جلسة 8 من نوفمبر سنة 1993

برئاسة السيد المستشار / نجاح سليمان نصار نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين / مجدى منتصر وحسن حمزه وحامد عبد الله ومحمد عبد العزيز نواب رئيس المحكمة .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

( 148 )

الطعن رقم 6430 لسنة 62 القضائية

( 1 ) نقض " أسباب الطعن . تقديمها " .

عدم إيداع الطاعن أسباباً لطعنه . أثره : عدم قبول الطعن شكلاً .

 

( 2 ) اعدام . نيابة عامة . حكم " حكم الإعدام . عرضه " . محكمة النقض وسلطتها " .

إثبات تاريخ تقديم مذكرة النيابة فى قضايا الإعدام . غير لازم . اتصال محكمة النقض بالدعوى المحكوم فيها بالإعدام بمجرد عرضها عليها .

 

( 3 ) قتل عمد . جريمة " أركانها " . قصد جنائى . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

قصد القتل . أمر خفى . استخلاص توافره . موضوعى .

مثال لتسبيب سائغ على إثبات توافر نية القتل .

 

( 4 ) خطف . جريمة " أركانها " . إكراه . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " .

جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه فى مفهوم المادة 290 / 1 عقوبات المعدلة . مناط تحققها ؟

( 5 ) وقاع . جريمة " أركانها " . شروع . اكراه . قصد جنائى . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

ركن القوة فى جريمة الشروع فى وقاع . توافره بإرتكاب الفعل ضد إرادة المجنى عليها وبغير رضاها .

 

( 6 ) قتل عمد . خطف . وقاع أنثى . شروع . ظروف مشددة . اقتران . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " .

تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو أقترنت به أو تلته جناية أخرى . فى مفهوم المادة 234 / 2 عقوبات . رهن بأن تكون الجنايتان قد ارتكبنا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن . تقدير ذلك . موضوعى .

 

( 7 ) إثبات " اعتراف " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . دفوع " الدفع ببطلان الإعتراف " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تقدير صحة الاعتراف وقيمته فى الإثبات . موضوعى .

التعويل على اعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق ولو عدل عنه . مرجعه إلى محكمة الموضوع .

مثال لرد سائغ على دفع ببطلان الاعتراف للإكراه .

 

( 8 ) إجراءات " إجراءات التحقيق " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . دفوع " الدفع ببطلان التحقيق " .

اختيار مكان التحقيق . متروك للمحقق .

إثارة الدفاع أن التحقيق أجرى فى دار الشرطة . دفاع ظاهر البطلان . مؤدى ذلك ؟

 

( 9 ) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

وزن أقوال الشهود وتقديرها والتعويل عليها . موضوعى .

 

( 10 ) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

جواز سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم أربع عشرة سنة بدون حلف يمين والأخذ بأقوالهم . على سبيل الاستدلال . إذا آنس القاضى فيها الصدق .

أخذ الحكم بأقوال طفل كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى . لا تثريب .

 

( 11 ) إثبات " شهود " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تناقض أقوال الشهود على فرض وجوده . لا يعيب الحكم . مادام استخلص الإدانة من أقوالهم بما لا تناقض فيه .

 

( 12 ) حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " " ما لا يعيبه " .

تحديد وقت وقوع الحادث . لا تأثير له على ثبوت الواقعة . مادامت المحكمة اطمأنت إلى وقوع الحادث من المحكوم عليه .

 

( 13 ) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

تطابق أقوال الشهود مع مضمون الدليل الفنى . غير لازم . كفاية أن يكون الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق .

 

( 14 ) إثبات " شهود " " خبرة " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

إيراد الحكم ما آثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى . غير لازم . مادام ما أورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع .

عدم التزام المحكمة بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليها . طالما أن يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم .

 

( 15 ) إثبات " معاينة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " .

طلب المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل . أو استحالة وقوعه بالصورة التى رواها الشهود . موضوعى . لا تلتزم المحكمة بإجابته .

 

( 16 ) إثبات " بوجه عام " " خبرة " . محكمة الموضوع " سلطتها فى تقدير الدليل " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

حق محكمة الموضوع فى الجزم بما لم يجزم به الخبير . حد ذلك ؟

 

( 17 ) محكمة الجنايات  "نظرها الدعوى والحكم فيها " . إجراءات " إجراءات المحاكمة " . دفاع " الإخلال بحق الدفاع . ما لا يوفره " . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

قعود المتهم عن سلوك السبيل الذى رسمته المادة 214 مكرر ( أ ) إجراءات بالنسبة لطلب شهود النفى . لا تثريب على المحكمة إن قضت فى الدعوى بغير سماعهم .

 

( 18 ) قتل عمد . ظروف مشددة . اقتران . ارتباط . عقوبة " تطبيقها " . إعدام .

العقوبة المقررة للجريمة المنصوص عليها بالمادة 234 / 2 عقوبات ؟

 

( 19 ) إعدام . حكم " تسبيبه . تسبيب غير معيب " .

الحكم الصادر بالإعدام . ما يلزم من تسبيب لإقراره ؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-    لما كان المحكوم عليه وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر .

 

2-    لما كانت النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة 28/3/1992 انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل أن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة بمذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى .

 

3-    لما كان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله " ومن حيث إنه بالنسبة لقصد القتل فإن أدلة الدعوى تقطع بتوافره لدى المتهم إذ هو قام بإختطافها بقصد مواقعتها ولما صرخت وضع يده على رقبتها وضغط عليها ضغطاً شديداً وقام بلف رقبتها بقطعة من القماش لفتين كاملتين محكمتين عقد طرفيها عقدتين بإحكام ومن شأن الضغط الشديد على العنق ولف قطعة قماش حوله بإحكام وعقد طرفى قطعة القماش عقدتين محكمتين أن يؤديا لا محالة إلى الوفاة حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من حدوثها من اسفكسيا الضغط على العنق وهو ما يعلمه المتهم علم اليقين ومع ذلك قام بخنقها حتى الموت " . لما كان ذلك وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف والإمارات المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية .

 

4-    إن جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدل بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق فى بإبعاد الأنثى عن المكان الذى خطفت منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التعزيز بالمجنى عليها وحملها على مرافقة الجانى أو بإستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شانها سلب إرادتها .

 

5-    يكفى لتوافر ركن القوة فى جريمة الشروع فى وقاع أنثى أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجنى عليها وبغير رضاها وكان الذى أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه فى يكون صحيحاً .

 

6-    لما كان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذ تقدمته أو إقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن . وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة – تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتى الخطف بالتحيل والشروع فى وقاع أنثى بالقوة – ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه فى هذا الشأن .

 

7-    لما كان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الاعتراف ورده بقوله " ومن حيث إنه بالنسبة لما دفع به محامى المتهم من أن إعترافه بالتحقيقات كان وليد إكراه وتعذيب فإن الأوراق خالية من أى دليل أو قرينة على تعرض المتهم لتعذيب او تهديد أو أن اعترافه صدر نتيجة إكراه وقع عليه فلم تنطو الأوراق على إصابته بأية إصابات يحدثها تعذيب أو إعتداء بالضرب وكان اعترافه بالجرائم المنسوبة إليه فى التحقيقات سليماً صادراً عن إرادة حرة كاملة غير منقوصة لم يعتورها إكراه مادى أو معنوى أو ضغط بأية صورة من الصور " . لما كان ذلك وكان البين من الإطلاع على التقرير الطبى الشرعى الخاص بالمحكوم عليه خلوه من أية آثار إصابية ، وكان الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وأوضح اطمئنانه إلى صحة ذلك الاعتراف وخلوه من أية شائبة ومطابقته للحقيقة والواقع . لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات بغير معقب عليها مادامت تقيمه على أسباب سائغة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – ولها سلطة مطلقة فى الأخذ باعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف ومن ثم يكون النعى على اعتراف الطاعن على غير أساس .

 

8-    لما كان ما آثاره المدافع عن المحكوم عليه بجلسة المحاكمة من أن التحقيق كان يجرى فى دار الشرطة فمن المقرر بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة انجازه ، فلا على المحكمة من تثريب إن لم يرد عليه بحسبانه دفاعاً ظاهر البطلان .

 

9-    من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء عليها مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع تقدره التقدير الذى تطمئن إليه دون رقابة من محكمة النقض .

 

10-                        لما كان المشرع قد أجاز فى الفقرة الثانية من المادة 283 من قانون الإجراءات الجنائية – سماع الشهود الذين لم يبلغ سنهم اربع عشرة سنة بدون حلف يمين على سبيل الاستدلال ولم يحرم القاضى من الأخذ بتلك الأقوال التى يدلى بها على سبيل الاستدلال إذ أنس الصدق فيها فهى عنصر من عناصر الإثبات يقتدره القاضى حسب إقتناعه . فإنه لا تثريب على الحكم إذ أخذ بأقوال الطفل ............................ كقرينة معززة لما ساقه من أدلة أخرى .

 

11-                        من المقرر أن تناقض أقوال الشهود – على فرض وجوده – لا يعيب الحكم مادام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه .

 

12-                        تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له فى ثبوت الواقعة مادامت المحكمة قد أطمأنت بالأدلة التى ساقتها إلى وقوع الفعل من المحكوم عليه .

 

13-                        من المقرر أنه ليس بلازم تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفنى بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضاً يستعصى على الملائمة والتوفيق .

 

14-                        ليس بلازم أن يورد الحكم ما آثاره الدفاع من وجود تناقض بين الدليلين القولى والفنى مادام أنه أورد فى مدوناته ما يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى كافة مناحى دفاعه الموضوعى والرد عليها طالما أنه يستفاد ضمناً من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم . وإذ كان ما أورده الحكم من دليل قولى لا يتناقض مع ما نقله من دليل فنى بل يتلاءم معه فإن الحكم يكون قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى .

 

15-                        من المقرر أن طلب المعاينة الذى لا يتجه إلى نفى الفعل المكون للجريمة أو استحالة وقوع الواقعة على الصورة التى رواها الشهود وإنما لمجرد إثارة الشبهة فى الدليل الذى اطمأنت إليه المحكمة – يعتبر من قبيل الدفوع الموضوعية – التى لا تلتزم المحكمة بإجابته .

 

16-                        من المقرر أن لمحكمة الموضوع الجزم بما لم يجزم به الخبير متى كان وقائع الدعوى قد أيدتها – كما هو الحال فى الدعوى المعروضة .

 

17-                        إن نص الفقرة الثانية من المادة 214 مكرراً ( أ ) من قانون الإجراءات الجنائية صريحاً فى وجوب إعلان شهود النفى – الذين لم يدرجوا فى قائمة الشهود – على يد محضر بالجلسة المحددة لنظر الدعوى بما لا يتصور معه أن يتوقف إعلانهم على تصريح من المحكمة بذلك . وكان الثابت من الأوراق أن المحكوم عليه لم يسلك هذا الطريق فإنه لا تثريب على المحكمة إن قضت فى الدعوى بغير سماعهم ، وبغير أن يعتبر ذلك إخلالاً بحق الطاعن فى الدفاع .

 

18-                        إن المادة 234 من قانون العقوبات تنص على أن " من قتل نفساً عمداً من غير سبق إصرار ولا ترصد يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة ومع ذلك يحكم على فاعل هذه الجناية بالإعدام إذا تقدمتها أو أقترنت بها أو تلتها جناية أخرى ................. " .

 

19-                        لما كان يبين من الإطلاع على أسباب الحكم المعروض أنه قد بين واقعة الدعوى بما يتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التى دان بها المحكوم عليه بالإعدام وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة سائغة فى العقل والمنطق ولها معينها الصحيح من أوراق الدعوى وتؤدى إلى مارتبه الحكم عليها . كما وأن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً لصحيح القانون . وصدر الحكم بإعدام المحكوم عليه بإجماع آراء أعضاء المحكمة وبعد استطلاع رأى مفتى الجمهورية قبل إصداره عملاً بالمادة 381 / 2 من قانون الإجراءات الجنائية . وجاء الحكم بريئاً من مخالفة القانون أو الخطأ فى تطبيقه أو تأويله وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل فى الدعوى ولم يصدر بعده قانون يسرى على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات – باعتباره أصلح له – ومن ثم يتعين لذلك إقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه .

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه قتل عمداً ......................... بأن لف رباطاً من القماش حول عنقها بقوة قاصداً من ذلك قتلها فأحدث بها الحالة الإصابية الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتى أودت بحياتها وقد اقترنت هذه الجناية وتقدمتها جنائيا خطف أنثى بالحيلة والشروع فى مواقعتها دون رضاها ذلك أنه فى الزمان والمكان سالفى الذكر ( أ ) خطف المجنى عليها سالفة الذكر بأن أبعدها عن المكان الذى اتخذته مقراً لها وكان ذلك بطريق الحيلة بأن أوهما بشراء حلوى وأصحبها إلى مكان الحادث وذلك على النحو المبين بالتحقيقات ( ب ) شرع فى مواقعة المجنى عليها سالفة الذكر بالإكراه وبغير رضاها بأن أمسك بها عنوة وطرحها أرضاً وحسر عنها ملابسها وجثم فوقها محاولاً إيلاج قضيبه بفرجها وأوقف أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه هو استغاثة المجنى عليها . وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة . والمحكمة المذكورة قررت فى ................ بإجماع الآراء بإحالة أوراق القضية إلى فضيلة مفتى جمهورية مصر العربية لإبداء بالرأى فيها وحددت جلسة .............. للنطق بالحكم وبالجلسة المحددة المحكمة حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 45 ، 46 / 2 ، 267 / 1 ، 290 / 1 ، 232 / 1 ، 2 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً .

فطعن المحكوم عليه فى هذا الحكم بطريق النقض كما عرضت النيابة العامة القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها ............... إلخ .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المحكمة

من حيث إن المحكوم عليه وإن قرر بالطعن فى الميعاد إلا أنه لم يقدم أسباباً لطعنه ومن ثم يكون الطعن المقدم منه غير مقبول شكلاً لما هو مقرر أن التقرير بالطعن هو مناط اتصال المحكمة به وأن تقديم الأسباب التى بنى عليها الطعن فى الميعاد الذى حدده القانون هو شرط لقبوله وأن التقرير بالطعن وتقديم الأسباب يكونان معاً وحدة إجرائية لا يقوم فيها أحدهما مقام الآخر .

ومن حيث إن النيابة العامة قد عرضت الدعوى المطروحة على هذه المحكمة عملاً بما هو مقرر بالمادة 46 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برأيها مؤرخة 28/3/1992 انتهت فيها إلى طلب إقرار الحكم المعروض وذلك دون إثبات تاريخ تقديم تلك المذكرة بحيث يستدل منه أنه روعى فيها عرض القضية فى ميعاد الأربعين يوماً المبينة بالمادة 34 من ذلك القانون إلا أنه لما كان ذلك وكان تجاوز هذا الميعاد – وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض – لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأى الذى ضمنته النيابة بمذكرتها – ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب يستوى فى ذلك أن يكون عرض النيابة فى الميعاد المحدد أو بعد فواته ومن ثم يتعين قبول عرض النيابة للدعوى .

ومن حيث إن الحكم المعروض حصل واقعة الدعوى بما مجمله " أنه فى يوم .................... حط المتهم رحاله بأرجوحته بحارة ............. قسم الجمالية وقد حضرت إليه المجنى عليها وتأرجحت ولم يكن معها نقود ولما تملكته رغبة جامحة فى مواقعة المجنى عليها أوهمها بشراء بعض من الحلوى وقادها إلى مكان مهجور أسفل كوبرى بورسعيد مسور بالحجارة ويستعمل للقمامه وأدخلها فيه ودلف خلفها وخلع عنها سروالها وأرقدها على ظهرها وباعد بين فخديها وجذبها عنوة إليه ولما حاول إدخال قضيبه فى موضع العفة منها صرخت فأطبق على عنقها بقوة ولف حوله رباطاً من القماش حتى لفظت أنفسها ثم قام المتهم بتجريد جثة المجنى عليها من ملابسها وأجلسها القرفصاء وربط رجليها ويديها بقطعة من القماش ووضعها داخل صندوق من الورق وانصرف إلى مسكنه وعاد إليها فى الثالثة والنصف صباحاً وحملها وأخفاها حيث عثر عليها فى ممر ضيق بذات الناحية التى اختطفت منها المجنى عليها وقد ثبت من تقرير الصفة التشريحية أن بالجثة حزاً منخسفاً كاملاً حول العنق وسحجات ظفرية يسار الوجه وكدم رضى يسار الجمجمة والظهر وأن الحز المنخسف نتج عن لف رباط من القماش حول الرقبة وعقد طرفيه بأحكام ونتج عن ذلك الضغط على الأنسجة الرخوة والأوعية الرئيسية وقد نشأت الوفاة من اسفكسيا الضغط على العنق " . وساق الحكم على ثبوت الواقعة على نحو ما سلف فى حق المتهم أدلة استمدها من اعتراف المتهم ومن شهادة كل من النقيب .................. و ................... و ......................... والمقدم .................. والدكتورة ........................ ومن المعاينة وتحريات المباحث ومن تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليها – ثم حصل الحكم مؤدى كل هذه الأدلة وأثبت أخذ رأى المفتى ثم خلص وبإجماع الآراء إلى إدانة المحكوم عليه بالعقوبة المقضى بها فى حقه . لما كان ذلك وكان الحكم قد استظهر نية القتل بقوله " ومن حيث إنه بالنسبة لقصد القتل فإن أدلة الدعوى تقطع بتوافره لدى المتهم إذ هو قام بإختطافها بقصد مواقعتها ولما صرخت وضع يده على رقبتها وضغط عليها ضغطاً شديداً وقام بلف رقبتها بقطعة من القماش لفتين كاملتين محكمتين عقد طرفيها عقدتين بأحكام ومن شأن الضغط الشديد على العنق ولف قطعة قماش حوله بإحكام وعقد طرفى قطعة القماش عقدتين محكمتين أن يؤديا لا محالة إلى الوفاة حسبما جاء بتقرير الصفة التشريحية من حدوثها من اسفكسيا الضغط على العنق وهو ما يعلمه المتهم علم اليقين ومع ذلك قام بخنقها حتى الموت " . لما كان ذلك وكان قصد القتل أمراً خفياً لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التى يأتيها الجانى وتنم عما يضمره فى نفسه فإن استخلاص هذه النية من عناصر الدعوى موكول إلى قاضى الموضوع فى حدود سلطته التقديرية . لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم على النحو المتقدم كافياً وسائغاً فى التدليل على توافر نية القتل فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون . لما كان ذلك وكانت جريمة خطف أنثى بالتحيل أو الإكراه المنصوص عليها فى الفقرة الأولى من المادة 290 عقوبات المعدلة بالقانون 214 لسنة 1980 تتحقق بإبعاد الأنثى عن المكان الذى خطف منه أياً ما كان هذا المكان بقصد العبث بها وذلك عن طريق استعمال طرق احتيالية من شأنها التغرير بالمجنى عليها وحملها على مرافقة الجانى أو بإستعمال أية وسائل مادية أو معنوية من شأنها سلب إرادتها . لما كان ذلك وكان يكفى لتوافر ركن القوة فى جريمة الشروع فى وقاع أنثى أن يكون الفعل قد ارتكب ضد إرادة المجنى عليها وبغير رضاها وكان الذى أورده الحكم كافياً لإثبات توافر ركن القوة فإن ما انتهى إليه فى ذلك يكون صحيحاً . لما كان ذلك وكان مفهوم نص الفقرة الثانية من المادة 234 من قانون العقوبات من تشديد عقوبة القتل العمد إذا تقدمته أو اقترنت به أو تلته جناية أخرى أن تكون الجنايتان قد ارتكبتا فى وقت واحد أو فى فترة قصيرة من الزمن . وكان تقدير ذلك من شأن محكمة الموضوع وكانت وقائع الدعوى كما أثبتها الحكم بمدوناته وعلى ما يبين من المفردات المضمومة – تنبئ بذاتها عن توافر الرابطة الزمنية بين جناية القتل العمد وجنايتى الخطف بالتحيل والشروع فى وقاع أنثى بالقوة – ومن ثم يكون الحكم قد التزم صحيح القانون فيما خلص إليه فى هذا الشأن . لما كان ذلك وكان البين من من الإطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم من اعتراف المحكوم عليه بتحقيقات النيابة له سنده الصحيح فيها وليس فيما حصله منها ما يخرج عن مدلوله أو فحواه . لما كان ذلك وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان الاعتراف وردة بقوله " ومن حيث إنه بالنسبة لما دفع به محامى المتهم من أن إعترافه بالتحقيقات كان وليد إكراه وتعذيب فإن الأوراق خالية من أى دليل أو قرينة على تعرض المتهم للتعذيب أو تهديد أو أن اعترافه صدر نتيجة إكراه وقع عليه فلم تنطو الأوراق على إصابته بأية إصابات يحدثها تعذيب أو أعتداء بالضرب وكان اعترافه بالجرائم المنسوبة إيه فى التحقيقات سليماً صادراً عن إرادة حرة كاملة غير منقوصة لم يعتورها إكراه مادى أو معنوى أو ضغط بأية صور من الصور " . لما كان ذلك وكان البين من الإطلاع على التقرير الطبى الشرعى الخاص بالمحكوم عليه خلوه من أية آثار إصابية ، وكان الحكم قد خلص فى منطق سائغ وتدليل مقبول إلى إطراح الدفع ببطلان اعتراف المحكوم عليه لصدوره تحت تأثير الإكراه وأوضح اطمئنانه إلى صحة ذلك الاعتراف وخلوه من أية شائبة ومطابقته للحقيقة والواقع . لما كان ذلك وكان من المقرر أن الاعتراف فى المسائل الجنائية من عناصر الاستدلال التى تملك محكمة الموضوع كامل الحرية فى تقدير صحتها وقيمتها فى الإثبات بغير معقب عليها مادامت تقيمه على أسباب سائغة – كما هو الحال فى الدعوى المطروحة – ولها سلطة مطلقة فى الأخذ بإعتراف المتهم فى أى دور من أدوار التحقيق وإن عدل عنه بعد ذلك متى اطمأنت إلى سلامة الدليل المستمد من هذا الاعتراف ومن ثم يكون النعى على إعتراف الطاعن على غير أساس . لما كان ما تقدم وكان ما آثاره المدافع عن المحكوم عليه بجلسة المحاكمة من أن التحقيق كان يجرى فى دار الشرطة فمن المقرر بأن اختيار المحقق لمكان التحقيق متروك لتقديره حرصاً على صالح التحقيق وسرعة إنجازه ، فلا على المحكمة من تثريب إن لم ترد عليه بحسبانه دفاعاً ظاهر البطلان . لما كان ذلك وكان من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التى يؤدون فيها شهادتهم .