 من الدستور؛ فإن دعواه- فى هذا النطاق- تنحل إلى طعن بعدم دستورية ذلك القرار.

وحيث إن المدعى عليهم دفعوا بعدم اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائيا بنظر الدعوى ؛ تأسيسا على أن القرار المطعون فيه، لا يعد من قبيل القوانين واللوائح المقصودة بنص المادة 25 من قانون هذه المحكمة ؛ ومن ثم يخرج عن اختصاصها.

وحيث إن الدستور قد عهد- بنص المادة 175- إلى المحكمة الدستور العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون · وبناءً على هذا التفويض أصدر المشرع قانون هذه المحكمة مبينا اختصاصاتها؛ محددا ما يدخل فى ولايتها حصرا، مستبعدا من مهامها ما لا يندرج تحتها، فخولها اختصاصا منفردا بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح؛ مانعا أى جهة من مزاحمتها فيه، مفصلا طرائق هذه الرقابة وكيفيتها، وذلك ضمانا منه لمركزية الرقابة على المشروعية الدستورية ، وتأمينا لاتساق ضوابطها وتناغم معاييرها، وصولا من بعد إلى بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور، بما يكفل تكاملها وتجانسها. وهو ما نحاه قانون المحكمة الدستورية العليا، مؤكدا أن اختصاص هذه المحكمة - فى مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية - ينحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضوعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها، فلا تنبسط ولايتها فى شأن الرقابة القضائية على الدستورية ، إلا على القانون بمعناه الموضوعى باعتباره منصرفا إلى النصوص القانونية التى تتولد عنها مراكز عامة مجردة ؛ سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى أقرتها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها التى ناطها الدستور بها؛ وأن تنقبض عما سواها.

وحيث إن التنظيم التشريعى لبنك مصر- على ضوء أحكام المادتين الأولى والثانية من قرار رئيس الجمهورية رقم 872 لسنة 1965 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بالبنوك- يدل على أن ذلك البنك قد غدا شركة مساهمة يضع مجلس إدارة البنك المركزى المصرى نظامها الأساسى ؛ وتتم إدارتها وفقا للقواعد السارية فى المنشئات المصرفية العادية ، دون تقيد بالنظم والقواعد الإدارية والمالية المعمول بها فى مصالح الحكومة ومؤسساتها العامة ، وهى تزاول دون أى قيد جميع العمليات المصرفية العادية ؛ وذلك بالشروط، وفى الحدود ذاتها التى تخضع لها البنوك التجارية وفقا لأحكام القانون رقم 163 لسنة 1957 بإصدار قانون البنوك والائتمان. ثم صدر قرار رئيس الجمهورية رقم 2422 لسنة 1971 بتطوير النظام المصرفى ، واختص بنك مصر- وقد أدمج فيه بنك بورسعيد- بشئون التجارة الداخلية ، ومباشرة جميع الخدمات المصرفية لوحدات التجارة الداخلية إلى جانب تمويل الحاصلات الزراعية . ومن بعد ذلك، صدر القانون رقم 120 لسنة 1975 فى شأن البنك المركزى المصرى والجهاز المصرفى . وعملا بالمادة 15 منه، يقصد بالبنوك التجارية ، تلك التى تقوم بصفة معتادة بقبول ودائع تدفع عند الطلب أو لآجال محددة ، وتزاول عمليات التمويل الداخلى والخارجى ؛ بما يحقق أهداف خطة التنمية وسياسة الدولة ودعم الاقتصاد القومى ، كما تباشر عمليات تنمية الادخار والاستثمار المالى فى الداخل والخارج، بما فى ذلك المساهمة فى إنشاء المشروعات وما تتطلبه من عمليات مصرفية وتجارية ومالية ، وذلك وفقا للأوضاع التى يقررها البنك المركزى . كما أسند البند ح من المادة 19 من هذا القانون إلى مجلس إدارة كل بنك من البنوك التجارية ، وضع اللوائح المتعلقة بنظم العاملين ومرتباهم وأجورهم والمزايا والبدلات الخاصة بهم، غير مقيد فى ذلك بالقواعد والنظم المعمول بها فى شأن العاملين بالدولة أو بالقطاع العام.

وحيث إنه متى كان ذلك؛ وكان القرار المطعون فيه صادرا عن أحد أشخاص القانون الخاص التى تتولى - فى نطاق أغراضها- إدارة الشئون المصرفية بوسائل ليس لها من صلة بوسائل السلطة العامة أو وشيجة بامتيازاتها؛ وبما يتلاءم وطبيعة المشروع الخاص؛ ولا تربطها بالتالى بالمتعاملين معها، أو العاملين بها علاقة تنظيمية تحكمها القوانين واللوائح؛ بل مرد شئون هؤلاء إلى قواعد قانون عقد العمل، وما يكملها من قواعد خاصة ، ولو تدخل المشرع لتنظيم بعض جوانبها بقواعد قانونية آمرة ؛ وكان القرار المطعون فيه- وباعتباره واقعا فى مجال تنظيم علاقة العمل بين البنك والعاملين به، وعلى الأخص فيما يتعلق بموانع استحقاق حوافزهم- لا يعد قراراً لائحيا، بل يتمحض نظاما متصلا بالضوابط التى حددها البنك فى مجال تأديب العاملين لديه؛ فإن هذا القرار لا يستنهض ولاية هذه المحكمة للبت فى دستوريته. ولا ينال مما تقدم، أن يكون ساريا فى شأن العاملين جميعهم؛ إذ لا تتولد عن مثله، أية قاعدة قانونية مما تتناولها الرقابة القضائية على الدستورية ، بل يعتبر منبت الصلة بالأعمال التشريعية التى ينحصر فيها الاختصاص الولائى لهذه المحكمة .

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى ؛ وبمصادرة الكفالة ؛ وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .